![]() |
الكرة الأرضية (القارات , أشكالها , مساحتها) أولا: تضاريس الأرض الحالية تقدر مساحة سطح الأرض الحالية بحوالي510 ملايين كيلو متر مربع, منها149 مليون كيلو متر مربع يابسة تمثل حوالي29% من مساحة سطح الأرض, و361 مليون كيلو متر مربع مسطحات مائية تمثل الباقي من مساحة سطح الأرض(71%), ومن هذه النسبة الأخيرة أرصفة قارية تعتبر الجزء المغمور بالمياه من حواف القارات وتقدر مساحتها بحوالي173,6 مليون كيلو متر مربع. وكل من سطح اليابسة وقيعان البحار والمحيطات ليس تام الأستواء ولكنها متعرجة في تضاريس متباينة للغاية, فعلي اليابسة هناك سلاسل الجبال ذات القمم السامقة, وهناك التلال متوسطة الارتفاع, وهناك الروابي, والهضاب, والسهول, والمنخفضات الأرضية المتباينة. وفي المسطحات المائية هناك البحار الضحلة والبحيرات, كما أن هناك البحار العميقة والمحيطات والتي تتدرج فيها الأعماق من الأرصفة القارية الي المنحدرات القارية ثم الي أعماق وأغوار قيعان المحيطات. ويقدر ارتفاع أعلي قمة علي سطح اليابسة( وهي قمة جبل إفرست بسلسلة جبال الهيمالايا) بأقل قليلا من تسعة كيلو مترات(8848 مترا) بينما يقدر منسوب أخفض نقطة علي سطح اليابسة( وهي في حوض البحر الميت) بحوالي أربعمائة متر تحت مستوي سطح البحر, وحتي قاع البحر الميت الذي تصل أعمق أجزائه الي حوالي ثمانمائة متر تحت مستوي سطح البحر يعتبر جزءا من اليابسة لأنه بحر مغلق). ويصل منسوب أعمق أغوار المحيطات( وهو غور ماريانا في قاع المحيط الهادي بالقرب من جزر الفلبين) الي حوالي الأحد عشر كيلو مترا(11,033 متر). وبذلك يصل الفرق بين أعلي وأخفض نقطتين علي سطح الأرض إلي أقل قليلا من العشرين كيلو مترا(19,881 متر), وبنسبة ذلك الي نصف قطر الأرض( المقدر بحوالي6371 كيلو مترا) فإن نسبته لا تكاد تتعدي0,3%. ويقدر متوسط منسوب سطح اليابسة بحوالي840 مترا فوق مستوي سطح البحر, بينما يقدر متوسط أعماق البحار والمحيطات بحوالي الأربعة كيلو مترات(3729 مترا ـ4500 متر تحت مستوي سطح الماء) وتضاريس الأرض الحالية هي نتيجة صراع طويل بين العمليات الداخلية البانية والعمليات الخارجية الهدمية والتي استغرقت حوالي الخمسة بلايين من السنين. ثانيا: الاتزان الأرضي لما كان سطح الأرض في توازن تام مع تباين تضاريسه, فلابد وأن هذا التباين في التضاريس يعوضه تباين في كثافة الصخور المكونة لكل شكل من أشكال هذه التضاريس, فالمرتفعات علي اليابسة لابد وأن يغلب علي تكوينها صخور كثافتها أقل من كثافة الصخور المكونة للمنخفضات من حولها, ومن ثم فلابد وأن يكون لتلك المرتفعات امتدادات من صخورها الخفيفة نسبيا في داخل الصخور الأعلي كثافة المحيطة بها, ومن هنا كان الاستنتاج الصحيح بأن كل مرتفع أرضي فوق مستوي سطح البحر له امتدادات في داخل الغلاف الصخري للأرض يتناسب مع ارتفاعه, وأن كل جبل من الجبال له جذور عميقة من مكوناته الخفيفة تخترق الغلاف الصخري للأرض لتطفو في نطاق الضعف الأراضي حيث تحكمها قوانين الطفو المعروفة كما تحكم أي جسم طاف في مياه البحار والمحيطات من مثل جبال الجليد والسفن. وهذه الامتدادات الداخلية للجبال تتراوح من10 الي15 ضعف الارتفاع فوق مستوي سطح البحر وذلك بناءا علي كثافة صخورها, وكثافة الوسط الغائرة فيه, ومنسوب إرتفاعها, وكلما برت عوامل التحات والتجوية والتعرية من قمم الجبال فإنها ترتفع إلي أعلي للمحافظة علي ظاهرة الاتزان الأرضي, وتظل عملية الارتفاع إلي أعلي مستمرة حتي تخرج جذور الجبل من نطاق الضعف الأرضي بالكامل, وهنا يتوقف الجبل عن الارتفاع, وتظل عمليات التجوية والتحات والتعرية مستمرة حتي تكشف تلك الجذور, وبها من خيرات الله في الأرض ما لا يمكن أن يتكون إلا تحت مثل تلك الظروف العالية من الضغط والحرارة والتي لاتتوفر إلا في جذور الجبال. ثالثا: بدايات تكون تضاريس سطح الأرض تشير الدراسات الحديثة للأرض إلي أن هذا الكوكب بدأ علي هيئة كومة من الرماد الذي ليس فيه شيء أثقل من السيليكون, ثم رجم بوابل من النيازك الحديدية التي تحركت الي قلبه بحكم كثافتها العالية فانصهرت وساعدت علي صهر كومة الرماد تلك, وعلي تمايزها الي سبع أرضين: لب صلب داخلي اغلبه الحديد والنيكل, يلية الي الخارج لب سائل يغلب علي تركيبه ايضا الحديد والنيكل, ثم أربعة أو شحة متمايزة تقل كثافتها كما تتناقص نسبة الحديد فيها باستمرار من الداخل الي الخارج, ثم الغلاف الصخري للأرض. ومع تبرد قشرة الأرض وتيبسها, ومع بدء الأنشطة البركانية العنيفة فيها تصاعدت الغازات والأبخرة التي كونت غلافيها الغازي والمائي, كما تصاعدت الطفوح والحمم والفتات الصخرية البركانية التي جددت الغلاف الصخري للأرض( مرحلة دحو الأرض), وبتكون الغلاف المائي للأرض أحيط كوكبنا بمحيط غامر غطي سطحه بالكامل, وتحت مياه هذا المحيط الغامر بدأت عمليات التصدع في تمزيق قاعه الي عدد من الألواح التي بدأت في التحرك متباعدة عن بعضها البعض أو متصادمة مع بعضها البعض أو منزلقة عبر بعضها البعض في حركية( ديناميكية) ساعدها دوران الأرض حول محورها, وتدفق الصهارة الصخرية والحمم البركانيةعبر صدوع القاع, في هذا المحيط الغامر, وتيارات الحمل في نطاق الضعف الأرضي من تحتها, وبنمو تلك الجزر البركانية والتحامها مع بعضها تكونت القارة الأم التي طفت بصخورها الخفيفة نسبيا فوق قاع المحيط الغامر المكون اساسا من الصخور البازلتية الأعلي كثافة. وبتكرر تصادم الألواح الصخرية المختلفة المكونة لقاع المحيط الغامربكتلة القارة الأم تكونت السلاسل الجبلية التي ألصقت بحواف تلك القارة بالتدريج مضيفة الي مساحتها مساحات جديدة باستمرار, ومبطئة لحركتها التي بدأت سريعة وعنيفة بشكل ملحوظ. وبارتفاع درجات الحرارة تحت أحزمة محددة من الكتلة القارية الأولي بفعل التحلل النووي للعناصر المشعة فيها, وتكون ما يسمي بالنقاط الحارة, وبدفع تيارات الحمل في نطاق الضعف الأرضي من تحتها تفتتت تلك القارة الأم الي عدد من القارات, وبدأت الحركات الداخلية للأرض في دفع تلك القارات للتباعد عن/ أو للتقارب من بعضها البعض, وكذلك في دفع الألواح الصخرية المكونة لقيعان المحيطات متباعدة عن بعضها البعض لتحقق ظاهرة توسع قيعان البحار والمحيطات, وتجدد مادتها باستمرار, وللتصادم مع مايقابلها من الألواح الصخرية المكونة لكتل القارات لتضيف إليها مزيدا من السلاسل الجبلية باستمرار, ولا تتوقف هذه الحركات الأرضية العنيفة إلا باصطدام قارتين بعد تلاشي قاع المحيط الذي كان يفصل بينهما تحت إحدي القارتين, وباصطدامهما تتكون اعلي السلاسل الجبلية كما حدث عند اصطدام الهند بالقارة الآسيوية/ الأوروبية. وكما ينغلق محيط من المحيطات باصطدام قارتين كانتا مفصولتين عن بعضهما البعض بمياهه, قد تنقسم قارة من القارات بواسطة تصدع في أحد أجزائها يتحول إلي انهدام علي هيئة واد خسيف او غور عميق من أغوار الأرض تنشط فيه عملية الهبوط الي ما دون منسوب المياه في البحار والمحيطات المجاورة فتندفع مياهها إلي هذا الغور محولة إياه الي بحر طولي شبيه بالبحر الأحمر, تنشط فيه عملية اتساع القاع حتي تحوله الي محيط. وهذه الدورة من دورات الحركات الأرضية تسمي دورة المحيط والقارة والتي قد يتحول بواسطتها المحيط الي قارة او يتلاشي بالكامل تحت احدي القارات, وقد تنقسم القارة. الي قارتين بتكون بحر طولي فيها يظل يتسع حتي يصل الي حجم المحيط. المصدر : قضايا و اراء |
الفحم الحجري من المعروف ان وقود المستحاثاث كالفحم الحجري يحترق بصورة رديئة مسببا تلوثاً كبيراً نظراً للمحتوى المرتفع من الماء والكبريت الموجود فيه. لكن الباحثين اليابانيين اكتشفوا الآن وسيلة لحرق هذا الوقود بصورة نظيفة. ويؤكد هؤلاء الباحثون ان النسخة التجارية من جهاز حرق الوقود الذي ابتكروه قد يغني عن استخدام مرشحات التنظيف الباهظة الثمن والمستخدمة في محطات الطاقة وهذا يتيح للدول الصناعية زيادة استخدامها لمواردها الوفيرة من الليجنيت والمسمى أيضاً الفحم الحجري الأسمر. بدأ الفريق الياباني تجاربه باستخدام الماء عندما كان في الوضع الفائق الحراجة الذي يكون فيه مشابها للحالتين السائلة والغازية على حد سواء، ويكون الماء في هذه الحالة عند درجة حرارة 374 مئوية وضغط أعلى من 217 ضغط جوي. وفي هذه الحالة يذيب الماء المواد التي لا تذوب فيه في الاحوال العادية. لذلك يستخدم كوسيط لحرق النفايات في الانظمة المغلقة. واذا ما مزجت النفايات العضوية الخطرة. بالاكسجين داخل الماء الفائق الحراجة على سبيل المثال، فإنها تحترق دون أي انبعاث للنفايات. وقد طبق الباحثون اليابانيون في مركز بحوث المواد الطبيعية والكيماوية قرب طوكيو، هذه التقنية الواعدة الآن في عملية انتاج الطاقة فجمعوا المياه عند درجة حرارة 600 مئوية وضغط 300 جوي «فوق النقطة الحرجة»، مع بعض القلويات مثل هيدروكسيد الصوديوم، ومادة مؤكسدة كهيدروجين البيروكسيد ثم ضخوا جراما واحدا من الفحم الداكن في حجرة مغلقة ومضغوطة، وعند احتراق كافة الفحم ضخ الباحثون المزيج إلى الخارج وفصلوا السوائل عن الغازات وبتغيير درجة حرارة الماء الفائق الحراجة تمكن الباحثون من خفض كمية الأمونيا الناتجة بدرجة كبيرة، وتأكسد الكربون بشكل تام متحولا إلى ثاني اكسيد الكربون بدلاً من أول اكسيد الكربون السام والملوث. وجرت معادلة هيدروكسيد الصوديوم في الماء الفائق الحراجة باستخدام حمض الكبريت وحمض المازوت فتكونت أملاح سلفات الصوديوم، ونترات الصوديوم غير الضارة ولم يتحول إلى ثاني اكسيد الكبريت أو ثالث اكسيد الكبريت سوى واحد في المئة من الكبريت. وفي أي نظام تجاري فإنه يمكن استخدام بعض الطاقة الناتجة لتسخين وضغط الماء. وكما يشير الباحثون فإن المشكلة المتبقية تكمن في الوسائل الهندسية حيث يتعين ايجاد وسيلة لادخال كمية كبيرة من المادة القابلة للاحتراق داخل حجرة الاحتراق. صدقي كامل فرنسا تغلق آخر مناجم الفحم فيها أخبار أخرى سويسرا توافق على فرض ضرائب على حسابات الاوربيين ارتفاع سعر النفط لاعلى معدل منذ 21 عاما زيادة الصادرات تساعد في انتعاش الاقتصاد الألماني موسكو عاصمة المليارديرات عمال مناجم الفحم كانوا مصدر النهضة السياسية لفرنسا تنوي فرنسا إغلاق آخر منجم للفحم فيها واضعة بذلك حدا لصناعة دامت ما يقرب من ثلاثمائة عام. وسوف يقوم آخر عمال مناجم الفحم في فرنسا بقطع قطعة رمزية من الفحم الحجري لتبدأ بعد ذلك احتفالات مدتها ثلاثة أيام بنهاية صناعة تعدين الفحم الحجري في فرنسا. ويعد منجم "لا هوفيه" الذي يقع في مدينة "كروتزفولد" قرب الحدود الألمانية هو آخر مناجم الفحم التي كان ما يقرب من 300 ألف شخص يعملون فيها يوما ما، وقاموا من خلالها بتموين الثورة الصناعية الفرنسية. وفي الوقت الحالي تعتمد فرنسا على الطاقة النووية في امداداها بثمانين في المئة من احتياجاتها في مجال الطاقة. مصدر اساسي للطاقة وقد كان مجال التعدين يوما ما أساسا لنهضة فرنسا السياسية، وكان مجتمع عمال المناجم هو الوسط الذي نمت فيه الحركات الاشتراكية والشيوعية في فرنسا. وتمكنت ألمانيا من استغلال مناجم الفحم الحجري في إقليمي الإلزاس واللورين، الذين يقعان على الحدود الفرنسية-الالمانية، خلال ثلاث حروب جرت بين عامي 1870 و1945. وخلال الحرب العالمية الثانية، حمل عمال المناجم على عاتقهم مهمة المقاومة ضد الاحتلال النازي، وبشكل اصبحت معه هذه المقاومة اإحدى أساطير التاريخ الفرنسي. وكان الضوء قد بدأ في الانحسار عن هذه الصناعة عندما وجهت فرنسا اهتمامها إلى الطاقة النووية لتصبح هي البديل ابتداء من عام 1960. وبإغلاق المنجم الأخير، سيصبح عماله الأربعمائة عاطلين عن العمل، ولكن هؤلاء الذين عملوا لمدة تزيد على عشرين سنة، سيتمتعون بمرتباتهم وأجور منازلهم التي ستتكفل الحكومة بدفعها حتى يبلغوا سن التقاعد. المرجع:- BBCArabic.com | اقتصاد وأعمال | فرنسا تغلق آخر مناجم الفحم فيها http://www.albayan.co.ae/albayan/2001/06/20/mnw/12.htm |
الزلازل اهتزازات مفاجئة تصيب القشرة الأرضية عندما تنفجر الصخور التي كانت تتعرض لعملية تمدد، وقد تكون هذه الاهتزازات غير كبيرة بل وتكاد تلاحظ بالكاد وقد تكون مدمرة على نحو شديد. وأثناء عملية الاهتزاز هذه تتولد ستة أنواع من موجات الصدمات، من بينها اثنتان تتعلقان بجسم الأرض حيث تؤثران على الجزء الداخلي من الأرض بينما الأربعة موجات الأخرى تكون موجات سطحية، ويمكن التفرقة بين هذه الموجات أيضا من خلال أنواع الحركات التي تؤثر فيها على جزيئات الصخور، حيث ترسل الموجات الأولية أو موجات الضغط جزيئات تتذبذب جيئة وذهابا في نفس اتجاه سير هذه الأمواج، بينما تنقل الأمواج الثانوية أو المستعرضة اهتزازات عمودية على اتجاه سيرها. وعادة ما تنتقل الموجات الأولية بسرعة أكبر من الموجات الثانوية، ومن ثم فعندما يحدث زلزال، فإن أول موجات تصل وتسجل في محطات البحث الجيوفيزيقية في كل أنحاء العالم هي الموجات الأولية. ويعرف الجيولجيون ثلاثة أنواع عامة من الزلازل هي: التكتونية والبركانية والزلازل المنتجة صناعيا. وتعتبر الزلازل التكتونية أكثر الأنواع تدميرا وهي تمثل صعوبة خاصة للعلماء الذين يحاولون تطوير وسائل للتنبؤ بها. والسبب الأساسي لهذه الزلازل التكتونية هو ضغوط تنتج من حركة الطبقات الكبرى والصغرى التي تشكل القشرة الأرضية والتي يبلغ عددها اثنتي عشر طبقة. وتحدث معظم هذه الزلازل على حدود هذه الطبقات في مناطق تنزلق فيها بعض الطبقات على البعض الآخر أو تنزلق تحتها. وهذه الزلازل التي يحدث فيها مثل هذا الانزلاق هي السبب في حوالي نصف الحوادث الزلزالية المدمرة التي تحدث في العالم وحوالي 75 في المائة من الطاقة الزلزالية للأرض. وتتركز هذه الزلازل في المنطقة المسمى "دائرة النار" وهي عبارة عن حزام ضيق يبلغ طوله حوالي (38.600) كم يتلاقى مع حدود المحيط الهادي. وتوجد النقاط التي تحدث فيها انفجارات القشرة الأرضية في مثل هذه الزلازل في أجزاء بعيدة تحت سطح الأرض عند أعماق تصل إلى (645) كم. ومن الأمثلة على هذا النوع من الزلازل زلزال ألاسكا المدمر الذي يسمى "جود فرايداي" والذي وقع عام 1383 هـ / 1964 م. وقد تقع الزلازل التكتونية أيضا خارج منطقة "دائرة النار" في عدة بيئات جيولوجية مختلفة، حيث تعتبر سلاسل الجبال الواقعة في وسط المحيط موقعا للعديد من مثل هذه الأحداث الزلزالية ذات الحدة المعتدلة وتحدث هذه الزلازل على أعماق ضحلة نسبيا. ونادرا ما يشعر بهذه الزلازل أي شخص وهي السبب في حوالي 5 في المائة من الطاقة الزلزالية للأرض ولكنها تسجل يوميا في وثائق الشبكة الدولية للمحطات الزلزالية. وتوجد بيئة أخرى عرضة للزلازل التكتونية وهي تمتد عبر البحر المتوسط وبحر قزوين حتى جبال الهيمالايا وتنتهي عند خليج البنغال. وتمثل في هذه المنطقة حوالي 15 % من طاقة الأرض الزلزالية حيث تتجمع كتل أرضية بصفة مستمرة من كل من الطبقات الأوربية والأسيوية والأفريقية والأسترالية تنتهي بوجود سلاسل جبلية صغيرة ومرتفعة. وقد أدت الزلازل الناتجة من هذه التحركات إلى تدمير أجزاء من البرتغال والجزائر والمغرب وإيطاليا واليونان ويوغوسلافيا ومقدونيا وتركيا وإيران في حوادث عدة. ومن بين الأنواع الأخرى للزلازل التكتونية تلك الزلازل الضخمة المدمرة التي لا تقع بصورة متكررة، وهذه تحدث في مناطق بعيدة عن تلك التي يوجد بها نشاط تكتوني. أما أنواع الزلازل غير التكتونية، وهي الزلازل ذات الأصول البركانية فنادرا ما تكون ضخمة ومدمرة. ولهذا النوع من الزلازل أهميته لأنه غالبا ما ينذر بقرب انفجارات بركانية وشيكة. وتنشأ هذه الزلازل عندما تأخذ الصهارة طريقها لأعلى حيث تملأ التجويفات التي تقع تحت البركان. وعندما تنتفخ جوانب وقمة البركان وتبدأ في الميل والانحدار، فإن سلسلة من الزلازل الصغيرة قد تكون نذيرا بانفجار الصخور البركانية. فقد يسجل مقياس الزلازل حوالي مائة هزة أرضية صغيرة قبل وقوع الانفجار. أما النوع الثالث من الزلازل فهو الذي يكون الإنسان سببا فيه من خلال عدة أنشطة يقوم بها مثل ملء خزانات أو مستودعات جديدة أو الانفجارات النووية تحت الأرض أو ضخ سوائل إلى الأرض عبر الآبار. وللزلازل آثار مدمرة تختلف تأثيراتها حسب قوتها فقد تسبب الزلازل خسائر كبيرة في الأرواح حيث تدمر المباني والكباري والسدود، كما قد تؤدي إلى انهيارات صخرية مدمرة. ومن بين الآثار المدمرة الأخرى للزلازل أنها تتسبب في ما يسمى بموجات المد والجزر. وحيث أن مثل هذه الأمواج لا تتعلق بالجزر، فإنها تسمى أمواج بحرية زلزالية. ولقد شغلت طبيعة الزلازل أذهان النا س الذين يعيشون في مناطق معرضة للهزات الأرضية منذ أقدم الأزمنة. حيث أرجع بعض فلاسفة اليونان القدماء الهزات الأرضية إلى رياح تحت خفية بينما أرجعها البعض الآخر إلى نيران في أعماق الأرض. وحوالي عام 130 ميلادية، كان العالم الصيني تشانج هينج يعتقد بأن الأمواج التي تأتي من الأرض قادمة من مصدر للزلازل، ومن ثم فقد قام بعمل وعاء برونزي محكم لتسجيل مرور مثل هذه الموجات. وقد تم تثبيت ثماني كرات في أفواه ثماني تنينات قد وضعت حول محيط الوعاء، حيث أن أية موجة زلزالية سوف تؤدي إلى سقوط كرة واحدة أو أكثر. أما أول وصف علمي لأسباب حدوث الزلازل فكان على يد العلماء المسلمين في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي. فيذكر ابن سينا في كتابه عيون الحكمة وصف الزلازل وأسباب حدوثها وأنواعها ما قوله: "حركة تعرض لجزء من أجزاء الأرض بسبب ما تحته ولا محالة أن ذلك السبب يعرض له أن يتحرك ثم يحرك ما فوقه، والجسم الذي يمكن أن يتحرك تحت الأرض إما جسم بخاري دخاني قوي الاندفاع كالريح، وإما جسم مائي سيال، وإما جسم هوائي، وإما جسم ناري، وإما جسم أرضي. والجسم الأرضي لا تعرض له الحركة أيضا إلا لسبب مثل السبب الذي عرض لهذا الجسم الأرضي فيكون السبب الأول الفاعل للزلزلة ذلك، فأما الجسم الريحي، ناريا كان أو غير ناري فإنه يجب أن يكون هو المنبعث تحت الأرض، الموجب لتمويج الأرض في أكثر الأمر". ويضيف ابن سينا مستعرضا الظواهر المصاحبة لها فيذكر في كتابه النجاة : "وربما احتبست الأبخرة في داخل الأرض فتميل إلى جهة فتبرد بها فتستحيل ماء فيستمد مددا "متدافقا" فلا تسعه الأرض فتنشق فيصعد عيونا وربما لم تدعها السخونة تتكثف فتصير ماء وكثرت عن أن تتحلل وغلظت عن أن تنفذ في مجار مستحفصة وكانت تتكثف أشد استحصافا عن مجار أخرى فاجتمعت ولم يمكنها أن تثور خارجة زلزلت الأرض وأولى بها أن يزلزلها الدخان الريحي، وربما اشتدت الزلزلة فخسفت الأرض، وربما حدث في حركتها دوي كما يكون من تموج الهواء في الدخان. وربما حدثت الزلزلة من أشياء عالية في باطن الأرض فيموج بها الهواء المحتقن فيزلزل الأرض وربما تبع الزلزلة نبوع عيون". ولقد أورد ابن سينا تصورا لأماكن حدوث الزلازل فذكر: "وأكثر ما تكون الزلزلة في بلاد متخلخلة غور الأرض متكاثفة وجهها، أو مغمورة الوجه بماء". وهو ما يتفق مع ما توصل إليه العلماء الآن أن مناطق حدوث الزلازل تكون في مناطق الضعف في القشرة الأرضية حيث يتم حركة الصخور على سطحها، وتسمح بخروج الغازات. ويصف ابن سينا أنواع الزلازل فيقول: "منها ما يكون على الاستقامة إلى فوق، ومنها ما يكون مع ميل إلى جهة، ولم تكن جهات الزلزلة متفقة، بل كان من الزلازل رجفية، ما يتخيل معها أن الأرض تقذف إلى فوق، ومنها ما تكون اختلاجية عرضية رعشية، ومنها ما تكون مائلة إلى القطرين ويسمى القطقط، وما كان منه مع ذهابه في العرض يذهب في الارتفاع أيضا يسمى سلميا". أما السيوطي الذي أورد معلومات تحدد أماكن معظم الزلازل بدقة فقد تحدث في كتابه كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة عن شدتها من خلال وصف آثارها التدميرية مثل أوزان الصخور المتساقطة، ومقاييس الشقوق الناتجة عن الزلازل، وعدد المدن والقرى والمساكن المتهدمة، وعدد الصوامع والمآذن المتهدمة، وعدد القتلى. كما وصف السيوطي درجات الزلازل بتعبيرات أشبه ما تكون بالمقاييس الحديثة مثل لطيفة جدا، وعظيمة وهائلة. وقد حدد مدة بقاء الزلزلة مستخدما في ذلك طريقة فريدة فذكر: "دامت الزلزلة بقدر ما يقرأ الإنسان سورة الكهف". وقد كانت ملاحظة موجات الزلازل تتم بهذه الطريقة وبعدة طرق أخرى لعدة قرون، وفي الثمانينات من القرن التاسع عشر، تمكن عالم الجيولوجيا الإنجليزي جون ميلن عام 1266هـ-1850م / 1331 هـ-1913م من اختراع آلة تسجيل زلازل تعتبر رائدة من نوعها ألا وهي مقياس الزلازل، وهي عبارة عن بندول بسيط وإبرة معلقة فوق لوح زجاجي. وقد كان هذا المقياس هو أول آلة من نوعها تتيح التفرقة بين موجات الزلازل الأولية والثانوية. أما مقياس الزلازل المعاصر فقد اخترعه في القرن العشرين عالم الزلازل الروسي الأمير بوريس جوليتزين عام 1278هـ-1862م / 1334 هـ-1916م. وقد استخدم في هذه الآلة بندولا مغناطيسيا معلقا بين قطبي مغناطيس كهربائي، وقد كان هذا الاختراع فتحا في أبحاث الزلازل في العصر الحديث. ثم تمكن علماء الزلازل بعد ذلك من اختراع مقياسين لمساعدتهم في قياس كم الزلازل. أحدهما هو مقياس ريختر نسبة للعالم تشارليز فرانسيس ريختر عام 1317هـ-1900م / 1405 هـ-1985م الذي قام بصنعه. وهو جهاز يقوم ب قياس الطاقة المنبعثة من بؤرة أو مركز الزلزال. وهذا الجهاز عبارة عن مقياس لوغاريتمي من 1 إلى 9، حيث يكون الزلزال الذي قوته 7 درجات أقوى عشر مرات من زلزال قوته 6 درجات، وأقوى 100 مرة من زلزال قوته 5 درجات، وأقوى 1000 مرة من زلزال قوته 4 درجات وهكذا. ويقدر عدد الزلازل التي يبلغ مقياس قوتها من 5 إلى 6 درجات والتي تحدث سنويا على مستوى العالم حوالي 800 زلزال بينما يقع حوالي 50.000 زلزال تبلغ قوتها من 3 إلى 4 درجات سنويا ، كما يقع زلزال واحد سنويا تبلغ قوته من 8 إلى 9 درجات. ومن الناحية النظرية، ليس لمقياس ريختر درجة نهاية محددة ولكن في عام 1979 وقع زلزال قوته 8.5 درجة وساد الاعتقاد بأنه أقوى زلزال يمكن أن يحدث. ومنذ ذلك الحين، مكنت التطورات التي حدثت في تقنيات قياس الزلازل علماء الزلازل من إدخال تعديلات على المقياس حيث يعتقد الآن بأن درجة 9.5 هي الحد العملي للمقياس. وبناء على المقياس الجديد المعدل، تم تعديل قوة زلزال سان فرانسيسكو الذي وقع عام 1906 من 8.3 إلى 7.9 درجة بينما زادت قوة زلزال ألاسكا الذي وقع عام 1383هـ / 1964 م من 8.4 إلى 9.2 درجة. أما المقياس الآخر وهو اختراع العالم الإيطالي جيوسيب ميركالي عام 1266هـ-1850 / 1332 هـ-1914 ويقيس قوة الاهتزاز بدرجات من I حتى XII. وحيث أن تأثيرات الزلزال تقل بالبعد عن مركز الزلزال، فتعتمد درجات ميركالي المخصصة لقياس الزلازل على الموقع الذي يتم فيه القياس. فمثلا تعتبر الدرجة 1 زلزال يشعر به عدد قليل جدا من الناس بينما تعتبر الدرجة XII زلزالا مدمرا يؤدي إلى إحداث دمار شامل. أما درجات القوة II إلى III فتعادل زلزالا قوته من 3 إلى 4 درجات بمقياس ريختر، بينما تعادل الدرجات من XI إلى XII بمقياس ميركالي زلزالا قوته من 8 إلى 9 درجات بمقياس ريختر. http://rowad.al-islam.com/rowad/?act...g=ar&from=tree |
الدورة الصخرية تجوية الصخور ماذا يحدث للصخور النارية أو المتحولة أو حتى الرسوبية عندما تتعرض للغلاف الجوي حيث تختلف الظروف الكيميائية والفيزيائية عن ظروف تكونها؟ سوف تتفاعل المعادن المكونة لهذه الصخور مع الماء والغازات الموجودة في الغلاف الجوي وتتجاوب مع تقلبات درجات الحرارة مما يؤدي إلى حدوث تغيرات كيميائية وفيزيائية لهذه المعادن أو ما يسمى تجوية الصخور. يمكن تعريف التجوية: هي مجمل التغيرات الفيزيائية والكيميائية التي تحدث للصخور عند تعرضها لعوامل الغلاف الجوي. وتقسم التجوية إلى نوعين: تجوية فيزيائية وتجوية كيميائية التجوية الفيزيائية أو الميكانيكية: هي تفتيت أو تكسر الصخور إلى أجزاء صغيرة بدون تغير تركيبها الكيميائي, وتتم التجوية الفيزيائية بفعل عوامل عديدة منها: وتد الصقيع: يدخل ماء المطر إلى الشقوق في الصخور ويملؤها , وعندما تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر يتجمد هذا الماء. و يتحول إلى جليد, من المعلوم أن تجمد الماء يؤدي إلى ازدياد حجمه حوالي( 10%) مما يخلق ذلك ضغطاً على جوانب الشقوق كما تشاهد . وبتكرار تجمد الماء وانصهاره في شقوق الصخور خلال عشرات بل مئات السنوات, يؤدي ذلك إلى تكسر الصخور إلى قطع صغيرة أو تجويتها فيزيائياً. وكما تشاهد, تنتقل نواتج التجوية الفيزيائية بفعل الجاذبية أسفل المنحدر وتتراكم وتكوّن كوماً يدعى منحدر الفتات الصخري. تقشر الصخور: عند ارتفاع الصخور النارية الجوفية إلى سطح الأرض تتعرض لضغط جوي أقل بكثير من الضغط الواقع عليها وقت تبلورها بداخل القشرة الأرضية. إن نقصان هذا الضغط على هذه الصخور يساعد سطحها الخارجي على التمدد مما يعمل مع الزمن على انفصال سطحها الخارجي على شكل يشبه القشور كما تشاهد ويساعد هذا على تفتيت سطحها الخارجي أو تجويتها فيزيائياً. التعرية عمليات طبيعية فيزيائية وكيميائية تتعرض فيها التربة والصخور بقشرة الأرض للكشط والتآكل بصفة مستمرة. وتنتج التعرية من النشاط المشترك لعدة عوامل مثل الحرارة والبرودة والغازات والماء والرياح والجاذبية والحياة النباتية. ويلعب الماء دورا شديد الأهمية في نقل المواد المنحوتة. فعندما تحصل أية منطقة على ماء (على شكل مطر أو جليد أو ثلج ذائب) أكثر مما تستطيع الأرض امتصاصه، يتدفق الماء الزائد إلى أدنى مستوى حاملا المواد المفككة. كما تتعرض المنحدرات المعتدلة للتعرية حيث يزيل ماء الثلج المذاب أو ماء المطر طبقة رقيقة من التربة بدون ترك بقايا واضحة على السطح الذي تعرض للتعرية. وقد يكون هناك توازن بين عمليات التعرية هذه وتكون تربة جديدة. وفي المناطق الجافة القليلة الخضرة بصفة خاصة، يخلف ماء المطر أو ماء الثلج المذاب نوعا من الأخاديد تتكون بفعل غدران الماء. وتترسب بعض فتات الصخور والتربة التي جمعها غدير الماء في أودية ولكن معظمها يصل للبحر عبر الجداول والأنهار. ومن خلال التعرية، يتغير سطح الأرض بصفة مستمرة بحيث يأخذ أشكالا جديدة. كما تتغير أشكال القارات باستمرار، حيث تقتطع الأمواج وحركات الجزر الأراضي القديمة بينما يكون طمي الأنهار أراضي جديدة. وحيث تعمق غدران المياه والجداول والأنهار أكثر وأكثر، تتحول الأخاديد إلى أودية صغيرة منحدرة والتي بدورها تتحول إلى أودية كاملة. وفي القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي، سجل العلماء المسلمون أول ملاحظات علمية لأثر عوامل التعرية في تشكيل التضاريس الأرضية فيذكر ابن سينا في كتابه الشفاء مشيرا لعملية تكوين الجبال وتفتتها بقوله: "وهكذا الحال في الجبال فإن بعضها ينهال ويتفتت وبعضها يحدث ويشمخ ولا محالة أنها تتغير عن أحوالها يوما من الدهر ولكن التاريخ فيه لا ينضبط". ثم يشرح علاقة البحر بالأرض في فيضانه وانحساره فيقول: " ويجوز أن يعرض للبحر أيضا أن يفيض قليلا قليلا على بر يعرض ذلك للجبل، وإذ استحال طينا كان مستعدا لأن يتحجر عند الانكشاف ويكون تحجره قويا، وإذا وقع الانكشاف على ما تحجر فربما يكون المتحجر القديم استعد للتفتت، وي جوز أن يكون ذلك يعرض له عكس ما عرض للتربة، من أن هذا يرطب ويلين ويعود ترابا، وذلك يستعد للحجرية". كما يشير ابن سينا إلى انتقال مواضع البحر فيقول: "وأما اختصاص البحر في طباعه بموضع فأمر غير واجب بل الحق أن البحر ينتقل في مدد لا يضبطها الأعمار ولا تتوارث فيها التواريخ والآثار المنقولة من قرن إلى قرن إلا في أطراف يسيرة وجزائر صغيرة". ثم يذكر: وإذا كان ذلك كذلك (أي نضبت العيون وجفت الأنهار) فستنسجم موارد أودية وأنهار ويعرض للجهة التي تليها من البحار أن تنضب وستستجد عيون وأودية وأنهار من جهات أخرى فتقوم بدلا لما نضب ويفيض الماء في تلك الجهة على البئر، فإذا مضت الأحقاب بل الأدوار يكون البحر قد انتقل عن حيز وليس ببعيد أن يحدث الاتفاق أو الصناعة خلجانا إذا طرقت في سد بين البحر وبين أنهار كبار وبين مثله". ويضيف ابن سينا بأمثلة من ذلك فيقول: "وقد يعرف من أمر النجف الذي بالكوفة أنه بحر ناضب وقد قيل أن أرض مصر هذه سبيلها ويوجد فيها وميم حيوان البحر. وقد حدثت عن بحيرة خوارزم أنها حالت من المركز الذي عهدها به مشايخ الناحية المسنون حوولا إلا أن أعمارنا لا تفي بالدلالة على الانتقالات العظيمة فيها". والواقع أن مسألة تغيير أحوال الأرض الطبيعية أو تضاريسها بمرور الزمن أصبح أمرا واقعا عند العلماء المسلمين، حتى أنها دخلت أدبياتهم القصصية، ومن ذلك القصة الرمزية التي ذكرها القزويني في كتابه عجائب المخلوقات في حركات البحار وتبادل البر والبحر أماكنها على مدى الزمان، ورواها على لسان "الخضر" الذي مر بمكان معين خمس مرات بين كل منها خمسمائة عام فوجده مرة مدينة عامرة لا يعرف أهلوها ولا أباؤهم مدة بنائها. ومر بها ثانية فوجدها منطقة خرابا لا يعرف عامرها إلا أنها كانت هكذا طول الزمان، ثم مر بها ثالثة فوجدها بحرا مستفيضا ولا يعرف من الصيادين بها متى كان منشؤها، ثم مر بها رابعا فوجدها أرضا يبسا لا يعرف متى كانت كذلك، ثم مر بها أخيرا فوجدها مدينة كثيرة الأهل والعمارة لا يعرف أهلوها ولا أباؤهم متى بنيت. فسبحان الله جل شأنه لا يتغير ولا يتبدل. ويعتقد المؤرخون والجيولوجيون أن تعرية التربة كان عاملا حاسما من بين العوامل المركبة التي أدت إلى تغي يرات متعددة في البنية السكانية وإلى انهيار حضارات بعينها. حيث عثر على بقايا البلدان والمدن في المناطق القاحلة مثل صحراء بلاد ما وراء النهر مما يدل على أن الزراعة كانت منتشرة في وقت من الأوقات في المنطقة المجاورة. تعد ظاهرة التصحر من المشاكل الهامة وذات الآثار السلبية لعدد كبير من دول العالم، وخاصة تلك الواقعة تحت ظروف مناخية جافة أو شبه جافة أو حتى شبه رطبة. وظهرت أهمية هذه المشكلة مؤخراً، خاصة في العقدين الأخيرين، بشكل كبير، وذلك للتأثير السلبي التي خلفته على كافة الأصعدة، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. على الرغم من قدم ظاهرة التصحر، لكن في الفترة الأخيرة تسارعت وتفاقمت إلى الحد التي أصبحت معه تهدد مساحات كبيرة جداً وأعداد هائلة من البشر بالجوع والتشرد والقحل. والتصحر حسب التعريف الحديث والمعتمد من قبل Unccd هو: "تدهور الأراضي" في المناطق الجافة وشبه الجافة، وشبه الرطبة، الناتجة عن عوامل مختلفة، منها التغيرات المناخية والنشاطات البشرية. وقبل الخوض في موضوع أسباب التصحر ومشاكله وبعض الجوانب المتعلقة بطرق المكافحة، لابد من إعطاء فكرة عن واقع التصحر في الوطن العربي، وذلك لإبراز الأهمية الكبيرة لهذه الظاهرة ومخاطرها. ثانياً- موقع الوطن العربي والظروف المناخية: تبلغ مساحة الوطن العربي حوالي 14.3 مليون كم2، وهذا يعادل 10.2% من مساحة العالم، ويقع الوطن العربي بين خطي طول 17َ،60ْ شرقاً وخطي عرض 30َ،1ْ إلى 30َ،37ْ شمالاً، هذه المساحة الممتدة على مدى واسع من خطوط العرض، تتضمن بالطبع مناطق بيئية مختلفة حوالي 90% من مساحة الوطن العربي تقع ضمن المناطق الجافة جداً، الجافة، وشبه الجافة، تتميز هذه المناطق بتباين كبير في كمية الهطول السنوي إضافة إلى تباين كبير أيضاً في توزيع الهطول خلال العام، وبطبيعة الحال، تعتبر الأمطار العامل الأهم من عوامل المناخ بالنسبة للنظام البيئي، حيث يلاحظ أن 72% من مساحة الوطن العربي تتلقى اقل من 100 مم سنوياً ومساحة 18% تتلقى ما بين 100-300 مم، وفقط 10% تتلقى اكثر من 300 ملم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * خبير تربة في إدارة دراسات الأراضي – أكساد. أستاذ مساعد في كلية الزراعة - جامعة دمشق ثالثاً- حالة التصحر في الوطن العربي: كما ذكرنا سابقاً، إن التصحر ظاهرة قديمة قدم التاريخ، ولم تشكل هذه الظاهرة سابقاً، خطراً يهدد حياة الناس، وذلك لتوفر التوازن البيئي الطبيعي آنذاك، ولكن وبسبب مجموعة من العوامل، سنذكرها، لاحقاً، بدأ التوازن البيئي الطبيعي يعاني من خلال سوء استثمار الموارد الطبيعية، وإلى حد أقل بكثير بسبب التغيرات الطبيعية التي طرأت على الظروف المناخية. وفي الآونة الأخيرة، وخاصة خلال فترة ما بعد الثمانينات، بدأت ظاهرة التصحر بالتفاقم وتعاظمت أثارها السلبية على كافة الأصعدة، البيئة، الاجتماعية، الاقتصادية، والسبب في ذلك يعود بشكل أساسي إلى الزيادة الكبيرة لعدد السكان، وزيادة الطلب على الغذاء، التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية والتوسع والتكثيف غير المرشد في استثمار الأراضي، وإلى غير ذلك من جوانب الضغط على موارد الأراضي. الجدول التالي يبين الزيادة في عدد السكان في بلاد الشام ما بين 1950-حتى 2010. الدولة 1950 1980 1995 2010 سورية 3.50 8.70 14.20 20.5 الأردن 1.24 2.92 5.38 7.4 لبنان 1.44 3.67 3.01 3.5 فلسطين 0.24 0.45 1.44 2.6 المجموع 6.42 15.74 24.03 34.0 عدد السكان بالمليون المصدر Unsdp 1997 رابعاً- أسباب التصحر: يمكن أن تعزى ظاهرة التصحر إلى مجموعتين من الأسباب: 1- أسباب ناتجة عن الظروف الطبيعية: يقصد بالأسباب الطبيعية، التغيرات المناخية التي حصلت خلال فترات زمنية مختلفة، سواء تلك التي حصلت خلال العصور الجيولوجية القديمة والتي أدت إلى ظهور وتشكل الصحاري التي غطت مساحات واسعة مثل الصحراء الكبرى في أفريقيا، والربع الخالي في الجزيرة العربية، وعلى الرغم من أن نشوء وتكوين هذه الصحاري قد اكتمل منذ فترات زمنية بعيدة، إلا أن تأثيرها لازال قائماً على المناطق المجاورة. أما التغيرات المناخية الحديثة، يقصد بها تلك التي حدثت في الماضي القريب من حوالي عشرة آلاف سنة، والتي لعبت دوراً مهماً في عملية التصحر وتكوين الكثبان الرملية، علماً أن هذه التغيرات المناخية الحديثة لم تكن سلبية في جميع المناطق، بل في بعض المناطق كان التغير إيجابياً، ويعتقد الآن أنه هناك فترة من الجفاف تسود في المنطقة العربية حيث تتصف بالتالي: - - تكرار فترات الجفاف. - - التباين الكبير في كمية الهطول السنوي وتوزعه. - - سيادة الرياح القارية الجافة على الرياح البحرية. - - الفرق الكبير في المدى الحراري اليومي. |
تابع للدوره الصخريه 2- أسباب ناتجة عن النشاط الإنساني: يمكن أن تعود هذه الأسباب إلى الزيادة الكبيرة في عدد السكان، والتي رافقها زيادة في الاستهلاك وكذلك التطور الاقتصادي والاجتماعي، أدى ذلك إلى زيادة الطلب على المنتجات الزراعية، هذه العوامل دفعت الإنسان إلى زيادة استغلاله للموارد الطبيعية والتي جاء في غالب الأحيان بشكل غير مرشد، إضافة لذلك فقد بدأ نشاط الإنسان مؤخراً يمتد إلى المناطق الهامشية ذات النظام البيئي غير المستقر والهش. ومن أسباب التدهور نجد: - - تدهور الغطاء النباتي: بسبب الاستثمار غير المناسب. مثل الرعي الجائر، قطع الأشجار والشجيرات. مما أدى إلى تدهور الغطاء النباتي، وخاصة في مناطق المراعي، وقد بلغت نسبة التدهور في أراضي المراعي على سبيل المثال في سورية والأردن حوالي 90% وهذا ينطبق على حالة الغابات أيضاً فمثلاً خسرت لبنان 60% من أشجارها الغابية خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحرب العالمية الثانية، وعموماً خسرت الدول العربية أكثر من 11% من غاباتها خلال الثمانينات فقط. - - تدهور الأراضي: يأخذ تدهور الأراضي أشكالاً متعددة منها التدهور بفعل التعرية الريحية أو المائية أو كليهما معاً، التدهور الفيزيائي والكيميائي والحيوي، وكل ذلك يعود إلى الطرق الخاطئة في إدارة موارد الأراضي، فعلى سبيل المثال، تقدر كمية التربة التي يتم خسارتها سنوياً بالتعرية المائية حوالي 200 طن/هـ في المناطق الجبلية في الأردن وتقدر المساحة المتأثرة بالتعرية المائية في سورية بحوالي 1058000/هكتار. - - خسارة التربة الزراعية: تتعرض التربة الزراعية الخصبة، وخاصة حول المدن إلى الزحف العمراني، مما يترتب على ذلك خسارة مساحات كبيرة منها، وهذا الزحف يأخذ أشكالاً متعددة منها، أبنية سكنية، منشآت صناعية، بنى تحتية.. إلى غير ذلك، ونتيجة لذلك فقد خسرت لبنان خلال الأعوام 1960-1980 حوالي 20 ألف هكتار من تربها الزراعية للاستعمالات الحضرية، إضافة لذلك، فإن عمليات الري غير المرشدة أدت إلى خسارة مساحات واسعة في كثير من المناطق الزراعية المروية وهناك أيضاً العامل الاجتماعي. وكنتيجة لما سبق يمكن أن نميز مجموعة من عمليات التدهور أو التصحر، والتي يمكن أن تتطور في منطقة ما، حسب ظروف المنطقة المعنية، ومن أهم عمليات التصحر نذكر باختصار ما يلي: 1- 1- التدهور بفعل التعرية الريحية. 2- 2- التدهور بفعل التعرية المائية. 3- 3- التدهور الفيزيائي. 4- 4- التدهور الكيميائي. 5- 5- التدهور الحيوي. خامساً- مكافحة التصحر: لقد ذكرنا سابقاً، أن ظاهرة التصحر قديمة قدم التاريخ، وتفاقمها في العقود الأخيرة من القرن الماضي كان بسبب غياب التوازن البيئي الطبيعي بين عناصر البيئة المختلفة. وذلك نتيجة للاستثمار الجائر وغير المرشد للموارد الطبيعية حتى وصلت الأمور إلى مرحلة الخطر، وفي بعض الأحيان تجاوزتها. أمام هذا الواقع، كان لابد من أن تدرك الجهات المعنية خطورة الموقف والقيام باتخاذ الإجراءات والوسائل الكفيلة بالحد من هذه الظاهرة والوصول في مرحلة متقدمة إلى إيقافها، مع إيلاء المناطق التي تدهورت الأهمية الكافية لإعادة تأهيلها. بطبيعة الحال لم تنشأ ظاهرة التصحر دفعة واحدة، بل كان ظهورها بهذا الحجم نتيجة لتراكمات التعامل غير المناسب مع الموارد الطبيعية خلال فترة طويلة من الزمن وبالتالي فإن معالجة هذه المشكلة يحتاج إلى وقت طويل، ولا توجد حلول سريعة لها، لكن يجب البدء باتخاذ الإجراءات الأولية التي تحد من تسارع هذه الظاهرة، ومن ثم وضع الخطط اللازمة لمكافحتها على المدى البعيد. ومن المبادئ الأساسية التي يمكن الاسترشاد بها لوضع خطط عمل لمكافحة التصحر، وذلك حسب المؤتمرات الدولية المعنية بذلك: - - استخدام المعارف العلمية المتاحة وتطبيقها، خاصة في تنفيذ الإجراءات الإصلاحية العاجلة لمقاومة التصحر، وتوعية الناس والمجتمعات المتأثرة بالتصحر. - - التعاون مع كافة الجهات المعنية بذلك، على الصعيد المحلي، القطري، الإقليمي والدولي. - - تحسين وترشيد استخدام الموارد الطبيعية بما يضمن استدامتها ومردودية مناسبة آخذين بعين الاعتبار إمكانات وقوع فترات جفاف في بعض المناطق أكثر من المعتاد عليها. - - القيام بإجراءات متكاملة لاستخدام الأراضي، بحيث تضمن إعادة تأهيل الغطاء النباتي، وخاصة للمناطق الهامشية، مع الاستفادة بشكل خاص من الأنواع النباتية المتأقلمة مع البيئة. - - يجب أن تكون خطة عمل مكافحة التصحر، عبارة عن برنامج عمل لمعالجة مشكلة التصحر من كافة جوانبها. - - يفترض أن تهدف الإجراءات المتخذة إلى تحسين ظروف معيشة السكان المحليين المتأثرين بالتصحر، وإيجاد الوسائل البديلة التي تضمن عدم لجوء هؤلاء السكان إلى تأمين حاجاتها بطرق تساهم في عملية التصحر. - - على الجهات المعنية بهذا الشأن إصدار القوانين الخاصة بحماية الموارد الطبيعية بأنواعها المختلفة، وتطبيق هذه القوانين بشكل فعال وجاد. - - اعتبار السكان المحليين جزء هام من مشروع مكافحة التصحر، وتوعيتهم وإشراكهم في هذا المشروع منذ البداية، وتكوين الاستعداد عندهم للعمل في المشروع والدفاع عنه، لأنه من المعروف أنهم هم الهدف النهائي لمكافحة التصحر، وذلك من أجل تحسين ظروفهم المعيشية، هذا يرتب على الجهات العاملة في مكافحة التصحر تأمين حاجات تلك المجتمعات بالشكل المناسب والذي يضمن عدم عودتهم إلى الاستغلال الجائر أحياناً لبعض الموارد الطبيعية. سادساً- دور الأفراد والمجتمعات المحلية في مكافحة التصحر: 1- مقدمة: لقد أكدت الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر Unccd على أهمية النهج التشاركي في عملية مكافحة التصحر، واعتبرت بأن هذا النهج يجب أن يبدأ من القاعدة إلى القمة، لأن في السابق، جرت العادة بأن يقوم خبراء ببدء العملية وتحديد الأهداف والأنشطة والنتائج المتوقعة، ويقوم هؤلاء الخبراء بدعوة المجتمع المحلي للاطلاع على الخطة والمساعدة فيها. وعزت الاتفاقية أيضاً فشل جزء كبير من مكافحة التصحر، إلى عدم أخذ أفكار وقدرات |
الساعة الآن 06:14 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir