منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   البحوث والتقارير (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=31)
-   -   - [ تقارير وبحوث في شخصيات اسلاميه وعالميه مهمه ] - (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=716)

qayed 12-31-2007 08:47 PM

- [ تقارير وبحوث في شخصيات اسلاميه وعالميه مهمه ] -
 
احمد شوقي

لعمري لن حط المرء خير بقية **** عليه وإن مالو به كل مثرب

هو أحمد بن علي بن أحمد شوقي ولد في القاهرة في حي المنشية عام 1868م وتوفي عام 1932 , وهو من أسرة متواضعة , ولقد لقب بأمير الشعراء ولقد اتصل بوالي مصر ( محمد على الكبير فرتقى في أيامه في مناصب الحكومة .
دفعه أهله إلى الكتاب وهو لم يتجاوز الرابعة من عمره وحفظ القرآن الكريم ثم انتقل إلى مدرسة أم عباس الابتدائية , ودرس اللغة الفرنسية بصورة خاصة وكان أبوه فقيها بلغة المتون الأزهرية
ودرس الدروس الثانوية , وتخرج في العربية لشيخ حسين المرصفي ثم التحق بدراسة الحقوق وتابعها في فرنسا عام 1887م ميلادي , ودرس فن الترجمة , وأحرز شهادتها في مدرسة الحقوق تكشفت فرحته للأستاذ الأدب ( الشيخ محمد البسيوني البياني ) , وكان الشيخ يدفع إليه شعره ليصححه , وذكر للخديوي توفيق أن في ثوب شوقي نابغة في الشعر وعاد سنة 1891م إلى مصر , فعين في ديوان الخديوي حلمي , ولذلك كانت حياته حياة ترف لكل ما تحمله هذه الكلمة من معان فلم تشغله مصاعب الحياة فجاء شعره متأثرا بهذه الحياة وعندما رحل إلى أوروبا لمتابعة دراسته نراه تأثر بحياة الأوروبيين فعندما نقرا أشعاره نراها تعكس حياة القصور في مصر و ما شاع فيها من إيمان وقيم وتقديس لدولة الخلافة وهذا بلغة نصيحة قادرة على التصوير ورسم المنال , أما الشخصية التي تتراى لنا في شعره فشخصية دئوبة غالية أمالها إصابة لمنح الحياتية وذا شاعت فيها روح التسامح التي وسعت الإنسانية وبدت تؤمن بضرورة التجديد في اللغة حسبما شاع في زمانه ولذا جاء في شعره المصور لهذه الشخصية مجدداً في اللغة من حيث الفظ والمعنى .
* أما من حيث مضامنيه الشعرية فهي متنوعة حيث وقف في شعره مع تاريخ مصد , وفي هذا الجانب تجده ممتلئ النفس فخراً حين يرتفع المجد بمصدر إلى الذروة , وتراه أسفاً حزينانً حين تمر بمصدر فترات من الظلم والذلة فيتجاور لهم ويفخر العزائم لإعادة المجد والماضي وعندما ينتقل بين العجز والأسى والألم نراه يسير مع الحوادث
فمن يقرأ قصائده : على سفح الاهدام , وأبو السهول يحفزة شعور المهابة , يررتفع به الى السماوات العلى , وشوقي يهدي للقارىء المعني الذي تشوق به النفس ويرسم بوضوح كل ينبض به قلبه . وعندما نقرأ قصيدته نهج البردة . في ذكرى المولد النبوي فنلاحظ بانة شاعرا مسلما عاطفته إسلامية فلقد غلب الايمان على نفسه وليس من ماخذ عليه في هذا الجانب الا أندفاعة الشديد وراء الاتراك والخليفة العثماني , فلقد كتب عن العرب ومكسره والرسالة ثلاث قصائد في حين بلغ ماكتبه عن الخلافة والترك ثماني عشرة قصيدة وذلك نتيجة لإنحداره من اسة تركية فلا يستطيع التنكر للدم الذي يجري في عروقة .
قال الشعر ايضا ضعيفا في الغزل و الحكمة كما قال على السن الحيوانات , ويعد من اشهر من كتب المسرحية الشعرية في الادب العربي , وهو ليس من كتبها فلقد سبقه شعراء لبنان مثل خليل اليازجي وخليل طنوس
ولقد عرف المسرح بعد ما زار فرنسا أثناء دراسته , ومن مسرحياته :-
على بك الكبير , مصرع كيلوبترا , مجنون ليلى , وقميز , وعنتره
ويلاحظ في مسرحياته عليه الاتجاه التاريخي عليها وذلك لثراء التاريخ بالقصص والحكايات المرسومة فهي لا تحتاج لعناء التصوير تلك الشخصيات .
من اثاره :
1 ديوان الشوقيات وهو أربعة اجزاء
دول العرب
مصرع كلوبترا / قصة شعرية


- من روائع الادب العربي مختارات من الشعر والنثر إعداد هيثم علي حجازي الاهلية للنشر والتوزيع
- الادب العربي الحديث نثرة وشعره – دراسة تطبيقية الدكتور حلمي عبد الهادي – مصطفى محمد الفار ط ط 1411- 1990
- مشاهير الشعراء و الادباء علي مهنا , علي نعيم دار الكتب العلمية بيروت – لبنان .



• قومية شوقي :-

نلاحظ حب شوقي الشديد لمصر و لأنها وطنه الذي امتزج به امتزاجا ارتبطت به عواطفه بروابط شتى ,فقد نشأ في ربوعها وهي موطن أبية وأمة
ويقول في ذلك :-

على جوانبها رفت تمائمنا **** وحول حافظاتها قامت رومانيا
ومطلع لسعود من أواخرها *** ومغرب لجدود من أولينا
أرض الأبوة والميلاد وطيبها *** مر الصبا في ذيول من تصابينا

• شهد شوقي أحدثا شتى مرت بمصر فأدرك ما كان قبل الاحتلال من سنة استقلال وعاصر الثورة العربية , بزعامة مصطفى كامل , محمد مزيد وأنضم أليها وأزرها شجرة .







# تتمثل قومية ووطنية شوقي مما يلي :-

- أولا : حب مصر
وطني لو شغلت بالخلد عنه ***** نازعتني أليه بالخلد نفسي
فشوقي يحب مصر حبا يسري بدمه ويستعذب الشقاء في هذا الحب وان تخايل له النعيم في الغدر
يقول سنة 1904 :-
أحبك مصر من أعماق قلبي ****** وحبك في صميم القلب نام
سيحميني بك التاريخ يوما ******* إذا ظهر الكلام على اللئام
لاجلك رحت بالدنيا شقيا ******* أصد الوجه والدنيا أماني

- ولقد كانت وطنيته وقوميته هي الباعث على نفيه من مصر , لان المحتلين أيقنوا خطورة شعرة التأليب عليهم و التنفيذ منهم


1- وطنية شوقي د. احمد محمد الحوفي , الهيئة المصرية العامة للكتاب .
2- ديوان احمد شوقي , القسم الأول .
• قال شوقي أيضا :-
وسلا مصر هل سلا القلب عنها **** أو أسا جرحه الزمان المؤسسي
وكلما مرت الليالي علية **** رق والعهد في الليالي تقسي
مستطار إذا البواخر رنت **** أول الليل أو عون بعد جرس
راهب في الضلوع لمتفنن **** كلما ثرت شراعهن بنفس
واجعلي وجهك (الفنار) ومجراك *** بهما في الضلوع بسيري واسري
وطني لو شغلت الخلد عنة **** نازعتني أليه في الخلد نفسي
شهد االه لم يغب من جنوني **** شخصة ساعة ولم يخل حسي
# برع شوقي في تصوير قلبه يتطاير فذا ما يسمع أجراس البواخر تصلصل أو سمع صفيرها يدّوي فكلما صفرت هيجت فؤادي , بدفعة حنينه إلى أن يتخيل أنفاس مرجلا يثور وقلبه شراع وقلبه ودمعة ودموعه بحرا يموج فالباخرة تسير بنفسه وقلبه ودمعه .
# التغني بطبيعة مصر وأثارها :-
بعد أفاظ شوقي في وصف الطبيعة المصرية وتجلت شاعر يته الفذة وموهبته الخالقة , المقتدرة , وإحساسه المرهف فاشتاق للوطن ونفث نفثات حادة من قلب مليء بالشوق والمحبة ومن ذلك قصيدته الأندلسية التي يقول فيها :-
عصفت كالصبا اللعوب ومرت ****** سنة حلوة ولذة حليب
اختلاف النهار والليل ينسي ****** اذكرا لي الصبا وأيام أنسي
وصفا لي حلاوة من شبابي ****** صورة من تصورات وحسي

وقف أيضا كثيرا عند وصف مدن مصر وأثارها فوصف الحيزةوالاصيل والمتحف والأزهر ووصفة للجيزة نجده يصفها وصفا يجمل الحياة تدب فيها ويشخصها كأنها بشرة فيقول :-
هي بلقيس في الخمائل صرح ***** من عباب وصاحبي غر نفسي
حسبا أن نكون لليل عرسا ***** قبلها لم يلجن يوما بعرس




1- المصدر نفسة
2- في الأدب الحديث /عمر السوقي / ح " دار الفكر الغربي
3- الديوان

• وصفة للاثار:-

أ‌- الأهرام :-
يعجب من بقاعها منذ أربعة آلاف عام فهي راسية كالطود الأشم ويصورها وهي تبدو من بعيد وحولها بحر من الرمل يستوي بعضه وترتفع بعضه بسفينو في البحر ودارتها الأمواج فيقول :

كأن أهرام مصر حائط نهضت به الدهر لا بنيان فانينا
إيوانه الفخم من علبا مقاصرة يغني الملوك ولايبقى الاواوينا
كأنها ورمالها حولها التطمت سفينة غرقت الا اساطينا

• التفنن بحضارة مصر القديمة :-

طالما زهي شوقي بحضارة مصر القديمة وهو على الحق في زهرة لان مصر الوادي المبارك الذي اختالت فيه الحضارة وازدهر العلم , وازدهى الفن , وفي مدارسها وجامعاتها ينبع اعلم .

ففي قصيدته الكبرى ( أيها النيل ) يفتخر بأن النيل مهد الحضارة في واديه ببنت او اعلى برية ترعرعت , فيقول:

اصل الحضارة في صعيدك ثابت وبناتها حسن عليك مخلق
ملات ديارك حكمة ماثوها في الصخر و البدوي الكريم منحق

وبنت بيوت العلم باذخة الذرى يسعى لهن مغرب ومشرق



1- وطنية شوقي د . احمد محمد الحوفي الهيئة المصرية العامة للكتاب
ظهرت قومية احمد شوقي في مناضلة للاحتلال والاستعمار حيث نجد في ديوانه عدة قصائد ضد الاحتلال الانجليزي وقصائد اخرى تستنهض الهمم من اجل مقاومة الاستعمار

- وهذا ذكر لبعض القصائد تدل على موقف احمد شوقي القومي و الوطني
اولا :- ناضل احمد شوقي في شهرة الاحزاب السياسية التي ظهرت ومن تلك الاحزاب , الحزب الوطني بزعامة مصطفى كامل , حيث كان مصطفى كامل يدين بالولاء لتركيا في دينية او حدث بعد ان مات مصطفى كامل عام 1908 م بعد ان قدم شبابه وذكاءه وعزمه وقودا لشعلة الوطن كي تضل مضيئة يهتدي بها طلاب الحق والاستقلال , وكان موته نكبة وطنية إصطكت لهولها الاسماء ولا شك ان شوقي قد قال شعرا في رثاء مصطفى كامل .

************************************
ثانيا :- أ - احمد شوقي شاعر الخديوي , وفيه دم تركي حيث تغنى في مناسبات شتى بأمجاد الترك ويزجى الثناء العاطر والمديح المستطاب لعبد الحميد وغيره من سلاطين ال عثمان وخرج بانتصار الاتراك في معاركهم وحزن لاحزانهم قال قصيدة وصف بها الاتراك سنة 1897 م ومطلع القصيدة : -

بسيفك يعلو الحق أغلب **** وينضر دين الله ايات تضرب



المصدر السابق نفسه

ب_


قال احمد شوقي قصيدة في الانقلاب العثماني وسقوط السلطان عبد الحميد , حيث حاول السلطان عبد الحميد البطش بجمعية الاتحاد و الترقي , وحرضّ حامية الاسكانة على مهاجمة دار المبعوثان ( المجلس النيابي ) وقتل وزير العدل الامير محمد ارسلان فلما سمع محمد شوكت باشا بذلك هاجم الاسكانة واقتحمها وأعلن خلع السلطان عبد الحميد وتوليته اخيه محمد رشاد سنة 1909 م حيث يقول :-

سلّ يلدزا ذات القصور **** هل جاءها نبأا لبدور
لو تسطيع إجايته **** لبكت بالدمع الغزير
ودهى الجزيرة بعدإسماعيل **** لمولملك الكبير



1- ديوان شوقي د. احمد محمد الحوفي عضو مجمع اللغة العربية وأستاذ الأدب العربي – القسم الأول دار النهضة مصر للتوزيع والنشر

ج-
ولم تقتصر قومية احمد شوقي على مصر , بل تعدى مصر إلى شقيقاتها من البلاد العربية , و إلى البلادالاسلامية يشجعها على طلب الاستقلال , ويأس لما تصاب به من نكبات ويرثى كبار زعمائها وقادتها ونلاحظ ذلك واضحا من خلال قصيدته نكبة بيروت , قالها مواسيا لبيروت تعبيرا عن حريته وحزن الشعب المصري وسخطا على إيطاليا حينما ضرب أسطولها بيروت , حيث قال :-

يارب أمرك في المماليك نأخذ *** والحكم حكمك في الدم المنصوك
ببيروت مات الأسد حتف أنوفهم ***لم يشهدوا سبغا يحموك
سبعون ليثا احرقوا أو انحرفوا *** يا ليتهم قتلوا على " طبروك "
ببيروت : يا راح النخيل وأنه *** بمصي على لا أسلوك
لك في ربا النيل المبارك حيرة *** لو يقدرون بدمعهم غسلوك
لو يستطيع كرام مصر كرامته *** لمحمد بقلوبهم جمدوك


1- طروك : رسر يد طرق المدينة الليبية
المرجع : عمر الدسوقي المجلد الثاني و دار الفكر

المصادر والمراجع :-

1) احمد محمد الحوفي :ديوان الشوقي ,عضو مجمع اللغة العربية وأستاذ الأدب العربي ,القسم الأول-دار النهضة-مصر للتوزيع والنشر
2) احمد محمد الحوفي :وطنية شوقي ,الهيئة المصرية العامة للكتاب
3) اسحاق موسى :في الأدب العربي الحديث أعدة وقدم له محمد إبراهيم حور ,أستاذ الأدب العربي المساعد ,كلية الآداب –جامعة الإمارات
4) جيراء جهامي :موسوعة مصطلحات الفكر العربي والإسلامي الحديث والمعاصر ,ج3 ط,2002,بيروت-لبنان
5) عمر الدسوقي :في الأدب الحديث ,ج1,دار الفكر العربي
6) عمر الدسوقي :في الأدب,المجلد الثابي
7) محمد احمد سعيد :موسوعة روائع الشعر العربي –احمد شوقي ل محمد احمد سعد,ط1, 2003م, 1423ه ,دار صفاء للنشر والتوزيع

qayed 12-31-2007 08:48 PM

حمد خليفه ابو شهاب

المقدمه"
لا تكاد تذكــر الساحة الأدبية أو الشعرية لدولة الإمارات, إلا و يلوح في الأفق نجم هذا الأديب الفذ المرحوم حمد بن خليفة بوشهاب فأن مسيرتة الشعرية و جهدة الدؤوب الصادق والغيور على تراث الإمارات جعله شخصيه نادرة.

وما يلي نبذه بسيطة عن حياة الشاعر المرحوم حمد بن خليفة ...
الموضوع:-
في اواخر الثلاثينات من القرن العشرين و بإمارة عجمان, إحدى إمارات دولة الإمارات العربيه المتحدة تلك المدينة الحالمة الوديعة التي تمثل أجمل الخمائل التي ترتاح فيها البلابل المغرده في تلك المدينة يبزغ فجرا جديد تهز نسمائة العليلة افنان شجر الجمال ليصدح عليها بلبل يأسر الألباب و يأخذ القلوب, ثم ارتحل شدوه من عجمان في منتصف الستينات إلى دبي و فيها القى عصا تسياره و قر على ثراها قراره ....

انه المرحوم بإذن الله تعالى الشاعر حمد بن خليفة بوشهاب, بلبل الأمس و اليوم والاتي .... يتصدر ايكة الشعر شدا مع رفاقه زملاء الصبا بألحان مبعثها موهبة صافيه وعاش بين اقرانه ينهل من منابع علمه المتاحه ان ذاك.. وكم كانت شحيحة.


وقفت الظروف الحياتيه حائلا دون تمكنه من مواصلة التعليم و كأنها تعلن له عن ضرورة الاعتماد على النفس و عدم الركون إلى ما تتيحه الكتاتيب ... فأطلع على كتب التراث و غاص في اعماقها و نهل من معين كتاب الله الذي وعى لفظه ومعناه, واطلع على سنة رسول الله – صلى اللع عليه وسلم- واطلع على كتب التاريخ والأدب واطلع على لغته العربية فأحاط بها معاني و مباني. فجمع بذلك المكتسب مخزونا معرفيا كبيرا اسهم في اثراء معرفته مما جعل لغته تأسر القلوب لوضوح الفاظها و رقة معانيها.

شغل رحمه الله عدة مناصب ...

- كان اولها مدير مكتب وزارة الإعلام في إمارة الشارقه بين عامي 1972 _ 1976 .
- وزير مفوض بوزارة الخارجيه
- عضو لجنة التراث والتاريخ
- مشرف على صفحة الشعر الشعبي في جريدة البيان منذ اغسطس 1981.

من مـــــلامح شخصية المرحوم ...

- الثقة بالنفس و الأمتلاء بالذات
- الأعتزاز بالأبداع الذاتي
- العاطفة المشبوبه
- التوحد بالأمة و النزعه الإســلامية
- الأرتباط بالتاريخ
- الوفاء للأصحاب و الأصدقاء

في عام 1989 اعلن الشاعر حمد بن خليفة شخصية العام الثقافية وذلك بعد استحواذه على غالبية الترشيحات التي وردت إلى ندوة الثقافة و العلوم.

هو الشاعر الذي اطلق عليه صاحب السمو الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لقب " شــاعر الإمــارات"

وفيما يلي بيتين من قصيدة رد من صاحب السمو رئيس الدوله – حفظه الله- إلى الشـاعر المرحوم بوشهاب:

بوشهاب معنا عنصـر و جود +++ بارز و واضح في الإمارات
يلــزم عـلــينا حــقه ردود +++ لمنظم حــــــلو الأبيــــات

وفي قصيده للشيخ محمد بن راشد يقول فيها ...

انته خوي وكيـف ننســاك +++ شــــــاعر و مســؤول الإداره

يـــــــقول الشــــــاعر الراحل حمد بن خليفة

مـــوطني عجمــــان فيهـــا قد نشــأت +++ وتــرعــرت بها حـتى كبــــرت
وأخيـــــرا شــاء ربــي بعـــــــــدها +++ ل.. (دبي) يا عـــزيزي قد رحلت
*من آثار الشاعر الراحل :-
1- اصدار ديوان سلطان بن علي العويس 1978
1- اصدار ديوان تراثنا من الشعر الشعبي «الجزء الاول» 1980
1- اصدار ديوان تراثنا من الشعر الشعبي «الجزء الثاني» 1981
1- اصدار ديوان ربيع بن ياقوت 1983

*مساهماته:-
- الاشراف على برنامج الشعر الشعبي في تلفزيوني دبي وأبوظبي.
-اصدار ديوان فتاة العرب في 1991.
- اصدار ديوان صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان 1991.


الخاتمه:-
مازال بو خليفة " حمد بوشهاب" رغم رحيله شهابا ساطعا لنا, ومازال يدلنا على مفاتيح الفكر و الأدب فمن عرفه ... عرف انه لم يكن مجــرد شاعر بل كان شــاعرا اديـــبا مــؤرخا كاتبــا افنى عمره في طويل إطــلاع و قرأه.
وداعا حمد بن خليفة بوشهاب لقد ادميت قلوبنا بهذا الرحيل المفجع, ولكنها إرادة الله, ولا اعتــراض على إرادة الخالق سبحانه و تعالى.
فإلى جنات الخلد أيها الرجل البار .. والأديب البار.. والعاشق البار.. وابن الإمارات..

المراجع :-

1- ديوان حمد بو خليفة أبو شهاب
وداعا ... يا حمد بن خليفة بوشهاب - منتديات شبكة زعيم الإمارات

qayed 12-31-2007 08:48 PM

الإمام الشافعي


هو أبو عبدالله محمد بن أدريس بن العباس بن عثمان بن بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد بن يزيد بن هاشم بن عبدالمطلب.
- ولد بغزة في فلسطين على الأصح وفي رواية بعسقلان ، وفي أخرى باليمن عام 150 هـ لذلك فهو مولود في بلد غريب بعيد عن موطن قومه بمكة والحجاز ، توفي أبوه قبل أن يعرفه محمد ، وتركه لأمه ، وكانت إمرأة من الأزد ، فبدأ الإمام رضي الله عنه حياته وحليفاه اليتم والفقر ، ورأت الأم أن تنتقل بولدها إلى مكة ، فانتقلت به وهو صغير لايجاوز السنتين . قال الشافعي رضي الله عنه : ولدت بغزة سنة خمسين ومائة - يوم وفاة أبي حنيفة - فقال الناس: مات إمام وولد إمام ، وحملت إلى مكة وأنا إبن سنتين.

* دراسته وتعلمه:
- في مكة المكرمة حفظ القرآن وهو حدث ، ثم أخذ يطلب اللغة والأدب والشعر حتى برع في ذلك كله.
قال إسماعيل بن يحيى: سمعت الشافعي يقول: حفظت القرآن وأنا إبن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا إبن عشر سنين.
ثم رحل من مكة إلى بني هذيل وبق يفيهم سبعة عشر سنة، وكانوا أفصح العرب ، فأخذ عنهم فصاحة اللغة وقوتها ، ثم إنصرفت همته لطلب الحديث والفقه من شيوخهما ، فحفظ الموطأ وقابل الإمام مالك فأعجب به وبقراءته, وقال له: يابن أخي تفقه تعل.
وقال له أيضا: يا محمد إتق الله فسيكون لك شأن.

* رحلاته رضي الله عنه:
- رحل الإمام الشافعي رحلات كثيرة كان لها أكبر الأثر في علمه ومعرفته، فقد رحل من مكة إلى بني هذيل ، ثم عاد إلى مكة ، ومنها رحل للمدينة ، ليلقى فيها إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه ، وبعد وفاة الإمام مالك رضي الله عنه، رحل إلى بغداد ، ثم عاد إلى مكة ، ثم رجع إلى بغداد ، ومنها خرج إلى مصر.
- يقول إبن خلكان:
" وحديث رحلته إلى الإمام مالك مشهور ، فلاحاجة إلى التطويل فيه ، وقدم بغداد سنة 195هـ ، فأقام فيها سنتين، ثم خرج إلى مكة ، ثم عاد إلى بغداد سنة 198هـ فأقام شهرا، ثم خرج إلى مصر، وكان وصوله إليها في سنة 199هـ وقيل سنة 201هـ ، ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة204هـ".

* جمعه لشتى العلوم:
- حدث الربيع بن سليمان قال:
كان الشافعي رحمه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح ، فيجيئه أهل القرآن فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه ، فإذا إرتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر ، فإذا إرتفع الضحى تفرقوا ، وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر فلا يزالون إلى قرب إنتصاف النهار ، ثم ينصرف ، رضي الله عنه.
- وحدث محمد بن عبدالحكم قال:
ما رأيت مثل الشافعي ، كان أصحاب الحديث يجيئون إليه ويعرضون عليه غوامض علم الحديث ، وكان يوقفهم على أسرار لم يقفوا عليها فيقومون وهم متعجبون منه، وأصحاب الفقه الموافقون والمخالفون لايقومون إلا وهم مذعنون له ، وأصحاب الأدب يعرضون عليه الشعر فيبين لهم معانيه. وكان يحفظ عشرة آلاف بيت لهذيل إعرابها ومعانيها، وكان من أعرف الناس بالتواريخ، وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله تعالى.
- قال مصعب بن عبدالله الزبيري:
"ما رايت أعلم بأيام الناس من الشافعي".
- وروي عن مسلم بن خالد أنه قال لمحمد بن إدريس الشافعي وهو إبن ثمان عشرة سنة:
" أفت أبا عبدالله فقد آن لك أن تفتي ".
- وقال الحميدي:
كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي فلم نحسن كيف نرد عليهم، حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا.

* تواضعه وورعه وعبادته:
- كان الشافعي رضي الله عنه مشهورا بتواضعه وخضوعه للحق ، تشهد له بذلك مناظراته ودروسه ومعاشرته لأقرانه ولتلاميذه وللناس .
- قال الحسن بن عبدالعزيز الجروي المصري:
قال الشافعي: ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ ، وما في قلبي من علم ، إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب لي.
- قال حرملة بن يحيى:
قال الشافعي: كل ما قلت لكم فلم تشهد عليه عقولكم وتقبله وتره حقا فلا تقبلوه ، فإن العقل مضطر إلى قبول الحق.
- قال الشافعي رضي الله عنه:
والله ما ناظرت أحدا إلا على النصيحة.
وقال أيضا:
ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلهما إلا هبته و إعتقدت مودته، ولا كابرني على الحق أحد ودافع الحجة إلا سقط من عيني.
وقال:
أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف.
- وأما ورعه وعبادته فقد شهد له بهما كل من عاشره استاذا كان أو تلميذا ، أو جار ،أو صديقا.
- قال الربيع بن سليمان:
كان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين مرة كل ذلك في صلاة.
وقال أيضا:
قال الشافعي: والله ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعة طرحتها لأن الشبع يثقل البدن ، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.
وقال: كان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب ، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام.

* فصاحته وشعره وشهادة العلماء له:
- لقد كان الشافعي رضي الله عنه فصيح اللسان بليغا حجة في لغة العرب ونحوهم، إشتغل بالعربية عشرين سنة مع بلاغته وفصاحته، ومع أنه عربي اللسان والدار والعصر وعاش فترة من الزمن في بني هذيل فكان لذلك أثره الواضح على فصاحته وتضلعه في اللغة والأدب والنحو، إضافة إلى دراسته المتواصلة و إطلاعه الواسع حتى أضحى يرجع إليه في اللغة والنحو.
- قال أبو عبيد: كان الشافعي ممن تؤخذ عنه اللغة .
- وقال أيوب بن سويد: خذوا عن الشافع اللغة.
- قال الأصمعي: صححت أشعار الهذليين على شاب من قريش بمكة يقال له محمد بن أدريس.
- قال أحمد بن حنبل: كان الشافعي من أفصح الناس ، وكان مالك تعجبه قراءته لأنه كان فصيحا.
- وقال أحمد بن حنبل: ما مس أحد محبرة ولا قلما إلا وللشافعي في عنقه منة.
- حدث أبو نعيم الاستراباذي، سمعت الربيع يقول: لو رأيت الشافعي وحسن بيانه وفصاحته لعجبت منه ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته - التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة - لم يقدر على قراءة كتبة لفصاحته وغرائب ألفاظه غير أنه كان في تأليفه يجتهد في أن يوضح للعوام.

* سخاؤه:
- أما سخاؤه رحمه الله فقد بلغ فيه غاية جعلته علما عليه، لا يستطيع أحد أن يتشكك فيه أو ينكره ، وكثرة أقوال من خالطه في الحديث عن سخائه وكرمه.
- وحدث محمد بن عبدالله المصري، قال: كان الشافعي أسخى الناس بما يجد.
- قال عمرو بن سواد السرجي: كان الشافعي أسخى الناس عن الدنيا والدرهم والطعام، فقال لي الشافعي : ألإلست في عمري ثلاث إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري، حتى خلي ابنتي وزوجتي ولم أرهن قط .
- قال الربيع: كان الشافعي إذا سأله إنسان يحمارّ وجهه حياء من السائل، ويبادر بإعطائه.

* وفاته رحمه الله:
- قال الربيع بن سليمان:
توفي الشافعي ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة - بعد ما حل المغرب - آخر يوم من رجب ودفناه يوم الجمعة فانصرفنا فرأينا هلال شعبان سنة أربع ومائتين.
- قال إبن خلكان صاحب وفيات الأعيان:
وقد أجمع العلماء قاطبة من أهل الحديث والفقه والأصول واللغة و النحو وغير ذلك على ثقته وأمانته وعدله وزهده وورعه وحسن سيرته وعلو قدره وسخائه.
- ومن أروع مارثي به من الشعر قصيدة طويلة لمحمد بن دريد يقول في مطلعها:

ألم تر آثار ابن إدريس بعده دلائلها في المشكلات لوامع

qayed 12-31-2007 08:48 PM

ابو جعفر المنصور

المنصور

(137 - 158هـ)

هو أبو جعفر عبد اللَّه بن محمد بن علي وأمه أم ولد اسمها سلامة ولد بالحميمة سنة101 ولما انتقل أبو العباس من الحميمة إلى الكوفة كان فيمن معه. ولما أفضت الخلافة إلى أبي العباس كان عضده الأقوى وساعده الأشد في تدبير الخلافة وفي السنة التي توفي فيها أبو العباس136 عقد العهد لأخيه أبي جعفر وكان إذا ذاك أميراً على الحج ثم توفي السفاح وأبو جعفر بالحجاز فأخذ البيعة له بالأنبار ابن أخيه عيسى بن موسى وكتب إليه يعلمه وفاة السفاح والبيعة له فلقيه الرسول بأحد المنازل عائداً بعد انتهاء الحج. وقد تمت البيعة له في اليوم الذي توفي فيه أخوه (8 يونيه سنة754) واستمر خليفة إلى أن توفي يوم الأحد سابع ذي الحجة سنة158 (8 أكتوبر سنة775 فكانت خلافته 22 سنة هلالية إلا ستة أيام.

وكان يعاصره في الأندلس عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك (138-172)

الأحوال لعهد المنصور:

تولى المنصور الخلافة ولم تكن قد توطدت دعائمها ولم يكن يخاف عليها من الدولة البائدة دولة الأمويين لأنه لم تبق لهم بقية يخاف منها وإنما كان الخوف ينتاب المنصور من ثلاث جهات

الأولى: منافسة عمه عبد اللَّه بن علي في الأمر لما كان له من نباهة الذكر في بني العباس ولأنه كان يدبر أمر جيوش الدولة من أهل خراسان وأهل الشام والجزيرة والموصل الذي أمره عليهم السفاح قبل وفاته ليغزوا بهم الروم وقد أظهر المنصور خوفه هذا لأبي مسلم حينما جاءه الخبر بوفاة أخيه والبيعة له.

الثانية: من عظمة أبي مسلم الخراساني مؤسس الدولة فإنه كان يرى له من الصولة وشدة التمكن في حياة أخيه ما لم يكن يرى معه أمراً ولا حكماً ومثل المنصور في علو نفسه لا يرضيه أن يكون له في الأمر شريك ذو سطوة وسلطان مثل أبي مسلم على أن هناك أمراً آخر ربما كان يدور بخاطره وهو أن يستقل أبو مسلم بأمر خراسان ويخلع المنصور ثم يختار للخلافة رجلاً آخر يكون تحت تصرفه وسلطانه فيعود الأمر لأهل فارس.

الثالثة: وهي أقوى هذه الجهات الثلاث خوفه من بني عمه آل علي بن أبي طالب الذين لا يزال لهم في قلوب الناس مكان مكين وأخصهم محمد بن عبد اللَّه بن حسن بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب لما سيأتي بيانه فكان المنصور يتخوف أن يخرج عليه طالباً بالخلافة والذي كان يزيد هواجسه أنه عام حج في حياة أخيه لم يحضره محمد ولا أخوه إبراهيم ابنا عبد اللَّه مع من شهده من سائر بني هاشم.

صار المنصور يحتال بأنواع الحيل ليعرف الأخبار عن محمد واستخراج ما عند أبيه عبد اللَّه بن حسن من أخباره ولما علم أن عبد اللَّه يعرف نية ابنة حج سنة وسأل عبد اللَّه عن ابنيه أن عنده بهما فتيقن المنصور كذبه وحبسه وصادر أمواله.

لم يزل بنو حسن محبوسين عند رياح بالمدينة حتى حج أبو جعفر سنة فلما لم يجد عندهم ما يبرد غلته من جهة محمد وأخيه إبراهيم أمر بحملهم إلى العراق وأشخص معهم محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان بن عفان وهو أخو بني حسن بن زيد بن حسن لأمهم وأمهم جميعاً فاطمة بنت حسين بن علي وكان إبراهيم بن عبد اللَّه صهره على ابنته فحملوا مقيدين بالأغلال والأثقال وسير بهم على شر ما يكون حتى أتى بهم العراق فحبسوا بقصر ابن هبيرة وهو بلد شرقي الكوفة مما يلي بغداد على نهر الفرات. وقد استعمل معهم المنصور من الفظائع ما لا طاقة للإنسان على تسطيره وكان أعظم فظائعه مع محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان، وكانت نتيجة هذا الحبس الشديد أن مات أكثرهم في الحبس مع أن بني العباس ملأوا الدنيا تهويلاً ورياء بأنهم خرجوا انتقاماً من قتلة الحسين بن علين وزيد بن حسن ويحيى بن زيد وهؤلاء إنما قتلوا في ميادين القتال وهم خارجون ولم يقتل بنو أمية أحداً من آل علي بالشكل الفظيع الذي ذهب به بنو حسن في عهد بني عمهم من آل العباس.

على أنه فضلاً عن ذلك كله جعل نفسه محصوراً بالمدينة وهي ليست بمركز حربي يمكن القائد أن يبقى فيه على الدفاع طويلاً وحياتها من خارجها فلا تحتمل الحصار إلا قليلاً.

نظام الحكم في العهد العباسي:

أولاً الوزير: والوزارة لم تكن معروفة بهذا الاسم في عهد الدولة الأموية وأول من سمي بها لعهد أبي العباس السفاح أبو سلمة الخلال شيخ الدعوة بالكوفة فقد كان يعرف بوزير آل محمد وأصله مولى لبني الحارث بن كعب وكان سمحاً كريماً مطعاماً كثير البذل مشغوفاً بالتنوف في السلاح والدواب فصيحاً عالماً بالأخبار والأشعار والسير والجدل والتفسير حاضر الحجة ذا يسار ومروءة ظاهرة.

ثانياً الحاجب: وهو موظف كبير لا يَمْثُل أحد بين يدي الخليفة إلا بإذنه وقد وجد الحاجب في عهد بني أمية وقد أحدثوه لما خشوا على أنفسهم من الفتاكين بعد حادثة الخوارج مع علي وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان.

ثالثاً الكاتب: وهو الذي يتولى مخاطبة من بعد عن الحضرة من الملوك والأمراء وغيرهم وكثيراً ما كان يتولى الخليفة نفسه تلك الكتابة.

رابعاً صاحب الشرط: وهو المحافظ على الأمن وكان المنصور يختار صاحب الشرط آمن الرجال وأشدهم وكان له سلطان عظيم على المريبين والجناة.

خامساً القاضي: وكان ينظر في قضايا مدينة المنصور وحدها ولم يكن له سلطان على قضاة الأقاليم لأن منصب قاضي القضاة لم يكن أنشىء بعد.

الجيش:

أهم ما تظهر به الدولة جيشها الذي يذود عن حياضها ويحمي بيضتها وقد كان الجيش لعهد الدولة الأموية عربياً محضاً جنوده وقواده فلما جاءت الدولة العباسية كان ظهور نجمها على يد أهل خراسان الذين يرجع إليهم أكبر الفضل في ثل عرش الدولة الأموية وبالضرورة يكون لهم حظ وافر من الدولة وحمايتها لذلك كان جيش الديوان في أول عهد العباسيين مؤلفاً من فريقين.

الأول: الجيوش الخراسانية

الثاني: الجيوش العربية. وقوادهم من الفريقين بعضهم من العرب وبعضهم من الموالي.

وكان أكبر القواد المعروفين في أول عهد الدولة أبو مسلم الخراساني لجيوش المشرق الخراسانية.

وعبد اللَّه بن علي لجيوش المغرب وأعظمها عربي من الجزيرة والشام.

ومن مشهوري قواده العرب معن بن زائدة الشيباني وهو قائد شجاع كان في أيام بني أمية متنقلاً في الولايات.

حاضرة الخلافة: (مدينة السلام- بغداد)

وللمدينة أربعة أبواب كل اثنين منها متقابلان ولكل منها باب دون باب بينهم دهليز ورحبة تدخل إلى الفصيل الدائر بين السورين فالأول باب الفصيل والثاني باب المدينة فإذا دخل من باب خراسان عطف على يساره في دهليز معقود بالآجر والجص عرضه عشرون ذراعاً وطوله ثلاثون المدخل إليه في عرضه والمخرج منه وطوله يخرج إلى رحبة مادة إلى الباب الثاني طولها60 ذراعاً وعرضها40 ولها في جنبتيها حائطان من الباب الأول إلى الباب الثاني في صدر هذه الرحبة في طولها الباب الثاني وهو باب المدينة وعن يمينه وشماله في جنبتي بابان إلى الفصيلين.

والأبواب الأربعة على صورة واحدة في الأبواب والفصيلان والرحاب والطاقات. ثم الباب الثاني وهو باب المدينة وعليه السور الكبير فيدخل من الباب الكبير إلى دهليز أزج معقود بالآجر والجص طوله20 ذراعاً وعرضه12 وعلى كل أزج من آراج هذه الأبواب مجلس له درجة على السور يرتقى إليه منها، على هذا المجلس قبة عظيمة ذاهبة في السماء سمكها50 ذراعاً مزخرفة وعلى رأس كل قبة منها تمثال تديره الريح لا يشبه نظائره.

وعلى كل باب من أبواب المدينة الأوائل والثواني باب حديد عظيم جليل المقدار كل باب منها فردان.

الأحوال الخارجية:

في عهد المنصور هرب عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان إلى بلاد الأندلس وأسس بها الدولة الأموية الثانية وكان المنصور يعجب به وبقدرته وعزيمته التي جعلته وهو شريد طريد يؤسس ملكاً في هذه البلدان القاصية ولم يكن بين الرجلين بالضرورة علاقة حسنة ولم يتسم عبد الرحمن بأمير المؤمنين بل تسمى بالأمير فقط. وهذه أول بلاد اقتطعت من الخلافة الإسلامية الكبرى بالمشرق أما مملكة الروم التي كانت تحاد الخلافة الإسلامية من الشمال فكان يعاصر المنصور فيها قسطنطين الخامس كما قدمنا وكانت العلاقة بين الأمتين منقطعة لا تترك إحداهما قتال الأخرى متى عنت الفرصة وكان من النظام المتبع في الخلافة إرسال الجيوش تغزو الروم في الصيف وتسمى بالصوائف ولم يكن ذلك ينقطع إلا لمانع.

أول ما حصل في عهد المنصور أن الروم بقيادة ملكهم أرغاروا سنة138 على ملطية وكانت إذ ذاك من الثغور الإسلامية فدخلوها عنوة وقهروا أهلها وهدموا سورها ولكن الملك عفا عمن فيها من المقاتلة والذرية.

ولما علم بذلك المنصور أغزى الطائفة عمه صالح بن علي ومعه أخوه العباس بن محمد بن علي فبنى ما كان صاحب الروم هدمه من ملطية وقد أقام في استتمام ذلك إلى سنة139. ثم غزوا الصائفة من درب الحدث فوغلا في أرض الروم وغزا مع صالح أختاه أم عيسى ولبابة ابنتا علي وكانتا نذرتا إن زال ملك بني أمية أن تجاهدا في سبيل اللَّه- وغزا من درب ملطية جعفر بن حنظلة البهراني. وفي هذه السنة استقر الأمر بين المنصور وملك الروم على المفاداة فاستنقذ المنصور من الروم أسراء المسلمين.

وفي سنة140 غزا الصائفة الحسن بن قحطبة مع عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام وأقبل قسطنطين صاحب الروم في جيش كثيف فنزل جيحان فبلغه كثرة المسلمين فأحجم عنهم ثم لم تكن صائفة بعد ذلك إلى سنة146 لاشتغال أبي جعفر بأمر محمد وإبراهيم ابني عبد اللَّه. ولم تزل الصوائف بعد ذلك تتوالى إلى سنة155 وفيها طلب صاحب الروم الصلح على أن يؤدي للمسلمين الجزية.

وكانت هذه الحروب بين الطرفين إغارات لم يقصد بها فتح بل كل واحد من الطرفين ينتهز الفرصة فيجتاز الحدود التي لصاحبه ثم يعود إلى مقره ثانية ولم تكن المصالحات يطول زمنها بل سرعان ما يعودون إلى ما كانوا عليه.

أما حدود المملكة من الجهات الأخرى فكانت في الغالب محلاً للاضطرابات ولكنها كانت تسكن حالاً بما يبذله المنصور من الهمة في إرسال الجنود إليها ليقظته ومعرفته بالأمور على وجهها، وكان في كل ثغر جنود مرابطون من المرتزقة وهم المفروض لهم عطاء في الديوان ومن المتطوعة وهم الذين ينتدبون للجهاد في سبيل اللَّه لا يطلبون على ذلك أجراً إلا من اللَّه وكان الخليفة هو الذي يعين قائدهم وكان عددهم في ذلك الوقت كثيراً.

صفات المنصور وأخلاقه:

كان المنصور أعظم رجل قام من آل العباس شدة وبأساً ويقظة وثباتاً ونحن نسوق هنا جملة من أخلاقه لترتسم صورة هذا الرجل العظيم في الأذهان
وفاة المنصور

في سنة158 حج المنصور. شخص من مدينة السلام متوجهاً إلى مكة في شوال فلما صار من منازل الكوفة عرض له وجعه الذي توفي به ولم يزل يزداد حتى وصل بستان ابن عامر فاشتد به وجعه ثم صار إلى بئر ميمون وهو يسأل عن دخول الحرم ويوصي الربيع بما يريد وتوفي في سحر ليلة السبت6 ذي الحجة سنة158 ولم يحضره عند وفاته إلا الربيع الحاجب فكتم موته ومنع النساء وغيرهن من البكاء عليه ثم أصبح فحضر أهل بيت الخلافة وجلسوا مجالسهم فأخذ الربيع بيعتهم لأمير المؤمنين المهدي ولعيسى بن موسى من بعده ثم دعا بالقواد فبايعوا وتوجه العباس بن محمد بن علي ومحمد بن سليمان بن علي إلى مكة ليبايعا الناس فبايعوا للمهدي بين الركن والمقام.

ثم أخذ في جهاز المنصور وغسله وكفنه ففرغ من ذلك مع صلاة العصر وجعل رأسه مكشوفاً من أجل أنه مات محرماً وصلى عليه عيسى بن موسى ودفن بثنية المعلاة بعد خلافة مدتها22 سنة إلا ستة أيام رحمه اللَّه.

وكان له من الولد ثمان ذكور وبنت. فالذكور محمد المهدي وجعفر الأكبر وأمهما أروى بنت منصور الحميرية وسليمان وعيسى ويعقوب وأمهم فاطمة بنت محمد من ولد طلحة بن عبيد اللَّه وجعفر الأصغر وأمه أم ولد كردية. وصالح المسكين وأمه أم ولد رومية. والقاسم وأمه أم ولد وقد مات منهم جعفر الأكبر والقاسم قبل وفاة المنصور والبنت اسمها العالية وأمها امرأة من بني أمية وقد تزوج العالية إسحق بن سليمان بن علي.

qayed 12-31-2007 08:49 PM

رحلة ابن بطوطه المغربي

محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي، ولد في 703هـ الموافق 1304م. وعندما بلغ الثانية والعشرين من العمر قرر الخروج من مدينة طنجة لأداء فريضة الحج، وهكذا خرج ابن بطوطة من مراكش عابرا الجزائر وتونس وليبيا حتى مصر، ليرحل جنوبا إلى بلاد الصعيد ويسلك طريق البحر الأحمر، لكنه لم يوفق في ذلك فعاد إلى الفسطاط ورحل منها إلى بلاد الشام ثم للحجاز ليؤدي فريضة الحج لأول مرة. وعندما وصل إلى مكة المكرمة قام بطواف القدوم وتعلق بأستار الكعبة وشرب من ماء زمزم قبل أن يسعى بين الصفا والمروة.

وصف ابن بطوطة المسجد الحرام ومساحته وأبوابه كما أشار إلى دور الخليفة المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصور في توسعه المسجد في عام 167 هـ، ووصف الكعبة المشرفة: ارتفاعها وعرضها وأبوابها وأستارها والميزاب المبارك والحجر الأسود، وأشار إلى أن باب الكعبة يفتح بعد كل جمعة فضلا عن فتحه يوم ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم.

الكعبة لم تخل من طائف

ويبدي ابن بطوطة دهشته وإعجابه بمكانة الكعبة المشرفة حين يكتب في رحلته "من عجائبها أنها لا تخلو من طائف أبدا ليلا ونهارا، ولم يذكر أحد أنه رآها قط دون طائف..." بعد ذلك عرج على ذكر أبواب المسجد الحرام ثم وصف الصفا والمروة والمسافة بينهما، ولم يفته ذِكْر وجود سوق تجارية كبرى إلى جانب الطريق.

وأشار ابن بطوطة إلى فضائل أهل مكة فوصفهم بأنهم أصحاب (المكارم التامة والأخلاق الحسنة والإيثار للضعفاء والمنقطعين وحسن الجوار للغرباء) كما أشار إلى نساء مكة فقال إنهن (ذات صلاح وعفاف)، ولاحظ توجههن للطواف بالمسجد الحرام في كل ليلة جمعة وهن في أحسن زي وأبهى زينة وأطيب رائحة.

وتحدث ابن بطوطة في كتابه عن العديد من علماء مكة ومنهم قاضي المدينة نجم الدين محمد الطبري وخطيب مكة بهاء الدين الطبري. كما أشار إلى إمام المالكية بالحرم الشريف، الفقيه أبو عبد الله محمد، وإلى إمام الحنفية شهاب الدين أحمد بن علي وإمام الحنابلة محمد بن عثمان.

الأكل مرة كل يوم

ونظرا لمكوث ابن بطوطة فترة طويلة في مكة المكرمة بانتظار الحج فقد لاحظ بعض العادات الاجتماعية لسكانها من ذلك قوله (وأهل مكة لا يأكلون في اليوم إلا مرة واحدة ويقتصرون عليها إلى مثل ذلك الوقت ومن أراد الأكل في سائر النهار أكل التمر ولذلك صحت أبدانهم وقلت فيهم الأمراض والعاهات).

ولاحظ أنه بمجرد ثبات رؤية هلال رجب، أمر أمير مكة بضرب الطبول والأبواق إيذانا بدخول الشهر وتوجه وركبه للطواف بالبيت الحرام. كما احتفل أهل مكة بعمرة رجب احتفالا مهيبا، وذكر ابن بطوطة أنه شاهد شوارع مكة المكرمة ليلة السابع والعشرين من رجب وقد غصت بالهوادج وجِمَال المعتمرين وهي تخرج إلى التنعيم وأمامها الشموع والمشاعل.

ولم ينس ابن بطوطة الإشارة إلى حضور أهالي المناطق القريبة من مكة لعمرة رجب بعد أن يجلبوا معهم الحبوب والسمن والعسل وغيرها من السلع، الأمر الذي يسهم في توفير السلع للمعتمرين وفي رخص الأسعار أيضا.

حضر ابن بطوطة ليلة النصف من شعبان في مكة المكرمة فذكر أنها ليلة مباركة عند أهالي مكة، حيث يبادرون فيها إلى الطواف والصلاة جماعات في المسجد الحرام بعد إيقاد السرج والمصابيح فضلا عن ضوء القمر، ويقومون بأداء مائة ركعة وبعضهم يطوفون بالبيت الحرام، والبعض الآخر خرج من أجل أداء العمرة.

قرع الدبادب لاستقبال رمضان

وذكر ابن بطوطة أنه عند حلول شهر رمضان لعام 726 هـ أمر أمير مكة بقرع الطبول والدبادب (آلات خشبية عالية الصوت)، وإقامة احتفال بالمسجد الحرام الذي تم تجديد الحصر به، وزيادة الشمع والمشاعل به، كما لاحظ إقامة الصلاة وراء أئمة المذاهب المختلفة حول الكعبة فضلا عن وجود العديد من قراء القرآن الكريم حتى (.. لا تبقى في الحرم زاوية ولا ناحية إلا وفيها قارئ يصلي لجماعته فيرتج المسجد لأصوات القراء، وترق النفوس، وتحضر القلوب).

كما تحدث عن وقت السحور في رمضان بمكة المكرمة فأشار إلى قيام (المؤذن الزمزمي) في الصومعة الموجودة في الركن الشرقي من الحرم الشريف بالدعاء والذكر والتحريض على السحور بالإضافة إلى العديد من المؤذنين الآخرين.

وفي أعلى كل صومعة خشبية في مكة تم نصب خشبة كبيرة بحيث يعلق فيها قنديلان من الزجاج طوال وقت السحور بحيث إذا اقترب آذان الفجر يتم إطفاء هذين القنديلين مرة بعد أخرى وبعد ذلك يبدأ المؤذنون في الأذان.

أما سكان مكة الذين لا يصل الأذان إليهم نتيجة ابتعاد بيوتهم فإنهم ينظرون من أعلى سطوح منازلهم فإذا شاهدوا القنديلين مضاءين فإنهم يقومون بالتسحر وإذا رأوهما مطفأين يقلعون عن الطعام.

ويذكر ابن بطوطة أن أهالي مكة يحتفلون بالعشر الأوائل من رمضان فيقوم في كل ليلة أحد أبناء كبار رجال مكة بختم القرآن أمام القاضي وكبار الفقهاء وبعد الانتهاء من ذلك يقام له منبر مزين بالحرير ليخطب للناس من فوقه، وبعد الانتهاء من الخطبة يقوم والده بدعوة الحاضرين إلى وليمة بمنزله.

ويشير ابن بطوطة بشكل خاص إلى أن ليلة السابع والعشرين هي أعظم من احتفالهم بسائر الليالي بحيث يتم أيضا ختم القرآن بحيث تكثر فيها قراءة القرآن فضلا عن زيادة كبيرة في الشموع والقناديل.

تشابه روايات الرحالة مع مرور الزمن

ويمكننا أن نلاحظ هنا تشابها بين رواية الرحالة ابن جبير الأندلسي ورواية ابن بطوطة المغربي على الرغم من اختلاف زمان أدائهم لفريضة الحج (القرن السادس إلى القرن الثامن الهجري) حول كيفية استقبال أمير وسكان مكة لرمضان وكيفية التسحير واستخدام القناديل المضاءة لذلك، وكذلك ما يرجى في ختم القرآن في الليالي العشر الأخيرة منه وقيام أبناء كبراء سكان مكة بختم القرآن في تلك الليالي أمام قاضي مكة وفقهائها، ثم قيامهم بالخطبة وقيام آبائهم الميسورين بإقامة ولائم لسكان مكة.

واحتفالهم الكبير بليلة السابع والعشرين من رمضان ويمكننا أن نفهم مما سبق أن تلك العادات الطيبة استمرت طول قرنين من الزمان كما هي.

ويصف ابن بطوطة استعداد المكيين لاستقابل عيد الفطر المبارك فيذكر أنهم يقومون بإيقاد الشمع والمشاعل والمصابيح بحيث يضاء سطح الحرم كله ويقضي المؤذنون هذه الليلة في تهليل وتكبير وتسبيح، بينما يأخذ الموجودن في الصلاة والطواف والذكر والدعاء.

وبعدما يفرغ أهالي مكة من أداء صلاة الصبح يلبسون أحسن ما لديهم من ثياب ويتوجهون لأداء صلاة العيد بالحرم الشريف وبعدها يقبل الناس على السلام والمصافحة ويتوجهون لدخول الكعبة المشرفة، وبعد ذلك يخرجون إلى مقبرة باب المعلى لزيارة قبور الصحابة والسلف الصالح.

قرع الطبول للصلاة!

مكث ابن بطوطة في مكة بعد ذلك حتى موعد حجته الأولى 726 هـ فيذكر أنه تم تشمير (رفع) أستار الكعبة أو إحرام الكعبة يوم السابع والعشرين من ذي القعدة صونا لها من الشد والجذب الذي يمكن أن تتعرض له من قبل الحجاج ولهفتهم عليها.

كما ذكر أنه بمجرد حلول أول أيام شهر ذي الحجة يتم قرع الطبول في أوقات الصلاة حتى يوم الصعود إلى عرفات وفي اليوم السابع من الشهر يلقي الإمام خطبة المسجد الحرام بعد الانتهاء من صلاة الظهر لكي يعلم الناس فيها كيفية أداء مناسك الحج.

ويصعد الذين حضروا لأداء الفريضة إلى منى في اليوم الثامن برفقة أمراء مصر والشام والعراق وفي اليوم التاسع من ذي الحجة رحل الجميع من منى بعد الصلاة الصبح إلى عرفات.

وذكر أن وقفة العيد كانت يوم خميس، ولم يفته الإشارة إلى بعض الشخصيات الهامة التي قامت بأداء شعيرة الحج ذلك العام منهم الأمير أرغون الدوادار نائب الملك الناصر محمد بن قلاوون المملوكي، وزوجته.

غادر ابن بطوطة والحجاج وعرفات بعد غروب الشمس إلى مزدلفة متأخرين، حيث جمعوا بين صلاة المغرب والعشاء كسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد أن صلوا الصبح في مزدلفة توجهوا نحو منى، حيث رمى جمرة العقبة، وقام الحجاج بالذبح والنحر، ثم حلقوا وحلوا من كل شيء باستثناء النساء والطيب حتى طواف الإفاضة، وأشار ابن بطوطة إلى أن كسوة الكعبة المشرفة وصلت من مصر وقاموا بتغطية الكعبة بها يوم النحر ووصفها بأنها من الحرير حالكة السواد ومكتوب عليها العديد من الآيات القرآنية.

ولم يفته أن يشير إلى أن الملك الناصر هو الذي يتولى أمر كسوة الكعبة فضلا عن تكفله بمعاش القاضي والخطيب والأئمة والمؤذنين والفراشين وما يحتاج إليه الحرم الشريف من الشمع والزيت كل سنة.

وبعد الانتهاء من فريضة الحج لأول مرة غادر ابن بطوطة مكة المكرمة باتجاه العراق في العشرين من شهر ذي الحجة 726 هـ.

qayed 12-31-2007 08:50 PM

ابن خلدون

حياته :-
هو عبد الرحمن بن حسين بن خلدون والد بتونس في عام 732هـ/1332م.
ترجع لأصل يماني حضرمي، وكانت حياته طويلة وحافلة بالإسفار والتغيرات، ولقد شغل عددا كبيرا من الوظائف والمناصب السياسية والعملية والقضائية.
حيث كانت تونس في ذلك الفترة مركزا للعلماء والأدباء في المغرب فدرس عليهم العلوم الشرعية، وكذلك درس العلوم الإنسانية ونبغ في الشعر والفلسفة والمنطق مكتسبا بذلك إعجاب أساتذته.

وليس ابن خلدون فيلسوفا اجتماعيا فحسب، بل هو عالم اجتماعي وواضع علم الاجتماع على أسسه الحديثة ولم يسبقه إلى ذلك احد حتى الآن تقريبا.( فروخ، 1972 )
وقد تجمعت عند ابن خلدون ثروة طائلة من العلوم والمعرفة بنواحيها المختلفة وذلك بسبب :-
1. خبراته الواسعة في ميادين السياسة.
2. لخدمته في معية الملوك والأمراء.
3. لكثرة أسفاره وتنقلاته بين الدول المغربية والأندلس.
4. لقراءته ودراسته في كل فرصة تسنح له.

مكانة العلم عند ابن خلدون :-
يعتبر العلم انه أمر طبيعي في العالم البشري لان :-
1. لان الإنسان يتميز عن الحيوان بالفكر.
2. بالفكر يهتدي ليحصل على معاشه ويتعلمه ( رزقه ).
3. بمعرفة ما جاء به الأنبياء يصلح أخرته.
4. وان لابد للعلم من التعلم.
5. واعتبر التعليم للعلم من جملة الصنائع، لان الحذق في العلم والتفنن به والاستيلاء عليه إنما هو ملكة، وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق، وتكون هذه الملكة هي في غير الفهم والوعي.( شمس الدين، 1991 )

الوظيفة الحضارية للعلم عند ابن خلدون :-
لم يعالج ابن خلدون وظائف العلم وفضله بنفس المنطلق الذي اتبعه الفقهاء، فاصبغوا عليه الصفة الدينية والشرعية، كما انه لم يعالج موضوع العلم بمنطلق الفلاسفة الذين وضعوا العقل البشري المقياس والمعيار، بل كان له منهجيته وتصوراته وتحليلاته الفردية ونظر إلى العلم والتعليم كظاهرة طبيعية في المجتمع الإنساني، وقد قال عن وظائف العلم :-
1. دور العلم وفضله على صعيد الأفراد : إن العلم يؤدي العلم وظيفة حياتية معيشية كون الصناعات التي هي إحدى وسائل الرزق وكسب القوت والصنائع، بالإضافة إلى انه ينظر إلى تعليم العلم عبارة عن صناعة قائمة بذاتها، لها غرض اقتصادي معيشي وغرض فكري إنساني، واهم صناعة في العلم اكتساب ملكته.
2. الوظيفة الحضارية، الاجتماعية، العمرانية للعلم : هناك علاقة طردية بين والعمران البشري، فان عمران الأرض والانتقال بالمجتمعات من طور البداوة إلى طور التحضر يقتضي تطور كمي ونوعي في الصناعات، كما أن العكس صحيح، إن التطور في الصناعات يؤدي بدوره إلى دفع المجتمع البشري إلى التطور والتحضر والعمران.
3. الوظيفية الدينية : لقد اختار ابن خلدون الطريق الوسط، فاعترف بالعقل وبدوره، في حدود طبيعته ' المادية ' والفطرة التي فطره الخالق عليها ليحقق المرتبة التي اختارها الله له عن سائر خلقه، فكان للعقل عنده مجاله، وللشرع مجاله. ( شمس الدين، 1991 )

شروط طالب العلم :-
1. تلقي العلم مباشرة من أصحابه : أي من ذوي أصحاب ملكات العلم المطلوب.
2. عدم الغوص بعيدا أو الإمعان في التجريد والتعميم : على المتعلم أن لا يفارق نظره المواد المحسوسة، للتأكد منها قبل أن يرسخ في ذهنه حكمه عليها، وان لا يجاوزها في غرضه.
3. قيام الجدل والحوار بين المعلم والمتعلم : من أيسر طرق امتلاك هذه الملكة فتق اللسان بالمحاورة والمناظرة في المسائل العلمية، فهو الذي يقرب شانها ويحصل مرامها.
4. شد الرحال : شد الرحال لأخذ المزيد من العلم من المشايخ، بعد الاستكفاء من الأخذ في مكانه.

شروط المعلم للمتعلم :-
1. اختيار الأنسب للمتعلم من الفن الواحد : يكون ذلك بان يقتصر المعلمون للمتعلمين على المسائل الأساسية فقط دون الدخول في الشروحات المتنافرة والمتفارقة.
2. محاولة تقريب الأهداف للطالب وتوضيحها.
3. مراعاة مقدرة الطالب ومساعدته على الفهم : واجب المعلم أن يعطي بحسب قدرات الطالب من المعلومات ومساعدته على استيعابه. ( شمس الدين، 1991 )

المنهج التعليمي عند ابن خلدون :-
المتعلم هو الغرض، وطبيعته هي محور العلمية التربوية العلمية التربوية التعليمية :-
أولا : في الطرق التعليمية والتربوية : -
أ‌- التدرج والتكرار بما يناسب الطالب والموضوع معا : أن يتدرج مع الطالب بتلقينه مسائل من كل باب هي أصول ذلك الباب. دون الدخول إلى التفاصيل، مراعيا قدرته وقابليته على فهم ما يلقى عليه. وفي المرحلة الثانية شرح جزيئات من الموضوع أكثر ارتباطا به، وبعد ذلك تأتي المرحلة الثالثة حيث يدخل إلى الجزيئات والتفاصيل الأصغر دقة.
ب‌- عدم إرهاق فكر الطالب والاحاطة بطبيعة هذا الفكر : يقول أن الفكر الإنساني ينمو ويتطور تدريجيا، ويتأثر بما يكتسبه من معلومات ومهارات وما يعرض له من خبرات، هذه جميعها تتحكم كما وكيفيا في سلامة هذا النمو واتجاهه سلبا وإيجابا.
ت‌- عدم الانتقال من فن إلى آخر قبل فهمه : ولك خوفا من الخلط، وإذا خلط عليه الأمر عجز عن الفهم وأدركه الكلال وانطمس فكره، ويئس من التحصيل، وهر العلم والتعليم.
ث‌- النسيان آفة العلم، تعالج بالتتابع والتكرار : يريد ابن خلدون بمنهجه هذا ان يربي ملكات لدى الطالب. وتربية الملكة عند الإنسان تتطلب الاحتفاظ بما اكتسبه الطالب ليكون قادرا على استحضاره عند الحاجة.
ج‌- عدم الشدة على المتعلمين : لم يخف على ابن خلدون ما للشدة والقسوة على الطالب وخاصة على المبتدئ من نتائج سلبية. ( شمس الدين، 1991 )

وقد أضاف عبد الله عبد الدايم في كتابه التربية عبر التاريخ على ما سبق في الطرق التعليمية :-
ح‌- الاعتماد في أول الأمر على الامثل الحسية : من ثم الانتقال من المحسوس إلى المجرد.
خ‌- ألا يؤتى بالغايات في البدايات : أي لا يتعلم القوانين والتعاريف من بداية الأمر بل يبدأ بالجزيئات من ثم يدخل إلى الكليات.
د‌- ألا يطول على المتعلم في الفن الواحد : وذلك بتفريق المجالس وتقطيع ما بينها.
( عبد الدايم، 1973 )

ثانيا : في المنهج التعليمي ومراحله :-
أ‌- في المرحلة الأولى قبل سن الرشد : تعليم القران : ومما يدعو للعجب أن ابن خلدون لم يوافق الأمصار بضرورة تعليم القران للصغار منذ نشأتهم، فيقول أن الصغار لم يفقهوا شيئا مما جاء بالقران وسيكون تعليم القران لهم تعليمات جامدة بدون تفكير.
ب‌- بعد سن الرشد : إن هذه المرحلة متعلقة بالعلوم الفقهية وبالحديث والعلوم الشرعية والدينية . ( شمس الدين، 1991 )

الأهداف التربوية عند ابن خلدون :-
1. تربية الملكات : أن الملكة سواء كانت فكرية أو حركية هي النواة التي سوف ينتج عنها صناعة، سيمتهنها الفرد.
2. اكتساب الصناعة : وهنا لا يقصد أي صناعة، بل الصناعة التي أرادها بعد حصول ملكتها وأكسبت صاحبها عقلا حتى ليكاد يستحيل في نظره على من اكتسب صناعة أن يجيد صناعة أخرى غيرها.
3. البناء الفكري السليم : وهذا يحصل من مصدران : -
أ‌- التجربة المباشرة : واستخلاص الحكم والمعرفة عن طريق التجربة، وهذا باستعمال الحواس.
ب‌- الآخرون : المعلمون، أو التقليد. ( شمس الدين، 1991 )

العقاب والثواب عند ابن خلدون :-
ومما يقول فيه هنا، أن من الواجب على المعلم أن يأخذ الأطفال بالقرب والملاينة لا بالشدة والغلظة، ذلك أن إرهاف الحد بالتعليم مضر بالمتعلم.

تعليق على آراء ابن خلدون التربوية :-
أولا : الايجابيات في أراء ابن خلدون التربوية :-
1) نصح بالرحيل للمزادة في العلم.
2) كان معتدل في اهتمامه بالدين.
3) اعتبر التعليم حرفة وصناعة للرزق والعيش.
4) اهتم بالتطور والتغيير.
5) اعتبر التعاون مهم في حياة الإنسان.
6) اهتم بالدراسات النفسية خلال التعليم.
7) اهتم بالفروق الفردية.
8) إن التعليم ليس تلقينا بل فهما وبحثا.
9) اهتم بالعلوم الأخرى.
10) كتب آراءه بخطوط عريضة دون تفصيل.
11) اعتمد على ملحوظاته الخاصة.
12) آراءه سليمة ومعقولة.
13) اهتم بعملية العقل خلال عملية التعلم.

ثانيا : المأخذ التي آراء ابن خلدون : -
1) لم يحبذ تعلم القران منذ الصغر.
2) تعتمد على شرح المدرس، ودور المتعلم سلبي.
3) يكون المدرس هو المسيطر على العملية التعليمة فقط.
4) لا يكون هناك مشاركة ايجابية من المتعلم.
المراجع

1. شمس الدين، د. عبد الأمير، موسوعة الفكر التربوي العربي الإسلامي، ابن خلدون وابن الأزرق، الشركة العالمية للكتاب، لبنان، ط1، 1991.
2. فروخ، عمر، تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون، دار العلم للملايين، لبنان، بيروت، 1972.

qayed 12-31-2007 08:50 PM

جمع "ثابت بن سنان" بين عدد كبير من العلوم الإنسانية والتطبيقية، فكان مؤرخًا فيلسوفًا وأديبًا، كما كان طبيبًا وفلكيًا ورياضيًا، وكانت له بصمات واضحة في تلك العلوم والفنون، بالرغم من أنه لم يحقق قدرًا كبيرًا من الشهرة، ولم يبلغ ما بلغه جده "ثابت بن قرة الحراني" من الشهرة والذيوع.

نشأة علمية في أسرة عريقة

ولد "أبو الحسن ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة" في أسرة عريقة، اشتهرت بالعلم والطب، ونشأ في بغداد حاضرة الخلافة الإسلامية، وموطن العلم وقبلة العلماء، كان أبوه "سنان" طبيبًا ماهرًا، وقد خوله الوزير "أبو عيسى بن الجراح" مهمة الإشراف على علاج المساجين في سجون الدولة، وتوفير الدواء والرعاية الصحية لهم.

كما قلده البيمارستانات ببغداد وغيرها، فكان يقوم بعمله بمهارة وإتقان جعلته موضع ثقة الوزير "علي بن عيسى" والخليفة "المقتدر بالله العباسي".

وكان جده هو الطبيب المعروف "ثابت بن قرة" الذي برز كواحد من أكبر الأطباء والمترجمين في القرن (3هـ = 9م)، والذي كان يتميز بالبراعة والذكاء، وقد روي عنه حفيده "ثابت بن سنان" قصة طريفة مؤداها أنه كان يمر في طريقه دائمًا بجزار يبيع اللحم، وكانت له عادة غريبة، فهو يقطع شرائح الكبد ويضع عليها الملح ثم يتناولها نيئة. وتوقع "ثابت" له أن يصاب بأذى، فجهّز الدواء اللازم له، وكان يحمله معه كلما مر عليه، وفي أحد الأيام مر ثابت بالجزار فسمع صراخًا وعويلاً، فأدرك أنه صار إلى ما توقعه له وعندما سأل عن الخبر قيل له: إن الجزار قد مات، فطلب الدخول عليه، وعلى الفور بدأ بتنشيط نبض الرجل وأعطاه الدواء الذي أعده خصيصًا له، وسرعان ما أفاق الرجل وبدأ يستعيد نشاطه وحيويته.

في بلاط العباسيين

وقد عاصر "ثابت بن سنان" عددًا كبيرًا من الخلفاء العباسيين، وكانت له مكانة وحظوة في بلاط كثير منهم، وجعل علمه وخبرته ومهارته في خدمتهم، فاتصل بالخليفة "الراضي" [320-322هـ = 932-943م]، كما خدم الخليفة "المتقي بالله" [329-333هـ = 941-944م]، وكذلك الخليفة "المستكفي بالله" [333-334هـ = 944-945م]، والخليفة "المطيع" [334-363هـ = 945-974م].

وتولى "ثابت بن سنان" إدارة بيمارستان بغداد فترة طويلة من الزمان.

وكان "ثابت" طبيبًا نبيلاً، اطلع على كتب الأقدمين، وأضاف إليها العديد من خبراته ومشاهداته، وقد ساعده على التبحر في علوم الطب أنه نشأ في أسرة توارثت هذا العلم، وقد سلك فيه مسلك جده "ثابت" في نظره في الطب والفلسفة.

ابن سنان مؤرخًا

ولم يمنع اشتغال ثابت بالطب من اشتغاله بعلم آخر بعيد تمامًا عن مجال الطب، وهو علم التاريخ، وقد وضع "ثابت" كتابًا مشهورًا في التاريخ، أخذ عنه كثير من المؤرخين الذين جاءوا من بعده، وكان كتابه هذا يسجل فترة مهمة من التاريخ الإسلامي في العصر العباسي، بدأه من خلافة المقتدر بالله العباسي سنة [295هـ = 908م] وانتهى قبيل وفاته بنحو عامين سنة [363هـ = 974م]، وقد جعله ذيلاً على "تاريخ الطبري"، ونسج فيه على منواله، واتبع طريقته في التصنيف، إلا أن هذا الكتاب فُقد، ولم يصلنا منه سوى بعض النقول ولكن تظل مهنة الطب هي المسيطرة على فكر ابن سنان وثقافته فهي تطل من ثنايا كتاباته في التاريخ، وبدا جليًا تأثره الواضح بمهنته كطبيب، فكان يهتم بالأخبار الطبية الطريفة، فينساب قلمه في وصفها شارحًا ومحللاً، من ذلك قوله: "حدثني جماعة من أهل الموصل ممن أثق به أن بعض بطارقة الأرمن أنفذ في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة إلى ناصر الدولة رجلين من الأرمن ملتصقين".

ويهتم "ثابت" بوصف صفة التصاق التوأمين، وكيفية تحركهما وتناولهما الطعام، ويتحدث عن اختلاف طبائعهما وتباين مزاجهما، واختلافهما في الميول والاهتمامات.

وفي موضع آخر يقول: "ورأيت في صدر أيام المقتدر ببغداد امرأة بلا ذراعين ولا عضدين، وكان لها كفان بأصابع تامة معلقتان رأس كتفيها لا تعمل بهما شيئًا. وكانت تعمل أعمال اليدين برجليها ورأسها تغزل برجلها وتمد الطاقة وتسويها وتسرّح امرأة برجليها".

ابن سنان معلمًا وطبيبًا

وكان "ثابت بن سنان" أستاذًا للعديد من الدارسين والأطباء، وكان يدرس كتب أبقراط وجالينوس، وكان أحمد وعمر ابنا يونس بن أحمد الحراني ممن قرأ عليه كتب جالينوس في بغداد، كما شارك في ترجمة كثير من الكتب الطبية من اللغات السريانية واليونانية وشرحها وإضافة معلومات جديدة إليها.

وكان لبراعته ومهارته وعلمه أكبر الأثر في توليه رئاسة بيمارستان بغداد خلفًا لأبيه ليكون عميدًا لأطباء بغداد.

وتوفي "ابن سنان" في [11 من ذي القعدة 365هـ = 11 من يوليو 975م].

وقد رثاه "أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابئ" بأبيات، منها:

أثابت بن سنان دعوة شهدت
لديها أنه ذو علة أسف

ما بال طبك لا يشفي، وكنت به
تشفي العليل إذا ما شفّه الدنف

غالتك غول المنايا فاستكنت لها
وكنت ذا يدها والروح تختطف


أهم مصادر الدراسة:

إخبار العلماء بأخبار الحكماء: علي بن يوسف القفطي، مكتبة المتبني – القاهرة: [د. ت].

سير أعلام النبلاء: شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي. إشراف/ شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة – بيروت: [1410هـ=1990م].

شذرات الذهب في أخبار من ذهب: أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي – دار إحياء التراث العربي – بيروت: [د. ت].

عيون الأنباء في طبقات الأطباء: موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم بن خليفة. تحقيق: د. نزار رضا، دار مكتبة الحياة – بيروت: [د. ت].

المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، دراسة وتحقيق: محمد عبد القادر عطا – مصطفى عبد القادر عطا. دار الكتب العلمية – بيروت.

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: أحمد بن محمد بن خلكان. تحقيق: د. إحسان عباس – دار الثقافة – بيروت: [د. ت].

الوافي بالوفيات: صلاح الدين خليل بن أبيك الصفدي. دار النشر فرانز شتاينز – شتوتجارت: [1411هـ = 1991م].

qayed 12-31-2007 08:51 PM

معروف الرصافي

ولد الشاعر معروف الرصافي في سنة 1875 ببغداد حيث أكمل دراسته فيها، ثمّ انتقل إلى القسطنطينيّة والقدس، وبعد إتمام دراسته عاد إلى وطنه.
يمتاز اُسلوب الرصافي بمتانة لغته ورصانة اُسلوبه، وله آثار كثيرة في النثر والشعر واللغة والآداب أشهرها ديوانه (الرصافي) حيث رتّب إلى أحد عشر باباً في الكون والدين والاجتماع والفلسفة والوصف والحرب والرثاء والتاريخ والسياسة وعالم المرأة والمقطّعات الشعرية الجميلة، وقد جاء في وصفه لعظمة الخالق قائلاً:
انظرْ لتلك الشجرة ***** ذاتَ الغُصُون النظره
كيف نَمَتْ من حبّة ***** وكيف صارتْ شجره
فابحثْ وقُلْ من ذا الذي ***** يُخرجُ منها الثّمره
وانظر إلى الشمس التي ***** جَذوتها مُسْتَعِرَه
فيها ضياءٌ وبِها ***** حرارةٌ منْتشِره
* * *
من ذا الذي أوجدها ***** في الجوّ مثْل الشَّرَره
ذاك هو الله الذي ***** أنْعمُهُ مُنهمِره
ذو حِكمة بالِغَة ***** وقُدرة مُقْتدِرَه
انظرْ إلى الليل فَمَنْ ***** أوجَدَ فيهِ قَمَرَه
وزانَهُ بأنجُم ***** كالدُّررِ المُنْتشِرَه
* * *
وانظر إلى الغيْمِ فَمَنْ ***** أنزَلَ منه مَطَرَه
فصُيّر الأرض بهِ ***** بعْدَ اغْبِرار خضره
[219]
وانظرْ إلى المرءِ وقُلْ ***** من شقَّ فيهِ بَصَرَه
مَن ذا الذي جهّزهُ ***** بقوّة مفتكره
ذاك هو الله الذي ***** أنعُمُهُ مُنْهمِرَه((1))
وفي مكان آخر من ديوانه يصف مشاهدته لأرملة وبنتها الصغيرة، توفّي زوجها وتركهما بين الفقر والبؤس الذي يذيب القلوب الجامدة حيث بلغ القمّة بوصفه إذ قال:
لقيتها ليتني ما كنت ألقاها ***** تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها
أثوابها رثَّةٌ والرِّجلُ حافية ***** والدمع تذرفه في الخدّ عيناها
بكتْ من الفقر فاحمرَّتْ مدمعها ***** واصفرَّ كالورس من جوع محياها
ماتَ الذي كان يحميها ويُسعدها ***** فالدهر منْ بعده بالفقر أنساها
الموت أفجعها والفقر أوجعها ***** والهمُّ أنحلها والغمُّ أضناها
* * *
فمنظر الحزن مشهودٌ بمنظرها ***** والبؤس مرآة مقرونٌ بِمَرآها
تمشي وتحمل باليسرى وليدتها ***** حِملاً على الصدرِ مدعوماً بيمناها
تقول: يا ربّ لا تترك بلا لبن ***** هذه الرَّضيعة وارحمني وإيّاها
كانت مصيبتها بالفقر واحدةً ***** وموتُ والدها باليُتم ثنّاها
هذي حكايةُ حال جئتُ أذكرها ***** وليس يخفى على الأحرار مغزاها((2))
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1)المدخل إلى تعلّم المكالمة العربية / إعداد: محمّد الحيدري وعلي الحيدري: ج2، ص228.
(2)الرصافي / إصدار مناهل الأدب العربي: ص60. معروف الرصافي / إيليا الحاوي: ج2، ص124.
[220]
لقد شارك الرصافي في قضايا اُمّته السياسية والاجتماعية، ودعا إلى بناء المدارس ونشر العلم، والتي ينبغي لطالب العلم أن لا يكون طلبه للعلم لذاته بل لغايات اجتماعية وذلك من خلال ربطه بالعمل فهل وفى اللفظ بهذا المعنى؟ لذلك نجده يقول:
ابنوا المدارس واستقصوا بها الأملا ***** حتى نطاول في بُنيانها زُحَلا
جودوا عليها بما درّتْ مكاسبكم ***** وقابلوا باحتقار كُلَّ من بَخُلا
لا تجعلوا العلم فيها كُلَّ غايتكم ***** بل علّموا النّشء علماً ينتج العَمَلا
ربُّوا البنين مع التعليم تربيةً ***** يُمسي بها ناطق الدنيا به المثلا
فجيِّشوا جيش علم من شبيبتِنا ***** عَرَمْرَماً((1)) تضربْ الدنيا به المثلا
إنّا لِمَنْ اُمَّة في عهد نهضتِنا ***** بالعلم والسيف قبلاً أنشأت دولا((2))
وعندما احتلّ الانكليز العراق سنة 1920م، وسرعان ما نصّبوا فيصل ملكاً على البلاد وأصدروا دستوراً وانشأوا برلماناً مزيّفين وأصحبت اُمور البلاد بأيديهم ثار الشعب العراقي وثار الرصافي معهم حيث أنشد قصيدته، وممّا جاء فيها:
عَلمٌ ودستورٌ ومجلس اُمّة ***** كلٌّ عن المعنى الصحيح مُحرَّفُ
أسماء ليس لنا سوى ألفاظها ***** أمّا معانيها فليست تُعرفُ
من يقرأ الدستور يعلَم أنّه ***** وفقاً لصكِّ الانتداب مصنّفُ((3))
فكان الدستور الذي سُنّ في نظره ليس إلاّ وثيقة جديدة للانتداب الذي فرضه
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عرمرم: الجيش الكبير.
(2)ديوان معروف الرصافي: ج1، ص250. معروف الرصافي / رؤوف الواعظ: ص106. معروف الرصافي: ج3، ص87.
(3)ديوان الرصافي / شرح مصطفى علي: ج3، ص168

qayed 12-31-2007 08:51 PM

قومية احمد شوقي

لعمري لن حط المرء خير بقية **** عليه وإن مالو به كل مثرب

هو أحمد بن علي بن أحمد شوقي ولد في القاهرة في حي المنشية عام 1868م وتوفي عام 1932 , وهو من أسرة متواضعة , ولقد لقب بأمير الشعراء ولقد اتصل بوالي مصر ( محمد على الكبير فرتقى في أيامه في مناصب الحكومة .
دفعه أهله إلى الكتاب وهو لم يتجاوز الرابعة من عمره وحفظ القرآن الكريم ثم انتقل إلى مدرسة أم عباس الابتدائية , ودرس اللغة الفرنسية بصورة خاصة وكان أبوه فقيها بلغة المتون الأزهرية
ودرس الدروس الثانوية , وتخرج في العربية لشيخ حسين المرصفي ثم التحق بدراسة الحقوق وتابعها في فرنسا عام 1887م ميلادي , ودرس فن الترجمة , وأحرز شهادتها في مدرسة الحقوق تكشفت فرحته للأستاذ الأدب ( الشيخ محمد البسيوني البياني ) , وكان الشيخ يدفع إليه شعره ليصححه , وذكر للخديوي توفيق أن في ثوب شوقي نابغة في الشعر وعاد سنة 1891م إلى مصر , فعين في ديوان الخديوي حلمي , ولذلك كانت حياته حياة ترف لكل ما تحمله هذه الكلمة من معان فلم تشغله مصاعب الحياة فجاء شعره متأثرا بهذه الحياة وعندما رحل إلى أوروبا لمتابعة دراسته نراه تأثر بحياة الأوروبيين فعندما نقرا أشعاره نراها تعكس حياة القصور في مصر و ما شاع فيها من إيمان وقيم وتقديس لدولة الخلافة وهذا بلغة نصيحة قادرة على التصوير ورسم المنال , أما الشخصية التي تتراى لنا في شعره فشخصية دئوبة غالية أمالها إصابة لمنح الحياتية وذا شاعت فيها روح التسامح التي وسعت الإنسانية وبدت تؤمن بضرورة التجديد في اللغة حسبما شاع في زمانه ولذا جاء في شعره المصور لهذه الشخصية مجدداً في اللغة من حيث الفظ والمعنى .
* أما من حيث مضامنيه الشعرية فهي متنوعة حيث وقف في شعره مع تاريخ مصد , وفي هذا الجانب تجده ممتلئ النفس فخراً حين يرتفع المجد بمصدر إلى الذروة , وتراه أسفاً حزينانً حين تمر بمصدر فترات من الظلم والذلة فيتجاور لهم ويفخر العزائم لإعادة المجد والماضي وعندما ينتقل بين العجز والأسى والألم نراه يسير مع الحوادث
فمن يقرأ قصائده : على سفح الاهدام , وأبو السهول يحفزة شعور المهابة , يررتفع به الى السماوات العلى , وشوقي يهدي للقارىء المعني الذي تشوق به النفس ويرسم بوضوح كل ينبض به قلبه . وعندما نقرأ قصيدته نهج البردة . في ذكرى المولد النبوي فنلاحظ بانة شاعرا مسلما عاطفته إسلامية فلقد غلب الايمان على نفسه وليس من ماخذ عليه في هذا الجانب الا أندفاعة الشديد وراء الاتراك والخليفة العثماني , فلقد كتب عن العرب ومكسره والرسالة ثلاث قصائد في حين بلغ ماكتبه عن الخلافة والترك ثماني عشرة قصيدة وذلك نتيجة لإنحداره من اسة تركية فلا يستطيع التنكر للدم الذي يجري في عروقة .
قال الشعر ايضا ضعيفا في الغزل و الحكمة كما قال على السن الحيوانات , ويعد من اشهر من كتب المسرحية الشعرية في الادب العربي , وهو ليس من كتبها فلقد سبقه شعراء لبنان مثل خليل اليازجي وخليل طنوس
ولقد عرف المسرح بعد ما زار فرنسا أثناء دراسته , ومن مسرحياته :-
على بك الكبير , مصرع كيلوبترا , مجنون ليلى , وقميز , وعنتره
ويلاحظ في مسرحياته عليه الاتجاه التاريخي عليها وذلك لثراء التاريخ بالقصص والحكايات المرسومة فهي لا تحتاج لعناء التصوير تلك الشخصيات .
من اثاره :
1 ديوان الشوقيات وهو أربعة اجزاء
دول العرب
مصرع كلوبترا / قصة شعرية

- من روائع الادب العربي مختارات من الشعر والنثر إعداد هيثم علي حجازي الاهلية للنشر والتوزيع
- الادب العربي الحديث نثرة وشعره – دراسة تطبيقية الدكتور حلمي عبد الهادي – مصطفى محمد الفار ط ط 1411- 1990
- مشاهير الشعراء و الادباء علي مهنا , علي نعيم دار الكتب العلمية بيروت – لبنان .

• قومية شوقي :-

نلاحظ حب شوقي الشديد لمصر و لأنها وطنه الذي امتزج به امتزاجا ارتبطت به عواطفه بروابط شتى ,فقد نشأ في ربوعها وهي موطن أبية وأمة
ويقول في ذلك :-

على جوانبها رفت تمائمنا **** وحول حافظاتها قامت رومانيا
ومطلع لسعود من أواخرها *** ومغرب لجدود من أولينا
أرض الأبوة والميلاد وطيبها *** مر الصبا في ذيول من تصابينا

• شهد شوقي أحدثا شتى مرت بمصر فأدرك ما كان قبل الاحتلال من سنة استقلال وعاصر الثورة العربية , بزعامة مصطفى كامل , محمد مزيد وأنضم أليها وأزرها شجرة .

# تتمثل قومية ووطنية شوقي مما يلي :-

- أولا : حب مصر
وطني لو شغلت بالخلد عنه ***** نازعتني أليه بالخلد نفسي
فشوقي يحب مصر حبا يسري بدمه ويستعذب الشقاء في هذا الحب وان تخايل له النعيم في الغدر
يقول سنة 1904 :-
أحبك مصر من أعماق قلبي ****** وحبك في صميم القلب نام
سيحميني بك التاريخ يوما ******* إذا ظهر الكلام على اللئام
لاجلك رحت بالدنيا شقيا ******* أصد الوجه والدنيا أماني

- ولقد كانت وطنيته وقوميته هي الباعث على نفيه من مصر , لان المحتلين أيقنوا خطورة شعرة التأليب عليهم و التنفيذ منهم


1- وطنية شوقي د. احمد محمد الحوفي , الهيئة المصرية العامة للكتاب .
2- ديوان احمد شوقي , القسم الأول .
• قال شوقي أيضا :-
وسلا مصر هل سلا القلب عنها **** أو أسا جرحه الزمان المؤسسي
وكلما مرت الليالي علية **** رق والعهد في الليالي تقسي
مستطار إذا البواخر رنت **** أول الليل أو عون بعد جرس
راهب في الضلوع لمتفنن **** كلما ثرت شراعهن بنفس
واجعلي وجهك (الفنار) ومجراك *** بهما في الضلوع بسيري واسري
وطني لو شغلت الخلد عنة **** نازعتني أليه في الخلد نفسي
شهد االه لم يغب من جنوني **** شخصة ساعة ولم يخل حسي
# برع شوقي في تصوير قلبه يتطاير فذا ما يسمع أجراس البواخر تصلصل أو سمع صفيرها يدّوي فكلما صفرت هيجت فؤادي , بدفعة حنينه إلى أن يتخيل أنفاس مرجلا يثور وقلبه شراع وقلبه ودمعة ودموعه بحرا يموج فالباخرة تسير بنفسه وقلبه ودمعه .
# التغني بطبيعة مصر وأثارها :-
بعد أفاظ شوقي في وصف الطبيعة المصرية وتجلت شاعر يته الفذة وموهبته الخالقة , المقتدرة , وإحساسه المرهف فاشتاق للوطن ونفث نفثات حادة من قلب مليء بالشوق والمحبة ومن ذلك قصيدته الأندلسية التي يقول فيها :-
عصفت كالصبا اللعوب ومرت ****** سنة حلوة ولذة حليب
اختلاف النهار والليل ينسي ****** اذكرا لي الصبا وأيام أنسي
وصفا لي حلاوة من شبابي ****** صورة من تصورات وحسي

وقف أيضا كثيرا عند وصف مدنها وأثارها فوصف الحيزةوالاصيل والمتحف والأزهر ووصفة للجيزة نجده يصفها وصفا يجمل الحياة تدب فيها ويشخصها كأنها بشرة فيقول :-
هي بلقيس في الخمائل صرح ***** من عباب وصاحبي غر نفسي
حسبا أن نكون لليل عرسا ***** قبلها لم يلجن يوما بعرس


1- المصدر نفسة
2- في الأدب الحديث /عمر السوقي / ح " دار الفكر الغربي
3- الديوان

• وصفة للاثار:-

أ‌- الأهرام :-
يعجب من بقاعها منذ أربعة آلاف عام فهي راسية كالطود الأشم ويصورها وهي تبدو من بعيد وحولها بحر من الرمل يستوي بعضه وترتفع بعضه بسفينو في البحر ودارتها الأمواج فيقول :

كأن أهرام مصر حائط نهضت به الدهر لا بنيان فانينا
إيوانه الفخم من علبا مقاصرة يغني الملوك ولايبقى الاواوينا
كأنها ورمالها حولها التطمت سفينة غرقت الا اساطينا

• التفنن بحضارة مصر القديمة :-

طالما زهي شوقي بحضارة مصر القديمة وهو على الحق في زهرة لان مصر الوادي المبارك الذي اختالت فيه الحضارة وازدهر العلم , وازدهى الفن , وفي مدارسها وجامعاتها ينبع اعلم .

ففي قصيدته الكبرى ( أيها النيل ) يفتخر بأن النيل مهد الحضارة في واديه ببنت او اعلى برية ترعرعت , فيقول:

اصل الحضارة في صعيدك ثابت وبناتها حسن عليك مخلق
ملات ديارك حكمة ماثوها في الصخر و البدوي الكريم منحق

وبنت بيوت العلم باذخة الذرى يسعى لهن مغرب ومشرق


1- وطنية شوقي د . احمد محمد الحوفي الهيئة المصرية العامة للكتاب
ظهرت قومية احمد شوقي في مناضلة للاحتلال والاستعمار حيث نجد في ديوانه عدة قصائد ضد الاحتلال الانجليزي وقصائد اخرى تستنهض الهمم من اجل مقاومة الاستعمار

- وهذا ذكر لبعض القصائد تدل على موقف احمد شوقي القومي و الوطني
اولا :- ناضل احمد شوقي في شهرة الاحزاب السياسية التي ظهرت ومن تلك الاحزاب , الحزب الوطني بزعامة مصطفى كامل , حيث كان مصطفى كامل يدين بالولاء لتركيا في دينية او حدث بعد ان مات مصطفى كامل عام 1908 م بعد ان قدم شبابه وذكاءه وعزمه وقودا لشعلة الوطن كي تضل مضيئة يهتدي بها طلاب الحق والاستقلال , وكان موته نكبة وطنية إصطكت لهولها الاسماء ولا شك ان شوقي قد قال شعرا في رثاء مصطفى كامل .

************************************
ثانيا :- أ - احمدشوقي شاعر الخديوي , وفيه دم تركي حيث تغنى في مناسبات شتى بأمجاد الترك ويزجى الثناء العاطر والمديح المستطاب لعبد الحميد وغيره من سلاطين ال عثمان وخرج بانتصار الاتراك في معاركهم وحزن لاحزانهم قال قصيدة وصف بها الاتراك سنة 1897 م ومطلع القصيدة : -

بسيفك يعلو الحق أغلب **** وينضر دين الله ايات تضرب


المصدر السابق نفسه

ب_

قال احمد شوقي قصيدة في الانقلاب العثماني وسقوط السلطان عبد الحميد , حيث حاول السلطان عبد الحميد البطش بجمعية الاتحاد و الترقي , وحرضّ حامية الاسكانة على مهاجمة دار المبعوثان ( المجلس النيابي ) وقتل وزير العدل الامير محمد ارسلان فلما سمع محمد شوكت باشا بذلك هاجم الاسكانة واقتحمها وأعلن خلع السلطان عبد الحميد وتوليته اخيه محمد رشاد سنة 1909 م حيث يقول :-

سلّ يلدزا ذات القصور **** هل جاءها نبأا لبدور
لو تسطيع إجايته **** لبكت بالدمع الغزير
ودهى الجزيرة بعدإسماعيل **** لمولملك الكبير

1- ديوان شوقي د. احمد محمد الحوفي عضو مجمع اللغة العربية وأستاذ الأدب العربي – القسم الأول دار النهضة مصر للتوزيع والنشر .

ج-
ولم تقتصر قومية احمد شوقي على مصر , بل تعدى مصر إلى شقيقاتها من البلاد العربية , و إلى البلادالاسلامية يشجعها على طلب الاستقلال , ويأس لما تصاب به من نكبات ويرثى كبار زعمائها وقادتها ونلاحظ ذلك واضحا من خلال قصيدته نكبة بيروت , قالها مواسيا لبيروت تعبيرا عن حريته وحزن الشعب المصري وسخطا على إيطاليا حينما ضرب أسطولها بيروت , حيث قال :-

يارب أمرك في المماليك نأخذ *** والحكم حكمك في الدم المنصوك
ببيروت مات الأسد حتف أنوفهم ***لم يشهدوا سبغا يحموك
سبعون ليثا احرقوا أو انحرفوا *** يا ليتهم قتلوا على " طبروك "
ببيروت : يا راح النخيل وأنه *** بمصي على لا أسلوك
لك في ربا النيل المبارك حيرة *** لو يقدرون بدمعهم غسلوك
لو يستطيع كرام مصر كرامته *** لمحمد بقلوبهم جمدوك


1- طروك : رسر يد طرق المدينة الليبية
المرجع : عمر الدسوقي المجلد الثاني و دار الفكر

المصادر والمراجع :-

1) احمد محمد الحوفي :ديوان الشوقي ,عضو مجمع اللغة العربية وأستاذ الأدب العربي ,القسم الأول-دار النهضة-مصر للتوزيع والنشر
2) احمد محمد الحوفي :وطنية شوقي ,الهيئة المصرية العامة للكتاب
3) اسحاق موسى :في الأدب العربي الحديث أعدة وقدم له محمد إبراهيم حور ,أستاذ الأدب العربي المساعد ,كلية الآداب –جامعة الإمارات
4) جيراء جهامي :موسوعة مصطلحات الفكر العربي والإسلامي الحديث والمعاصر ,ج3 ط,2002,بيروت-لبنان
5) عمر الدسوقي :في الأدب الحديث ,ج1,دار الفكر العربي
6) عمر الدسوقي :في الأدب,المجلد الثابي
7) محمد احمد سعيد :موسوعة روائع الشعر العربي –احمد شوقي ل محمد احمد سعد,ط1, 2003م, 1423ه ,دار صفاء للنشر والتوزيع

qayed 12-31-2007 08:51 PM

فـــدوى طــوقـــان

فدوى عبد الفتاح آغا طوقان، ولدت عام 1917 بفلسطين، وتحمل الجنسية الأردنية، تلقت تعليمها الابتدائي في نابلس ثم ثقفت نفسها بنفسها، والتحقت بدورات اللغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي، كانت عضوا في مجلس أمناء جامعة النجاح بنابلس، وحضرت العديد من المهرجانات والمؤتمرات العربية والأجنبية.

حصلت فدوى طوقان الشاعرة على عدد كبير من الجوائز، فقد حصلت على جائزة رابطة الكتاب الأردنيين 1983، وجائزة سلطان العويس 1987، وجائزة ساليرنو للشعر من إيطاليا، ووسام فلسطين، وجائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري 1994، وجائزة كافاتيس الدولية للشعر عام 1996.

فدوى والشعر :

تعرفت إلى عالم الشعر عن طريق أخيها الشاعر إبراهيم طوقان، وقد عالج شعرها الموضوعات الشخصية والاجتماعية، وهي من أوائل الشعراء الذين عملوا على تجسيد العواطف في شعرهم، وقد وضعت بذلك أساسيات قوية للتجارب الأنثوية في الحب والثورة، واحتجاج المرأة على المجتمع.
ولشعرها مراحل، فقد تحولت من الشعر الرومانسي إلى الشعر الحر ثم هيمنت على شعرها موضوعات المقاومة بعد سقوط بلدها.

دواوينها الشعرية :

وحدي مع الأيام 1952، وجدتها 1957، أعطنا حبا 1960، أمام الباب المغلق 1967، الليل والفرسان 1969، على قمة الدنيا وحيدا 1973، تموز والشيء الآخر 1989.

شعرها من 1948- 1967

كانت فدوى طوقان أشهر من عرف في عهد الانتداب من الشعراء وكذلك أبو سلمى الذي استقر في دمشق، وقد تميزت قصائد أبو سلمى بعد 48 باهتزاز الرؤية وفقدان الثقة، أما فدوى طوقان فقد تطورت بشكل مختلف فأغنت الشعر العربي بالشعر الرشيق الذي يعبر عن اكتشاف الأنثى لذاتها.

مراحل شعر فدوى طوقان :

فقد نسجت في المرحلة الأولى على منوال الشعر العمودي وقد ظهر ذلك جليا في ديواني (وحدي مع الأيام) و(وجدتها) وشعرها يتسم بالنزعة الرومانسية.

وفي المرحلة الثانية اتسمت أشعارها بالرمزية والواقعية وغلبه الشعر الحر وتتضح هذه السمات في ديوانيها (أمام الباب المغلق) و(والليل و الفرسان).

بدأت الشاعرة فدوى طوقان مع القصيدة التقليدية العمودية، لتقتنع بعدها بقصيدة التفعيلة، مشيرة إلى أنها تعطي للشاعر فسحة ومجالا أكثر، كما إنها تقول إن قصيدة التفعيلة سهلت وجود شعر المسرح.

ما صدر عنها من دراسات وبحوث :

صدرت عنها دراسات أكاديمية (للماجستير والدكتوراة) في عدد من الجامعات العربية والأجنبية، كما كتبت عنها دراسات متفرقة في الصحف والمجلات العربية، إلى جانب كتابات أخرى لكل من إبراهيم العلم، وخليل أبو أصبع، وبنت الشاطئ وروحية القليني، وهاني أبو غضيب، وعبير أبو زيد وغيرها .

ومن الكتب الجديدة حول الشاعرة فدوى طوقان كتاب : (من إبراهيم طوقان إلى شقيقته فدوى)، وهو كتاب جديد يكشف دور الشاعر إبراهيم طوقان في تثقيف أخته عبر الرسائل، وفيه يطالب بها الشاعر إبراهيم أخته الشاعرة فدوى بمطالب تتعلق باللغة والوزن والصورة، وفي سبيل تطوير أدواتها، وكان المصدر الأول الذي يحقق ذلك هو القرآن.
وصدر عن دار الهجر للنشر والتوزيع - بيت الشعر - في مدينة رام الله بفلسطين كتاب آخر (رسائل إبراهيم طوقان إلى شقيقته فدوى)، وعلى هذا الصعيد تكشف الرسائل مدى العنت والجهد الذي يبذله الطرفان للوصول إلى الهدف فهو يرشدها إلى قواعد اللغة وإلى قوانين الشعر، ويقترح لها فيما تقرأ، وفيما تكتب ويصحح لها، وحين يطمئن إلى مستوى معقول يدفعها لتدفع بشعرها للنشر.

إحدى الأمسيات الشعرية التي حضرتها فدوى طوقان في الإمارات :

للشاعرة فدوى طوقان نشاطات على الصعيد العربي والعالمي، وتتحدث الشاعرة فدوى طوقان في أمسياتها عن المعاناة التي لازمتها منذ احتلال اليهود للأرض العربية الفلسطينية، حتى إن كثيرا من قصائدها خرج إلى الوجود من خلال هذه المعاناة، وفي هذه الندوة تقول : إنها مازالت تشعر بالمهانة والإذلال كلما رأت الأراضي العربية تدنس بأقدام اليهود.

qayed 12-31-2007 08:52 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طه حسين

وُلد في الرابع عشر من شهر نوفمبر سنة 1889، في 'عزبة الكيلو' قرب مغاغة، بالصّعيد المصري الأوسط، ونشأ في الريف ضعيف البنية كأنّه 'الثُّمامة'، لا يستطيع ما يستطيعه النّاس، ولا ينهض من الأمر لما ينهض له النّاس، ترأف به أمّه دائما وتهمله أحيانا، ويلين له أبوه تارة ويزور عنه طورا، ويشفق عليه إخوته إشفاقا يشوبه احتياط في معاملتهم إيّاه، وشيء من الازدراء.
توفّي في الثّامن والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1973 بالقاهرة، وقد استطاع ما لم يستطعه كثير من المبصرين، فتناقلت خبر وفاته العواصم وحزن لفقدانه الأدباء والباحثون والعلماء.
'أخذ العلم بأُذُنَيْه لا بأصابعه' فقهر عاهته قهرا، محروما يكره أن يشعر بالحرمان وأن يُرَى شاكيا متبرّما، جادّا متجلّدا مبتسما للحياة والدّرس والبحث، حتّى انتهى غلى حال العلماء المبَرَّزِينَ ومراتب الأدباء المفكّرين، فشغل النّاس ولن يزال.
فقد بصره طفلا : 'اصابه الرّمد فأُهمل أيّاما، ثمّ دُعي الحلاّق فعالجه علاجا ذهب بعينيه'. وحفظ القرآن في كُتّاب القرية وهو في التّاسعة، فأصبح 'شيخا'، كذا كان أبوه يدعوه، وأمّه، 'وسيّدنا' مؤدّب الصّبيان.
وقدم القاهرة سنة 1902 للتعلم في الأزهر، فدخله والقلبُ ممتلئ خشوعا والنّفس ممتلئة إجلالا. وأنفق فيه ثماني سنين لم يظفر في نهايتها بشهادة 'العالميّة'، لأن 'القوم كانوا مؤتمرين به ليسقطوه' ! نبأ عجيب حمله غليه شيخه سيّد المرصفي ليلة الامتحان، بعد أن صُلِّيَتِ العِشَاءُ... وفارق الأزهر وقد ارابه منه أمر، شديد الضّيق به وبأهله. وخاب أمل أبيه، فلن يرى ابنه من بين علماء الأزهر ولا 'صاحب عمود في الأزهر ومن حوله حلقة واسعة بعيدة المدى' وأُتيحتْ للفتى حياة أخرى...
فما إن أُنشئت الجامعة المصريّة (الأهلية) سنة 1908 حتّى انتسب إليها الطّالب الأزهري، ولكنّه ظلّ مقيّدا في سجلاّت الأزهر : وقضى سنتين (1908-1910) يحيا حياة مشتركة، يختلف إلى دروس الازهر مصبحا وإلى دروس الجامعة مُمْسِيًا. وما لبث أن وجد في الجامعة روحا للعلم والبحث جديدة و'طعما للحياة جديدا' فشغف بالدّرس والتّحصيل حتّى نال درجة 'العالميّة' (الدكتوراه) سنة 1914 برسالة موضوعها 'ذكرى أبي العلاء'، فكانت 'أوّل كتاب قُدّم إلى الجامعة، وأوّل كتاب امتُحِنَ بين يدي الجمهور، وأول كتاب نال صاحبه إجازة علميّة منها'.
ثمّ سافر الفتى إلى فرنسا لمواصلة التّعلّم، فانتسب إلى جامعة مونبيليى حيث قضّى سنة دراسيّة (1914-1915) ذهب بعدها إلى باريس، وانتسب إلى جامعة السّوربون حيث قضى أربع سنوات (1915-1919). وما كاد يختلف إلى دروس التاريخ والأدب فيها 'حتّى أحسّ أنّه لم يكن قد هيّئ لها... وأنّ درسه الطويل في الأزهر وفي الجامعة (المصريّة) لم يهيّئه للانتفاع بهذه الدّروس'. فأقبل على قراءة الكتب المقرّرة في المدارس الثانويّة، ولم يجد بدّا من أن يكون 'تلميذا ثانويا في بيته وطالبا في السّوربون'.
أرسل ليدرس التّاريخ في السّوربون، فما لبث أن أيقن بأنّ الدرجات العلميّة لا تعني شيئا إن هي لم تقم على أساس متين من الثقافة. وليس غلى ذلك من سبيل سوى إعداد 'الليسانس'. وقد صرّح بذلك في الجزء الثالث من كتاب الأيّام، قال : 'كان (الفتى' قد أزمع أن يظفر قبل كل شيء بدرجة 'الليسانس' ثم يتقدّم لدرجة الدكتوراه بعد ذلك. ولم يكن الطلاّب المصريون - إلى ذلك الوقت - يحاولون الظفر بدرجة الليسانس هذه، لأنّها كانت تكلّف الذين يطلبونها عناء ثقيلا'.
وأحرز طه حسين درجة 'الليسانس في التّاريخ' سنة 1917، فكان أوّل طالب مصرين ظفر بهذه الشهادة من كليّة الآداب بالجامعة الفرنسيّة.
إنّ أمر هذا الفتى عَجَبٌ ! فهو قد كان يتهيّأ لامتحان الليسانس ويعدّ في المدّة نفسها رسالة 'دكتورا جامعة' باللّغة الفرنسيّة موضوعها : 'دراسة تحليليّة نقديّة لفلسفة ابن خلدون الاجتماعيّة' (Etude analytique et critique de la philosophie sociale d'Ibn Khaldoun).
إنّ أمر هذا الفتى عجب ! فهو لم يكد يفرغ من امتحان الدكتورا حتّى نشط لإعداد رسالة أخرى، فقد صحّ منه العزم على الظفر 'بدبلوم الدّراسات العليا' (Diplôme d'Etudes Superieures) وهو شهادة يتهيّأ بها أصحابها للانتساب إلى دروس 'التبريز في الآداب'. وما هي إلاّ أن أشار عليه أُستاذه بموضوع عسير مُمْتع مرير، وهو : 'القضايا التي أقيمت في روما على حكّام الأقاليم الذين أهانوا جلال الشّعب الرّوماني، في عهد تباريوس، كما صوّرها المؤرّخ تاسيت' (La loi de lèse-majesté, sous Tibère, d'après Tacite) فقبله الطالب 'طائعا قلقا مستخذيا'، ومارسه بالصّبر على مشقّة البحث وبالمثابرة على الفهم حتّى ناقشه ونجح فيه نُجْحًا حسنا سنة 1919.
عاد طه حسين إلى وطنه، فلم تُمهله الجامعة المصريّة وعيّنته مباشرة أستاذا للتاريخ القديم (اليوناني والرّوماني)، فظلّ يُدرّسه طيلة ستّ سنوات كاملات (1919-1925).

بعد اكثر من قرن كامل على ميلاده، و27 عاما على وفاته، ما زال عميد الادب العربي الدكتور طه حسين احد الاركان الاساسية في تكوين العقل العربي المعاصر، وصياغة الحياة الفكرية في العالم العربي، وملمحاً أساسياً من ملامح الادب العربي الحديث... بل ان الاجيال الجديدة من ابناء الامة العربية لا تزال تكتشف جوانب جديدة من القيمة الفكرية والانسانية لاحد رواد حركة التنوير في الفكر العربي... وما زالت اعمال طه حسين ومعاركه الادبية والفكرية من أجل التقدم والتخلي عن الخرافات والخزعبلات التي حاصرت وقيدت العقل العربي لعدة قرون، من اهم الروافد التي يتسلح بها المفكرون العرب في مواجهة الحملات الارتدادية التي تطل برأسها في عصرنا.
وما زالت السيرة الذاتية لطه حسين وما تجسده من كفاح انساني وفكري مدرسة هامة ما اشد حاجة الاجيال الجديدة للتعلم منها والتأمل فيها.
من عزبة صغيرة (اصغر من القرية) في صعيد مصر بدأت رحلة طه حسين، فقد ولد عميد الادب العربي في تلك البقعة الصغيرة التي تقع على بعد كيلو متر واحد من مغاغة بمحافظة المنيا في وسط صعيد مصر... كان ذلك في الرابع عشر من نوفمبر عام 1889م، وكان والده حسين علي موظفاً في شركة السكر وانجب ثلاثة عشر ولداً كان سابعهم في الترتيب 'طه' الذي اصابه رمد فعالجه الحلاق علاجاً ذهب بعينيه (كما يقول هو عن نفسه في كتاب 'الايام').
وفي عام 1898 وبينما لم يكن قد اكمل السنوات العشر كان طه حسين قد اتم حفظ القرآن الكريم... وبعد ذلك بأربع سنوات بدأت رحلته الكبرى عندما غادر القاهرة متوجها الى الازهر طلباً للعلم. في عام 1908 بدأت ملامح شخصية طه حسين المتمردة في الظهور حيث بدأ يتبرم بمحاضرات معظم شيوخ الازهر فاقتصر على حضور بعضها فقط مثل درس الشيخ بخيت ودروس الادب... وفي العام ذاته انشئت الجامعة المصرية، فالتحق بها طه حسين وسمع دروس احمد زكي (باشا) في الحضارة الاسلامية واحمد كمال (باشا) في الحضارة المصرية القديمة ودروس الجغرافيا والتاريخ واللغات السامية والفلك والادب والفلسفة على اساتذة مصريين واجانب.
في تلك الفترة اعد طه حسين رسالته للدكتوراه نوقشت في 15 أيار 1914م. هذه الرسالة (وكانت عن ذكرى ابي العلاء) اول كتاب قدم الى الجامعة واول رسالة دكتوراه منحتها الجامعة المصرية، واول موضوع امتحن بين ايدي الجمهور.
ومثلما كانت حياته كلها جرأة وشجاعة واثارة للجدل فقد احدث نشر هذه الرسالة في كتاب ضجة هائلة ومواقف متعارضة وصلت الى حد طلب احد نواب البرلمان حرمان طه حسين من حقوق الجامعيين 'لأنه الف كتابا فيه الحاد وكفر'!، ولكن سعد زغلول رئيس الجمعية التشريعية آنذاك اقنع النائب بالعدول عن مطالبه.

الرحلة الثانية
اذا كانت الرحلة الاولى ذات الاثر العميق في حياة طه حسين وفكره هي انتقاله من قريته في الصعيد الى القاهرة... فإن الرحلة الاخرى الاكثر تأثيراً كانت الى فرنسا في عام 1914 حيث التحق بجامعة مونبلييه لكي يبعد عن باريس احد ميادين الحرب العالمية الاولى... وهناك درس اللغة الفرنسية وعلم النفس والادب والتاريخ. ولاسباب مالية اعادت الجامعة المصرية مبعوثيها في العام التالي 1915 لكن في نهاية العام عاد طه حسين الى بعثته ولكن الى باريس هذه المرة حيث التحق بكلية الاداب بجامعة باريس وتلقى دروسه في التاريخ ثم في الاجتماع حيث اعد رسالة اخرى على يد عالم الاجتماع الشهير 'اميل دوركايم' وكانت عن موضوع 'الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون' حيث اكملها مع 'بوجليه' بعد وفاة دوركايم وناقشها وحصل بها على درجة الدكتوراه في عام 1919م ثم حصل في العام ذاته على دبلوم الدراسات العليا في اللغة اللاتينية، وكان قد اقترن في 9 اغسطس 1917 بالسيدة سوزان التي سيكون لها اثر ضخم في حياته بعد ذلك.
في عام 1919 عاد طه حسين الى مصر فعين استاذاً للتاريخ اليوناني والروماني واستمر كذلك حتى عام 1925 حيث تحولت الجامعة المصرية في ذلك العام الى جامعة حكومية وعين طه حسين استاذاً لتاريخ الادب العربي بكلية الآداب.

أولى المعارك
رغم تمرده على الكثير من اراء اساتذته الا ان معركة طه حسين الاولى والكبرى من اجل التنوير واحترام العقل تفجرت في عام 1926 عندما اصدر كتابه 'في الشعر الجاهلي' الذي احدث ضجة هائلة بدأت سياسية قبل ان تكون ادبية. كما رفعت دعوى قضائية ضد طه حسين فأمرت النيابة بسحب الكتاب من منافذ البيع واوقفت توزيعه... ونشبت معارك حامية الوطيس على صفحات الصحف بين مؤيدين ومعارضين لهذا الكتاب.
وفي عام 1928 وقبل ان تهدأ ضجة كتاب الشعر الجاهلي بشكل نهائي تفجرت الضجة الثانية بتعيينه عميداً لكلية الآداب الامر الذي اثار ازمة سياسية اخرى انتهت بالاتفاق مع طه حسين على الاستقالة فاشترط ان يعين اولاً. وبالفعل عين ليوم واحد ثم قدم الاستقالة في المساء وأعيد 'ميشو' الفرنسي عميداً لكلية الآداب، ولكن مع انتهاء عمادة ميشو عام 1930 اختارت الكلية طه حسين عميداً لها ووافق على ذلك وزير المعارف الذي لم يستمر في منصبه سوى يومين بعد هذه الموافقة وطلب منه الاستقالة.

الازمة الكبرى
وفي عام 1932 حدثت الازمة الكبرى في مجرى حياة طه حسين... ففي شباط 1932 كانت الحكومة ترغب في منح الدكتوراه الفخرية من كلية الآداب لبعض السياسيين... فرفض طه حسين حفاظاً على مكانة الدرجة العلمية، مما اضطر الحكومة الى اللجوء لكلية الحقوق...
ورداً على ذلك قرر وزير المعارف نقل طه حسين الى ديوان الوزارة فرفض العمل وتابع الحملة في الصحف والجامعة كما رفض تسوية الازمة الا بعد اعادته الى عمله وتدخل رئيس الوزراء فأحاله الى التقاعد في 29 آذار 1932 فلزم بيته ومارس الكتابة في بعض الصحف الى ان اشترى امتياز جريدة 'الوادي' وتولى الاشراف على تحريرها، ثم عاد الى الجامعة في نهاية عام 1934 وبعدها بعامين عاد عميداً لكلية الاداب واستمر حتى عام 1939 عندما انتدب مراقباً للثقافة في وزارة المعارف حتى عام .1942
ولأن حياته الوظيفية كانت دائماً جزءاً من الحياة السياسية في مصر صعوداً وهبوطاً فقد كان تسلم حزب الوفد للحكم في 4 شباط 1942 ايذاناً بتغير آخر في حياته الوظيفية حيث انتدبه نجيب الهلالي وزير المعارف آنذاك مستشاراً فنياً له ثم مديراً لجامعة الاسكندرية حتى احيل على التقاعد في 16 تشرين الاول 1944 واستمر كذلك حتى 13 حزيران 1950 عندما عين لاول مرة وزيراً للمعارف في الحكومة الوفدية التي استمرت حتى 26 حزيران 1952 وهو يوم احراق القاهرة حيث تم حل الحكومة.
وكانت تلك آخر المهام الحكومية التي تولاها طه حسين حيث انصرف بعد ذلك وحتى وفاته عام 1973 الى الانتاج الفكري والنشاط في العديد من المجامع العلمية التي كان عضواً بها داخل مصر وخارجها.

qayed 12-31-2007 08:52 PM

خالد بن الوليد
(39 ق.هـ -21هـ)

هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي المكي، وكنيته أبو سليمان، أبوه الوليد بن المغيرة المخزومي أحد سادات قريش في الجاهلية، وأمه لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية، أخت أم المؤمنين ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
ولد في مكة المكرمة قبل البعثة النبوية، ونشأ فيها بين قومه بني مخزوم _ ريحانة قريش_ معززاً مكرماً، ولما شبّ كان من أشراف قريش وأحد فرسانها المعدودين.
شهد مع قومه قريش معارك: بدر وأحد، والخندق، ضد المسلمين، واختُلف في وقت إسلامه وهجرته، فقيل سنة سبع بعد الحديبية وخيبر، وقيل في أول سنة ثمان، حيث هاجر مع عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، وهذه أغلب الروايات، وعندما وصلوا إلى المدينة فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم وهجرتهم، وقال: " رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها".
شهد في سنة (8هـ) غزوة مؤتة جندياً من جنودها ثم اختاره المسلمون بعد استشهاد قادتها الثلاثة، قائداً لهم، فأبلى فيها بلاءً حسناً ورتب عودة الجيش إلى المدينة سالمين، فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه " سيف الله" وقال: " إن خالداً سيف سلّه الله على المشركين " ومنذ ذلك الحين اشتهر بلقب "سيف الله المسلول ".
وشهد في رمضان من السنة نفسها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وفتح حنين، وكان على مقدمة الجيش مع بني سليم، وفي السنة العاشرة أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أكيدر صاحب دومة الجندل، فأسره وأحضره عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصالحه على الجزية.
وتجلت بطولة خالد في حروب الردّة ووقعة اليمامة، عندما وجهه أبو بكر الصديق رضي الله عنه سنة 11هـ لقتال المرتدين وعلى رأسهم مسيلمة الكذاب، فكان النصر حليفه.
وفي سنة 12هـ وجهه الخليفة أبو بكر إلى العراق، ففتح الحيرة، ومواقع أخرى في العراق والشام، وأظهر فيهما بطولات فائقة.
وفي سنة 13هـ، وجهه الخليفة أبو بكر أيضاً إلى الشام عوناً لجيوش المسلمين فيها، فشهد عدداً من المواقع في قراقر، وتدمر، ومرج راهط، وبصرى وانتصر فيها وذلك قبل أن يشهد موقعة اليرموك وكان قائدها والمنتصر فيها، ثم فتح دمشق وفحل.
ولاه الخليفة عمر بن الخطاب دمشق بعد فتحها، وكان قد عزله في معركة اليرموك وولى أبا عبيدة عامر بن الجراح مكانه، لئلا يفتتن المسلمون بخالد وانتصاراته، وأن النصر يأتي من عند الله سبحانه وتعالى.
شهد سنة 15هـ مع أبي عبيدة فتح حمص وقنسرين ومرعش ثم أقام بقية عمره مرابطاً في مدينة حمص.
كان خالد بطلاً مغواراً، وخطيباً فصحياً ذا كفاءة بدنية عالية، وقدرة على تحمل الصعاب، ومثالاً في الانضباط وحسن الطاعة، أثنى عليه ولاة الأمر، وأعجبوا ببطولته وشجاعته، وصفه أبو بكر الصديق رضي الله عنه بقوله:" عجزت النساء أن يلدن مثل خالد".
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 18 حديثاً، وروى عنه عبد الله بن عباس، وقيس بن حازم، والمقدام بن معدي كرب، وغيرهم.
ولما حضرته الوفاة، قال: "لقد شهدت كذا وكذا زحفاً، وما في جسمي موضع شبر، إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، وها أنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء". وروي أنه حبس فرسه وسلاحه في سبيل الله.
وكانت وفاته رضي الله عنه سنة 21هـ وقيل سنة 22هـ، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتوفي في حمص بالشام، وقيل في المدينة، وأغلب الروايات أنه توفي بحمص ومدفون بها وقبره فيها مشهور.
----------------
للتوسع:
ابن عبدالبر _ الاستيعاب 2/11.
ابن الأثير _ أسد الغابة _2/109.
الذهبي _ سير أعلام النبلاء _1/366.
ابن حجر العسقلاني _ الإصابة 1/413.
مسير خالد بن الوليد لهدم العزى
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى العزى ، وكانت بنخلة وكانت بيتا يعظمه هذا الحي من قريش وكنانة ومضر كلها ، وكانت سدنتها وحجابها بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم فلما سمع صاحبها السلمي بمسير خالد إليها ، علق عليها سيفه وأسند في الجبل الذي هي فيه وهو يقول
أيا عز شدي شدة لا شوى لها على خالد ألقي القناع وشمري
يا عز إن لم تقتلي المرء خالدا فبوئي بإثم عاجل أو تنصري
فلما انتهى إليها خالد هدمها ، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن إسحاق : وحدثني ابن شهاب الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة قال ابن إسحاق : وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان .
خالد بن الوليد (توفي 641): من أشهر القادة العرب المسلمين في حروب دولة الإسلام الأولى. حارب ضد المسلمين في معركة أحد 625. أسلم بعد صلح الحديبية في حضرة الرسول محمد (ص). تولى قيادة جيش المسلمين في معركة مؤتة 629 بعد استشهاد زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، فلقبه الرسول بسيف الله. كلفه أبو بكر الصديق، خليفة الرسول، بقيادة الجيش في عدة معارك خلال حروب الردة، ثم أرسله لفتح العراق 624 ثم زحف إلى سوريا عام فعبر بادية الشام بأقل من ثلاثة أسابيع والتحق بالجيوش العربية التي كانت تتقدم من الجنوب، ففتح بصرى 635. استولى على دمشق 635 بعد حصار دام ستة أشهر. انتصر على البيزنطيين في معركة اليرموك 636 (فلسطين)، وكان أبو بكر قد توفي في هذه الأثناء وخلفه عمر بن الخطاب الذي ولى أبا عبيدة بن الجراح القيادة مكان خالد لأسباب تتعلق بالبلاد المفتوحة، وقد تفوق أبو عبيدة في هذا المجال. يرى البعض أن عمر لم يكن يرضى عن بعض تصرفات خالد. توفي ودفن في مدينة حمص.
خالد بن الوليد بن المغيرة .

سيف الله تعالى , وفارس الإسلام , وليث المشاهد , السيد الإمام الأمير الكبير , قائد المجاهدين , أبو سليمان القرشي المخزومي المكي , وابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث .

هاجر مسلما في صفر سنة ثمان , ثم سار غازيا , فشهد غزوة مؤتة , واستُشْهِد أمراء رسول الله , صلى الله عليه وسلم , الثلاثة : مولاه زيد , وابن عمّه جعفر ذو الجناحين , وابن رواحة , وبقي الجيش بلا أمير فتأمّر عليهم في الحال خالد , وأخذ الراية وحمل على العدو فكان النصر , وسمّـاه النبي , صلى الله عليه وسلم , سيف الله , فقال : ( إن خالدا سيف سلّه الله على المشركين ) .

وشهد الفتح وحنينا , وتأمّر في أيام النبي , صلى الله عليه وسلم , واحتبس أدراعه ولأمته في سبيل الله , وحارب أهل الردّة ومسيلمة , وغزا العراق واستظهر ثم إخترق البرية السماوية بحيث إنه قطع المفازة من حدّ العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه , وشهد حروب الشام , ولم يبق في جسده قيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء .

ومناقبه غزيرة , أمرّه الصّدّيق على سائر أمراء الأجناد , وحاصر دمشق فافتتحها هو وأبو عبيدة , عاش ستين سنة وقتل جماعة من الأبطال , ومات على فراشه , فلا قرّت أعين الجبناء .

توفي بحمص سنة إحدى وعشرين .

عن أبي أمامة بن سهل أن ابن عباس أخبره أن خالد بن الوليد الذي كان يقال له سيف الله أخبر أنه دخل على خالته ميمونة مع رسول الله , صلى الله عليه وسلم , فوجد عندها ضبا محنوذا قدمت به أختها حُفيدة بنت الحارث من نجد , فقدّمته لرسول الله , صلى الله عليه وسلم , فرفع يده , فقال خالد : أحرام هو يا رسول الله ؟ قال : (لا ولكنّه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ) , فاجتررته فأكلته ورسول الله , صلى الله عليه وسلم , ينظر ولم ينه .

عن أبي العالية : أن خالدا بن الوليد قال يا رسول الله إن كائدا من الجن يكيدني , قال : ( قل : أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يُجاوزهنّ برّ ولا فاجر من شر ما ذرأ في الأرض , وما يخرج منها , ومن شر ما يعرج في السماء وما ينزل منها , ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ) , ففعلت فأذهبه الله عني .

عن عمرو بن العاص قال : ما عدل بي رسول الله , صلى الله عليه وسلم , وبخالد أحدا في حربه منذ أسلمنا .

وقال ابن عمر : بعث النبي , صلى الله عليه وسلم , خالدا إلى بني جذيمة , فقتل وأسر , فرفع النبي , صلى الله عليه وسلم , يديه وقال : ( اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ) مرتين .

عبدالحميد بن جعفر , عن أبيه , أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك فقال : إطلبوها فلم يجدوها , ثم وجدت فإذا هي قلنسوة خلقة , فقال خالد : إعتمر رسول الله , صلى الله عليه وسلم , فحلق رأسه فابتدر الناس شعره , فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة , فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رُزقت النصر .

عن قيس , سمعت خالدا يقول : رأيتني يوم مؤتة إندق في يدي تسعة أسياف , فصبرت في يدي صفيحة يمانية
ابن عيينة : عن ابن أبي خالد , مولى لآل خالد بن الوليد , أن خالدا قال : ما مِـن ليلة يُهدى إليّ فيها عروس أنا لها محبّ أحبّ أليّ من ليلة شديدة البرد , كثيرة الجليد في سريّـة أُصبّح فيها العدو .

قال قيس بن أبي حازم : سمعت خالدا يقول : منعني الجهاد كثيرا من القراءة , ورأيته أتي بسمٍ , فقالوا : ما هذا ؟ قالوا : سم , قال : باسم الله وشربه .
قلت : هذه والله الكرامة , وهذه الشجاعة .

قال ابن عون : ولِـيَ عمر فقال : لأ نزعنّ خالدا حتى يعلم أن الله إنما ينصر دينه , يعني بغير خالد .

وعن زيد بن أسلم عن أبيه : عزل عمر خالدا فلم يُـعلمه أبو عبيدة حتى علم من الغير , فقال : يرحمك الله ! ما دعاك إلى أن لا تعلِـمني ؟ قال : كرهت أن أرُوّعك .

وعن أبي الزّناد : أن خالد بن الوليد لما إحتضر بكى وقال : لقيت كذا و كذا زحفا , وما في جسدي شِـبر إلا وفيه ضربة بسيف , أو رمية بسهم , وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير , فلا نامت أعينُ الجبناء .

المصدر:-

منتديات المهدي
مسير خالد بن الوليد لهدم العزى
http://www.al-madinah.org/sahaba/s137.php

qayed 12-31-2007 08:53 PM

حياة أحمد شوقي

ولد فى القاهرة عام 1868 م فى أسرة موسرة متصلة بقصر الخديوي
أخذته جدته لأمه من المهد ، وكفلته لوالديه
حين بلغ الرابعة من عمره ، أدخل كتاب الشيخ صالح – بحى السيدة زينب – ثم مدرسة المبتديان الابتدائية ، فالمدرسة التجهيزية ( الثانوية ) حيث حصل على المجانية كمكافأة على تفوقه
حين أتم دراسته الثانوية دخل مدرسة الحقوق ، وبعد أن درس بها عامين حصل بعدها على الشهادة النهائية فى الترجمة
ما أن نال شوقي شهادته حتى عينه الخديوي فى خاصته ، ثم أوفده بعد عام لدراسة الحقوق فى فرنسا ، حيث أقام فيها ثلاثة أعوام ، حصل بعدها على الشهادة النهائية فى 18 يوليه 1893 م
أمره الخديوي أن يبقى فى باريس ستة أشهر أخرى للإطلاع على ثقافتها وفنونها

عاد شوقي إلى مصر أوائل سنة 1894 م فضمه توفيق إلى حاشيته
سافر إلى جنيف ممثلاً لمصر فى مؤتمر المستشرقين
لما مات توفيق وولى عباس ، كان شوقي شاعره المقرب وأنيس مجلسه ورفيق رحلاته
أصدر الجزء الأول من الشوقيات – الذي يحمل تاريخ سنة 1898 م – وتاريخ صدوره الحقيقي سنة1890 م
نفاه الإنجليز إلى الأندلس سنة 1914 م بعد أن اندلعت نيران الحرب العالمية الأولى ، وفرض الإنجليز حمايتهم على مصر
1920 م

عاد من المنفى فى أوائل سنة 1920 م
بويع أميراً للشعراء سنة 1927 م
أنتج فى أخريات سنوات حياته مسرحياته وأهمها : مصرع كليوباترا ، ومجنون ليلى ، قمبيز ، وعلى بك الكبير
توفى شوقي فى 14 أكتوبر 1932 م مخلفاً للأمة العربية تراثاً شعرياً خالداً

فى عام 1932 رحل شوقي عن دنيانا ، وقد كان شوقي يخشى الموت، ويفزع منه شديد الفزع ، كان يخاف ركوب الطائرة، ويرفض أن يضع ربطة العنق لأنها تذكره بالمشنقة ، وكان ينتظر طويلا قبل أن يقرر عبور الشارع ، لأنه كان يشعر أن سيارة ستصدمه فى يوم من الأيام ، وتحققت نبوءته ، وصدمته سيارة فى لبنان ، وهو جالس فى سيارته ، ونجا من الموت بأعجوبة . كما كان يخاف المرض ، ولا يرى صيفا أو شتاءا إلا مرتديا ملابسه الكاملة وكان يرتدى الملابس الصوفية فى الشتاء والصيف على السواء .
وعندما مات الإمام الشيخ محمد عبده سنة 1905 م ، وقف على القبر سبعة من الشعراء يلقون قصائدهم ، أرسل شوقي ثلاثة أبيات لتلقى على قبر الإمام ، يقول فيها:
مفسـر أي اللـه بالأمس بيننـا قـم الـيوم فسر للـورى آية الموت
رحمت ، مصير العالمين كما ترى وكل هـناء أو عزاء إلى فـوت
هـو الدهـر مـيلاد فشغل فماتـم فذكر كما اتقى الصدى ذاهب الصوت

وكان أول الشعراء الذين القوا قصائدهم حفني ناصف ، واخرهم حافظ إبراهيم ، ثم أنشدت أبيات شوقي بعد ذلك .
وحدث أن تنبأ أحد الأدباء : بان هؤلاء الشعراء سيموتون بحسب ترتيب إلقائهم لقصائدهم ، وبالفعل كان حفني ناصف أول من فقد من هؤلاء الشعراء ثم تتابع رحيلهم بحسب ترتيب إلقاء قصائدهم على قبر الأمام ، وكان حافظ آخر من مات ، أيقن شوقي أن اجله قد قرب فاغتنم وحزن.. وسافر إلى الإسكندرية ، كأنما يهرب من المصير المحتوم … ولكن هيهات .. فقد مات شوقي فى نفس العام الذي مات فيه حافظ ، وكان قد نظم قبل وفاته وصيه جاء فيها :
ولا تلقـوا الصخـور على قـبرى
ألـم يكف همـا فى الحـياة حملته
فاحمله بعد الموت صخرا على صخر

وبعض هذه الخواطر قد نبع من القلب وهو عند استجمام عفوه ، وطلع فى الذهن وهو عند تمام صحوه وصفوه . وغيره – ولعله الأكثر – قد قيل والاكدرا سارية ، والأقدار بالمكاره جارية ، والدار نائية .وحكومة السيف عابثة عاتبة . فأنا استقبل القارئ فى السقطات ، و استوهبه التجاوز عن الفرطات شوقي – أسواق الذهب

من بغى بسلاح الحق ، بغى عليه بسلاح الباطل .
إذا بالغ الناس ، استعاروا للهر شوارب النمر .
هلكت أمة تحيا بفرد ، وتموت بفرد .
فى الغمر تستوي الأعماق .
ربما تقتضيك الشجاعة أن
" الهم غير وجهك ما ابتغيت ، وسوى النفع لخلقك ما نويت ، وعليك رجائي ألقيت ، واليك بذلي وضعفى انتهيت".

حدث عندما كان شوقي منفيا فى أسبانيا أن استقل الأوتوبيس هو وابنه حسين ، فصعد رجل عملاق بادي الترف والثراء ، يعلق سلسلة ذهبية بصدره ، وفى فمه سيجار ضخم ، ثم ما لبث أن استسلم للنوم فى ركن من السيارة ، وراح يغط فى غطيطا مزعجا ، وصعد نشال شاب وسيم ، وهم أن يخطف السلسلة الذهبية ، ولكنه أدرك أن شوقي يراه ، أشار النشال إليه إشارة برأسه مؤداها : هل أخذها ؟. أجابه شوقي برأسه أيضا: خذها ، فنشلها الشاب ونزل

ولم يكد الشاب يترك السيارة حتى التفت الابن إلى والده شوقي وقال: هل يصح أن تترك النشال يأخذ سلسلة الرجل وهو نائم ؟أجاب شوقي:
شئ عجيب يا بنى ! لو كنت مقسما للحظوظ فلمن كنت تعطى السلسلة الذهبية ؟ كنت تعطيها عملاقا دميما أم شابا جميلا؟ فقال الابن : كنت سأعطيها للشاب الجميل أجاب شوقي ببساطة : ها هو أخذها


مسودة خطية
من قصيدة " قف حى شبان الحمى "
النص كما جاء فى الجزء الرابع من الشوقيات
قف حى شبان الحمى
" نظمها فى الطلاب المصريين الذين يطلبون العلم فى أوروبا "
قف حـى شبان الحمـى
قبـل الرحيـل بقافيـــه
عودتهم أمثالهـــــا
فى الصالحـات الباقيــه
من كل ذات إشـــارة
ليسـت عليـهم بخافيــه
قل ياشباب نصيحـــة
ممـا يـزود غاليــــه
هل راعكم أن المـــدا
رس فى الكنـانة خاويـه
هجرت فكل خليــــة

qayed 12-31-2007 08:53 PM

امرؤ القيس بن حجر الكندي صاحب إحدى المعلقات

وهي أفخرهن وأشهرهن التي أولها
قفا نبك من ذكري حبيب ومنزل
قال الإمام أحمد : حدثنا هشام حدثنا أبو الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار وقد روى هذا الحديث عن هشيم جماعة كثيرون منهم بشر بن الحكم ، والحسن بن عرفة ، وعبد الله بن هارون أمير المؤمنين المأمون أخو الأمين ، ويحيى بن معين ، وأخرجه ابن عدي من طريق عبد الرزاق عن الزهري به ، وهذا منقطع ، وروي من وجه آخر عن أبي هريرة ، ولا يصح من غير هذا الوجه .
وقال الحافظ ابن عساكر : هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن يعرب بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة أبو يزيد ويقال : أبو وهب ويقال : أبو الحارث الكندي كان بأعمال دمشق وقد ذكر مواضع منها في شعره فمن ذلك قوله
قفـا نبـك مـن ذكرى حبيب ومنزل بسـقط اللـوى بيـن الدخول فحومل
فتـوضح فـالمقراة لـم يعف رسمها لمـا نسـجتها مـن جـنوب وشمأل
قال : وهذه مواضع معروفة بحوران. ثم روى من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلبي حدثني فروة بن سعيد بن عفيف بن معدي كرب عن أبيه عن جده قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل وفد من اليمن فقالوا : يا رسول الله لقد أحيانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس قال : وكيف ذاك ؟ قالوا : أقبلنا نريدك حتى إذا كنا ببعض الطريق أخطأنا الطريق ، فمكثنا ثلاثا لا نقدر على الماء ، فتفرقنا إلى أصول طلح وسمر ليموت كل رجل منا في ظل شجرة ، فبينا نحن بآخر رمق إذا راكب يوضع على بعير ، فلما رآه بعضنا - قال والراكب يسمع -:
ولمــا رأت أن الشــريعة همهــا وأن البيـاض مـن فرائصهـا دامـي
تيممـت العيـن التـي عنـد ضارج يفـيء عليهـا الظل عرمضها طامي
فقال الراكب : ومن يقول هذا الشعر ؟ - وقد رأى ما بنا من الجهد - قال : قلنا : امرؤ القيس بن حجر قال : والله ما كذب هذا ضارج عندكم فنظرنا فإذا بيننا وبين الماء نحو من خمسين ذراعا ، فحبونا إليه على الركب ، فإذا هو كما قال امرؤ القيس عليه العرمض يفيء عليه الظل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك رجل مذكور في الدنيا منسي في الآخرة شريف في الدنيا خامل في الآخرة بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار . .
وذكر الكلبي أن امرأ القيس أقبل براياته ، يريد قتال بني أسد حين قتلوا أباه ، فمر بتبالة وبها ذو الخلصة ، وهو صنم ، وكانت العرب تستقسم عنده فاستقسم فخرج القدح الناهي ، ثم الثانية ثم الثالثة كذلك ، فكسر القداح وضرب بها وجه ذي الخلصة وقال : عضضت بأير أبيك لو كان أبوك المقتول لما عوقتني ثم أغار على بني أسد فقتلهم قتلا ذريعا قال ابن الكلبي : فلم يستقسم عند ذي الخلصة حتى جاء الإسلام ، وذكر بعضهم أنه امتدح قيصر ملك الروم يستنجده في بعض الحروب ويسترفده ، فلم يجد ما يؤمله عنده فهجاه بعد ذلك فيقال : إنه سقاه سما فقتله فألجأه الموت إلى جنب قبر امرأة عند جبل يقال له : عسيب فكتب هنالك
أجارتنـــا إن المــزار قــريب وإنــي مقيــم مـا أقـام عسـيب
أجارتنــا إنــا غريبـان هاهنـا وكــل غــريب للغـريب نسـيب
وقد ذكروا أن المعلقات السبع كانت معلقة بالكعبة ، وذلك أن العرب كانوا إذا عمل أحدهم قصيدة عرضها على قريش ، فإن أجازوها علقوها على الكعبة تعظيما لشأنها ، فاجتمع من ذلك هذه المعلقات السبع فالأولى لامرئ القيس بن حجر الكندي كما تقدم وأولها
قفـا نبـك مـن ذكرى حبيب ومنزل بسـقط اللـوى بيـن الدخول فحومل
والثانية للنابغة الذبياني ، واسمه زياد بن معاوية ويقال : زياد بن عمرو بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض وأولها
يــا دار ميــة بالعليــاء فالسـند أقـوت وطـال عليهـا سـالف الأبد
والثالثة لزهير بن أبي سلمى ربيعة بن رياح المزني وأولها
أمــن أم أوفــى دمنـة لـم تكـلم بحومانـــة الـــدراج فــالمتثلم
والرابعة لطرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل وأولها
لخولــة أطــلال ببرقــة ثهمـد تلـوح كبـاقي الوشـم في ظاهر اليد
والخامسة لعنترة بن شداد بن معاوية بن قراد بن مخزوم بن ربيعة بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس العبسي وأولها
هـل غـادر الشـعراء مـن مـتردم أم هـل عـرفت الـدار بعـد تـوهم
والسادسة لعلقمة بن عبدة بن النعمان بن قيس أحد بني تميم وأولها
طحا بـك قلـب في الحسان طروب بعيـد الشـباب عصـر حـان مشيب
والسابعة - ومنهم من لا يثبتها في المعلقات وهو قول الأصمعي وغيره - وهي للبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر وأولها
عفــت الديــار محلهـا فمقامهـا بمنــى تــأبد غولهــا فرجامهـا
فأما القصيدة التي لا يعرف قائلها فيما ذكره أبو عبيدة ، والأصمعي والمبرد وغيرهم فهي قوله
هـــل بـــالطلول لســائل رد أم هـــل لهــا بتكــلم عهــد
وهي مطولة وفيها معاني حسنة كثيرة.
معلقة امرؤ القيس
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها
لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا
وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا
لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ
وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ
يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ
وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ
فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا
وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ
إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَـا
نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ
فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً
عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي
ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِـحٍ
وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ
ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِـي
فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّـلِ

المصدر:-
امرؤ القيس
موقع الإسلام

qayed 12-31-2007 08:53 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المتنبي



نشأته وحياته :

المتنبي هو أبو الطيب أحمد بن الحسين ، الكوفي الكندي ، ولد بمحلَّةِ كِنْدة بالكوفة سنة ( 203 هـ ـ 915 م ) ، ولهذا نسب إليها .
وقد اعتنى والده بتربيته منذ الصغر ، فأدخله مدرسة بالكوفة ، تعلم فيها مذهب الشيعة ، وشيئاً من العلوم والفلسفة ، ثم انتقل إلى الشام ، وعلمه في مكاتبها ، وطاف به على القبائل بالبادية ، فأخذ عنهم الفصاحة ، وبرع في نظم الشعر ، ولم تثنه وفاة أبيه عن متابعة التحصيل ، والأخذ عن اشهر اللغويين والأدباء ، حتى صار غزير العلم ، كثير الرواية عظيم الاطلاع .
ودفعه طموحه إلى الدعوة لنفسه بين القبائل في بادية الشام ، ولما عَلِمَ لُؤْلُؤُ أمير حمص بهذه الدعوة عجَّل بتفريق أصحابه عنه ، وأسره مدة ، كاد يموت فيها لولا أنه استعطفه فرَّق له ، وأطلق سراحه .
ويقال أنه ادَّعى النبوة ، ولكنه يتنصل من ذلك . وأخذ المتنبي يتكسب بشعره ، ووصلته الأقدار بسيف الدولة بن حمدان فصار من خاصة شعرائه المقربين ، وقد مدحه بمدائح صافية رائعة ، ولازمه في حلِّه وترحاله ، وتلقى عنه فنون الفروسية ، وخاض معه المعارك ضد الروم .
وظل مقيماً لدى سيف الدولة ، كريم المنزلة عنده ، حتى نَفسَ عليه مكانته منافسوه من الشعراء وبعض حاشية الأمير ، فدسوا له عنده ؛ حتى أسخطوا عليه .
قصدَ المتنبي إلى كافور الإِخشيدي ، متطلعاً أن ينال الحُظوة لديه ، وأن يظفر عنده بما لم يظفر به في رحاب سيف الدولة ، ومدحه بقصائد كثيرة ، ولكنه لم يظفر بأمنيته .
واستأْذن المتنبي كافوراً في الخروج من مصر فأًبى ، فانتهز فرصة ليلة عيد النحر سنة 370هـ وخرج إلى الكوفة ، ومنها إلى عضد الدولة بين بويه بفارس ، فمدحه ، ومدح وزيره ابن العميد ، وعاد إلى العراق ، فخرج عليه بعض الأعراب وفيهم فاتكُ ابن أبي جهل ـ وكان المتنبي هجاه ـ فقاتلهم قتالا شديداً ، حتى قتل هو وابن
وغلامه بمكان يسمى (( دير العقول )) ، على بعد خمسة عشر فرسخاً من بغداد ، سنة ( 354 هـ ـ 965 م ) .

شعره وخصائصه الفنية :

شعر المتنبي صورة صادقة لعصره ، وحياته ، فهو يحدثك عما كان في عصره من ثورات ، واضطرابات ، ويدلك على ما كان به من مذاهب ، وآراء ، ونضج العلم والفلسفة .
ويمثل شعره حياته المضطربة : ففيه يتجلى طموحه وعلمه ، وعقله وشجاعته ، وسخطه ورضاه ، وحرصه على المال ، كما تتجلى القوة في معانيه ، وأخيلته ، وألفاظه ، وعباراته .
وترى فيه شخصية واضحة ، حتى لتكاد تتبينها في كل بيت ، وفي كل لحظة ، بل هي تُضفي طابعاً خاصاً يميز شعره عن غيره .
فبناءُ القصيدة بناء محكم منطقي متسلسل ، وهو يتناول موضوعه مباشرة أن يقدم له بحكم تناسبه ، وقد ظهرت قصائده الموحَّدة الموضوع ، أو المتماسكة الموضوعات في كهولته ، حين كان في صحبة سيف الدولة ، وكافور ، وأما قصائده الأخرى فيسير فيها على نمط الشعر القديم ، ويمزج فيها بين فنون وأغراض مختلفة .
والمعاني تمتاز بقوتها وفخامتها ، وسموها غالباً ، وكثيراً ما يركزها في صورة حقائق عامة ، ويصوغها في قوالب حكمة بارعة .
وتختلف الأخيلة في شعره تبعاً لمراحل حياته ، ويمتاز خياله بالقوة والخصب : وألفاظه جزلة ، وعباراته رصينة ، تلائم قوة روحه ، وقوة معانيه ، وخصب أخيلته ، وهو ينطلق في عباراته انطلاقاً ولا يعنى فيها كثيراً بالمحسنات والصناعة .

أغراضه الشعرية :

اتسع شعر المتنبي لأكثر الأغراض ، ولكن كثُر فيه المدح ، الوصف ، والحكمة ، وإليك كلمة عن أغراضه :

المدح :

أكثر الشاعر في المدح ، وأشهر من مدحهم سيف الدولة الحمداني وكافور الإخشيدي ، ومدائحه في الأول تبلغ ثلث شعره ، وقد استكبر عن مدح كثير من الولاة والقواد حتى في حداثته ، وكان في مدحه حيّ الشعور ، غزير المعاني ، يكسب في مدائحه روحه الطامحة السامية حتى نراها مزيجاً بين المدح ، والحكمة ، وكان يبدؤها بالمدح تارة وبالحكمة ، وبالغزل ، وشكوى الدهر تارة أخرى ، وما سيق منها في سيف الدولة أصدق عاطفة ، وأفخم نسجاً ، لأنه كان يراه المثل الأعلى له ، وتبدو مدائحه متقاربة الأفكار ، ولكن له إلى جانب ذلك صوراً بديعية ، تبعث في نفس قارئها السمو والحماسة . وقد اخترنا لكم من القصيدة التي مدح فيها سيف الدولة :

وقفت وما في الموت شكٌّ لواقف كأنك في جفن الرَّدى وهو نائم
تمـر بك الأبطال كَلْمَى هزيمـةً ووجهك وضاحٌ ، وثغرُكَ باسم
تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى إلى قول قومٍ أنت بالغيب عالم

الوصف :
أجاد المتنبي في وصف المعارك والحروب البارزة التي دارت في عصره ، فجاء شعره سجلاً تاريخياً خلدها وخلد أصحابها ، وإلى جانب ذلك وصف الطبيعة ، وأخلاق الناس ، ونوازعهم النفسية ، كما صور نفسه وطموحه أروع تصوير ، كانت القوة واضحة في كل أوصافه ، وهو فيها واقعي إلى حد كبير .
وقد قال يصف شِعب بوَّان ، وهو منتزه بالقرب من شيراز :

لها ثمر تشـير إليك منـه بأَشربـةٍ وقفن بـلا أوان
وأمواهٌ يصِلُّ بها حصاهـا صليل الحَلى في أيدي الغواني
إذا غنى الحمام الوُرْقُ فيها أجابتـه أغـانيُّ القيـان

الفخر :
المتنبي من شعراء الفخر ، وفخره يأتي غالباً في قصائده في سائر فنونه الشعرية ، فهو لا ينسى نفسه ، حين يمدح ، أو يهجو ، أ, يرثى ، ولهذا نرى روح الفخر شائعةً في شعره .
وإني لمـن قـوم كـأَن نفـوسهـم
بهـا أنَـفٌ أن تـسكـن اللحـم والعظمـا

الهجاء :
لم يكثر الشاعر من الهجاء لأنه لا يتلاءم مع نفسه المترفعة ، ولم ينظم فيه قصائد مستقلة إلا قليلاً ، وهو في هجائه يأتي بحكم يجعلها قواعد عامة ، تخضع لمبدأ أو خلق ، وكثيراً ما يلجأ إلى التهكم ، أو استعمال ألقاب تحمل في موسيقاها معناها ، وتشيع حولها جو السخرية بمجرد الفظ بها ، كما أن السخط يدفعه إلى الهجاء اللاذع في بعض الأحيان .
وقال يهجو طائفة من الشعراء الذين كانوا ينفسون عليه مكانته :

أفي كل يوم تحت ضِبني شُوَيْعرٌ ضعيف يقاويني ، قصير يطاول
لساني بنطقي صامت عنه عادل وقلبي بصمتي ضاحكُ منه هازل
وأَتْعَبُ مَن ناداك من لا تُجيبه وأَغيظُ مَن عاداك مَن لا تُشاكل
وما التِّيهُ طِبِّى فيهم ، غير أنني بغيـضٌ إِلىَّ الجاهـل المتعاقِـل

الرثاء :
للشاعر رثاء غلب فيه على عاطفته ، ورثاء سكب فيه دموعه صادقة ، وقد كثرت الحكمة في تضاعيف مراثية ، وانبعثت بعض النظرات الفلسفية فيها ، وقصائده العاطفية في الرثاء قوية مؤثرة تهز الشعور . وقال يرثى جدته :

أحِنُ إلى الكأس التي شربت بها وأهوى لمثواها التراب وما ضمَّا
بكيتُ عليها خِيفة في حياتهـا وذاق كلانا ثُكْلَ صاحبه قِدما
أتاها كتابي بعد يأس وتَرْحَـة فماتت سروراً بي ، ومِتُ بها غمَّا
حرامٌ على قلبي السرور ، فإنني أَعُدُّ الذي ماتت به بعدها سُمَّا

الحكمة :
اشتهر المتنبي بالحكمة وذهب كثير من أقواله مجرى الأمثال لأنه يتصل بالنفس الإنسانية ، ويردد نوازعها وآلامها . ومن حكمه ونظراته في الحياة :

ومراد النفوس أصغر من أن نتعادى فيـه وأن نتـفانى
غير أن الفتى يُلاقي المنايـا كالحات ، ويلاقي الهـوانا
ولـو أن الحياة تبقـى لحيٍّ لعددنا أضلـنا الشجـعانا
وإذا لم يكن من الموت بُـدٌّ فمن العجز أن تكون جبانا

منزلته الشعرية :
لأبي الطيب المتنبي مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية ، فقد كان نادرة زمانه ، وأعجوبة عصره ، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء ،يجدون فيه القوة ، والتدفق ، والشاعرية المرتكزة على الحس والتجربة الصادقة.



المراجع


1. مع المتنبي : للدكتور طه حسين .
2. ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام : للدكتور عبد الوهاب عزام .
3. المتنبي : للدكتور زكي المحاسني .

qayed 12-31-2007 08:54 PM

شاعرة بني سُليم- الخنسـاء بنت عمـــرو -

- رضي الله عنها -

حياتها ونشأتها :

هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية، ولدت سنة 575 للميلاد ، لقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه. عرفت بحرية الرأي وقوة الشخصية ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم .. لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم طويلا معه ؛ لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله،لكنها أنجبت منه ولدا ، ثم تزوجت بعدها من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي ، وأنجبت منه أربعة أولاد، وهم يزيد ومعاوية وعمرو وعمرة. وتعد الخنساء من المخضرمين ؛ لأنها عاشت في عصرين : عصر الجاهلية وعصر الإسلام ، وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها. ويقال : إنها توفيت بالبادية في أول خلافة عثمان بن عفان- رضي الله عنه- سنة 24 هـ , أي سنة 664 ميلادية .

مقتل أخويها معاوية وصخر واستشهاد أولادها الأربعة :


قتل معاوية على يد هاشم ودريد ابنا حرملة يوم حوزة الأول سنة 612 م ،فحرضت الخنساء أخاها صخر بالأخذ بثأر أخيه ، ثم قام صخر بقتل دريد قاتل أخيه. ولكن صخر أصيب بطعنة دام إثرها حولا كاملا، وكان ذلك في يوم كلاب سنة 615 م. فبكت الخنساء على أخيها صخر قبل الإسلام وبعده حتى عميت . (2) وفي الإسلام حرضت الخنساء أبناءها الأربعة على الجهاد وقد رافقتهم مع الجيش زمن عمر بن الخطاب، وهي تقول لهم : (( يا بني إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ، ولا فضحت خالكم ، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم ، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل :

يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون

فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فأعدوا على قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام حميسها تظفروا بالغنم والكرامة في الخلد والمقامة) ، وأصغى أبناؤها إلى كلامها، فذهبوا إلى القتال واستشهدوا جميعا، في موقعة القادسية . وعندما بلغ الخنساء خبر وفاة أبنائها لم تجزع ولم تبك ، ولكنها صبرت، فقالت قولتها المشهورة: ((الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته)). ولم تحزن عليهم كحزنها على أخيها صخر ، وهذا من أثر الإسلام في النفوس المؤمنة ، فاستشهاد في الجهاد لا يعني انقطاعه وخسارته بل يعني انتقاله إلى عالم آخر هو خير له من عالم الدنيا ؛ لما فيه من النعيم والتكريم والفرح ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ..

ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم ربهم ..




شعرهـــا وخصائصه:

تعـد الخنساء من الشعراء المخضرمين ، تفجر شعرها بعد مقتل أخويها صخر ومعاوية ، وخصوصا أخوها صخر ، فقد كانت تحبه حبا لا يوصف ، ورثته رثاء حزينا وبالغت فيه حتى عدت أعظم شعراء الرثاء. ويغلب على شعر الخنساء البكاء والتفجع والمدح والتكرار؛ لأنها سارت على وتيرة واحدة ، ألا وهي وتيرة الحزن والأسى وذرف الدموع ، وعاطفتها صادقة نابعة من أحاسيسها الصادقة ونلاحظ ذلك من خلال أشعارها. وهناك بعض الأقوال والآراء التي وردت عن أشعار الخنساء ومنها :

يغلب عند علماء الشعر على أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها. كان بشار يقول: إنه لم تكن امرأة تقول الشعر إلا يظهر فيه ضعف فقيل له: وهل الخنساء كذلك؟ فقال تلك التي غلبت الرجال ..


قال نابغة الذبياني: (( الخنساء أشعر الجن والإنس)) .

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعجبه شعرها وينشدها بقوله لها: ((هيه يا خناس ويوميء بيده)) ..
أتى عدي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا رسول الله إن فينا أشعـر الناس ، وأسخى الناس وأفرس الناس . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : سمِّهم فقال: فأما عن أشعر الناس فهو امرؤ القيس بن حجر ، وأسخى الناس فهو حاتم بن عدي (أباه) ، وأما عن أفرس الناس فهو عمرو بن معد يكرب . فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (( ليس كما قلت يا عدي، أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو ، وأما أسخى الناس فمحمد يعني نفسه صلى الله عليه وسلم وأما أفرس الناس فعلي بن أبي طالب )) رضي الله عنه وأرضاه.

تعكس أبيات الخنساء عن حزنها الأليم على أخويها وبالأخص على أخيها صخر، فقد ذكرته في أكثر أشعارها. وقد اقتطفت بعض من أشعارها التي تتعلق بالدموع والحزن .. فهي في هذه القصائد تجبر عينيها على البكاء وعلى ذر ف الدموع لأخيها صخر، وكأنها تجبرهما على فعل ذلك رغما عنهما، وفي متناول بعض هذه القصائد :


ألا يا عين فانهمري بغدر وفيضـي --- فيضـة مـن غـير نــــزر
ولا تعدي عزاء بعد صخـر --- فقد غلب العزاء وعيل صبري
لمرزئة كأن الجوف منهـا بعيد --- النـوم يشعــر حـــر جمـــر


في هذه الأبيات نرى أن الخنساء دائمة البكاء والحزن والألم على أخيها ولم تعد تقوى على الصبر ، ودموعها لا تجف ، فهي - دائما - منهمرة بغزارة كالمطر ، وعزاؤها لأخيها صخر مستمر ..


من حس لي الأخوين كالغصنين أو من راهما
أخوين كالصقرين لم ير ناظر شرواهمـا
قرميــن لا يتظالمان ولا يرام حماهـا
أبكي على أخـوي والقبــر الذي واراهما
لا مثل كهلي في الكهول ولا فتى كفتاهما


وهنا يظهر في أبياتها المدح والثناء لأخويها صخر ومعاوية وذكر مآثرهما، والبكاء عليهما ، وعلى القبر الذي واراهما ..

ومن شعرها أيضا ..


يذكرني طلوع الشمس صخراً وأذكره لكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكيـن حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون على أخي، ولكن أعـزي النفس عنه بالتأسي
فلا، والله، لا أنساك حتى أفارق مهجتي ويشص رمسي
فيا لهفي عليه، ولهف نفسي أيصبح في الضريح وفيه يمسي


هذا بعض مما أردت أن أسطره عن أجمل الأمهات ..
الصحابية ..
الشاعرة ..
القدوة ..
والتي ضربت بصبرها وإيمانها أروع المعاني ..

كم نفتقد لأمثالك أيتها الخنساء ..

qayed 12-31-2007 08:55 PM

اسحاق نيوتن
ولد اسحاق نيوتن بتاريخ 25 ديسمبر 1642 بعد بضعة اشهر من موت والده. وكانت عائلته تنتمي الى طبقة الملاّك الزراعيين الصغار. ويبدو ان صحته كانت ضعيفة او هشة منذ البداية، ثم تزوجت امه بعد ثلاثة أعوام من ولادته.
وعندئذ اودعته عند جدته وعمه حيث عاش فترة صباه وشبابه الاول ولكن يعتبر بمعنى من المعاني انه يتيم الاب والأم لانه لم يعش مع ابيه ساعة واحدة وأما أمه فتركته في سن الثالثة لكي تفكر في مستقبلها وحياتها الجديدة. ويبدو انه تأثر عاطفيا بهذه الحالة، وكان يشعر بالحقد على امه وعلى زوج امه الذي اخذ امه منه وحرمه عطفها وحنانها.. وربما لهذا السبب لم يتزوج ابدا على الرغم من انه عرف الكثير من النساء. فقد ظل مجروحا من الداخل بشكل لا يندمل.
ولكن امه عادت الى البيت العائلي وبالتالي اليه عام 1653 بعد موت زوجها وكان عمر اسحاق آنئذ احد عشر عاما. وهكذا اتيح له ان يتعرف عليها من جديد ثم ارادت ان تجعل منه مزارعا ولكنه رفض ذلك.
ويردف المؤلف قائلا:
في الواقع ان الكثير من الاقارب والاصدقاء شجعوه على اكمال دراساته الجامعية بعد ان توسموا فيه أمارات الذكاء والموهبة. وفي عام 1661 دخل الى كلية كمبردج الشهيرة التي طالما خرجت العباقرة. وهناك تعلم البلاغة الكلاسيكية، ومنطق ارسطو، وتأثر بأفكار فلاسفة كمبردج وكانوا في معظمهم من اتباع الفلسفة الافلاطونية الجديدة.
ولكن وباء الطاعون ادى الى اغلاق الجامعة كما يقول المؤلف وعندئذ عاد اسحاق الى قريته الريفية لكي يتأمل ويفكر في وسط الطبيعة الخلابة للريف الانجليزي.
وفي عام 1667 انتخب نيوتن عضوا في الهيئة التدريسية لكلية كمبردج، وعين استاذا جامعيا عام 1669 وعمره لا يتجاوز السادسة والعشرين. وفي عام 1672 اصبح عضوا في الجمعية الملكية البريطانية. وهو منصب علمي عالي المستوى وتشريف كبير لصاحبه.
ويقول لنا المؤلف بأن اسحاق نيوتن راح يتعاطى المراسلات من كبار علماء عصره سواء داخل بريطانيا ام خارجها، وقد انتخبته اكاديمية العلوم في باريس كعضو اجنبي فيها عام 1699 ثم اصبح رئيسا للجمعية الملكية البريطانية في عام 1703 وحتى موته. وبلغ عندئذ ذروة المجد والشهرة بل ان ملكة بريطانيا منحته لقب النبلاء عام 1705.
وفي اواخر حياته انخرط في مناظرات لاهوتية وفلسفية عنيفة مع بعض كبار الفلاسفة والمفكرين وأشهر هذه المناظرات الخلافية جرت مع الفيلسوف الالماني الكبير لايبنتز. فكل منهما راح يدعي انه سبق الآخر الى اكتشاف علمي كبير: هو حساب اللامتناهي الصغر.
ولا يزال العلماء يتناقشون في هذه المسألة حتى الآن. فالبعض يعطي الحق لنيوتن والبعض يقول بأن لايبنتز كان على صواب.. والله اعلم.
ويرى المؤلف ان السنوات المبدعة التي شهدت تفتح عبقرية نيوتن هو تلك التي تتموضع في اواسط الستينيات وبخاصة سنة 1666.
في الواقع ان اكتشافاته العلمية لمعت في رأسه لاول مرة خلال السنتين المتتاليتين: 1665 ـ 1666 ومعلوم انه كان آنذاك معتكفا في الريف خوفا من وباء الطاعون.
وكان يعيش وحدة شبه كاملة، ويكرس كل وقته للتأمل في ظواهر الطبيعة وقوانينها. عندئذ حصلت القصة الشهيرة التي تحولت الى اسطورة بعدئذ. وهي التي ادت الى اكتشاف قانون الجاذبية.
فيقال انه كان غارقا في التأمل يوما ما وهو نائم تحت شجرة تفاح. وفجأة سقطت تفاحة الى جانبه فعرف عندئذ ان السقوط ناتج عن قانون الجاذبية الذي يشد الاشياء الى تحت.
كل اكتشافاته في مجال الرياضيات والبصريات والفلك حصلت بعدئذ على التوالي عندئذ فهم نيوتن سر الكون لاول مرة وعرف القوانين العلمية التي تتحكم به ولا يحيد عنها قيد شعرة.
وهكذا قدمت انجلترا للعالم اكبر عبقري في مجال العلوم الفيزيائية والرياضية والفلكية ليس غريبا اذن ان تكون قد تفوقت على جميع الامم الاوروبية الاخرى بما فيها فرنسا، منافستها التاريخية على العظمة والمجد.
في الواقع ان البلدان التي تنتمي الى المذهب الكاثوليكي في المسيحية: اي اسبانيا، وايطاليا وفرنسا كانت تخنق الروح العلمية بسبب التعصب الديني السائد فيها. اما البلدان البروتستانتية كانجلترا، وهولندا، وألمانيا فكانت خالية تقريبا من التعصب الديني. وبالتالي فكانت تترك للعلماء حرية البحث واكتشاف قوانين الطبيعة والكون ولا تعتبر ذلك تحديا لقدرة الخالق او خروجا على الدين.
ليس غريبا اذن ان يكون نيوتن قد ولد بعد عام من موت غاليليو مؤسس العلم الحديث ومعلوم ان غاليليو تعرض للاضطهاد من قبل الكنيسة الكاثوليكية، بل وحاكموه وأجبروه على التراجع عن الحقائق العلمية التي اكتشفها.
ويقول المؤلف بما معناه: طيلة حياته كان نيوتن مفعما بكره الاستبداد والطغيان ولحسن الحظ انه ولد في انجلترا لا في سواها. فقد اتاح له جو الحرية ان يمشي في اكتشافاته العلمية الى مداها الاخير وكان اسعد حظا بكثير من سلفه الاعظم غاليليو.
ويرى بعض العلماء ان كتاب نيوتن «المباديء الرياضية للفلسفة الطبيعية» هو اهم كتاب ظهر في تاريخ العلم حتى الآن ففيه يبلور قوانين الطبيعة والكون بشكل علمي وعلى هيئة معادلات رياضية دقيقة.
حقا لقد اكتشف اسحاق نيوتن سر الكون ولغزه فماذا نريد بعد ذلك؟ وكل الفلاسفة الكبار كانوا تلامذته بدءا من فولتير الفرنسي وانتهاء بكانط الالماني.
لقد شرح لنا نيوتن في هذا الكتاب العظيم بنية الكون وتركيبته والآلية الميكانيكية التي تسيره. لقد كشف لنا عن القوانين التي تتحكم بالمجرات والكواكب والشمس والقمر وتأثير كل ذلك على الارض على حركة البحار والمحيطات.
لهذا السبب فإن بعضهم راح يرى في نيوتن نوعا من «السوبرمان» الذي يتجاوز الجنس البشري ويتعالى عليه! وقد قال عنه العالم الفرنسي «لابلاس» الذي يعتبر احد تلامذته ومواصلي ابحاثه: ان كتابه سيبقى اكبر شاهد على عمق العبقرية وعظمتها. فقد كشف لنا فيه عن القانون الاعظم للكون.
ويقول المؤلف مردفاً: عندما اكتشف نيوتن قانون الجاذبية الكونية وحساب اللامتناهي الصغر، ونظرية الضوء فإنه حرص على عدم اعلان اكتشافاته على الملأ فورا.
وذلك هذه اسباب منها انه لم يكن قد وجد العادات الرياضية للبرهنة على صحة اكتشافاته بشكل نهائي.
ومنها انه كان خجولا جدا ويخشى المناظرات والمناقشات الصاخبة. كان يحب ان يشتغل في الظل والصمت على عكس الاساتذة الاخرين الذين يحبون الصالونات والأضواء.
كان نيوتن من الناحية النفسية ذا طبع قلق وشكاك. كان يشك في اي شيء ويشتبه في اي شخص. ولم يكن يعطي ثقته للآخرين بسهولة. يضاف الى ذلك ان خجله كان يدفعه احيانا الى الانفجار بالغضب الشديد دون سبب او دون مبرر كان الرجل متواضعا جدا ولا يحب العلاقات العامة والاضواء. وقد كتب مرة الى احد اصدقائه يقول: لا تذكر اسمي امام احد لا اريد ان اشتهر بين الناس وتكثر معارفي.
في عام 1687 ظهر كتاب نيوتن: المباديء الرياضية للفلسفة الطبيعية. وهو يعتبر ذروة الفكر البشري وقال عنه احد العلماء الكبار: لم يظهر في تاريخ العلم كتاب بمثل هذه الاهمية والحجم. ومن الصعب ان نتخيل ظهور اي كتاب يعادله في مستقبل البشرية! كل نظام العالم ملخص فيه ومشروح وكل تعددية ظواهر العالم معادة فيه الى وحدتها التكاملية فعن طريق قانون الجاذبية الكوني الذي اكتشفه يمكننا ان نفهم حركة المد والجزر للبحار والمحيطات ويمكننا ان نفهم الاضطرابات التي تعتري الكون والكواكب ويمكننا ان نقيس حجم القمر! عندما صدر هذا الكتاب العظيم كان عمر نيوتن خمسة واربعين عاما فقط. ويقول المعاصرون في وصف نيوتن ما يلي: كان متوسط القامة ذا مظهر جميل ومريح للنظر وكانت عينه حادة وثاقبة عندما تنظر اليك وشعره كان غزيرا وطويلا يغطي على رقبته تقريبا. وقد ابيض شعره منذ الثلاثين وأصبح شائبا او اشيب.
ولم يمرض نيوتن في حياته ابدا. وكان غاطسا في افكاره على الدوام. وكان يتحدث قليلا اذا ما تحدث وبشكل رديء. ولم يكن يهتم بمحدثه كثيرا.. وكانت عبقريته من الضخامة بحيث انه لم يكن يستطيع التواصل مع الناس العاديين.
وقد ظل نيوتن يدرس في جامعة كمبردج لمدة ثلاثين سنة دون ان يخرج عالما واحدا جديرا به وأحيانا كان يدخل الى الصف فلا يجد تلميذا واحدا لكي يستمع اليه وعندئذ كان يشعر بالسعادة وينصرف.
ولكن على الرغم من تقشفه وتقواه الديني الا انه كان يهتم بمصالحه المادية والشخصية كثيرا. فقد خلف وراءه ثروة طائلة ورثها اخوته لانه لم يكن له هو اي ولد ولم يتزوج ولم ينجب.
لقد كرس كل حياته لشيء واحد هو العلم ولكن عندما بلغ ذروة الشهرة والمجد راح يقبل التشريفات فقد انتخبوه عضوا في مجلس العموم البريطاني.
وكان يحضر جلسات مجلس النواب دون ان ينبس ببنت شفة كان كالأخرس يحضر الجلسة وهو صامت من اولها الى اخرها ثم يخرج.
ثم يتحدث المؤلف عن مشاكل نيوتن العصبية والنفسية ويقول بما معناه: نظرا لانشغاله بأبحاثه العلمية نسي ان يأكل وينام بشكل جيد لمدة سنتين متتاليتين وعندئذ سقط صريع المرض.
ثم حصل حريق في بيته ودمر اوراقه ودفاتره وعندئذ ضاع عقله، هذا العقل الذي طالما حلق في اعالي السماوات.
وهكذا انهار عقل نيوتن واصيب بالجنون لمدة سنة ونصف. وعندما استفاق من المرض عام 1693 راح يستعيد ابحاثه العلمية من جديد. ولكن عبقريته كانت قد ضعفت ولم يحقق اي اكتشاف بعدئذ.
ولكن الا يكفيه كل ما اكتشفه سابقا؟ ثم عاش نيوتن بعدئذ شيخوخة سعيدة محاطة بأبناء اخوته وبناتهم ومعززا ومكرما من قبل ملك بريطانيا وملكتها.
وقد طبقت شهرته الآفاق الى درجة ان احد علماء فرنسا الكبار سأله زميله الانجليزي الذي يعرف نيوتن شخصيا فيما اذا يأكل ويشرب وينام كبقية البشر! فالناس اصبحوا يعتقدون انه فوق البشر، او انه من جنس وبقية البشر من جنس آخر وعندما مات عام 1727 كان عمره يناهز الخامسة والثمانين. وهو عمر كبير جدا بالنسبة لذلك العصر وقد خرجت انجلترا كلها لتشييعه في موكب مهيب ولم يحصل ذلك الا للملوك.

qayed 12-31-2007 08:59 PM

أبو تمام


المقدمة:
صلتي بأبي تمام وشعره، وديوانه ليست بالحديثة العصر، بل هي ممتدة امتدادها فهي من سنوات عمري؛ فما أن فتحت عيني على الحياة حتى كنت اسمع اسم هذا الشعر الكبير يتردد كثيراً على لسان ابي، ويدور في المجالس ا|لأدبية التي كانت وما تزال تعقد في بيوتنا كلما زرنا أديب أو متأدب إلى ...............
وكانت اتصالي به ومعرفتي له ينموان مع الأيام ويتسعان مع السنين؛ حين دخلة المدرسة، وغدوت احسن القراءة والكتابة، وكنت بين حين وأخر اعود إلى مكتب أبي قراء فيها ما كتب عن أبي تمام وغيره.
وازدادت معرفتي بهذا الشاعر ومحبتي لشعره حين وصلت إلى إلى صف في المدرسة قررت فيه علينا دراسة قصيدته في فتح عموريه .........وكيف لا أحب شعراً قيل في تمجيد بطلات هذه الأمة المجيدة وقادتها العظام، وانتصرتها الخالدة ؟. وكيف لا تزداد محبتي، بل محبة كل مسلم أو عربي لمثل هذا الشاعر وهذه المعارك واؤلئك القادة، وبخاصة في هذا الزمان الأغبر؟!.
كيف لا نحب شعراً يتغنى بذلك القائد الخالد يهب ملبياً صرخة تلك المراة العربية: "و امعتصما".فيرسل بها، لا أنه شكوى الضعاف المتخاذلين الذين لا يملكون غير الشجب والاستنكار والادانة... بل يطلقها صيحة مجد وهتاف بطولة تبلغ وجه الخضراء، وتعم اديم الغبراء. صيحة مايزال صداها مدوين في سماء العالمين، يتردد في مسامع كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد: "من المعتصم بالله إلى كلب الروم، واللهولأسيرنا إليك جيشاً أوله عندك وأخره عندي، الجواب ما سترى، لا ما تسمع".
قصيدة جعلتني كلما أخلو منفرداً أردد مع أبي ريشه:-
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم
اتلقائي وطرقي مطرق حجلاً من امسك المنصرم
ويكاد الدمع يهمي عابثا ببقايا كبرياء الالم
ألاسرائيل تعلو راية في حمى المسجد وظل الحرم
اسمعي نوح الزانه وطربي وانطري دمع اليتامى وبسمي
وتركي الجرحى تداوي جرحها ومنعي عنها كريم البلسم
واحبسي الشكوى فلولاك لما كان في الحكم عبيد الدرهم
ودعي القادة في أهواءها تتفانى في خسيس المغنم
لا يلام الذئب في عدوانه إن يك راعي عدو الغنم
رب وامعتصماه انطلقت ملء افواة الصبايا اليتم
لامست اسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
وأرى لغة المشاعر قد طفت على لغة البحث فابتعدت به فلأعد إليه فأقول : ثم كانت دراستي الجامعية، فاتسع الأفق، ونما المحصول...... وكم كان مدى سروري ومبلغ سعادتي حين كلفني أستاذي الأجل الأكرم؛ الأستاذ الدكتور سمير الدروبي كتابة بحث بعنوان:" صورة البطل في شعر أبي تمام..."
وما هو الا ان اعددت للأمر عدته، وشمرت للجد عن ساعده، ورحت أطوف في المكتبات ابحث عن كل ما كتب في الموضوع. ثم أخذت أقراء إلى أن اكتملت لديه عناصر لديه عناصر البحث بعد أن تكاملت... فشرعت في الكتابه؛ فكان هذا البحث.
وإذا لم أجد مصدر أو مرجع كتب في الموضوع بصورة مباشرة فقد اجتهدت في رسم صورة البطل كما أوحى بها شعر أبي تمام. ورأيت انه يقع في المجالات الآتية:-
1- بطل الأطلال والرحلة.
2- بطل الخمرة.
3- بطل الكرم.
4- بطل المعرفة وما فيه من صفات الشجاعة والأباء والسؤدود.
صور أخرى للبطولة والأبطال، وما يجدر ذكره هو أن صورة البطولة غير منفصلة انفصالاَ قسرياَ، بل هي كثير ما تجتمع وتتعدد حتى في البيت الواحد؛. نحو قوله: إذا طيء لم تطؤ منشور بأسها فأنف الذي يهدي له السخط جادع فقد اجتمع في هذا البيت بين صورتي البطل الجود وبطل الحرب واللقاء.
ودرست كل صوره على حده مبرزاً معالم البطولة في كل مجال. وختمته ببيان اوجه البطولة الأخرى. وهذا هو البحث، انه جهد الطالب وعمل المتلقي. فإن وفيت فيه فهو فضل الله يؤتيه من يشاء، وإن قصرت، فهو طبيعة الإنسان وعليه الاعتذار والله أسأل أن يكون كل عملي خالصاً لوجهه الكريم، انه حسبي وإليه مناب.
وفي الختام يسرني ويسعدني أن أتقدم بأكرم آيات الشكر وأجل معاني العرفان لأستاذي الأجل الأكرم، والأحب الأعلى.

تمهيد
موضوع هذا البحث هو صورة البطل في شعر أبي تمام ولست أدرس إعادة جرى عليها الدارسون والمحدثون أم هي سنه ابتدعوها فاتبعوها واتخذوها شريعة بحث ومنهاج دراسة، فلا يجدون في أنفسهم عنها غنى ولا يرون فيها عنها محيصاً، ولا بيغونا بها بديل، ولا يرضون عنها تحولاً ولا تحويلاً. حتى غدة في عرف كل منهم كالأطلال لا يملك الشعراء أن يبدأ قصائدهم بغير الوقوف عليها.
كل يغني على ليلاه متخذاً ليلى من الناس أو ليلى من الخشب
تلكم العادة أو السنة هي أنهم إذا شرع دارس أو باحث في دراسة علم من الاعلام، أو أثر من آثاره فإن أول ما يبداء به ترجمته لذلك العلم، وذكر تفاصيل حياته ودقائقها، وشيوخه، وتلاميذه، ومؤلفاته............. سواء أكان هذا العلم من المغمورين، أم كان ممن يشار إليهم بالبنان ويطبق ذكره الأركان. حتى غد للعلم الواحد من العلماء والادباء عشرات التراجم ؟!.
وقد رأيت أن اخرج على هذا العرف وأن اختلاف هذه العادة وأن الدعوى غير إلى مخالفتها والخروج عليها والاكتفاء بالإحالة على كتب التراجم والطبقات. ولعمري ما مثل أبي تمام بمن يُجهل قدره؛ ذكره، فهو من كبار شعراء العربية في شتى عصورها ومختلف أمصارها، إذا كان موضوع هذا البحث هو ما بدأت بذكره، وحرصاً مني على أن تكون الصورة أوضح جلاء وأن يكون أوفى بياناً فقد رأيت أن لزام هذا وذك أن إبدائه بتعريف البطولة والبطل لغة واصطلاحاً، فأقول:-البطل لغة- كما جاء في اللسان وغيره من معاجم اللغة:-
"بطل: بطل الشيء يبطل بطلاً وبطولاً وبطلاناً: ذهب صياغاً وخُسراً، فهو باطل، وأبطله هو. ويقال ذهب دمه بطلاً، أي هدراً، وبطل في حديثه بطالة وابطل: هَزَل، والاسم البطل.
والباطل: نقيض الحق والجمع أباطيل، على غير قياس، والبطلة، السّّحرة وقد جاء فيها الحديث: لا تستطيعه البطلة؛ قيل هم السحرة. ورجل بطال ذو باطل. وقالوا: باطل بين البطول وتبطلوا بينهم: تداول والباطل؛ عن اللحياني والتبطل: فعل البطالة وهو اتباع اللهو باطلاً.
ولبطل فلان:جلء بكذب وادعى باطلاً وقوله تعالى:"وما يبدى الباطل وما يعيد".
فال:الباطل هو إبليس أراد الباطل أو صاحب الباطل وهو إبليس .وفي حديث الأسود بن سريع,كنت أنشد النبي صلى الله عليه وسلم فال :اسكت إن عمر لا يحب الباطل,فال أبن الأثير :أراد بالباطل صناعة الشعر واتخاذه كسبلً بالمدح والذم,فأما ما كان ينشده النبي-صلى الله عليه ويلم- فليس ذلك ولكنه خاق ألا يفرق الأسود بينه وبين سائر ه فأعلمه ذلك. والبطل الشجاع وفي الحديث: شاكي السلاح بطل مجرّب. ورجل بطل بين البطالة والبطولة: شجاع تبطل جراحته فلا يكترث لها، ولا تبطل نجادته وقيل، إنما سمي بطلاً لأنه يبطل العظائم بسيفه فبهرجها، وقيل: سمي بطلاً لأن الأشداء يبطلون عنده، وقيل :هو الذي تبطل عنده دماء الأقران فلا يدرك عنده ثائر من قوم أبطال"( ).
وليس المقام في البحث بمتسع لبيان أن ما قد يبدو في الظاهر من فجوات واسعة، واختلافات بينة في دلالات كلمة بطل المنبثقة جميعاً من جذر واحد هو (بطل) وبيان أنها ليست بالمختلفة اختلافاً قسرياً لاصله معه بين دلالة لأنها منبثقة من بواعث واحدة، صادرة من معين واحد، وهي كذلك تمضي إلى صورة واحدة أيضاً.
وهناك جامع يربط بينهما وتلتقي جميعها حوله، ذلك هو النقض وإبطال الفاعلية؛ فالحق يدفع الباطل ويزهقه، وكذبه الشاعر في مدحه أو ذمه هو نقض لحقيقة الممدوح أو الهجو؛ هو كذلك نقض لقناعة السامع أو القارئ، والسحر يقوم على نسخ نشاط إنساني ماء، والشجاعة مناطها التفوق على الخصم، وإبليس يبلس العقول بتقويض دعائم الفكر القويم وسد مسالك السبيل السوي والرؤية الحقة.
والبطولة في الاصطلاح تعني فيما تعنيه تلك القوى المحركة للإنسان في اتجاهاته نحو الأمثل بتخطي الواقع وتجاوز جغرافيته المادية، ففيها تلتقي عناصر الشوق، والرحلة، والتحول، والتطلع، والأنفعة، والإيثار، كما يلتقي فيها جنون المغامرة مع أحلام النصر، وحب الذكر، مما يصعب تشكيله تشكيلا محدداً لأنها في كثير من صورها ممتدة في داخل الإنسان.
وإذا كان المديح، والهجاء، والفخر، والرثاء، والغزل هي أهم أغراض شعر أبي تمام، وهي الأغراض التي تتجلى فيها معالم البطولة وصور الأبطال أن يكثر في شعره ذكر البطل؛ ضمن ذلك قوله :
كم بين حيطانها من فارس بطل قاني الذوائب من آني دم سرب
وقوله:- بل منعرج من فارس بطل جناجن قلعة فيها قنا قصد
وقوله: يردي ويرقل نحو المروتين كما بددي ويرقل نحو الفارس البطل
وقولك- يضرب ترقص الاحشاء منه وتبطل مهجة البطل النجيد
وقوله: قد أترعت منه الجوانح رهية بطلت لديها سورة الابطال
وقوله: ضنك إذا خرست ابطاله نطقت فيه الصوارم والخطيّة الذبل
ويرادف لفظها (البطل) في الشعر الغربي عامة وشعر أبي تمام على وجه الخصوص لفظ (الفارس) وقد بينت ذلك في الأبيات الثلاثة الأولى.
هذه شواهد من شعر أبي تمام على البطل، والبطل الفارس، وفيها تتمثل صورة البطل في شعره، وهو ما سأقول فيه في موضعه من البحث.
فإذا شرعنا في البحث قلنا: إن للبطولة جانبيين: جانب فردي، وجانب جماعي، وهما جانبان متباعدان منفصلان حيناً، وملتقيان مجتمعان حيناً آخر، فهما منفصلات في مجلات وملتقيان في أخر، هما منفصلان عند الحديث عن وقوف الشاعر على الأطلال ووصف الرحلة التي يقوم بها ليصل إلى ممدوحة أو غايته.... وهما مجتمعان عند الحديث عن البطولة في المعارك، أو عن بطولة الكرم أو الإيثار... مما سأبسط القول فيه مفصلاً فيما يلي.

qayed 12-31-2007 09:00 PM

تابع لأبو تمام


بطل الأطلال والرحلة
قد يتعجب بعض قارئي هذا البحث حين أربط فيه بين أبي تمام ووقوفه على الأطلال ووضعه الرحلة في شعره من جهة وبين ما في الوقوف عللا الأطلال ووصف الرحلة من صور البطولة من دهه أخرى، فيتساءل ما العلاقة بين أبي تمام هذا الشاعر العباسي والوقوف على الأطلال ووصف الرحلة، ثم ما وجه البطولة في الوقوف على الأطلال ووصف الرحلة؟!.
ولستُ أرى مصدر التساؤل الأول غير الجهل بالأدب وضحالة البحث فيه، وبحث الناظر لديه، وأن مصدر وهو سائله بأن الوقوف على الأطلال ووصف الرحلة قضية كانت قصراً على الشعر الجاهلي وأنها انقضت بانقضائه.
وإذا كان تعصب أبي الطيب المتنبي لأصله العربي قد دعاه إلى قوله: فليت بلى الأطلال أن لم أقف بها وقوف شميح ضاع في الترب خاتمه( )
وأبو تمام كذلك شاعر عربي، وقد سبق أبا الطيب بنحو خمسة وعشرين ومائة سنة، وكان قد شهد الصراع الذي قام بين الشعراء العرب من جهة والشعراء الشعبين من الفرس على وجه الخصوص وعلى رأسهم أبو نواس، الذي سعى إلى نقض بناء القصيدة العربية ونبذ ذكر الأطلال، وأن يستبدلوا به ذكر الخمرة,
فأبو تمام والحال هذه أحرى بالوقوف على الأطلال من أبى الطيب و أولى بل لعله والبحتري قد اختصا بهذا؟.
يقول الأخرى:... وهذه طريقة القوم في الوقوف على الديار، ولهم فيها من الأشعار ما هو أشعر وأكثر من أن يحتاج إلى ذكره، وتلك سبيل سائر المحدثين، وطريقة الطائيين ما عدلا عنها ولا خرجا إلى غيرها"( ).
وأما القول في قضية الأطلال والرحلة فإنني أمهد لها بقول الآمدي:" ثم أنا ما علمنا أحد قصد داراً عفت من شقه بعيدة، واحداً كان أو في جماعة، للتسليم عليها، والمسألة لها، ثم انصرفوا راجعين من حيث جاءوا، وإن هذا ما سمع به، ولا هو من أغراضهم، إذ ليس فيه جدوى، ولا يؤدي إلى فائدة، وإن ما وقفوا على الديار وعرجوا عليها عند الاجتياز بها والاقتراب منها لانهم تذكروا عند مشارفتها اوطاءهم فيها فنازعتهم نفوسهم إلى الوقوف عليها والتلوم بها..." ( ).
ليس الوقوف على الأطلال ووصف الرحلة، عبارة عن وصف ظاهري لا مكان متهدمة، ورسوم عبثت بها هوج الرياح، بل هي استجابة لدوافع وجدانية، أو قوى لإدراكية مناطها الوعي أو الأوعى انبقثت من نفس الشاعر صريحة حيناً، أو مرتدة على شكل تساؤلات داخلية حيناً آخر. إنها التعبير عن قلق الشاعر من قضبة الزمن، وصروفه في ماضيه، وحاضرة، وما تخبئه من مجهول في مستقبله الزمن الذي قرنت معانيه، ودلالاته بدلالات القليه والقهر( ).
وإذا كان الناس جميعاً يشتركون في التطلع إلى المجهول، فإن الشعراء من أكثر الناس تطلفا إليه، واستغراقا فيه وهم يشاركون الأنبياء والفلاسفة في نظرهم إلى وجه الحياة ألا قضاها.
فقد اتخذ الشاعر من الأطلال طاقة لمجاوزة واقع متهدم، وانطلاقاً إلى انبثاق حياة جديدة لا تتأتى لهم إلا بالتضحية التي تقدم صورة الموت مولداً لنوع من الحياة التي يحلم بها الإنسان.
الأطلال هي رمز الحياة بأبعادها الثلاثة: الماضي، والحاضر، والمستقبل ونظر الإنسان إليها وصراعه معها وفيها؛ صراع البطل المغامر، ومجابهة الفارس المتحدي، أو استسلام الخانع، وتكوص الجبان.
والرحلة هي رحلته في هذه الحياة وهمته فيها أرادته لديها، همة البطل، أو قعود الصاغر.
وصراع الإنسان عموماً، والشاعر على وجه الخصوص مع الزمن –أو الدهر- والحياة، أرادته لديها، وهمته فيها صورة من صور البطولة، كما أن الرحلة، وما يقطعه فيها من مغاوزه وما ترتفع به من روابي، وما تنحط به من شعاب، أو تتقاذفه من حروب، أو تتهاده من تنائف أو يتربص به من وحش أو عدو وما في الوقوف على الأطلال من وحشة الانفراد.........
كلها آيات شجاعة، وصور بطولة.
ولقد قال أبو تمام في الزمن والدهر:-
1- طلبته أيام وطالبت مثلها أخرى قلإصبح طالباً مطلوباً
2- هي عزمةُ كالسيف إلا أنها جُعلت لأسباب الزمان قضوباً
3- خطيت خطوب الدهر منه خُطةً نتجت عليه تجارباً ونكوباً
4- صرمت حبال الدهر منه صرمة تركت بقلب النائبات وجيبا
5- ولربما استبكته نكبة حادث نكات بباطن صفحتيه ندوبا
ومن شعره في الوقوف على الأطلال قوله:
1- ازعمت أن الربع ليسى يتيمُ والدمع في دمنٍ عفت لا يسجمُ؟!
2- يا موسم اللذات غالتك النوى بعدي فربعك للصبابة موسم!
3- لحظت بشاشتك الحوادث لحظة مازلتُ أحلم أنها لا تسلم
4- أين التي كانت إذا شاءت جرى من مقلتي دمعُ يعصفره دم ؟
5- يستعذب المقدام فيها حتفه فتراه وهو المستميت المقلمُ
6- إن كان وصلك آض وهو محرّم منك الغداة فما السّلوُّ محرم
7- عزم يفلًّ الجيش وهو عرمرم ويرد ظفر الشوق وهو مقلّم
8- وفتى إذا ظلم الزمان فما يُرى إلا إلى عزماته يُتظلم!
ذكرت آنفاً أن وقوف الشاعر على الأطلال ضرب من ضروب البطولة، وبينتُ أجلى أوجه هذه البطولة وذلك بأن الأطلال رمز؛ بل رموز الصراع الإنسان مع الزمن في ماضيه المتهدم المنصرم، جعله والحاضر المعاش منطلقين إلى مستقبل يطفح سعادة ويفيض بُلَهنيةً.
وهل المصارعة والصراع وما يستلزمانه من الشجاعة وشدة البأس، ويقتضيانه من الجلد وقوّة الاحتمال غيرُ ضرب من أضرب البطولة، وآية من آيات الإباء؟.
وهذه أبيات لأبي تمام استهل بها إحدى قصائده، ومد بدأها بالوقوف على الأطلال وقوفاً لم سشأ أن يجعل نفسه منه وحيداً فتقتله وحشة الوحدة وآلام الغربة- قلق جرد من نفسه صاحباً، استث وتسريه على نفسه... وراح بسائله مستعملا الفعل الماضي الذي يفيد استغراق الزمن بأبعاده الثلاثة، مستنكراً زعمه بأن مشاهد الديار لا تثير عواطف الصب أو يبعث جوا من الأشجان؛ فيستجيبوا لما به غزير الدمع يسفحه مدراراً إنه يبكي على عهود الوصل التي مضت وأيام التلاقي التي انقضت وفي الدموع إطفاء لما به من غلة الأشواق ومر الصبابة وهي ديار وعهود جدّ عزيزة؛ يستحيي بها الفارس والشجاع، فتراه يقوم عليه مدحجا بالسلاح. وهو صابر على كل ما به يحس ولما له يلقى من لواع الأشواق وكوامن الوجد، وبتاريخ الجوى... فلئن غدا وصل فتاته محرماً عليه فسلوه عنها ونسيانه لها ليس بمحرم .......إنه سيلقاها بما تلقاه به وسبباً لها بما به تبادله؛ وصلاً يوصل وسلواً بسلو؛ وهو سلوّ كمي باسل ذي عزم شديد يشتت جموع الجيش الهمام، فارس إذا شكا فليس بشاكٍ إلا إلى شدّة بأسه، ومضاء عزمه.
ومن شعره في ذكر الديار ووصف الرحلة قوله:-
1- نُسائلُها أي المواطن حلّت وأي ديار أوطنتها وأيت
2- وماذا عليها لو اشارت فودّعت إلينا بأطراف البنان وأويتِ
3- وما كان إلا أن تولّت بها النوى فولى عزاء القلب لما تولتِ
4- ولمّا دعاني البين ولّيت إذ دعا ولما دعاها طاوعته وليَّت
5- ومجهولة الأعلام طامسة الصوى إذا اعتسفتها العيس بالركب ضلَّت
6-تعسفتها واللّيل قلقٍ جرانه وجوزاؤه في الأفق حين استقلت
وهذه أبيات هي مطلع إحدى قصائده، وقد بدأها بسؤال ديار فتاته التي صعنت عنها: إلى أي ديار رجلت، وأي ديار حلت. مستعملاً ضمير الجمع؛ مخففاً به عن نفسه ما يعانيه ويكابده- معاتباً فتاته عتاب الغائب على عدم وداعها إياه قبل الرحيل، وإن يكن وداعاً بادئي إشارة مستعملاً ضمير الاستفهام الدال عما به من آلام المنبئ بما هو فيه من أحزان، وما إن فارقته قتاته وابتعدت حتى فارقه صبره لفراقها، ولقد كانت فتاته متأبية عليه مدلّه تياهه متمنعة مما كان يدعوه إلى مفارقتها، ولكن قلبه لم يكن ليطاوعه في ذلك، أما هي فسرعان ما طاوعها قبيها ققارقته.......... وبعد أن وصف رحلة قطع فيها فلاة قفراً غير مأنوسة "لم يعرف بها ساكن رسماه إذا سارت بها النياق ضلت؛ اذ العلامات فيها ولا هادي لديها. ولقد سار في هذه الفلاة سيراً شديداً، وكان الليل قد أرخى سدوله، وهو في ذكره الليل شبه بجمل ضخم قد برك على حسه- وهو ما يذكرنا بقول امرئ القيس( ):-
فقلت له اما تمطى بصلبه واردق إعجاز وناء بكلكل
وقرن الليل بنجوم الجوزاء ومعلوم أن شعراء الجاهلية على وج الخصوص كانوا يقرنون بين ذكرها وبين المطر والناقة التي كانوا يشبهونها بثور الوحشي، ثم يذكرون صائداً وكلابه، ثم يقمون معركة بين هذا الثور والكلاب، وكانت هذه المعركة تنقضي بانتصار الثور في أغلب الأحاديث.
ولكن أبا تمام لم يفعل فعلهم بل اكتفى بما كان أحدهم يطلقه على ناقته من أوصاف الضخامة والقوة والنشاط.
إنها أبيات كل ما فيها بطولة فالصبر ضرب من أضرب البطولة والرحلة التي قلنا لأنها رحلة الإنسان في هذه الحياة وهمته فيها وإرادته لديها وما تقتضيه من الشجاعة في مقارعة الأيام والبطولة في مجابهة صروف الزمن. والسير في هذه الأرض القفر وفي هذا الليل إليهم بطولة تلتقي ببطولة، وإسقاط الشاعر على ناقته هذه الصبغات، وليس الناقة إلا ما يرافق الإنسان من عزم وهمة في مسيرة في دروب الحياة، وضخامتها وفوتها ونشاطها تعبير عن هذا العزم ودلالة عليه، وهل يستطيع حمل الضخم إلا ضخم ضله؟!



البطولة في الخمر
ارتبطت الخمرة بالشعر العربي بالفتوة والشباب، وهما مقدمة عناصر البطولة وأول إمارتها وأولى لوازمها؛ فقد كان ملء الحياة بالملذات دليل وجود دائم وعنصرا لا ينفعل من الحماسة والبطولة كما كانت كذلك مظهراً من مظاهر الاحتجاج في وجه الزمن لقد بدأ عمرو بن كلثوم ملحمية بذكرها كما نعت الأعشى نداماه بالفتية؛ وذلك قوله:-
وقد أقود الصبا يوماً فيتبعني وقد يصاحبني ذو الشرة الغزلُ( )
في فتية كسيوف الهند قد علموا أن هالك كل من يحفى وينتعلُ
نازعتهم فصب الريحان متكئاً وقهوة ملزّة راووقها خضلُ
كذلك فقد بدأ حسان بن ثابت قصيدته قبل فتح مكة بذكرها فقال:
نوليها الملامة إن المنا إذا ما كان مفت أو لحاء( )
ونشر بها فتتركنا ملوك وأسد ما ينهنهنا اللقاء
ثم قال: عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداءُ
وقد اجتمعت هذه المعاني في قصيدة لأبي تمام يقول:-
أصيب بعميّا كأسها مقتل العذل تكن عوضا إن عنفوك من الثبل
وكاس كمعسول الأماني شربتها ولكنها أجلت وقد شريت عقلي
إذا عوتبت بالماء كان اعتذارها لهيبا كوقع النار في الحطب الجزل
إذا هي ديّت في الفتى خال جسمة لما دبّ فيه قرية من قرى النحيل
إذا ذاقها وهي الحياة رأيته يُعّبس تعبيس المقدم للقتل
إذ اليد نالتها يوتر توقرت على ضعفها ثم استقادت من الرّحل
ويصرع ساقيها بإنصاف شربها وصرعُهمُ بالجور في صورة العدل
وصف فيها تعذر الرزق عليه بمصر، وهل تعذر الرزق غير شدة يقتضي مواجهتها الصبر والحزم، بل مصيبة تستوجب مجابهتها السعيّ، والجدّ، والعزّم؛ وهل الصبر والعزم والسعي والجد والحزم إمارات الشجاعة وضروب بطولة، قدّم لها بذكر الخمرة؟!.
لقد بدأها مجرد من نفسه صاحباً؛ تسربه عن نفسه وتقويه لهمته، وراه يخلطبه طالباً إليه أن تشربها؛ ففي شربها الثأر ممن له ثأر لديهم من المقرعين من الناس، أو من صروف الزمن مشبعا إياها بالأحلام الجميلة والاماني العذبة، ناعتاً شاربها بـ(الفتى) مشبها إياه بما تبعثه فيه من الصحة والنشاط والسعي بقربه النحل، وما تجعله فيه من الآباء بحث يستعد للقتل غير مبالٍ.

qayed 12-31-2007 09:01 PM

وقال في قصيدة أخرى
اصبري أيتها النفس فإن الصبر أحجى
نهني والحُزن فلإن الخزن إن لم ينه لجى
والبسي الباس من الناس فإن الباس ملجا
طلعت شمس علينا من دنان تتوجا
لذة الطعم تمج للسك في الأقدام حجا
كست الشيخ شباباً فأكتسي شكلاً وغنى
فقضينا منسك اللهو وإن لم ننو حجا
بدأ أبو تمام هذه القصيدة مخاطباً نفسه طالبا إليها أن تصبر وتتجلد وأن يطرح الأحزان؛ لأن المرء إذا لم يتطرح الأطراف تمادت به وفي إيلامه.
وهذا المعنى قريب من قول الشنفري:-
أديم مطال الجوع حتى أميته وأضرب عنه الذكر صفحاً فأذهل( ) ويشيد تماماً قول إيليا أبي ماضي.
وإذا ما أظل رأسك هم قصر البحث فيه كي لا يطولا ( )ثم انتقل أبو تمام إلى وصف خمرة شربها في جماعة من أصحابه مشبها إياها بالشمس، واصفاً تأثيرها في مشاربها فهي تجعل من الشيخ شاباً يرقل بالحيوية ويزدهي بالنعومة ناعتاً فعلهم هذا بقضاء أحد المناسك.
بطل الكرم
الكرم من أجلّ الصفات وأسمى الشمائل، وانبل الخلال التي يتجلى بها الإنسان عموماً والعربي على وجه الخصوص.
ولقد تكرر لفظ الكرم ومشتقاته في الكتاب العزيز ثمانياً وأربعين مرة, وكثيراً ما فرت المولى- تقدّي أسماؤه- الجود بالنفس –وهو أسمى غاية الجود- بالجود بالمال.
وإذا كان أكثر شعر \أبي تمام في المديح والرثاء- كما أسلفت- فيد هيّ أن يكثر فيه ذكر السخاء والكرم والجود وهل يستحق المديح من خلال من هذه الصفة الجلية والخلّة العليّة.
ومن شعره في ذلك قوله في مدح المعتصم:
إلى قطب الدنيا لو بفضله مدحت بني الدنيا كفتهم فضائله
من البأس والمعروف والجود والتقي عيال عليه رزقهن شمائله
هو اليم من أي النواحي أتيته فلحية المعروف والجود ساحله.
يفود لسط الكف حتى لو انه تناها لقبض لم تجبه أنامله
ولو لم بكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله
عطاء لو اسطاع الذي تستميحه لاصح من بين الورى وهو عادله
فالموضوع قطب الدنيا وموضع القسطاس منها، ولو عدّت كلّ فضائل أهلها لزادت فضائله على فضائلهم جميعاً. وهو جماع الفضائل تلّها؛ من الشجاعة والإقدام والإحسان والجود والورع، بل هو مصدرها ومعينها وهو بحر الجود يعمّ به الأرجاء إنه أصل الجود وأوانيه ومنابع السخاء ولقد تعوّد أن تظل كفّه مبسوطة بالجود والمعروف ممتدة بهما أولاً حتى لا تكاد أنامله تطيعه في إمساك، حتى وإن لم يكن لديه غير نفسه يجاد بها؛ ولذا فليقف الله سائله وهو فيض جود يكاد من يناله وافر هذا الجود أن يلومه على كثرة ما أعطاه
وقال يفخر بقومه من بني طي
نجوم طوالع جبال فوارع غيرت هوا مع سيول دافع
نصرا وكأن المكرمات لديهم لكثرة ما أوصلوا بعين شرائع
فأي يد في المجد قدت فلم تكن لها راحة من جودهم وأصابع
بها ليل لو عانيت فضل أكفهم لايقنت أن الرزق في الأرض واسع
إذا خفقت بالبذل ارواح جودهم حداها الندى واستنشقها المطامع
رياح كريح العنبر المحض في الندى ولكنها يوم اللقاء زعازع
لقد شبه قومه بالنجوم إشراق أسوار ولآلاء هدايه، وكثرة عديد وشهرة حيث وبُعد ذكر، وعلو مكانه وسمو منزلة وهو قد جمع (طالع) على طواليع؛ كما جمع (هامع) على هواميع) امعانا في التكثير.
ولقد كانت المكارم فيهم بمنزلة الشريعة والعقيدة والمنهاج، فهوا عليها وأوصوا أسلافهم باتباعهم في السير عليها ليس في الأرض جود الا وهو فيض جودهم، ونيع سخائهم وإذا عاين أحد كثرة ما يبذلون ومدى مابه يجودون لأيقن لغيضه أن الخلق جميعاً أغنياء، وأن رياح جودهم ليوجد من مسافات بعيدة وهي رياح معطرة بشذى العنبر الخالص، ولكنها تستحيل عند مقارعة الاعداء ربحاً هوجاً عاتيه.
بطل المعركة وما فيه من صفات الشجاعة والآباء والسؤدد قال في فتح عمورية:-
كم بين حيطانها من فارس بطل قاني الذوائب من آني دم سرب
بسنة السيف والخطي من دمه لاسنة الدين والإسلام مختطب
لقد تركت أمير المؤمنين بها للنار يوماً ذليل الصخر والخشب
تدبير معتصم بالله منتقم لله مرتقب في الله مرتقب
ومعظم النصر لم تكهم أسنته يوماً ولا حجبت عن روح فحتجب
لم يعز قوماً ولم ينهد إلى بلد إلا تقدمه جيش من الرّعب
لو لم يقد جحفلاً يوم الوغي الندي من نفسه وحدها في جحفل الجب
لبيّت صوتا بطرياً هرقت له كأس الكرى ورضاب الخرد العُرب
عداك حر الثغور المستضامة عن برد الثغور وعن سلسالها الخصب
أجبته معلنا بالسيف منصلتا ولو أجبت بغير السيف لم تجب
حتة تركت عمود الشرك منعفراً ولم تعرج على الاوتاد والطنب
إن الأسود أسود الخيل همتها يوم الكريمة في المسلوب لا السلب
خليفة الله جازي الله سقيك عن جرثومة الدين والإسلام والحسب
فبين ايامك اللاني نصرت بها جرثومة الدين والاسلام والحسب
فبين ايامك اللائي نصرت بها وبين أيام بدر أقرب البسي.
وقال يرثي محمد بن حميد الطائي:-
كذا مليجل الخطب وليفدح الأمر فليسب لعين لم يفض ماؤها عُذرُ
توفيت الآمال بعد محمد واصبح في شغل عن السفر السفر
وما كان الآمال من قل ماله وذخرا لمن أمس وليس له ذخر
وما كان يدري مجتدي جود كفه إذا ما استهلت أنه خلق العسر
مني كلما فاضت عيون قبيله دما صحكت عنه الاحاديث والذكر
وما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب واعتلت عليه القنال السمر
وقد كان فوت الموت سهراً فرده إليه الحفاظ المرّ والخلق الوعر
ونفس تعاف العار حتى كأنه هو الكفر يوم الرّوع أو دونه الكفر
فأثبت في مستنقع الموت رحله وقال لها من تحت أخمص والحشر
تردى ثبات الموت حُمرا مما اتى لها الليل الا وهي من سندس خضر
عليك سلام الله وقفاً فإنني رأيت الكريم الحرّ ليس له عمرٌ
هذه مقتطفات من قصيدتين هما من عيون الشعر العربي ولو قدر أن يكون لي من الأمر شيء لأمر جبت حفظهما على كل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.
وقد جمعتهما معاً، مخالفاً بذلك في دراستهما النهج الذي سرت عليه ولقد ترتبت في اختبار الآبيات ريثاً امتد زمنا غير قصير.
فأما أولاهما فقد قالها أبو تمام في وصف إحدى معارك الإسلام الخالدة؛ هي فتح عمورية، تمجيد بطل من أبطاله العظام؛ هو المعتصم وقد مهّد لمدحه بوصف جنود الأعداء بالشجاعة والأقدام ولا عجب فإن في وصفهم بهذه الصفات مدحاً غير مباشر للقائد وجيشه الذي قتدهم أو أسرهم أو انتصر عليهم إنهم أبطال في الغاية من البطولة فهم قد ثبتوا في ساح الوغى فوقع الضرب في رؤوسهم لا في أعقابهم فأخذت ذوائبهم تسبل دماً أحمر قانياً.
ولقد حضيت ذوائبهم بالدم وهي سنة السيف والرمح، لا بالخضاب الذي هو سنة الإسلام.
وانتقل بعد ذلك مباشرة إلى ما فعله المعتصم بهذه المدينة وما كان إحراقه إياها، جزاء وفاقاً على ما جنته أيدي أهلها وملكهم من أذى للمسلمين وهي نار حامية الوقد شديدة اللظى قد أحرقت بلهيبها الخشب والصخر.
وهو بعد أن وصف ما حل بهذه المدينة من النكبات التي ردّت بها كرامة هذه الأمة و عزتها، وما كان لذلك من وقع إثلاج صدور المسلمين، شرع في مدح المعتصم؛ فهذا النصر المؤزر قد تم بفضل حنكة القائد وسديد قيادته، وهو فتح وجهاد لم يرد به غير وجه الله تعالى. ولقد كان في النصر مخمصة فاسبقها الممدوح من جيدا سنته التي لم تعرف الغل ولا الكلّ، ولم تغمد عن بغية. والقائد مكلل بالنصرة تسبقه المهابة ، فهو لم يقد جيشاً إلى معركة إلا دب الخور في قلوب أعدائه بمجرد علمهم بمسيرة وهو كذلك مهيب مهاب حتى لو كان مفرداً ليس معه جيش؛ فهو جيش وحده.
ثم التفت الشاعر، مشرع في خطاب القائد؛ مشيراً إلى المرأة العربية التي استفانت به، وسرعة هبته لنجدتها محرما على عينيه طعم الغمض وعلى نفسه ملذات الحياة ومتع الدنيا، من الفتيات الحسان.
لقد صرف القائد انشغاله بحفظ ثغور الإسلام عن سائر الملذات ولقد أسرع مستجيبا لاشتغاله هذه المرأة بالسيق؛ وما كان مثله بمن يستجيب بغيره وفعل بالمشركين ما فعل والحق بهم العزيمة النكراء، ولقد كان همه النصر، لا شيء سواه فهو لم يلتفت إلى سبي أو مغنم ولإن الأبطال –الذين شبههم بالأسود هو منهم وغايتهم مقارعة الأبطال، لا اكتساب الغنائم.
ثم شرع في الدعاء إلى القائد بأن يجزيه الله جزاء المصطفين الأخبار عما فعله في سبيل عزة الإسلام ومنعة المسلمين وختم بتشبيهه النصر في عمورية بانتصار المسلمين الأوائل
-رضوان الله عليهم –في غزوة بدر.

qayed 12-31-2007 09:01 PM

تابع لأبو تمام

أما الآبيات الأخر فأنها مقتطفات من قصيدة رثى بها أحد أبطال الإسلام من قومه.
وقد استشهد في إحدى معارك المسلمين مع أحد أعداء الإسلام من الزنادقة والشعوبيين؟ هو بابك الخزميّ
وقد بدأها بذكر هذا المصاب الجلل الذي حل باستشهاد هذا البطل وما يستوجبه فقده من سفح الدموع الفزار، وهو فقد لاعذر معه لعبت إن لم تبكي وذكر بعد ذلك أثر استشهاد هذا الفارس، فقد ماتت بموته آمال كل من كن بأمل به شيئاً ورجا، من كان يرجو به أمراً. ولقد شغل الناس بموته شغلاً افقدهم عن أعمالهم، ولقد كان البطل المرئي عون كل محتاج وسند كل راج، لقد كان هذا الفارس في الغابة من الجود حتى كان من كان ينال خبرة لم يكن يعلم أن في شيئاً اسمه الفقر ولقد مات هذا البطل في ساحة المعركة بين ضرب السيوف وطعن الآسنة ميتة تشرف كل من كان معه من الجنود فكأنهم منتصرون حتى لو لم يكونوا قد انتصروا ولقد كان يمكنه البقاء حياً لو شاء، فلم يشترك في معركة أو يخطب غرار معمعة إلا أن يكون فارساً مجاهداً مستشهد.
وهو قد جهز نفسه لهذه المعركة وليس لها ليدسها وغدت انوابه من كثرة ما سالت عليها من الدماء حمراً، فنال الشهادة فابدله له بثيابه الحمر ثياباً من سندس اخضر وهو لباس أهل الجنة.
5- صورة أخرى للبطولة والأبطال
1- البطل مرفوع الراية أبداً؛ ويتجلى هذا في قوله:-
شوس إذا خفقت عقاب لوائهم طلت قلوم الموت منهم تخفق
2- وهو من تهابه حتى الجن؛ نحو قوله
رميت بمن لو ان الجن ترمى به لتنهيتها الانس نهيا
وهو كذلك جواب فلوات بعيد الصيت طائر الذكر
فكاد بأن يرى للشرق شرقاً وكاد بأن يرى للغرب غرباً
3- وهو شديد الفتك، فكأنه الصلّ من الحبات
تجد صلا تخال بكل عضو له من شدّة الحركات قلب
4- وهو صلب كالصخرة الصماء
يا ابن الخبيثة لا تعرض صخة صماء من مجدي برض زجاج
5- البطل نجم علوّ مكانه وسمو منزلة:-
بنو عبدالكريم نجوم عز تر في طيء أبداً تلوح
بدور المظلمات إذا تنادوا وأسد الغاب ازعلها الركوب
6- البطل رحيم يعفو عند المقدرة.
ناكث للعهد قد نكثت به امانيه واستخدمت الحقل باطله
فأمكنته من رمة العفو رأفة ومغفرة إذا مكنتك مقاتله.
حـ- البطل قنوع
وكنت أعزّ عزّاً من قنوعٍ تعوضه صفوح عن جهول
ط-البطل جلد صبور
ما يحسم العقلُ والدنيا تساس به ما يحسم الصبرُ في الأحداث والنّوب.
الصبر كاسٍ وبطن الكفّ عارية والعقل عارٍ إذا لم يُكس بالنشب
ي- البطل عادل:
جلا ظلمات ظلم عن وجه أمّهٍ أضاء لها من كوكب الحقّ آفلة
وقام فقام العدل في كلّ بلدةٍ خطيباً وأضحي المُلك قد شقّ بازله
ك- البطل أصيل النسب كريم المحتد
وما فضل العتاق إذا ألظت بها وتأثلت فيها العيوب
أتمتحق القسيّ بغير نبلٍ أيخطس مبتليها أم يصيب
ل- البطل ذو هيبة
قد أترعت منه الجوانح رهبةً بطلت لديها سورة الأبطال
لو لم يزاحفهم لزاحفهم له ما في صدورهم من الأوجال
م- البطل صادق في وعده ووعيده:
يستعذبون مناياهم كأنهم لا ييئسون من الدنيا قبلوا
قوم إذا وعدوا أ أوعدوا عمروا
صدقاً ذواب ما قالوا بما فعلوا
ن- البطل حازم نيّر الفكر سديد الرأي

يحميه حزم لحزم البخل مهتضم
جوداً وعرض لعرض المال مبتذل
فكر إذا راضه راض الأمور به
رأي تغض فيه الريث والعجل
هذه وما تقدّم أحلى صور البطل في شعر أبي تمام، أبرزتها في هذا البحث، وهو عمل طالب وجهد متعلق مازال يحاول العوم في شاطئ هذه اللغة العليّة، وفي ساحل أدبها أختمه بتقديم أجلّ آي الشكر وأسمى معاني التقدير إلى أستاذي الكريم، وزملائي الأعزاء والله وليّ توفيقنا جميعاً وهو حسبنا ونعم الوكيل ومولانا ونعم النصير.

المراجع:-
1-أبو تمام، فنه ونفسيته من خلال شعره: ايليا حاوس، دار الثقافة بيروت، ط1، 1989.
2-ديوان أبي تمام
3-ديوان أبي الطيب المتنبي، بشرح أبي البقاء العكبريّ، ضبطه وصحيحه، مصطفى السقا وآخرون، دار المعرفة، بيروت، 1978م.
4-ديوان الأعشى الكبير، تحقيق، د. محمد حسين، مكتبة الآداب بالجماميز، د.ت.
5-شرح ديوان حسان بن ثابت الأنصاري، وضعه وضبطه وصححه: عبد الرحمن البرقوقي، دار الكتاب العربي، بيروت، 1981م.
7-الموازنة بين أبي تمام والبحتري، تصنيف :الحسن بن الشر الآمدي، حقق أصوله: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العلمية، بيروت.

qayed 12-31-2007 09:02 PM

ابو بكر الصديق

هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن كعب التيمي القرشي. أبو بكر. أمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر التيمي. ولد سنة 51 ق. هـ (573م) . أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال ,وأول الخلفاء الراشدين. سمي بالصديق لأنه صدق النبي صلى الله عليه وسلم في خبر الإسراء, وقيل لأنه كان يصدق النبي في كل خبر يأتيه من السماء. كان يدعى بالعتيق; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار. كان سيدا من سادات قريش وغنيا من كبار موسريهم, وكان ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية. كان له في عصر النبوة مواقف كبيرة , فشهد الحروب واحتمل الشدائد وبذل الأموال , وكان رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة وإليه عهد النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بالناس حين اشتد به المرض. بويع بالخلافة يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم سنة 11 للهجرة. حارب المرتدين والممتنعين عن أداء الزكاة وأقام دعائم الإسلام. افتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق. توفي ليلة الثلاثاء لثمان خلون من جمادى الآخرة وهو ابن ثلاث وستين سنة, وكانت مدة خلافته سنتان وثلاثة أشهر ونصف
استخلاف أبي بكر: اجتماع السقيفة
التزاحم على الخلافة بين الأنصار والمهاجرين
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم جرى تزاحم على الخلافة بين الأنصار والمهاجرين. فقد تداعى الخزرج - وهم أحد حزبي الأنصار- إلى الاجتماع في سقيفة بني ساعدة, ليختاروا زعيمهم سعد بن عبادة خليفة للمسلمين.
فعلم بالأمر عمر بن الخطاب وأبو بكر فسارعا إلى السقيفة ومعهما نفر من قريش. وقام حوار بينهم وبين الخزرج, وكانت حجة هؤلاء أن الأنصار آزروا النبي صلى الله عليه وسلم ونصروه فهم أحق الناس أن يكون خليفته منهم.
وكانت حجة الجانب القرشي أحاديث الرسول التي تدل على أن الخليفة ينبغي أن يكون قرشيا ومنها قوله: الأئمة من قريش ولما اشتد الجدل وعلت الأصوات تقدم عمر إلى أبي بكر وبايعه وتبعه من قدم من القرشيين, وعلم الأوس بالأمر فجاءوا وانضموا إلى الجانب القرشي وبايعوا أبا بكر, وانتقل أبو بكر بعد ذلك إلى المسجد فبايعه الناس, وكانت مبايعة أبي بكر, كما قال عمر, فتنة وقى الله شرها
موقف الهاشميين من بيعة أبي بكر
يرى الهاشميون أن الخلافة من حق علي ابن أبي طالب, فهو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء وأول شاب دخل في الإسلام . ولم يحضر علي اجتماع السقيفة, ولم يحضر معه عمه العباس لأنهما كانا مشغولين بتجهيز الرسول.
ولما علموا بمبايعة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة سكتوا على مضض ولم يبايعوا أبا بكر وجاراهم في ذلك طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام, وظلوا ممتنعين عن مبايعة أبي بكر ستة أشهر أي بعد وفاة فاطمة بنت الرسول, لأنها لم تكن راضية عن أبي بكر ولأنها كانت حانقة عليه لأنه منعها ميراث أبيها مستندا إلى حديث الرسول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة .
موقف بني أمية من بيعة أبي بكر
لم يكن لبني أمية أمل في أن تكون الخلافة فيهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم, فقد حاربوه وكانوا أشد الناس عداوة له ولصحابته, كما أنهم كانوا آخر الناس إسلاما, ولكنهم سعوا أن يسعروا فتنة بين المسلمين وأن يوقعوا بين أبي بكر وعمر, وشيعتهم من قريش, وبين علي ابن أبي طالب وشيعته من بني هاشم, وقد تولى ذلك أبو سفيان ابن حرب, فما أن بلغه مبايعة أبي بكر حتى هرع إلى سقيفة بني ساعدة وأخذ ينادي غاضبا: إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم, يا آل عبد مناف, ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش؟ ثم انطلق إلى علي ابن أبي طالب وقال له: ابسط يدك أبايعك, فوالله لو شئت لأملأتها عليه - يقصد أبا بكر- خيلا ورجلا.
ولم يكن علي بغافل عما في نفس أبي سفيان, فما كان جوابه إلا أن قال له: يا أبا سفيان, إنك ما أردت إلا الفتنة, وإنك والله لطالما بغيت للإسلام شرا, فلا حاجة لنا في نصيحتك, إنا وجدنا أبا بكر أهلا لها, فانصرف أبو سفيان خائبا .
وهكذا برزت في بيعة أبي بكر أول ظاهرة للفرقة بين المسلمين. وقد رتب الفقهاء على الطريقة التي تمت بها بيعته قاعدة في أصول الحكم وهي أن الإمامة (الخلافة) تنعقد ببيعة واحد يتبعه الحاضرون في بلد الإمام, ولا تتوقف على الغائبين عنها, فبيعة أبي بكر انعقدت بمبايعة عمر ثم تبعه أهل المدينة وبايعوه .
الزهراء
مدينة من القصور تقع شرقي غرناطة بناها عبدالرحمن الناصر الأموي سنة 325 هـ لتكون متنزها له وأنفق في عمارتها وتزيينها الكثير وأسرف فيه. وتقع في الشمال الغربي من قرطبة مدينة (الزاهرة) بناها المنصور بن أبي عامر لتكون مقرا له. وقد خربت المدينتان وأصابهما ما أصاب غيرهما من مدن الأندلس العربية .

بيعة عمر
رغب ابو بكر الصديق رضي الله عنه في شخصية قوية قادرة على تحمل المسئولية من بعده ، واتجه رأيه نحو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستشار في ذلك عدد من الصحابة مهاجرين وأنصارا فأثنوا عليه خيرا ومما قاله عثمان بن عفان رضي الله عنه : ( اللهم علمي به أن سريرته أفضل من علانيته ، وأنه ليس فينا مثله ) وبناء على تلك المشورة وحرصا على وحدة المسلمين ورعاية مصلحتهم، أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من بعده ، وأوضح سبب اختياره قائلا : (اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم ، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم ، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم ). ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد اذ خاطب المسلمين قائلا : (أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي ، ولا وليت ذا قربى ، واني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا) فرد المسلمون : (سمعنا وأطعنا) وبايعوه سنة ( 13 هـ ).


أسماء بنت أبي بكر
نــسبها :
كانت أسمـاء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها - تحمل نسباً شريفاً عالياً جمعت فيه بين المجد والكرامة والإيمان ، فوالدها هو صاحب رسول الله، وثاني اثنين في الغار، وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه يقول الشاعر:
ومن من الناس مثل أبـي بـكر …….إنت خلق الخلق بعد الأنبياء (1)
تزوج النبي صلى الله علية وسلم بعائشة رضي الله عنها، بنت الصديق أحد المبشرين بالجنة، وأفضل الصحابة (2)، أما عن جدها فهو عتيق والد أبي بكر ويقال: عتيق بن أبي قحافة عثمان بن عامر، القرشي ، التميمي ، ولد بمكة ، ونشأ سيداً من سادات قريش، وغنياً من كبار موسريهم ، وعالما بأنساب القبائل، وأخبارها وسياستها.أما زوج أسماء فحواري رسول الله الزبير بن العوام وأبنها عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهم أجمعين. وأمها قتيلة بنت عبد الغزى، قرشية من بني عامر بن لؤي ، وقد اختلفت الروايات في إسلامها ، فإذن هي قرشية تيمية بكرية.
مولدهـا:
ولدت أسماء في مكة المكرمة في قبيلة قريش ، أخوها عبد الله بن أبي أبكر أكبر من ببضع سنوات وهي أكبر عن السيدة عائشة بعشر سنوات وأختها من أبيها، وهي من الذين ولدوا قبل الهجرة 27عاما.
إسلامها:
عاشت أسماء رضي الله عنها حياة كلها إيمان منذ بدء الدعوة الإسلامية ، فهي من السابقات إلى الإسلام ، ولقد أسلمت بمكة وبايعت النبي صلى الله علية وسلم على الأيمان والتقوى، ولقد تربت على مبادئ الحق والتوحيد والصبر متجسدة في تصرفات والدها ، ولقد أسلمت عن عمر لا يتجاوز الرابعة عشرة ، وكان إسلامها بعد سبعة عشر إنساناً(3 ).
شخصيتها:
كانت على قدر كبير من الذكاء، والفصاحة في اللسان، وذات شخصية متميزة تعكس جانباً كبيراً من تصرفاتها، وكانت حاضرة القلب، تخشى الله في جميع أعمالها. بلغت أسماء رضي الله عنها مكانة عالية في رواية الحديث ، وقد روى عنها أبناؤها عبد الله وعروة وأحفادها ومنهم فاطمة بنت المنذر، وعباد بن عبد الله، وقد روت في الطب ، وكيفية صنع الثريد ، وفي تحريم الوصل وغيرها من أمور.وكان الصحابة والتابعون يرجعون إليها في أمور الدين ، وقد أتاح لها هذا عمرها الطويل ومنزلتها الرفيعة.
تزوجها رجل عفيف مؤمن من العشرة المبشرين بالجنة ، ألا وهو الزبـير بن العوام، فكانت له خيرة الزوجات، ولم يكن له من متاع الدنيا إلا منزل متواضع وفرس، كانت تعلف الفرس وتسقيه الماء وترق النوى لناضحه، وكانت تقوم بكل أمور البيت ، حيث تهيئ الطعام والشراب لزوجها ، وتصلح الثياب، وتلتقي بأقاربها وأترابها لتتحدث عن أمور الدين الجديد ، وتنقل هذا إلى زوجها ، وقد كانت من الداعيات إلى الله جل وعز.ظلت أسماء رضي الله عنها تعيش حياة هانئة طيبة مطمئنة في ظل زوجها مادام الإيمان كان صادقاً في قلوبهم ، وكان ولاؤهم لله واتباعهم لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
المرجع:-
ابو بكر
موقع الإسلام

أنجبت أسماء رضي الله عنها أول غلامٍ في الإسلام بعد الهجرة ، وأسمته عبد الله، وكان الزبير قاسياً في معاملته ، ولكنها كانت تقابل ذلك بالصبر والطاعة التامة وحسن العشرة، وبعد زمن طلقها الزبير بن العوام ، وقيل: إن سبب طلاقها أنها اختصمت هي والزبير ، فجاء ولدها عبد الله ليصلح بينهما ، فقال الزبير: إن دخلت فهي طالق.فدخل، فطلقها.(4)، وكان ولدها يجلها ويبرها وعاش معها ولدها عبد الله ، أما ولدها عروة فقد كان صغيراً آنذاك ، فأخذه زوجها الزبير. وقد ولدت للزبير غير عبد الله وعروة: المنذر ، وعاصم ، والمهاجر ، وخديجة الكبرى ، وأم الحسن ، وعائشة رضي الله عنهم.

qayed 12-31-2007 09:02 PM

تابع لأبو بكر الصديق

وفي أثناء الهجرة هاجر من المسلمين من هاجر إلى المدينة ، وبقي أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينتظر الهجرة مع النبي صلى الله علية وسلم من مكة ، فأذن الرسول صلى الله علية وسلم بالهجرة معه، وعندما كان أبو بكر الصديق رضي لله عنه يربط الأمتعة ويعدها للسفر لم يجد حبلاً ليربط به الزاد الطعام والسقا فأخذت أسماء رضي الله عنها نطاقها الذي كانت تربطه في وسطها فشقته نصفين وربطت به الزاد، وكان النبي صلى الله علية وسلم يرى ذلك كله ، فسماها أسمـاء ذات النطــاقين رضي الله عنها ، ومن هذا الموقف جاءت تسميتها بهذا اللقب.وقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم : (أبدلك الله عز وجل بنطاقك هذا نطاقين في الجنة) (5) ، وتمنت أسماء الرحيل مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبيها وذرفت الدموع ، إلا إنها كانت مع أخوتها في البيت تراقب الأحداث وتنتظر الأخبار، وقد كانت تأخذ الزاد والماء للنبي صلى الله علية وسلم ووالدها أبي بكر الصديق غير آبهة بالليل والجبال والأماكن الموحشة ، لقد كانت تعلم أنها في رعاية الله وحفظه ولم تخش في الله لومة لائم.
وفي أحد الأيام وبينما كانت نائمة أيقظها طرق قوي على الباب ، وكان أبو جهل يقف والشر والغيظ يتطايران من عينيه ، سألها عن والدها ، فأجابت: إنها لاتعرف عنه شيئاً فلطمها لطمة على وجهها طرحت منه قرطها (6) ، وكانت أسماء ذات إرادة وكبرياء قويين ، ومن المواقف التي تدل على ذكائها أن جدها أبا قحافة كان خائفاً على أحفاده ، ولم يهدأ له بال ، لأنهم دون مال ، فقامت أسماء ووضعت قطعاً من الحجارة في كوة صغيرة ، وغطتها بثوب ، وجعلت الشيخ يتلمسه ، وقالت: إنه ترك لهم الخير الكثير فاطمأن ورضي عن ولده ، ونجحت أسماء في هذا التصرف ، ونجح محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الوصول إلى المدينة المنورة.

روايتها عن الرسول:
روت أسماء رضي الله عنها خمسة وثمانين حديثاً وفي رواية أخرى ستة وخمسين حديثاً، اتفق البخاري ومسلم على أربعة عشر حديثاً، وانفرد البخاري بأربعة وانفرد مسلم بمثلها، وفي رواية أخرج لأسماء من الأحاديث في الصحيحين اثنان وعشرون المتفق عليه منها ثلاثة عشر والبخاري خمسة ولمسلم أربعة.
مـــواقف وأحـــــداث:
كانت أسماء تأمر أبناءها وبناتها وأهلها بالصدقة تقول: أنفقوا ، أو أنفقن ، وتصدقن ، ولا تنتظرن الفضل، فإنكن إن انتظرتن الفضل، لم تفضلن شيئاً ، وإن تصدقتن لم تجدن فقده. وكانت شاعرة ناثرة ذات منطق وبيان ، فقالت في زوجها الزبير ، لما قتله عمرو بن جرموز المجاشعي بوادي السباع ، وهو منصرف من وقعة الجمل:
غدا ابن جرموز بفارس بهمة يوم الهياج وكان غير معرد
يا عمرو لو نبهته لو حدته لا طائشاً رعش الجنان ولا اليد (7)
وعن عبد الله بن عروة عن جدته أسماء قال: قلت لها: كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم يفعلون إذا قرىء عليهم القرآن؟ قالت: كانوا كما نعتهم الله ، تدمع أعينهم ، وتقشعر جلودهم. قال: فأن ناساً إذا قرىء عليهم القرآن خر أحدهم مغشياً عليه. قالت: أعوذ بالله من الشيطان.
وفي خلافة ابنها عبد الله أميراً للمؤمنين جاءت فحدثته بما سمعت عن رسول الله بشأن الكعبة فقال: إن أمي أسماء بنت أبي بكر الصديق حدثتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: (لولا حداثة عهد قومك بالكفر، لرددت الكعبة على أساس إبراهيم ، فأزيد في الكعبة من الحجر). فذهب عبد الله بعدها وأمر بحفر الأساس القديم ، وجعل لها بابين ، وضم حجر إسماعيل إليها، هكذا كانت تنصح أبنها ليعمل بأمر الله ورسوله.
وقد كانت امرأة جليلة تقية ورعة ، جادة في الحياة ، عندما قدم ولدها المنذر بن الزبير من العراق أرسل لها كسوة من ثياب رقاق شفافة تصف الجسد فرفضتها ، فقال المنذر: يا أماه ، إنه لا يشف ، قالت: إنها إن لم تشف فإنها تصف. ومن جرأتها وجهادها خروجها مع زوجها وأبنها في غزوة اليرموك.
آخـر المهاجــرات وفاة:
توفيت أسماء سنة ثلاث وسبعين بعد مقتل ابنها بقليل ، عن عمر يناهز مائة سنة ، ولم يسقط لها سن ولم يغب من عقلها شيء(8) ، وانتهت حياة أســماء ذات النطاقين رضي الله عنها وأرضاها ، وانتقلت إلى جوار ربها ، تاركة دروساً وعبر ومواعظ خالدة في الإسلام فقد كانت بنتاً صالحة، وزوجةً مؤمنةً وفية، وأماً مجاهدة ربت أبناؤها على أساس إيماني قوي، وكانت صحابية وابنة صحابي وأم صحابي وأخت صحابية ، وحفيدة صحابي ، ويكفي أن خير الخلق نبينا مــحمد صلى الله عليه وسلم لقبها بالوسام الخالد أبد الدهر(بــذات النــطاقــين، (9) فهنيئاً لك أيتها الام الفاضلة .

qayed 12-31-2007 09:03 PM

ابن النفيس.. الكاشف والمكشوف
(بمناسبة ذكرى وفاته: 21 من ذي القعدة 687هـ)
أحمد تمام

ابن النفيس طبيب ولغوي
لم يأخذ الطبيب العربي "علاء الدين بن النفيس" حقه من الذيوع والشهرة مثل غيره من أطباء المسلمين النابهين، حتى جاء "محيي الدين التطاوي" وهو طبيب مصري كان يدرس في ألمانيا، فكشف عن جهود ابن النفيس في أطروحة علمية لنيل درجة الدكتوراه سنة (1343هـ = 1924) بعنوان: "الدموية الرئوية وفقًا للقرشي". وكان هذا الطبيب النابه قد اطّلع على المخطوطات العربية بمكتبة برلين، فعثر على مخطوطة لابن النفيس بعنوان: "شرح تشريح القانون" أي قانون ابن سينا، فعني بدراسة المخطوطة جيدًا، وبصاحبها، وكتب رسالته العلمية وقدمها لجامعة "فرايبورج" بألمانيا.
غير أن أساتذته والمشرفين على الرسالة أصابتهم الدهشة حين اطلعوا على ما فيها، ولم يصدقوا ما كتبه عن ثقة ويقين، فأرسلوا نسخة من الرسالة إلى الدكتور "مايرهوف" الطبيب المستشرق الألماني الذي كان إذ ذاك بالقاهرة، وطلبوا رأيه فيما كتبه هذا الباحث النابه، فلما قرأ الرسالة أيّد ما فيها، وأبلغ حقيقة ما كشفه من جهود ابن النفيس إلى المؤرخ "جورج سارتون" فنشر هذه الحقيقة في آخر جزء من كتابه المعروف "تاريخ العلم"، ثم بادر مايرهوف إلى البحث عن مخطوطات أخرى لابن النفيس وعن تراجم له، ونشر نتيجة بحوثه في عدة مقالات، ومنذ ذلك الحين بدأ الاهتمام بهذا العالم الكبير وإعادة اكتشافه.
ويعد علاء الدين واحدا من أعظم الأطباء الذين ظهروا على امتداد تاريخ الطب العربي الإسلامي، مثل أبي بكر الرازي، وابن سينا، والزهراوي. وهو صاحب كتاب "الشامل في الصناعة الطبية"، وهو أضخم موسوعة طبية يكتبها شخص واحد في التاريخ الإنساني.
حياة ابن النفيس


ابن النفيس اكتشف الدورة الدموية الصغرى
في قرية "قَرْش" بالقرب من دمشق ولد "علاء الدين علي بن أبي الحزم القرشي" سنة (607هـ = 1210م) وبدأ تعليمه مثل غيره من المتعلمين؛ فحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة. وقرأ شيئًا من النحو واللغة والفقه والحديث، قبل أن ينصرف إلى دراسة الطب التي اتجه إليها سنة (629هـ = 1231م) وهو في الثانية والعشرين من عمره بعد أزمة صحية ألمّت به. ويقول هو عنها: "قد عرض لنا حميات مختلفة، وكانت سنّنا في ذلك الزمان قريبة من اثنتين وعشرين سنة. ومن حين عوفينا من تلك المرضة حَمَلنا سوء ظننا بأولئك الأطباء (الذين عالجوه) على الاشتغال بصناعة الطب لننفع بها الناس".
وتذكر المصادر التاريخية أنه تعلم قبل ذلك التاريخ على "المهذب الدّخوار" أحد كبار الأطباء في التاريخ الإسلامي، ودرس عليه الطب، وكان رئيسا للأطباء في عصره ويعمل في البيمارستان النوري بدمشق، وتوفي سنة (628هـ = 1230م).
وكانت دمشق في تلك الفترة تحت حكم الأيوبيين الذين كان يعنون بالعلم عامة وبالطب خاصة عناية كبيرة، وجعلوا من دمشق حاضرة للعلوم والفنون، وكانت تضم فيما تضم مكتبة عظيمة تحوي نفائس الكتب، وبيمارستانا عظيما أنشأه نور الدين محمود، واجتذب أمهر أطباء العصر، توافدوا عليه من كل مكان. وفي هذا المعهد العتيد درس ابن النفيس الطب على يد الدخوار، وعمران الإسرائيلي المتوفى سنة (637هـ = 1239م)؛ وكان طبيبًا فذًا وصفه "ابن أبي أصيبعة" الذي زامل ابن النفيس في التلمذة والتدريب على يديه بقوله: "وقد عالج أمراضا كثيرة مزمنة كان أصحابها قد سئموا الحياة، ويئس الأطباء من برئهم، فبرئوا على يديه بأدوية غريبة يصفها أو معالجات بديعة يعرفها".
في القاهرة
وفي سنة (633هـ = 1236م) نزح ابن النفيس إلى القاهرة، والتحق بالبيمارستان الناصري، واستطاع بجدّه واجتهاده أن يصير رئيسًا له، وعميدا للمدرسة الطبية الملتحقة به، ثم انتقل بعد ذلك بسنوات إلى "بيمارستان قلاوون" على إثر اكتمال إنشائه سنة (680هـ = 1281م).
وعاش في القاهرة في بحبوحة من العيش في دار أنيقة، وكان له مجلس يتردد عليه العلماء والأعيان وطلاب العلم يطرحون مسائل الطب والفقه والأدب. ووصفه معاصروه بأنه كان كريم النفس، حسن الخلق، صريح الرأي، متدينًا على المذهب الشافعي؛ ولذلك أفرد له السبكي ترجمة في كتابه "طبقات الشافعية الكبرى" باعتباره فقيهًا شافعيًا. وأوقف قبل وفاته كل ما يملكه من مال وعقار على البيمارستان المنصوري.
ابن النفيس والدورة الدموية
اقترن اسم ابن النفيس باكتشافه الدورة الدموية الصغرى التي سجلها في كتابه "شرح تشريح القانون"، غير أن هذه الحقيقة ظلت مختفية قرونًا طويلة، ونسبت وهمًا إلى الطبيب الإنجليزي "هارفي" المتوفى سنة (1068هـ = 1657م) الذي بحث في دورة الدم بعد ما يزيد على ثلاثة قرون ونصف من وفاة ابن النفيس. وظل الناس يتداولون هذا الوهم حتى أبان عن الحقيقة الدكتور محيي الدين التطاوي في رسالته العلمية.
وكان الطبيب الإيطالي "ألباجو" قد ترجم في سنة (954هـ= 1547م) أقسامًا من كتاب ابن النفيس "شرح تشريح القانون" إلى اللاتينية، وهذا الطبيب أقام ما يقرب من ثلاثين عاما في "الرها" وأتقن اللغة العربية لينقل منها إلى اللاتينية. وكان القسم المتعلق بالدورة الدموية في الرئة ضمن ما ترجمه من أقسام الكتاب، غير أن هذه الترجمة فُقدت، واتفق أن عالما إسبانيًا ليس من رجال الطب كان يدعى "سيرفيتوس" كان يدرس في جامعة باريس اطلع على ما ترجمه "ألباجو" من كتاب ابن النفيس. ونظرًا لاتهام سيرفيتوس في عقيدته، فقد طرد من الجامعة، وتشرد بين المدن، وانتهى به الحال إلى الإعدام حرقًا هو وأكثر كتبه في سنة (1065هـ = 1553م) على أن من عدل الأقدار أن بقيت بعض كتبه دون حرق، كان من بينها ما نقله عن ترجمة ألباجو عن ابن النفيس فيما يخص الدورة الدموية، واعتقد الباحثون أن فضل اكتشافها يعود إلى هذا العالم الإسباني ومن بعده هارفي حتى سنة (1343 = 1924م) حين صحح الطبيب المصري هذا الوهم، وأعاد الحق إلى صاحبه.
وقد أثار ما كتبه الطبيب التطاوي اهتمام الباحثين، وفي مقدمتهم "مايرهوف" المستشرق الألماني الذي كتب في أحد بحوثه عن ابن النفيس: "إن ما أذهلني هو مشابهة، لا بل مماثلة بعض الجمل الأساسية في كلمات سيرفيتوس لأقوال ابن النفيس التي تُرجمت ترجمة حرفية". ولما اطلع "الدوميلي" على المتنين قال: "إن لابن النفيس وصفا للدوران الصغير تطابق كلماته كلمات سيرفيتوس تمامًا، وهكذا فمن الحق الصريح أن يعزى كشف الدوران الرئيس إلى ابن النفيس لا إلى سيرفيتوس أو هارفي".
غير أن اكتشاف الدورة الدموية الصغرى هي واحدة من إسهاماته العديدة فالرجل حسب ما تحدثنا البحوث الجديدة التي كتبت عنه قد اكتشف الدورتين الصغر والكبرى للدورة الدموية، ووضع نظرية باهرة في الإبصار والرؤية،وكشف العديد م الحقائق التشريحي، وجمع شتات المعرفة الطبية والصيدلانية في عصره، وقدم للعلم قواعد للبحث العلمي وتصورات للمنهج العلمي التجريبي.
مؤلفات ابن النفيس


مخطوطة طبية لابن النفيس
لابن النفيس مؤلفات كثيرة نشر بعضها وما يزال بعضها الآخر حبيس رفوف المخطوطات لم ير النور بعد، من هذه المؤلفات:
- شرح فصول أبقراط، وطبع في بيروت بتحقيق ماهر عبد القادر ويوسف زيدان سنة (1409هـ = 1988م).
- والمهذب في الكحل المجرب، ونشر بتحقيق ظافر الوفائي ومحمد رواس قلعة جي في الرباط سنة (1407هـ = 1986م).
- الموجز في الطب، ونشر عدة مرات، منها مرة بتحقيق عبد المنعم محمد عمر في القاهرة سنة (1406هـ = 1985)، وسبقتها نشرة ماكس مايرهوف ويوسف شاخت ضمن منشورات أكسفورد سنة(1388هـ = 1968م).
- والمختصر في أصول علم الحديث، ونشر بتحقيق يوسف زيدان بالقاهرة سنة (1412هـ = 1991م).
- شرح تشريح القانون، ونشر بتحقيق الدكتور سلمان قطابة بالقاهرة سنة (1408هـ= 1988م) وهو من أهم كتب، وتبرز قيمته في وصفه للدورة الدموية الصغرى، واكتشافه أن عضلات القلب تتغذى من الأوعية المبثوثة في داخلها لا من الدم الموجود في جوفه. ويظهر في الكتاب ثقة ابن النفيس في علمه؛ حيث نقض كلام أعظم طبيبين عرفهما العرب في ذلك الوقت، وهما: جالينوس، وابن سينا.
-غير أن أعظم مؤلفاته تتمثل في موسوعته الكبيرة المعروفة بـ"الشامل في الصناعة الطبية". وقد نهضت إليها همة الدكتور يوسف زيدان في مصر ونجح في جمع أجزاء الكتاب المخطوطة. وتطلع المجمع الثقافي في أبو ظبي إلى هذا العمل، فأخذ على عاتقه نشره محققا، فخرج إلى النور أول أجزاء هذا العمل في سنة (1422هـ = 2001م)، وينتظر توالي خروج الكتاب في أجزاء متتابعة.
وكان ابن النفيس قد وضع مسودات موسوعته في ثلاثمائة مجلد، بيّض منها ثمانين، وهي تمثل صياغة علمية للجهود العلمية للمسلمين في الطب والصيدلة لخمسة قرون من العمل المتواصل. وقد وضعها ابن النفيس لتكون نبراسًا ودليلاً لمن يشتغل بالعلوم الطبية.
وفاته
كان ابن النفيس إلى جانب نبوغه في الطب فيلسوفًا وعالمًا بالتاريخ وفقيها ولغويًا له مؤلفات في اللغة والنحو، حتى كان ابن النحاس العالم اللغوي المعروف لا يرضى بكلام أحد في القاهرة في النحو غير كلام ابن النفيس، وكان يقضي معظم وقته في عمله أو في التأليف والتصنيف أو تعليم طلابه.
وفي أيامه الأخيرة بعدما بلغ الثمانين مرض ستة أيام مرضًا شديدًا، وحاول الأطباء أن يعالجوه بالخمر فدفعها عن فمه وهو يقاسي عذاب المرض قائلا: "لا ألقى الله تعالى وفي جوفي شيء من الخمر"، ولم يطل به المرض؛ فقد توفي في سَحَر يوم الجمعة الموافق (21 من ذي القعدة 687هـ = 17 من ديسمبر 1288م).
من مصادر الدراسة:
• الذهبي: سير أعلام النبلاء – تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين – مؤسسة الرسالة – بيروت – 1985م.
• ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار – صورة خطية نشرها معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية – فرانكفورت – ألمانيا الغربية (1408هـ = 1988م).
• بول غليونجي: ابن النفيس – سلسلة أعلام العرب – الدار المصرية للتأليف والترجمة – القاهرة – (1402هـ = 1982م).
• أحمد عيسى: معجم الأطباء – دار الرائد العربي – بيروت - طبعة مصورة عن طبعة القاهرة – (1402هـ – 1982م)
• كمال السامرائي: مختصر تاريخ الطب – دار النضال – بيروت – (1410هـ – 1990م).

qayed 12-31-2007 09:03 PM

هذه كوكبه من أهم علماء العرب
هذه كوكبة من أهم علماء العرب الذين وضعوا أسس ومناهج معظم العلوم الحديثة , وعلى هديهم ومن خلال أفكارهم الثاقبة انطلقت شرارة الحضارة الأوروبية الحديثة 0
ولا ينكر أحد من المؤرخين فضل هؤلاء العلماء الأفذاذ في إثراء حضارة الإنسان كل في مجاله0
الــبتــاني
الــبتــاني 235 – 317 هـ 849 ــ 929 م هو أبو عبدالله محمد بن جابر بن سنان الحراني الصابي المعروف بالبتاني ,والمولود في حران التي تقع بأرض الجزيرة بين دجلة والفرات وتتبع اليوم تركيا . وهو أول من قال بأن المحيط الهندي يتصل بغيره من البحار . وله أثر كبير في تطوير حساب المثلثات. واشتهر بكتابة ( الزيج الصابي ) الذي حدد فيه ميل دائرة الكسوف بدقة كبيرة , وطول السنة والفصول ومدار الشمس , سمي بطيلموس العرب , وصحح أخطاء من سبقوه في علم الفلك .
ابن خلدون
ابن خلدون مؤرخ وفيلسوف اجتماعي عربي مسلم ينتهي نسبة إلي وائل بن حجر من عرب اليمن . ولد سنة 1332 م . أقامت أسرته في تونس حيث ولد ونشأ وتعلم بها . تنقل في بلاد المغرب والأندلس ومصر . حج إلي مكة سنة 1387 ثم انقطع للتدريس والتأليف و فأتم كتابة ( العبر وديوان المبتدأ والخبر ) وله قيمة كبري بين كتب التاريخ وتشتمل مقدمته علي فصول في أصول العمران والنظريات الاجتماعية والسياسية وتصنيف العلوم وغير ذلك مما جعل ابن خلدون مؤسسا لفلسفة التاريخ وعلم الاجتماع الذي يقول عنه أنه فرع فلسفي جديد لم يخطر علي قلب أرسطو . تأثر به الكثير من فلاسفة الغرب الذين درسوا كتاباته وأفكاره . من الموضوعات التي تعمق ابن خلدون في دراستها علم التربية وعلاقة الفكر بالعمل وتكوين الملكات والعادات عن طرق المحاكاة والتلقين والتكرار . دعا ابن خلدون إلي الرحمة بالأطفال وعارض استعمال الشدة تجاههم وبين المفاسد الخلقية والاجتماعية التي تنجم عن القسوة وقال أن القهر والعسف يقضيان علي انبساط النفس ونشاطها , ويفسد معاني الانسانيه . توفي سنة 1406 م .
ابن سينا
ابن سينا (370 _428 هـ : 980 _ 1037 م ) هو أبو علي الحسين بن عبدالله بن سينا, أمير الأطباء , وطبيب الآمراء , والملقب بالشيخ الرئيس , ولد في إقليم بخارى عام 980 م, وهوالآن جزء من الإتحاد السوفيتي ,وتوفي في همدان بإيران عام 1037 م. نشأ ابن سينا نشأة دينية فحفظ القرآن كله وهو في السابعة من عمره. وظهرت عبقريته منذ الطفولة, فدرس الآدب العربي والفقه الإسلامي وهو في العاشرة. ثم درس الحساب والمنطق والفلسلفة, ثم اتجه بشغف إلى علوم الطب. فلم يبلغ السابعة عشرة حتى كان طبيبا ممارسآ يبارى في علمه وحذقه كبار الآطباء ويتفوق عليهم. وذاع صيت ابن سينا حتى وصل إلى سلطان بخاري نوح بن منصور, فاستدعاه لعلاجه من مرض عجز الآطباء عن شفائه. فلما شفي على يديه أراد السلطان أن يكافئه فطلب من ابن سينا أن يسمح له بالأطلاع على مكتبته الخاصة التي كانت من أشهر وأضخم مكتبات العالم الاسلامي حينئذ, حيث كان فيها حجرات تشمل كتب الطب, وأخرى للفلسفة وأخرى للشعر وأخرى للفقه والدين. فعكف ابن سينا على قراءة المخطوطات النادرة, وبعضها لم يكن له مثيل في أي مكان أخر. وكان له نهم وشغف بالقراءة حتى كان يبيت وياكل ويصلي بجوار الكتب. وبعد أن استوعب كل ما فيها خرج إلى الدنيا وقد أصبح من علماء عصره. وقد تصادف أن احترقت مكتبة السلطان بعد ذلك فاتهمه حساده أمام السلطان بأنه تعمد إحراقها بعد أن حفظ كل ما فيها من علم حتى لا يجاريه أحد في علمه, وهيتهمة بعيدة عن مثل هذا العالم الكبير.فكانت حياة هذا العالم العبقري مليئة بالأحداث الضخمة من رئاسة الوزارة الي السجن والتعرض للعدام إلي الهروب من إقليم الي إقليم . ثم شرع ابن سينا يؤلف المصنفات الضخمة وهو في سن العشرين , حيث كان يؤلف خمسين صفحة في اليوم الواحد .وكان يكتب يكتب حتي أثناء السفر . وبلغت مؤلفات ابن سينا 335 مصنفاً وكتابا في شتي فروع العلم ومن أشهر كتبه القانون في الالطب ويقع في خمسة مجلدات كبيرة , وله ايضا كتاب الشفاء في العلاج بالادويه , وكتاب الأرصاد الكلية في الفلك , والمبدأ والمعاد في النفس , والمجموع في الرياضيات , وغيرها كثير . يعتبر ابن سينا أول مكتشف لقانون الحركة الأول قبل اسحق نيوتن , وهو أول من اخترع المخدر قبل الجراحة وسماه المرقد وكذلك اخترع اول حقنه لحقن الأدوية في الجسم وسماها الزراقة وابتكر أول جراحة للأعصاب المقطوعة .واكتشف مرض شلل عصب الوجه ,وهو اول من وضع قواعد جراحة السرطان والتي هي قواعد العلاج الجراحي لهذا المرض في الطب الحديث , ووصف الكثير من الامراض العضوية التي تنجم عن التوتر العصبي . وكان ابن سينا دمث الخلق محافظا علي الصلاة يؤدي الزكاة ويتصدق بسخاء , ويذكر في مذكراته أنه كان إذا عجز عن حل مسأله علمية يعكف في المسجد بعد الصلاة يفكر فيها فإذا اهتدي إلي الحل تصدق بمبلغ كبير من المال علي الفقراء شكرا لله , وكان يعتز بمكانته العلمية والادبية بين الناس , وبفضل تربيته الاسلاميه وجه علمه لخدمة الانسانية .
ابن كثير
ابن كثير 701 ـــ 744 هـ | 1301 ــ 1373 م اسماعيل بن عمرو بن كثير بن ضوء القرشي , رغب في طلب العلم من صغره وأتم القرآن وعمره ثماني سنوات . ودرس الفقه والحساب .ثم اخذ علوم اللغه والحديث النبوي عن برهان الدين الدمياطي والمزي .كان كثير التأليف ألف كتابه المشهور البداية والنهاية في التاريخ وجعله تاريخا للخليفه من بدايتها بخلق ادم . فذكلر تواريخ الانبياء ثم اخبار جاهلية العجم وجاهلية العرب , ثم تاريخ اللإسلام الي زمانه . ثم جمع في قسم النهاية من كتابه أخبار القيامه والجنه والنار بحسب ما فهمه من القرآن والسنه يمتاز كتابه هذا بأنه لا يقبل الأخبار التي يتناقلها المؤرخين إَلابعد تمحيص وتثبت , ويمتاز أيضا وخاصه في اخر قسم البداية من تاريخه بأنه يصف الحوادث التي شهدها أو شارك فيها . أما كتابه المشهور الاخر فهو ( تفسير القرآن العظيم ) الذي عرف باسم تفسير ابن كثير وهو من خيرة تفاسير القرآن ,وأكثرها انتشارا في العالم . وله كتب أخري مهمة في الحديث والفقهه .وقد انتشرت كتبه حتي في حياته , وأقبل عليها العلماء وطلاب العلم , لطلاوتها ,وحسن تعبيراتها , وكونها مفعمة بروح الايمان وحب الاسلام , والتحقيق العلمي
ابن الشّاطر
ابن الشاطر هو الفلكي الرياضي أبو الحسن علاء الدين ابن الشاطر ,ولدفي دمشق عام1304 م وتوفي عام 1375م درس الحساب والفلك والهندسة , وارتحل إلى مصر حيث عمل فلكيا ورئيسا للمؤذنين , وكانت هذه المهنة في عصور الاسلام الزاهرة تحتاج إلىمعرفة بالفلك والحاب لتحديد مواقيت الصلاة والآعياد ورصد القمر. وتنسب إليه عدة كتب جميعها في الفلك منها ((زيج ابن الشاطر)) . والزيج معناه الجدواول الفلكية , وفيه تحقيق أماكن الكواكب . كما أنه اخترع ألة لحساب الموقيت سماها (( الربع التام )), وألف كتابآ في طريفة استعمالها باسم (( النفع العام في العمل بالربع التام لمواقيت الاسلام )). وقد وضع ابن الشاطر نظرية جديدة في حركة الكواكب السيارة ورصدها تسبق ما قال به كوبرنكس عالم الفلك الذي جاء بعده بعدة قرون.
ابن ماجه
ابن ماجه هو أبو عبدالله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني: ولد في بلاد قزوين وهي من بلاد فارس ‘وسافر ابن ماجه في طلب العلم إلى بغداد;والبصرة,والكوفة ,ومكة المكرمة ,والشام,ومصر,وقد شهدله العلماء الذي التقى بهم في تلك الديار, بعد أن اختبروه, بأنه حافظ عالم ثقة في علم الحديث والتفسير واللغة والتاريخ. ولما رجع إلى بلاده بعد هذه الجولة والرحلةالعلمية اشتغل بالتدريس واشتهر بما تخصص به من علم الحديث, فألف كتابآ كبيرآ سماه كتاب ,,السنن,, أي الكتاب الذي جمع سنن النبى صلى الله عليه وسلم, وما زال العلماء وطلاب العلم يرجعون إلى هذا الكتاب لمعرفة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم, كما ألف كتابآ كبيرآ في تفسير القرأن الكريم, وكتابآ أخر في التاريخ. ولما اشتهر أمره بين أقطار العلم الأسلامي, خصوصا في علم الحديث , بدأ طلاب العلم يرحلون إليه ليأخذوا عنه علم الحديث. وتخرًٌََُّّْْج على يده الكثير من العلماء.
القزويني

هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد بن محمود القزويني , ينتهي نسبه الي أنس بن مالك عالم المدينة المنورة . ولد في بلدة قزوين الواقعة في شمال إيران ومنها أخذ نسبه . رحل الي بغداد واتصل بضياء الدين بن الأثير وربطتهما صداقة قوية , ثم تمكن من تولي قضاء ( الحلة وواسطة ) حتي سقوط بغداد في 656 هـ علي يد هولاكو . كان القزويني شأن علماء عصره موسوعياً يهتم بالفقه والجغرافيا والفلك , إلا ان أعظم أعماله شأناً كان علم الأرصاد الجوية , وألف الي جانب ذلك العديد من كتب الجغرافيا والتاريخ الطبيعي . تناول بالتحليل ظاهرة خسوف القمر وكسوف الشمس مع تقديم وصف دقيق للظاهرتين مع أسباب وتعليلات مبهرة . من أبرز مؤلفاته آثار البلاد وأخبار العباد .
الخوارزمي

هو محمد بن موسي الخوارزمي لقب بالخوارزمي لقدومه من خوارزم . يعيش الفتي محمد بن موسي مع أهله في قرية قطربل بالقرب من مدينة بغداد وهو أصغرإخوته من البنين والبنات , كان محمد دائما مشغول الفكر بأشكال الأشياء والمسافات بينها , وتقدير ارتفاعاتها وقضي محمد عامين في دراسته للرياضيات ولنبوغ الخوارزمي في علم الرياضيات ارسل الخليفه هارون الرشيد في طلبه ليعينه عالما بين علماء الرياضيات في مكتبة بيت الحكمه ويضمه الي من به صفوة العلماء . وتفرغ الحوارزمي لٌلإشراف علي ترجمه كتب الرياضيات الي العربيه في بيت الحكمه الذي ألحق بها . وعند تولي المأمون الخلافه بعد وفاة ابيه الرشيد وكان المأمون اكثر من ابيه حبا للعلم .اختار المأمون الخوارزمي ليكون أمينا لخزانة الكتب بمكتبة قصر الخلافه في بغداد .وشارك الخوارزمي علماء المأمون في أعمال المرصد الفلكي , لمعرفة محيط الارض ومساحتها وتقدير خطوط الطول والعرض ووضع حصاد هذا الجهد في كتابه الربع المعمور والف في الجغرافيا والفلك وجعل من معارف الجبر الممزقه علما لأول مرة ووأدرك قيمة الصفر في الحساب الهندي . عاش العالم المسلم في القرن الثالث الهجري ولم يتفق أحد من مؤرخي العلم علي تاريخ ميلاد له أو وفاة , لكن حصاد عمر الخوارزمي في علم الجبر والحساب خاصة مازال يعطي ثماره في كل زمان ومكان
إبن النفيس
هو علاء الدين على بن أبي الحزم بن النفيس
مكتشف الدورة الدموية الصغري . عبقري الطب العربي الذي جعل من معارف التشريح علما مستقلا وكشف أسرار القلب واكتشف الدورة الدمويه الصغري قبل وليم هارفي بأربعة قرون . ومن مؤلفاته المهذب المختار من الأغذية . لكن أهم كتاب ألفه ابن النفيس كان كتابه شرح تشريح ابن سينا . وعند دنوا اجله أشاراحدهم عليه بتناول شئ من الخمر فقال ابن النفيس مبتسما بوهن وضعف لا لاألقي الله تعالي وفي احشائي شئ من الخمر واغمض عينيه إلي الأبد في اليوم الحادي والعشرين من شهر ذي القعده في العام السابع والستين وستمائه للهجرة .

qayed 12-31-2007 09:04 PM

ابو عبيدة عامر بن الجراح
بوعبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح الفهري000يلتقي مع النبي-صلى الله عليه وسلم- في
أحد أجداده (فهر بن مالك)000وأمه من بنات عم أبيه000أسلمت وقتل أبوه كافرا يوم بدر 0
كان -رضي الله عنه- طويل القامة ، نحيف الجسم ، خفيف اللحية000أسلم على يد أبي بكر
الصديق في الأيام الأولى للاسلام ، وهاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية ثم عاد ليشهد مع
الرسول -صلى الله عليه وسلم- المشاهد كلها000

غزوة بدر
في غزوة بدر جعل أبو ( أبو عبيدة ) يتصدّى لأبي عبيدة ، فجعل أبو عبيدة يحيد عنه ، فلمّا أكثر قصدَه فقتله ، فأنزل الله هذه الآية000
قال تعالى :"( لا تجدُ قوماً يؤمنون بالله واليومِ الآخر يُوادُّون مَنْ حادَّ الله ورسوله ولو كانوا آباءَ هُم أو أبناءَ هم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتبَ في قلوبهم الأيمان ")000






غزوة أحد
يقول أبوبكر الصديق -رضي الله عنه-:( لما كان يوم أحد ، ورمي الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى دخلت في وجنته حلقتان من المغفر ، أقبلت أسعى الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وانسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا ، فقلت : اللهم اجعله طاعة ، حتى اذا توافينا الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اذا هو أبوعبيدة بن الجراح قد سبقني ، فقال : ( أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركني فأنزعها من وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )000فتركته ، فأخذ أبوعبيدة بثنيته احدى حلقتي المغفر ، فنزعها وسقط على الأرض وسقطت ثنيته معه ، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى فسقطت ، فكان أبوعبيدة في الناس أثرم )000

غزوة الخبط
أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- أباعبيدة بن الجراح أميرا على ثلاثمائة وبضعة عشرة مقاتلا ، وليس معهم من الزاد سوى جراب تمر ، والسفر بعيد ، فاستقبل أبوعبيدة واجبه بغبطة وتفاني ، وراح يقطع الأرض مع جنوده وزاد كل واحد منهم حفنة تمر ، وعندما قل التمر أصبح زادهم تمرة واحدة في اليوم ، وعندما فرغ التمر راحوا يتصيدون ( الخبط ) أي ورق الشجر فيسحقونه ويسفونه ويشربون عليه الماء ، غير مبالين الا بانجاز المهمة ، لهذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط000
مكانته000أمين الأمة
قدم أهل نجران على النبي-صلى الله عليه وسلم- وطلبوا منه ان يرسل اليهم واحدا000فقال عليه الصلاة والسلام :( لأبعثن -يعني عليكم- أمينا حق امين )000فتشوف أصحابه رضوان الله عليهم يريدون أن يبعثوا لا لأنهم يحبون الامارة أو يطمعون فيها000 ولكن لينطبق عليهم وصف النبي -صلى الله عليه و سلم- "أمينا حق امين" وكان عمر نفسه-رضي الله عليه-من الذين حرصوا على الامارة لهذا آنذاك000بل صار -كما قال يتراءى- أي يري نفسه - للنبي صلى الله عليه وسلم- حرصا منه -رضي الله عنه- أن يكون أمينا حق أمين000ولكن النبي صلى الله عليه وسلم- تجاوز جميع الصحابة وقال :( قم يا أباعبيدة )000
كما كان لأبي عبيدة مكانة عالية عند عمر فقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو يجود بأنفاسه :( لو كان أبوعبيدة بن الجراح حيا لاستخلفته فان سألني ربي عنه ، قلت : استخلفت أمين الله ، وأمين رسوله )000
معركة اليرموك
في أثناء قيادة خالد -رضي الله عنه- معركة اليرموك التي هزمت فيها الامبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- ، وتولى الخلافة بعده عمر -رضي الله عنه- ، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد000وصل الخطاب الى أبىعبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة ، ثم أخبر خالدا بالأمر ، فسأله خالد :( يرحمك الله أباعبيدة ، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب ؟)000فأجاب أبوعبيدة :( اني كرهت أن أكسر عليك حربك ، وما سلطان الدنيا نريد ، ولا للدنيا نعمل ، كلنا في الله أخوة )000وأصبح أبوعبيدة أمير الأمراء بالشام0
تواضعه
ترامى الى سمعه أحاديث الناس في الشام عنه ، وانبهارهم بأمير الأمراء ، فجمعهم وخطب فيهم قائلا :( يا أيها الناس ، اني مسلم من قريش ، وما منكم من أحد أحمر ولا أسود ، يفضلني بتقوى الا وددت أني في اهابه !!)000
وعندما زار أمير المؤمنين عمر الشام سأل عن أخيه ، فقالوا له :( من ؟)000قال :( أبوعبيدة بن الجراح )000وأتى أبوعبيدة وعانقه أمير المؤمنين ثم صحبه الى داره ، فلم يجد فيها من الأثاث شيئا ، الا سيفه وترسه ورحله ، فسأله عمر وهو يبتسم :( ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس ؟)000فأجاب أبوعبيدة :( يا أمير المؤمنين ، هذا يبلغني المقيل )000


طاعون عمواس
حل الطاعون بعمواس وسمي فيما بعد "طاعون عمواس" وكان أبوعبيدة أمير الجند هناك000 فخشي عليه عمر من الطاعون000فكتب اليه يريد أن يخلصه منه قائلا : (اذا وصلك خطابي في المساء فقد عزمت عليك ألا تصبح الامتوجها الي000واذا وصلك في الصباح ألا تمسي الا متوجها الي000فان لي حاجة اليك) وفهم أبوعبيدة المؤمن الذكي قصد عمر وانه يريد أن ينقذه من الطاعون000فكتب الى عمر متأدبا معتذرا عن عدم الحضور اليه وقال : ( لقد وصلني خطابك يا أمير المؤمنين وعرفت قصدك وانما أنا في جند من المسلمين يصيبني ما أصابهم000فحللني من عزمتك يا أمير المؤمنين) ولما وصل الخطاب الى عمر بكى000فسأله من حوله :(هل مات أبوعبيدة ؟)000فقال :(كأن قد)000والمعنى أنه اذا لم يكن قد مات بعد والا فهو صائر الى الموت لا محالة000اذ لا خلاص منه مع الطاعون
كان أبو عبيـدة -رضي الله عنه- في ستة وثلاثيـن ألفاً من الجُند ، فلم يبق إلاّ ستـة آلاف رجـل والآخرون ماتوا000مات أبوعبيـدة -رضي الله عنه- سنة (18) ثماني عشرة للهجرة في طاعون عمواس000وقبره في غور الأردن000رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى000
أبو عبيدة بن الجرّاح - أمين هذه الأمة
من هذا الذي أمسك الرسول بيمينه وقال عنه:
" ان لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرّاح"..؟
من هذا الذي أرسله النبي في غزوة ذات السلاسل مددا اعمرو بن العاص، وجعله أميرا على جيش فيه أبو بكر وعمر..؟؟

من هذا الصحابي الذي كان أول من لقب بأمير الأمراء..؟؟
من هذا الطويل القامة النحيف الجسم، المعروق الوجه، الخفيف اللحية، الأثرم، ساقط الثنيتين..؟؟
أجل من هذا القوي الأمين الذي قال عنه عمر بن الخطاب وهو يجود بأنفاسه:
" لو كان أبو عبيدة بن الجرّاح حيا لاستخلفته فان سالني ربي عنه قلت: استخافت أمين الله، وأمين رسوله"..؟؟
انه أبو عبيدة عامر بن عبد الله الجرّاح..
أسلم على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الأيام الأولى للاسلام، قبل أن يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم دار الرقم، وهاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية، ثم عاد منها ليقف الى جوار رسوله في بدر، وأحد، وبقيّة المشاهد جميعها، ثم ليواصل سيره القوي الأمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في صحبة خليفته أبي بكر، ثم في صحبة أمير المؤمنين عمر، نابذا الدنيا وراء ظهره مستقبلا تبعات دينه في زهد، وتقوى، وصمود وأمانة.
عندما بايع أبو عبيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن ينفق حياته في سبيل الله، كان مدركا تمام الادراك ما تعنيه هذه الكلمات الثلاث، في سبيل الله وكان على أتم استعداد لأن يعطي هذا السبيل كل ما يتطلبه من بذل وتضحية..



ومنذ بسط يمينه مبايعا رسوله، وهو لا يرى في نفسه، وفي ايّامه وفي حياته كلها سوى أمانة استودعها الله اياها لينفقها في سبيله وفي مرضاته، فلا يجري وراء حظ من حظوظ نفسه.. ولا تصرفه عن سبيل الله رغبة ولا رهبة..
ولما وفّى أبو عبيدة بالعهد الذي وفى به بقية الأصحاب، رأى الرسول في مسلك ضميره، ومسلك حياته ما جعله أهلا لهذا اللقب الكريم الذي أفاءه عليه،وأهداه اليه، فقال عليه الصلاة والسلام:
" أمين هذه الأمة، أبو عبيدة بن الجرّاح".
ان أمانة أبي عبيدة على مسؤولياته، لهي أبرز خصاله.. فففي غزوة أحد أحسّ من سير المعركة حرص المشركين، لا على احراز النصر في الحرب، بل قبل ذلك ودون ذلك، على اغتيال حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، فاتفق مع نفسه على أن يظل مكانه في المعركة قريبا من مكان الرسول..
ومضى يضرب بسيفه الأمين مثله، في جيش الوثنية الذي جاء باغيا وعاديا يريد أن يطفئ نور الله..
وكلما استدرجته ضرورات القتال وظروف المعركة بعيدا عن رسول الله صلى اله عليه وسلم قاتل وعيناه لا تسيران في اتجاه ضرباته.. بل هما متجهتان دوما الى حيث يقف الرسول صلى الله عليه وسلم ويقاتل، ترقبانه في حرص وقلق..

وكلما تراءى لأبي عبيدة خطر يقترب من النبي صلى الله عليه وسلم، انخلع من موقفه البعيد وقطع الأرض وثبا حيث يدحض أعداء الله ويردّهم على أعقابهم قبل أن ينالوا من الرسول منالا..!!
وفي احدى جولاته تلك، وقد بلغ القتال ذروة ضراوته أحاط بأبي عبيدة طائفة من المشركين، وكانت عيناه كعادتهما تحدّقان كعيني الصقر في موقع رسول الله، وكاد أبو عبيدة يفقد صوابه اذ رأى سهما ينطلق من يد مشرك فيصيب النبي، وعمل سيفه في الذين يحيطون به وكأنه مائة سيف، حتى فرّقهم عنه، وطار صواب رسول الله فرأى الدم الزكي يسيل على وجهه، ورأى الرسول الأمين يمسح الدم بيمينه وهو يقول:
" كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيّهم، وهو يدعهم الى ربهم"..؟
ورأى حلقتين من حلق المغفر الذي يضعه الرسول فوق رأسه قد دخانا في وجنتي النبي، فلم يطق صبرا.. واقترب يقبض بثناياه على حلقة منهما حتى نزعها من وجنة الرسول، فسقطت ثنيّة، ثم نزع الحلقة الأخرى، فسقطت ثنيّة الثانية..
وما أجمل أن نترك الحديث لأبي بكر الصدسق يصف لنا هذا المشهد بكلماته:
" لما كان يوم أحد، ورمي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت في وجنته حلقتان من المغفر، أقبلت أسعى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا، فقلت: اللهم اجعله طاعة، حتى اذا توافينا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واذا هو أبو عبيدة بن الجرّاح قد سبقني، فقال: أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركني فأنزعها من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فتركته، فأخذ أبو عبيدة بثنيّة احدى حلقتي المغفر، فنزعها، وسقط على الأرض وسقطت ثنيته معه..

ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنية أخرى فسقطت.. فكان أبو عبيدة في الناس أثرم."!!
وأيام اتسعت مسؤوليات الصحابة وعظمت، كان أبو عبيدة في مستواها دوما بصدقه وبأمانته..
فاذا أرسله النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخبط أميرا على ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا من المقاتلين وليس معهم زاد سوى جراب تمر.. والمهمة صعبة، والسفر بعيد، استقبل ابو عبيدة واجبه في تفان وغبطة، وراح هو وجنوده يقطعون الأرض، وزاد كل واحد منهم طوال اليوم حفنة تملا، حتى اذا أوشك التمر أن ينتهي، يهبط نصيب كل واحد الى تمرة في اليوم.. حتى اذا فرغ التمر جميعا راحوا يتصيّدون الخبط، أي ورق الشجر بقسيّهم، فيسحقونه ويشربون عليه الامء.. ومن اجل هذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط..
لقد مضوا لا يبالون بجوع ولا حرمان، ولا يعنيهم الا أن ينجزوا مع أميرهم القوي الأمين المهمة الجليلة التي اختارهم رسول الله لها..!!
لقد أحب الرسول عليه الصلاة والسلام أمين الأمة أبا عبيدة كثيرا.. وآثره كثيرا...
ويوم جاء وفد نجلاان من اليمن مسلمين، وسألوه أن يبعث معهم من يعلمهم القرآن والسنة والاسلام، قال لهم رسول الله:
" لأبعثن معكم رجلا أمينا، حق أمين، حق أمين.. حق أمين"..!!
وسمع الصحابة هذا الثناء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمنى كل منهم لو يكون هو الذي يقع اختيار الرسول عليه، فتصير هذه الشهادة الصادقة من حظه ونصيبه..

qayed 12-31-2007 09:04 PM

تابع لأبو عبيده بن الجراح

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
" ما أحببت الامارة قط، حبّي اياها يومئذ، رجاء أن أكون صاحبها، فرحت الى الظهر مهجّرا، فلما صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، سلم، ثم نظر عن يمينه، وعن يساره، فجعلت أتطاول له ليراني..
فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجرّاح، فدعاه، فقال: أخرج معهم، فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه.. فذهب بها أبا عبيدة؟..!!
ان هذه الواقعة لا تعني طبعا أن أبا عبيدة كان وحده دون بقية الأصحاب موضع ثقة الرسول وتقديره..
انما تعني أنه كان واحدا من الذين ظفروا بهذه الثقة الغالية، وهذا التقدير الكريم..
ثم كان الواحد أو الوحيد الذي تسمح ظروف العمل والدعوة يومئذ بغيابه عن المدينة، وخروجه في تلك المهمة التي تهيئه مزاياه لانجازها..
وكما عاش أبو عبيدة مع الرسول صلى الله عليه وسلم أمينا، عاش بعد وفاة الرسول أمينا.. بحمل مسؤولياته في أمانة تكفي أهل الأرض لو اغترفوا منها جميعا..
ولقد سار تحت راية الاسلام أنذى سارت، جنديّا، كأنه بفضله وباقدامه الأمير.. وأميرا، كأن بتواضعه وباخلاصه واحدا من عامة المقاتلين..
وعندما كان خالد بن الوليد.. يقود جيوش الاسلام في احدى المعارك الفاصلة الكبرى.. واستهل أمير المؤمنين عمر عهده بتولية أبي عبيدة مكان خالد..
لم يكد أبا عبيدة يستقبل مبعوث عمر بهذا الأمر الجديد، حتى استكتمه الخبر، وكتمه هو في نفسه طاويا عليه صدر زاهد، فطن، أمين.. حتى أتمّ القائد خالد فتحه العظيم..
وآنئذ، تقدّم اليه في أدب جليل بكتاب أمير المؤمنين!!
ويسأله خالد:
" يرحمك الله يا أبا عبيدة.ز ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب"..؟؟
فيجيبه أمين الأمة:
" اني كرهت أن أكسر عليك حربك، وما سلطان الدنيا نريد، ولا للدنيا نعمل، كلنا في الله اخوة".!!!
ويصبح أبا عبيدة أمير الأمراء في الشام، ويصير تحت امرته أكثر جيوش الاسلام طولا وعرضا.. عتادا وعددا..
فما كنت تحسبه حين تراه الا واحدا من المقاتلين.. وفردا عاديا من المسلمين..
وحين ترامى الى سمعه أحاديث أهل الشام عنه، وانبهارهم بأمير الأمراء هذا.. جمعهم وقام فيهم خطيبا..
فانظروا ماذا قال للذين رآهم يفتنون بقوته، وعظمته، وأ/انته..
" يا أيها الناس..

اني مسلم من قريش..
وما منكم من أحد، أحمر، ولا أسود، يفضلني بتقوى الا وددت أني في اهابه"..ّّ
حيّاك الله يا أبا عبيدة..
وحيّا الله دينا أنجبك ورسولا علمك..
مسلم من قريش، لا أقل ولا أكثر.
الدين: الاسلام..
والقبيلة: قريش.
هذه لا غير هويته..
أما هو كأمير الأمراء، وقائد لأكثر جيوش الاسلام عددا، وأشدّها بأسا، وأعظمها فوزا..
أما هو كحاكم لبلاد الشام،أمره مطاع ومشيئته نافذة..
كل ذلك ومثله معه، لا ينال من انتباهه لفتة، وليس له في تقديره حساب.. أي حساب..!!
ويزور أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الشام، ويسأل مستقبليه:
أين أخي..؟
فيقولون من..؟
فيجيبهم: أبو عبيدة بن الجراح.
ويأتي أبو عبيدة، فيعانقه أمير المؤمنين عمر.. ثم يصحبه الى داره، فلا يجد فيها من الأثاث شيئا.. لا يجد الا سيفه، وترسه ورحله..
ويسأله عمر وهو يبتسم:
" ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس"..؟
فيجيبه أبو عبيدة:
" يا أمير المؤمنين، هذا يبلّغني المقيل"..!!
وذات يوم، وأمير المؤمنين عمر الفاروق يعالج في المدينة شؤن عالمه المسلم الواسع، جاءه الناعي، أن قد مات أبو عبيدة..

وأسبل الفاروق جفنيه على عينين غصّتا بالدموع..
وغاض الدمع، ففتح عينيه في استسلام..
ورحّم على صاحبه، واستعاد ذكرياته معه رضي الله عنه في حنان صابر..
وأعاد مقالته عنه:
" لو كنت متمنيّا، ما تمنيّت الا بيتا مملوءا برجال من أمثال أبي عبيدة"..
ومات أمين الأمة فوق الأرض التي طهرها من وثنية الفرس، واضطهاد الرومان..
زهناك اليوم تحت ثرى الأردن يثوي رفات نبيل، كان مستقرا لروح خير، ونفس مطمئنة..
وسواء عليه، وعليك، أن يكون قبره اليوم معروف أو غير معروف..
فانك اذا أردت أن تبلغه لن تكون بحاجة الى من يقودك اليه..
ذلك أن عبير رفاته، سيدلك عليه..!!

المصدر :

http://www.t1t.net/26w.htm

qayed 12-31-2007 09:05 PM

موسى بن نصير

في عام 86 هـ وفي زمن الوليد بن عبد الملك الأموي تولى موسى بن نصير المغرب ، فأخضع البربر ، ونشر الأمن في هذه الربوع ، واستطاع أن يفتح طنجة فترك بها حامية يقودها مولاه طارق بن زياد ، وعهد إليه بالعمل على نشر الإسلام في المنطقة ، وعسكر طارق بمن معه من المسلمين على سواحل بحر الزقاق ، وبدأت أنظارهم تتجه نحو أسبانيا .


وعاد موسى إلى القيروان ، وعلم طارق أن ميناء سبتة على مقربة منه فبدأ يتحرك نحوه ، وكان حاكم سبتة يليان قد تحرر من سلطان الدولة البيزنطية ، وأصبح كالحاكم المستقل في سبتة وماحولها ، واحتك يليان بالمسلمين وأحس بقوتهم وضغطهم عليه ، فعمل على كسب ود طارق بن زياد ، وكان طارق يتطلع لفتح أسبانيا ، فراسل يليان ولاطفه وتهاديا حتى يستفيد منه .

وأما الأندلس ( أسبانيا ) فقد حكمها القوط منذ عام 507 م ، غير أن أمرهم بدأ يضعف ، وقسمت أسبانيا إلى دوقيات ، يحكم كل منها دوق ، يرجـع في سلطنته إلى الملك في طليطلة ، وقسم المجتمع إلى طبقات : أعلاها طبقة الأشراف أصحاب الأموال والمناصب وحكام الولايات والمدن والإقطاعيون ، ثم طبقة رجال الدين الذين ملكوا الضياع وعاملوا عبيدهم بالعسف ، ثم طبقة المستخدمين وهم حاشية الملك وموظفو الدولة ، ثم الطبقة الوسـطى وهم الزراع والتجار والحرفيين وقد أثقلوا بالضرائب ، وأخيراً الطبقة الدنيا وهم الفلاحين والمحاربين والعاملين في المنازل ، وبلغ البؤس بأهل أسبانيا أن حل بهم الوباء في السنوات : 88 ، 89 ، 90 هـ حتى مات أكثر من نصـف سكانها .

وفي عام 709 م تولى العرش وتيكا الذي يسميه العرب غيطشة ، ولكنه عزل في نهاية السنة نفسها ثم قتل ، واستلم الحكم بعده أخيلا ، وفي العام التالي710 م وصل ردريك - ويسميه العرب لذريق – إلى الحكم بعد عزل أخيلا ، وغرق لذريق في الشهوات حتى نفرت منه القلوب ، وانقسمت البلاد في عهده ، فظهـر حزب قوي بزعامة أخيلا الذي حاول استرداد عرشه وحزب آخر ناصر الملك .

ولما كان يليان حليفاً لغيطشة فقد حـاول مد يد العون إلى حليفه ، ولكن أنصار لذريق ردوه عن الأندلس إلى العدوة الإفريقية ، فتحصن في سبتة ، وأخذ يرقب الأحداث .

وتذكر الروايات أن يليان هو الذي دعا موسى لغزو الأندلس ، وذلك أن يليان كان قد أرسل ابنته إلى قصر لذريق لتتأدب ، وتنشأ فيه أسوة بغيرها من بنات القوط في ذلك الزمان ، وأن لذريق بصر بالفتاة وطمع فيها ونال منها ، فكتبت إلى أبيها بخبرها ، فدفعه ذلك إلى التفكير في الانتقام من لذريق ، فاتصل بطارق وزين له فتح الأندلس ، وجعل نفسه وأتباعه أدلاء للمسلمين بعد أن اطمـأن إليهم ، وزار يليان موسى بن نصـير في القيروان لإقناعـه بسهولة الفتح ، وطبيعي أن يشك موسى في صحة المعلومات فطلب من يليان أن يقوم بغارة سريعة ، ففعل وعاد محملاً بالغنائم .

وليس هذا هو السبب الحقيقي للفتح ، ولكنه عجل به وساعد عليه ، وإلا فأعين طارق بن زياد على الأندلس منذ أن وصل طنجة ، ثم إن المسلمين فتحوا فرنسا وسويسرا وصقلية وجزر المتوسط كلها دون مساعدة يليان ، كما أن المسلمين منذ أيام عثمان بن عـفان رضي الله عنه يفكرون بفتح القسطنطينية من جهة أوروبا بعد فتح الأندلس ، وقال عثمان حينها : ( إن القسطنطينية إنما تفتح من قبل البحر ، وأنتم إذا فتحتـم الأندلس فأنتم شركاء لمن يفتح القسطنطينية في الأجر آخر الزمان ) .

وكتب موسى يستأذن الخليفة بدمشق ، فجاء رد الخليفة الوليد : ( أن خضها بالسرايا حتى تختبرها ، ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال ) ، فكتب إليه موسى : ( إنه ليس ببحر وإنما هو خليج يكاد الناظر أن يرى ماخلفه ) ، فكتب إليه الخليفة : ( وإن كان ، فاختبره بالسرايا ) ، فأرسل موسى مولاه طريف ، وكان في مائة فارس وأربعين راجلاً ، في مهمة استطلاعية ، وجاز البحر في أربعة مراكب أعانهم بها يليان ، وذلك في شهر رمضان ، ونزل المسلمون في جزيرة صغيرة على مقربة من الموضع الذي قامت فيه بلدة حملت اسم طريف ، وخفّت قوة من أنصار يليان وأبناء غيطشة لعونهم وقامت بحراسة المعبر حتى تم نزولهم ، ومن ذلك الموضع قام طريف وأصحابه بسلسلة من الغارات السريعة على الساحل غنموا فيها كثيراً ، وشجع هذا موسى على عبور الأندلس .

واختار موسى للفتح طارق بن زياد ، وركب طارق السفن في سبعة آلاف من المسلمين ، جلّهم من البربر ، وبينما هو في عرض المضيق على رأس سفينته إذ أخذته سنة من النوم ، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وحوله المهاجرون والأنصار ، قد تقلدوا السيوف ، وتنكبوا القسيّ ، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا طارق تقدم لشأنك ) ، ونظر إليه وإلى أصحابه قد دخلوا الأندلس قدّامه ، فيهب طارق مستبشراً .

وألقت السفن مرساها قبالة الجزيرة الخضراء عند جبل سمي فيما بعد جبل طارق ، وكان لذريق مشغولاً بثورة أخيلا في الشمال ، ولما علم بنزول المسلمين في أرض أسبانيا جمع جيشاً جراراً بلغ سبعين ألفاً ، وفي رواية : مائة ألف .

وجاءت امرأة عجوز من أهل الجزيرة الخضراء إلى طارق ، وقالت له : إنه كان لها زوج عالم بالحدثان [ أخبار الزمان ] ، فكان يحدثهم عن أمير يدخل بلدهم هذا فيتغلب عليه ، ويصف من نعته أنه ضخم الهامة ، فأنت كذلك ، ومنها أن في كتفه الأيسر شامة عليها شعر فإن كانت فيك فأنت هو ، فكشف ثوبه فإذا بالشامة في كتفه على ما ذكرت ، فاستبشر ومن معه .

وسار طارق باتجاه قرطبة حتى وصل لوادي بكة حرّف فيما بعد إلى وادي لكة ، وهنا عرف طارق بأن لذريق وصل لقرطبة ، ثم تقدم واستعد للموقعة في سهل البرباط ، وأرسل طارق يطلب المدد من موسى بن نصير ، فعجل موسى بإرسال خمسة آلاف من خيرة الجنود يقودهم طريف ، وفيهم عدد عظيم من العرب ، فأدركوا طارقاً قبيل المعركة ، فأصبح عددهم اثني عشر ألفاً ، وقام طارق في أصحابه خطيباً فشجعهم على الجهاد ، واستعد لذريق للقاء ، وقد ولى ولدي غيطشة على ميمنته وميسرته .

وقبيل الالتحام أجمع أولاد غيطشة على الغدر بلذريق ، وأرسلوا إلى طارق يعلمونه أن لذريق كان تابعاً وخادماً لأبيهم ، فغلبهم على سلطانه بعد مهلكه ، ويسألونه الأمان ، على أن يميلوا إليه عند اللقاء فيمن يتبعهم ، وأن يسلم إليهم إذا ظفر ضياع والدهم بالأندلس كلها ، فأجابهم طارق إلى ذلك وعاقدهم عليه ، وأرسل لذريق رجلاً من أصحابه ليعاين له جيش المسلمين ، فلما عاد قال له : خذ على نفسك ، فقد جاءك منهم من لا يريد إلا الموت ، أو إصابة ماتحت قدميك
وقدم طارق نفراً من السودان بين يدي جيشه ليتلقوا بما عرف عنهم من الصبر والثبات صدمة الجيش الأولى ، وبدأ القتال يوم الأحد الثامن والعشرين من رمضان سنة 92هـ ، فأظهر فرسان القوط مقدرة عظيمة أول المعركة ، وثبتوا لضغط المسلمين ، وأخذ يليان ورجاله يخذلون الناس عن لذريق ويصرفونهم عنه ، قائلين لهم : إن العرب جاؤوا للقضاء على لذريق فقط ، وإنهم إن خذلوا لذريق اليوم صفت لكم الأندلس بعد ذلك .

وأثر هذا الكلام في جنود القوط فقد كان كثير منهم يكرهون لذريق ، فخرج فرسانه من المعركة وتركوه لمصيره ، فاضطرب نظام جيشه وفر الكثير منهم ، وخارت قوى لذريق ولم تغنه شجاعته شيئاً ، ويئس من النصر لما رأى جنده يفرون أو ينضمون للمسلمين . وهجم طارق على لذريق فضربه بسيفه فقتله ، وقيل : إنه جرحه ورمى بنفسه في وادي لكة فغرق ، وحمل النهر جثته إلى المحيط .

وبعد مصرعه احتل المسلمون المعسكر وغنموه ، واتجه طارق لفتح المدن الرئيسية في الأندلس ففتح شذونة ومدوّرة وقرمونة وإشبيلية واستجة ، وكانت فيها قوة تجمعت من فلول عسكر لذريق فقاتلوا قتالاً شديداً حتى أظهر الله المسلمين عليهم ، ولم يلق المسلمون فيما بعد ذلك حرباً مثلها ، وأقاموا على الامتناع أولاً إلى أن ظفر طارق بأمير المدينة على النهر وحده ، فوثب عليه طارق في الماء فأخذه وجاء به إلى المعسكر ، ثم صالحه طارق وخلى سبيله ، واستمر طارق في زحفه ، وانتهى إلى عاصمة الأندلس طليطلة وتمكن من فتحها .

وجاءته الرسائل من موسى تأمره بالتوقف ، وعبر موسى إلى الأندلس بناء على استغاثة وجهها إليه طارق ، وذلك في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين ، بجيش عدده ثمانية عشر ألفاً ، ففتح بعض المدن كشذونة وقرمونة وإشبيلية وماردة ، وهي مدن لم يفتحها طارق ، ثم التقى بطارق ووبخه على أنهم توغلوا أكثر مما ينبغي ، وأن خطوط مواصلاتهم في الأندلس الواسعة في خطر ، فقد بقيت مناطق واسعة في شرق الأندلس وغربها لم تفتح .

وأخيراً لقد قررت معركة وادي لكة مصير الأندلس لمدة ثمانية قرون ، وظل الأثر العربي الإسلامي في أسبانيا ليوم الناس هذا .
http://altareekh.com/doc/article.php?sid=420

qayed 12-31-2007 09:07 PM

صلاح الدين الأيوبي بين الأسطورة والواقع

مقدمـة:
يحار المرء في الوصول إلى حقيقة شخصية صلاح الدين، وسبر أغوار نفسيته المقلقلة، خاصة وهو بطل معركة حطّين، التي انتهت في الرابع من تموز عام 1187 م بتحرير القدس من أيدي الصليبيين، وتحقيق نصر مؤزر عليهم.
ولكن المنصف إذا أبحر بعمق، في سفينة المؤرخ والمفكر الكبير السيد حسن الأمين عبر كتابه ( صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين)، يمكن أن يصل إلى شاطئ فيه الكثير من الصور واللوحات، التي تعبر إن لم يكن عن كل الحقيقة فعن أكثرها جلاء في حياة هذا الرجل.
يقول السيد الأمين أن صلاح الدين الأيوبي (لم يكد يطمئن إلى النصر الرائع في تلك المعركة، حتى أسرع إلى القيام بعمل لا يكاد الإنسان يصدقه، لولا أنه يقرأ بعينيه تفاصيله الواضحة، فيما سجله مؤرخو تلك الحقبة، المؤرخون الذين خدرت عقولهم روائع استرداد القدس، فذهلوا عما بعده، لم تتخدر أقلامهم فسجلوا الحقائق كما هـي، وظل تخدير العقول متواصلاً من جيل إلى جيل، تتعامى حتى عما هـو كالشمس الطالعة، حصل بعد حطين أن صلاح الدين الأيوبي آثر الراحة بعد العناء، والتسليم بعد التمرد، فأسرع يطلب إلى الإفرنج إنهاء حالة الحرب وإحلال السلام )(1).
ولكي يتوصل صلاح الدين إلى إحلال السلام وإنهاء حالة الحرب مع الصليبيين، رضخ بصورة مذهلة وغريبة إلى كل الشروط التي اشترطوها عليه أثناء المفاوضات، ومنها: التنازل للصليبيين عن الكثير من المدن التي كان صلاح الدين قد استردها منهم بالحرب00 حيفا - يافا – قيسارية – نصف اللد ونصف الرملة – عكا – صور – وسوى ذلك، حتى صارت لهم فلسطين إلاّ القليل(2).
إضافة إلى ماوراء ذلك من اعتراف بوجودهم وإقرار لاحتلالهم، ورفع العنت والمعاناة عن رقابهم الموضوعة تحت سيوف المجاهدين، وإعطائهم الفرصة الذهبية للراحة، والاستعداد التام للانقضاض على القدس من جديد، الأمر الذي حصل فعلاً بعد موت صلاح الدين.
ويقول الدكتور حسين مؤنس: (ثم دخلوا في مفاوضات مع صلاح الدين انتهت بعقد صلح (الرملة)، الذي نصّ على أن يترك صلاح الدين للصليبيين شريطاً من الساحل، يمتد من صور إلى يافا، وبهذا العمل عادت مملكة بيت المقدس – التي انتقلت إلى طرابلس – إلى القوة بعد أن كانت قد انتهت، وتمكن ملوكها من استعادة الساحل حتى بيروت ... وبذلك تكون معظم المكاسب التي حققها صلاح الدين – فيما عدا استعادته لبيت المقدس – قد ضاعت)(3).
• متى يكون الجنوح للسلم؟:
إنه لأمر غريب حقاً وعجيب جداً بل ومريب، أن يجنح إلى السلم قائد مظفر لجيش منتصر، ثم إن هذا الذي جنح إليه صلاح الدين، هل هو سلم أم استسلام؟!.
قال الله تعالى في محكم التنزيل (وإن جنحوا للسَّلم فاجنح لها وتوكل على الله)[سورة الأنفال: الآية 61].
يلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قد اشترط في هذه الآية الكريمة، أن يجنح المعتدون أنفسهم إلى السلم، فيجنح إليه عندئذ المسلمون، وهذا يعني أن الهزيمة الأكيدة قد حاقت بالأعداء، ولاحت لهم بوادرها، فجبنوا عن متابعة الحرب، وجنحوا إلى طلب الصلح حفظاً على أرواحهم وأنفسهم، ولم يعودوا مؤهلين إلى تقديم شروط، وباتوا مستعدين للاستجابة للشروط التي يفرضها عليهم المسلمون، وغني عن البيان أن المسلمين بما هم مكلفون بتبليغ الإسلام إلى البشرية جمعاء، وبما هم مأمورون به من العدل والإنصاف، وتأليف قلوب الكفار ليسلموا لله ويؤمنوا بالحق الذي جاء من عنده، لن يشتطوا في شروطهم، ولن يجعلوها شروطاً تعجيزية مجحفة، بل سيقتصرون من الشروط على سبيل المثال لا الحصر على:
- فتح الطريق أمام حرية الدعاة في التبليغ ونشر نور الرسالة الربانية.
- استرداد الأسرى من المؤمنين – إن كان هناك أسرى – أو تبادلهم مع الأسرى من الكفار المقاتلين.
- الجلاء التام الكامل عن كل شبر من الأرض الإسلامية، التي دخلها الكفار أو احتلوها أثناء الحرب.
- وربما دفع جزية للمسلمين، حتى لا يفكر الكفار مستقبلاً في نقض هذه الشروط.
ولكن شيئاً من هذا لم يحصل بين صلاح الدين الأيوبي والصليبيين المعتدين، فما الذي حصل إذن؟:
1- إن صلاح الدين هو الذي طلب الصلح والهدنة، وبادر إليها رغم أنه المنتصر في معركة حطين التي انتهت بتحرير القدس.
2- الصليبيون استغلوا استغلالاً كبيراً هذه المبادرة السلمية من صلاح الدين، وفرضوا عليه شروطهم كاملة.
3- لم يحقق صلاح الدين أياً من مقتضيات الجنوح الإسلامي إلى السلم، فالصليبيون لا يزالون محتلين لمنطقة كبيرة جداً من البلاد الإسلامية.
4- وزاد من سوء هذا الجنوح إلى السلم تنازل صلاح الدين للصليبيين عن مناطق أخرى ومدن مهمة كانت في يد صلاح الدين.
كل هذا في الوقت الذي لم يكن فيه صلاح الدين في حالة ضعف أو تقهقر، بل كان في حالة عظيمة من الانتصار والتقدم والقوة، بل وكان الخليفة الناصر العباسي يلح عليه في أن يمده بجيش الخلافة، وكان ذلك إيذاناً بنصر كاسح على الصليبيين المعتدين، سيؤدي إلى طردهم خارج البلاد الإسلامية، والتنكيل بهم تنكيلاً يجعل الرعب يدب في قلوب من خلفهم من الكفار، بحيث لا يراودهم أي أمل ولو في مجرد التفكير مستقبلاً بالاعتداء على ديار المسلمين، طبقاً لقوله عز من قائل(فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذّكرون)[سورة الأنفال: الآية 57].
• لماذا جنح صلاح الدين إلى السلام مع الصليبيين؟:
هنا لابد أن يثور في الفكر سؤال كبير، وبحث عن السبب الذي دفع صلاح الدين إلى إيقاف الحرب مع الصليبيين، والجنوح الشديد نحو مسالمتهم وعقد معاهدة الصلح معهم بهذا الشكل المريب، وهو السؤال الذي لم يبخل التاريخ بالإجابة عنه بصراحة ووضوح، ومن قبل أقرب المقربين من المؤرخين إلى صلاح الدين.
لو كان صلاح الدين مجاهداً في سبيل الله والإسلام، لالتزم بالتعاليم الإسلامية بشكل عام، وبالأحكام المتعلقة بالسلم والحرب بشكل خاص، وواقع الحال يؤكد غير ذلك(3أ).
ولو كان صلاح الدين بطلاً قومياً كما يدّعون له، لاختار أن يستمر في الحرب حتى يطهر الأرض العربية من رجس الغزاة المعتدين، ويكنس منها كل أثر للصليبيين، قبل أن يفكر بالخلود إلى الراحة والدعة، وموادعة أعداء الأمة، الرابضين في أهم مدنها وبقاعها، والجاثمين فوق صدور أبنائها.
• فماذا كان صلاح الدين الأيوبي إذن؟
إنه لا مفر أمامنا من الاعتراف، أن صلاح الدين الأيوبي ما هو إلاّ طالب لسلطة وملك حازهما بكل خسة ونذالة، وطامح لمجد شخصي ناله بالغدر والخيانة، ولم تكن الدواعي الإسلامية والدوافع القومية لتخطر على باله، أو لتحتل حيّزاً ولو صغيراً في قلبه.
ومن هنا فقط، نستطيع أن نفهم مبادرته لإيقاف الحرب، وسعيه الحثيث لعقد الصلح مع الصليبيين،ومحاولاته المتكررة لثني الخليفة العباسي الناصر عن إرسال أي جيش إلى فلسطين لمعاضدة صلاح الدين في قتال الصليبيين وطردهم من الديار الإسلامية(4).
كان نور الدين زنكي ولي نعمة صلاح الدين، قد طلب إليه أن يزحف من مصر، في حين يزحف نور الدين من الشام، ويحصرا الصليبيين بين الجيشين مما يسهل القضاء عليهم، فأبى ذلك صلاح الدين، لأنه اعتقد أنه إذا زال الصليبيون أصبح تابعاً لنور الدين، ولما أدرك أن نور الدين عازم على القدوم بنفسه إلى مصر ليؤدبه، احتمى منه بالصليبيين كما نص على ذلك ابن الأثير وأبو شامة وابن العديم وغيرهم(5).
يقول أبو شامة: (وكان نور الدين قد شرع بتجهيز السير إلى مصر لأخذها من صلاح الدين، لأنه رأى منه فتوراً في غزو الفرنج من ناحيته، فأرسل إلى الموصل وديار الجزيرة وديار بكر، يطلب العساكر ليتركها بالشام لمنعه من الصليبيين، ليسير هو بعساكره إلى مصر، وكان المانع لصلاح الدين من الغزو، الخوف من نور الدين، فإنه كان يعتقد أن نور الدين، متى زال عن طريقه الفرنج، أخذ البلاد منه، فكان يحتمي بهم عليه ولا يؤثر استئصالهم )(6).
وياليت الله مدّ في عمر نور الدين ريثما يزيل هذا الجاحد للنعمة، المتخاذل عن النصرة، فيتغير بذلك وجه التاريخ، ولا يبقى للصليبيين أثر في البلاد الإسلامية، ولكن نور الدين أتاه أمر الله الذي لا يرد، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ولتكون أمام صلاح الدين الفرصة ليعيد هذا الموقف نفسه مرة ثانية مع الخليفة الناصر العباسي، (ولتنكب الأمة نكبة أخرى بتمزيق صفوفها، وتوريث بلادها كما تورث القرى والمزارع لورثة صلاح الدين، فتعاد القدس التي سفكت دماء المسلمين في سبيل استردادها، تعاد بسبب ترتيبات صلاح الدين إلى الصليبيين)(7).
(هنا أيضاً وقف صلاح الدين الموقف نفسه من الخليفة الناصر، فرفض قدوم جيش الخلافة لقتال الصليبيين والقضاء عليهم، لأنه اعتقد أنه سيصبح والياً من ولاة الخليفة تابعاً له)(8).
وأمام الرسالة الأخيرة التي أرسلها الخليفة الناصر، والتي لم يفصح العماد الأصفهاني عن شيء من مضمونها، والتي استشعر صلاح الدين الشدة فيها، والإصرار على إرسال جيش قوي لطرد الصليبيين، قرر صلاح الدين في نفسه التمرد على الخليفة، إلى حد قتال جيشه لو جاء إلى فلسطين.
ولذلك فقد راح يهيئ وسائل المقاومة ويرتب المحالفات، وخاصة بعدما جاءت الأخبار بقدوم حملة صليبية ألمانية كبيرة، اجتازت القسطنطينية وشقت طريقها في الأناضول، ودخلت مدينة قونيه وتحالفت مع الملك السلجوقي قلج أرسلان.
فمن جهة حاول صلاح الدين أن يلين للخليفة الناصر، ويطمئنه على قدرته على القيام وحده بواجب صد هذه الحملة وردها على أعقابها، فأوفد رسولاً إليه، وزوده برسالة يقول فيها: (00 والخادم منفرد في عبء هذا الفادح الباهظ بالنهوض، وهو واثق بأن بركات الدار العزيزة تدركه ولا تتركه، وأن الذي يستبعد مـن النصر القريب يتسق ويتسع بـه سلكه ومسلكه إن شـاء الله)(9).
ومن جهة ثانية، كان يوقع معاهدة الصلح والسلام مع الصليبيين، وينزل عند شروطهم، ويتنازل لهم عما كان في يده وتحت سلطانه من مدن فلسطين وغير فلسطين، ويتحالف معهم لقتال جيش الخليفة إن هو جاء إلى فلسطين.
فما أن تم له إنجاز هذا التحالف واستكمال متطلباته، حتى كتب إلى الخليفة معلناً رفض أمراء جيشه مواصلة القتال، وبالتالي تململهم من قدوم جيش الخليفة، لأن العسكر قد أنهكتهم الحرب حتى سئموا وملوا وضجروا وكلّوا(10).
على أن صلاح الدين الذي أبرم هذا الصلح مع الصليبيين أعداء الأمة الإسلامية، ورسم هذه الصورة الهزيلة لجيشه، زاعماً في رسالته للخليفة أن جيشه قد ملّ القتال وسئم الحرب، وغدا عاجزاً ضعيفاً عن مواصلة الكرّ والفرّ، كان يعدّ لحرب جديدة، ولكن لا لإنقاذ الوطن الإسلامي مـن خطر الصليبيين هذه المرة، وإنما لتوسيع رقعة مملكته الخاصة على حساب ممالك إسلامية أخرى، (لأن إنقاذ الوطن الإسلامي من الصليبيين يحد من نفوذه ويقلل من هيمنته، أما القتال في مناطق أخرى، فإنه يزيد من نفوذه ويكثر من هيمنته، فإذا ضمن ذلك فليبق الصليبيون في بلاد الشام، ولو أن المناطق التي عزم على القتال فيها، هي مناطق أجنبية يريد إدخالها ضمن المناطق الإسلامية لهان الأمر، ولكن صلاح الدين الذي عزم على مسالمة الصليبيين وإنهاء الحرب معهم والتسليم بوجودهم، صلاح الدين هذا كان يخطط لغزو البلاد الإسلامية، وسفك دماء المسلمين، تحقيقاً لمطامعه الشخصية، عزم على ترك الصليبيين في أمان، واتجه لترويع المسلمين الآمنين)(11).
ويذكر ابن الأثير في تاريخه، وابن كثير في البداية والنهاية، أن صلاح الدين كان عازماً على أن يغزو بنفسه بلاد الأناضول، التي كانت وقتذاك بلاداً إسلامية، يحكمها أولاد قلج أرسلان السلجوقي، وأن يوجه أخاه (العادل) لغزو بلاد (خلاّط) والدخول منها إلى أذربيجان، ومن ثم بلاد العجم، لكن المنية عاجلت صلاح الدين، وحالت بينه وبين الإقدام على جريمة أخرى من جرائمه الكثيرة في حق الإسلام والمسلمين، كما حالت من قبل بين نور الدين زنكي وبين السير إلى مصر، لإنزال عقوبة الموت بصلاح الدين الذي نكل بوعده ونكص عن التوجه لقتال الصليبيين، حسب الخطة التي رسمها لـه نور الدين زنكي، وليُّ نعمته وصاحب الفضل الذي لا ينكر عليه.

qayed 12-31-2007 09:07 PM

ما الذي فعله صلاح الدين؟:
وقبل أن نصل إلى ختام هذا البحث، نسأل أنفسنا والتاريخ هذا السؤال المهم عما فعله حقاً صلاح الدين، ونستنطق التاريخ فنجده يقول بكل صراحة:
1- قضى صلاح الدين على الدولة الفاطمية في مصر، وأباد المكتبات العظيمة التي أنشاؤها، وشتت الكتب التي سهروا طويلاً على جمعها وترتيبها، ووضعوها بين أيدي العلماء، لينهلوا من معينها الفياض، ونكّل بأتباعهم وأشياعهم بكل قسوة ووحشية.
هذه الدولة العظيمة، التي كانت طوال فترة حكمها، السدّ المنيع أمام أطماع الروم البيزنطيين، والحارس القوي اليقظ على ثغور دولة الإسلام، سواء في الشام بالمشرق، أو في إفريقيا بالمغرب، متابعة في ذلك الدور العظيم، الذي كانت تقوم به قبلها الدولة الحمدانية في حلب، بقيادة سيف الدولة الحمداني، والتي قضى عليها هي الأخرى أسياد صلاح الدين وآباؤه.
لقد كانت الدولة الفاطمية، في صراع دائم وثابت مع الروم البيزنطيين، ورغم كل الحشود الضخمة والجهود الحثيثة، والإصرار من قبل البيزنطيين للوصول إلى القدس، فإن الفاطميين استطاعوا بصمودهم وشجاعتهم صدّ هؤلاء عن القدس، بل عن كل البلاد الإسلامية في المشرق والمغرب على السواء، وظلت الضربات الفاطمية تلاحقهم حتى ردتهم إلى أنطاكية، ولما حاق الفشل الذريع بالإمبراطور البيزنطي، عاد آيباً إلى القسطنطينية، حيث مات فيها مقهوراً في أوائل سنة 971 م (12).
2- اكتفى صلاح الدين بالنصر الذي حققه في معركة حطين، والتي انتهت بانتزاع القدس من أيدي الصليبيين، وبدلاً من متابعة الحرب، واضعاً يده في يد الخليفة الناصر العباسي حتى طرد الصليبيين من كافة الأرجاء والمدن الإسلامية، آثر مصلحته الشخصية في بسط نفوذه على بلاد الشام، وتمكين ملكه فيها، بعيداً عن نفوذ الخليفة، أو تدخله في شؤون تصريفه لأمور مملكته هذه.
ولتحقيق هذه الغاية بادر إلى مسالمة الصليبيين وموادعتهم، بل إلى التحالف معهم لقتال جيش الخلافة لو جاء إلى فلسطين، هذه المسالمة التي تنازل صلاح الدين مـن أجل الوصول إليها، عن معظم مدن فلسطين ولبنان للصليبيين، واعترف لهم بشرعية وجودهم فيها خلافاً لتعاليم الإسلام ورغبة المسلمين، بما فيهم الخليفة الناصر العباسي.
3- في عام 1190 م أصدر صلاح الدين مرسوماً دعا فيه اليهود إلى الاستيطان في القدس، وكان الصليبيون أثناء فترة احتلالهم للمدينة قد حظروا على اليهود الإقامة فيها، وحين زار الحاخام اليهودي (يهوذا بن سليمان الحريزي) (القدس عام 1216 م) وجد فيها جماعة يهودية معتبرة، مكونة من مهاجرين من فرنسا والمغرب وسكان عسقلان السابقين(13).
وترد الموسوعة اليهودية إصدار ذلك المرسوم، إلى نفوذ اليهودي موسى بن ميمون طبيب صلاح الدين، فتقول بشكل صريح وواضح كل الوضوح: (استخدم ابن ميمون نفوذه في بلاط صلاح الدين لحماية يهود مصر، ولما فتح صلاح الدين فلسطين أقنعه ابن ميمون بأن يسمح لليهود بالإقامة فيها من جديد وابتناء كُنُسٍ ومدارس)(14).
ويشير الدكتور جورج طرابيشي إلى هذا النفوذ بقوله: (بعد أن فتح صلاح الدين القدس، استحصل ابن ميمون لأبناء ملّته على إذن في التوطن فيها وفي فلسطين بصفة عامة)(15).
وبهذا المرسوم انفتح الطريق منذ ذلك اليوم لقيام دولة إسرائيل، وما وصلت إليه في عصرنا الحاضر من طغيان وفساد في الأرض.
4- قبل أن يموت صلاح الدين، قام بتقسيم البلاد التي كان يحكمها بين ورثته على الشكل الذي يحدده ابن كثير كما يلي:
- مصر: لولده (العزيز عماد الدين أبي الفتح).
- (دمشق وما حولها) لولده (الأفضل نور الدين علي).
- (حلب وما إليها) لولده (الظاهر غازي غياث الدين).
- (الكرك والشوبك وبلاد جعبر وبلدان كثيرة على قاطع الفرات) لأخيه (العادل).
- (حماه ومعاملة أخرى معها) لابن أخيه (الملك المنصور محمد بن تقي الدين عمر).
- (حمص والرحبة وغيرها) لابن عمه (أسد الدين بن شيركوه).
- (اليمن) جميعه بمعاقله ومخاليفه لأخيه (ظهير الدين سيف الإسلام طفتكين بن أيوب).
- (بعلبك وأعمالها) لابن أخيه (الأمجد بهرام شاه بن فروخ شاه).
- (بصرى وأعمالها) لـ (الظافر بن الناصر).
ويضيف ابن كثير بعد هذا النص قائلاً: (ثم شرعت الأمور بعد صلاح الدين تضطرب وتختلف في جميع الممالك)(16).
ويقول الدكتور حسين مؤنس واصفاً تلك القسمة: (قسم صلاح الدين الإمبراطورية ممالك بين أولاده واخوته وأبناء أخويه، كأنها ضيعة يملكها، لا وطناً عربياً إسلامياً ضخماً يملكه مواطنوه!)(17).
ثم يقول عما آل إليه الحال بين ورثة صلاح الدين: (عملوا أثناء تنافسهم بعضهم مع بعض، على منح (بقايا الصليبيين) في أنطاكية وطرابلس وعكا امتيازات جديدة، فتنازل لهم السلطان (العادل) عن الناصرة، وكانت بقية من أهل مملكة بيت المقدس الزائلة قد أقامت في عكا، واستمسكت بلقب (ملوك بيت المقدس)، فاعترف لهم به هذا (العادل) في ثلاث معاهدات... وحاول الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين صاحب حلب، أن يتحالف مع الصليبيين على عمّه (العادل)... وعندما أقبل الإمبراطور فريدريك الثاني يقود الحملة الصليبية السادسة ونزل عكا سنة 1227 م، أسرع الملك (الكامل) سلطان مصر وتنازل له عن بيت المقدس وجزء من أرض فلسطين يمتد من الساحل إلى البلد المقدّس، ووقّع معاهدة بذلك في 18 شباط 1229 م، وفي سنة 1244 م تقدم أيوبي آخر هو الصالح إسماعيل صاحب دمشق، فجعل للصليبيين الملكية الكاملة لبيت المقدس، وسلم لهم قبة الصخرة)(18).
ويعقب السيد الأمين على ذلك فيقول: (لم يكد صلاح الدين يموت، حتى استقل كل واحد من ورثته بما ورثه عن صلاح الدين، وتمزقت البلاد وفقدت وحدتها، وتشتت الشعب قطعاً قطعاً لا تربطها رابطة، ولم يقنع كل وارث بما ورثه، بل راح كل واحد منهم يطمع فيما في يد غيره، ويستعين على غريمه بالصليبيين، ففي سنة 638 هـ سلم الصالح إسماعيل صاحب دمشق للصليبيين صيدا وهونين وتبنين والشقيف، ليساعدوه على ابن أخيه الصالح أيوب صاحب مصر، وفي سنة 625 هـ شباط 1229 م سلم الكامل والأشرف ولدا العادل – أخي صلاح الدين – القدس وما حولها، للملك الصليبي فريدريك الثاني، وسلماه معها الناصرة وبيت لحم وطريقاً يصل القدس وعكا، ليساعدهما على أقربائهما، ويصف ابن الأثير وقع هذه الرزية على العالم الإسلامي بقوله: (واستعظم المسلمون ذلك وأكبروه، ووجدوا له من الوهن والتألم ما لا يمكن وصفه)(19).
فماذا بقي لصلاح الدين هذا مما يمكن أن يتفاخر به مؤيدوه بتحرير القدس، وقد أدت تصرفاته الرعناء ومطامعه الشخصية، إلى أن يعود الصليبيون إلى القدس؟!.
إن هذه الحقائق عن مخازي صلاح الدين الأيوبي، لم ينفرد بها السيد الأمين ولم يخترعها من عند نفسه، وإنما انتزعها من بطون كتب التاريخ، وخاصة من المؤرخين الذين عاصروا صلاح الدين، والفترة التي تلت عصره، وكانوا من المقربين إليه والأثيرين عنده، وقام مشكوراً بجهد كبير ليكشف لنا هذه الحقائق الناصعة، مأخوذة من مؤرخين لا يرقى الشك إلى ولائهم لصلاح الدين، وبالتالي إلى صدق ماكتبوه عنه وعن ورثته، من مثل العماد الأصفهاني، والقاضي بهاء الدين بن شداد، وابن الأثير وابن كثير والنعمان بن محمد، والمقريزي وابن القلانسي ومن إليهم، ونقله عنهم بعد ذلك جمع كثير من المؤرخين المعاصرين، منهم الدكتور حسن إبراهيم حسن، والدكتور طه أحمد شرف، والدكتور حسين مؤنس، وسواهم.
• ختام البحث:
هذا هو صلاح الدين الأيوبي، وهذه هي شخصيته الحقيقية كما أفصح عنها التاريخ، لم يكن مجاهداً إسلامياً، ولا بطلاً قومياً عربياً، وإنما كان مجرد طالبٍ لسلطة، وطامع بملك، وقد نالهما عبر مراحل طويلة من خداعه للمسلمين والعرب، فباسم الجهاد سالم الصليبيين بل وتحالف معهم، وباسم الجهاد قاتل شعوباً إسلامية، وقضى على دول إسلامية في مصر واليمن وسواهما، وكان قاسياً جداً لدرجة الوحشية مع المسلمين الذين يحكمهم، ومتسامحاً لدرجة مريبة جداً مع اليهود والصليبيين.
ولا بأس أن ننقل في هذا الختام، حديث الدكتور حسين مؤنس عن سيرة صلاح الدين مع الشعب، والمعاملة السيئة والقاسية التي كان هو وعماله يعاملون بها الناس: (كانت مشاريعه ومطالبه متعددة لا تنتهي، فكانت حاجته للمال لا تنتهي، وكان عماله من أقسى خلق الله على الناس، ما مرّ ببلده تاجرٌ إلاّ قصم الجُباةُ ظهره، وما بدت لأي إنسان علامة من علامات اليسار إلاّ أُنذر بعذاب من رجال السلطان، وكان الفلاحون والضعفاء معه في جهد، ما أينعت في حقولهم ثمرة إلاّ تلقفها الجُباةُ، ولا بدت سنبلة قمح إلاّ استقرّت في خزائن السلطان، حتى أملق الناس في أيامـه، وخلّفهم على أبواب محن ومجاعات حصدت الناس حصداً)(20).
هذا هو صلاح الدين الأيوبي على حقيقته الكاملة، ولكن الناس خدّرتهم أنباء الفتوحات المزيفة والبطولات الموهومة، فلم يعودوا يميزون بين الغث والثمين، ولا بين الصدف والجوهر، وكل هذا بفضل التعتيم المستمر على حوادث التاريخ، والتزوير المخطط من قبل حواشي السلاطين.
أضف إلى ذلك، أن الناس عندما يهبطون إلى درك من الضعف والعجز، يحاولون أن يفتشوا عن بطولات لهم في التاريخ، وعندما لا يجد هؤلاء لهم أبطالاً حقيقيين، لا يضيرهم أن يستظلوا تحت سقف أبطال مزيفين، ولا يكتفون بذلك بل يجعلون منهم أبطالاً أسطوريين، يقاتلون طواحين الهواء باسمهم وتحت راياتهم، ولله في خلقه شؤون، والحمد لله رب العالمين.





الهوامش:
1- كتاب: (صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين) للسيد حسـن الأمين ص 144، ومن الطريف أن (العادل) وهو أخو صلاح الدين ومندوبه الذي فاوض الصليبيين، حاول إغراء ريتشارد قلب الأسد ملك الإنكليز أن يزوجه أخته فتتوحد المصالح وتمتزج الأهداف. المصدر السابق ص 124- 125 ينقله عن: (الفتح القسي في الفتح القدسي) للعماد الأصفهاني.
2- انظر في المدن التي نزل عنها صلاح الدين للصليبيين كتاب (الأعلاق الخطيرة في أمراء الشام والجزيرة) ص 173- 184 وص 259 لقاضي صلاح الدين بهاء الدين بن شداد.
3- الدكتور حسين مؤنس: (أطلس تاريخ العالم) ص 269.
3أ- يقول المقدسي المعروف بأبي شامة في (كتاب الروضتين في أخبار الدولتين)- أي النورية والصلاحية -: ( فأرسل الخليفة العاضد إلى صلاح الدين، يأمره بالحضور في قصره ليخلع عليه الوزارة، ويولّيه بعد عمّه)، ويقول ابن شدّاد في (النوادر السلطانية): ( وشكر- أي صلاح الدين- نعمة ربّه، فتاب عن الخمر، وأعرض عن أسباب اللهو)، ويذكر ذلك أيضاً: ابن العديم في (زبدة الحلب في تاريخ حلب)، وأبو الفداء في تاريخه، والذهبي في (سير أعلام النبلاء)، وسواهم، ويعلق السيد حسن الأمين على ذلك بقوله: (وإذا كان هؤلاء قد اعترفوا، بأن صلاح الدين كان سِكّيراً مدمناً على الخمر قبل تولّيه الوزارة، فالله وحده يعلم هل تاب أولا ). انظر (صلاح الدين الأيوبي بين الفاطميين والعباسيين والصليبيين) للسيد الأمين ص 185 - 186.
4- للوقوف على تفاصيل المراسلات بين الخليفة الناصر العباسي وبين صلاح الدين، يراجع كتاب (الفتح القسّي في الفتح القدسي) لعماد الدين الأصفهاني الذي كان من حاشية صلاح الدين ومن أقرب المقربين إليه، وكان يرافقه في حله وترحاله، ويسجل ما يحلو له تسجيله من وقائع وأحوال صلاح الدين.
5- صلاح الدين الأيوبي للسيد الأمين ص 117- 118.
6- كتاب (الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية) القسم الثاني من الجزء الأول ص 58، لعبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي المعروف بأبي شامة. وذكر مثله ابن الأثير وابن النديم وسواهما من المؤرخين.

qayed 12-31-2007 09:08 PM

الملك المؤسس عبد الله بن الحسين
(1882 - 1951)
سوف تتحدث صفحات التاريخ دوماً عن جلالة المغفور له الملك عبد الله بن الحسين، مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية، باعتباره شخصية فريدة وجليلة وخالدة برزت مع تاريخ العالم العربي المعاصر. فقد كان رحمه الله مرشداً لحفيده جلالة العاهل الأردني الراحل الملك الحسين الأول. كما كانت شخصيته مزيجاً تجمع التقليدية والحداثة. وكان في مسيرة حياته العامة عصرياً يتطلع إلى الأمام. وقد تجسد هذا فيه لكونه واحداً من أوائل الزعماء العرب الذين تبنوا نظاماً ملكياً دستورياً خلال السنوات الأولى التي أعقبت تأسيس بلده كما تمثل ذلك بتجربته الواقعية ومشاركته لشعبه.
قاد عبد الله القوات العربية إبان الثورة العربية تحت الراية الهاشمية واستلهم أفكار والده الكبرى مع إخوانه علي وفيصل وزيد. ومع نهاية الحرب العالمية الأولى، حررت الثورة العربية الكبرى دمشق والأردن الحديث ومعظم شبه الجزيرة العربية. وتولى جلالة الملك فيصل عرش سوريا ولكن وبعد معركة ميسلون تتسارع الاحداث، وينتقل سمو الامير عبدالله الى الاردن ليؤسس الدولة، ومن ثم يأتي الملك فيصل لتسلم عرش العراق.
أسس المغفور له الملك عبد الله إمارة شرق الأردن في 21 نيسان 1921م عندما أقام أول نظام حكومي مركزي في مجتمع معظمه عشائري وبدوي. وطوال السنوات الثلاثين التالية، ركز على بناء الدولة، ووضع الأطر المؤسسية للأردن الحديث. وبتصميم ورؤية عظيمين، سعى إلى الحكم الذاتي والاستقلال، بإقامة شرعية ديمقراطية، بوضع أول دستور للأردن في عام 1928عرف باسم المجلس التشريعي، وإجراء الانتخابات لأول برلمان في عام 1929م. وخلال هذه العقود الثلاثة أيضاً، عقد الملك سلسلة من المعاهدات بين إنجلترا وشرق الأردن، كان آخرها في 22 آذار 1946م بالمعاهدة الإنجليزية-الشرق أردنية التي أنهت الانتداب البريطاني وحققت لشرق الأردن استقلالا كاملاً ولتصبح الدولة باسم "المملكة الأردنية الهاشمية" في 25 ايار 1946م.
وبتحقيق الاستقلال التام اخذ الاردن يمارس دوراً منقدماً عربياً ودولياً ويشارك في المؤتمرات واولها مؤتمر قمة انشاص في 28 أيار 1946م بعد ايام من استقلال الدولة، ومن ثم يتبوأ الاردن مركزاً متقدماً في خدمة القضية الفلسطينية.
وخلال الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948، كان الجيش العربي الأردني فعالاً في الدفاع عن القدس وأجزاء أخرى من فلسطين. وأبدى الجيش الأردني شجاعة وبطولة وعرف عنه على نطاق واسع مستواه العالي في الاحتراف وثبات العزم والشجاعة أمام قوة متفوقة في العدد والعدة.
ونجح الجيش العربي في إلحاق الهزيمة في القوات اليهودية في باب الواد اللطرون والقدس وحافظ على القدس الشرقية رغم الهجمات الإسرائيلية الشديدة اللاحقة، التي حاولت دون جدوى انتزاعها من الجيش العربي الأردني. وانتهت الحرب في منتصف شهر تموز 1948م وبعدها جرى توقيع عدد من اتفاقيات الهدنة بين الأطراف العربية وإسرائيل في مؤتمر رودس. وبموجبها تم ترسيم حدود منطقة شرق الاردن مع فلسطين.
في 20 تموز 1951م توجه الملك عبد الله إلى القدس لأداء صلاة الجمعة مع حفيده الشاب، الحسين. ولكن ليكون القدر بانتظاره وليسقط الملك شهيداً عند درجة المسجد الاقصى وعلى مقربة من ضريح والده الحسين الذي ضحى من اجل كل العرب.
وكان الملك الحسين الامير الشاب حينها الى جانب جده، يشهد الموقف وتنزلق رصاصة من على وسام على صدره، ويعيش جلالته لحظات حاسمة مع الاحداث، وكان لاغتيال جده الملك عبد الله أثر عميق في حياته، من حيث إدراكه لأهمية الموت وحتميته، وإحساسه بأهمية واجبه ومسؤوليته في السنوات اللاحقة. ففي سيرة حياته، التي كتبها بالإنجليزية تحت عنوان Uneasy Lies the Head، أي "مشاكل الملوك"، يروي الملك الحسين كيف أن جده التفت نحوه قبل ثلاثة أيام من ذلك اليوم المشؤوم في القدس وقال له: أرجو أن تدرك، يا ولدي، أنك ستتولى المسؤولية ذات يوم. وأنا أطمح في أن تبذل قصارى جهدك حتى تتأكد أن عملي لن يضيع. أتطلع إليك لتستمر فيه خدمة لشعبنا. وعد الأمير الشاب جده بجدية وخشوع بأنه سيبذل كل ما في استطاعته للقيام بواجبه. لكن الملك والأمير لم يكونا يعرفان قصر الوقت أمامهما."

qayed 12-31-2007 09:08 PM

الخنسـاء بنت عمـــرو
حياتها ونشأتها:
هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية، ولدت سنة 575 للميلاد ، لقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه. عرفت بحرية الرأي وقوة الشخصية ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم ؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم طويلا معه ؛ لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله،لكنها أنجبت منه ولدا ، ثم تزوجت بعدها من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي ، وأنجبت منه أربعة أولاد، وهم يزيد ومعاوية وعمرو وعمرة. وتعد الخنساء من المخضرمين ؛ لأنها عاشت في عصرين : عصر الجاهلية وعصر الإسلام ، وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها. ويقال : إنها توفيت سنة 664 ميلادية.
مقتل أخويها معاوية وصخر واستشهاد أولادها الأربعة :
قتل معاوية على يد هاشم ودريد ابنا حرملة يوم حوزة الأول سنة 612 م ،فحرضت الخنساء أخاها صخر بالأخذ بثأر أخيه ، ثم قام صخر بقتل دريد قاتل أخيه. ولكن صخر أصيب بطعنة دام إثرها حولا كاملا، وكان ذلك في يوم كلاب سنة 615 م. فبكت الخنساء على أخيها صخر قبل الإسلام وبعده حتى عميت . وفي الإسلام حرضت الخنساء أبناءها الأربعة على الجهاد وقد رافقتهم مع الجيش زمن عمر بن الخطاب، وهي تقول لهم : (( يا بني إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ، ولا فضحت خالكم ، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم ، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون). فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فأعدوا على قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام حميسها تظفروا بالغنم والكرامة في الخلد والمقامة…، وأصغى أبناؤها إلى كلامها، فذهبوا إلى القتال واستشهدوا جميعا، في موقعة القادسية . وعندما بلغ الخنساء خبر وفاة أبنائها لم تجزع ولم تبك ، ولكنها صبرت، فقالت قولتها المشهورة: ((الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته)). ولم تحزن عليهم كحزنها على أخيها صخر ، وهذا من أثر الإسلام في النفوس المؤمنة ، فاستشهاد في الجهاد لا يعني انقطاعه وخسارته بل يعني انتقاله إلى عالم آخر هو خير له من عالم الدنيا ؛ لما فيه من النعيم والتكريم والفرح ما لا عين رأت ولا أن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم ربهم .
شعرهـــا وخصائصه:
تعـد الخنساء من الشعراء المخضرمين ، تفجر شعرها بعد مقتل أخويها صخر ومعاوية ، وخصوصا أخوها صخر ، فقد كانت تحبه حبا لا يوصف ، ورثته رثاء حزينا وبالغت فيه حتى عدت أعظم شعراء الرثاء. ويغلب على شعر الخنساء البكاء والتفجع والمدح والتكرار؛ لأنها سارت على وتيرة واحدة ، ألا وهي وتيرة الحزن والأسى وذرف الدموع ، وعاطفتها صادقة نابعة من أحاسيسها الصادقة ونلاحظ ذلك من خلال أشعارها. وهناك بعض الأقوال والآراء التي وردت عن أشعار الخنساء ومنها :
يغلب عند علماء الشعر على أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها. كان بشار يقول: إنه لم تكن امرأة تقول الشعر إلا يظهر فيه ضعف، فقيل له: وهل الخنساء كذلك، فقال تلك التي غلبت الرجال.
قال نابغة الذبياني: (( الخنساء أشعر الجن والإنس)). فإنكان كذلك فلم لم تكن من أصحاب المعلقات ، وأظن أن في هذا القول مبالغة . أنشدت الخنساء قصيدتها التي مطلعها:
قذى بعينيك أم بالعين عوار ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
لنابغة الذبياني في سوق عكاظ فرد عليها قائلا : لولا أن الأعشى(أبا البصير) أنشدني قبلك لقلت أنك أشعر من بالسوق . وسئل جرير عن أشعر الناس فـأجابهم: أنا، لولا الخنساء ، قيل فيم فضل شعرها عنك، قال: بقولها:
إن الزمان ومـا يفنى له عجـب أبقى لنا ذنبا وستؤصل الــرأس
إن الجديدين في طول اختلافهما لا يفسدان ولكن يفسد الناس
وكان الرسول شعرها وينشدها بقوله لها: ((هيه يا خناس ويوميء بيده)).
أتى عدي عند رسول الله r فقال له:- يا رسول الله إن فينا أشعـر الناس، وأسخى الناس وأفرس الناس. فقال له النبي r : سمِّهم فقال: فأما عن أشعر الناس فهو امرؤ القيس بن حجر، وأسخى الناس فهو حاتم بن عدي(أباه) ، وأما عن أفرس الناس فهو عمرو بن معد يكرب. فقال له الرسول:- (( ليس كما قلت يا عدي، أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو، وأما أسخى الناس فمحمد يعني نفسه r وأما أفرس الناس فعلي بن أبي طالب )) رضي الله عنه وأرضاه.
بعض أشعارها في الرثاء:
تعكس أبيات الخنساء عن حزنها الأليم على أخويها وبالأخص على أخيها صخر، فقد ذكرته في أكثر أشعارها. وقد اقتطفت بعض من أشعارها التي تتعلق بالدموع والحزن، فهي في هذه القصائد تجبر عينيها على البكاء وعلى ذر ف الدموع لأخيها صخر، وكأنها تجبرهما على فعل ذلك رغما عنهما، وفي متناول أيدينا هذه القصائد :
ألا يا عين فانهمري بغدر وفيضـي فيضه مـن غير نزر
ولا تعدي عزاء بعد صخـر فقد غلب العزاء وعيل صبري
لمرزئة كأن الجوف منهـا بعيد النـوم يشعــر حـــر جمـــر
في هذه الأبيات نرى أن الخنساء دائمة البكاء والحزن والألم على أخيها ولم تعد تقوى على الصبر ، ودموعها لا تجف ، فهي - دائما - منهمرة بغزارة كالمطر ، وعزاؤها لأخيها صخر مستمر.
من حس لي الأخوين كالغصنين أو من أراهما
أخوين كالصقرين لم ير ناظر شرواهمـا
قرميــن لا يتظالمان ولا يرام حماهـا
أبكي على أخـوي والقبــر الذي واراهما
لا مثل كهلي في الكهول ولا فتى كفتاهما
وهنا يظهر في أبياتها المدح والثناء لأخويها صخر ومعاوية وذكر مآثرهما، والبكاء عليهما ، وعلى القبر الذي واراهما: ومن شعرها أيضا
يذكرني طلوع الشمس صخراً وأذكره لكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكيـن حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون على أخي، ولكن أعـزي النفس عنه بالتأسي
فلا، والله، لا أنساك حتى أفارق مهجتي ويشص رمسي
فيا لهفي عليه، ولهف نفسي أيصبح في الضريح وفيه يمسي
وفي الأبيات السابقة ، وصفت الخنساء أخاها صخر بصفتين جميلتين ؛ أولاها: طلوع الشمس ، وفيه دلالة على الشجاعة ، وثانيهما : وغروب الشمس ، وفيه دلالة على الكرم ، وأيضا تبكيه وتعزي نفسها بالتأسي عليه، وأكدت بالقسم ( فلا والله ) على أنها لن تنساه أبداً. وفي يوم من الأيام طلب من الخنساء أن تصف أخويها معاوية وصخر، فقالت: أن صخرا كان الزمان الأغبر، وذعاف الخميس الأحمر. وكان معاوية القائل الفاعل. فقيل لها: أي منهما كان أسنى وأفخر ؟ فأجابتهم : بأن صخر حر الشتاء ، ومعاوية برد الهواء. قيل: أيهما أوجع وأفجع؟ فقالت: أما صخر فجمر الكبد ، وأما معاوية فسقام الجسد. ثم قالت:
أسدان محمرا المخالب نجدة بحران في الزمن الغضوب الأنمر
قمران في النادي رفيعا محتد في المجد فرعا سؤدد مخير
وعندما كانت وقعة بدر قتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، فكانت هند بنت عتبة ترثيهم، وتقول بأنها أعظم العرب مصيبة. وأمرت بأن تقارن مصيبتها بمصيبة الخنساء في سوق عكاظ ، وعندما أتى ذلك اليوم، سألتها الخنساء : من أنت يا أختاه؟ فأجابتها : أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك فبم تعاظمينهم أنت؟ فقالت: بأبي عمرو الشريد ، وأخي صخر ومعاوية . فبم أنت تعاظمينهم؟ قالت الخنساء: أوهم سواء عندك؟ ثم أنشدت هند بنت عتبة تقول:
أبكي عميد الأبطحين كليهما ومانعها من كل باغ يريدها
أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي وشيبة والحامي الذمار وليدها
أولئك آل المجد من آل غالب وفي العز منها حين ينمي عديدها
فقالت الخنساء:
أبكي أبي عمراً بعين غزيـرة قليل إذا نام الخلـي هجودها
وصنوي لا أنسى معاوية الذي له من سراة الحرتيـن وفودها
و صخرا ومن ذا مثل صخر إذا غدا بساحته الأبطال قــزم يقودها
فذلك يا هند الرزية فاعلمي ونيران حرب حين شب وقودها

qayed 12-31-2007 09:08 PM

الإمام ناصر بن مرشد اليعربي


كانت الرستاق عاصمة لعمان في عهد الإمام ناصر بن مرشد بن مالك بن أبي العرب من ولد نصر بن زهران وهو أول إمام في اليعاربة وأول من قامت به دولتهم وكانوا قبل ذلك كغيرهم من العرب رؤساء في الرستاق وما يليها بعدما تقسمت الممالك في أيدي الرؤساء ، وإختلفت آراء أهل الرستاق ووقعت بينهم المحنة والشقاق وسلطانهم يومئذ مالك بن أبي العرب وهو جد ناصر بن مرشد .
ثم مات مالك وبقيت الرستاق في يد بنيه وهم أولاد عم الإمام ، فتشاور المسلمون وقدوة العلم يومئذ خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي صاحب منهج الطالبين ، وعلماء آخرون ، فوقع إختيارهم على ناصر بن مرشد وكان فيما قبل ربيبا للقاضي خميس بن سعيد ، فعقدوا عليه الإمامة بالرستاق في عام 1624 م وكان الإمام يسكن قصرى من الرستاق ، وخاض عدد من الحروب لتوحيد العمانيين وطرد البرتغاليين .
بدأ الإمام عمله لتوحيد البلاد بمحاصرة قلعة الرستاق التي كان عليها إبن عمه مالك بن أبي العرب فإحتلها ، ثم تقدم نحو نخل التي كان عليها إبن عمه سلطان بن أبي العرب فإحتلها ، ثم سمائل ونزوى ومنح ، وقد أمر ببناء حصن عقر في نزوى بدل حصنها القديم .
وأرسل جيشا بقيادة مسعود بن رمضان إلى سمد الشان فأنهى حكم علي بن قطن ، ثم أنهى حكم محمد بن جفير في إبرا ، ثم وجه جيشا آخر إلى بهلا فتمكن من ضمها ، ثم إنتقل إلى الظاهرة وإقتحم حصن الغبي الذي كان تحت سيطرة بني هلال ، وبعدها توجه إلى عبري فإستولى عليها .
هيأ الإمام جيشا عهد به إلى علي بن أحمد مدعوما بأحد أقربائه من اليعاربة ، وبعد يومين من المعارك أحرزت قوات الإمام نصرا وإقتلعت البرتغاليين والفرس من منطقة جلفار في آب ( أغسطس ) 1633 م وكان ذلك أول إنتصار عسكري على القوات الأجنبية .
وبعد سنة أي في عام 1634 م وقعت منطقة صور وقريات في قبضة الإمام في حين ظلت صحار ومسقط خاضعتين للقوات البرتغالية ، وفي عام 1644م دخلت قوات الإمام حروبا متقطعة مع القوة البرتغالية ، ولكنها لم تكن قادرة على إختراق السور المحيط بمسقط الذي كان البرتغاليون قد بنوا فيه قلعتي الجلالي والميراني
ومن جديد ، في عام 1648 م جردت القوات العمانية حملة بقيادة مسعود بن رمضان وخميس بن سعيد لفرض الحصار على مسقط وتحريرها ، وفي 16 آب ( أغسطس ) ضرب حصار دام حتى 11 أيلول ( سبتمبر ) أرغم العمانيون البرتغاليون في نهايته على قبول الشروط التي حددها الإمام ، وفي 31 تشرين الأول ( أكتوبر ) وقع إتفاق من خمسة بنود ينص واحد منها على إلغاء القانون المتعلق بالضريبة المفروضة على العمانيين من قبل البرتغاليين .
كان هذا أول إتفاق فرضته قوة وطنية على مستعمرين ، كان نصرا سياسيا للعمانيين بقدر ما كان نصرا معنويا ، لكن البرتغاليين لم ييأسوا فقد طلبوا من قادتهم في الهند نجدات جديدة ، فلم يكونوا يجهلون أنهم إذا فقدوا مواقعهم في مسقط فسوف يفقدون نهائيا كل مواقع الخليج العربي .
لقد مالت كفة الصراع بوضوح ، فلم يعد صراعا بين مستعمرين ينصب على إقتسام مناطق نفوذ ، بل أصبح صراعا بين قوة وطنية صاعدة ومستعمرين مكروهين من كل الشرق ، ولكن الإمام لم ير في التحرير خاتمة لمشروعه ، ففي نيسان ( أبريل ) 1649 م ، وبعد 26 عاما من الحكم توفي ناصر بن مرشد في السابعة والأربعين من عمره تقريبا ودفن في مدينة نزوى .
كانت إنجازات ناصر بن مرشد ملحمية وتاريخية ، فقد حقق توحيد عمان ومحا آثار خمسة قرون من المرارة الوطنية ، وقد أعاد الإعتبار للكرامة العمانية وإستعاد تقاليد الإمامة وأرجع تراثها ، كما أعاد مكانتها إلى أذهان العمانيين ، وقد أرسى أسس الدولة اليعربية وعناصرها الرئيسية ، وبفضله أيضا إستطاعت عمان دخول التاريخ الحديث موحدة ومزودة برسالة روحية وهوية وطنية وثقافية واضحة .


المراجع المستخدمة :-

1 – د. حسين عبيد غانم غباش | عمان الديمقراطية الإسلامية | الطبعة الأولى | دار الجديد | بيروت | لبنان | 1997 م | ص 109 .
2- أبي محمد عبدالله بن حميد بن سلوم السالمي | تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان | الجزء الثاني | مكتبة نور الدين السالمي | مسقط | 1995 م | ص 85 .
3 – كتاب تاريخ عمان والخليج العربي | الصف الثالث الثانوي | الطبعة السادسة | 2000 م | ص 108 .

qayed 12-31-2007 09:09 PM

أدولف هتلر
هتلر في سطور
1889 ولادة أدولف هتلر في قرية برونو (النمسا) ـ 20 نيسان.
1907 فشله في دخول كلية الفنون.
1909 ـ 1913 هتلر يعيش حياة تشرد في شوارع فيينا.
1914 ـ 1918 مشاركته في الحرب العالمية الأولى التي انتهت بهزيمة ألمانيا.
1919 هتلر ينتسب إلى حزب العمال الألماني.
1920 تأسيس الحزب النازي.
1921 انتخاب هتلر رئيسا للحزب.
1924 محاكمة هتلر وسجنه لمدة خمس سنوات بتهمة الخيانة العظمى.
1924 هتلر يؤلف كتاب "كفاحي" في السجن.
1925 اطلاق سراحه بعد تسعة اشهر.
1930 وصول الحزب النازي إلى السلطة في ألمانيا.
1933 هتلر يصبح مستشارا لألمانيا.
1939 بداية الحرب العالمية الثانية لتوحيد جميع البلدان الناطقة بالألمانية.
1945 نهاية الحرب العالمية الثانية بهزيمة ألمانيا. وانتحار هتلر في 30 نيسان.

هتلر هو زعيم آخر من الذين أثروا بشكل ملحوظ على سيرورة القرن العشرين. لم يكفه انه أشعل ـ عن قصد أو عن غير قصد ـ الحرب العالمية الثانية،بل ذهب إلى أبعد من ذلك، إلى معاداة اليهود، وهذه المعاداة وحدها كافية لجعله أكثر الشخصيات عرضة للديماغوجية الإعلامية الغربية.
وإذا كان البشر، ومنهم المؤرخون والاحصائيون والعادون على الأصابع ومستخدمو الآلات الحاسبة، لا يزالون حتى اليوم يتناقشون في عدد يهود الهولوكوست، دون ان يصلوا إلى رقم واحد متفق عليه، فإننا لا نعتقد أن هتلر قد فكّر، حتى في أبهى تجليات أحلامه، بالسيطرة على العالم كله.
ألمانيا كانت دائما فريسة الصراعات الأوروبية، وكان شعبها مقسما بين النمسا وسويسرا والبلاد المنخفضة والمقاطعات البروسية التي كانت الدول الأوروبية المتجاورة تتناهشها كلما أتيحت لها الفرصة. وألمانيا نفسها لم تكن دولة استعمارية. فحين كانت دول أصغر منها واقل أهمية كهولندا تستعمر بلدانا في أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية منذ القرن السابع عشر على الأقل، كان الألمان يبحثون عن قائد يوحد صفوفهم. وقد وجدوه في بسمارك في العام 1880، وصارت لهم مستعمرات صغيرة في أفريقيا متأخرين عن سواهم ب 200 سنة على الأقل. ثم جاءت الحرب العالمية الأولى التي أعادت ألمانيا مئة سنة إلى الوراء، اقتصاديا وبشريا، اثر تقاسم مقاطعاتها شرقا وغربا.
نعتقد أن هتلر كان يبغي فعلا إقامة دولة واحدة لسائر الناطقين باللغة الألمانية. ولكن المعادلات الدولية، واضطراره إلى التحالف مع إيطاليا واليابان، تضافرت كلها لتحويل ذلك إلى حرب عالمية ثانية.
والحال أن دولة ألمانية قوية وموحدة هي بالفعل خدمة للإنسانية. فالشعب الألماني من أذكى شعوب العالم. ومنه الفلاسفة والمفكرون والموسيقيون والعلماء. ولكن طاقاته كانت ضائعة ومشتتة على الدوام، حتى ليبدو أن ثمة قوة خفية كانت تعمل دائما على منع وحدة هذا الشعب.
إن نظرة واحدة إلى أسماء كبار علماء الذرة والفيزياء والبرنامج الفضائي في الولايات المتحدة الأميركية تكفي للدلالة على أن معظمهم من أصل ألماني، وأكثرهم هاجروا إلى الولايات المتحدة أثناء أو بعد الحرب العالمية الثانية.
محاولة هتلر لم تكن مختلفة عن محاولة بسمارك قبله ب 60 عاما، ولكنها حصلت في ظروف مختلفة، وفي زمن كان اليهود قد بدأوا يحتلون مراكز متقدمة في النظام العالمي.
* * * * *
ولد ادولف هتلر في 20 نيسان 1889 في برونو ( النمسا)، وهي بلدة صغيرة على ضفة نهر الإن الذي يجري من ألمانيا. وبعد ولادته بمدة قصيرة انتقلت عائلته إلى مدينة لينز في النمسا أيضا. وهناك دخل المدرسة الابتدائية، وكان تلميذا متفوقا، إلا انه بعد انتقاله إلى المدرسة الثانوية تكاسل ولم ينجح في دروسه، مما أثار حفيظة والده الذي كان راغبا في أن يكون ابنه موظفا حكوميا على غراره. ومن أهم أسباب انحدار مستواه الدراسي اهتمامه بالفنون ورغبته في أن يكون فنانا.
عام 1907 انتقل هتلر إلى فيينا (النمسا) في محاولة منه لتحقيق حلمه الفني. ولكن محاولته انتهت سريعا عندما رسب في امتحان الدخول إلى كلية الفنون الجميلة. غير انه بعد وفاة والدته في العام نفسه قرر البقاء في فيينا ، وبعد عام تقدم إلى امتحان الدخول وفشل فيه أيضا.
لم يستطع هتلر أن يحصل على وظيفة، بل كان يقوم بأعمال متفرقة لم تكف للإنفاق على مسكنه وطعامه. فكان يقيم في غرف رخيصة بالإيجار أو يقضي لياليه على مقاعد الحدائق العامة، ويعتمد على الحسنات في تامين الوجبات الغذائية الأساسية.
كان هتلر نمساويا من الناطقين بالألمانية. وأثناء إقامته في فيينا كره غير الألمان لأنه اعتبر نفسه ألمانيا، وقد سخر من الحكومة النمساوية التي كانت تعترف بثمان لغات رسمية، وآمن انه ما من حكومة يمكن أن تبقى في السلطة إذا حاولت معاملة كل الجماعات الاثنية بالتساوي، وانه لا بد في النهاية من تفضيل بعض على البعض الآخر.
عام 1913 انتقل هتلر إلى ميونيخ في ألمانيا، وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى تطوع للخدمة في الجيش الألماني. وحارب ببسالة وتلقى تنويهين إلا انه رفع إلى رتبة عريف فقط. وعند نهاية الحرب كان هتلر يعالج في إحدى المستشفيات لإصابته بعمى مؤقت، نتيجة ما يرجح انه كان قنبلة من الغاز المسموم.
سلخت معاهدة فرساي التي وقعت في نهاية الحرب معظم الأقاليم الألمانية، وفرضت عليها نزع السلاح ودفع تعويضات هائلة. وعندما عاد الجيش إلى ألمانيا كانت البلاد في حالة يائسة، تعاني من الإفلاس ومن البطالة.
عام 1919 انتسب هتلر إلى حزب العمال الألماني الذي ما لبث أن صار اسمه "حزب العمال الوطني الاشتراكي الألماني"، ومن حروفه الأولى تكونت كلمة "نازي".
دعا الحزب إلى اتحاد كافة الناطقين بالألمانية في وطن قومي واحد، بقيادة حكومة مركزية قوية، والى إلغاء معاهدة فرساي. وما لبث هتلر أن صار رئيسا للحزب وراح الناطقون بالألمانية من كافة البلدان ينتمون إليه بالآلاف، مدفوعين بخطبه النارية.
اثر نجاحه الملحوظ في تجنيد أعضاء جدد للحزب قام هتلر بإنشاء "قوات العاصفة" (ذات القمصان الرمادية)، بمثابة جيش للحزب هدفه قتال الجماعات الداعية إلى التشكيك في "الوحدة النازية".
في 9 تشرين الثاني 1923 قاد هتلر ألفين من قوات العاصفة لاحتلال مقاطعة بافاريا واستبدال حكومتها، ولكن المحاولة فشلت والقي القبض على هتلر وحوكم ثم سجن لمدة خمس سنوات بتهمة الخيانة. وفي السجن ألف هتلر كتابه الشهير "كفاحي"، وقد ضمنه كل معتقداته ورؤيته لمستقبل ألمانيا.
أطلق سراح هتلر بعد تسعة اشهرن فعاد إلى بناء الحزب من جديد. ولكن السلطات الألمانية كانت قد فرضت حظرا على مطبوعات الحزب ومنعت رئيسه من إلقاء خطب في الأمكنة العامة. غير أن ذلك لم يمنع هتلر من كسب أعضاء جدد. ثم أسس منظمة "القوات الخاصة" من مجموعات من المقاتلين المدربين والمعدين للالتحاق السريع بوحداتهم عندما تدعو الحاجة.
ومع بداية العام 1929 كان الحزب النازي قد صار واحدا من أهم أحزاب الأقلية في المجلس النيابي الألماني. وجاء الكساد الاقتصادي الذي ضرب العالم سنة 1930 ليزيد من مشاكل ألمانيا، إذ كان عليها، إضافة إلى متاعبها الاقتصادية، أن تسدد ديونا وتعويضات فرضت عليها في الحرب العالمية الأولى. وقد عارض هتلر وحزبه النازي دفع تلك التعويضات، قائلا إن اليهود والشيوعيين هم الذين تسببوا بخسارة ألمانيا للحرب، واعدا بتنظيف ألمانيا منهم وبتوحيد كل الناطقين بالألمانية في أوروبا وسائر مقاطعاتهم في دولة واحدة.
في انتخابات 1932 نال الحزب النازي ما يقارب ال 40% من الأصوات وصار اكبر حزب في ألمانيا. وفي 30 كانون الثاني 1933 قام الرئيس الألماني بول فون هايندنبرغ بتعيين هتلر مستشارا على ألمانيا. وما لبث أن صار حاكما فرديا وحصر السلطات كلها بيده. وبوفاة الرئيس الألماني (1934) صار هتلر الزعيم الأوحد وأعطى نفسه لقب "فوهرر" (القائد).
عرفت فترة حكم هتلر لألمانيا بعهد "الرايخ الثالث"، وأتاحت الفرصة لبث معتقداته بين الألمان بما يشبه غسل الأدمغة. وقد قاد حزبه حملة مركزة هدفها إقناع كل الناطقين بالألمانية بتكوين عرق آري متفوق على سواه. وكانت خطة هتلر أن يخلي بلاده من كل اليهود والغجر والسود والمعاقين والمتخلفين عقليا. وقد سما خطته " الحل الأخير".
بدأت الحرب العالمية الثانية عندما اجتاحت ألمانيا الأراضي البولندية (1939) كمقدمة لتوحيد كافة الناطقين بالألمانية. وقد أدت الظروف والأوضاع الدولية آنذاك إلى تحالف إيطاليا واليابان مع ألمانيا، مقابل التحالف الفرنسي ـ الأميركي ـ البريطاني ـ السوفياتي. ما أدى إلى نهاية الحرب بهزيمة قاسية لهتلر وحلفاؤه بعد خمس سنوات من القتال الذي راح ضحيته ملايين البشر، واستعملت خلاله القنابل الذرية للمرة الأولى في العالم.
لم يحتما هتلر صدمة الهزيمة، فانتحر وهو مركز قيادته تحت الأرض في 30 نيسان 1945، وبعد سبعة أيام أعلنت ألمانيا الاستسلام.
جورج اسبر
("الشرق" الأسترالية - 25/8/1999)

qayed 12-31-2007 09:10 PM

عيسى عليه السلام

نبذة:
مثل عيسى مثل آدم خلقه الله من تراب وقال له كن فيكون، هو عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وهو الذي بشر بالنبي محمد، آتاه الله البينات وأيده بروح القدس وكان وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، كلم الناس في المهد وكهلا وكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيرا، ويبرئ الأكمه والأبرص ويخرج الموتى كل بإذن الله، دعا المسيح قومه لعبادة الله الواحد الأحد ولكنهم أبوا واستكبروا وعارضوه، ولم يؤمن به سوى بسطاء قومه، رفعه الله إلى السماء وسيهبط حينما يشاء الله إلى الأرض ليكون شهيدا على الناس.
سيرته:
الحديث عن نبي الله عيسى عليه السلام، يستدعي الحديث عن أمه مريم، بل وعن ذرية آل عمران هذه الذرية التي اصطفاها الله تعالى واختارها، كما اختار آدم ونوحا وآل إبراهيم على العالمين.
آل عمران أسرة كريمة مكونة من عمران والد مريم، وامرأة عمران أم مريم، ومريم، وعيسى عليه السلام؛ فعمران جد عيسى لأمه، وامرأة عمران جدته لأمه، وكان عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه، وكانت زوجته امرأة عمران امرأة صالحة كذلك، وكانت لا تلد، فدعت الله تعالى أن يرزقها ولدا، ونذرت أن تجعله مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس، فاستجاب الله دعاءها، ولكن شاء الله أن تلد أنثى هي مريم، وجعل الله تعالى كفالتها ورعايتها إلى زكريا عليه السلام، وهو زوج خالتها، وإنما قدر الله ذلك لتقتبس منه علما نافعا، وعملا صالحا.
كانت مريم مثالا للعبادة والتقوى، وأسبغ الله تعالى عليها فضله ونعمه مما لفت أنظار الآخرين، فكان زكريا عليه السلام كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا، فيسألها من أين لك هذا، فتجيب: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).
كل ذلك إنما كان تمهيدا للمعجزة العظمى؛ حيث ولد عيسى عليه السلام من هذه المرأة الطاهرة النقية، دون أن يكون له أب كسائر الخلق، واستمع إلى بداية القصة كما أوردها القرآن الكريم، قال تعالى:
وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ (42) (آل عمران)
بهذه الكلمات البسيطة فهمت مريم أن الله يختارها، ويطهرها ويختارها ويجعلها على رأس نساء الوجود.. هذا الوجود، والوجود الذي لم يخلق بعد.. هي أعظم فتاة في الدنيا وبعد قيامة الأموات وخلق الآخرة.. وعادت الملائكة تتحدث:
يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) (آل عمران)

ولادة عيسى عليه السلام:
كان الأمر الصادر بعد البشارة أن تزيد من خشوعها، وسجودها وركوعها لله.. وملأ قلب مريم إحساس مفاجئ بأن شيئا عظيما يوشك أن يقع.. ويروي الله تعالى في القرآن الكريم قصة ولادة عيسى عليه السلام فيقول:
وَاذكُر فِى الكِتَابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِهَا مَكَاناً شَرقِياً (16) فَاتخَذَت مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرسَلنَا إِلَيهَا رُوحَنَا فَتَمَثلَ لَهَا بَشَراً سَوِياً (17) قَالَت إِني أَعُوذُ بِالرحمَـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياً (18) قَالَ إِنمَا أَنَا رَسُولُ رَبكِ لأهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياً (19) قَالَت أنى يَكُونُ لِى غُلامٌ وَلَم يَمسَسنِى بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِياً (20) قَالَ كَذلِكَ قَالَ رَبكَ هُوَ عَلَى هَينٌ وَلِنَجعَلَهُ ءايَةً للناسِ وَرَحمَةً منا وَكَانَ أَمراً مقضِياً (21) (مريم)
جاء جبريل –عليه السلام- لمريم وهي في المحراب على صورة بشر في غاية الجمال. فخافت مريم وقالت: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا) أرادت أن تحتمي في الله.. وسألته هل هو إنسان طيب يعرف الله ويتقيه.
فجاء جوابه ليطمئنها بأنه يخاف الله ويتقيه: (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا)
اطمئنت مريم للغريب، لكن سرعان ما تذكّرت ما قاله (لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا) استغربت مريم العذراء من ذلك.. فلم يمسسها بشر من قبل.. ولم تتزوج، ولم يخطبها أحد، كيف تنجب بغير زواج!! فقالت لرسول ربّها: (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)
قال الروح الأمين: (كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا)
استقبل عقل مريم كلمات الروح الأمين.. ألم يقل لها إن هذا هو أمر الله ..؟ وكل شيء ينفذ إذا أمر الله.. ثم أي غرابة في أن تلد بغير أن يمسسها بشر..؟ لقد خلق الله سبحانه وتعالى آدم من غير أب أو أم، لم يكن هناك ذكر وأنثى قبل خلق آدم. وخلقت حواء من آدم فهي قد خلقت من ذكر بغير أنثى.. ويخلق ابنها من غير أب.. يخلق من أنثى بغير ذكر.. والعادة أن يخلق الإنسان من ذكر وأنثى.. العادة أن يكون له أب وأم.. لكن المعجزة تقع عندما يريد الله تعالى أن تقع.. عاد جبريل عليه السلام يتحدث: (إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ)
زادت دهشة مريم.. قبل أن تحمله في بطنها تعرف اسمه.. وتعرف أنه سيكون وجيها عند الله وعند الناس، وتعرف أنه سيكلم الناس وهو طفل وهو كبير.. وقبل أن يتحرك فم مريم بسؤال آخر.. نفخ جبريل عليه السلام في جيب مريم –الجيب هو شق الثوب الذي يكون في الصدر- فحملت فورا.
ومرت الأيام.. كان حملها يختلف عن حمل النساء.. لم تمرض ولم تشعر بثقل ولا أحست أن شيئا زاد عليها ولا ارتفع بطنها كعادة النساء.. كان حملها به نعمة طيبة. وجاء الشهر التاسع.. وفي العلماء من يقول إن الفاء تفيد التعقيب السريع.. بمعنى أن مريم لم تحمل بعيسى تسعة أشهر، وإنما ولدته مباشرة كمعجزة..
خرجت مريم ذات يوم إلى مكان بعيد.. إنها تحس أن شيئا سيقع اليوم.. لكنها لا تعرف حقيقة هذا الشيء.. قادتها قدماها إلى مكان يمتلئ بالشجر.. والنخل، مكان لا يقصده أحد لبعده.. مكان لا يعرفه غيرها.. لم يكن الناس يعرفون أن مريم حامل.. وإنها ستلد.. كان المحراب مغلقا عليها، والناس يعرفون أنها تتعبد فلا يقترب منها أحد..
جلست مريم تستريح تحت جذع نخلة؛ لم تكن نخلة كاملة، إنما جذع فقط، لتظهر معجزات الله سبحانه وتعالى لمريم عند ولادة عيسى فيطمئن قلبها.. وراحت تفكر في نفسها.. كانت تشعر بألم.. وراح الألم يتزايد ويجيء في مراحل متقاربة.. وبدأت مريم تلد..
فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) (مريم)
إن ألم الميلاد يحمل لنفس العذراء الطاهرة آلاما أخرى تتوقعها ولم تقع بعد.. كيف يستقبل الناس طفلها هذا..؟ وماذا يقولون عنها..؟ إنهم يعرفون أنها عذراء.. فكيف تلد العذراء..؟ هل يصدق الناس أنها ولدته بغير أن يمسسها بشر..؟ وتصورت نظرات الشك.. وكلمات الفضول.. وتعليقات الناس.. وامتلأ قلبها بالحزن..
وولدت في نفس اللحظة من قدر عليه أن يحمل في قلبه أحزان البشرية.. لم تكد مريم تنتهي من تمنيها الموت والنسيان، حتى نادها الطفل الذي ولد:
فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26) (مريم)
نظرت مريم إلى المسيح.. سمعته يطلب منها أن تكف عن حزنها.. ويطلب منها أن تهز جذع النخلة لتسقط عليها بعض ثمارها الشهية.. فلتأكل، ولتشرب، ولتمتلئ بالسلام والفرح ولا تفكر في شيء.. فإذا رأت من البشر أحدا فلتقل لهم أنها نذرت للرحمن صوما فلن تكلم اليوم إنسانا.. ولتدع له الباقي..

qayed 12-31-2007 09:10 PM

تابع لعيسى عليه االسلام

لم تكد تلمس جذعها حتى تساقط عليها رطب شهي.. فأكلت وشربت ولفت الطفل في ملابسها.. كان تفكير مريم العذراء كله يدور حول مركز واحد.. هو عيسى، وهي تتساءل بينها وبين نفسها: كيف يستقبله اليهود..؟ ماذا يقولون فيه..؟ هل يصدق أحد من كهنة اليهود الذين يعيشون على الغش والخديعة والسرقة..؟ هل يصدق أحدهم وهو بعيد عن الله أن الله هو الذي رزقها هذا الطفل؟ إن موعد خلوتها ينتهي، ولا بد أن تعود إلى قومها.. فماذا يقولون الناس؟

مواجهة القوم:
كان الوقت عصرا حين عادت مريم.. وكان السوق الكبير الذي يقع في طريقها إلى المسجد يمتلئ بالناس الذي فرغوا من البيع والشراء وجلسوا يثرثرون. لم تكد مريم تتوسط السوق حتى لاحظ الناس أنها تحمل طفلا، وتضمه لصدرها وتمشي به في جلال وبطئ..
تسائل أحد الفضوليين: أليست هذه مريم العذراء..؟ طفل من هذا الذي تحمله على صدرها..؟
قال أحدهم: هو طفلها.. ترى أي قصة ستخرج بها علينا..؟
وجاء كهنة اليهود يسألونها.. ابن من هذا يا مريم؟ لماذا لا تردين؟ هو ابنك قطعا.. كيف جاءك ولد وأنت عذراء؟
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) (مريم)
الكلمة ترمي مريم بالبغاء.. هكذا مباشرة دون استماع أو تحقيق أو تثبت.. ترميها بالبغاء وتعيرها بأنها من بيت طيب وليست أمها بغيا.. فكيف صارت هي كذلك؟ راحت الاتهامات تسقط عليها وهي مرفوعة الرأس.. تومض عيناها بالكبرياء والأمومة.. ويشع من وجهها نور يفيض بالثقة.. فلما زادت الأسئلة، وضاق الحال، وانحصر المجال، وامتنع المقال، اشتد توكلها على ذي الجلال وأشارت إليه..
أشارت بيدها لعيسى.. واندهش الناس.. فهموا أنها صائمة عن الكلام وترجو منهم أن يسألوه هو كيف جاء.. تساءل الكهنة ورؤساء اليهود كيف يوجهون السؤال لطفل ولد منذ أيام.. هل يتكلم طفل في لفافته..؟!
قالوا لمريم: (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا).
قال عيسى:
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) (مريم)
لم يكد عيسى ينتهي من كلامه حتى كانت وجوه الكهنة والأحبار ممتقعة وشاحبة.. كانوا يشهدون معجزة تقع أمامهم مباشرة.. هذا طفل يتكلم في مهده.. طفل جاء بغير أب.. طفل يقول أن الله قد آتاه الكتاب وجعله نبيا.. هذا يعني إن سلطتهم في طريقها إلى الانهيار.. سيصبح كل واحد فيهم بلا قيمة عندما يكبر هذا الطفل.. لن يستطيع أن يبيع الغفران للناس، أو يحكمهم عن طريق ادعائه أنه ظل السماء على الأرض، أو باعتباره الوحيد العارف في الشريعة.. شعر كهنة اليهود بالمأساة الشخصية التي جاءتهم بميلاد هذا الطفل.. إن مجرد مجيء المسيح يعني إعادة الناس إلى عبادة الله وحده.. وهذا معناه إعدام الديانة اليهودية الحالية.. فالفرق بين تعاليم موسى وتصرفات اليهود كان يشبه الفرق بين نجوم السماء ووحل الطرقات.. وتكتم رهبان اليهود قصة ميلاد عيسى وكلامه في المهد.. واتهموا مريم العذراء ببهتان عظيم.. اتهموها بالبغاء.. رغم أنهم عاينوا بأنفسهم معجزة كلام ابنها في المهد.
وتخبرنا بعض الروايات أن مريم هاجرت بعيسى إلى مصر، بينما تخبرنا روايات أخرى بأن هجرتها كانت من بيت لحم لبيت المقدس. إلا أن المعروف لدينا هو أن هذه الهجرة كانت قبل بعثته.


معجزاته:
كبر عيسى.. ونزل عليه الوحي، وأعطاه الله الإنجيل. وكان عمره آنذاك -كما يرى الكثير من العلماء- ثلاثون سنة. وأظهر الله على يديه المعجزات. يقول المولى عزّ وجل في كتابه عن معجزات عيسى عليه السلام:
وَيُعَلمُهُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَالتورَاةَ وَالإِنجِيلَ (48) وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسرائيلَ أني قَد جِئتُكُم بِآيَةٍ من ربكُم أَنِي أَخلُقُ لَكُم منَ الطينِ كَهَيئَةِ الطيرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذنِ اللهِ وَأُبرِىْ الأكمَهَ والأبرَصَ وَأُحي المَوتَى بِإِذنِ اللهِ وَأُنَبئُكُم بِمَا تَأكُلُونَ وَمَا تَدخِرُونَ فِى بُيُوتِكُم إِن فِي ذلِكَ لآيَةً لكُم إِن كُنتُم مؤمِنِينَ (49) وَمُصَدقًا لمَا بَينَ يَدَي مِنَ التورَاةِ وَلأحِل لَكُم بَعضَ الذِي حُرمَ عَلَيكُم وَجِئتُكُم بِآيَةٍ من ربكُم فَاتقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِن اللهَ رَبي وَرَبكُم فَاعبُدُوهُ هَـذَا صِراطٌ مستَقِيمٌ (51) (آل عمران)

فكان عيسى –عليه السلام- رسولا لبني إسرائيل فقط. ومعجزاته هي:
• علّمه الله التوراة.
• يصنع من الطين شكل الطير ثم ينفخ فيه فيصبح طيرا حيّا يطير أمام أعينهم.
• يعالج الأكمه (وهو من ولد أعمى)، فيمسح على عينيه أمامهم فيبصر.
• يعالج الأبرص (وهو المرض الذي يصيب الجلد فيجعل لونه أبيضا)، فيسمح على جسمه فيعود سليما.
• يخبرهم بما يخبئون في بيوتهم، وما أعدّت لهم زوجاتهم من طعام.
• وكان –عليه السلام- يحيي الموتى.


إيمان الحواريون:
جاء عيسى ليخفف عن بني إسرائيل بإباحة بعض الأمور التي حرمتها التوراة عليهم عقابا لهم. إلا أن بني إسرائيل –مع كل هذه الآيات- كفروا. قال تعالى:
فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) (آل عمران)
وقال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) (الصف)
قيل أن عدد الحواريين كان سبعة عشر رجلا، لكن الروايات الأرجح أنهم كانوا اثني عشر رجلا. آمن الحواريون، لكن التردد لا يزال موجودا في نفوسهم. قال الله تعالى قصة هذا التردد:
إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115) (المائدة)
استجاب الله عز وجل، لكنه حذّرهم من الكفر بعد هذه الآية التي جاءت تلبية لطلبهم. نزلت المائدة، وأكل الحواريون منها، وظلوا على إيمانهم وتصديقهم لعيسى –عليه السلام- إلا رجل واحد كفر بعد رفع عيسى عليه السلام.


رفع عيسى عليه السلام:
لما بدأ الناس يتحدثون عن معجزات عيسى عليه السلام، خاف رهبان اليهود أن يتبع الناس الدين الجديد فيضيع سلطانهم. فذهبوا لمَلك تلك المناطق وكان تابعا للروم. وقالوا له أن عيسى يزعم أنه مَلك اليهود، وسيأخذ المُلك منك. فخاف المَلك وأمر بالبحث عن عيسى –عليه السلام- ليقتله.
جاءت روايات كثيرة جدا عن رفع عيسى –عليه السلام- إلى السماء، معظمها من الإسرائيليات أو نقلا عن الإنجيل. وسنشير إلى أرجح رواية هنا.
عندما بلغ عيسى عليه السلام أنهم يريدون قتله، خرج على أصحابه وسألهم من منهم مستعد أن يلقي الله عليه شبهه فيصلب بدلا منه ويكون معه في الجنة. فقام شاب، فحنّ عليه عيسى عليه السلام لأنه لا يزال شابا. فسألهم مرة ثانية، فقام نفس الشاب. فنزل عليه شبه عيسى عليه السلام، ورفع الله عيسى أمام أعين الحواريين إلى السماء. وجاء اليهود وأخذوا الشبه وقتلوه ثم صلبوه. ثم أمسك اليهود الحواريين فكفر واحد منهم. ثم أطلقوهم خشية أن يغضب الناس. فظل الحواريون يدعون بالسر. وظل النصارى على التوحيد أكثر من مئتين سنة. ثم آمن أحد ملوك الروم واسمه قسطنطين، وأدخل الشركيات في دين النصارى.
يقول ابن عباس: افترق النصارى ثلاث فرق. فقالت طائفة: كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء. وقالت طائفة: كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه. وقلت طائفة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ثم رفعه الله إليه. فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا –صلى الله عليه وسلم- فذلك قول الله تعالى: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ).
وقال تعالى عن رفعه:
وَقَولِهِم إِنا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبهَ لَهُم وَإِن الذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَك منهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلا اتبَاعَ الظن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَل رفَعَهُ اللهُ إِلَيهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) وَإِن من أَهلِ الكِتَابِ إِلا لَيُؤمِنَن بِهِ قَبلَ مَوتِهِ وَيَومَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيهِم شَهِيداً (159) (النساء)
لا يزال عيسى –عليه السلام- حيا. ويدل على ذلك أحاديث صحيحة كثيرة. والحديث الجامع لها في مسند الإمام أحمد:
حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يحيى، عن ابن أبي عروبة قال: ثنا قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة،: (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى، وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وأنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، سبط كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل بين ممصرتين، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، و يعطل الملل حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب، وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعاً، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا يضر بعضهم بعضاً، فيمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يتوفى، فيصلي عليه المسلمون و يدفنونه.)
(مربوع) ليس بالطويل وليس بالقصير، (إلى الحمرة والبياض) وجهه أبيض فيه احمرار، (سبط) شعره ناعم، (ممصرتين) عصاتين أو منارتين وفي الحديث الآخر ينزل عند المنارة البيضاء من مسجد دمشق.
وفي الحديث الصحيح الآخر يحدد لنا رسولنا الكريم مدة مكوثه في الأرض فيقول: (فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى، و يصلي عليه المسلمون).
لا بد أن يذوق الإنسان الموت. عيسى لم يمت وإنما رفع إلى السماء، لذلك سيذوق الموت في نهاية الزمان.
ويخبرنا المولى عز وجل بحوار لم يقع بعد، هو حواره مع عيسى عليه السلام يوم القيامة فيقول:
وَإِذ قَالَ اللهُ يا عِيسَى ابنَ مَريَمَ أَءنتَ قُلتَ لِلناسِ اتخِذُونِي وَأُميَ إِلَـهَينِ مِن دُونِ اللهِ قَالَ سُبحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَن أَقُولَ مَا لَيسَ لِي بِحَق إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ مَا فِى نَفسِي وَلاَ أَعلَمُ مَا فِى نَفسِكَ إِنكَ أَنتَ عَلامُ الغُيُوبِ (116) مَا قُلتُ لَهُم إِلا مَا أَمَرتَنِي بِهِ أَنِ اعبُدُوا اللهَ رَبي وَرَبكُم وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيداً ما دُمتُ فِيهِم فَلَما تَوَفيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرقِيبَ عَلَيهِم وَأَنتَ عَلَى كُل شَىء شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذبهُم فَإِنهُم عِبَادُكَ وَإِن تَغفِر لَهُم فَإِنكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (118) (المائدة)

qayed 12-31-2007 09:11 PM

عمر بن الخطاب

مقدمـــــــة
ماذا نقول فى مقدمه عنه رضى الله عنه غير ما قيل فيه :
لو كان بعدي نبي لكان ‏عمر بن الخطاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم
‏والذي نفسي بيده ‏‏ما لقيك الشيطان قط سالكا ‏فجا ‏إلا سلك ‏فجا ‏ ‏غير ‏فجك
رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما من نبي إلا له وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض فأما وزيراي من أهل السماء ‏‏فجبريل‏ ‏وميكائيل‏ ‏وأما وزيراي من أهل الأرض ‏ ‏فأبو بكر ‏وعمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏مازلنا أعزة منذ أسلم‏ ‏عمر ‏
عبد الله هو ابن مسعود


إني كنت كثيرا أسمع النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏‏يقول ‏‏ذهبت أنا ‏ ‏وأبو بكر ‏‏وعمر
‏‏ودخلت أنا ‏‏وأبو بكر ‏‏وعمر ‏وخرجت أنا ‏وأبو بكر ‏ ‏وعمر

ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو ‏عمر
أبو موسى الأشعري

‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏كان ‏‏يخرج على أصحابه من ‏ ‏المهاجرين ‏‏والأنصار ‏‏وهم جلوس فيهم ‏أبو بكر ‏‏وعمر ‏‏فلا يرفع إليه أحد منهم بصره إلا ‏أبو بكر ‏‏وعمر ‏‏فإنهما كانا ينظران إليه وينظر إليهما ويتبسمان إليه ويتبسم إليهما
أنس بن مالك
‏أن رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏خرج ذات يوم فدخل المسجد ‏‏وأبوبكر ‏وعمر ‏أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وهو آخذ بأيديهما وقال ‏هكذا نبعث يوم القيامة
عبدالله بن عمر

يا محمد استبشر أهل السماء بإسلام عمر.
جبريل عليه السلام

كان في وجه عمر خطان أسودان من البكاء.

عبد الله بن عيسى

والله ما على الأرض رجل أحب إلي إن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى بالثوب.
على بن أبي طالب رضي الله عنه

*****

***
**
من اقواله
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قيل أن توزنوا فإنه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، تزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية
من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه
لا تكلم فيما لا يعنيك وأعرف عدوك، وأحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله، ولا تمش مع الفاجر فيعلمك من فجوره، ولا تطلعه على سرك، ولا تشاور في أمرك إلا الذين يخشون الله عز وجل



عمر بن الخطاب
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى, العدوي القرشي. أبو حفص , ولقبه النبي صلى الله عليه وسلم بالفاروق. أمه حنتمة بنت هشام بن المغيرة المخزومية, وهي أخت أبي جهل عمرو بن هشام. ثاني الخلفاء الراشدين, وأول من لقب بأمير المؤمنين. كان في الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم, وكانت له السفارة فيهم, ينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره. أسلم قبل الهجرة بخمس سنوات وشهد الوقائع مع النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله النبي صلى الله عليه وسلم في عدة سرايا. بويع بالخلافة يوم وفاة أبي بكر الصديق وبعهد منه, بعد استشارة الناس فيه فوافقوه. ولاه أبو بكر القضاء في عهده فكان أول قاض في الإسلام, ولم يأته مدة ولايته القضاء متخاصمان; لأن طلاوة الإيمان وأخوّة الإسلام كانت تمنع الناس من التخاصم, فإذا اختلفوا استفتوا ونزلوا عند إفتاء من يفتيهم من الصحابة. قطع العطاء عن المؤلفة قلوبهم بعد اعتزاز الإسلام وقوة شوكته. أخضع أراضي البلاد المفتوحة عنوة للخراج ولم يقسمها بين الغانمين, لكي يستكملوا فريضة الجهاد, وأعادها إلى أصحابها الذين كانوا عليها وجعل خراجها حقا للمسلمين.
اسلامه
أسلم في السنة السادسة من البعثة النبوية المشرفة . قال عمر رضي الله عنه : (خرجت أتعرض لرسول الله ، فوجدته سبقني إلى المسجد ، فقمت خلفه ، فاستفتح سورة الحاقة ، فجعلت أتعجب من تأليف القرآن ، فقلت : هذا والله شاعر كما قالت قريش ، قال : فقرأ { إنَّهٍ لّقّوًلٍ رّسٍولُ كّرٌيمُ <40> ومّا هٍوّ بٌقّوًلٌ شّاعٌرُ قّلٌيلاْ مَّا تٍؤًمٌنٍونّ } الحاقة ، فقلت : كاهن ، فقرأ الرسول { ولا بٌقّوًلٌ كّاهٌنُ قّلٌيلاْ مَّا تّذّكَّرٍونّ } الحاقة 42 ، حتى ختم السورة ، قال : (فوقع الإسلام في قلبي كل وقع ) . رواه أحمد .
خلافته
ولد قبل بعثة الرسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثين سنة وكان عدد المسلمين يوم أسلم تسعة وثلاثين مسلماً. وامتدّت خلافة عمر 10 سنين و 6 أشهر وأربعة أيام.
الفتوحات الإسلامية:
فتحت في عهده بلاد الشام والعراق وفارس ومصر وبرقة وطرابلس الغرب وأذربيجان ونهاوند وجرجان وبنيت في عهده البصرة والكوفة. وكان عمر أوّل من أخرج اليهود من الجزيرة العربية الى الشام.
بيعة عمر
رغب ابو بكر الصديق رضي الله عنه في شخصية قوية قادرة على تحمل المسئولية من بعده ، واتجه رأيه نحو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستشار في ذلك عدد من الصحابة مهاجرين وأنصارا فأثنوا عليه خيرا ومما قاله عثمان بن عفان رضي الله عنه : ( اللهم علمي به أن سريرته أفضل من علانيته ، وأنه ليس فينا مثله ) وبناء على تلك المشورة وحرصا على وحدة المسلمين ورعاية مصلحتهم، أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من بعده ، وأوضح سبب اختياره قائلا : (اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم ، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم ، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم ). ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد اذ خاطب المسلمين قائلا : (أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي ، ولا وليت ذا قربى ، واني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا) فرد المسلمون : (سمعنا وأطعنا) وبايعوه سنة ( 13 هـ (
مماته
كان عمر رضي الله عنه يتمنى الشهادة في سبيل الله ويدعو ربه لينال شرفها : ( اللهم أرزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك)... وفي ذات يوم وبينما كان يؤدي صلاة الفجر بالمسجد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي ( غلاما للمغيرة بن شعبة ) عدة طعنات في ظهره أدت الى مماته ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة... ولما علم قبل وفاته أن الذي طعنه مجوسي حمد الله تعالى أن لم يقتله مسلم... ودفن الى جوار الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق في الحجرة النبوية الشريفة الموجودة الآن في المسجد النبوي في المدينة المنورة.



من اعماله رضى الله عنه
أول من بدأ التأريخ بسنة الهجرة النبويه, وأول من دون الدواوين في الإسلام, جعلها على الطريقة الفارسية, لإحصاء الأعطيات وتوزيع المرتبات لأصحابها حسب سابقتهم في الإسلام. اتخذ بيت مال للمسلمين, وكانت الدراهم على أيامه على نقش الكسروية , فزاد فيها (الحمد لله) وفي بعضها زاد (لا إله إلا الله) وفي بعضها (محمد رسول الله) . رد النساء المسبيات في حرب الردة إلى عشائرهن وقال: كرهت أن يصير السبي سبة على العرب. ضرب في شرب الخمر ثمانين جلدة, وكانت أربعين وحرم المتعة ونهى عن بيع أمهات الأولاد. اتخذ دارا للدقيق وجعل فيها الدقيق والتمر والسويق والزبيب وما يحتاج إليه, يعين به المنقطع, وكان يخرج إذا صلى الآخرة (أي العشاء) فيطوف بدرته على من في المسجد, فينظر إليهم ويعرف وجوههم ويسألهم هل أصابوا عشاء , وإلا خرج فعشاهم. كان له عيون يتقصى بها أحوال الجيش وأحوال عماله في الأمصار, وكان إذا أتاه وفد من مصر من الأمصار سألهم عن حالهم وأسعارهم وعمن يعرف من أهل البلاد وعن أميرهم, وهل يدخل عليه الضعيف وهل يعود المريض, فإن قالوا نعم, حمد الله, وإن قالوا: لا, كتب إليه: أقبل. كان إذا بعث عاملا يشترط عليه أربعا: ألا يركب البرازين ولا يلبس الرقيق ولا يأكل النقي ولا يتخذ بوابا.
ومر يوما ببناء يبنى بحجارة وجص فقال: لمن هذا؟ فذكروا عاملا له على البحرين فقال: أبت الدراهم إلا أن تخرج أعناقها, وشاطره ماله. في أيامه تم فتح الشام والعراق وافتتحت القدس والمدائن ومصر والجزيرة وخراسان وكرمان وسجستان وقبرص , وانتصب في مدة خلافته اثنا عشر ألف منبر في الإسلام. أنشأ سبلا بين مكة والمدينة ووفر بذلك على السالكين حمل الماء, قالت له أم حكيم بنت الحارث اتق الله يا عمر , فقام إليها أحد الحاضرين يريد لطمها, فمنعه عمر وقال له: دعها تقول ,فوالله لا خير فيهم إن لم يقولوها, ولا خير فينا إن لم نسمعها.
كان عمر يقول: لو مات جمل ضياعا على شط الفرات لخشيت أن يسألني الله عنه. وكان يقول: أحب الناس إلي من أهدى إلي عيوبي. أجلى يهود خيبر إلى الشام ونصارى نجران إلى الكوفة وقال: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب. اغتاله أبو لؤلؤة فيروز ) الفارسي غلام المغيرة بن شعبة في صبيحة يوم الأربعاء 25 ذو الحجة وهو يؤم الناس في صلاة الفجر ,فمات ودفن إلى جانب أبي بكر في الروضة الشريفة التي دفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. كانت مدة خلافته عشر سنين وستة أشهر. قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله جعل الحق على لسان عمر, وقال أبو بكر إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر. توفي عن ثلاث وستين من العمر.

الفهـــــــرس
م الموضـــــــــــــــــوع رقم الصفحة
1. مقدمه 1
2. من اقواله 5
3. عمر بن الخطاب 6
4. اسلامه 7
5. خلافه 7
6. الفتوحات الاسلامية 8
7. بيعه عمر 8
8. مماته 9
9. من اعماله رضى الله عنه 10

المراجع :
البداية والنهاية 7 / 123 لابن كثير ( صفحات متفرقة عدة )
رجال حول الرسول – خالد محمد خالد – دار العلم للملايين بيروت 89

qayed 12-31-2007 09:12 PM

عمر الخيام

تعريفه
هو غياث الدين ابو الفتح عمر بن ابراهيم الخيام او الخيامى ـفارسى الاصل ؛لأن اباه كان يصنع الخيام ولد فى نيسابور عاصمة خراسان حيث تعلم وقض معظم حياتة وتاريخ ميلاده هو على وجه التقريب عام 433ه (1040)فى عهد اول ملوك السلاجقة ارطغرل بلغ أوج الشهرة فى عهد جلال الدين ملك شاه نظام الدين وعلى الرغم من ان عمر الخيام رحل الى كثير من بلاد حراسان والى مكة المكرمة وبغداد طلبا لاعلم والدراسة فقد قضى معظم حياته فى نيسابور حتى توفى ودفن فيها عام 517ه (1123)حيث بنى له قبر يعتبر من سائر اقطار الارض


أهم صفاته:

كان عمر الخيام من حفاظ الحديث كما تمير بالحكمة وسعة الحيلة ويعتبر فى نظر الكثيرين التالى لابن سينا فى الفلسفة وعلوم الحكمة والمنطق درس الفلك والرياضة والتاريخ وتخصص فى القراءاتحتى فاق القراء فى عصره
ويعتقد بعضهم خطأانة كان من اهل الحظ ولعل السبب فى ذلك تعدد الترجمات والاضافات التي ان الرياعيات مثار اختلاف بين الدارررسين فهناك من يرون فيها اخلاص الخيام فىالعبادة ويستشفون منها علا مات التبتل وحسن السيرة وآيات الصوف و المعرفة .
ثم ان هناك من يرونها على النقيض من ذلك كأسا و شكا او خمرا و ضياعا في بيدا الحياة و المشهور ان الخيام كان كثير التامل في الالهيات كما كان يتخلل بخلال من ذهب بوصفة طبيبا يعرف خصائص الذهب .
و في ذات مرة اخذ يقرا كتاب الشفاءلابن سينا فلما بلغ في قراءتة ( فصل الواحد و الكثير ) و ضع الخلال بين الورقتين و قام فأوصى بما اوصى بة ثم صلى العشار الاخير و سجد و هو يقول في سجودة :
" اللهم أنك تعلم اني عرفتك على مبلغ امكاني فاغفر لي فان معرفتي اياك و سيلتي اليك " ثم مات .
ولعلنا نلمس من هذه القصة اكبر دليل على صدق ايمانة و حسن سيرتة .


أهم أعماله:

1ـ تواي مع زملئة الرصد في مرصد اصفهان الذي انشأه نظام الدين .
2ـ قام بحساب التقويم السنوي الجلالي عام 467 ه ( 1074 ) . ويعتبر هذا التقويم أدق من التقويم الجريجوري المعمول به الان و الذي يؤدي الى خطأ قوامه نحو يوم كامل كل 3330 سنة بينما الخطأفى تقويم الخبام لا يزيد على يوم كل 5000سنة
3ـرباعيات الخيام وهى عبارة عن مقطعات من اربعة اشطار
يكون الشطر الثالث فيها مطلقا بينما الثلا ثة الاخرى مقيدة ـوهى (الدوبيت)بالفارسية
وقد صاغ عمر الخيامرباعياته بالفارسية رغم ان لغة علمه وثقافته كانت هى العربية
4ـالف العديد من الكتب بالعربية
5ـدرس الطب ومهر فيه .


أهم مؤلفاته:
الف عمر الخيام محتصرا فى الطبيعيات كما ان له رسالة فى الوجود واخرى فى الكون وثالثة فى الشريعة ومن اشهر مؤلفاته كتابه فى الجبر الذى يفوق كتاب الخوارزمى
وقد ضمنه حلولا هندسية واخرى جبرية لمعادلات الدرجة الثانية مع تنسيق بديع للمعادلات وقدترجم الى الانجليزية عام 1932
وصاحب رباعيات الخيام العالمية


الفهرس:
رقم الصفحة الموضوع م
1 المقدمة 1
2 عمر الخيام 2
3 ـ4 اهم صفاتة 3
5 اهم اعمالة 4
6 اهم مؤلفاته 5
7 الخاتمة 6
8 الفهرس 7

qayed 12-31-2007 09:13 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طه حسين

وُلد في الرابع عشر من شهر نوفمبر سنة 1889، في 'عزبة الكيلو' قرب مغاغة، بالصّعيد المصري الأوسط، ونشأ في الريف ضعيف البنية كأنّه 'الثُّمامة'، لا يستطيع ما يستطيعه النّاس، ولا ينهض من الأمر لما ينهض له النّاس، ترأف به أمّه دائما وتهمله أحيانا، ويلين له أبوه تارة ويزور عنه طورا، ويشفق عليه إخوته إشفاقا يشوبه احتياط في معاملتهم إيّاه، وشيء من الازدراء.
توفّي في الثّامن والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1973 بالقاهرة، وقد استطاع ما لم يستطعه كثير من المبصرين، فتناقلت خبر وفاته العواصم وحزن لفقدانه الأدباء والباحثون والعلماء.
'أخذ العلم بأُذُنَيْه لا بأصابعه' فقهر عاهته قهرا، محروما يكره أن يشعر بالحرمان وأن يُرَى شاكيا متبرّما، جادّا متجلّدا مبتسما للحياة والدّرس والبحث، حتّى انتهى غلى حال العلماء المبَرَّزِينَ ومراتب الأدباء المفكّرين، فشغل النّاس ولن يزال.
فقد بصره طفلا : 'اصابه الرّمد فأُهمل أيّاما، ثمّ دُعي الحلاّق فعالجه علاجا ذهب بعينيه'. وحفظ القرآن في كُتّاب القرية وهو في التّاسعة، فأصبح 'شيخا'، كذا كان أبوه يدعوه، وأمّه، 'وسيّدنا' مؤدّب الصّبيان.
وقدم القاهرة سنة 1902 للتعلم في الأزهر، فدخله والقلبُ ممتلئ خشوعا والنّفس ممتلئة إجلالا. وأنفق فيه ثماني سنين لم يظفر في نهايتها بشهادة 'العالميّة'، لأن 'القوم كانوا مؤتمرين به ليسقطوه' ! نبأ عجيب حمله غليه شيخه سيّد المرصفي ليلة الامتحان، بعد أن صُلِّيَتِ العِشَاءُ... وفارق الأزهر وقد ارابه منه أمر، شديد الضّيق به وبأهله. وخاب أمل أبيه، فلن يرى ابنه من بين علماء الأزهر ولا 'صاحب عمود في الأزهر ومن حوله حلقة واسعة بعيدة المدى' وأُتيحتْ للفتى حياة أخرى...
فما إن أُنشئت الجامعة المصريّة (الأهلية) سنة 1908 حتّى انتسب إليها الطّالب الأزهري، ولكنّه ظلّ مقيّدا في سجلاّت الأزهر : وقضى سنتين (1908-1910) يحيا حياة مشتركة، يختلف إلى دروس الازهر مصبحا وإلى دروس الجامعة مُمْسِيًا. وما لبث أن وجد في الجامعة روحا للعلم والبحث جديدة و'طعما للحياة جديدا' فشغف بالدّرس والتّحصيل حتّى نال درجة 'العالميّة' (الدكتوراه) سنة 1914 برسالة موضوعها 'ذكرى أبي العلاء'، فكانت 'أوّل كتاب قُدّم إلى الجامعة، وأوّل كتاب امتُحِنَ بين يدي الجمهور، وأول كتاب نال صاحبه إجازة علميّة منها'.
ثمّ سافر الفتى إلى فرنسا لمواصلة التّعلّم، فانتسب إلى جامعة مونبيليى حيث قضّى سنة دراسيّة (1914-1915) ذهب بعدها إلى باريس، وانتسب إلى جامعة السّوربون حيث قضى أربع سنوات (1915-1919). وما كاد يختلف إلى دروس التاريخ والأدب فيها 'حتّى أحسّ أنّه لم يكن قد هيّئ لها... وأنّ درسه الطويل في الأزهر وفي الجامعة (المصريّة) لم يهيّئه للانتفاع بهذه الدّروس'. فأقبل على قراءة الكتب المقرّرة في المدارس الثانويّة، ولم يجد بدّا من أن يكون 'تلميذا ثانويا في بيته وطالبا في السّوربون'.
أرسل ليدرس التّاريخ في السّوربون، فما لبث أن أيقن بأنّ الدرجات العلميّة لا تعني شيئا إن هي لم تقم على أساس متين من الثقافة. وليس غلى ذلك من سبيل سوى إعداد 'الليسانس'. وقد صرّح بذلك في الجزء الثالث من كتاب الأيّام، قال : 'كان (الفتى' قد أزمع أن يظفر قبل كل شيء بدرجة 'الليسانس' ثم يتقدّم لدرجة الدكتوراه بعد ذلك. ولم يكن الطلاّب المصريون - إلى ذلك الوقت - يحاولون الظفر بدرجة الليسانس هذه، لأنّها كانت تكلّف الذين يطلبونها عناء ثقيلا'.
وأحرز طه حسين درجة 'الليسانس في التّاريخ' سنة 1917، فكان أوّل طالب مصرين ظفر بهذه الشهادة من كليّة الآداب بالجامعة الفرنسيّة.
إنّ أمر هذا الفتى عَجَبٌ ! فهو قد كان يتهيّأ لامتحان الليسانس ويعدّ في المدّة نفسها رسالة 'دكتورا جامعة' باللّغة الفرنسيّة موضوعها : 'دراسة تحليليّة نقديّة لفلسفة ابن خلدون الاجتماعيّة' (Etude analytique et critique de la philosophie sociale d'Ibn Khaldoun).
إنّ أمر هذا الفتى عجب ! فهو لم يكد يفرغ من امتحان الدكتورا حتّى نشط لإعداد رسالة أخرى، فقد صحّ منه العزم على الظفر 'بدبلوم الدّراسات العليا' (Diplôme d'Etudes Superieures) وهو شهادة يتهيّأ بها أصحابها للانتساب إلى دروس 'التبريز في الآداب'. وما هي إلاّ أن أشار عليه أُستاذه بموضوع عسير مُمْتع مرير، وهو : 'القضايا التي أقيمت في روما على حكّام الأقاليم الذين أهانوا جلال الشّعب الرّوماني، في عهد تباريوس، كما صوّرها المؤرّخ تاسيت' (La loi de lèse-majesté, sous Tibère, d'après Tacite) فقبله الطالب 'طائعا قلقا مستخذيا'، ومارسه بالصّبر على مشقّة البحث وبالمثابرة على الفهم حتّى ناقشه ونجح فيه نُجْحًا حسنا سنة 1919.
عاد طه حسين إلى وطنه، فلم تُمهله الجامعة المصريّة وعيّنته مباشرة أستاذا للتاريخ القديم (اليوناني والرّوماني)، فظلّ يُدرّسه طيلة ستّ سنوات كاملات (1919-1925).

بعد اكثر من قرن كامل على ميلاده، و27 عاما على وفاته، ما زال عميد الادب العربي الدكتور طه حسين احد الاركان الاساسية في تكوين العقل العربي المعاصر، وصياغة الحياة الفكرية في العالم العربي، وملمحاً أساسياً من ملامح الادب العربي الحديث... بل ان الاجيال الجديدة من ابناء الامة العربية لا تزال تكتشف جوانب جديدة من القيمة الفكرية والانسانية لاحد رواد حركة التنوير في الفكر العربي... وما زالت اعمال طه حسين ومعاركه الادبية والفكرية من أجل التقدم والتخلي عن الخرافات والخزعبلات التي حاصرت وقيدت العقل العربي لعدة قرون، من اهم الروافد التي يتسلح بها المفكرون العرب في مواجهة الحملات الارتدادية التي تطل برأسها في عصرنا.
وما زالت السيرة الذاتية لطه حسين وما تجسده من كفاح انساني وفكري مدرسة هامة ما اشد حاجة الاجيال الجديدة للتعلم منها والتأمل فيها.
من عزبة صغيرة (اصغر من القرية) في صعيد مصر بدأت رحلة طه حسين، فقد ولد عميد الادب العربي في تلك البقعة الصغيرة التي تقع على بعد كيلو متر واحد من مغاغة بمحافظة المنيا في وسط صعيد مصر... كان ذلك في الرابع عشر من نوفمبر عام 1889م، وكان والده حسين علي موظفاً في شركة السكر وانجب ثلاثة عشر ولداً كان سابعهم في الترتيب 'طه' الذي اصابه رمد فعالجه الحلاق علاجاً ذهب بعينيه (كما يقول هو عن نفسه في كتاب 'الايام').
وفي عام 1898 وبينما لم يكن قد اكمل السنوات العشر كان طه حسين قد اتم حفظ القرآن الكريم... وبعد ذلك بأربع سنوات بدأت رحلته الكبرى عندما غادر القاهرة متوجها الى الازهر طلباً للعلم. في عام 1908 بدأت ملامح شخصية طه حسين المتمردة في الظهور حيث بدأ يتبرم بمحاضرات معظم شيوخ الازهر فاقتصر على حضور بعضها فقط مثل درس الشيخ بخيت ودروس الادب... وفي العام ذاته انشئت الجامعة المصرية، فالتحق بها طه حسين وسمع دروس احمد زكي (باشا) في الحضارة الاسلامية واحمد كمال (باشا) في الحضارة المصرية القديمة ودروس الجغرافيا والتاريخ واللغات السامية والفلك والادب والفلسفة على اساتذة مصريين واجانب.
في تلك الفترة اعد طه حسين رسالته للدكتوراه نوقشت في 15 أيار 1914م. هذه الرسالة (وكانت عن ذكرى ابي العلاء) اول كتاب قدم الى الجامعة واول رسالة دكتوراه منحتها الجامعة المصرية، واول موضوع امتحن بين ايدي الجمهور.
ومثلما كانت حياته كلها جرأة وشجاعة واثارة للجدل فقد احدث نشر هذه الرسالة في كتاب ضجة هائلة ومواقف متعارضة وصلت الى حد طلب احد نواب البرلمان حرمان طه حسين من حقوق الجامعيين 'لأنه الف كتابا فيه الحاد وكفر'!، ولكن سعد زغلول رئيس الجمعية التشريعية آنذاك اقنع النائب بالعدول عن مطالبه.

الرحلة الثانية
اذا كانت الرحلة الاولى ذات الاثر العميق في حياة طه حسين وفكره هي انتقاله من قريته في الصعيد الى القاهرة... فإن الرحلة الاخرى الاكثر تأثيراً كانت الى فرنسا في عام 1914 حيث التحق بجامعة مونبلييه لكي يبعد عن باريس احد ميادين الحرب العالمية الاولى... وهناك درس اللغة الفرنسية وعلم النفس والادب والتاريخ. ولاسباب مالية اعادت الجامعة المصرية مبعوثيها في العام التالي 1915 لكن في نهاية العام عاد طه حسين الى بعثته ولكن الى باريس هذه المرة حيث التحق بكلية الاداب بجامعة باريس وتلقى دروسه في التاريخ ثم في الاجتماع حيث اعد رسالة اخرى على يد عالم الاجتماع الشهير 'اميل دوركايم' وكانت عن موضوع 'الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون' حيث اكملها مع 'بوجليه' بعد وفاة دوركايم وناقشها وحصل بها على درجة الدكتوراه في عام 1919م ثم حصل في العام ذاته على دبلوم الدراسات العليا في اللغة اللاتينية، وكان قد اقترن في 9 اغسطس 1917 بالسيدة سوزان التي سيكون لها اثر ضخم في حياته بعد ذلك.
في عام 1919 عاد طه حسين الى مصر فعين استاذاً للتاريخ اليوناني والروماني واستمر كذلك حتى عام 1925 حيث تحولت الجامعة المصرية في ذلك العام الى جامعة حكومية وعين طه حسين استاذاً لتاريخ الادب العربي بكلية الآداب.

أولى المعارك
رغم تمرده على الكثير من اراء اساتذته الا ان معركة طه حسين الاولى والكبرى من اجل التنوير واحترام العقل تفجرت في عام 1926 عندما اصدر كتابه 'في الشعر الجاهلي' الذي احدث ضجة هائلة بدأت سياسية قبل ان تكون ادبية. كما رفعت دعوى قضائية ضد طه حسين فأمرت النيابة بسحب الكتاب من منافذ البيع واوقفت توزيعه... ونشبت معارك حامية الوطيس على صفحات الصحف بين مؤيدين ومعارضين لهذا الكتاب.
وفي عام 1928 وقبل ان تهدأ ضجة كتاب الشعر الجاهلي بشكل نهائي تفجرت الضجة الثانية بتعيينه عميداً لكلية الآداب الامر الذي اثار ازمة سياسية اخرى انتهت بالاتفاق مع طه حسين على الاستقالة فاشترط ان يعين اولاً. وبالفعل عين ليوم واحد ثم قدم الاستقالة في المساء وأعيد 'ميشو' الفرنسي عميداً لكلية الآداب، ولكن مع انتهاء عمادة ميشو عام 1930 اختارت الكلية طه حسين عميداً لها ووافق على ذلك وزير المعارف الذي لم يستمر في منصبه سوى يومين بعد هذه الموافقة وطلب منه الاستقالة.

الازمة الكبرى
وفي عام 1932 حدثت الازمة الكبرى في مجرى حياة طه حسين... ففي شباط 1932 كانت الحكومة ترغب في منح الدكتوراه الفخرية من كلية الآداب لبعض السياسيين... فرفض طه حسين حفاظاً على مكانة الدرجة العلمية، مما اضطر الحكومة الى اللجوء لكلية الحقوق...
ورداً على ذلك قرر وزير المعارف نقل طه حسين الى ديوان الوزارة فرفض العمل وتابع الحملة في الصحف والجامعة كما رفض تسوية الازمة الا بعد اعادته الى عمله وتدخل رئيس الوزراء فأحاله الى التقاعد في 29 آذار 1932 فلزم بيته ومارس الكتابة في بعض الصحف الى ان اشترى امتياز جريدة 'الوادي' وتولى الاشراف على تحريرها، ثم عاد الى الجامعة في نهاية عام 1934 وبعدها بعامين عاد عميداً لكلية الاداب واستمر حتى عام 1939 عندما انتدب مراقباً للثقافة في وزارة المعارف حتى عام .1942
ولأن حياته الوظيفية كانت دائماً جزءاً من الحياة السياسية في مصر صعوداً وهبوطاً فقد كان تسلم حزب الوفد للحكم في 4 شباط 1942 ايذاناً بتغير آخر في حياته الوظيفية حيث انتدبه نجيب الهلالي وزير المعارف آنذاك مستشاراً فنياً له ثم مديراً لجامعة الاسكندرية حتى احيل على التقاعد في 16 تشرين الاول 1944 واستمر كذلك حتى 13 حزيران 1950 عندما عين لاول مرة وزيراً للمعارف في الحكومة الوفدية التي استمرت حتى 26 حزيران 1952 وهو يوم احراق القاهرة حيث تم حل الحكومة.
وكانت تلك آخر المهام الحكومية التي تولاها طه حسين حيث انصرف بعد ذلك وحتى وفاته عام 1973 الى الانتاج الفكري والنشاط في العديد من المجامع العلمية التي كان عضواً بها داخل مصر وخارجها.

qayed 12-31-2007 09:14 PM

داوود عليه السلام

قبل البدء بقصة داود عليه السلام، لنرى الأوضاع التي عاشها بنو إسرائل في تلك الفترة.
لقد انفصل الحكم عن الدين..فآخر نبي ملك كان يوشع بن نون.. أما من بعده فكانت الملوك تسوس بني إسرائيل وكانت الأنبياء تهديهم. وزاد طغيان بني إسرائيل، فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلو نبي، فسلط الله عليهم ملوكا منهم ظلمة جبارين، ألوهم وطغوا عليهم.
وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى انهم أضاعوا التابوت. وكان في التابوت بقية مما ترك آل موسى وهارون، فقيل أن فيها بقية من الألواح التي أنزلها الله على موسى، وعصاه، وأمورا آخرى. كان بنو إسرائيل يأخذون التابوت معهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة ويحققوا النصر. فتشروا وساءت حالهم.
في هذه الظروف الصعبة، كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيرا أن يرزقها ولدا ذكرا. فولدت غلاما فسمته أشموئيل.. ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أي سمع الله دعائي.. فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم منه الخير والعبادة. فكان عنده، فلما بلغ أشده، بينما هو ذات ليلة نائم: إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه. فهرع أشموئيل إلى يسأله: أدعوتني..؟فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام..
ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة. وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.
لهذا النبي الكريم قصة يرويها الله تعالى في كتابه الكريم:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
ذهب بنو إسرائيل يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟
قال: بلى..
قالوا: ألسنا مشردين؟
قال: بلى..
قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.
قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟
قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟
قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.
قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟
قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.
قالوا: ما هي آية ملكه؟
قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.
ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وبل ريقه فقط فليبق معي في الجيش..
وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.
كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.
يحكي لنا المولى جل جلاله عما حدث مذ خرج طالوت بجنوده حتى وصلوا لجيش جالوت فيقول:
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.
وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..
وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه ومن فقره وضعفه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت فقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت. قال تعالى:
وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى.
وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرة قلبه، وحاول قتله، وتستم الروايات في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لا نود الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها. ما يهمنا هو انتقال الملك بعد فترة من الزمن إلى داود.
لقد أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات. لقد أنزل عليه الزبور (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وآتاه جمال الصوت، فكان عندما يسبّح، تسبح الجبال والطيور معه، والناس ينظرون. وألان الله في يديه الحديد، حتى قيل أنه كان يتعامل مع الحديد كما Confidentialكان الناس يتعاملون مع الطين والشمع، وقد تكون هذه الإلانة بمعنى أنه أول من عرف أن الحديد ينصهر بالحرارة. فكان يصنع منه الدروع. قال تعالى:
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ




داوود عليه السلام

قال تعالى في سورة الأنبياء
وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ
كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد. فقام داوود بصناعة نوعية جديدة من الدروع. درع يتكون من حلقات حديدية تسمح للمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر.. أفضل من الدروع الموجودة أيامها..
وشد الله ملك داود، جعله الله منصورا على أعدائه دائما.. وجعل ملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب، وزاد الله من نعمه على داود فأعطاه الحكمة وفصل الخطاب، أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق من الباطل ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا.. قال تعالى:
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ (19) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ


الساعة الآن 11:50 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227