منتدى استراحات زايد - عبد الرّضا بوحميد.. قاهرُ المستحيل

عبد الرّضا بوحميد.. قاهرُ المستحيل

http://www.lulu-awal.com/news/photos...1361467392.jpg

لا يظهرُ القادةُ الكبارُ إلاّ في اللّحظاتِ التي يكونُ اليأسُ قد خيّم على الصّغار. ليس القادةُ، فقط، هم أولئك الذين يتصدّرون الشّاشات، وتشهدُ لهم التّواريخ العامرة. يمكن أن يكون القائدُ إنساناً عاديّاً. غير معروف. ليس له ذكرٌ في الغابرين. ولكنه يظهرُ مفتوحَ الإرادة في المنعطفات المصيريّة للنّاس، فيرسمُ لهم طريقَ الأمل. على هذا النّحو، كان القائدُ عبد الرّضا بوحميّد.
صنعَ بوحميّد ملحمةً كاملةً. كتبَ في فبراير 2011م التّاريخ الجديد. ليس بشيءٍ غير صدره العاري، وقبضاته الفارعة في السّماء. نظرَ بوحميّد إلى الأمام. لم يُرعبه منظرُ الدّبابات المتوحّشة. لم تهتزّ أقدامه قيْد لحظةٍ. كان مُحمَّلاً بالإرادة، والبصيرة. اندفعَ بهامته إلى الميدان. أرادَ أن يهزأ بالجيوش. أنْ يُحرِّك بعيونه المتوثّبة ركاماً من الخوفِ.

كان يجولُ ويصولُ وسط الجموع الثائرةُ. يزرعُ فيهم الحماس. يتقدَّمُ عليهم خطوتين، بل أكثر. كان لا يرضى إلا بالمقدِّمة. إنه طبع القادة المخلصين.
صدره العاري. قبضاته الصّلبة. وعيناه الواثقتان. تلك هي ملامح القائد.
لم يخرج بوحميّد من فراغ. لقد خرجَ على الفراغ. هزمَ الفراغ.
إنّ قائداً ملحميّاً مثل بوحميّد، كان من الطّبيعي أن يكون خصمه جيشاً كاملاً. رجلٌ واحد، في مقابل جيشٍ مسكونٍ بالفراغ.

هزم بوحميّد جيش الخليفيين. كشفهم على فراغهم العميق. الرّصاصةُ التي اخترقت رأسه كانت نشوةً لا تصدرُ إلا عن الأشرار المنهزمين. ماذا يعني أن يُطلق الجيش النّار على الصّدر العاري، والقبضات المُحلّقة، والعيون اللامعة؟ إنه الشّعور بالهزيمة. كان الجيش الخليفي يتمرّغ في أبشع هزائمه وهو يُواجِه بوحميّد ورفاقه الأفذاذ.

تحوّل بوحميّد إلى أيقونةٍ تختصرُ معاني الفتح المبين. واكتسب الجيشُ الخليفي أكثر النعوت سواداً في التّاريخ العسكري.

بعد 21 فبراير 2011م؛ تغلغل بوحميّد إلى ضمائر الأحرار. سيذكره التّاريخ. سيأتي اليوم الذي تصبح صورته العبقريّة وهو يفتح صدره العاري؛ نصباً تذكاريّاً يُرفع في ميدان الشّهداء. سيذكرُ الناسُ دماءه الحرّة، وسيذكرون شمائل الغزاة الذين وجّهوا أسلحتهم الذميمة إلى رأسه الئاثر.
دمتَ، أيها الشّهيد القائد، خالداً في السّاحات.. والعار لجيش العار...

تاريخ النشر: 2013/02/21
المصدر: http://www.lulu-awal.com/news.php?newsid=118