منتدى استراحات زايد - 14 فبراير ومؤسسات المجتمع

محمد علي العلوي
9 شوال 1433هـ / 28 أغسطس 2012م
كم من مسجد وحسينية وجمعية ثقافية وسياسية عندنا؟ ماذا لو تشكلت في كل من المساجد والحسينيات والجمعيات لجان ثقافية شغلها الشاغل تقديم الوعي للمجتمع من خلال الندوات والمناظرات والدورات على طوال السنة؟ ما هي الصورة المتوقعة للجيل القادم؟

إذا كانت الندوات والمناظرات والدورات مستوعبة لمختلف المجالات العلمية والمستويات العمرية فإننا وفي عقد من الزمان سوف نحقق نقلات ثقافية نوعية بكل ما تحمل الكلمة من معنى إذا ما ركزنا على الكيف بما يخدم المجتمع وينمي في أفراده الطاقات الإبداعية بعد أن يصنع فيهم الشوق للاندفاع نحو أفاق الفهم والمعرفة.

أتسائل باهتمام: هل مرت على البحرين حقبةُ وعيٍ شُرعتْ فيها الأبواب كما اليوم وبالتحديد بعد 14 فبراير؟

أعتقد بانها سابقة في تاريخنا المعاصر على أقل التقديرات، فبعد أن كانت الحواجز الثقافية النفسية المانعة عن الفهم والاستيعاب قد أخذت بتلابيبنا على مدى عقود طويلة أصبحنا اليوم وبفعل مجموعة من العوامل بحَّاثين عن الحقائق مما أزَّم الوضع عند المنتفعين والمتاجرين بمصائر العباد، فهم يخافون من اتخاذ خطوة هي في حساباتهم خطوة حسم وإذا بوعي الناس يقلبها عليهم وبالًا، لكن هذه الحالة إن لم تستثمر وتوجه بأدوات علمية واعية فمن الارجح أن تتحول سريعًا إلى حالة عناد وتمرد تسيطر فيها العزة إذا أخذت أصحابها بالإثم، إذ أن الوعاء إذا اتسع ولم يجد الخير يملؤه فمن الطبيعي أنه يكون محلًا للأتربة والجراثيم والتعفنات، وحينها لن يكون من السهل تنظيفه وإعادة تأهيله..
http://www.alghadeer-voice.com/alawi...oh-250x188.jpgأنت أيها القارئ الكريم إن وجدت في نفسك قبولًا لموضوع المقال، فاسعى لتفعيله في أقرب مسجد أو حسينية أو مؤسسة، وإن لم يكن فاجعل من بيتك دارًا لحوار اسبوعي أو نقاش أو مناظرة تستضيف فيها مثقفين وعلماء ومتخصصين، وإن صعب عليك الأمر فها هي الشبكة العنكبوتية تفتح لك أبوابها بما يمكنك من التأسيس –مثلًا- لمنتدى حواري أو ماشابه.. في نهاية المطاف لن تكون معذورًا إن قصرت في أداء وظيفتك الإنسانية التوعوية تجاه مجتمعك.
نعم، قد يعذر الآخرون إن قصروا في القيام بوظيفة العمل التوعوي، إلا أن الشيعة لا عذر لهم أبدًا بعد أن منَّ الله سبحانه وتعالى عليهم بثقلين فيهما العصمة من الضلال، ومما يضاعف من مسؤوليتنا إقرارنا في كل لحظة بأن كل ما عندنا إنما هو من الحسين (عليه السلام)، فإذا كان الأمر كذلك صار مما نُطَالبُ به إبراز الحسين (عليه السلام) عالم الاجتماع، والحسين التربوي والحسين المجاهد والحسين الفقيه والحسين المداوي والحسين السياسي.. هذا لو كان حديثنا عن الحسين (عليه السلام) فقط، فكيف لو أننا سبرنا غور القرآن الكريم والسيرة النورية للعترة الطاهرة؟ إننا حينها سوف نقف على محيطات هائلة بأمواج متلاطمة من العلم والمعرفة وكنوز الحكمة.
أختم هذهالسطور بمثال أرجو من القارئ الكريم تدبره جيدًا..
أقدم النظام الحاكم على هدم أكثر من ثلاثين مسجد من مساجد الشيعة خلال قانون الطوارئ (السلامة الوطنية)، ولم نشهد من الجمعيات السياسية وقوى 14 فبراير غير التنديد والاستنكار والشجب والتحشيد لمسيرات تصاغ فيها مجموعة من الشعارات، ولو أننا ندقق قليلًا لوجدنا في هذه الحادثة مادة علمية غنية جدًا لو أنها تستثمر بالشكل الصحيح لربما كان من شأنه تغيير الكثير من المعادلات.. فلندقق..

· ما هي الخلفية الثقافية والنفسية لمن يأمر بهدم المساجد؟ وما هي الخلفية الثقافية والنفسية لمن يباشر هدم المساجد؟
· على ماذا تدل تلك الخلفيات الثقافية والنفسية؟
· عندما نقوم بتوثيق حادثة هدم المساجد، فكيف سوف يكون أثرها النفسي على المجتمع في الأجيال القادمة؟
· عندما يقدم النظام على هدم أكثر من ثلاثين من مسجد من مساجد الشيعة، ويقوم بتخريب العشرات من حسينياتهم، فهل هذا يدخل تحت عنوان (الإبادة) بحسب المواثيق الدولية؟
· هل أن عدم ترخيص البناء لمسجد يسوغ هدمه شرعًا؟
· ما هي المواجهة الدائرة بيننا وبين النظام؟ هل هي مواجهة سياسية؟ إن كانت كذلك فما دخل المساجد والحسينيات؟

إن لمثل هذه الأسئلة القوة والقدرة على كشف الكثير من الحقائق وتوجيه الساحة توجيهًا ثقافيًا بما تقتضيه، وبالتالي فإن الصورة لا شك في أنها تكون أكثر وضوحًا، بل وحتى آلة التواصل مع المجتمع الدولي سوف تتغير في أدواتها ولون خطابها، ولا أستبعد لو أن المؤسسات المتصدية تعطي هذه القضية حقها العلمي فإن النتائج إن لم تكن أقوى فإنها لن تكون أقل من نتائج باقي الملفات الحقوقية والسياسية.
وبالمثل لو أننا نركز على حادثة هدم النصب التذكاري (نصب مجلس التعاون) الذي كان مستريحًا في وسط الدوار (ميدان الشهداء)، فإن له من الدلالات ما من شأنها أن تفتح ملفات عريضة قادرة على تقديم خدمات جليلة جدًا لنهضة الرابع عشر من فبراير.
ما الذي نحتاجه؟
نحتاج إلى حراك ثقافي جريء وواسع نستثمر فيه كل مساحة وزاوية، وهنا يأتي دور المؤسسات من مساجد وحسينيات وجمعيات، وإن لم تتحرك هذه الأخيرة فليكن التحرك منا كما أشرت قبل قليل.