|
هل ينجح حوار أبو بشت؟ هل ينجح حوار أبو بشت؟ بقلم الكاتب عباس علي رضي العكري* في البحرين يجري التنسيق لحوار بين الجمعيات الخمس المعارضة للنظام وبين أحد المندوبين فلا بد أن يكون أبو "بشت"، والا فبدون بشت لاتكون لك سلطة للتفاوض في الشأن السياسي بل ستكون حافي القدمين لا وزن لك في النقاش حول مطالبك السياسية كالسعفة في مهب الريح. وتتفاجأ حول الحوار يعاد مرارا كأنه تراثنا لامجال للخروج منه فالخليجي لابد أن يلبس البشت ويعيش في الخيمة وما زلت أذكر القذافي وخيمته في بلاد الغرب. لكننا في البحرين نملك شيئا آخر، حوارا يروج كل لمطالبه كأننا في سوق الحراج الشعبي، او قل سوق المقاصيص والذي احترق وانتهى في واقعة شهيرة، ولهذا كل يروج لمطالبه أكنها بضاعة تجارية، لابد من تسويقها والدعاية لها وكأننا في مهرجان الدعايات، هذه الدعاية تجعلك تكره مشاهدات التلفاز فلا تكاد تشاهد برنامجا الا وقاطعته، وخاصة قنوات تعرض الفلم ساعة ومدة اعلاناتها ساعة ففي كل ربع ساعة يعرض لك خمس دقائق فيصبح الفلم ساعتين! في البحرين الدعاية للحوار ستطول سنوات، فلدينا حلال المشاكل، الرجل التحفة، أتدرون من هو؟ رجل طار بشته المطرز بالذهب، ثم ابتدأك بمكر الثعلب وعيناه تتقدان كالجمر: أعرض عليك بضاعتي البشت الملكي الفرعوني وسبحة راهب طويل اللحية من الصين وخاتما يمانيا، وفنجانا كنت اشرب فيه دماء طيور اقتنصتها في الربيع من غابات ذات خلجان مترامية الاطراف وطبلا طالما طربت لسماعه ودلة خضراءلتسكب منها سواد القهوة لتبيّض وجهك عند ضيوفك. ثم يطلب منك لتبدي رأيك فيها، ولكنه يؤكدعليك في حال ان بضاعته أعجبتك فعليك أن تشتريها. وقد تتردد في بادئ الامر فأنت لنتوافق على أن تشتري بضاعة لأنك أبديت إعجابك فيها! أليس كذلك؟ وحيث أن إبداء وجهة النظر حول أمر ما والتحاور فيه او التحاور حوله لابأس فيه، بل ربما يكون ممدوحا. ولكن الاغرب ان يكون الاعجاب بتلك البضاعة المزجاة شرطا في اخضاعك وشرائك لها مما يعنى خسارتك المحتمة، فما كل ما تعجب به تشتريه! ولكن أبو بشت يقول أنك من واحد ضمن أهل قريتك الذين تم تقرير مصيرهم فهو مبعوث مالك البشت ! وأنّ مالك البشت صاحب عظمة وهيبة، وله فضل على قريتك النائية الصغيرة والتي لاترى الا كسم الخياط الصغير، و يصدمك بقوله: سواء أبديت رأيك بالبضاعة أم لا، فأغلبية نتائج الحوارستفرض وقائعها عليك وعلى غيرك. فإن اصبحت أغلب آراء الفقراء المعدمين من أهل قريتك بالموافقة على شراء البضاعة، فكلكم ستدفعون الثمن مناصفة. ويجول في خلدك: هل من حقك أن ترفض هذا الواقع؟ ولكن الواقع سيجري في كل الحالات! فماذا ستصنع؟ فإذا كنت قادرا على الشراء ستدفع وان عجزت ستستدين! أخذت تحاور نفسك وتحاورها وتحاور مرة ومرات. الحوار أدى إلى أنه لديك عدة مفترق طرق، من أن تستعد لدفع ذلك الثمن بالادخار، أو البحث عن من يقرضك، أو تحاول مقاومة تلك البضاعة بإقناع الأخرين بالرفض لتكون الاكثرية من الفقراء في صالحك. أبو بشت قد قالها: لن أفرض رأيي عليك بل سآخذ آراء أكثر الفقراء فإن رفضوا فسأخبر مالك البشت ليقرر نهاية الأمر ما يريده، فهو مجرد خادم لديه، وان صاحب البشت لا يدخل في التفاوض مع من دونه، في بيع بشت او سبحة او دلة وفنجان أو خاتم، فما ذلك من مستواه ولا يليق بعظمته الحوار ولكن يليق بعظمته بيع تلك الاثريات الفاخرة في المتاحف. التاجر الخادم لديه رغبة ملحة في هذا الظرف والتوقيت، فهناك من أصحاب البشوت من يراقبون المالك للبشت في قدرته على ترويج بضائعه الغريبة، وخاصة انها تراثية قديمة تعود لحضارات غابرة ولى عليها الدهر وشرب، وما عاد ينفع الترويج لها! وحان وقت التخلص من تلك البضاعة، و حيث أنه قد روج لها في اقليمه المحيط ففشل فلم تبقى سوى انت وأهل قريتك وكأنك من المغضوب عليهم أو الضالين. ومن باب المكارم قرر أبو بشت أن يختار أفرادا من مناطق عدة ذووا لغة أجنبية ولكنات غير مفهومة،لادخل لهم بمشكلتك، وأن يقرروا معه ثمن تلك البضاعة التي سوف يتم عرضها عليك للتصويت عليها. وكأنماعيناك تدوران في أم رأسك، وهاتفا يصم أذنيك بصوته الخافت: حان وقت تقرير مصيرك أيها الفقير، لك قرار ان ترفض الشراء مطلقا وتقف ضد أبو بشت؟ او أن تفرض رأيك لتختار افرادا يتكلمون لهجتك ومن أهل قريتك ليقرروامعه اي بضاعة ستشتريها. ويواصل الصوت الخفي كلامه: الخيار الاسهل أن تختار أنت افرادا يمثلونك وتطرح عليهم اي بضاعة تود شراءها لتقدر على دفع ثمنها، فهؤلاء لديهم خبرة التفاوض ويمثلونك أنت لاغيرك، والكثير سيحاول اختيار من يمثله فأنت لست المفكر الوحيد الذي ستكتشف هذه اللعبة! واللعبة خطرة كالقمار، فتعدد المفاوضين مع أبو بشت الذي سيوافق على ذلك وسيعرض أكثر من نوع من البضائع التراثية بل وفيها البضاعة التي قد ترغب بشرائها، ولكن لا يمكنك حسم مصيرك في اللعبة، فالكل سيصوت لبضاعته التي يقدر على دفع ثمنها، والكل لن يحتج حينها، فلقد فوض مرشحاعنه لشراء أحدى البضائع المعروضة. اليوم يوم استقلال البحرين في 14 اغسطس وكذلك يوم محكمة رموز المعارضة والمعروفون بقضية 21 وكذلك يوم مهول حيث استمعنا جميعا للخطاب الملكي الذي ورد فيها "تطهير القلب من الكراهية ،مكر الماكرين ودعاة الفتنة والمغامرين والمقامرين" مازلت اتذكر يوم مايمسيه النظام "بتطهير الدوار دوار اللؤلؤة في العاصمة المنامة فجرا والنساء نائمات مع اطفالهن " واما المقامرين فهي لعبة يحبها من يصل للسلطة واما المغامرات فمعروف عن حبه احد كبار الفرسان في البحرين لركوب الخيل والانتصارات في السابقات للفروسية ولكن في خارج البحرين يكون الاخير، ويتم تكريمه لانه حطم رقمه الشخصي رغم انه اول من خرج من السباق رأفة بالخيل! 14 اغسطس يراه يحسم اللعبة ، ففيه يتم بيع البضائع والمكرمات ! فما بالك ببضاعة ستفقرك للابد لكلفتها فالتراثيون كالكارثيون يهولون الاسعار كقروض البنوك! وحينها يقال لك لقد أكرمناك بالقرض. أبو بشت ينتظر رأيك لتدخل مع المفاوضين، ولتتحاوروا في أي بضاعة ستشترونها، وينتظر منك اجابات على اسئلة الفقراء التي انتشرت كالنارفي الهشيم ولن أدخل في جدلية مايجري أهي حوارات من اجل ان يكتمل الفلم الدعائي، ولكن هؤلاء الممثلون أهم منتخبون كبديل عن تقرير مصير الشعب، ولهذا الحوار هو الحل للسؤال التالي 1-1= صفر فهل نخرج صفر اليدين؟ هل صحيح ان يجتمع هؤلاء المفاوضون ويقرروا قرارهم وثم تجبر عليه! هل صحيح ان تبدي رأيك ضمن اراء عديدة ليتم اختيار اكثر ما تم الاتفاق حوله وتدفع انت ثمنه ؟ هل صحيح ان تقرر انت ماتريده على الاخرين دون موافقتهم؟ هل صحيح ان يقرر الجميع بما فيهم انت على شراء بضاعة تحبونها دون الحاجة لها؟ أترك الاجابة لمن يفقه في اللعبة السياسية والدعايات الاعلامية ولا تنسى البشت! لقد دق المنبه، واستيقظت من الكابوس، فما أنت فاعل؟ * المقال يعبر عن آراء الكاتب |
| الساعة الآن 02:34 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir