منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=183)
-   -   التفكير السليم والحوارات الافتراضية ج2 - بقلم حقي كإنسان (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=1045950)

محروم.كوم 10-24-2012 09:40 AM

التفكير السليم والحوارات الافتراضية ج2 - بقلم حقي كإنسان
 
بينّا في المحطة الأولى من البحث عمليات التفكير السليم، وما ينتج عنه من أخطاء فكرية نتيجة عدم تتبع هذه العمليات، وعزّزناها بأمثلة توضّح المطلب أكثر، وهذا يستوجب منا إعادة برمجة عقولنا لأخذ معلومات صحيحة، ويحلّلها تحليلا صحيحا... هذا من الناحية النظرية.

في هذه الحلقة سنبحث بعض الطرق لتطبيق هذه القواعد عمليا، فالكلام النظري دون العملي يكون ناقصا، فلو أن شخصا تعلم النجارة مثلا وكيفيتها نظريا -كحفظ أسماء جميع أدوات النجارة وكيفية استعمالها-، ثم أعطيناه الخشب وقلنا له أننا نريد كرسيا أو سريرا، فإننا سنجده لا يجيد صنعه مثل النجار المحترف، بل في كثير من الأحيان لا نجده يعرف كيفية الصنع كنجّار مبتدئ! لماذا؟ لأن الفهم النظري بالحفظ والاقتناع لن يكون متكاملا دون الفهم العملي بالتطبيق والممارسة، ولذا -حسب مثالنا- فإن هذا الشخص يحتاج لأن يأخذ الخبرة من النجّارين الأكثر منه خبرة، ولأن يستمر على العمل في هذا المجال -فمن يتوقف عن العمل مدة طويلة ينساها ويصبح وكأنه مبتدئ-، وهذا ما نراه في أكثر المجالات المهمة الأخرى، كالطب والهندسة والتدريس والحدادة والصيد والزراعة وغيرها، وهو أمرٌ واضح نطبّقه في حياتنا العملية بكثرة... وهنا نصل لمحطتنا الثانية:

المحطة الثانية: الحوارات الافتراضية:

كما أن النجارة عمليا هي تطبيق لقواعد النجارة النظرية، فالتفكير عمليا هو تطبيق لقواعد التفكير النظرية، فهي بالاختبار والتحدي لتكتشف نفسك وقوة تفكيرك وتفكير الآخرين من ناحية المعلومات والاستدلال، ومن أفضلها الحوارات التي أسميناها هنا بـ"الحوارات الافتراضية".

ما هو الحوار الافتراضي؟

هو حوار بحيث نتقمص شخصية غير شخصيتك تقمصا تاما وكأنك هو، فطريقتك في الكلام والاستدلال يجب أن تشبهه تماما، ولن يكون هذا إلا بدراسة هذه الشخصية جيدا أولا لتتقمصها بعد ذلك.

أقسام الحوار الافتراضي:

الحوار الافتراضي ينقسم لنوعين:

النوع الأول: حوار افتراضي مع النفس: وهو أن تحاور نفسك بفكرتين متناقضتين -إصلاح وإسقاط النظام على سبيل المثال-، فمرة تحاول أن تنتصر للفكرة الأولى، ومرة تحاول أن تنتصر للفكرة الثانية، وبهذا ستستطيع الحكم بشكل أفضل عن أيٍ من الفكرتين أقوى وأصح من خلال الاستدلالات التي يأتي بها الطرفان، فالنتيجة ستكون أنك تبنّيت رأيا منهما بحيادية لا بتعصب.

النوع الثاني: حوار افتراضي مع الغير: وهو أن تحاور الغير بأن نتقمص فكرتين متناقضتين وتحاور بهما باستماتة بقصد الغلبة، فمثلا تناقش مرة بحيث تحاول إثبات أن الحق هو في إسقاط النظام، ومرة تناقش محاولا إثبات أن إصلاح النظام هو الصحيح -وهكذا في أي نقاش آخر-، وبهذا ستبذل ما في وسعك للبحث عن أدلة كل طرف بغرض الانتصار لكل منهما في كل مرة، وهذه القوة تعطيك الشمولية في جمع المعلومات مما سيعطي نتيجة أفضل في فهم الطرفين واتخاذك الرأي الأصح.

تتميز الطريقة الثانية بأننا سنواجه أفكارا أخرى متنوعة، فهي ليست منغلقة كالحوار مع النفس، ولكننا نستطيع القول بأنالحوار مع النفس هو مرحلة أولى تسبق الحوار مع الآخرين، وهي ستثبت إن كان ما استنتجناه من الحوار مع أنفسنا صحيحا أم لا، ثم نطوّره.

فوائد الحوارات الافتراضية:
1- الثقة بالنفس: هذه الحوارات هي تمهيد نفسي وعقلي للحوارات الحقيقية، فالنفس تنصدم عادة إن أتاها النقاش على أرض الواقع فجأة، وسيتشتت العقل، ولن يستخرج المعلومات ويستدل بها بطريقة مرتبة صحيحة، أما مع أخذ الخبرة بالحوار مع النفس والحوار مع الآخرين فستكون النفس مستقرة لمواجهة أي حوار، وبمنطق وحجج مرتبة قوية.

