|
لؤلؤة الثورة | وجوه الثورة | نبيل رجب هو أهم ابتكارات الثّورة البحرينيّة. تفتخرُ الثّورة في البحرين بأنّها تتقوّمُ بالنّاس، وتستمدُ انطلاقتها الأولى، وجذوتها الحاضرة، من لدن النّاس، وليس من المنابر الفارهة، وحواضن التّنظير والخطب العصماء. وتلك واحدة من أسباب استمرار الثّورة، وتمنّعها عن الذّوبان. جاء نبيل رجب من مدرسة حقوق الإنسان، وكان يُفترض أنّه سيكتفي بمزاولة الدّور الحقوقي التّقليدي، وشبه المُطوَّر. من المؤثّر أنّ رئيس مركز حقوق الإنسان عاش جملةً من التّجارب المفيدة، لكن تجربته المريرة بعد حلّ المركز، والاستهداف المُوسَّع لرمزه المؤسٍّس، عبدالهادي الخواّجة، حمَّلَ خرِّيج العلوم السّياسيّة دفوعاتٍ جديدةً من التّفكير النّقدي، والخروج من صندوق الأوهام. لاشكّ أنّ ألماً كبيراً حلّ في نفسه بعد حلّ المركز. كان المركزُ ثمرةً من ثمار حياته، وجزءاً من الأحلام التي تحقّقت. لكن، سرعان ما استوعب رجب – وبفضل عزيمة رفاقه – الأمرَ، وبدأ يدرسُ جيّداً الواقع الجديد، وأنّ بالإمكان المضي قُدماً نحو الأمام، وتحقيق المزيد من النّجاح، ومن غير التّسليم للأمر الواقع، ودون التّسالم مع الثقافة الحقوقيّة الباردة. فضَّل رجب أن يكون حقوقيّاً. لم يكن يعني ذلك أكثر من الانشداد أكثر فأكثر إلى الإنسان، خالياً من الإضافات والعناوين الطارئة. انفتحَ على الإنسان انفتاحاً متواصلاً. لم يشأ الارتهان إلى الحزب والجماعة، لكنه لم يأل جهداً في الدّفاع عن حقّ الآخرين في الانتظام الحزبي، والتّعبير عن الحقّ في التمايز السّياسي وتفكيك احتكار السّلطة للقرار. أخذ هذا الدّفاع يتطوّر طبيعيّاً. أراد نبيل – فيما مضى – أنْ يُحرِج ما يُسمّى بالمشروع الإصلاحي، من خلال الاستناد عليه حجاجاً واحتجاجاً. كان ذلك صنو كثيرٍ من النّشطاء الذين تيقّنوا مُبكّراً بأنّ هذا المشروع مجرّد كذبة اخترعها الطّاغية حمد وزبانيته هروباً من الاستحقاق الدّيمقراطي الفعلي. لكن هؤلاء – وبينهم نبيل – اختاروا طريقة مختلفة في فضْح هذا المشروع، وذلك بممارسة كلّ الحقوق وبلا توقّف، استناداً إلى ما كفله الميثاق والدّستور. كان هذا اللّون من "المناورة" يرمي – في العُمق - إلى الإمعان في توريط المشروع بأكاذيبه، أو إيقاعه فيها. بعد الثّورة، اقتنع نبيل بأنّ المناورات "المشروعة"، هي مضيعة للوقت مع نظامٍ أباح لنفسه ارتكاب كلّ الفظاعات. خرجَ نبيل من تحفّظاته واحتياطاته السّابقة، وانغرس في لبّ الثّورة، حتّى أضحى صوتها، ورمزها، وعنوانها الأكثر انتشاراً في الدّاخل والخارج. وسّع نبيل من اهتمامه الحقوقي، بتوسعة انفتاحه على الإنسان وحقوقه. لم يكن حقوقيّاً، بالمعنى المهني فحسب. كان إنساناً طبيعيّاً، وجامعاً أيضاً. وهذا هو المفتاح الذي يمكن من خلاله فهْم العلّة في مقبوليّته الواسعة، وتلقائيّة حضوره الرّمزي عند مختلف فئات النّاس وطبقاتهم. المصدر: http://www.lulu-awal.com/news.php?newsid=69 |
| الساعة الآن 10:49 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir