منتدى استراحات زايد - عامان على الثورة .. قراءة مختصرة واستشراف للمستقبل \ دماء الشهداء

عامان على الثورة .. قراءة مختصرة واستشراف للمستقبل

دماء الشهداء

ابدأ باسم الله الرحمن الرحيم
وأحمد الله المعبود ولا معبود سواه وأصلّي وأسلّم على سيّد الخلائق وعلى آله الكرام الميامين.

أنتهز المناسبة لأبعث بتهاني لسيدي ومولاي بقية الله في الأرضين إمامنا وقائد مسيرتنا وغياثنا صاحب الأمر المهدي أرواحنا لمقدمه الفداء بذكرى مولد الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وأبارك لشيعة أمير المؤمنين هذه المناسبة العطرة وأسأله أن يحيينا ويميتنا على نهجهم وطريقتهم. معكم لا مع عدوكم يا آل بيت رسول الله.

لقد كان مجرد ذكر تاريخ 14 فبراير من كل عام مدعاة للشعور بالغصّة والإستياء لدى أبناء شعبنا لما كان يمثله من ذكرى الخديعة وتقنين القمع والمصادرة لوجود وكرامة ورأي الشعب بإصدار دستور 2002. وباعتباره يوم الإنقلاب وإكمال الإلتفاف على مطالب شعب البحرين الذي خاض انتفاضة كبرى وقدّم فيها الدماء الغالية، وصبر خلال سنواتها الخمس على عدوان شرس بدعم خليجي وحصار إعلامي وسياسي وفي زمن لم تنتشر فيه تقنيات البث الفضائي والإنترنت كما هي عليه اليوم.

لكن تحوَّلَ 14 فبراير إلى ذكرى عزيزة تتلهف الأنفس الحرّة إلى استقبالها واستنشاق عبيرها العاطر لأنها صارت مناسبة لكسر الأغلال والتحليق في سماء الحريّة والعزّة، والأمل الواعد، والفرصة التاريخية في تغيير جذري حقيقي طال انتظاره.

لقد شكل عام 2011 ميلادي سنة الإنطلاقة، انطلاقة الثورة بزخمها الشعبي المبهر الذي حيّر العقول وسطّر أروع الملاحم التي ستتحدث عنها الأجيال القادمة بكامل الثقة والفخر. هذه الثورة العارمة اعترض مسيرتها مشروع مضادّ يهدف إلى كبح جماحها وفرملة قطارها الهادر المتوجه لانتزاع الحرية والسيادة على البحرين وما على ظاهرها وباطنها من خير أهله الأوفياء الشرفاء أحق به. انطلق الإضراب العمالي والطلابي العام الذي استمرّ حوالي أسبوعين ولكن تم إنهاؤه دون أن يحقق مطلباً معيناً مرسوماً له، وفي تلك الفترة كانت المؤامرة تطبخ للإنقضاض على دوار اللؤلؤة وإنهاء الإعتصام بالقوة العسكرية وإثارة الفزع والترهيب مع دخول قوات الإحتلال السعودي وحلفائها وإعلان حالة الطوارئ.

استطاع شعب البحرين أن يمتص الهجمة القبلية الطائفية المركزة التي استمرت قريباً من ثلاثة أشهر، وفيما كان الأعداء يظنون بأنهم سحقوا هذه الثورة التي لا مثيل لها خرج شعبنا يلملم جراحاته ويلتقط أنفاسه ويدخل مع قوات الإحتلال الخليجية وأسيادها في الغرب حرب استنزاف طويلة متوكلاً على الله مستمداً العون منه سبحانه وتعالى معتمداً على عقديته وارتباطه بأهل بيت النبوة وقيم الجهاد والشهادة والثبات التي خطها أبو الأحرار الإمام الحسين ابن علي عليهما صلوات الله وسلامه.

لقد سقط مشروع بسيوني وما وقع من جرائم لاحقة يفوق ما وثقه التقرير في المدة المحددة له. وإن كان التقرير يهدف إلى تبرأة ساحة كبار المجرمين والقتلة فهو الآن يؤكد بشكل قاطع مسؤوليتهم المباشرة والحاجة الواقعية الملحّة لمحاسبتهم على ما اقترفوه من فظائع من أجل بحرين آمنة مستقرة وقابلة للإنطلاق مجدداً في رحاب التنمية والإزدهار. وقد تعدّى الشعب لعبة الحوار الأولى واستمرّ في تصعيد مقاومته لمشروع التمييع والإحتواء.

عام 2012 يمكن أن نسميه عام الإختبار والتمحيص للثبات على أهداف الثورة التي انطلقت في 14 فبراير 2011 والتأكيد على تقطع كل السبل وخيوط الإرتباط والثقة مع العدو. وأيضا هو عام البناء؛ بناء العقيدة الثورية بما تحويه من عناصر فكرية وأدوات مقاومة. لقد فشل الخبيران الأمنيان ~ييتس~ و~تيموني~ اللذان تم تعيينهما وفقاً لمقرّرات بسيوني في القضاء على المدّ الثوري وإيقاف الشباب الثوري عما يقومون به من أعمال، بل على العكس اتسعت رقعة المشاركة الشبابية ومثّل شباب البحرين رقماً يصعب إن لم يكن مستحيلاً تجاوزه.

الثورة تدخل عامها الثالث بمشاركة واسعة وبزخم جديد مفعم بالتحدي والغضب. شهيدان جديدان يضخان روحاً ثورية متجددة في أوصال البحرين ووجدان الأمة.

استطاعت الثورة أن تفرض مطلب إزاحة العائلة الخليفية من سدة الحكم. يحدث هذا في ظل مزاحمة شديدة لمشروع الإلتفاف والتحايل بالدعوة إلى حوار في ظل القتل والمجازر وبدعم الإحتلال العسكري المباشر الذي لا يزال رابضاً على أرض البحرين الطاهرة. ما يعني أنها تسوية يحاول الغرب فرضها على البحرانيين بقوة السلاح، فهم يريدون فرض آل خليفة على شعب البحرين بالسلاح وفرض تسوية سياسية ليست واقعية بالسلاح أيضا!

ثورة البحرين هي موضع تجاهل عالمي بتوجيه وسيطرة من قوى كبرى لكنها استطاعت أن ترسّخ وجودها وحضورها في المشهد السياسي الدولي. وما شهدناه من أحداث في ذكرى 14 فبراير وانطلاقة الثورة وما تلاها تؤشر إلى أنّ هذا العام سيكون عام المقاومة والتقدّم. ولأنّ دعاوى الإحتواء والحل السياسي لا تنتشر ولا تتحرك إلا في ظل واقع ميداني ديناميكي وخطير فإننا نسمع عن الدعوة للجلوس والتنسيق من أجل صياغة مشروع تسوية والتفكير في كيفية فرضه وتسويقه على الشعب.

إضراب يوم الثورة شلّ مظاهر الحركة في عموم البلاد وأغلقت الشوارع والمناطق بإحكام وعمّ الظلام والشلل في الأرجاء وأوحى ذلك بسيناريو مخيف لأعداء الثورة والمتآمرين عليها؛ فإذا ما ترسّخ مشروع العصيان وتقدّم شعب البحرين فيه خطوات فإنه سيحاصر ويسقط دعاوى الإحتواء والحل السياسي من جهة وسيربك الموقف السياسي والعسكري للخصم من جهة ثانية وسيفرض واقعاً مختلفاً عن الواقع الراهن ستنكفئ من خلاله الأنشطة السياسية والحقوقية والإعلامية الصورية وغير المؤثرة وستسيطر العقيدة الثورية الحقيقية على مجريات الأمور.

دماء الشهداء
ملتقى شهداء البحرين وضحايا التعذيب