منتدى استراحات زايد - لماذا لا يزال "المارد" نائما

لماذا لا يزال "المارد" نائما

المصدر: http://lulu-awal.com/news.php?newsid=122
http://lulu-awal.com/news/photos/medium/1348316580.jpg

فاضل مدن
كنت مستبشرا كثيرا بما عرف قبل عامين بـ"صحوة المارد"، فالشارع السني عنصر مهم جدا في المجتمع البحريني، وصحوته أمر مهم جدا للحراك الشعبي، وعلينا أن نقر جميعا أنه حتى قيادي مثل الشيخ الجمري (رحمه الله) عجز عن إيقاظ هذا المارد من سباته، وهنا أعني عموم الشارع السني وليس نخبته، ولو تمكن الجمري من ذلك لكان مجرى انتفاضة التسعينات مختلف تماما.

كنت أنظر باستغراب لما يقوم به الحكم من استثارة الشارع السني واستنهاضه لهم، وهو أمر يخالف سياساته الراسخة السابقة بأن يبقى الشارع السني صامتا ينتظر العطايا. يشكر ما وصله من فتاتها ولا "يتحلطم" على ما لم يصله من دسم الغنائم، وهي معادلة حيّدت مكونا مهما في المجتمع البحريني وبالتالي لم يبقى أمام النظام سوى المكون الرئيسي الآخر.

ولكن -وهو ما أدركه نظام الحكم لاحقا- فإن تحريك السنة وتعليمهم لرفع الصوت وتذوقهم لحلاوة حرية التظاهر والمطالبة لهي ممارسة خطيرة جدا، وخطأ استراتيجي لا بد أن يفتح الباب أمام سلسلة لا تنتهي من المطالب التي قد تبدأ مطالبا معيشية فئوية خاصة بالشارع السني ولكنها حتما ومع الزمن فإنها ستتطور إلي مطالب الكرامة والحرية وتقاسم السلطة، وحينها يفقد الحكم الاستقرار الذي عهده من هذا المكون.

أغلب الثورات في العالم احتاجت لشرارة تشعلها، فالفرنسيون ثاروا لرغيف الخبز، ولا ينتقص من الثورة التونسية في شيئ أن تشتعل من عربة برتقال، وبالتالي فلا ضير أبدا من أن يثور الشارع السني من أجل زيادة الرواتب، المهم بالنسبة لي هو أن يستفيق الشارع السني.

أعود إلي انتفاضة التسعينات، حيث كان بعض الرموز السنية (أمثال المرحومين الشيخ عيسى الجودر وعبدالرحمن النعيمي وآخرون) هم طوق النجاة لانتفاضة التسعينات والبلد بأكمله من شرك الطائفية التي نصبها لهم الحكم، فكيف سيكون الحال لو ثارت قلالي إلي جانب سماهيج، ولو انطلقت المسيرات من البديع إلي الدراز وبني جمرة، ولو انطلقت جماهير الرفاع لتشييع الشهيد حسين الصافي في سترة، ولكن أن تتخيل حجم الحراك الذي كان سيجتاح البحرين لو سقط شهيد من الطائفة السنية. لو كانت هذه هي صورة انتفاضة التسعينات لكان الوضع مختلفا تماما، ولكانت تنازلات الحكم أكبر وفي فترة أقصر وتضحيات أقل.

الحكم استفاد كثيرا من تجمع الوحدة الوطنية، فهي طوق نجاته الأخير ليقول للعالم (ولنفسه) أن هناك من لا يزال يرديني في البحرين. ولكن النظام نظر إلي العواقب، ففضل أن يحوله من تجمع يهدف إلي استنهاض السنة إلي تجمعات تلفزيونية قوامه الباكستانية والبلوش الذي تخفي ملامحهم كاميرات تصورهم من مسافات بعيدة، وذلك لكي يتفادى أن "يوقظ" فعلا "المارد السني"، فهو يحتاج إلي دعم حسب الطلب، والتكلفة التي سيدفعها النظام للشارع السني مكلفة جدا على المدى القريب والبعيد، وبالتالي فالأسهل اللجوء إلي الجاليات الآسيوية مقابل “10 دينار” في كل فعالية.