![]() |
إنقلاب اللاموقف إلى الموقف المضاد إنقلاب اللاموقف إلى الموقف المضاد من المؤكد أن الشجاعة والقوة والإقدام ، أحد العنصرين اللذين يتكون منهما الموقف , والعنصر الآخر : الوعي السياسي فإذا كان الجزع من الموت يضعف الإنسان فهو لا محاله يفقده القدرة على إتخاذ الموقف العملي في القضايا الصعبة . وقيمة الأنسان في ساحة المواجهة والصراع ليس في النية وعقد القلب فقط , وإنما في الموقف , وقد كان كثير من المسلمين في عصر الإمام الحسين (ع) لا يرتضون يزيد وأعماله ، ويكرهونه أشد الكره ، ولكن الحسين (ع) حول هذه الكراهية وهذا الرفض إلى موقف عملي , وهذه هي قيمة الأمام الحسين (ع) . فإن الموقف هو التجسيد العملي للرأي والإنتماء ، وإخراج الرأي ، والإنتماء ، والولاء ، والبراءة من داخل النفس إلى ساحة المواجهة والصراع . إن الناس جميعاً لا يرضون الظلم ، ولكن هناك من يجاهر بهذا الرفض ويعلن عن رفضه ، وهو قد يكون بالخروج عن الطاعة ، وقد يكون بالثورة ، وقد يكون بالتظاهر والإعتصام . ومن الطبيعي أن الرفض الذي يضمره الإنسان في نفسه وحده لا يكلف الإنسان شيئاً ، وإنما الموقف العملي في ساحة المواجهة والصراع ، هو الذي يكلف الإنسان ويثقله ، وهو الذي يتطلب المقاومة والبذل ، ويلزم صاحبه بضريبة العمل . ولكن لا بد أن نقول : إن صاحب الرأي السلبي والرفض المريح لا يغير مجرى التاريخ ، وإنما الذي يغير مجرى التاريخ هو صاحب الموقف الصعب ، والرفض والكراهية التي يضمرها الإنسان في نفسه لا يغير شيئاً من واقع الحياة السياسية والإجتماعية ، ولا يحرك الناس ، وإنما الموقف هو الذي يحرك الناس ، ويحدث التغيير السياسي والإجتماعي . إن الصراع الحضاري لا يتحمل ( اللاموقف ) فإذا كان الإنسان لا يتحمل الموقف الصعب ، وضعف عن إتخاذ الموقف الحق ، فلا يمكن أن يبقى في منطقة الحياد من دون موقف إلى الأخير ، وإنما ينقلب اللاموقف في حياته إلى الموقف المضاد . والسبب في إنقلاب اللاموقف إلى الموقف المضاد هو السبب في إنقلاب الموقف إلى اللاموقف ، وهو الجزع من الموت . السبب الذي أعجزه عن إتخاذ الموقف الحق يعجزه عن الإمتناع من الإنحدار إلى الباطل ، وبذلك يتم تصنيفه في جبهة الباطل ، فإن ساحة الصراع – كما ذكرنا – لا تترك الإنسان من دون تصنيف ، فإن لم يبادر الإنسان ليُصنف نفسه ضمن جبهة الحق الذي يؤمن به ، فإن الساحة تُصنفه ضمن الخط الحاكم فيكون عندئذ من جند الطاغوت ، وإن كان قلبه ورأيه في إتجاه معاكس . وهنا ينشطر الإنسان شطرين متعاكسين : رأيه ( عقله ) ، وعاطفته ( قلبه ) في إتجاه الحق ، وموقفه وموضعه الرسمي ( إرادته ) المعلن في إتجاه الباطل . وهذه هي ظاهرة إنفلاق الشخصية ، حيث ينشطر الإنسان إلى شطرين متخالفين : فيفقد الإنسان الإنسجام في شخصيته ، ويتضارب ظاهره مع باطنه . آية الله محمد مهدي الآصفي |
الساعة الآن 08:23 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir