منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   عاشوراء البصيرة للكاتب ليث البحرين (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=1058450)

محروم.كوم 11-11-2012 09:20 PM

عاشوراء البصيرة للكاتب ليث البحرين
 
‏عاشوراء البصيرة

مر على البشرية بتاريخها الحافل بالإنجازات والكوارث معاً آلاف حركات التحرر بقيادة خير من أنجبتهم الأمم من رموز ونخب ضحت بالكثير من أجل كرامة بني آدم وتحرير الشعوب من نير الإستعباد والذل والإضطهاد.

وقد بزغت بعض نجوم التحرر دون غيرها، لما عانته من آلام رهيبة وضحت به من نفائس الحياة الدنيا، نذكر منهم في العصر الحديث نيلسون مانديلا الذي سُجن لما يقارب الثلاثون عاماً توَّجها بإسقاط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ومنهم مالكولم إكس الأمريكي الأسمر الدي خط بدمه مع رفيقه مارتين لوثر كينغ الكفاح الشعبي للمطالبة بالعدالة والمساواة بين البيض والسود في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنهم كذلك المهاتما غاندي رسول السلمية الذي كافح وناضل حتى انتصر بتحرير الهند من يد المستعمر الإنجليزي.

أما في جانب الكفاح المسلح من أجل الحرية فلا ريب أن البشرية أنجبت عظماء تنحني لهم الهامات ومن أبرزهم ويليام والاس الذي تقطعت أوصاله إرباً من أجل كرامة وتحرر شعب أسكتلندا، ومنهم تشي جيفارا الذي أذهل العالم لتنقله من بلدٍ إلى بلد تاركاً مناصبه العليا التي تقلدها لسنوات في كوبا حتى تم اعدامه ثائراً ميدانياً في جبال بوليفيا، ومنهم عز الدين القسام الذي استشهد مع قلة ناصريه وشح السلاح مدافعاً شهماً عن عروبة فلسطين ومقدساتها المسيحية والإسلامية.

ولعل أعظم مدرسة خرجت وما زالت تستنهض الهمم لرفض الظلم والطغيان ومحاربة طواغيت كل زمان ومكان هي مدرسة عاشوراء الحسين، فعلى يديها نمت الأنفس وتربت الأرواح لتكون مشعلاً ينير سماء التواقين للحرية، ومثل ذلك ما قاله عظيم الهند غاندي: (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر).

فلا يوجد كعاشوراء بتميزها ونقاء شخوصها، فمن مثل أصحاب الحسين وبعضهم قد عايش الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وعايش الإمام علي وابنه الإمام الحسن عليهما السلام، فعجنتهم تجارب الحياة وما مر على أهل البيت من ظلامات لا حصر لها، فمن مظلومية الزهراء لقتل الأمير في محراب الصلاة لاستشهاد الحسن بالسم الذي لا مثيل لشدته، فكانوا أهلاً للشهادة يوم العاشر من المحرم.

لقد تجلت أروع وأصدق آيات الباري في أصحاب الحسين، فذاك الحر بن يزيد الرياحي وهو قائد كتيبة الجيش التي أوقفت الحسين عند ضفاف كربلاء ومنعته من الماء قد عاد لطريق الحق وخرج شاهراً روحه في وجه من كان أميرهم بعد توبته النصوحة التاريخية ليكون أول شهيد تحت راية الحسين، وذاك حبيب بن مظاهر الأسدي من كبار أعيان الكوفة ترك زوجته وأولاده وجاء للحسين حاملاً ولاءه مقدماً كل ما لديه في سبيل رفعة مبدأه، وذاك الذي صاح حب الحسين أجنني ودفع ثمنها حياته، وذاك الطفل الذي خرج من خيمته هاتفاً لا حياة لي بعدك سيدي فضُرِب بالسيف مفدياً قائده بنفسه ودمه.

ومن مثل قمر العشيرة وقد ذهب لجلب الماء لأطفال أخيه، فما أن أزاح العباس بصلابته آلاف الجنود عن المشرعة حتى خاض بالماء، أحس ببرده وهو يصلي عليه بين قدميه، غرف بيده من عذب الفرات، أراد أن يشرب فدمعت عيناه ونطق قلبه بأروع آيات الوفاء والإخلاص:
يا نفس من بعد الحسين هوني
وبعده لا كنتِ أن تكوني
هذا الحسين وارد المنونِ
وتشربين بارد المعينِ

رمى الماء من بين يديه وهو في أشد حالات الظمأ، ملأ قربته بعذب الفرات، انطلق عائداً للخيام والقربة يحميها بروحه ودمه، هذا والحسين يرى لواء الحمد ما زال عالياً لعنان السناء، اقترب اللواء بين النخل والحسين شاخصٌ بصره ينتظر عودة أخيه وسنده، كانت لحظات بعمر الدهر كله، كَمِنَ له لعين خلف نخلة فقطع بسيفه كفه الأيمن، كاد اللواء المعظم أن يسقط من يده فحمله بشماله وهو يقول:
والله لـو قطعـتموا يميني
إني أحامي أبداً عن ديني
وعـن إمـامٍ صـادق اليقيــنِ
نجـل النـبي الطـاهر الأميـنِ

فبادره لعينٌ آخر وقطع يساره وأنشد حينها العباس ثائراً:
يا نفس لا تخـشي من الكـفـارِ
وأبشـري برحـمـة الجـبّـارِ
مـع النبي السـيد المختــارِ
قـد قطـعوا ببغيهـم يساري
فأصـلهم يـا ربِّ حـرّ النـارِ

لله درك يا أبا الفضل، كيف قطعوا كفيك ولم تتوجع ولم تتألم، كيف تجاوزت هذا العذاب الفظيع بقطعهم لكفيف وذبت في المبدأ حتى تجلت روعتك يوم العاشر بإخلاص أسطوري لقيادتك، ولم تنتهي بعد، حضنت اللواء كي يطمئن قلب أحبتك ووضعته بين ذراعيك ذي الكفين المقطوعتين، رموك بالسهام حتى أخترق أحدها عينك ولم تجزع، واصلت المسير عائداً بالماء لأطفال الحسين، ولم تنكسر بفقد عينك وكفيك وأنت سابح بدمك من أثار السهام والطعنات، ولكن بالسهم الذي أصاب القربة وسكب ماءها على أرض الطف وقفت حائراً خجلاً، فكيف تعود للخيام بلا ماء تسقيه العطاشا، وكيف تعود بلا كفين تقاتل بهما دفاعاً عن الحسين، وقف الزمن كله بإنتظار رجولتك وكان لك ما أردت، فقضيت شهيداً حيث موقع القربة وكفيك بعيدان عنك على الثرى، تناثر مخك على ذراعيك والسهم في عينك، حتى قال عنك الحسين: (الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوّي).

هذه هي مدرسة عاشوراء، مدرسة الجهاد والبطولة والمقاومة، مدرسة من ناضلوا من أجل رفعة راية الحق ومقاومة الجور والطغيان بكل ما يملكون ولم يضعوا حداً لأهدافهم وطموحاتهم.

ولنا في ثورتنا المباركة آيات اقتبسناها من ضياء الثورة الحسينية الخالدة، ولدينا جواهر من البشر قد غرفوا من شاطيء العباس مروءته وصلابته ورجولته. فصمود العباس تجلى في عبدالهادي الخواجة، بطلاً فذاً صام عن لذة الطعام والشراب لأكثر من 110 أيام متواصلة حتى أدخلوا الطعام عنوة لمعدته فكان شجاعاً في ايقاف اضرابه عن الطعام كما كان حين أعلنه.

ولنا شهداء الغيرة العباسية والدفاع عن الأعراض ودرتهم عيسى قمبر المدفون سراً كالزهراء، وعيسى عبدالحسن وعلي مؤمن ومحمد ابراهيم وآخرون ضحوا لكي لا تُمَد يد الفجرة لحرائرهم ونسائهم.

أما بصيرة العباس فقد تجلت في أستاذ البصيرة الذي لا يوجد من قدم لثورة اللؤلؤ مثله، فلولا عبد الوهاب حسين وخروجه فجر 14 فبراير بعد صلاة الصبح في مسيرة شارك بها العشرات فقط لما انطلقت ثورتنا وازدهرت، فكانت مسيرته هي التي كسرت جمود الحراك وحاجز الخوف.

سلمية الأستاذ عبدالوهاب حسين في مسيرة الثورة فجر 14 فبراير هي التي علمت الشعب معنى السلمية الفذة، فرغم القمع المتواصل وسقوطه مرتين ولكنه لم يترك الساحة طوال ساعات الصباح وحافظ على عدم الرد ولو بحجر على وحشية المرتزقة فكان قدوتنا جميعاً لنخرج عصراً في كل أرجاء البحرين بمثل عطاءه وحركيته.

وللأستاذ إشراقة أخرى، ففي ليلة الزحف نحو ديوان الساقط حمد بدعوة من شباب الثورة، تحلق ليلتها 10-3-2011 أكثر من 11 رمزاً فوق منصة ميدان الشهداء، منهم المشيمع وسلمان والمحفوظ وشريف وعبدالوهاب حسين والمقداد والخواجة، تكلموا جميعهم ولم ينطق أحدهم عن مسيرة الديوان المقررة عصر اليوم القادم (11-3-2011) إلا الشيخ علي سلمان مناشداً الشباب بعدم الزحف للديوان وإعطاء الذرائع للنظام بالقيام بمناوشات طائفية في قلب الرفاع، وكان آخر المتحدثين هو الأستاذ عبدالوهاب، فقال كلمته الشهيرة التي هزَّ صداها أرجاء الميدان بصرخته العباسية (آل خليفة .. أن ارحلوا)، وقالها علناً (سأزحف غداً بنفسي وعيالي وبكل سلمية حاملاً الورود وروحي على كفي متوجهاً لديوان الطاغية في قلب الرفاع، ومن منكم يستطيع إلتزام السلمية والصبر على الأذى فليأتي معي). نعم كانت المسيرة ببركة صمود الأستاذ وحكمته، وزحفنا عشرات الآلاف معه ومعنا أغلبية الرموز الذين قادوا أعظم مسيرة في تاريخ البحرين على الاطلاق، فمسيرة الديوان هي مسيرة الرفض التام للنظام والمطالبة الصادقة بتقرير المصير وهي التي جن النظام بسببها وما زالت مرارتها تحيط بخليفة بن سلمان وأتباعه إلى يوم يسقطون.

ومر الزمن، وتم احتلال الميدان واعتقال الرموز ومنهم الأستاذ الذي تم تعريته وضربه وتعليقه، كانت الكاميرات تراقبه ويتلذذون قي إذلاله وتصويره حتى وهو يقضي حاجته، تحرشوا به وبباقي الرموز وأجبروهم على أمور ترفضها حتى البهائم، فصبروا حتى فرج الله عنهم شهور العذاب وتمت محاكمتهم صورياً، وفيها ذكر الرموز عذاباتهم وضجت محاكماتهم بالبكاء والحزن الشديد لما قاسوه من وحشية ونجاسة وحقد دفين، فكان الرموز يتقطعون مرارة حين يذكرون عذاباتهم وتميز منهم عبدالوهاب حسين الذي حول دمعته لموقف يدل على رجولته وصلابته الفذة.

بأبي أنت وأمي يا أستاذ البصيرة حين وقفت كما وقف السجاد في مجلس يزيد بن معاوية، بنفسي ومالي وروحي يا عبدالوهاب حسين وقد نطقت شفتاك الصمود بحذافيره كما نطقها زين العابدين في مجلس عبيد الله بن زياد، فبعد أن ذكر الأستاذ عذاباته وقف مخاطباً القاضي العسكري ليحاكمه ويحاكم نظامه الخليفي الفاسد وهو يقول ويالِروعة مقالته: (أنا أريد اسقاط النظام وإقامة جمهورية تحتضن كافة أبناء الشعب في درجة واحدة .. إني لا أهاب الموت في سبيل تحرير هذا الشعب).

ولأستاذ البصيرة آيته الكبرى، فبعد رسالة 4 من كبار الرموز في بداية شهر ذي الحجة التي دعوا فيها للإلتفاف التام حول الشيخ عيسى قاسم وأعلنوا بها دعمهم للحوار الجاد مع النظام، تشتت شارع الثورة بشقها الإسقاطي للنظام ولم يجدوا تفسيراً مُرضياً للرسالة ومنهم من كذبها ومنهم من فسرها تفسيرات مضحكة مبكية وهي واضحة بمفرداتها ومعانيها، حينها جاء موقف الأستاذ لينقذ الحراك الثوري في أجرأ وأقوى مواقفه على الإطلاق، أعلنها للدنيا كلها أن أي موقف يصدر من السجن بعيداً عن الساحة ليس بالموقف الواقعي الصائب وأنه ماضٍ في مطلبه الواضح بإسقاط نظام القتلة حتى آخر لحظات حياته، وبهذا الموقف رسخ الأستاذ إلى الأبد فكرة لا مركزية القرار، فلا يوجد من لديه الصلاحية بالتحدث والحوار والتنازل باسم الشعب، وأن مطلب الإسقاط مستمر سواء بقي الأستاذ حياً أو استشهد في داخل السجن.

لقد قرأت هذه الآية كثيراً ووجدتها تتلخص بك يا قائد الثورة وسيد البصيرة وحامي مباديء الشهداء {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }.

يا شعب البحرين الأبي، ليكن عاشوراء هذا العام هو عاشوراء البصيرة، احسموا أمركم فلا يستوي مبايعة قيادة تطالب بالإصلاح وتقبل ببقاء حمد ملكاً وبعدها تهتفون يسقط حمد، لا تعني وحدة صف المعارضة أن تضيع البوصلة، فإن كان الغالبية مع الإصلاح فلتنتهي مظاهر الدفاع المقدس وليصمت من يهتف بإسقاط النظام ولنحقن الدماء ونقبل بحوار يُبقي حمد ملكاً ويحسِّن من وضعنا السياسي، وإن كان مطلب الأغلب هو اسقاط النظام فتتحلقوا حول رمزكم وقائد ثورتكم الأستاذ عبدالوهاب حسين، ولتتمسكوا بنهجه مهما كان الثمن ولتصعدوا مقاومتكم لتشمل كل ما يرمز لوحشية وغطرسة آل خليفة.

لا تضيعوا البوصلة بعد اليوم ولا ترضوا أن تكون دماء الشهداء وعذابات من اغتصبن بالسجون وحملن من السفاح مجرد رقم يضاف من أجل المكاسب السياسية في الحوار الذي سيتم عاجلاً أم آجلاً، فواللهِ إن مواصلتكم بهذا الضياع الحقيقي بلا خطة عمل واضحة للثورة ولا مباديء راسخة للمضي بها سيسبب كارثة انشقاقات خطيرة قريباً سندفع ثمنها جميعاً، يومها سيعلقنا الخليفي على المشانق ويغتصب نسائنا بالشوارع ولن نستطيع إلا البكاء والعويل والندم على تضييع الفرصة التاريخية بزوالهم.

ليكن عاشوراء هذا العام هو عاشوراء الحسم، عاشوراء البصيرة، عاشوراء الثورة التي يجب أن نحسم هدفها الأساس بين الإسقاط والإصلاح، فلن تجدي مقاومة الاحتلال السعودي ونحن مذبذبين ما بين الأفكار والعواطف، هذه هي رسالتي المتواضعة لكم بقرب حلول شهر الحسين وعاشوراء المنتصرين، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.

ليث البحرين
11-11-2012



الساعة الآن 10:01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227