منتدى استراحات زايد - المعارضة الناعمة

المعارضة الناعمة

في المرحلة التاريخية التي عرفت بمرحلة ميثاق العمل الوطني أو ما أطلق عليها كذبا ب"المشروع الاصلاحي للملك" لعبت جمعية الوفاق ومرجعيتها الدينية دورا بارزا في إستقرار الوضع السياسي وإقناع جماهير المعارضة في المشاركة في الانتخابات البلدية والنيابية في عامي 2006 و 2010 ، رغم إنقلاب الحكم الخليفي على دستور73 ، والقفز على ميثاق العمل الوطني ، وفرض الملك دستور 2002 على الشعب بالقوة من دون أي إستفتاء شعبي عليه .

وبعد ضربة الدوار الأولى من مرتزقة الحكم الخليفي للمعتصمين السلميين في دوار اللؤلؤة وسط العاصمة المنامة ، وما نتج عنها من إستشهاد ثلاثة مواطنين وجرح العشرات من نساء ورجال وأطفال ، وجدت جمعية الوفاق نفسها محرجة أمام جماهير المعارضة ، فإن لم تنسحب من البرلمان الصوري العقيم ، فستسقط شعبيتها ، لذلك لم يكن أمامها خيار آخر غير الانسحاب الجزئي ومن ثم تقديم إستقالتها بالكامل من مجلس النواب .

ساهمت الجمعيات السياسية المعارضة بقيادة الوفاق مع حركة 14 فبراير في إخراج المسيرات الشعبية الضخمة في شهر فبراير 2011 ، إلا أنها تراجعت أو قل للدقة أختفت في فترة قانون الطوارئ أو ما سمي كذبا بفترة السلامة الوطنية ، تاركة المعارضة الثورية بقيادة حركة 14 فبراير وحيدة في الميدان .

وعندما أعلن عن إنتهاء قانون الطوارئ سارعت جمعية الوفاق في التحرك على الأرض في تنظيم المسيرات الأسبوعية "الويكند" وبدى واضحا توسع العلاقات بين رموز الوفاق والمسؤلين الأمريكان واللقاءات المتكررة بينهما . وقد فاجأت الوفاق جماهير المعارضة في المشاركة في ما عرف بالحوار الوطني "حوار البلطجية" إلا أنها قررت الانسحاب قبل إنتهاء هذا الحوار المزيف بأيام معدودة .

رغم كل ما قامت به السلطة من أعمال وجرائم وحشية في حق جماهير المعارضة الذين يشكلون أغلبية شعب البحرين ، من القمع والاعتقال والتعذيب حتى الموت ، ومن فصل الآلاف من أعمالهم وقطع أرزاقهم وتجويعهم ، ومن محاصرة القرى وإغراقها بالغازات السامة والاعتداء على الأعراض والمقدسات وهدم المساجد... إلا أن الجمعيات السياسية المعارضة بقيادة الوفاق-ومرجعيتها الدينية- تصر على العمل بنفس المنهجية السياسية التي عملت بها قبل ثورة 14 فبراير وبعدها ! .

لا زالت الجمعيات السياسيةالمعارضة تصر على التحرك السياسي الشعبي المحدود ، وذلك إستنادا لقرائتها السياسية التي تضع الصعوبات المحلية والاقليمية والدولية مبررا كافيا لها في عدم الاصطدام الواسع بسلطة الدولة . وهي لذلك لم تتحدى قرار وزارة الداخلية بمنع وإيقاف كافة المسيرات والاعتصامات المرخصة .

ثبت بصورة قاطعة في ثورات الربيع العربي ، أن الأنظمة العربية المستبدة التي تقمع وتقتل شعبها وتنتهك حقوقهم وتسحق كرامتهم ، لا ينفع معها من أجل إسقاطها أو حتى (إصلاحها جذريا) إلا نوعين من العمل السياسي ، أما التحرك الثوري الشعبي على طريقة ميدان التحرير في مصر ، أو العمل الثوري المسلح كما حصل في ليبيا مع التحفظ على التدخل الأمريكي الأوربي .

غير أن الجمعيات السياسية بقيادة الوفاق لم تؤمن بالعمل الثوري السلمي ، إنما آمنت ولا زالت تؤمن بالمسيرات الشعبية المحدودة الضغط ، وبطريقة لا تشكل فيها خطرا حقيقيا وكبيرا على سلطة الدولة . فضلا عن ذلك لا زالت الوفاق ومعها الجمعيات المعارضة تسعى بصورة حثيثة وراء السلطة لكي تقبل بالدخول في حوار (جاد وذو مغزى) .

فهل هذا النوع من العمل السياسي –المعارضة الناعمة- يحقق مطالب وحقوق الشعب البحريني في إسقاط النظام أو حتى في تحقيق الملكية الدستورية ؟! .