هل نحن القبرة المنتصرة .. ام الفيل المهزوم العاجز ؟!
 

كيف استطاعت القبرة الضعيفة ان تهزم الفيل القوي ؟!

في كل المقاييس المنطقية والطبيعية لايمكن لطائر ضعيف ان يهزم فيلا ظخما
تتجاوز قوته آلاف المرات قوة الطيران المواجهة خاسرة بلاشك .. بل هي جنون
وانتحار .

كانت القبرة تعيش في سلام ودعة في الغابة الجميلة الغناء تحيطها البساتين والاشجار الشاهقة
التي تمر عبرها الانهار , وفي زاوية قرب النهر اتخذة القبرة لها موضعا تبني فيه عشها
وتضع فيه بيضها .

لم تكتمل سعادة القبرة حيث جاء الفيل ليشرب من النهر واثناء خروجه حطم عش القبرة
وكسر بيضها وحول حياتها جحيما , فطارت القبرةوحطت على راس الفيل وهي تبكي
وقالت له : ايها الملك لم حطمت عشي وكسرت بيضي وقتلت فراخي , اكان ذالك استضعافا
منك لى واحتقارا ؟
قال : كان هو ذالك
فطارت من على راسه ولجات الى مجموعة من الطيور وشكت لهم حالها ز
فقالو لها: وما بيدنا نفعل ونحن طيور ضعيفة .
فقالت : احب منكم ان تنقضو عليه وتفقؤ عينيه حتى لايرى طريق مشربه ومطعمه.

فاجبنها العقائق والغربان وانقضو على الفيل وفقؤ عينيه , فذهبت الى غدير ماء مليئا
بالضفادع وواخبرتهم بما نالها من بطش الفيل .

فقالو: وما نستطيع ان نفعله امام عظم الفيل وقوته ونحن ضفادع ضعيفة
فقالت : احب منكن ان تلجان الى حفرة سحيقة بالقرب منه فتنقنقن وتضجن .
فاذا سمعكن سيظن انه الماء فيسقط في الحفرة ويتكسر.

فأجبنها إلى ذلك واجتمعن في الهاوية فسمع الفيل نقيق الضفادع وقد أجهده العطش
فأقبل حتى وقع في الحفرة وتكسر , وجاءت القبرة ترفرف على رأسه

وقالت : أيها الطاغي المغتر بقوته المحتقر لأمري كيف رأيت عظم حيلتي مع صغر
جثتي عند عظم جثتك وصغر همتك.

ان هذا الفيل المغرور لم يكن يرى اكثر من ضخامة ارجلة وطول خرطومه الذي
يسطيع ان يبطش به ويدمر حياة المخلوقات الاخرى التي لاتضاهيه في الظخامة
والقوة , ولكن هذه هي حياة الغابة وقوانينها فالقوي ياكل الضعيف.

ان قانون الغاب (البقاء للاقوى) كان ولايزال يحكم البشر اكثر مما يحكم عالم الحيوا
ن الذي وزع الله فيه القوة والضعف حتى لايختل التوازن في حياة الحيوان وعالمه
الغريب والعجيب في دقته ونظامه , المشكلة ان البشر اعتمدو على نظرية خاطئة
اجتزؤها من حياة الغاب (البقاء للاقوى) .

جاء فلاسفة وقالو ان البقاء للاصلح وليس للاقوى في عالم البشر , ولكن النوازع
الحيوانية داخل الانسان هي التي تنتصر على نوازع الانسانية فيتحول بعض البشر
الى حيوانات مفترسة لان الحيوانية عندهم تظخمت بحجم الفيل الكبير, والقيم الانسانية
تضائلت الى حجم القبرة الصغيرة الضعيفة .

ان هذه القبرة تجاوزة عبقريتها افلاطون وارسطو واغلب فلاسفة التاريخ وعلمائها
, وتجاوزة نظرية البقاء للاقوى ومرغتها في وحل الواقع حين هزمت الفيل القوي
, كما انها تجاوزة نظرية البقاء للاصلح اذا كان ضعيفا ولايملك من امره شيئا .

ان النظرية التي علمتنا اياها هذه القبرة او الحكمة هي البقاء للقوي اذا كان صالحا
, والبقاء للصالح اذا كان قويا .. ولكن البقاء دائما للاذكى .

الذكاء هو الذي يغير موازين القوى فتتحول قوة الفيل الى ضعف وضعف القبرة الى قوة
وهو العامل الاساس الذي يتحكم في قوة الضعف وضعف القوة .

ان الانظمة الديكتاتورية تتظخم عندها القوة العسكرية كالفيل لانها تعتمد عل نظرية البقاء
للاقوى , فتدوس على الشعوب لتحكمها , او تحكم الشعوب لتدوس عليها .

لا يتصور النظام نفسه اقوى من الفيل , ولا يتصور الملك المذعور في قصره انه اقوى
من الشعب الذي لايملك قطعة سلاح واحدة , فالبقاء ليس دائما للاقوى .فقد تقلب قبرة
الشعب المعادلة بين لحظة واخرى .

ان القبرة لم تكن تملك قرونا ولا منقارا ولا مخالبا , ولكنها استعانت بامكانات الاخرين
لتهزم بها قوة الفيل وتكسر جبروته وطغيانه . ان مشكلة الضعيف ليس في ضعفه , بل
في انهزامه . فليس عيبا ان لاتمتلك المعارضة قرنا او مخلبا او منقارا .. العيب كل
العيب ان تتخلى عن منقارها ومخالبا وقرنها وماتملكه من قوة وتتحول الى ارنبة .

وعلى العكس نرى النظام يستعين بمخالب وقرون درع الجزيرة , ومنقار اميركا,
واموال الخليج ليزداد انتفاخا وقوة , مما يدفع وزير الخارجية (الفيل) الذي انتفخ
اكثر من اللازم لتهديد قوى عظمى اقليمية كايران بسبب الغرور والغطرسة.

لذالك يطلق على المعارضة التي تتخلى عن وسائل كفاحها وجهادها بالمعارضة
المروضة او الناعمة , ولانها عجزت عن حماية مقدساتها واعراضها وشرفها
وكرامتها , بل سيتمعن النظام في ذالك والاعتداء على حرمة وقدسية عاشوراء
لن تكون اخرها .الا اذا عملنا على اسقاط هذا النظام في حفرة نهايته كما صنعت
القبرة ونقبره الى الابد ونسدل الستار على نهاية نظام ديكتاتوري ونطوي صفحة
مؤلمة من تاريخنا .

ان التخلي عن وسائل كفاحنا مصيبة , والمصيبة العظمى حين نتخلى عن اقوى سلاح
نمتلكه وهو الامام الحسين (ع) .

لذالك هناك هجمة من علماء البلاط لتمييع ثورة الامام الحسين (ع) وتفريغها من اهدافها
بشتى الطرق والوسائل الذي اطمع السلطة في فرض المزيد من الظغوط على ممارسة
الشعائر , بل هيئو الارضية له هذه هي الحال التي نعين بها الاخرين على انفسنا على
عكس القبرة التي تستعين بالاخرين على عدوها .

ان التخلي عن الحسين (ع) وقيمه والذي نعيش ذكرى شهادته في هذه الايام ليس مصيبتنا
العظمى فحسب بل هي نهايتنا وهزيمتنا , وعلينا ان نعزي انفسنا ونبكى على خسارتنا للحسين
(ع) وعلى خسارة امضى سلاح نمتلكه وعلى قلة عقلنا .

اذا كنا من دون الامام الحسين (ع) وحكمته وعقله وروحه .. هل نحن القبرة ام الفيل العاجز ؟؟

ودمتم بخير