ما هو سبب الإبتعاد عن المنامة؟
 

أحببت ان أضع للاخوة الإعزاء أحدى المشاركات التي شارك بها العضو العزيز ( تحرير العقل ) في موضوعه السابق والذي عنونه بعنوان (الوفاق بين كماشة احتياط الفقيه واوهام فن الممكن ) والتي من خلاله حاول ايضاح المنهج الذي تعتمده الوفاق في ثورة 14 فبراير

اليكم المشاركة:

اذا اردنا أن نعرف الأسباب الكامنة وراء مجموعة من الافعال أو ردات فعل معينة، علينا أن نحلل أولا هل لهذه الأفعال سيستم (نظام) كامن خلفها؟ ولمعرفة ما اذا كان هناك سيستم مسؤول عن هذه الافعال علينا تحليل مدى اتساق هذه الافعال مع بعضها البعض، فالاتساق أو كثرته يكشف عن وجود عامل ابسط من هذه الافعال هو المسؤول عنها وهو (سيستم التفكير).


سيستم التفكير يتأثر كثيرا بمكونات البيئة الخارجية المحيطة بالذات بعرضها العريض من عوامل جغرافية، واقتصادية، واسرية، واجتماعية، من كلمة، من صوت، من علاقة اجتماعية، من ظرف نفسي سواء كان مكون البيئي وجود خارجي حقيقي او رمزي كالكلمة والعلاقة كل هذا يؤثر في سيستم التفكير.


والسؤال هل للوفاق سيستم للتفكير تتحرك من خلاله تشكل ردات افعالها تجاه المواقف المختلفة؟ ما يمكنني أن أقوله من خلال تتبع مواقف الوفاق نجد أن ردات أفعال الوفاق تجاه المواقف المختلفة تتسم باتساق نسبي مع بعضها البعض، وهي دائما تميل للقبول بالواقع المفروض عليها والمراوغة في اطار هذا الواقع المفروض، وبتعبير آخر هي في اتجاه مسايرة الواقع لا رفضه، ولكن محاولة الحركة في اطار هذا الواقع المفروض من خلال ما يسمى بآليات ((فن الممكن)) فهي تتحرك في اطار ما تؤمن بأنه ممكن. فتسجيل الوفاق تحت قانون الجمعيات، ودخول الوفاق التجربة البرلمانية، وخضوع الوفاق لقانون التجمعات، والمطالبة بممكلة دستورية، ورفض مسيرة الديوان كل هذا ينصب في هذا الاطار.


سيستم التفكير هو ما يشكل رؤية (vision) الانسان أو المؤسسة والرؤية هي التي تبني المهمة العليا (mission) للفرد او المؤسسة ومن خلال المهمة العليا يطور الفرد او المؤسسة مجموعة من الاهداف طويلة المدى وقصيرة المدى يسعى لتحقيقها من خلال وضع( استراتيجيات وتكتيكات). هذا التنظيم وبهذا الشكل الواعي عادة ما يكون في المؤسسات سواء كانت مؤسسات ربحية او غير ربحية.


الاحساس بالعجز امام الواقع ظرف نفسي تعيشه مؤسسة الوفاق قد صيغ وقولب في قوالب ذهنية انعكس على رؤية الوفاق للواقع ومهمتها التي تشكل المحصلة النهائية ل (الاستراتيجيات والتكتيكات).


الوفاق تدعي الواقعية في التفكير((فن الممكن)) ولكن هذه الواقعية ومع ضغوط الظرف النفسي ومع دخولها للتجربة البرلمانية التي لا تفهم الا الروتين الاداري والتنظيم البيروقراطي اصبحت هذا الواقعية عبارة عن صياغة ذهنية لمعطيات التجربة الحياتية والظرف النفسي الذي تعيشه الوفاق فأصبح في نظر الوفاق الاتكال على المدد الغيبي نوع من عدم الواقعية، والتبرير جاهز عندما تسأل: ألم يعد الله سبحانه وتعالى المجاهدين بالنصر والغلبة؟ سيكون الجواب وعدهم بالنصر من خلال الأسباب المادية لا من خلال عنصر الغيب ( ابى الله ان يجری الامور الا باسبابها)! ولكن هذه الواقعية التي ابتعدت عن الغيب لم تكتفي بهذا المستوى من التراجع بل وصل بها الامر لأن تنظر للاهداف المتوسطة على انها اهداف عليا ونهائية فأصبح نظر الوفاق معلق على التكتيكات بعيدا عن مدى قدرة هذه التكتيكات على تحقيق اهداف المؤسسة العليا والتي منها هو تغيير الواقع السياسي المعاش.


