منتدى استراحات زايد - معادلة الحادي والثلاثين من أغسطس 2012م

معادلة الحادي والثلاثين من أغسطس 2012م

أغسطس 31, 2012

محمد علي العلوي

12 شوال 1433هـ / 31 أغسطس 2012م
لم يكن عندي ما أقوله قبل مسيرة اليوم التي دعت لها الجمعيات السياسية، فقد قلت ما أراه في 13 مقال قبل مسيرة 9 مارس 2012م، وكان جل تركيزي على أن قرار المشاركة في المسيرة من المفترض أن يكون نابعًا عن قناعة واضحة وتامة بخيار الجمعيات الداعية إليها، كما وأشرت جليًا إلى أن رفع شعارات تخالف توجه المنظم للمسيرة أمر غير مستساغ وأراه مخالفة أدبية وأخلاقية، وفي إحدى اللقاءات التي عقدها مؤخرًا سماحة أمين عام جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان قال نصًا: “وبشكلطبيعيمنلايتوافق مع هذه الشعارات التي تطرحها الجمعيات في مسيراتها أنلا يحضرإليها”، وهو عين ما قلته قبل مسيرة 9 مارس، ولكن الفرق اليوم وبعد التصريح الشفاف والصريح من سماحة الشيخ علي سلمان إنما هو في تحقق نوع استفتاء على خيار الشعب؛ حيث إن ما ترجمه الحضور الحاشد في مسيرة اليوم ليس غير تأييده لخيار الجمعيات.
قبل أن تضيق بعض الصدور بما قلته أعلاه أوضح الأمر التالي:
إنني على ثقة كبيرة بأن ما يتمناه الناس هو إسقاط النظام، وقد لا أبالغ لو قلت بأنها أمنية تضمحل في عظم حجمها باقي الأمنيات، إلا أن الاستعداد الثقافي والنفسي لنفس الناس متخلف جدًا عن أمانيها، وهذا –في نظري- ما عناه سماحة الأمين العام لجمعية الوفاق من قوله: “إنني بقراءتي السياسية أرى أن أغلبية الشعب مطلبه هو الملكية الدستورية الكاملة”، فالأمين العام –بحسب تصوري- فَرَّق بين الأمنية ومستوى الاستعداد لتحقيقها، وقد يقال بأن الشعب أثبت طوال الفترة السابقة أنه على أهبة الاستعداد لتقديم التضحيات، وهذا إدعاء أقره ولا اختلف معه أبدًا، ولكن نوع التضحيات مختلف، وما أعنيه تحديدًا هو الاستعداد للتضحية بالمعاش من أجل توجيه بوصلة المواجهة بما يذلل الصعاب نحو تحقيق تلك الأمنيات، وقد بحثت هذا المقصد وقررته قبل قرابة الخمس سنوات في مشروع أطلقت عليه عنوان (الإنغلاق المرحلي) وكانت نسبة التفاعل معه وبدون أدنى مبالغة هي (صفر%)، والعجيب أن مستوى من هذا المشروع قد تبناه اليوم الحقوقي الأستاذ محمد المسقطي تحت عنوان (التعاون اللا سياسي).
http://www.alghadeer-voice.com/alawi...ds/tafakor.jpgما أرجوه من الأخوة الأفاضل في 14 فبراير ضرورة الابتعاد عن الخطاب العاطفي الذي يعتمد على تضخيم الحدث وبالتالي تحميل الناس فوق طاقاتهم الإستعدادية؛ والسبب أن هذا الأسلوب فاشل علميًا ومؤداه المؤكد الوصول إلى حالة من الإحباط والإنكسار خصوصًا في لحظات الحسم، ولا زلت أقول وبالاستناد المباشر إلى قول أمير المؤمنين (عليه السلام): “ما من حركةٍإلاّوأنت محتاجٌفيهاإلىمعرفة”، والمعرفة هي العلم سواء كان علم حق أو علم ضلال، ولو أن القارئ الكريم يلاحظ السياسة التي تتبعها الجمعيات السياسية فإنه لن يتخلف عن استيعاب آلية العمل الجماهيري التي تعتمدها بالدرجة الأولى، واستنادها العلمي واضح في رهانها على عقل الجمهور الذي تذوب فيه عقول أفراده واحد واحد.
مع اختلافي الكبير مع ما تتبناه الجمعيات السياسية وخصوصًا جمعية الوفاق الوطني الإسلامية من ثقافات وأفكار إلا أن ذلك لا يمنع من الإقرار بأنها تعمل وفق مخطط واضح وبرنامج مدروس ناهيك عن امتلاكها لمشروع سياسي صريح، وهذا ليس بالشيء الجديد على جمعية الوفاق في تيارها الذي عمل في الساحة وبشكل منظم طوال العقود الأربعة الماضية، أما القوى (الثورية) بمختلف مكوناتها فلم يكن لها وجود ثقافي منظم يؤسس لقاعدة تنطلق من خلالها، وعندما كان حراك 14 فبراير حاولت جاهدة أن تواكب التسارع الكبير في الأحداث، وهنا كان الفارق لصالح الجهات ذات التأسيس الموافق لقواعد علمية صحيحة.
الخاتمة: من يحمل في داخله أمنيات تحتاج إلى عمل فاليوم وقت العمل وليس غدًا، ولذلك فإن المرجو من حملة القضية التفكير جيدًا في إعداد برنامج عمل لجيل كامل (33 سنة) على أقل التقديرات، وهذا يحتاج بالفعل إلى عقول نيرة قادرة على القراءة الصحيحة والتخطيط السليم الذي يستوعب أكبر قدر من السيناريوهات المحتملة، وفي عمق قناعتي أن عدم الاهتمام بهذا الأمر سوف يعرضنا لما تعرضنا لها من قبل ونتعرض له اليوم، والنتيجة أننا نبقى في اجترار الويلات بين كل عقد ولاحقه.