زهراء مرادي:المطالب ليست (حكومة منتخبة) فكفانا استخفافًا بعقول الناس
 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين
الأخوة والأخوات الحضور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوتنا وأحبتنا .. يا رفاق العمر والدرب الطويل .. يا من خرجتم بالأمس القريب من سواد الزنازين الضيقة إلى رحاب السجن الكبير .. تحية وألف تحية.

يسعدنا أن نشارككم في هذا الحفل؛ لنقول لكم إنكم اليوم بين أهليكم ومحبيكم، الذين طالما سعوا كل من موقعه وقدر إمكاناته .. الذين طالما دعوا الله تعالى لكم ولهذا الوطن الجريح بالفرج العاجل.
أخوتنا وأحبتنا:

إنّ ما قدّمتموه لهذا الوطن ولأبناء هذا الشعب سيظلّ موضع تكريمٍ وإجلالٍ ودينٍ في رقابنا جميعًا .. لن ننسى رجالاً ونساءً شجعان قاوموا ولا زالوا، وضحوا ولا زالوا، ودفعوا في سبيل تحرير هذا الشعب أثمانًا باهظة. وأنتم يا كوادر أمل ويا رجالات التيار الإسلامي كنتم موضع ابتلاء وامتحان أشد؛ فقد خاض معظمكم تجربة السجن والتهجير القسري لما يزيد عن العقدين من الزمن. فقد أُوذِيتم من قبل ومن بعد. نعم، أُوذِيتم من قبل ومن بعد.
لقد فرح الجميع وهلّل وكبّر لخروجكم من السجن، لكن الفرحة لم تكتمل لكم ولنا بعد، ولن تكتمل طالما أن هذا الشعب يتعرض لانتهاكات يومية لحقوقه الأساسية في العيش الكريم، وفي التعبير عن الرأي، وفي المطالبة بالتغيير وحق تقرير المصير، وحتى في تنسّم هواءٍ نظيفٍ خالٍ من غازاتهم، بل من أحقادهم السامة.

إن ما تعرضتم له من تعذيب وانتهاكات وظلم في زنازين النظام، وما تعرض له ويتعرض له الآلاف من النشطاء السياسيين والحقوقيين وعامة الناس أثبت لنا جملة من الأمور:

أولاً_ إن الإصلاح حينما لا يكون مستندًا على أسسٍ سليمة، فإنه سيكون كالبيت الآيل للسقوط في أية لحظة، وهذا ما حدث في العام 2001. فالأسس وُضِعَت بغرض الترقيع والخلاص من وضعٍ مربكٍ ومضطرب. لقد تعرضنا لخديعة كبرى، فأحسنّا الظنّ بهم على أمل أن نفتح صفحة جديدة، وجاء الانقلاب على دستور 73 وما تلته من انقلابات؛ ليكشف لنا عن وجههم القبيح.

ثانيًا_ إن القناعة إن لم تكن نابعة من أشخاص القائمين على التغيير والإصلاح، فإنه لن يصمد. واليوم إذا دخلت العائلة الحاكمة في حوار مع المعارضة بضغط من أمريكا أو غيرها دون إيمان منهم بالديمقراطية أو حتى بمتطلبات الملكية الدستورية؛ فإن نتائج هذا الحوار لن تصمد إلا شهورًا معدودة. نحن نعرف طبيعة القبائل الحاكمة في هذه الرقعة الجغرافية، إنها تكفر بمبدأ (الشعب مصدر السلطات)، فهي صاحبة السلطة والسيادة معًا.

ثالثًا_ إن النظام الذي يطلق يد حاشيته ومرتزقته ليقوموا بكل هذه التجاوزات والانتهاكات، ثم يقف متفرجًا، فضلاً عن أن يقوم بحمايتهم وشكرهم ومكافأتهم .. نظام لا يستحق الوجود.

رابعًا_ إن النظام الذي تفتّحت لديه شهية الانتقام، ولم تنغلق حتى بعد مرور 22 شهرًا، فعاقب على حق التعبير والتجمع والتظاهر السلمي بكل هذه الشراسة والوحشية والقسوة، وعاد بنا إلى شرعة الغاب .. نظام لا يستحق أن يُمْنَح فرصة ثانية.

خامسًا_ لم يقدم الشعب البحراني كل هذه القرابين .. من شهداء ومعتقلين ومفصولين ومعاقين؛ ليقف مطلبنا عند حد الإفراج عن المعتقلين، وكفى الله المؤمنين شر القتال. نحسب أنفسنا منتصرين (إن شاء الله تعالى) حينما تتحقق المطالب التي من أجلها سُجِّنتم وعُذِّبتم.

هذه المطالب لا تنحصر في (حكومة منتخبة)، فكفانا استخفافًا بعقول الناس!! إن مشاكلنا أعمق وأكبر من أن تحل بحكومة منتخبة، فشعار (البرلمان هو الحل) في التسعينات لا نريد له أن يتكرر ونحن في نهاية 2012م، وإنّ اللبيب بالإشارةِ يفهمُ.

سادسًا وأخيرًا _ مر علينا قبل يومين (اليوم العالمي لحقوق الإنسان) مرورًا حزينًا وكئيبًا .. 22 شهرًا من الحراك السلمي لهذا الشعب، و22 شهرًا من القمع والقسوة والوحشية من قبل السلطة. ندائي للجمعيات السياسية (ونحن جزء منها) عدم اللهاث خلف حوار لا ترغب السلطة في إجرائها معكم، وحينما يرغبون في ذلك .. عدم الانخداع بألاعيبهم وحيلهم، فقد اكتفينا. وعدم التنازل عن الحلم الذي مات دونه الشهداء، وعُذّب دونه المعتقلون.
ما تعرضنا هذه المرة كان (غير)، فنبغيكم تكونون هالمرة (غير).

ليس أمامنا سوى الصبر والمرابطة والتمسك بمطالبنا العادلة والاتكال عليه تعالى وحده دون غيره.
فرج الله عن الشيخ المحفوظ ورفاقه وعن كافة الرموز وأبطالنا القابعين خلف السجون.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته