منتدى استراحات زايد - الذاهبون للدبلوماسية حوار أم إذلال

الذاهبون للدبلوماسية : حوار أم إذلال
عباس المرشد
تأتي تصريحات وزير العدل البحريني حول استئناف ما يسميه بتفاهمات الجمعيات السياسية في سياق واحد ليس من ضمنه محور سياسي أو حقوقي يلتقي مع أبسط تلك المطالب وأكثر وضوحا وهو مطلب محاكمات المسئولين عن قتل أكثر من 100 شهيد في غضون أقل من عامين ومحاكمة المحرضين والمحرفين للحقائق وعلى رأسهم وزير العدل نفسه. سياق وزير العدل تفصح عنه تصريحاته الأخيرة الاستفزازية حول توصيف ما يحدث في البحرين بأنه تأزيم وأن فكر ولاية الفقيه والتيار الرسالي وأفكار حزب الله تمثل كارثة ومجالا لاختراق السيادة الوطنية.
ليست هنا في صدد الرد والسجال مع مراهقة سياسية وخواء وإفلاس لأسس المنطق السياسي فحديثه ورأئه يحتفظ به وله الحق في نشره بصفته الشخصية كما يفعل غريمه وزير الخارجية في تغريداته أما أن يتكلم بلسان السلطة ويظهر نفسه كمثقف ومتأمل في النصوص الدينية والسياسية فاعتقد جازما أنه يدخل نفسه في ورطة تضاف لورطاته قبل 14 فبراير وما بعد 14 فبراير. ليتذكر وزير العدل جيدا 14 فبراير 2011 ليس كما قبله بأي حال من الأحوال وليتذكر أيضا أنه رأس الفتنة وقوامها وأنه بطل التأزيم وفارسه.
إذن الحديث هنا ليس مع هذا الرجل وإنما مع من يقبل الجلوس معه باسم الحوار أو التفاهم السياسي معه. وهنا أربع محددات عملية يمكن قياس نتائج ما سيحدث إن قبل أحد الجلوس معه:
أولا :الرجل مفلس سياسيا ولا يمتلك لا هو ولا النظام أي مشروع سياسي حقيقي يمكن التفاهم حوله أو الحديث معه بشأنه.
ثانيا: الرجل يمعن في إسفافه وخرابيطه ولا يكترث بمن يجلس معه فكل ما يطمح إليه هو أن يكون سيفا وعصاة بيد آخرين.
ثالثا: عندما يصر على أن الحوار في مجلسه ومكتبه فهي دعوة إذلال لمن سيحضر .
رابعا: ما يرغب فيه الوزير وحاشيته هو التقاط صور شخصية يتم توزيعها لاحقا لا أكثر ولا أقل.
محصلة المحددات الأربعة أن وزير العدل ليس بالشخص المؤهل لعقد تفاهمات أو تهئية أرضية حوار وأن تلبية دعوته ما هي إلا استرخاص لمكانة الجمعيات السياسية المعارضة والتعامل معها على أنه الرديف لجمعيات الموالاة.
تصريحات وزير العدل ومن قبله خطاب الملك في افتتاح دور الانعقاد الثالث واستجابة النيابة العامة لدعوة شخص مغمور يقبع في الإسماعلية تعكس قراءة سطحية وناقصة قوامها أن النظام في موقع قوة وموقف متقدم دولية تؤهله لأن يتبجح ويعلي صوته كثيرا.
بطبيعة الحال هناك مساحة واسعة للاختلاف بين القوى السياسية المعارضة وبجانبها مجال أوسع وأرحب لحسن الظن وصلاح النوايا إلا أن قبول الجلوس مع وزير العدل بالذات ومن على خطه ومنهجه تعتبر عثرة وخطئية . وإذا كانت لدى الأخوة الأعزاء في الجمعيات السياسية رغبة في إجراء تفاهمات سياسية فليكن ولكن ليس مع وزير العدل وهي دعوة مخلصة لتجنب إذلال متكرر ودعوة صادقة لإعادة الاعتبار لمصطلح الحوار بدل تسفيه بدعوات قوامها الكذب والدجل والهروب للأمام.
هي دعوة لأن تعيد الجمعيات السياسية ترتيب الإيقاع السياسي الناعم وأن تمسك بزمام المبادرة والقوة عبر رفضها لشخص وزير العدل وليخرج النظام رجاله وصناع قرارته للحوار إن كان صادقا وجادا.
نهاية الحديث ليست في مقام إعطاء الدروس والأستذة بقدر ما أعتقد أنه مجال المناصحة للجمعيات السياسية التي يجب عليها أن تحمي جماهيرها وأن تقدم لهم ما يحلمون به من تطلعات. فلا جدوى من اللحاق بركب جلاد ومراوغ ومطلوب للعدالة الشعبية.
العديد من الأصوات قالت أن هناك مبادئ أساسية لأي تفاهمات وقد قالت الجمعيات ذلك عشرات المرات واعتقد أن الوقت قد حان لأن يفهم النظام أن تلك المبادئ لها صلاحية زمنية محددة لا تزيدها القبضة الأمنية والدجل السياسي سوى درجات في التصعيد لا نزولا واستجداء. ليفهم النظام أن لا تفاهمات ولا مقابلات شخصية إلا عبر تلك المبادئ وعلى رأسها إطلاق سراح القادة الرموز .