المسيرات المرخصة وغير المرخصة سيّان
 

http://4.bp.blogspot.com/-fVW0VgcATf...8%A7%D8%AA.jpg

بيّنّا في مقال سابق، والذي أسميناه "بالوهم نهزم الحقيقة"، أن الهدف الأساس للمسيرات هو بيان أن للشعب مطالب يريدها أن تتحقق، فهي بمثابة جسٍّ للنبض للشارع بدايةً كي يتبين بأنه هل ستحدث ثورة على أرض الواقع أم لا، أما استمرارها إلى اليوم فهدفها مقتصر على أن الناس لا تزال تريد هذه المطالب، وإلا فواضح أنها بحد ذاتها ليست آلية سينتج منها إسقاط النظام ولا إصلاحه، فعلى مر التاريخ لم يسقط طاغية إلا بخلعه أو قتله، وعلى مر التاريخ أيضا لا يوجد ظالم تم إصلاحه، والممالك اليوم ظالمة ولو كان فيها قليل عدل، فما لم يستطع فعله 124 ألف نبي من إصلاح الظلمة لا نتوقع بأن أناسا عاديين سيستطيعون فعله.

للأسف الشديد، أصبح نجاح أي مسيرة اليوم هو قياس عدد الحضور فقط، فإن كان العدد كبيرا فقد نجحت، وإلا فلا، كما أنه لا جديد بشكل ملحوظ، فكل الفعاليات تختفي إلا المسيرات، وكأنها هي الأساس، وهو أمر غير صحيح، فالعمل للهدف يحتاج آلية وخطوات معينة، ولا نراها متجلية لنا في الوقت الراهن.

ماذا نفعل؟

هناك كثير ممن ينظمون الفعاليات، وهو أمر جيد ومهم، فإنه ليس كل آلية تقنع جميع الأطراف، وبهذا يستطيع المرء عمل ما يمكنه منها حسب قناعاته، ونطرح هنا حلين مهمين:

1- المقاومة: ونقصد بها المقاومة بالمواجهة المسلحة، والتي يجب استخدامها بعناية وحكمة، فالتجربة والعمل فيها خطير، فهي ليست لعبة أن نعبث بتصنيع هذه المواد والأسلحة دون حكمة وحذر، ونضع هنا وصلة لبيان عينة منها، والفطين تكفيه الإشارة:

http://www.youtube.com/watch?v=8ttroowu6_w

"فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا"

"يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون"

نكتفي بهذا حول هذه النقطة.

2- المقاطعة: ينبغي ألا ننتظر الجمعيات السياسية والائتلاف حتى يقتنعوا ويشجعوا على المقاطعة الشاملة، ولكن حسب الوضع الراهن فإنه يبدو أن الناس تنتظر الأوامر من أحدهما، وهو من باب توحيد الكلمة وتقوية الفعالية كما يقال، وهنا فإننا ندعو حسب متابعتنا لاتباع منهج المقاطعة التي يدعو لها الإخوة العاملون في فعالية "بنك الكرامة" كحل معقول لتوحيد الكلمة وتقوية أساليب ما يضعف النظام من الناحية الاقتصادية، فمن الواضح جدا أن معلوماتهم يحترّون الدقة فيها، كما أن عملهم يتبين منه أنه منظم جدا نظريا وحسابيا وعمليا، وكذلك فأفكارهم في المقاطعة تجمع بين سلامة المواطنين من أي ضرر، وبين إمكانية هذا الفعل الذي يؤثر في النظام اقتصاديا، فإن كنا نقول بأن "الإقليم" يحتّم علينا فعل أمور معينة لا نستطيع الخروج عنها، فهذا قطعا مما يمكن فعله، فإن الإقليم الوحيد الذي لن يرضى عنه هو النظام لا غير، فأي من الدول تريد دولة اقتصادها ضعيف، وأي تاجر يريد المخاطرة بتجارته فيها؟

النتيجة: الحراك اليوم ينبغي أن يكون أساسا حراك "فعل ولا فعل".. الفعل هو المقاومة وتطويرها، واللافعل هو المقاطعة وتطويرها... أما المسيرات فلم تعد ناجعة كثيرا اليوم.

إشكال ورد:

لضعف من يناقش عادة في مثل هذه المواضيع سنضع بعض الإشكالات التي تُطرح لنجيب عنها قبل طرحها لنلتزم بوحدة الموضوع بدل التشتت، فمثل هذه المواضيع طرحها الغير بأساليب متعددة وتم نسيانها بسبب هذه الأساليب الغير حضارية، فنرجو التمعن كي نتقدم للأمام معا:

1- أنت لا يعجبك لا الوفاق ولا الائتلاف.
الجواب: يعجبني ما أقتنع به، وموضوعنا هو أن المسيرات لم تعد نافعة كونها لغرض قد انتهى، وينبغي التحول لمرحلة أخرى، فأصل الإشكال خارج عن الموضوع، فليس موضوعنا الائتلاف أو الوفاق.

2- أنت "قول بلا فعل" أو "بطل كيبورد".
الجواب: نحن نتكلم في المقال عن عدم فائدة المسيرات اليوم بقدر المقاومة والمقاطعة، فنرجو المناقشة فيها بدل الكلام في كاتب الموضوع، فالموضوع هي الفكرة، وليس الموضوع هو كاتب الموضوع، وعليه فالإشكال خارج الموضوع أيضا.

3- أنت تقول بأن الكل مخطأ، ونظرتك هي الصحيحة.
الجواب: كل له نظرته، ولكن يبقى الدليل هو من يحكم، وقد بيّنّا ما لدينا اختصارا، فالدليل ينقض بالدليل لا غير، فهذا المقال لا نرجو منه أن يمحو المسيرات فعليا، ولكنه تصحيح لما نراه، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

نكتفي بهذه الإشكالات الثلاثة، وليَحضُرنا في كل مناقشة قول أمير المؤمنين عليه السلام: "انظر إلى ما قيل، ولا تنظر إلى من قال".

ملاحظة أخيرة: إن كنا في "حرب حقيقية" مع النظام، فهذا يعني أن نتصرف بما يناسب الحال، فالشراء من كل مكان لن يضر النظام، بل سينفعه، فمسيرات المنامة مثلا يقول فيها الكثيرون أنها ضرّت النظام اقتصاديا مع أنها مسيرة يوم في الشهر! فلِمَ إذا لا نقاطع المنامة بعدم الشراء منها يوميا، ألن يكون هذا أمرا له نتائج أكثر إيجابية؟ .. مجرد رأي.

مقالات سابقة ذات صلة:

بـ"الوهم" نهزم الحقيقة
http://www.bahrain-times.co.cc/2012/07/ehaqye.html

الروتين.. قاتل الثورات
http://www.bahrain-times.co.cc/2012/...post_8403.html

معادلات الحروب
http://www.bahrain-times.co.cc/2012/04/ehaqye.html



حقي كإنسان
15-09-2012