الوفاق اتخذت من المنهج الاعلامي طريقة لتحقيق اهدافها، فهي تنظر للمنهج الاعلامي على ((مهمة المؤسسة العليا)) ومن خلاله ستحقق اهدافها العليا فأمسى ابهار العالم هدف الوفاق في تحركها . في الحقيقة ان اطلاع العالم الخارجي على ما يحدث في البحرين وكسب التعاطف الشعبي وتعاطف المنظمات الحقوقية والسياسية لا يعني تغيير الواقع المعاش، نعم تحقيق هذا الهدف من شأنه أن يحقق تغيير الواقع المعاش لكنه ليس هو بل هو هدف متوسط من خلاله نسعى لتحقيق الاهداف العليا. والوفاق قامت بقفزة على هذا المستوى حيث ساوت بين هذا الهدف المتوسط واهداف المؤسسة العليا ومن هنا نقول: أن التفكير في الاستراتيجيات من خلال المنهج الاعلامي خاطىء ولا يمكن ان يوصل المؤسسة لأهدافها المنشودة.

من خلال فهم المنهج الاعلامي التي تتخذه الوفاق كطريقة للتفكير في الاستراتيجيات لتحقيق الاهداف تمسي مواقف الوفاق واضحة لنا، فالاضراب لم يكن وسيلة من وسائل العصيان المدني واسقاط الدولة عمليا بل هو وسيلة احتجاجية اعلامية أدت غرضها خلال ثلاثة ايام، ولهذا ايضا لم تكن مسيرة الديوان مقبولة بنظر الوفاق بل حتى باقي المسيرات التي منها مسيرة الداخلية ووزارة الاعلام، لأنها تدعو للتصادم وهدف الوفاق ليس هو التصادم والتحدي بل هو الدور الاعلامي، وظيفة المسيرات والاعتصام بنظر الوفاق هو الدور الاعلامي فلذا وجدنا مسيرات الوفاق لا تتجاوز مسيرة من الدوار الى جيان ومن جيان الى الدوارلأن وظيفة المسيرة ليس هو التحدي وكسر الارادات بل هو الجانب الاعلامي، ومنه ايضا نعرف ما هو السبب الذي من أجله قامت الوفاق بعقد مجموعة من المهرجانات بترخيص من النظام الجائر فهدف الوفاق هو تجميع العدد لغرض اعلامي لا كسر ارادة الدولة.

الخلاصة أن منهج الواقعية (بحسب الطريقة الوفاقية) أو فن الممكن الذي تتبعه الوفاق في التفكير، والمنهج الاعلامي الذي تتبعه الوفاق في تحقيق الاهداف هو السبب وراء كل هذه التراجعات عند الاخوة في الجمعية فهم من اساس لا ينظرون لهذه الثورة كثورة بل يرونها عبارة عن ازمة سياسية (النظام ليس في وارد السقوط كما قال الشيخ علي سلمان-منهج الواقعية) حلها يكمن في الضغط الاعلامي (المنهج الاعلامي وليس المنهج الثوري القائم على كسر الاردات والتحدي) على الحكومة للاستجابة للمطالب.

وصلة الموضوع
http://bahrainonline.org/showthread.php?t=273216

بعد هذا المشاركة الرائعة التي طرحها الأخ العزيزي تحرير العقل في موضوعه السابق احببت ان اسأل الاخوة الاعضاء عن سبب ابتعاد الوفاق والجمعيات التي معها عن المنامة في هذا الاسبوع
هل كان الغرض من مسيرة المنامة إعلامي بحت ؟
و هل أدت دورها الاعلامي الذي يجعل الجمعيات تعيش زخمها لمدة اسبوعين او اكثر حتى تعود الوفاق والجمعيات للمنامة مرة اخرى ؟