في عز القوايل
كنا نجتمع نحن عيال الحارة على زلفة احد البيوت الأوفر ظلا
نلمح احد الاصحاب يتسلل خارجا من بيتهم فيفتح سيارة والده القديمة ويشير الينا من بعيد بفرح
فنتراكض نحوه متسابقين للفوز بمرتبة قدام ..
وتبدأ رحلة التجوال داخل الحي بلذة وحبور .. وأحيانا تطول اقدامنا قليلا فنخرج عن حينا عابرين الشارع الرئيسي الخطير على سائق مبتدىء مثل سائقنا ..
كان الشارع الرئيسي مكون من اربعة مسارات ــ كحال الطرق اليوم ــ إلا انه لم يكن مرصوفا وإنما تفصل المسارات بعضها عن بعض فراغات ترابية ...
نعبره مجتازين الى الحارة المقابلة .. حارة المدرسة تحديدا.. لنرى او ــ على الأصح ــ ليرانا زملاء المدرسة ( وحنا ) مكبتنين بالنور الصغير في عز الظهر .. لا نمر بأحد إلا ونخرج أجسادنا مع النوافذ نلوح له بأيدينا في فرحة غامره فيبادلنا الابتهاج بابتهاج مثله والتحية بأحسن منها ..
ثم نعود بوقت كاف قبل أن يتفقده والده ..
بقيت أمامنا عقبة عبور الخط السريع .. الكل متأهب .. والمشاركة جماعية في مراقبة الطريق .. السائق يعض على شفته بتوتر وهو يلوي عنقه ليراقب السيارات القادمة من الخلف .. ثمة سيارة وحيدة خلفنا .. وسيارة أخرى ايضا مقبلة امامنا لكنه قد اخذ حسابها .. حتى اذا تجاوزته القادمة خلفه ضاعف سرعته مغتنما فرصة خلو الطريق .. فجأة لاحت لنا ( بلكة ) بين المسارين لم ينتبه لها السائق الذي كان كل تركيزه على الطريق.. ضج الجميع صارخين لتنبيهه فقد كنا نقترب منها بسرعة .. اختلطت عليه الاصوات وظن اننا ننبهه للسيارة التي امامه فقابل صراخنا بصراخ أعلى .. عروق رقبته نافرة .. ويهز يده في وجوهنا بعصبية وهو يصرخ بلهجته القصيمية :
شايفوه .... شايفوه ...
لم يكمل عبارته .. ثم ... قربع ... قربع.. ...
وتهتز السيارة بعنف ويخيم على الجميع صمت حذر .. تتعلق الأبصار بالسواق وهو غارق في مصيبته
يهمس بينه وبين نفسه وهو يلقي نظرة من الخارج على السيارة :.. وش بقول لابوي ..
كان الإطار الأمامي يفترش الأرض ..والجنط منبعج بصورة يصعب تقويمها ..
لم يكن في السيارة استبنة فاضطررنا لفك الإطار ودحرجته حتى البنشر القريب مع شكنا في امكانية اصلاحه
إلا أن البنشري كان حضرميا شقرديا ممن اعتاد على التعامل مع السيارات الثقيله من شيولات وقلابات .. تناول المرزبة وعمل على تعديل الجنط ثم استبدل اللستك واعاد نفخ الإطار .. والحمدلله مرت الأمور بسلام .