![]() |
خطبة سماحة القائد اية الله الشيخ عيسى قاسم كامله بتاريخ 30 نوفمبر 2012 أمَّا بعد أيُّها المؤمنون والمؤمنات الأعزَّاء فالعنوان الآتي: واقع السَّاحةِ العربيَّة: واقعٌ سيِّءٌ مخوف، منذرٌ بتفجُّراتٍ خطيرة، واقعٌ يعيش حالة الانقساماتِ المُتَعَدِّدَة والتفتُّتِ الاجتماعيّ. لا يكادُ شعبٌ من شعوب هذه الأمَّة يلتقي مع حكم بلده في رأيٍ أو طرحٍ وتوجُّهٍ سياسيّ أو يرضى عن نوع العلاقة معه، وعلاقة الحكومات مع بعضها البعض تحكمها الصراعات المكشوفةٌ أو نارٌ تحت الرماد. والعلاقة داخل الشعب الواحد أسيرةٌ هي الأخرى لحالة الانقسامات الحادَّة والتوتُّرات الملتهبة وتتأجَّجُ فيها روح الصراع كما في حالة مصر وتونس وليبيا وسوريا ولبنان وغيرها. ولعلَّ العلاقات الشعبيَّة في البحرين برغم الواقع التعدُّدي هي من أهدأ وأفضل العلاقات التي تعيشها شعوب الأمَّة في داخل كلٍّ منها، رغم المحاولات الحثيثة التي يدأب عليها الإعلام المرئيُّ والمسموع والمقروء بدفعٍ سياسيّ، وتصرُّ عليها أعمدةٌ مُخَصَّصَةٌ في صحفٍ يوميَّةٍ على الأخذ بهذا الشعب في اتجاه الانقسام الحادِّ وحالة الاحتراب التي لا ترحم. وفي زحمة الصراعات المتعدِّدَة والتطرُّف في حالة الإرهاب وضغوطات الواقع المرّ، تضيع موازين الدين والقيم والضمير الإنسانيّ وتختفي لغة العقل وتَسْفُلُ الوسائل ويُنْسَى الحقُّ والعدل وتتقطَّع الأرحام وتَتَوَزَّعُ الأوصال وتجنُّ العواطف وتتدنَّى قيمة الإنسان ويرخص الدم في لغة العدوان وتفتقد الأعراض حرمتها في المواجهات الدامية. المعركة في السَّاحةِ العربيَّة معركةٌ واسعة وكأنَّها طويلة الأمد -وللأسف الشديد-، وتُدَارُ بأيدٍ خارجيَّةٍ وأدواتٍ من الداخل من أنظمةٍ سياسيَّةٍ يرتبط وجودها بالخارج ولا تجد لها رصيد بقاءٍ في الأمَّة، وجماعاتٍ عميلةٍ ارتباطها نفس الارتباط، وأخرى من صناعةٍ إسلاميَّة ؛ لكن فاتها من الإسلام ما فاتها. وفي البحرين مشكلةٌ سبَّبتها السياسة الاستبداديَّةُ والظلم السياسيُّ الفاحش وتهميش الشعب، ولا زالت تصرُّ على إبقائها وتغذيتها وإلهابها وتوسعتها وترفض الحلَّ الذي يخرج بهذا الوضع العامِّ من دوَّامة الصراع. الرموز المنتسبون للحراك الشعبيّ من جمعيَّاتٍ سياسيَّةٍ وأفرادٍ يعلنون رفضهم للعنف من كلِّ الأطراف وينادون بالتزام المنهج السلميّ، والحكومة تُمعن في ممارسة العنف وتتمسَّكُ بلغة الإرهاب قولاً وعملا. الجمعيَّات تدعو للإصلاح وتقدِّمُ رؤيةً واضحةً لما ترى فيه حلَّاً في هذا الاتجاه، والإجابة على هذا الطرح ممارساتٌ من الحلِّ الأمنيّ القاسي على الأرض على يد الجهة الرسميَّة، واستمرارٌ في انتهاك حقوق الإنسان وتوسُّعٌ في بعض صوره. لقد أعقبت تجربة العكر المرَّة التي جسَّدت مثالاً صارخاً من العقوبة الجماعيَّة والاستهانة البالغة بحقِّ المواطَنَة وكرامة الإنسان، تجربةٌ قاسيةٌ أخرى، هي التي مورست في حقِّ المهزَّة وطال أمدها، وقد عجَّت بعددٍ هائلٍ من الاقتحامات والمداهمات في