2- معرفة فكر الآخر بشمولية: ففي التقمص أصبح أنا هو -أي في مكانه مراعيا موقعه وزمانه ومكانه وإلخ-، بل من الأفضل عند التقمص أن تقوّي فكرة من تتقمص أكثر وأكثر بوضع إشكالات جديدة غير التي طرحها هو لتظهر فكرته بصورة أفضل من الصورة التي عرضها للغير، ثم ترد عليها عند تقمص الفكر المقابل لاحقا، وبهذا ستصل أنت للنظرة الأقوى، وستزداد ثقتك بنفسك في النقاشات.

3- فهم الآخرين: وهو أن تتفهم أكثر لماذا الآخر مصر على رؤيته، فستعذرهم في أمور دون أمور، وستتغير بعض قناعاتك بعد الإحاطة بما كان خافيا عنك سابقا.

4- إيقاظ الغافلين:
عندما تكون عند شخص فكرة خاطئة، فكثيرا ما يغفل بأنها كذلك، فهو متعبِّد بها دون وعي، ولكنه عندما يرى حوارا افتراضيا فإنه سيرى نفسه فيه، وبهذا سينصعق بضعف منطقه ويستيقظ، وستكون حجة عليه ولو بطريق غير مباشر، فمثلا في قصة نبينا إبراهيم عليه السلام وقومه، فقد عمد (ع) إلى استخدام هذا النوع من الحوار مع نفسه ليسمع قومه، فقومه وإن كانوا داخليا لا يؤمنون بصحة عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، ولكنهم لم يتركوه عمليا، كما كانوا يعلمون بأن إبراهيم (ع) لا يؤمن بها، وعليه فقد أجرى حوارا مع نفسه بأن القمر ربه، ثم قال أن الشمس ربه، ثم قال أن الله هو فطر السماوات والأرض، وأن ما سبق شرك بين، واللطيف أنه بعد انتهاء القصة قال تعالى: "وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ"، فكانت هذه حجة قوية آتاها الله لإبراهيم (ع)، وكانت حربا نفسية عليهم كونهم رأوا أنفسهم مكان إبراهيم عليه السلام وهو يتكلم عن الآلهة من القمر والشمس.

وهناك قصة قرآنية أخرى عن النبي إبراهيم عليه السلام عندما كسّر أصنامهم تحمل نفس المضمون تقريبا: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلاَّ كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (67)).

أقول: لاحظوا قوله تعالى: "فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون"، و "ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون"، وعندها أجابهم نبي الله بعد أن رجعوا إلى أنفسهم ليحجهم مجددا: "قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (67)".

5- صقل الأسلوب: كثيرا ما يكون أصحاب الفكر الصحيح أنفسهم هم الحاجز ليتّبع الغير فكرهم، فطريقتهم سيئة في طرح الاستدلالات غير المتينة، أو في طريقة البيان السيئة الخلق وغير المؤدبة -والتي يبررونها عادة بدعوى أنهم غاضبون، أو أن الشرع يقول بجواز ذلك! وهو خلل واضح أنه إصرار في غير محله، ففكرهم الأول كفكرة إسقاط النظام صحيحة، ولكن فكرهم خاطئ في الأسلوب المتّبع لبيان ذلك، وقد بينّاه في أماكن أخرى سابقا-، وهذا يسبب إصرار عناد الفكر الخاطئ، مما يصعّب على الغير إقناعهم لاحقا ولو كانوا من أفضل من يحاور ويقنع... وكل هذا بسبب الوقحين في الكلام!!! فهذه الحوارات تساعد على صقل كيفية الحوار وإيصال المعلومة للغير، وهذا واجهناه عمليا في الحوارات الدينية والمذهبية والسياسية، وقال لنا بعض الإخوة أنهم كانوا معاندين بسبب الضغط الخاطئ والإهانات من الغير.. (أمثلة: أنتم طبالة الوفاق.. أنتم عبيد الوفاق أو الائتلاف.. الوفاق أهل نفاق وشرك.. أنتم أبطال كيبورد.. أنتم أطفال مولوتوف.. أنتم تحملون عقلا متحجرا.. أنتم حمقى.. إلخ).

أعزائي.. من لديه هذه الألفاظ والأساليب ويستخدمها بدعوى أنه الحق يصعّب على الغير إقناع الكثيرين بما هو حق، فيجب ملاحظة أن الله قال للنبي (ص) -والذي هو الحق بلا شك-: "ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك"... اقرؤوا هذه الآية وتدبّروها، ولا تكونوا كالذين "على قلوب أقفالها".

قال تعالى: «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم»
أقول: وكذلك من سيسب أصحاب فكرة سيرد الآخرون بالمقابل، وهذا لا ولن يفيد، وقد رأيناه واقعا..

ملاحظة أخيرة: في الحوار الافتراضي مع الآخرين يجب أن تُعلِم بأنك ستتقمص شخصية أخرى تحمل فكرا معينا، فالكذب لا يجوز شرعا حتى بنحو المزاح أو التعليم كما يتوهّم البعض إلا في موارد ضيقة جدا ليس هذا منها، ونعني بالكذب أنه قول ما يخالف الواقع بحيث يتوهم الآخر ذلك.

انتهت محطتنا الثانية، وسنذكر في الحلقة الأخيرة فائدة عملية من التفكير السليم والحوارات الافتراضية، وهو ما يتعلق بـ"الإعلام الثوري"..

شكرا لمتابعتكم الكريمة، والحمد لله رب العالمين.




حقي كإنسان
@eHAQYe

18-10-2012




الساعة الآن 04:19 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227