منتدى استراحات زايد

منتدى استراحات زايد (http://vb.ma7room.com/index.php)
-   البحوث والتقارير (http://vb.ma7room.com/forumdisplay.php?f=31)
-   -   أرجو المساعدة في تقرير العربي عن شعر الصعاليك (http://vb.ma7room.com/showthread.php?t=11537)

ήoOήY 02-10-2008 03:50 PM

ظاهرة الصعلكة في الشعر الجاهلي

إعداد : محمد الدكماوي
الاثنين 18-12-206
الصعلكة ظاهرة وحركة من حركات التمرد على الواقع الحياتي والمعاشي الذي يعيش الانسان في كنفه . فالانسان لا يملك كفاف عيشه وطعامه لتدفعه الحياة لكي يواجه مخاطرها ويسيح في عرض البلاد وطولها طالباً الحصول على رزقه بكافة السبل ليبقى وهو يسعى في مناكب الارض كريماً عزيزاً لا يتذلل لأحد .

وفي الارض منأى للكريم عن الاذى وفيها لمن خاف القلى متعزل‏

ويعد شعر الصعاليك في ادبنا العربي دعوة لنبذ الواقع المحبط واخذ مال الاغنياء والموسرين وتوزيعه على اصحاب الحاجة لسد رمق معيشتهم .‏

ومن يك مثلي ذا عيال ومقتراً من المال يطرح نفسه كل مطرح‏

والصعاليك طوائف متعددة فمنهم الخليع الذي تبرأت عنه عشيرته واهدرت دمه ومنهم الغرباء ابناء السبايا الذين تنكر لهم اباؤهم ولم يعترفوا بهم ، والفقراء الذين تمردوا على الواقع نتيجة للظروف التي كانوا يعيشونها ليحترفوا الصعلكة وينضموا الى من تصعلك قبلهم فهو يدعوا للحصول على طعامه ولو ادى ذلك الى امتشاق السيف‏

ذريني اطوف في البلاد لعلني اخليك أو اغنيك عن سوء محضري‏

وفي هذا الشعر نجد رفضاً واقعياً للمعيشة المرة والفقر المحدق ونداء يطلب المساواة بين الجميع ودعوة الى رابطة اجتماعية يسودها العز والكرامة .‏

إذا المرء لم يبعث سواماً ولم يرح سوماً ولم تعطف عليه اقاربه‏

فللموت خير للفتى من حياته فقيراً ومن مولى تدب عقاربه‏

ثم يمضي الشاعر في فضاء رحب فسيح ساعياً للحصول على ما يسد به رمقه دون سؤال الناس و استجدائهم :‏

متى تطلب المال المقنع بالقنا تعش ماجداً أو تحترمك المخارم‏

ثم اننا نجد ان هناك ظاهرة اخرى في اشعارهم و هي التشرد و النأي عن الاهل و بعدهم عنهم لتثور فيهم ظاهرة الشجاعة و الغزو لاعدائهم و مهاجمتهم للقوافل التجارية :‏

مطلاً على اعدائه يزجرونه بساحتهم زجر المنيع المشهر‏

اما شعرهم فهو مليء بالواقعية الصادقة و الصور الحقيقية حيث انه المتنفس الوحيد لما كانت تضيق به الصدور و تجيش به قرائحهم و تعبر عنه خباياهم حيث تصبح و بشكل دائم دعوة لاخوانهم للانضمام اليهم:‏

و ما نلتها حتى تصعلكت حقبة و كدت لاسباب المنية اعرف‏

و شعرهم ذو مزية رتيبة عالية مصبوغة بوحدة موضوعية متناغمة لتعبر عن واقعهم و افعالهم من غزوات و سرعة و مهاجمة القوافل ونهبها‏

و حتى رأيت الجوع بالضيف ضرني إذا قمت تغشاني ظلال فاسدف‏

حتى ان بعضهم كان يطلب من زوجاته الصبر و الاناة لان الظروف والحياة القاسية هي التي دفعته الى ذلك :‏

أقيموا بني آمي صدور مطيكم فإني الى قوم سواكم لأميل‏

لعمرك ما في الارض ضيق على امرى سرى راغباً أو راهباً و هو يغفل‏

و نجده من الواضح الجلي في هذه الظاهرة الفنية الشعرية ابتعادهم عن القصيدة الطويلة .‏

يقول د. يوسف خليف: تلك هي الحياة القلقة المشغولة بالكفاح في سبيل العيش و تلك الطائفة الارستقراطية المستقرة التي فرّغت للفن تراثاً هيأته لها .‏

قبائل لا من أجل الفن و لكن من أجلها هي و هذا ما يؤكده قول الشاعر‏

تقول سليمى لا تعرضن لتلعة و ليلك عن ليل الصعاليك نائم‏

ألم تعلمي ان الصعاليك نومهم قليل إذا نام الخلي المسالم‏

و في شعرهم نجد فلسفتهم في الحياة و لذتها ، و ذلك من خلال تجاربهم اليومية .. و خاصة ظاهرة العدل الاجتماعي و نظرتهم تلك النظرة المزرية الى الفوارق الطبقية‏

ذريني للغنى اسعى فإني رأيت الناس شرهم الفقير‏

ثم انه لا يبقى ساكتاً على الظلم و القهر ليجد لنفسه متسعاً يثور من خلاله و مكاناً في الارض يبتعد به عن الذل و الاذى‏

و في الارض منأى للكريم عن الاذى و فيها لمن خاف القلى متعزل‏

ان شعر الصعاليك هو امتداد ذو صبغة شعرية تدل على القدرة الفنية و الاحساس المرهف الجمالي حيث تمكن الشاعر ان ينطلق من خلاله للتأسيس و التجديد ، و يمتاز بأشعاره بخاصة فنية خاصة يتفرد بها الشعر الجاهلي .

ήoOήY 02-10-2008 03:51 PM

محمد علي شمس الدين (شاعر من لبنان)

لم يكن شعر العقيدة في العصر الأموي, شعرا ذا بال من الناحية الابداعية الجمالية, إنه دون الشعر السياسي وشعر النقائص والأيام فنا وقيمة, ولكنه يشارك هذا الشعر فيما يحمله من دلالات تاريخية حول معتقدات أصحابه ورجاله ومعاركهم القي خاضوها ضد السلطة. فهو, لهذه الجهه, شعر ذو قيمة تاريخية تسجيلية نظرا لما يتناوله من أحداث ووقائع, وإن جاء ذلك على حساب المستوى الفني له,ولعل هذا السبب هو من جملة الأسباب التي أدت الى اهماله في المصادر على العموم. فضلا عن السبب الجوهري، وهو ان هذا الشعر شعر معارضة واحتجاج, وليس شعر موالاة وتزكية, فلم يتصدر المدونات التي غالبا ما كانت مدونات سلطة.

وشعر العقيدة خلال هذا العصر يقتصر على ما تركه لنا شعراء الخوارج وشعراء الشيعة والبيت العلوي والهاشميين من قصائد أو مقطعات وأراجيز، تصف أحوالهم وعقائدهم, كما تشتمل على أسماء رجا لاتهم والمعارك التي خاضوها ضد السلطة ورموزها. وهذه المعارك, هنا أيضا، في شعر الخوارج, تسمى الأيام, كيوم دولاب, ويوم سولاف, وسلى وسلبرى وخساف وكفرتوتي وقديد وسوأها. فكأنما, في هذا الشعر أيضا، كما في شعر النقائض والأيام, تستعاد التسمية الجاهلية نفسها للمعارك والوقائع. فهي أيام كر وفر واغارة وانتقام, على الرغم مما كان لهذه المعارك من بعد سياسي وديني جديد. ففي عمق الأحداث وخلفياتها، كانت ما تزال القبلية جاثمة أو فاعلة, وتتدخل في التقسيمات الاجتماعية والسياسية, كما تتدخل في العبارة.

وشعر العقيدة في العصر الأموي على العموم, شعر مقصي أو منبوذ. ولم يتم تجميعه الا حديثا، من الهوامش وثنا يا المؤلفات التاريخية والأدبية التي وجد موزعا فيها. فقد تسنى لشعر الخوارج وأدبهم ان يجمعه من مظانه الكثيرة باحثان معاصران هما: الدكتور إحسان عباس (1) والدكتور نايف معروف(2). وقد اكتفى الدكتور عباس بجمع أشعارهم وحدها، أما الدكتور معروف فقد أضاف للأشعار المجموعة والمحققة, ما وجده من خطبهم ورسائلهم في المصادر المتفرقة. والأبحاث, على كل حال, التى تتناول هذه الأشعار قليلة. ولعلها لم تبدا إلا مع نهاية الربع الأول من القرن الحالي(3).

أما شعر الشيعة, فلم ينبغ فيه, على ما وصلنا من أشعار، سوى شاعرين هما الكميت والسيد الحميري. وأشعارهما معروفة. إلا أن أشعار الشيعة لم تجمع على غرار شعر الخوارج. كما أن الأبحاث التي تتناول هذا الشعر قليله , بل نادرة (4). لذلك فبالامكان اعتبار شعر العقيدة في العصر الأموي، شعرا لم ينل ما يستحقه من عناية وبحث. وهو أمر تابع لما نال عقائدهم من تهميش وتعتيم, ولكتبهم من نبذ، كما أشار لذلك صاحب الفهرست.(5).

شعر الخوارج: مرآة عقائدهم وأيامهم:

يمكن اعتبار الخوارج, من خلال ما وصلنا من أشعارهم وخطبهم ورسائلهم, بمثابة زهاد في حال من النفرة والتوحش, وهو أمر يناسب ما اتصفوا به من خشونة العيش, ونفورهم الدائم من المجتمع, وتحاشي تنكب السلطة, على الرغم من قتالهم الشرس والمتواصل لاسقاط سلطة الحكام الأمويين. ولعل تشر ذمهم السياسي بهذا المعنى كان سلبيا , أي كانت لديهم محاولات لاسقاط الحكم, ولم يمتلكوا تصورا أو مخططا للامساك بالسلطة. فهم في هذه الناحية بمثابة زهاد في السلطة.

وتنسيب شعرهم الى الزهد، أقرب الى جوهر هذا الشعر ومحتواه. فهو شعر مشبع بالموت, بل مؤسس عليه وعلى طلابه. يقول قطري بن الفجاءة, وهو شاعر فارس من فرسانهم, مقاتل طويل النفس خرج في أيام مصعب بن الزبير في. العراق, وقاد الخوارج في فارس (6)، في قصيدة مشهورة تعتبر من أهم قصائدهم:

" أقول لها وقد طارت شعاعا

من الأبطال ويحك لا تراعي

سيبل الموت غاية كل حي

فداعية لأهل الأرض داعي"(7)

وهو في أحدى اراجيزه, يتحسر لأن الموت أخطأه, ويدعو ربه مزيدا من الزهد

الحياة:

"حتى متى تخطئني الشهادة

والموت في أعناقنا قلادة

ليس الفرار في الوغى بعادة

يا رب زدني في التقى عبادة

وفي الحياة بعدها زهادة"(8)

فالموت غاية ومطلب الخارجي، فهم باعوا الاله نفوسهم, بأن لهم الجنة. يقول قطري بن الفجاءة من قصيدة له في يوم دولاب:

"رأت فتية باعوا الاله نفوسهم

بجنات عدن عندهم ونعيم "(9)

والرغبة في الموت يصكها البهلول بن بشر الشيباني بقوله:

"من كان يكره أن يلقي منيته

فالموت أشهى الى قلبي من العسل "(10)

وتمثل أم حكيم, في أرجوزة لها، السأم من الحياة, ومن حمل رأسها بين كتفيها، والعناية بغسله ودهنه, ثم تطرح سؤالا فيه من الطرافة, بمقدار ما فيه من ضجر العيش تقول:

"أحمل رأس قد سئمت حمله

وقد مللت دهنه وغسله

ألا فتى يحمل عني ثقله"(11)

هذه الرغبة في الموت لدى الخوارج هي عامة, يستثنى منها ما ورد في شعر الطرماح بن حكيم من تلجلج بين الزهد وقطف متعة الحياة, وهذا الشغف العارم الذي نجده في شعر الطرماح, وتوهج حب الحياة في قصائده, لعله يعزى الى تعلقه بزوجه وأولاده, فهذا الحب حبب اليه الحياة بذاتها, وقد يكون ترك حمل السلاح, وعد من القعدة, تبعا لذلك (12).

ولكن ثمة خيطا لابد من الامساك به في هذه المسالة. فزهد الخوارج في العيش, وزهدهم في المتعة والسلطة, لم يكن انسحابا من ساحة الحياة انسحاب العدميين والانتحاريين, بل شكل لديهم ذلك حافزا على خوض المعارك الطاحنة والقتال المستمر, من أجل تصويب وضع سياسي أصابه الخلل في مركز السلطة, فهذا الزهد أورثهم الشجاعة ولم يورثهم الخوف أو الانسحاب. يقول الطرماح في أحدى قصائده (على الرغم من غلبة القعود عليه ).

"واني لمقتاد جوادي وقاذف

به وبنفسي اليوم احدى االمقاذف "

لذلك فإن قصر أعمار الخوارج, على قول أبي العيزار, كان بسبب اعتبارهم الموت باب الحياة, من جهة, ولرغبتهم في أن يموت الواحد منهم حتى آخر الموت. لأن الموت عينه سيميته الموت في النهاية, فكل شيء فان وموت الموت معنى سبق اليه شاعرهم عمران بن حطان في قوله

" لا يعجز الموت شيء دون خالقه

والموت فان إذا ما ناله الأجل "(14)

لقد سبق بهذا المعنى المبتكر المتنبي، الذي يورد في أحدى قصائده موت الموت, وذعر الذعر، كما سبق له الشاعر الانجليزي Donne, حين صرخ: "أيها الموت, إنك ميت لا محالة ». "death, Thou Shalt Die' »

والموت المرتجى للخارجي ليس في كل حال, موت الفراش أو موت القعدة, بل هو الموت الملحمي, وهو ما منحهم الشجاعة في الحروب. ولعل ثمة صورة تلج على الكثير من اشعارهم, هي صورة قبر الخارجي على أنه بطن الطير أو النسر. يقول عمران بن حطان:

"أكرم بقوم بطون الطير قبرهم "

ويقول الطرماح: «ويصبح قبري بطن نسر مقيله "(17)

فمقولة الموت, مقولة أساسية في شعر الخوارج, وهي سدي ولحمة الكثير من هذه الأشعار, وتحمل دلالة من دلالاتهم الاعتقادية. كما تحمل دلالة أخرى على شجاعتهم في القتال والمواجهة.

يضاف الى ذلك, هذا الجمع الفذ بين حدي الزهد من جهة والشجاعة الملحمية في الحرب من جهة وقد سبقهم الى هذا الجمع خصمهم الأول الامام علي بن أبي طالب, فهو زاهد مقاتل, وهي من المفارقات التي تستدعي الانتباه. لذلك كان رأي علي فيهم متوازنا, على الرغم من أنهم الد أعدائه. فقد اعتبرهم فئة طلبت الحق فأخطأته, وهم يختلفون بنظره, عن فئة أخرى طلبت الباطل فوقعت عليه لذلك نصح أصحابه الا يحاربوا الخوارج من بعده أبدا.

وقد اشتهر من بينهم في الزهد والعبادة عدد كبير. من بينهم عروة بن حدير أحد بنى ربيعة بن حنظلة. وكان كثير العبادة جريئا في الحق. كفر زيادا في وجهه فأمر به فصلب ( 18)ومنهم صالح بن مسرح, كان ناسكا، لكنه لم يدع للقعود، بل خرج بنفسه بعد اتفاق بينه وبين شبيب, عاد فانفصل عنه وله في نفوس الخوارج مقام كبير ومنهم مرداس بن أدية, وهو يعتبر من قيادييهم الفرسان الأكثر تقي واستقامة, وأدى مقتله عام61هـ، الى فزع في قلوبهم وحزن كبير عليه, انعكس في أشعارهم(19 ). وأشعارهم تعكس هذه الناحية التعبدية فيهم يقول عمرو القنا بن عميرة العنبري, واصفا أصحابه منهم:

"معي كل أواه برى الصوم جسمه

ففي الوجه منه نهكة وشحوب (20)

ويقول قيس بن الأصم الضبي:

"صلى الاله على قوم شهدتهم

كانوا إذا ذكروا أو ذكروا شهقوا"(21)

أما السمة الثالثة من سمات شعر الخوارج, وهي سمة ذات قيمة تسجيلية وتاريخية, تسمح لنا باعتبار الكثير من اشعارهم بمثابة وثائق تاريخية دالة على حروبهم وأحوالهم, فهي تسجيلهم لهذه الأيام والمعارك في قصائدهم, وذكرهم لأسماء القواد والمحاربين, ولبعض ما جرى في تلك المعارك. حتى أن بعض شعرهم يذكر لنا عدد المقاتلين من كل فريق, في المعركة. فنحن نعرف, من بيت لعيسى بن عاتك الخطي في يوم آسك, وقد انتصر فيه الخوارج على جيش أموي كبير، أن عدد الخوارج كان أر بعين, وعدد جيش العدو كان ألفين, وذلك من خلال قولة:

" أألفا مؤمن فيما زعمتم ويهزمهم بآسك أربعونا

كذبتم ليس ذاك كما زعمتم ولكن الخوارج مؤمنونا(22)

ونحن نعرف من شعرهم ما جرى في يوم دولاب, وما كان من مقتل نافع بن الأزرق الحنفي زعيم الأزارقة فيه, وما جرى في يوم سولاف (22)، حيث سجلوا نصرا على المهلب بن أبي صفرة الى يوم جيرفت, ويوم دقوقاء، وهما يومان انتصر فيهما الحجاج وشتت شملهم من بعد ذلك, ويوم قوس وهو اليوم الذي قتل فيه عبيدة بن هلال اليشكري, ويوم خساف الذي انتصر فيه الضحاك بن قيس الشيباني, ويوم كفرتوتى حيث قتل الضحاك, ويوم قديد, وهو يوم انتصار أبي حمزة الخارجي، ودخوله المدينة منتصرا (سنة 130هـ) وخطبته المشهورة فيها (24).

ولهم أبيات وقصائد في معارك سلى وسلبرى (25)، وعين الجوسق (26)، وهي بمثابة سجل لمعاركهم ووقائع أيامهم.

ولم يكن أحد من شعراء الخوارج ليحترف الشعر أو يتكسب به, على عكس ما اتصف به شعراء البيت الأموي السياسيون, فقد اتخذوا من الشعر حرفة وتكسبا. وكان الخوارج ينفرون من التكسب بالشعر، ويعتبرونه منقصة. فقد انتقد عمران بن خطان الفرزدق, حين سمعه ينشد شعره متكسبا, ونصحه بالا يطلب شيئا إلا من رب العباد وأبياته في ذلك مشهورة, وهي:

"أيها المادح العباد لتعطي إن لله ما بأيدي العباد

فاسال الله ما طلبت إليهم وارج فضل المقسم العواد

لا تقل في الجواد ما ليس فيه وتسمي البخيل باسم الجواد "(27)

وهذا الشعر يتمتع بخصائص تكاد تكون متشابهة, فهو "يقدس الانسان الخارجي تقديسا عميقا"(28) كما يقول احسان عباس, ويعتبر العصبة الخارجية العصبة المثالية ويعكس حدتهم العقائدية في أسلوبهم الكتابي، الذي جاء متوترا، وجاءت أبياتهم وكأنها معدة لرجز المعارك. وقد استخدم كثير منهم الرجز, لهم أراجيز كثيرة في حربهم مع المهلب. منها:

"حتى متى يتبعنا المهلب

ليس لنا في الارض منه مهرب

ولا السماء...أين.أين المذهب. ؟"(29)

كما اشتهر منهم بين الخوارج نساء مقاتلات وشاعرات, منهن أم حكيم وهي التي شبب بها قطري بن الفجاءة, وقد حاربة معه, وكانت "جميلة " الوجه, شجاعة, متمسكة

بعقيدتها. ولها مقام كبير في نفوس الخوارج (30).

وتذكر مريم الجعيداء, امرأة أبي حمزة. قالت مرتجزة وهي تقاتل:

"من سال عن اسمي فاسمي مريم

بعت سواري بسيف مخذم "(31)

وهذه الأشعار وسراها تظهرهم وكانهم يقولون الشعر بلسان واحد (32).

وهي أشعار تنطوي بمجملها على ضعف فني وبلاغي بين. فهي لهذه الناحية لا تستحق الاهتمام من مؤرخي الأدب, ولكنها تنطوي على قيمة تسجيلية كما سبقت الاشارة. وذلك لشدة تطابقها مع حياة الخوارج. وفي هذه النقطة بالذات, يكمن "سر قوة الشعر الخارجي وضعفه في آن » (33). وهو مأزق كل شعر ملتزم على العموم. إن ذلك لا يعني أن جميع ما وصلنا من شعر الخوارج, مشمول بحكم واحد. فإن الثلاثة الكبار من بينهم, وهم عمران بن حطان (34) والطرماح بن حكيم (35), وقطري بن الفجاءة (36)، يمتازون بخصائص إبداعيه عالية، سيما الطرماح من بينهم, حيث يعده اخباريو الأدب, خاصة علماء اللغة منهم, كأبى عبيدة والأصمعي, في الطبقة الأولى من الشعراء (37). ومعظم شعر الطرماح في العصبيه القحطانيه (38). كان له اهتمام بالغريب من اللغة, حتى قيل إن ابن الاعرابي عجز عن تفسير ثماني عشرة مسألة من غريب شعره (39). ولعله أخذ ذلك عن رؤبة بن العجاج (40). يقول في أصحابه الشراة:

"لله در الشراة.فهم إنهم إذا الكرى مال بالطلى أرقوا

يرجعون الحنين آونة وإن عاد ساعة بهم شهقوا

خوفا تبيت القلوب واجفة تكاد عنها الصدور تنفق

كيف أرجى الحياة بعدهم وقد مضى مؤنسي فانطلقوا"(41)

اما بنيته اللغوية فتتصف بالملحمية الموسيقية(42). وكان الأصمعي يستجيد قوله في وصف الثور:

"يبدو وتضمره البلاد كأنه سيف على شرف يسل ويغمد(43)

أما قطري بن الفجاءة فهو شاعر وفارس. ومقاتل طويل النفس, خرج في أيام مصعب في العراق, وقاد الخوارج في فارس (44)، سلمت عليه الخوارج بإمارة المؤمنين لمدة عشرين سنة. ذكر في شعره الأيام التي خاضها ضد السلطة الأموية, منها قصيدة أوردها المبرد له و الكامل, في يوم دولاب (45). كما أورد مراسلات جرت بينه وبين الحجاج (46).

ويعتبر عمران بن خطان شاعرا وخطيبا وفقيها من أهم رجالات الخوارج (47 ). كان قبل انضمامه اليهم مشتهرا بطلب العلم والحديث (48) البصرة, ثم التقى بابنه عمه جمرة وكانت على مذهبهم فأحبها وتزوجها فجذبته الى مذهبها، ولكن حبه لها ولبناته, حبب اليه الحياة, فجاء شعره قلقا, صادقا, تخترق جمود العقيدة فيه خيوط من حرارة الحياة نفسها وتناقضاتها.

وحين اشتهر أمر عمران بن حطان, طلبه الحجاج وطارده من بلد لآخر، فأقام فترة في الشام متخفيا لدى روح بن زنباع الجذامي, وانتسب الى الأزد, ثم اكتشف أمره ففر، وترك لابن زنباع, قصيدة يعتذر اليه فيها، ومنها:

"يا روح كم من أخي مثوى نزلت به قد ظن ظنك من لخم وغسان

لو كنت مستغفرا يوما لطاغية كنت اقدم في سري وإعلانى "(49)

ووصل الى الجزيرة, فنزل على زفر بن الحارث الكلابي زعيم قرقيسيا, وادعى بأنه أوزاعي, ثم حين اكتشف أمره فر من عنده وقال:

"إن التي أصبحت يعيي بها زفر أعيت عياء على روح بن زنباع"(50)

ثم ارتحل الى عمان, وكانوا يعظموا أمر أبي بلال, واستقر أخيرا في الكوفة, ونزل على قوم من الأزد لم يسألوه عن نسبه (51) وبقي هناك حتى مات (52) وشعره معرض لهذا التنقل, والقلق بين الحب والحرب, وهو شعر مشبوب العاطفة, صادق العقيدة, متين السبك حتى ليقترب فيه صاحبه من مذاهب البدو القدماء(53).

شعر الشيعة.

ما وصل الينا من شعر الشيعة في العصر الأموي, وهو قليل, وصل متسللا في ثنايا الأخبار والكتب, نظرا لما كان يحاط به هذا الشعر من حصار، وما يتحمله اصحابه من ملاحقة وتعقب. إنه شعر آت من منطقة حصار سياسي وعقائدي إذا صح التعبير, بل لعل شأنه كان شبيها بالبيانات السرية, التي يتم تداولها في الخفاء بين أهل العقيدة, إن كثيرا من القصائد, قيلت, ثم استترت في هذا العصر، لهذا السبب, وظهرت فيما بعد، في مدونات العصر العباسي التاريخية والأدبية, مع التحفظ عينه تجاه أهل البيت العلوي، من حيث أنهم شكلوا في العصرين معا، منطقة نبذ تاريخي، أو تنكيل.. فجاء شعرهم مبتسرا، ولم يصل منه سوى القليل.

فقد استترت في العصر الأموي، قصيدة قالها عوف بن عبدالله بن الأحمر الأزدي، يرثي فيها الحسين (ع ) ويذكر فيها دعوة أهل الكوفة له, ثم نقضهم للعهد من بعد ذلك, ويورد فيها ما تعارف عليه الشيعة فيما بعد، من امنية في مصاحبته يوم الطف للفوز معه بالشهادة, والتي تختصرها العبارة التالية "يا ليتنا كنا معك فنفوز فوزا عظيما»، فهو يقول في هذه القصيدة:

فيا ليتني إذ كان كنت شهدته فضاربت عنه الشائنين الأعاديا

ودافعت عنه ما استطعت مجاهدا وأعملت سيفي فيهم وسنانيا(54)

ويذكر عوف أنه شهد مع الامام علي معركة صفين, ثم يحرض على الثأر للحسين, فيقول:

"ونحن سمونا لابن هند بمحفل كرجل الدبا يزجي إليه الدواهيا

فلما التقينا بين الضرب أينا بصفين كان الأضرع المتوانيا

لبيك حسينا كلما ذر شارق وعند غسوق الليل من كان باكيا

لي الله قوما أشخصوهم وعردوا فلم ير يوم البأس منهم محاميا

ولا موفيا بالعهد إذ حمس الوغي ولا زاجرا عنه المضلين ناهيا"(55)

وكان من الطبيعي أن تستتر هذه القصيدة في العصر الأموي، كما ذكر ذلك الأمدي في خبر عن ابن الكلبي (56)، فهي بمثابة بيان خطير ضد معاوية وابنه يزيد، واعلان موقف سياسي مؤيد لعلي وابنه الحسين.

ولم يصلنا من عوف بن عبدالله بن الأحمر الأزدي شعر كثير. إنما هي قطع تتسرب تسربا من مناطق الحصار. وقل الأمر عينه بالنسبة لشعراء آخرين أعلنوا ولاءهم للبيت العلوي. واللافت أن من بينهم اثنين يعودان بنسبهما الى البيت الأموي بالذات, ويرجعان الى عبد شمس بن عبد مناف. إلا أنهما كانا علويي الولاء، وهما العبلي (57) وعبدالرحمن بن الحكم. ولكليهما اشعار قليلة في مديح آل البيت, والتحسر على الحسين بن علي يروي أن عبدالرحمن بن الحكم كان موجودا في بلاط يزيد، حين ورود رأس الحسين عليه. ووضعه أمامه في طشت. فبكى عبدالرحمن من هذا المشهد، فنهره يزيد (58). واليه ينسب بيت الشعر التالي:

»سمية أمسى نسو عدد الحصى وبنت رسول الله ليس لها نسل "

وقال حين ادعى معاوية زيادا ومنحه نسبه:

"ألا أبلغ معاوية بن حرب مغلغلة من الرجل الهجان

أتغضب أن يقال أبوك عف وترضى أن يقال أبوك زان

فاشهد أن رحمك من زياد كرحم الفيل من ولد الأتان

وأشهد أنها ولدت زيادا وصخر من سمية غير دان "(59)

وتنسب هذه الأبيات في الوقت نفسه الى ابن مفرغ الحميري، وذلك بتغيير كلمة, في نهاية البيت الأول, وهي «الهجان " ومعناها ذو الحسب, لتصبح «اليماني» فتنسجم مع نسب ابن مفرغ, وهو من قبيلة حمير اليمانية. ويرى الأصفهاني أن نسبتها لابن مفرغ خطأ (60). ومهما كان لهذه الأخبار عن عبدالرحمن بن الحكم من نصيب في صحة الرواية التاريخية, فهي وان لم تكشف ولاء علويا صريحا, فإنها على الأقل, تكشف طرقا مما كان يدور في البيت الأموي نفسه من خصومة. لكن أهم شاعرين شيعيين عاشا في العصر الأموي، هما الكميت بن زيد الأسدي والسيد الحميري.

والكميت شاعر من بني سعد بن ثعلبة, يصفه الأصفهاني بأنه «شاعر مقدم عالم بلغات العرب خبير بأيامها، من شعراء مصر والسنتها والمتعصبين على القحطانية, العلماء بالمثالب والأيام (61). ولد أيام مقتل الحسين بن علي (ع ) سنة (60هـ) ومات سنة ست وعشرين ومائة في خلافة مروان بن محمد الجعدي (62)، فيكون بذلك قد عايش أكثر خلفاء بني أمية, وشهد ابرز الحوادث في عصرهم.

والكميت بن زيد شاعر غزير (63)، يذكر الأصفهانى أنه ترك حين مات خمسة آلاف ومائتين وتسعة وثمانين بيتا (64)، أشهرها قصائده المعروفه «بالهاشميات » (65)، وهي من افضل شعره.

وهو لا يخفي خوفه من بني أمية, وخشيته من سيفهم أو من قطع الرزق عنه ولكنه يهجوهم على الرغم من ذلك ويمتدح بني هاشم إذ يقول:

" فقل بني أمية حيث حلوا وان خفت الهند والقطيعا

أجاع الله من أشبعتموه وأشبع من بجودكم أجيعا

بمرضى السياسة هاشمي يكون حيا لأمته ربيعا"(66)

والهاشميات سجل مديح وهجاء. وقد اخذت طريقها الى الشهرة في العصر الأموي بالذات, على الرغم من الحصار المضروب على هذا النوع من الشعر. يروي بأن الكميت أسمع الفرزدق قصيدته البائية المشهورة ومطلعها:

"طربت وما شوقا الى البيض اطرب

ولالعبا مني وذو الشيب يلعب "(67)

وفيها بيته ذائع الصيت:

بني هاشم رهط النبي فإنني بهم ولهم أرضى مرارا وأغضب

فقال له الفرزدق ؛ «يا ابن أخي أذع ثم أذع فأنت والله اشعر من مضى وأشعر من بقي"(68).

وهي قصيدة من اهم ما قال الكميت, نجد فيها إعلانه لحب آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، رهط النبي، الذين يرضى لرضاهم ويغضب لغضبهم, على ما يقول, وهو يشير الى انه يذم في هذا الحب, ويطارد، ويرمي بالعداوة ويؤذي ويؤنب. والقصيدة من هذا الباب, وثيقة ناطقة بمعاناة البيت العلوي وأنصاره في ايام بني أمية, وهو ما تذكره لنا المصادر التاريخية, على كل حال يصوره الكميت لنا شعرا.

هذا على انه يروى عنه مديح لبني امية في القصيدة التي يقول فيها:

"فالآن صرت الى أمية والأمور الى مصاير"(69 (

ولعل ذلك كان منه تقية وخوفا, بعد أن حبسه خالد بن عبدالله القسري في الكوفة, فتشفعت له زوجته «حبى» لدى مسلمة بن هشام بن عبدا لملك, الذي طلب من ابيه الخليفة أن يصفح عنه, ففعل وأمر باخراجه من السجن, وكتب الى خالد بأمانه وأمان أهل بيته, وأعطاه عطاء جزيلا.

وقد عاتبه فيما بعد أبو جعفر فحمد بن علي في ذلك, فاجابه أنه لم يقصد به إلا الدنيا, وأنه يعرف فضلهم, فعذره الامام بذلك, باعتباره من باب التقية (70). ولاقى الكميت حتفه سنة126هـ على يد جند خالد القسري, يوم خرجت الجعفرية على خالد، فهو يكون بذلك قد دفع حياته ثمنا لولائه العلوي. وهناك من يرى أنه قتل على يد جند يوسف بن عمر, تكوه حين انشد يوسف مديحا له معرضا بخالد، وكان جند يوسف يتعصبون لخالد، فنهضوا به فقتلوه(71).

أما السيد الحميري (72) وهو لقبه, فهو شاعر من شعراء الشيعة, المنبوذين, مات ذكره, على ما يروي الاصفهاني وانتبذ شعره لما كان له من موقف معاد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه (73). وكان أبواه من الخوارج. وكانوا يقيمون في البصرة, حيث ولد السيد عام 105هـ(74) ويشتمان علي بن أبى طالب أمامه. يقول: «طالما سب أمير المؤمنين في هذه الغرفة » (75) وهو لذلك هجا والديه حيث يقول:

" لعن الله والدي جميعا ثم أصلاهما عذاب الجحيم"(76)

وحين سئل من أين أتى اليه التشيع, على الرغم من بيئته الخارجيه, قال: «غاصت علي الرحمة غوصا"(77).

وهو يفتخر بأحواله اليمنيين. وولائه العلوي. نقل عنه الجاحظ قوله:

إني امرؤ حميري غير مؤتثسب جدي رعين وأخوالي ذوويزن

تم الولاء الذي ارجو النجاة به يوم القيامة للهادي أبي الحسن(78) ودفع السيد الحميري ثمن هذا الولاء. فقد حبسه عبيد الله بن زياد وعذبه, وذلك حين هجا زيادا وبنيه, ولكن معاوية أطلق سراحه(79).

وقد كان, على ما يروى عنه من الشيعة الكيسانية. وهما الذين يدينون بالولاء لمحمد بن الحنفية. يعتقدون أنه لم يمت, بل هو غائب مقيم في جبل رضوى، أسد عن يمينه ونمر عن شماله, وبين يديه عسل وماء. وقد ترجم السيد الحميري هذا الاعتقاد بأبيات شعيرة منسوبة اليه وهي:

ألا إن الأئمة من قريش ولاة الحق أربعة سواء

علي والثلاثة من بنيه هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان وبر وسبط غيبته كربلا

وسبط لا يذوق الموت حتي يقود الخيل يقامها اللواء

تغيب لا يرى فيهم زمانا برضوى عنده عسل وماء(80)

وقد نسبها الأصفهاني له في موقع, ولكثير عزة في موقع اخر(81), من دون أن ينتبه لهذا التناقض. والأخباريون يخلطون أحيانا بين أشعار ومواقف السيد الحميري وأشعار ومواقف كثير، نظرا لتشيع الاثنين, وكيسانيتهما معا. وقيل إن السيد الحميري تراجع عن كيسانيته فيما بعد وتولى جعفر بن محمد الصادق. وقال في ذلك قصائد تسمى الجعفريات وهي قصائد هزيلة تختلف عن السياق المتين الذي عرف به شعر السيد. مما يضع دائرة من الشك حول نسبتها اليه. وهو ما يتفق مع رأي راويته المسمى «ابن الساحر». فهو ينفي الجعفريات عنه, ويعتبرها منحولة, قيلت بعده(82).

وشعر السيد مرآة لعقيدته فهو من الشعراء القلائل الذين جاهروا بحب علي بن أبي طالب, وآل البيت فوصفه بالبر والتقى، حيث يقول:

أقسم بالله وآلائه والمرء عما قال مسؤول

أن علي بن أبي طالب على التقى والبر مجبول(83)

كما رثى الحسين بن علي بقصيدة باكية لا يزال الشيعة يرددونها حتى اليوم في مجالس العزاء. وهي:

أمرر على جدث الحسين فقل لأعظمه الزكية

أأعظما لا زلت من وطفاء ساكبة روية

وإذا مررت بقبره فأطل به وقف المطية

وابك المطهر للمطهر والمطهرة النقية

كبكاء معولة أتت يوما لواحدها المنية(84)

وقد استنشده إياها جعفر بن محمد حتى انحدرت دموعه على خديه, وعلا الصراخ من أهل داره (85).

وهناك شاعران يقتض التوقف عند ما نسب اليهما من تشيع, هما الفرزدق وكثير. فالمصادر التاريخية والأدبية تذكر أنهما كانا علويي الولاء. لكن هذه المصادر لا تخلو من تناقض.فكثير، الذي يصفه الأصفهانى «بغلوه في التشيع »(86)، اشتهر بأنه " شاعر بنى مروان » (87) وقد اختص بعبدالملك بن مروان, وله في مدحه قصائد مشهورة (88). ويروى أن عبدا لملك كان يخرج شعر كثير الى مؤدب أولاده مختوما يرويهم إياه ويرده(89). وقدم على يزيد بن عبدا لملك فامتدحه بقصائد مشهورة. ومع ذلك, يعده الأشعري في مقالات الاسلاميين, من الشيعة الكيسانية, فرع الكوبية منهم, وهم أتباع أبي كرب الضرير (91). وينسب له الأبيات انفه الذكر:

"ألا إن الأئمة من قريش.. الخ"

وتذكر المصادر له أبياتا أخرى تدل على ولاشه لآل البيت.

منها:

يامن الطير والحمام ولا يامن آل الرسول عند المقام

رحمة الله والسلام عليهم كلما قام قائم الاسلام(92)

ولا شك في أن كثير كان علوي الولاء، لكنه لم ينخرط في حزب سياسي, ويرهف شعره في خدمة العقيدة, علي غرار شعراء الخوارج, ولم يمنع ولاؤه المعلوي، عبدا لملك بن مروان ويزيد بن عبدا لملك من استمالته واكرامه, فقال فيهما القصائد الجياد، ولعل ذلك لم يكن بدافع من التكسب وحده, بل بنتيجة موقف سياسي مهادن لعبدا لملك, وهو موقف عرف به عي بن الحسين (زين العابدين ) ومحمد بن الحنفية, لا من باب الولاء، بل من باب المفاضلة. فقد اضطرهما عبدالله بن ا لزبير لهذا بالموقف, حين اذاهما أشد الاذى، وأظهر لهما أكبر العداوة, حتى أنه هددهما بالحرق بالنار، إن لم يعلنا مبايعته بالخلافة.

وكان موقف الفرزدق شبيها بموقف كثير، من حيث ولاشه العلوي، ومديحه لخلفاء بني أمية. فهذا الولاء لم يمنعهم من تكريمه, وذلك لجلالته في أعينهم ولطف محله في أنفسهم (93)، على ما يقول الأصفهاني.

شعر الصعاليك

(هوامش الدولة والمجتمع)

عاشت على هامش المجتمع الأموى فئة من الخلعاء والفتاك الصعاليك الشعراء، حملت لنا أشعارهم (94) صورة حيه عن الحياة الوعرة التي عاشوها في الفيافي والقفار بعيدا عن المجتمع وعلى خوف دائم من الحاكم. وهي أشعار تحصل نبرة احتجاج رائعة, وشديدة الصدق, ضد السلطة السياسية والمجتمع المدني معا. وهؤلاء الصعاليك لم يكونوا لصوصا وخراب إبل دائما, عل الرغم من قيامهم بذلك في كثير من الأحيان, بل وجدت لديهم نوازع نحو تحقيق العدالة الاجتماعية, واعادة توزيع الثروة, من خلال الاغارة على اموال الأغنياء والتجار، وابلهم, وتوزيعها من بعد ذلك على الفقراء, وهي سمة وسمتهم بصفة الفروسية, والفتوة وأبعدتهم عن أن يعتبروا مجرد لصوص وجماعة سلب ونهب واغارة. ولعله كان هناك نظام للصعلكة والفتوة, وصل الى الاسلام, من أيام الجاهلية. فقد عرف صعاليك فتيان, اتصفوا بالنجدة, وساعدوا الضعفاء والفقراء, وأبرزهم في الجاهلية عروة بن الورد، الشاعر المعروف وصاحب المعلقة. وكان يسمى «عروة الصعاليك "«لجمعه اياهم وقيامه بأمرهم إذا اخفقوا في غزواتهم »(95) . وهؤلاء الضعفاء من القبائل, كانوا عاجزين عن العيش في مجتمع قاس قائم على الاغارة والسلب, ومؤسس على القوة. وكانوا امام قدرهم الصحراوي هذا، بين مسيرين: إما الموت المحتم جوعا وعجزا، أو تكفل صعاليك ذوي نجدة ومروءة, كعروة بإطعامهم واغاثتهم بالاغارة والغزو. فقد كان على ما ينقل الاصفهاني, يجمع الناس من المرضى والشيوخ والضعفاء من قبيلته, في ايام الشدة, ويصنع لهم حظائر يؤويهم فيها، ويخرج بمن يبرا من مرضه أو يقوى، فيغير بهم ويقسم بينهم ما يغنمون من غنائم, ثم يعيدهم الى أهلهم (96).

والى هذه القسمة أو الشركة, يشير في معلقته حيث يقول:

وإني امرؤ عافي إنائي شركة وأنت امرؤ عافي إنائك واحد(97)

"أفرق جسمي في جسوم كثيرة "

وكان أهم حلف عرف في الجاهلية, لنصفة المظلومين, الحلف الذي عرف بحلف الفضول تداعت له قبائل من قريش, فاجتمعوا في دار عبدالله بن

جدعان لشرفه وسنه, وتعاهد كل من بني هاشم وبني المطلب وأسد بن عبدا لعزي وزمرة بن كلاب وتيم بن مرة وتعاقدوا على الا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلوها من سائر الناس الا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول » (98) وقد شهده الرسول صلي الله عليه وسلم وامتدحه بقوله: "لو ادعى به في الاسلام لأجبت » (99).

ويرى أحمد أمين أنه لولا هذا النوع من الصعاليك, «لما كان حلف الفضول..» (100 )إلا ان في هذا الرأي مبالغه لا ريب فيها فحلف الفضول جاء استجابة لحاجة تنظيمية قديمة في المجتمع الجاهل في مكة فقد سبقته أحلاف أخرى بين القبائل, يذكر منها (101),فجاء حلف الفضول تتويجا لهذه الأحلاف.

إلا أن الصعلكة, كحالة من الحالات الشاذة والهامشية, اتصفت بها مجموعة من الناس في المجتمع الجاهلي القبلي, توارت نسبيا مع قدوم الاسلام, وحركته القتالية من خلال الفتوح, ومن خلال نظامه الاجتماعي والاقتصادي الذي انصف الفئات الفقيرة في المجتمع.

وقد سعى الرسول صلي الله عليه وسلم الى انصاف جماعة كانوا في جبل تهامة, يغتصبون المدرة وهم من كنانة ومزينة والحكم والقارة ومن تبعهم من العبيد. وقد وفد منهم وفد على رسول الله صلي الله عليه وسلم فكتب لهم كتابا جاء فيه.

بسم الله الرحمن الرحيم

"هذا كتاب من محمد النبي رسول الله لعباد الله العتقاء:

إنهم إن آمنوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة, فعبدهم حر، ومولاهم محمد ومن كان منهم من قبيلة لم يرد اليها, وما كان فيهم من دم أصابوه, أو مال أخذوه فهو لهم, وما كان لهم من دين في الناس رد اليهم, ولا ظلم عليهم, ولا عدوان. وإن لهم على ذلك ذمة الله وذمه محمد، والسلام عليكم "(102).

فالإسلام من خلال هذا الكتاب - الوثيقة, حررهم بشرط إقامة الصلاة وايتاء الزكاة, كما أنه سوى ما سبق هذا العهد من أوضاع شاذة: فلا يرد من لاذ بهم من قبيلة اخري، الى قبيلته, لكيلا يتعرض للانتقام, ولا يطالبون هم بما كانوا اصابوه من مال أو دم أي لا يردون مالا ولا يطالبون بثأر أو دية, ويبقى لهم ما في ذمة الناس من دين فيرد اليهم.

وهو من أعظم العهود انصافا لهذه الفئة من شذاذ المجتمع, لقد أدرجهم الرسول الأعظم في المجتمع الاسلامي ادراجا كليا بلا محاذير أو ذيول أو تحفظات فتحول عدد كبير منهم مع الاسلام نحو الفتوح أو التفقه في الدين, ومنهم سارية بن زنيم الدائلي الكناني، وأبو ذر الغفاري جندب بن جنادة, فقد كان من صعاليك الجاهلية, يقطع الطريق ويغير على النوق عند الفجر (103)، فهداه الاسلام الى سواء السبيل, ولعل صلابته في الحق, وقسوته في فضح الانحراف الذي حصل في المجتمع في أواخر عهد عثمان وأيام معاوية, مستمدة من طبائعه التي اتصف بها أيام صعلكة الجاهلية, إلا أنه وضعها لاحقا في خدمة الاسلام وعانى هؤلاء الصعاليك المتدرجون في الاسلام, خلال الفتوح والجهاد معاناة كبيرة. ولقي عدد كبير منهم مصرعه في ساحة القتال(104).

ومع مجيء العصر الأموي، حصل تغير في المجتمع البدوي الذي حاول الرسول صلي الله عليه وسلم أن يحل مشاكل الصعاليك فيه, بإدراجهم في حالة الاسلام, كما سبقت الاشارة. فقد أهمل الأمويون سكان البادية على العموم, مما أوقعهم في الفقر والحاجة وأعاد بعضهم الى أعمال اللصوصية والسلب.

وكانت الدولة في أيام معاوية, قد غضبت على قبائل نجد، بسبب انحياز هذه القبائل الى علي, كما غضب عليهم عبدا لملك بن مروان, لأن ولاءهم كان في أيامه مع عبدالله بن الزبير, أو مع الخوارج, فنكل بهم ولاته تبعا لذلك (105)، فعادت الصعلكة للبوادي، واشتهرت قبائل بعينها بذلك, كانت من القبائل الفقيرة, منها قبيلة «تميم ", فقد ظهر منها عدد من الصعاليك واللصوص, أشهرهم وأهمهم مالك بن الريب المازني التميمي, الذي كانت تلوذ به عصابة فتاك, منهم أبوحردبة, وشطاط الضبي وغويث, أو غيوث, وكانوا يعيشون في منطقة القسيم في نجد، فتشتتت معه هذه العصابة غربا نحو اليمامة, منتقلة من منطقة نفوذ زياد بن أبيه الى منطقة نفوذ مروان بن الحكم, الذي كان واليا على الحجاز في أيام معاوية, وبقي مشردا في الصحراء, وولاة بني أمية يلاحقونه, حتى القي عليه القبض مع أبي حردبة وكان ذلك على يد رجل من الأنصار, ساقهما الى الحارث بن خاطب الجمحي، وهو عامل مروان على بني عمرو بن حنظلة التميميين. لكن مالكا غافل الأنصاري وغلامه واستل سيف الغلام و قتله به, وارتد الى الانصاري وقتله, وفك أسر رفيقه أبي حردبة وفرا معا نحو الاحساء (106) وفي ذلك يقول: أحق علي اسلطان: أما الذي له فيعطي وأما ما يراد فيمنع(107)

ولعل عصابة مالك كانت معروفة بذكرها أحد الرجاز بقوله:

"الله نجاك من القصيم وبطن فلج وبني تميم

ومن أبي حردبة الأثيم ومالك وسيفه المسموم

ومن شظاظ الأحمر الزنيم ومن غويث فاتح العكوم"(108)

وهي أبيات تدل على افراد هذه العصابة بأسمائهم, وتدل على المكان الذي كانوا يقطعون فيه الطريق,كما تدل على ما اتصف به بنو تميم خاصة, من لصوصية وصعلكة. ويعتبر مالك بن الريب (109) أشهر الشعراء الفتاك في العصر الأموي. هرب من الحجاج بن يوسف لأنه قال فيه أبياتا هجاه فيها، وعيره بأنه لولا بنو مروان, كان سيبقى عبدا من عبيد إياد, يعلم الصبيان في القرى (110).

وتشرده الطويل في الصحراء جعله ماثلا أمام كائناتها ووحوشها. يصف هذه الكائنات ويصارعها. ومعايشته للذئاب لم تجعله أليفا لها، على غرار القتال الكلابي، بل أدخله معها في صراع الموت

يصف معركة له مع الذئب فيقول:

أذئب الغضا قد صرت للناس ضحكة

تفادى بك الركبان شرقا الى غراب

(.......)

زجرتك مرات فلما غلبتني

ولم تنزجر نهنهت غربك بالضرب(111)

لكن هذا التشرد حرك في نفسه الحنين الى أهله وأولاده. فنجد في شعره عاطفة مشبوهة. نحو زوجه وابنته يقول في ساعة الوداع:

ولقد قلت لابنتي وهي تبكي بدخيل الهموم قلبا كئيبا

أسكتي قد حززت بالدمع قلبي طالما حز دمعكن القلوبا (112)ولعل هذه العاطفة والحنين الى الاستقرار بعد طول تشرد في الصحراء, مالا به نحو ما يشبه النسك أو الزهد. فأمنه بشر بن مروان, وخرج الى خراسان, فغزا مع سعيد بن العاص) أو سعيد بن عثمان بن عفان )(113)، ومات في تلك البلاد بعيدا عن أهله, عليلا أو ملدوغا، وكتب في موته أجمل ما كتبه من شعر: قصيدته اليائية الرائعة وهي قصيدة تستحق وقفة تأمل, نظرا لما تحمله من شحنة وجدانية مؤثرة, تجعلها واحدة من أجمل المراثي العربية (114).

ήoOήY 02-10-2008 03:52 PM

التكملة









ويروى أن ابن الريب قال هذه القصيدة, بعد أن لدغته أفعى، وأحس بالسم يسري في جسده, فرثى نفسه بها قبل أن يموت وهى مسألة مشكوك فيها سيما ان ثمة من يذكر أنه رثى نفسه بهذه القصيدة, قبل موته بسنه (115). إنما بالامكان الوصول الى تحديد بعض ظروف وفاة مالك بن الريب من خلال اشارات القصيدة نفسها. فهي في البيت الخامس عشر تشير الى أن موته كان بقفرة:

صريع على أيدي الرجال بقفزة يسوون قبري حيث حم قضائيا

كما تحدد القصيدة المكان, أكثر, فتذكر أن ذلك كان عند مرو

"ولما تراءت عند مرو منيتي.... "، وأن الموت حصل خلال سفر مالك مع صحبه:

يقولون لا تبعد وهم يدفنوني وأين مكان البعد إلا مكانيا

غداة غد يا لهف نفسى على غد إذا أدلجوا عني وخلفت ثاويا وهذه الاشارات في القصيدة تدل على موت مالك في قفر، خلال السفر الى مرو ولكن هل مات في علة, أم من لدغة أفعى؟ وهل يسمح الوقت الفاصل بين اللدغة والموت بقول هذه القصيدة الطويلة ؟

ويبقى أبدع ما في هذه القصيدة, هذا الحس الدرامي العنيف, الذي يصور وقوف فارس مقاتل من فرسان الصحراء, صعب القياد، شجاع في الحرب, موقفه الصعب أمام الموت.. حيث لا يجد من يبكي عليه, سوى السيف والرمح الرديني وحصانه الوحيد الذي يجر عنانه الى الماء, ولا يجد من يسقيه.

وهو كفارس في حضرة الموت, يرغب في قبر يليق به, ترسمه أطراف الأسنة:

"خذانى فجرأني ببردي إليكما فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا

وخطا بأطراف الأسنة مضجعي وردا على عيني بعض ردائيا"

ولكنه في هذه اللحظة العنيفة, من السقوط المدوي للفارس في قبضة الموت, تتفجر في ذاته كل عاطفة الحياة, والمكان, والأهل, وهو يبدأ من هنا، من هذا الحنين لرمل الفضاء ولأهله:

" ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا

فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه وليت الغضا ماشي الركاب لياليا

قد كان في أهل الغضا لو دنا الغضاء مزار ولكن الغضا ليس دانيا"(116)

واذا كان مالك بن الريب, وهو من بني تميم, ودع حياة الصعلكة, بعد طول تشرد، وانتهى للخروج مع جيش الفتح الى خراسان, فإن سواه من صعاليك بني تميم, لم يسلكوا مسلكه. فقد بقوا لصوصا وطفارا يتعرضون للقوافل ويغيرون عليها فيطاردهم السلطان. من بينهم يذكر أبوالنشناش.، كان من

«ملاص بني تميم » (117) على ما يذكر الأصفهاني، ويعترض القوم مع جماعة من شذاذ العرب بين طريق الحجاز والشام. وقد ظفر به بعض عمال بني مروان فحبسه, وقيده مدة, ثم تمكن من الهرب, وله أبيات يذكر فيها تشرده, وذهابه في الفجاج, لأنه متروك لمصيره, ولا يتعهده الأقارب: وسائلة أين ارتحالي وسائل ومن يسأل الصعلوك أين مذاهبه

مذاهبه أن الفجاج عظيمة اذا ضن عنه النوال أقاربا(118)

وكان لأبى النشناش التميمى عصابته, وكانت للسمهري بن بشر العكلي عصابته المؤلفه من بهدل ومروان الطائيين (119).

ومن الصعاليك الخلعاء يذكر قيس بن الحدادية. ينتهي نسبه الى خزاعة بن عمرو خلعته قبيلته, وكانت قد حرضت عليه فئة منهم يقال لهم بنوقمبر، فجمع لهم قيس شذاذا من العرب وفتاكا من قومه, وأغار عليهم فقتل منهم رجلا يقال له ابن عش (120).

ومن الخلعاء يذكر ابو المطمحان القيني، وحاجز الأزدي، وأبوحردبة المازني، ووصف أبو الطمحان القيني، بانه كان خاربا صعلوك (121)، والخارب سارق الابل خاصه, ثم نقل الى غيره اتساعا، وكان أبو حردبة يغافل القافلة ويسرق البعير مع راكبه, ثم يفاوضها على رده (122).

وعد طهمان بن عمرو الكلابي من بين اللصوص. قيل إن الحرورية أسرته, فهرب راكبا ناقة من إبلهم, خاسروه ثانية, وأنزلوا به عقوبة السارق, فقطعوا يده, فقدم على عبدا لملك بن مروان, وأنشده قصيدة يسأله فيها دية يده(123).

ومن الصعاليك اللصوص جحدر بن مالك الحنفي، ويسمى جحدر بن مالك العكلي, سجنه الحجاج بالكوفة, وكان شديد البأس يقطع القافلة باليمامة فأمر الحجاج عامله أن يقبض عليه, فأرسله الى الحجاج مكبلا، وخيره الحجاج بين أن يقطع رأسه أو يصارع أسدا فارتضى الأمر الثاني وصارع الأسد وصرعه (124). وعرف من بنى عكل أيضا، الخطيم العكلي, وهو من الخلعاء الشذاذ (125). كما عرف عبيد بن ايوب العنبري, وشعره شعر نفرة وتوحش يصف نفسه بأنه من كثرة ما أخي البادية وعاش مع كائناتها, أصبح يشبه الجن, لشدة مصاحبته لها:

أخو فلوات صاحب الجن وانتحي عن الانس حتى قل تقضت وسائله

له نسب الانسى يعرف نجره وللجن منه شكله وشمائله

وله أبيات في وصف خوفه وطيرته, يغوص فيها على الذبذبات الخفية لنفس الخائف, ويظهر ما تحدثه الطيرة في نفسه من هلوسة وأخيلة:

لقد خفت حتى خلت ان ليس ناظر الى أحد غيري فكدت أطير

وليس فم إلا بسري محدث وليس يد إلا الى تشير(127)

وقد تاب عبيد بن أيوب العنبري عن اللصوصية, في أخر أيامه, وقال بعد توبته:

أشكو الى الله صبري عن رواحلهم وما ألاقي إذا مروا من الحزن

قل للصوص بني الخناء يحتسبوا بز العرق وينسوا طرفة اليمن

فرب ثوب كريم كنت آخذه من التجار بلا نقد ولا ثمن(128)

والوحشة من الانسان والمجتمع, والاستئناس بوحوش الفلوات, وجن الصحراء, أمر يلتقي عنده الصعاليك, فالأحيمر السعدي يقول, واصفا أنسه بالذئب, ووحشته من الانسان:

عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى

ولوح انسان فكدت أطير

ولعله سبق بهذا القول, الفيلسوف هوبز في نظرته الذئبية للانسان, التي عارض فيها مقولة أن "الانسان أخو الانسان » بقوله المأثور «الانسان ذئب الانسان ". وللاحيمر حجته الطريفة في تبريره للسطو على رحل التجار، وحقه في أن يكون له بعير، ما دام في يديه حبل. فمن العار عليه أن يكون في يديه حبل بلا بعير، وبعران الله في البلاد كثيرة. كما يقول:

واني ستحي من الله أن أرى أجرر ليس فيه بعير

وأن أسأل الجبس اللئيم بعيره وبعران ربي في البلاد كثير(130) وله بيت من الشعر يستبشر فيه بنهيق الحمار، ويعتبره طائر يمن, لأنه دليل على قرب القافلة. يقول:

نهق الحمار فقلت أيمن طائر إن الحمار من التجار قريب(131) ولا يستكمل وصف الصعاليك اللصوص في العصر الأموي من دون ذكر القتال الكلابي. وهو من عشائر بني كلاب في نجد.

وقعت أخباره في أيام معاوية بن أبى سفيان ولعله عاش في الدوله المروانيه وعاصر الراعي والفرزدق وجرير(132).

والقتال لص, وخارج على الدولة, بل هو خارج على المعنى الحضري نفسه, أي على المجتمع, فهو يفتخر بدمه البدوي،وبانه لم يذق «لبأ الاماء»(133) على ما يقول:

تعدو النجاء بمضر حي لم يذق لبأ الاماء غداة غب المولد

وبأنه واضح النسب:

لا. أرضع الدهر إلا ثدي واضحة لواضح الخد يحمي حوزة الجار(134)

وسبب تطوحه في البادية, ومعايشته لكائنات الصحراء ووحوشها, هو خلع قبيلته له, وتنصلها منه, بعد أن أحب ابنة عمه, وقتل أخافا الذي اعترض على هذا الحب, فأصبح طريد قبيلته, وطريد السلطان. ولعل ذلك كان في أيام مروان بن الحكم. وهو يصف أثناء تشرده صحبته لنمر في غار، كان يشاركه السكن, وتتكفل الأروى وهي الوعول بطعامهما معا يقول:

" ولي صاحب في الغارهدك صاحب هو الجون إلا أنه لا يعلل

إلا ما التقينا كان جل حديثنا صمات وطرف كالمعابل أضحل

تضمنت الأروى لنا بطعامنا كلانا له فيها نصيب ومأكل"(135)

ولم يعش القتال من دون زوج وعائلة, على الرغم من تشرده. فقد تزوج ثلاث مرات, وأنجب خمسة بنين وابنتين.وقد اكسبه تشرده صلابة وشرا. فهو صلب في «الحق والباطل » على السواء بتعبير احسان عباس (136). وسجن في المدينة لقتله ابن عمه زيادا, لكنه فر من السجن ليتابع شأنه في القتل والصعلكة.

وديوان القتال الكلابي الذي بين أيدينا، يظهر أننا أمام شاعر بدوي بمعنى نقاء الدم واللغة متشرد، معايش لوحوش الصحراء وأشباحها, إلا أنه رقيق نقي العبارة, أقرب في غزله الى العذريين, يضاف الى ذلك حلتان تضافان الى شعره, فهو شاعر أمكنة وحنين حيث يكثر ذكر منازل قومه بني عامر في أبياته وقصائده. «ولبعض أشعاره قيمة الشاهد والمثل"(137). في استعمال الغريب وغير المألوف, فهو يستعمل "حوث » بدلا من «حيث »، و«مفيد» بمعنى "مستفيد», ويجمع أمة على «أموان ». وله أبيات أو أشطر أبيات جرت مجرى المثل, كقوله «وهل يخفى على الناس النهار؟» وقوله «إن العروق إذا استنزعتها نزعت ".

أما الصورة الأخيرة لصعاليك العصر الأموي، ولعلها الصورة الأكثر بهاء لهؤلاء فهي صورة عبيدالله بن الحر الجعفي. ولعله كان صعلوكا سياسيا, بل خارجا على الدولة, اتبع أسلوب الاغارة على أهوال الدولة, ولم يعرف عنه أنه اعتدى على أهوال الناس.

وقد ولد هذا الصعلوك الثائر في الكوفة في بني مزجج,, وارتقى بالصعلكة الى مستوى من التنظيم, بحيث شكل جماعة مقاتلة, أو جيشا صغيرا من الصعاليك, وأخذ يغير بهم على أهوال الدولة في كثير من النواحي, ويوزع ما يغنم منها على أصحابه, وذلك في أيام عبيدالله بن زياد وولايته على العراق, كما حارب جيش المختار الثقفي وحارب مصعب بن الزبير،فسجنه فترة من الزمن ثم أخرجه من السجن, وأغواه ليستميله, بخراج "بادوريا», على أن يحارب عبدا لملك بن مروان, فرفض, وزعم أن خراجها وخراج سواها حق له, وحارب مصعبا في المدائن, ثم انتقل الى السواد وأغار على الأنبار، وانتهب ما بها من أهوال ووزعه على اصحابه. وغزا "كسكرا" وقتل عاملها وسلب ما ببيت المال وفرقه على أصحابه.

وهو يسمي أصحابه «أبناء الليل » يقول:

"ولليل أنباء وللصبح أخوة وأبناء ليلي معشري وقبيلي

إذ نطقوا لم يسمع اللغو بينهم وإن غنموا لم يفرحوا بجزيل "

وكان عبيدالله بن الحر الجعفي, قلقا في ولاء اته السياسية.عرف عنه الصلاح في شبابه, وشارك في معركة القادسية, وطالب مع معاوية بدم عثمان وحارب معه في صفين, ثم انقلب عليه وشهد أمامه بحق علي, ولكنه لم ينصر عليا أو ينضم اليه, ولم يستجب لدعوة الحسين لنصرته, ولكنه ندم بعد قتله, وتحسر على كونه لم ينصره. يقول:

"يقول أمير غادر حق غادر ألا كنت قاتلت شهيد ابن فاطمة

فيا ندمي ألا أكون نصرته ألاكل نفس لاتسدد نادمة

واني لأني لم أكن من حماته لذو حسرة ما ان تفارق لازمة "(138)

هذه هي باختصار, صورة ما ماج به العصر الأموي من نداء للصعاليك, من خلال أشعارهم وأخبارهم لقد شكلوا فئة من هوامش المجتمع تخلت عنها قبائلها او ابتعدت هي بنفسها عن هذه القبائل, نحو أعمال البوادي والقفار، فكانت طريدة القبيلة والدولة معا، وعايشة وحوش الصحراء وكائنات الفلوات واكتسبت من هذه الكائنات سماتها، من الوحشة والنفرة وحدة الصراع من أجل الحياة, كما اكتسبت ملمحا من عمق هذه البدائية ولمستها الوجودية العظيمة التي تؤاخي بين ذئب وانسان كلاهما طريد الدولة والمجتمع.

وشعر الصعاليك شعر نابض وانساني حقا، من الناحية الوجودية لكنا يشكل أيضا، وثيقة ذات قيمة تاريخية, تكشف عن جانب من جوانب انتكاس الحل الاسلامي النموذجي الذي كان قد اقترحه الرسول الأعظم, لهذه الفئة من فئات المجتمع البدوي القاسي في طبيعته, والتي انجرفت بنتيجة اللاتوازن الاجتماعي والاقتصادي الى تحقيق هذا التوازن, تارة بلصوصية وسفك دماء واغارة على التجار، وطورا بفروسية وفتوة, وحس مبكر بالعدالة واشتراكية الحياة, كما عرف عن عروة بن الورد المعروف بعروة الصعاليك.

