سكنت الرياض قرويا قحا .. كنت محل تندر زملائي
كانت اختي اسرع مني اندماجا في مجتمع الرياض المتمدن فحذقت حركاتهم ومفرداتهم سريعا
وانخرطت في جو صاحباتها .. فكانت كل يوم تصادفني بتقليعة جديده ..
نكتة .. فيه فيل ونمله .. بدلا من كان فيه جحا ..
او خدعه تضحك بها علي ..
ــ اتحداني اخليك تقول ايه ..
فاجيبها ببلاهه : ايه .. !!
فترد بابتسامة الظفر :
ــ هه .. قلت ايه ..
او لغز .. تقذفني في متاهته الى ان تسعفني بحله بعد ا ن اعييها بتوسلاتي .
احدى المرات وعند عودتها من المدرسة القت بحقيبتها الى الارض و استخرجت منها ورقة مطوية على هيئة مهفة يابانيه
.. ثم بادرتني بحماس : اختر رقم
ــ سبعة ..
ـــ اسمك مشعان سيارتك دنانه وظيفتك كناس بيتك قشامة فستق .. ثم تقفز مولية ظهرها تبحث عن ضحية ثانيه من بقية اخوتي ..
فاهرول في اثرها متوسلا .. تكفين .... تكفين .. ابغير الرقم
فتلفت الي متبرمه : .. اوووف ..طيب اختر
ــ تسعة
ــ اسمك نبيل زوجتك هيام راتبك خمس الاف سيارتك كابرس سكنك عماره ...
فاتنفس الصعداء قرير العين .. واحمد الله .
ذات يوم وانا في الفصل وشى بي احد الطلاب .. فلم انتبه الا على المدرس ينهال علي ضربا بعصا رفيعه ( نسميها عرق .. وبعضهم يسميها خيزرانه ) .. كنت اتلقى لسعاتها بيدي لاحمي منها بقية جسدي ... وانا اصرخ مستجديا : يتسذب يتسذب ..
توقف المدرس وهو يعض على شفته متصنعا الغضب ليداري ابتسامة تكاد تفرط منه ..
لاحظت ان الطلاب يرددون هذه الكلمه امامي كثيرا : يتسذب يتسذب ..
شعرت بوخز السخريه في ابتساماتهم الصفراء ولهجتهم المتهكمه ..
بدأت اراقب بحذر لهجتي ولهجتهم ..محاولا جمع اكبر قدر من مفرداتهم التي تميزهم عني ..
بدأت تطرأ على قاموسي عبارات اصبحت هي الاخرى محل تندر اهلي .. وابناء اقاربي مثل انت ميدي والا منتاب ميدي !! اجل من انت ميده .. ؟ .. وتراك حمقتاني .. يوم ما حاكيتاني .. وما عجبتاني .
كانت موهبتي الكرويه كامنه .. تحتاج الى من يقدح زنادها .. فقد كانت خطة اللعب التي درجنا عليها في الديره ( طقها والحقها ).. ورائد هذه المدرسه الجناح الطائر عزوز .. يستلم الكرة فينطلق صوب الضلع وهو يعض طرف فنيلته .. ثم يصيح .. يالله الجيد يشدني .. ( مع مراعاة نطق حرف الدال بالبحريني ) ..
ايام قليله من مراقبة اولاد الرياض وطريقة استعراض مهاراتهم حتى حذقتها وتفوقت عليهم .. ابتدأت اللعب مع فريق مخالب الاسد .. وهو في حقيقته فريق الاقليات العرقيه
ويرأسه الكبتن شوعي ويضم في صفوفه خمسة من اخوته ابناء بواب المدرسه ابو قابر .. بالاضافه الى ولد صومالي وانا ..
برزت مواهبي وبدت واضحة للعيان .. نلعب مع فرق الحارات المجاورة بعد الاتفاق معهم في المدرسة .. على ملعبهم او على ملعبنا .. لا تخلو المباريات عادة من حضور لابأس به .. اكثرهم يحضر للسخريه والتعليق .. كان يصل الى سمعي رهان ولدين بشأن استحالة خلع طاقيتي لانني ولدت بها كحال جميع ابناء القراوا .. حسب رأي احدهما ..
انتهت مرحلة الازدراء .. حين لاحظت ان ( بريص ) رئيس فريق النمور بدأ يخطب ودي بعد ان كان ينعتني في الروحه والجيه بالقروي .. وكنت في حقيقة الامر اتمنى ان انضم لفريقهم .. لانني بالفعل لا اشعر بالانتماء لفريق الاقليات .. فالفروقات التي بيننا كبيره لا تقف عند اللهجه بل حتى عند الاشكال والعادات والامزجه والالوان ... ولانه من جهة ثانيه .. كان فريق النمور يتصف بالعدوانيه والشراسه فخصمهم عرضه للتكسير والضرب المتعمد ... ثم انهم في نهاية الامر لايقبلون بالهزيمه
فالفريق المنافس اما ان يخرج مهزوما واما ان يخرج مطقوقا .. وقد نصت الحكمه على انه ( اقرب من الشر تامن)
في المدرسة اقترب مني اثنان من افراد فريق النمور .. وسألاني ان كنت ارغب ان اشاركهم مباراتهم اليوم ..
قلت وانا في الحقيقة انتظر هذه الفرصه على احر من الجمر :
ــ نعم ارغب... قلتها وانا اكظم حماسي ..
ــ خلاص .. جب معك ريال ..
هذا هو النظام المعمول به في حارتنا .. يلعب الفريقان بريال من كل لاعب والفريق الفائز
يحظى بكامل المبلغ .. طبعا سينال كل لاعب فائز ريالين .. لم نكن ندرك حرمة هذه المقامرة .. يا الله عفوك ..
البعض لا يجد ريالا .. فتكون فرصة يستغلها ( بريص ) فيدفع ريالين ليغنم بعد الفوز المضمون اربعة ريالات
اما اذا كان بريص نفسه لا يملك الريال فانه يتسلفه من احد اللاعبين على ان يعيده اليه بعد المباراة .. وهكذا يتم تسوية المسأله دون ان يكون للمدين خيارا في أي رفض او نقاش ...