منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   نماذج من المثقف وأمراضه (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=113095)

محروم.كوم 05-19-2009 03:20 PM

نماذج من المثقف وأمراضه
 


أحمد عمر 01 فبراير 2008


إن مصدر كلمة ثقافة في اللغة العربية قد جاء من ” ثقف العود أو الرمح ” , أي هذبه وأصلح من تعوجاته . وما أن ظهرت الدعوة الإسلامية – فيما يذكر أستاذنا الراحل زكي نجيب محمود - حتى قفز معنى الثقافة قفزة هائلة نقلتها من ميدان الرماح والقتال إلى فطنة العقل وذكائه . وكانت هذه النقلة على يد أديب العربية ” الجاحظ “, ولم تعد الثقافة تعني ” تسوية العود الذي يركب عليه سنان الرماح ليصلح للقتال ” , بل أصبحت في استعمال الجاحظ لها تعني ” تسوية الفكر ليصبح بفطنته وذكائه قادراً على حل مشكلات الحياة ” .

وبالتالي فقد أصبحت كلمة ثقافة تعني إعادة تربية الناس وصياغتهم وإصلاح الاعوجاج بهم . وأصبح الإنسان المثقف ليس هو الذي قرأ الكتب وجمع المعلومات ولكنه الذي يعيش قضايا مجتمعه بفهم عميق وقدرة على التحليل , ويصبح مقياس قيمته هو بما ذا أفاد مجتمعه وأضاف إليه .

نماذج المثقف
وقد أبدعت الثقافة الغربية عبر تاريخها الطويل نماذج عديدة من المثقف إلا أن أكثرها ذيوعا هم نماذج المثقف التقليدي والمثقف العضوي والمثقف النبي .

النموذجان الأول والثاني ذكرهما أنطونيو جرامشي (1891 - :1937) وهو مثقف ومناضل يساري إيطالي شهير , عرف مرارة السجون الفاشية للديكتاتور مسوليني . وقد أستطاع بما قدمه من نماذج للمثقف أن يرضي جميع المثقفين من اليمين إلي اليسار , لأنه تجاوز المضمون الضيق الذي أعطاه ماركس له , باعتباره يقتصر علي مبدعي الأفكار النظرية والإيديولوجيات , واعتبر كل من يملك عقلاً مثقفاً .

ومثقفي جرامشي نوعان : التقليدي : كالمعلم ورجل الدين .والعضوي : وهو الذي يرتبط بمصالح طبقة معينة صاعدة تحاول الهيمنة علي المجتمع .

أما النموذج الثالث : المثقف النبي . فقد ذكره الكاتب الفرنسي لوسيان بيندا في كتابه ” خيانة الإكليروس أو المثقفين ” وهذا النموذج نادر جداً , وهو علي مثال سقراط وغيره من المفكرين المناضلين الذين يمارسون النقد الفكري والاجتماعي بشجاعة , وباستعداد للتضحية في سبيل حرية رأيهم . ومنهم أيضاً الأنبياء أصحاب الرسالات , الذين يتكلمون عن الحق والعدل دون اعتبار لمصلحتهم الذاتية أو لمصيرهم .

أما النماذج التي أبدعتها الثقافة العربية - خاصة في عهودها الأخيرة - فهي عديدة منها , المثقف المهادن , والمثقف المبرر , والمثقف المدجن ,. والمثقف الموظف إلا أن أكثرها وضوحاً وانتشاراً نموذجان تم لهم السيادة في بلادنا : هما : نموذج ” المثقف الفهلوي ” , الذي يلعب بالبيضة والحجر - بالتعبير المصري الدارج - باحثاً عن تحقيق اكبر قدر من مصالحه الشخصية . و نموذج ” المثقف المومس ” الذي يتمادى في الانحطاط والتدهور الأخلاقي باحثاً عن الثراء والسلطة , فيسلك سلوك العاهرات , ويكون لديه استعداد كامل لخلع قناعاته الفكرية والسياسية حسب كل مرحلة , ولصالح من يدفع أكثر .


أمراض المثقفين
قد يتبادر إلي ذهن البعض أني سوف أتكلم عن الإمراض العضوية التي تصيب المثقفين كالسكر وضغط الدم , وغيرها من الأمراض النفسجسمية , الناتجة عن طبيعة حياتهم القلقة . إلا أن ما أعنيه هنا شيئاً مختلفاً تماماً متعلق أما بأوهام وأفكار قد تسيطر علي البعض منهم , وأما ببعض السلوكيات المشينة التي قد يمارسها بعض المثقفين . وفي جميع الحالات فأن هذا يعوق دون أداءهم لرسالتهم في مجتمعاتهم علي الوجه الأكمل . واهم هذه الإمراض هي :

أوهام النخبوية :
وتكون بحدوث تضخم في تقدير الذات عند المثقف ؛ فيتصور نفسه عقلية إبداعية وفكرية لا مثيل لها . إلا انه لم يأخذ حقه من الرعاية والاهتمام , ولم يعط الفرصة بعد لإبراز مواهبه . ولذلك فهو طاقة مبعدة ومهدرة كان يمكن أن تقود الناس والسلطة والمجتمع إلي أفاق بعيدة .

الرومانسية الثورية :
أو حالة الطفولة اليسارية , وفيها يحارب المثقف بسيف الكلمة ضد كل قوي المجتمع , ويحلم بتحقيق تغيير ثوري , دون أن يضع في الاعتبار إمكانياته الخاصة , أو قوانين المجتمع والعلم والتاريخ .
الازدواجية بين القول والفعل :
الكثير من المثقفين في بلادنا لديهم ازدواجية بغيضة , بين ما يكتبون , وبين ما يحيونه واقعاً وفعلاً . فهم يريدوا أن يجعلوا من الثقافة أداة لتغيير كل الناس إلا أنفسهم . وهم لذلك لا يتخلقون في حياتهم العامة والخاصة بما يدعون الناس إليه .

فقدان الحس النقدي :
طبقاً لجرامشي , فأن المثقف ناقد للسلطة والمجتمع علي الدوام . وهو المسئول عن تنمية الوعي النقدي لدى الجماهير . ولكن أحيانا ما نجد المثقف قد استلبته أفكاره بالكامل أو أفكار الايدولوجيا أو المؤسسة التي ينتمي إليها . وبالتالي يتحول من مثقف ناقد إلي عقائدي متصلب الفكر , ويفقد بالتالي القدرة علي المراجعة و التطور وممارسة النقد الذاتي .

تلك هي أهم نماذج المثقف وأمراضه في حدود تصوري . يا ليت كل مثقف يضعها نصب عينيه , فلا يهدر طاقته الذهنية والعصبية , ويفقد رأسماله الحقيقي المتمثل في توازنه النفسي واحترام المجتمع له, مما سيحول بينه وبين أداء الدور الذي يتحتم عليه القيام به في أعادة تربية الأجيال , وإصلاح الاعوجاج السائد في المجتمع , وإيقاظ وخلق الوعي النقدي الضروري والممهد لأي نهضة حقيقية .

[email protected]

منقول
http://www.doroob.com/?p=25183


الساعة الآن 01:57 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227