لقد أهملت الدولة الأموية قبائل البادية الفقيرة لأنها لم تكن قبائل مقاتلة في خدمة الحاكم, بل كانت قبائل فقيرة من هوامش المجتمع البدوي وأطرافه كقبيلة بني تميم وقبيلة بني عكل وقبيلة بني سعد, تركت لتواجه قدرها وحدها بعد أن فقدت رعاية الدولة لها فكثر فيها الصعاليك واللصوص والخراب, ولعل النموذج المصفى لهؤلاء، كان مالك بن الريب,فقد اهتدى للجهاد بعد اللصوصية, بدأ مالك حياته صعلوكا ولصا, وانتهى مجاهدا, ولم يكن حال الآخرين من صعاليك بني تميم كحاله. فقد انتهوا مثلما بداوا لصوصا وقتلة في السجن أو في مجامل الصحراء.

والنموذج الصارخ على الصعلكة السياسية, تجلى في عبيدا لله بن الحر الجعني. لعله كان ثائرا أكثر مما هو صعلوك. فقد ارتقى نظام الصعلكة لديه الى حدود من التنظيم والقوة جعلته يؤلف جيشا صغيرا من هؤلاء الصعاليك, ويغير على دوائر الدولة وأهوالها، فيستولي عليها، فلم تقف جهود مصعب بن الزبير (وكان يمثل جزءا من سلطة آل الزبير في الحجاز) على مطاراته, بل عرض عليا الولاية والحكم. ويشكل عبيدالله بن الحر الجعفي, النموذج المتطور لصعلوك الجاهلية الأكبر عروة بن الورد، مع ما اقتضاه الوضع السياسي التاريخي للعصر الأموي من ملامح هذا التطور.

الهوامش

1 - عباس, إحسان, شعر الخوارج, دار الثقافة, بيروت من دون تاريخ للطبعة. إنما التمهيد مؤرخ في 25آب أغسطس 1923.

2- معروف, نايف, ديوان الخوارج (شعرهم, خطبهم, رسائلهم )، دار المسيرة, بيروت ط الم 1983.

3- أبرز الأبحاث المحدثة في شعر الخوارج, كتاب «أدب الخوارج " للدكتورة سهير قلماوي، وهي رسالة جامعية. وتناول هذا الشعر بالبحث, أحمد الشايب من خلال كتابه «الشعر السياسي في العصر الأموي، وثريا ملحس في كتابها «حزب الخوارج في ادب العصر الأموي" الذي صدر في طبعته الأولى, في بيروت عام 89عن الشركة العالمية للكتاب, كما ثمة كتاب لعلي جفال بعنوان الخوارج تاريخهم وادبهم, دار الكتب العلمية بيروت ط 1/ 1990، وقيمته متواضعة وهو تجميع لمعلومات متنافرة مأخوذة من مراجع سابقة عليه.

4- لم أجد سوى كتاب "اثر التشيع في الادب العربي " لمحمد سعيد كيلاني، دار الكتاب العربي بمصر من دون ذكر لتاريخ الطبعة, وعددها، إنما المقدمة مؤرخة في اول مايو سنة 1947.

5- ابن النديم, الفهرست ص 329.

6- بروكلمان, كاول,تاريخ الأدب العربي، ج 1ص 41وص 233.

7- عباس, إحسان, شعر الخوارج, ص 42، 43.

8- المرجع السابق ص6 4، 47.

9- المرجع نفسه ص 41، ومعروف نايف, ديوان الخوارج ص 27.

10- معروف, نايف, ديوان الخوارج ص 32.

11- عباس, إحسان, شعر الخوارج, ص 41 ومعروف نايف, ديوان الخوارج ص 27.

12- معروف, نايف, ديوان الخوارج ص 85.

13- المرجع السابق ص 14. "فثوى سريعا والرماح تنوشه إن الشراة قصيرة الأعمار".

14-عباس, إحسان, شعر الخوارج, ص 12.

15- المرجع نفسه ص 12.

16-معروف, نايف, ديوان, ص 132.

17- المرجع نفسه ص 86.

18- معروف, نايف, ديوان الخوارج ص 03 1.

19- عباس, إحسان, شعر الخوارج ص 13.12.

20- معروف, نايف, المرجع نفسه ص 147.

ا 2- المرجع نفسه ص 178.

22- عباس, إحسان, شعر الخوارج ص 14.

23- المرجع نفسه, شعر الخوارج, ص 07 1.

24- معروف, نايف, ديوان الخوارج ص 287 وما بعدها.

25- عباس, احسان, المرجع نفسه ص 06 1.

26- المرجع نفسه ص 56.

27- المبرد, الكامل, ج 1ص 362. الاصفهاني، الأغاني ج 17 ص 124

ويوردها صاحب الأغاني في موقع آخر على انها للسيد الحميري قالها في بشار (7ص 236)

28-عباس, احسان, شعر الخوارج, المقدمة ص 3.

29- المرجع السابق ص 05 ا.

30- المرجع نفسه ص 0 14.

31 - ملحس, ثريا، حزب الخوارج في ادب العصر الأموي، الشركة العالمية للكتاب, بيروت ط 1/ 1989, ص 89.

32- المرجع نفسه ص 95.

33-عباس, احسان شعر الخوارج ص 2.

34- هو عمران بن خطان السدوسي. له ترجمة في المؤتلف والمختلف للآمدي (ص 91)، وترجمة ضافية في تاريخ دمشق لابن عساكر، وترجمة في لسان الميزان لابن حجر، واخبار في الأغاني للاصفهاني. يصفه الاصفهاني بانه شاعر فصيح من شعراء الشراة ودعاتهم والمقدمين في مذهبهم (الأغاني, ج 17 ص 09 1). قار بتحقق شعره حديثا كل من د. احسان عباس في كتابه شعر الخوارج ود. نايف معروف في كتابه «ادب الخوارج ".

35- هو الطرماح بن حكيم بن الحكم بن نفر بن جحدر بن ثعلبة (الامدي، المؤتلف والمختلف ص 148).

سمي الطرماح لطول قامته, نشأ في الشام ثم انتقل الى الكوفة, ولعله انضم للخوارج هناك (عباس احسان, شعر الخوارج ص 146). وكان على مذهب الأزارقة, على ما يقول الأصفهاني في الأغاني (ج 12 ص 43) أما الجاحظ فيعده من الصفرية (البيان والتبيين ج 3ص 1691) وهو رأي ابن قتيبة الدينوري فيه, ولعله الأرجح نظرا لشعره. وقد ذكر ابن النديم في الفهرست أن الطوسي جمع شعر الطرماح فجوده (ص 224)، ونشر كرنكو ديوان الطرماح مع ديوان الطفيل الغنوي, لندن 1927. كما حققه عزة حسن ونشره في دمشق 1968 بعنوان « ديوان الطرماح الكامل بن حكيم ».

36- هو قطري بن الفجاءة, من بني مازن. عده صاحب الفهرست من الخطباء (ابن النديم, الفهرست ص 181) وذكر له الجاحظ في البيان والتبيين خطبة قالها على منبر الأزارقة (ج 2ص 63، 64، 65). ولم يجمع شعره في ديوان.

37- الاصفهاني, الأغاني ج 12ص 42.

38- ملحس, ثريا, حزب الخوارج في أدب العصر الأموي ص 118.

39- الأصفهاني, الأغاني ج 12 ص 36.

0 4- ابن قتيبة الدينوري الشعر والشعراء ص 388.

1 4 - الأصفهاني, الأغاني ج 12 ص 43. والطلى الأعناق, واحدها

طلية.

42 - ملحس, ثريا, حزب الخوارج في أدب العصر الأموي، ص 124.

43- ابن قتيبة الدينوري, الشعر والشعراء, ص 391.

44 - بروكلمان, كارل, تاريخ الأدب العربي، ج 1 ص 232.

45- المبرد، الكامل, ج 2ص 217.

46- المصدر نفسه ج 1 ص 222، 223.

47 - الجاحظ, البيان والتبيين, ج 30ص 124.

48 - الأصفهاني, الاغاني ج 17 ص 09 1.

49- المبرد، الكامل, ج 2ص 125 وما بعدها.

50- المصدر نفسه ج 2ص 127.

51 - المبرد الكامل, ج 2 ص 128، وكانت وفاته سنة 84هـ في روذميسان جانب الكوفة.

52- بروكلمان, كارل, تاريخ الأدب العربي. ج ص 233.

53- بروكلمان, المرجع نفسه, ج 1 ص 233.

54 - الآمدي, المؤتلف والمختلف, ص 277. كذلك بروكلمان, كارل, تاريخ الأدب العربي ج 1 ص 232.

55 - الأمدي، المصدر السابق ص 277.

56- المصدر نفسه ص 277.

57- كيلاني، محمد سيد، اثر التشيع في الأدب العربي، ص 120.

58- الأصفهاني, ج 13 ص 263، 264.

59 - المصدر نفسه ج 13 ص 263.

60- المصدر نفسه ج 13 ص 263.

61- المصدر السابق ج 17 ص 3.

62- المصدر نفسه ج 17 ص 42، 43.

63- قام بجمع شعر الكميت وتقديمه داود سلوم, وصدر بعنوان " شعر

الكميت بن زيد الاسدي» مكتبة الأندلس بغداد عام 1979 م

64- الأصفهاني, الأغاني, ج 17 ص 42, 43.

65- تعتبر أهم شعره, وعددها سبع قصائد (بتعريف السيوطي) منها

مخطوطات في ليدن, والمتحف البريطاني, ومنها قطع في امبروزيانا. وقد لحقت الهاشميات على حدة في أوروبا وعدد أبياتها 536 بيتا (كيلاني محمد سيد، أثر التشيع في الأدب العربي، ص 07 1)، كما طبعت ضمن مجموعة بالقاهرة, 1329 هـ ونشرها محمد شاكر الخياط 1321هـ/1331هـ كما طبعت بشرح ممد محمود الرافعي، في القاهرة سنة 1928هـ بروكلمان, كارل, تاريخ الأدب العربي،.ج 1 ص 242، 244).

66- الجاحظ, البيان والتبيين, ج 3ص 181.

67- الأصفهاني, الأغاني ج 17 - 31، وفيها يقول

طربت وما شوقا الى البيض أطرب ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب

ولكن الى أهل الفضائل والنهى وخير بني حواء والخير يطلب

الى النفر البيض الذين يحبهم الى الله مما نابني أتقرب

بني هاشم رهط النبي فإنني بهم ولهم أرضى مرارا وأغضب

حفظت لهم مني جناحي مودة الى كنف عطفاه أهل ومرحب

وكنت لهم من هؤلاء وهؤلاء محبا على أني أذم وأقصب

وأرمي وأرمي بالعداوة أهلها وأني لأوذي فيهم وأؤنب

68- المصدر نفسه ج 17 ص 1 3.

69- المصدر نفسه ج 17 ص 35.

70- الأصفهاني, الاغاني, ج 17 ص 35.

ήoOήY 02-10-2008 03:53 PM

التكملة







71- بروكلمان, كارل, تاريخ الأدب العربي، ج 1 ص242. مع تعليق من المترجم الدكتور عبد الحليم النجار بالعودة الى خزانة الأدب حول أرجحية قتل جنود يوسف بن عمر له.

72- هو اسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري، وكنيته ابو هاشم. (الأصفهاني، الأغاني ج 7ص 230).

73- المصدر نفسه ج 7ص 230.

74- المصدر نفسه ج 7ص 230.

75- المصدر نفسه ج 7ص 230.

76- كيلاني، محمد سيد، اثر التشيع في الأدب العربي، ص 120.

77- الاصفهاني, الأغاني, ج 7ص 230.

78- الجاحظ, البيان والتبيين ج 7 ص 179.

79- الأصفهاني المصدر السابق ج7 ص 179.

80- الأصفهاني المصدر السابق ج 7ص 245, 246، كذلك الأشعري، مقالات الاسلاميين ج 1ص 91.

81- المصدر نفسه ج 9ص 14، 15، (الأصفهاني).

82- المصدر نفسه ج 7ص 233.

83- المصدر نفسه ج 7ص 247.

84 - الأصفهاني, الأغاني, ج 7ص240،241

85- المصدر نفسه ج 7ص 247.

86- المصدر نفسه ج 9ص 4.

87- الآمدي,المؤتلف والمختلف ص 350.

88- ابن سلام. الجمحي، الشعر والشعراء، ص 350.

89- الأصفهاني, المصدر السابق 8ص 23.

90- ابن سلام الجمحي, المصدر السابق ص 350.

91- الأشعري مقالات الاسلاميين, ج 1 ص 91.

92- كيلاني، محمد سيد، اثر التشيع في الأدب العربي ص 115. 93- الأصفهاني, الأغاني, ج 9ص 4.

93- الأصفهاني, الأغاني, ج 9ص 4.

94- نجد شيئا من اخبارهم ونوا درهم ونتفا من أشعارهم في كتاب الحيوان للجاحظ, والبيان والتبيين له وأورد الآمدي في المؤتلف والمختلف نتفا من هذه النوادر والأشعار مع أسماء قائليها وانسابهم. ويعتبر الاصفهاني في الأغاني مصدرا أساسيا لأحوال هؤلاء وأنسابهم وأشعارهم. كذلك ديوان الحماسة للبحتري والأصمعيات وطبقات الشعراء لابن سلام الجمحي، وطبقات الشعراء لابن قتيبة الدينوري، وكان السكري قد جمع جملة من اشعار اللصوص في جملة ما جمع من أشعار (ابن النديم, الفهرست ص 117 ) الا أنه لم يصل الينا منها شيء. ولعل أول من اهتم بأشعار اللصوص وحياتهم كان لقيط بن بكير المحاربي (المتوفى سنة 190هـ) فكان أول من كتب عن الخراب (أي سارقي الابل ) واللصوص. ثم تبعه أبو عبيدة معمر بن المثنى (المتوفى سنة210هـ) الف كتابا في لصوص قريش وكان عالما بمثالب العرب وقريش، جاء بعده الجاحظ (المتوفى سنة255هـ (فألف كتابا في اللصوص. ولعل أباسعيد السكري (المتوفى سنة 275هـ) كان على اطلاع على هذه الحب حين دون ما دونه من دواوين القبائل العربية, ومن بينها كتاب " للصوص ». ولم يصل منها شي ء. الا ان الاصفهاني, كما يذكر في الأغاني، اطلع على ما لحبه السكري أو جمعه من أشعار، كان أخذها عن ابن حبيب وابن الأعرابي، او بإسناد عن ابن الكلبي منتهيا بحماد الراوية. واوصلها الأصفهاني عن هذا الطريق (الخش, سليمان, الفتح العربي الاسلامي في سيرة مالك بن الريب المازني، رياض الريس للكتب والنشر, لندن ط -/ 1994، ص 65) ولم يتسن لشعر الصعاليك من يحققه ويجمعه على غرار ما تم بالنسبة لشعر الخوارج وادبهم. لذلك تم تناوله من خلال تناول الشعر الأموي بصفة عامة, او في المراجع الاستشراقية المعروفة, كدائرة المعارف الاسلامية وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان, ويعتبر احمد امين من اوائل من اهتموا بدراسة وضع الصعاليك من خلال كتابه الصعلكة والفتوة في الاسلام الصادر بطبعته الأولى عن دار المعارف بمصر، سلسلة اقرا 11 ابريل نيسان 1952.

95- الأصفهاني, الأغاني, ج 3ص 73.

96- المصدر نفسه ج 3ص 78، 79.

97- المصدر نفسه ج 3هى 74.

98- ابن هشام, سيرة النبي (ص ) مكتبة محمد علي صبيح واولاده بميدان الأزهر بمصر 1963 ج 1 ص 87.

99- المصدر نفسه ج 1ص 87.

100- امين, أحمد، الصعلكة والفتوة في الاسلام ص 48.

01 1- ابن هشام, المصدر السابق ج 1ص 86.

102- ابن سعد, الطبقات الكبرى، دار صادر بيروت بلا تاريخ للطبعة ج 1ص 278.

103 - ابن حجر العسقلاني، الاصابة فى تمييز الصحابة, مطبعة السعادة بمصر 1228هـ ج 4ص 63. وابن سعد، طبقات, ج 4ص 222.

104 - الأصفهاني، الأغاني ج 11 ص 278. انظر قول كثير بن غريزة النهشلي التميمي وقد شارك في فتح خراسان يرثي شهداء قبيلة تميم, وكان يكثر فيها الصعاليك:

اسقي مزن السحاب اذا استقلت مصارع فتية بالجوزجان وتبكيني نوائح معولات تركن بدار معترك الزمان

105 - الخش, سليمان, الفتح العربي الاسلامي في سيرة مالك بن الريب, ص 42. 106- الأصفهاني, الأغاني, ج 22ص 290، ا 29.

107- المصدر نفسه ج 22ص 91.

108 - المصدر نفسه ج 22ص 287، وابن قتيبة الدينوري, الشعر والشعراء ص 221. والقصيم رمل بين اليمامة والبصرة. أما العكوم, فهي جمع ومفردها محكم وهو الحبل يشد به المتاع.

109- هو مالك بن الريب بن حوط بن فرط بن حسل بن ربيعة. المازني التميمي (الأمدي، المؤتلف والمختلف, ص 364)، نقل الأصفهاني أخباره مرفوعة عن السكري (الأغاني ج 22ص 286)، ونجد شيئا من سيرته واشعار» في الشعر والشعراء لابن قتيبة الدينوري (ص 221- 222)، وفي العقد الفريد لابن عبد ربه, وجمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي، وفتوح البلدان للبلاذري. اما ديوانه, فقد جمعه وحققه ونشره نوري حمودي القيسي, مع سواه, في كتاب «شعراء أمويون » عالم الكتب بيروت مكتبة النهضة بغداد, ط 1/ 1985.

110 - فلولا بنو مروان كان ابن يوسف كما كان عبدا من عبيد اياد زماما ء هو العبد المقر بذلة يراوح صبيان القرى ويغادي (ابن قتيبة, الشعر والشعراء ص 222).

111 - الأصفهاني، الأغاني ج 22ص 295.

112- المصدر نفسه ج 22ص 296.

113- يذكر الآ مدي في المؤتلف والمختلف انه خرج مع سعيد بن العاص

الى خراسان (ص 364)، اما ابن قتيبة الدينوري، في الشعر والشعراء، فيذكر أنه غزا مع سعيد بن عثمان بن عفان (ص 221)، والأرجح ما ذكر» ابن قتيبة نسبة لبيت ورد في قصيدته اليائية التي قالها عند موته, وهو «الم ترني بعت الضلالة بالهدى وأصبحت فى جيش ابن عفان غازيا؟". (القرشي, ابوزيد، جمهرة اشعارا لعرب ص 269).

114- اعتبرها أبرن يد القرشي في جمهرة أشعارا لعرب, من المراثي المختارة, لكنه يضع صاحبها في الطبقة الخامسة من الشعراء الاسلاميين,وقد اوردها في 52 بيتا (ص 269 وما بعدها)، كما وردت اجزأء منها في سائر المصادر. يذكر منها ابن قتيبة الدينوري في الشعروا لشعراء ابيات (ص 221)، ويذكر منها الأمدي، فى المؤتلف والمختلف ثلاثه ابيات (ص 364 (

115- حاشية على الآمدي، المؤتلف والمختلف, ص 364، والحاشية من الدكتور ف. كر نكو، حيث يورد ذلك نقلا عن اليزيدي في نوادره.

116- القرشي. ابوزيد, جمهرة اشعارا لعرب, ص 299 وما بعدها.

117- الأصفهاني, الأغاني ج 10 ص 171، 172

118- المصدر نفسه, ج 10، ص 171، 172.

119- مروة محمد رضا، الصعاليك في العصر الأموي، اخبارهم واشعارهم, دار الحب العلمية, بيروت, ط ا 1990، ص 90.

120- الأصفهاني,المصدر السابق ج 14 ص 145.

121- المصدر نفسه ج 13ص 3.

122- مروة محمد رضا، المرجع السابق, ص 91.

123 - بروكلمان, كاول, تاريخ الادب العربي، ج 1ص 247، 248. 124

124- المبرد، الكامل, ج ا ص 85.

125- المصدر نفسه ج 1ص 85.

126- المصدر نفسه ج 1ص 200.

127- مروة,محمد رضا، الصعاليك في العصر الأموي, ص 126.

128 - المبرد, المصدر السابق ج 1ص 34، والأمدي, المؤتلف والمختلف ص 37وص 167.

129- الآمدي, المؤتلف والمختلف, ص 36.

130- المصدر السابق 36.

131- المصدر نفسه ص 37.

132- عباس, احسان, مقدمة ديوان القتال الكلابي، حققه وقدم له بيروت 1989 /نشر وتوزيع دار الثقافة ص 15 يذكر الآ مدي انه رأى ديوان شعره (المؤتلف والمختلف ص 167) واختار ابوسعيد السكري منه مختارات, لكن هذا الديوان ضاع, وما قام به الد كتور احسان عباس حديثا، يعتبر تجميعا لديوان القتال, لا استعادة لديوانه المذكور في الأمدي.

133- الديوان ص 42.

134- الفتال الكلابي، الديوان, ص 18.

135- المصدر السابق ص 22، 33 والجون النمر. وهدك صاحبا ما أجله. والمعابل النصال الطويلة العريضة, مفردها مقبلة, اضحل أغبر فى سمرة.

136- عباس, احسان, مقدمة الديوان ص 18.

137- المرجع نفسه ص 27 وما بعدها.

138 - مروة, محمد رضا، الصعاليك في العصر الأموي، ص 98، 102، 105،112،108.

* فصل من أطروحة دكتوراة دولة في التاريخ اجيزت بامتياز فى الجامعة

اللبنانية, كلية الآداب قسم التاريخ عام 97/ بعنوان: "الحدث التاريخي في عصر بني أمية » بحث في صورته فى المصادر والمراجع وابرز دلالاته والأطروحة لم تنشر بعد.


الساعة الآن 08:00 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227