عبدالمنعم ابراهيم كاتب عن كوميديا.. الضارب والمضروب!
 

كوميديا.. الضارب والمضروب!
عبد المنعم ابراهيم

قصة قد لا تبدو ظريفة، لكنها تعبر عن العقلية السائدة سياسيا في وضعنا الحالي، حيث تصور الأمور دائماً على ان (الدولة) ظالمة وأي مضروب في الشارع على انه مظلوم! ففي قرية جدحفص ضبط شقيقان أحد الشباب مع شقيقتهما في سيارته، فانهالا عليه ضرباً مبرحاً.. وحين سألوا "الشاب": من ضربك؟ قال: الشرطة! وبعد التحقيقات في الواقعة اكتشفوا أن المسألة برمتها قضية شرف وليست لها علاقة بالشرطة أو وزارة الداخلية أو السياسة!

وطبعاً لدينا في البحرين بعض خطباء المساجد ورجال دين ينطبق عليهم المثل المصري (عايزين جنازة يشبعوا فيها لطم)!.. لم يتحققوا من صدق الحادثة أو كذبها، بل راحوا يشتمون رجال الشرطة والأمن والداخلية لأنهم في رأيهم انهالوا ضرباً مبرحاً على مواطن (بريء) في سيارته! بينما الحقيقة ان (الشقيقين) هما اللذان ضربا (المجني عليه) انتقاماً لشرف الأخت! بل ودخلت القصة في مشروع (الحوار الوطني) وتعديل الدستور، وتغيير البرلمان، وعريضة (التجنيس). وكل جمعية سياسية تصايحت (عليّ الطلاق بالثلاثة)! إذا لم تعد إلى (المضروب) حقوقه العادلة من رجال الشرطة فـ...!
وإذا واصلنا سيناريو المستقبل لحادثة الضرب والمضروب في جدحفص، وافترضنا ان التحقيقات لم تكتشف صحة (الواقعة) وسلم الجميع: المواطنون ورجال الدين والجمعيات السياسية بأن هذا المواطن ضرب على أيدي رجال الشرطة والأمن، فإننا نتوقع أن يصبح بطلاً مغواراً، وسياسيا مستهدفاً من قبل رجال الأمن، وربما يرتقي إلى مرتبة (الزعماء) الذين يتكاثرون بسهولة هذه الأيام في شوارع البحرين!
ليس هذا فحسب، بل هناك احتمال أن يرشح في قائمة جمعية سياسية في الانتخابات النيابية القادمة، ويصبح عضواً في البرلمان، ويأخذ راتباً أربعة آلاف دينار شهريا وسيارة (لاكزس)!
ويبقى العتب على رجال الدين وخطباء المنابر الذين صدقوا الواقعة واستثمروها سياسيا، ولم يتريثوا ويتحققوا من صحتها.. والآن بعد أن كشفت الحقيقة وظهر رجال الشرطة أبرياء.. فهل ننتظر منهم كلمة اعتذار؟!