منتدى استراحات زايد - المطالبة بـ(حكومة انتقالية).. منعطف أم مناورة؟

محمد علي العلوي9 صفر 1434هـ/ 23 ديسمبر 2012م
في بيانها الختامي لمسيرة 22 مارس طالبت الجمعيات السياسية “بتشكيل حكومة انتقالية من الكفاءات الوطنية تتكفل بمسئولية (بمسؤولية) المرحلة الانتقالية التي تشمل تطبيق توصيات تقرير بسيوني والعمل على كتابة دستور يؤسس لدولة ديمقراطية تقوم على أسس الدولة الحديثة القائمة على قاعدة “الشعب مصدر السلطات“.[1]، والحكومة الانتقالية تأتي في حالتين:
الأولى: سقوط النظام الحاكم فتشكل حكومة انتقالية لضبط شؤون البلاد لحين إرساء قواعدها الجديدة.
الثانية: تجاوز المعارضة السياسية للحكومة القائمة بتشكيلها حكومة انتقالية تفرض واقعًا جديدًا.
في تقديري أنه لا يمكن لجمعيات سياسية محترفة أن تطرح مشروع (حكومة انتقالية) في بيان رسمي إلا وهي مطمئنة لأرضية صلبة تقف عليها، ولذلك فإن هذا الطرح منها لا يقرأ هكذا بمعزل عن ظرفه الموضوعي، كما وأنه من الصعب جدًا اعتبار ما جاء في البيان المشار إليه (مناورة) سياسية، إذ أن موضوع المناورة التلويح بما هو في اليد فعلًا أو ما يمكن طبيعيًا أن يكون فيها، وقضية (الحكومة الإنتقالية) غير مقدورة للجمعيات السياسية بحسب الموازين الواقعية وهي ما تلتزمها نفس الجمعيات في حراكها وبدقة شديدة، ثم أن طرح (الحكومة الإنتقالية) ليس مما عهد من الجمعيات السياسية في البحرين، بل لم نسمع به إلا أمس في البيان الختامي لمسيرة (مسيرتنا لن تتوقف حتى تتحقق المطالب)، وهذا أقرب دلالة –في تقديري- إلى تشكل معالم المنعطف السياسي المرسوم مسبقًا[2]، خصوصًا إذا ما استذكرنا واستحضرنا في أذهاننا الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي باراك أوباما عندما أعلن رسميًا عزم بلاده على تغيير سياستها الخارجية واعترف بخطأ التعاطي مع الأنظمة الاستبدادية، وأن أمريكا عازمة على استثمار الفرص التي تصنعها صحوة الشعوب في الشرق الأوسط.
http://www.alghadeer-voice.com/alawi...ia-173x250.jpgأما اليوم 23 ديسمبر 2012م، فقد نشرت جريدة الأيام الرسمية مقابلة[3] مع السفير الأمريكي في البحرين توماس جراكيسكي قال فيها “أعتقد أن من وظيفة السفير والسفارة التمثيل والتعبير عن سياسات الولايات المتحدة، للدفاع عن مصالح الأمريكيين هنا في البحرين. وللدفاع عن القيم الأمريكية أيضا. أنا لن أعتذر عن تعزيز الديمقراطية، للدفاع عن ما أعتبره حقوق الإنسان الأساسية. أنا أمريكي، وأعتقد اعتقادا قويا انه من حق الشعوب في أن تقرر حكوماتها او تغيرها وان تتجاوب الحكومة مع مطالب مواطنيها، أنا اعتقد بقوة في وجود صحافة حرة ومفتوحة، وحرية التعبير.. هذه هي الأشياء التي أؤمن بها كأمريكي وأنا فخور بـتمثيلي كدبلوماسي أمريكي. إذا كان في متابعة تلك المصالح في تعزيز تلك القيم قد ينظر إليها على أنها محاولة مساندة لمجموعة على اخرى فذلك لا املك التعليق عليه.“
ليس المهم فقط ما صرح به السفير، بل الأهم أن هذا التصريح ينشر في الجريدة الرسمية، فالحديث الأمريكي كان صريحًا جدًا بما لا يناسب السياسة الإعلامية في البحرين، إلا أنه ينشر اليوم وبالرغم مما جاء فيه من نقاط وضعت مباشرة على حروفها فأظهرتها بعد أن كانت مهزوزة مضطربة وربما مغيبة أيضًا منذ زمن عن وعي الجماهير!
أكرر ما قلته سابقًا في عشرات المقالات:
أمريكا لا تدعم النظامين في البحرين وشبه الجزيرة العربية، بل هي عاقدة العزم على إحداث تغيير عميق في جوهرهما السياسي وإن بقي (الاسم)، ومن الواضح أن العقليات الحاكمة اليوم عاجزة تمامًا عن التناغم مع ما تعولمه أمريكا في العالم، ولذلك هي (العقليات الحاكمة) حجرة عثرة لا بد من إزالتها ولكن لا بتدخل مباشر كما حدث في ليبيا –مثلًا-، ولكن بإيقاعها في شر أعمالها ثم التدخل متذرعة بضغط الملف الحقوقي والمطلب الديموقراطي، وهذا الأخير قد تكفلت به الجمعيات السياسية بالتعاون مع النشطاء الحقوقيين.
أعتقد بأن طرح مشروع المطالبة بـ(حكومة انتقالية) في البيان الختامي لمسيرة الجمعيات السياسية يوم أمس كان رسالة واضحة لأكثر من طرف، أبرزها الشعب.. والسؤال الآن:
هل لبيان المسيرة دور في معالجة مخاوف الناس من عدم جدوائية الحوار المرتقب؟ وهل نشهد في الأسابيع القادمة طرح أوراق سياسية أو (مسيسة) جديدة؟

[1] – http://alwefaq.net/index.php?show=ne...rticle&id=7287

[2] – أذهب إلى أن المشروع السياسي قد أعد فعلًا في فترة ما بعد الدوار وعلى مستوى أصحاب القرار للمرحلة القادمة، وقد طرحت رؤيتي الخاصة في أكثر من مقال على مدى الشهور الماضية.

[3] – http://www.alayam.com/newsdetails.aspx?id=119748

المصدر