الساعات الأخيرة من الليل وفي صورةٍ مُخِلِّةٍ بالدين والخلق والحياء وحتَّى القانون! ؛ كما تفيده البيانات المعتلِّقَةُ بوصف الأهالي من أهل القرية نفسها. وانضاف إلى مشهد العنف الرسميّ والتضييقِ على الحريَّات، الملاحقاتُ غير الدينيَّةِ وغير القانونيَّةِ لشعيرةِ مُحَرَّمٍ هذا العام، بصورةٍ مُبَالَغٍ فيها وبأساليب استفزازيَّةٍ مُتَعَدِّدَة، ووصل التجريم والإدانة للنطق بآيةٍ من آيات الكتاب الكريم أو روايةٍ تاريخيَّةٍ من روايات ثورة كربلاء أو شعارٍ من الشعارات المأثورة عن الإمام الحسين عليه السلام. كان المناسب بعد صدور وثيقة اللَّا عنف من قِبَلِ الجمعيَّات السياسيَّة المعارضة، بل قبل ذلك أنْ تصدر وثيقةٌ مماثلةٌ من قِبَلِ السُّلطة تخاطبُ قوَّات الأمن وكافَّة الأجهزة الأمنيَّة، والمُعَذِّبِيِن والمُهَاجِمين للبيوت الآمنة في الساعات الأخيرة من الليل، والذين يغرقون المناطق السكنيَّةَ بالغازات السامَّة والخانقة - ولو من غير سببٍ أصلاً!-، ولكن لا شيء من ذلك واقعاً والأمرُ جارٍ على خلافه. كان المناسب واللائق أنَّ توصيات لجنة تقصِّي الحقائق المستقلَّة والتي قد تعهدَّت الحكومة بتنفيذها، قد أنجز تنفيذها مهمَّة المحاسبة والمعاقبة للمُعَذِّبِين، ومُصَدِّري الأوامر بالتعذيب والقتل، وأنهى ظاهرة المداهمات الليليَّة لبيوت الآمنين في صورتها الخارجة على مُقَرَّرات الدين والخلق والقانون، وأعاد كلَّ المفصولين إلى مواقعهم، وأخلى السجون من كلِّ المحكومينَ باعترافاتٍ أُخِذَت تحت التعذيب، وسهَّل خروج المسيرات الاحتجاجيَّة السلميَّة من دون مشاكلَ وعراقيلَ وملاحقاتٍ وعقوبات[1]. وقد عاد انتزاع المرأة في ظلمة الليل من فراشها ومن بين أهلها إلى المعتقل، إلى الواجهة من جديد [2]. وفي مصادمةٍ شديدةٍ لهذه التوصيات، تمَّ منع المسيرات والتجمُّعات ومطلق صور الاحتجاج. أليس في ذلك كلِّه ما يكشف ويؤكِّدُ النيَّة الرسميَّة والتصميم الرسميّ وتوجُّه السياسة الرسميَّة وبخطواتٍ عمليَّةٍ ملموسة على إبقاء مشكلة هذا الوطن بكلفتها الباهظة على كلِّ وجوده وفئاته وحاضره ومستقبله وثروته وإنسانه؟ هناك تخفيفٌ لمُدَدِ السجن التي حُكِمَ بها عددٌ من الأخوة الأعزَّاء في جمعيَّة العمل الإسلاميّ -أمل-، وهذا جميلٌ لو لم يكن الحقُّ والصحيحُ ألَّا يبقى واحدٌ منهم أو من غيرهم من السجناء السياسيِّين -سجناء الرأي- يوماً واحداً لتعبيره عن رأيه السياسيّ بطريقةٍ سلميَّة، وهو حقٌّ مكفولٌ ديناً وحسب الميثاق والدستور المُخْتَلَفِ عليه وحسب كلّ الموازين الدوليَّة والمعاهدات الدوليَّة في مجال حقوق الإنسان. ----------------- [1] سماحة الشَّيخ: - كان المنسجم، كان الطبيعيّ، كان المناسب، أنْ يحدث كلُّ ذلك ولكن لا شيء من ذلك واقعاً والأمر جارٍ على عكس ذلك -. [2] هتاف جُموع المصلِّين: " هَيْهَات مِنَّا الذِلَّة ". http://tl.gd/k6dh39 · Reply |
الساعة الآن 02:37 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir