![]() |
الإمام أبو الشعتاء جابر بن زيد الأزدي إن المذهب الإباضي واحد من المذاهب الإسلامية القائمة على الكتاب والسنة، وإن كثيراً من المسلمين يجهلون أصوله وأئمته وعلماءه، وتراثه الضخم وجهاده في سبيل الإسلام في الأرض. ولما كان كثير من الناس يحشرون المذهب الإباضي مع الخوارج إما جهلاً أو تعصباً ناشئاً عن التقليد، رأيت أن أكتب نبذة وجيزة عن إمام المذهب التابعي الشهير جابر بن زيد الأزدي الذي قال: "حويت العلم من سبعين بدرياً،إلا البحر" يعني ابن عباس، وقال فيه ابن عباس: "عجباً لأهل البصرة يسألوني وفيهم أبو الشعثاء، لو سأله أهل الأرض لوسعهم علمه"، وقال فيه كثير من الصحابة والتابعين مثل هذا. نقلا من كتاب " فقه الأمام جابر بن زيد للؤلف يحيى بن محمد بكوش"، ومن هنا فجدير بالمسلم أن يطلع على تأريخ علماء الإسلام ويكشف القناع عن علمهم الوافر وجهادهم الكبير في سبيل هذا الدين، حتى يكون خير خلف لخير سلف. هو أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي الجوفي البصري من قبيلة اليحمد العمانية، والجوفي نسية إلى درب الجوف بالبصرة،ولم تحدد كتب السيرة تاريخ مولده، ولكن يمكن تحديد بين عامي (18- 22هـ) للهجرة -على صاحبها أفضل الصلاة والسلام- ، أما بالنسبة لوفاته فتختلف المصادر حول تاريخ وفاته، والأصح أو الأرجح كما جاء عن بعض الرواة أنه توفي في نفس الأسبوع الذي توفي فيه أنس بن مالك ، وقد مات هذا الأخير عام 93هـ. وأبو الشعثاء كنيته، وهو اسم بنته وقبرها لا يزال موجوداً ومعروفاً إلى الآن في بلدة فرق من أعمال ولاية نزوى بعمان.أما أخلاقه فكانت أخلاق العلماء الذين يتقيدون ويتبعون سلوك السلف، (وفي روح المعاني )" أنه سئل أيوب السختياني: هل رأيت جابراً. قال: نعم، كان لبيباً، لبيباً، لبيباً" . وقال فيه الشيخ أبو نعيم: "ومن الأولياء المتحلي بعلمه عن الشبة الظلماء، المتسلي بذكره في الوعورة و الوعثاء، جابر بن زيد أبو الشعثاء، كان للعلم عيناً معيناً، وفي العبادة ركناً مكيناً، وكان للحق آيباً ومن الخلق هارباً وهو من قدماء التابعين". ووصفه صالح الدهان فقال: "كان لا يماكس في ثلاث في الكراء إلى مكة، وفي الرقبة يشتريها للعتق، وفي الأضحية. وقال : كان جابر بن زيد لا يم اكس في شيء يتقرب به إلى الله عز وجل" . ومن ورعه ما روى عنه صالح الدهان ومالك بن دينار قالا: خرج جابر بن زيد لواد فأخذ قصبة من حائط فجعل يطرد بها الكلاب فلما أتى بيته، وضعها في المسجد، ثم قال لأهله: احتفظوا بهذه القصبة، وقال " لو كان كل من مر بهذا الحائط أخذ قصبة لم يبق منه شيء" فلما أصبح ردها. وللإمام جابر مواقف في الحق مشهودة، فقد جاء في الدليل والبرهان "روى أن الحجاج كان يكتب وجابر حاضر لديه، فسقط القلم من يد الحجاج، فقال لجابر ناولني القلم،فقال له جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لعن الله الظالمين وأعوانهم وأعوان أعوانهم ولو بمدة قلم )). وفي الجامع الصحيح ((قسم المقاطع )) جاء أن جابر بن زيد سأله الحجاج بن يوسف وقال: يا أبا الشعثاء أخبرني عن أول آيه من سورة البقرة؟، فقال: تلك للمؤمنين، قال: والثانية؟، قال: تلك للكافرين، قال والثالثة؟، قال: فيك وفي أصحابك. وقد اشتهر الإمام بالحرص الشديد على طلب العلم، فكان يكثر من الأسفار في سبيل ذلك، وينتهز مواسم الحج للقاء الصحابة والعلماء،ومن ذلك أنه ذهب إلى عائشة أم المؤمنين، فكان يسألها عن كل شيء يتعلق بحياة النبي -صلى الله عليه وسلم- الخاصة، وقد وجد في مسند الربيع عدة مسائل في ذلك، أما مكانته في الإجماع فهي مكانة مرموقة بحيث لا يمكن الاعتداد بالاجماع في المسائل التي يكون لجابر فيها رأي مخالف، فعن الإمام ابن حزم أنه قال " أف لكل إجماع يخرج عنه علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأنس بن مالك، وابن عباس، والصحابة -رضي الله عنهم-، ثم التابعون بالشام، وابن سرين وجابر بن زيد". الإمام أبو الشعتاء جابر بن زيد الأزدي والحركة الإباضية ترجع علاقة جابر بن زيد بالحركة الإباضية إلى وقت مبكر من شبابه، بعد لجوء مرداس بن أدية التميمي وأصحابه للبصرة في أواخر العقد الرابع من القرن الأول، على أن نشاطه معهم كان في نطاق من السرية وبأسلوب لا يلفت النظر إليه، فكان طوال ولاية زياد على البصرة يصلى الجمعة خلفه، وعندما سئل عن ذلك يجيب: "إنها صلاة جماعة وسنة متبعة"، ويذكر المؤرخون واقعتين سأذكر واحدة منها،- من يرد الزيادة يرجع إلى ( فقه الإمام جابر بن زيد ) "عن أبي سفيان محبوب بن الرحيل: إذ يذكر أن شيخاً من القعدة يدعى أبا سفيان قنبر قد أخذه عبيد الله بن زياد وجلده ليدله على أحد من المسلمين (العقدة) فلم يفعل، قال جابر: وكنت قريباً منه، وما كنت انتظر إلا أن يقول: هذا هو، فصمه الله". وكان بين جابر وأبي بلال بن مرداس بن أدية علاقة متينة وودية، وكانت هذه العلاقة تزداد وتتوثق بسرعة، وأخذ مرداس يدرك مدى علم جابر وذكائه، فكان يتردد عليه آناء الليل وأطراف النهار؛ ليغرف من معرفته الواسعة وعلمه الغزير،ويبدو من الروايات أن نجم جابر أخذ يتألق في سماء الحركة الإباضية قبل عام 61هـ ،وهو العام الذي قتل فيه أبو بلال مرداس التميمي (شيخ القعدة في البصرة بعد معركة النهروان)، حتى إن بعض الروايات تجزم على أنه لم يقم بعمله- أي (أبوبلال)- إلا بعد مشورة من جابر وقبول منه. وقد اتفق القعدة على أن يتولى جابر أمرهم وتنظيم دعوتهم منذ المراحل الأولى لتطور الدعوة في البصرة؛ إيماناً منهم بذكائه؛ واعتماداً على اطلاعه الواسع وتحصيله العميق في العلوم الدينية، وخاصة ما يتعلق بالتفسير وعلم الحديث، وعلى الرغم من تبوء الإمام جابر لزعامة القعدة منذ ذلك الوقت المبكر فإنه لم يشترك في الأحداث السياسية التي جرت في تلك الفترة من التاريخ الإسلامي، ولم يبد لعامة سكان البصرة أن جابراً كان إماماً وزعيماً للقعدة، أو حتى إنه كان على علاقة بهم؛ لك لأته أخفى انتماءه السياسي، وساعده أصحابه على ذلك؛ لأنهم كانوا يحبون ستره عن عيون السلطة فيؤدي ذلك إلى تصفيته جسدياً أو معنوياً، فتموت دعوتهم في مهدها. الإمام جابر المفسر يحتل الإمام جابر مكانة مرموقة بين علماء الإسلام العارفين بالقرآن، فقد احتج بأقواله مجموعة من المفسرين، وأشادوا بآرائه في هذا المجال، ومن هؤلاء المفسرين ما أورده السيوطي في الإتقان (ج4ص26) والألوسي في روح المعاني وابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير، وابن حجر في تهذيب التهذيب، والقرطبي في أحكام القرآن، وابن تيمية. ولم يكن الإمام جابر عالمًا بالتفسير فحسب، بل كان أيضاً من أصحاب القراءات، وبمراجعة كتب التفسير يعلم أن لجابر قراءات متعددة، ويتميز الاتجاه في تفسير الإمام جابر بأنه يجنح إلى المأثور عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، كما يتميز بالبعد عن الأساطير والإسرائيليات والميل إلى المدلول اللغوي. الإمام جابر المحدث يعتبر الإمام جابر من أئمة السنة في البصرة،وقد وثقه جميع نقاد الحديث وأجمعوا على ضبطه وعدالته، بل يعتبر من رجال أصح الأسانيد بالرغم مما حام حوله من تهمة الإباضية،(راجع ترجمته في تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر). فقد روى ابن حزم حديثاً عن شعبة عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس فقال: "هذا إسناد لا يوجد أصح منه" ، ويعتبر سند الإمام جابر عند الإباضية في الذروة العليا من مرتبة الإسناد وإن عنعنته مقطوع باتصالها؛ لان الربيع بن حبيب أخذ عن أبي عبيدة، وأبو عبيدة أخذ عن جابر، وجابر أخذ عن ابن عباس، وعن جمع من الصحابة، يقول الإمام جابر : حويت العلم من سبعين بدرياً إلا البحر يعني ( ابن عباس)، وكان جابر يعنى بكتابة العلم عامة، وكان يراسل العلماء؛ لأخذ رأيهم في المسائل المطروحة عليه. وكان جابر يتتبع المظان التي توجد فيها كتب السنة، فقد نقل عنه أنه قال: "انتهيت إلى بني عمرو بن حزم، فطلبت إليهم كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أبيهم عمرو بن حزم إلى أصل اليمن، فأوقفوني عليه" ، وغير بعيد أن يكون قد نسخ هذا الكتاب. ويعتبر جابر بن زيد من جملة أصحاب مدرسة الحديث بالعراق التي تتميز بقلة الرواية والتشكك في رواية الحديث بصفة عامة، ولكنه يتميز عنهم بالخصائص التالية: • يتميز عنهم بعلو السند فهو معدود من بين كبار التابعين وأوائلهم. • أنه كثير التنقل إلى الحجاز ومن هنا استطاع أن يروي أحاديث مكة والمدينة ويتصل بالصحابة الذين لم يعرفوا العراق. • إنه محل ثقة الجميع، سواء بالعراق أو بالحجاز. • أنه كتب الحديث حفظت لنا عددا كبيراً من الصحابة الذين روى عنهم أما مباشرة وأما عن طريق الإرسال، وروي مرسلاً عن خلق كثير من الصحابة ( راجع كتاب فقه الأمام جابر بن زيد والجامع الصحيح للربيع بن حبيب).li> |
حملة العلم الذين رووا عن الإمام جابر روى عن الإمام جابر عدد كبير من رجال السنة من مختلف الأقطار، ولقد تتبعت مظانهم في بطون كتب التراجم والسنة المطهرة فبلغ عددهم نحواً من سبعين، وأذكر منهم على سبيل الاختصار: أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، الحجاج بن الأسود، حراب بن زياد، الربيع بن حبيب، ضمام بن السائب، عمرو بن دينار المكي، مالك بن دينار، (راجع فقه الإمام جابر). الإمام جابر والقضاء لم يكن جابر قاضياً،ولكنه عرض عليه القضاء كما عرض على الأئمة من قبله ومن بعده، فاحتال التنصل منه،عن عمرو بن دينار قال: قال أبو الشعثاء: "كتب الحكم بن أيوب نفراً للقضاء أنا منهم، ثم قال:" أي جابر فلو ابتليت بشيء منه لركبت راحلتي وهربت في الأرض". الإمام جابر مفتي البصرة وموسم الحج تتحدث المصادر التاريخية عن الإمام جابر أنه كان يستفتى في البصرة وفي موسم الحج وفي مناسبات أخرى، فقد حدث زياد بن جبير قال: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنه- عن مسألة فقال فيها، ثم قال " كيف تسألوننا وفيكم أبو الشعثاء" ، وقال عمرو بن دينار:" ما رأيت أحداً أعلم من جابر بن زيد". ولما دفن جابر بن زيد قال قتادة: "اليوم دفن علم الأرض" ، وقال يحي بن سعيد القطان، عن سليمان التميمي قال: "كان الحسن يغزو وكان مفتي الناس ههنا جابر بن زيد". ولما انتصب جابر للفتيا لقيه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في الطواف فقال له: "يا جابر أنك من فقهاء البصرة، وإنك تستفتي فلا تفتين إلا بقرآن ناطق أو سنة ماضية، فإنك إن فعلت غير ذلك فقد هلكت وأهلكت" . وقال إياس:" أدركت البصرة ومفتيهم رجل من أهل عمان" ،وعن جرير بن حازم قال: سمعت إياس بن معاوية يقول: "أدركت البصرة وما لهم مفت يفتيهم غير جابر بن زيد". وكان الخاصة من الحكام يستفتون الإمام جابر حتى عندما يكون داخل السجن،أما في موسم الحج فإن الكتب الفقهية أفادتنا بأن جابراً كانت إليه الفتيا، وكانت ترد إلى جابر مراسلات من بعض الولاة يسألون فيها عن مسائل تتعلق بالتسيير المالي، أو الإجارات أو الطلاق أو المعاملات. الإمام جابر الفقيه يتميز الفقه في العصر الأموي بأنه كان فقهاً حراً، بمعنى أنه نشأ وتطور بفضل اجتهاد العلماء ومحاولاتهم الخاصة داخل الحلقات التي كانوا يمارسون فيها نشاطهم العلمي في المساجد، ولم يكن للخلفاء دخل فيه فالدولة لم تحتضن الفقه ولم توله رعاية خاصة ولا صبغة معينة،فما إن عرفت الدولة الاستقرار في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز حتى ظهرت العناية الكبرى بالفقهاء والمحدثين، وفي ظل هذا الوضع نشأ فقه حر، وظهر فقهاء عظام وضعوا أسس الثقافة الفقهية للأجيال التي أتت من بعدهم، منهم في المدينة، ومنهم في الشام، وكان منهم في البصرة: الحسن البصري، وأبو الشعثاء جابر بن زيد، ومسروق وغيرهم. فظهرت من هذا التوزيع وتحت تأثير عوامل أخرى مدرستان هامتان في تاريخ الفقه الإسلامي: • مدرسة الرأي، أو كما تسمى مدرسة العراق. • مدرسة الحديث أو مدرسة الحجاز. ولكن إطلاق هذا التصنيف لا يعني وضع حدود فاصلة بين المدرستين فكثير من فقهاء الحجاز كان لهم نصيب من الرأي، ولعل نشأة جابر بن زيد في العراق جعلت منه فقيهاً منتسباً إلى أهل الرأي، فقد نقل الإمام ابن عبد الله أن جابراً كان ممن يقول بالرأي، وأنه قائس على الأصول ما لم يجد فيه نصاً، ولكن التزامه لعلماء الحجاز وخاصة ابن عباس جعله يجمع بين المدرستين، فقد كان -رضي الله عنه- يلتزم في فتواه الثابت من نصوص الكتاب والسنة، وقد أثبتت كتب السنة أن الإمام أبا الشعثاء خصص عاماً من حياته لمجاورة القبر الشريف -على ساكنه أفضل الصلاة وأزكى والتسليم-، أتصل خلاله بعلماء الحجاز وحملة السنة راوياً ومروياً عنه. وكان أيضاً يلجأ إلى القياس فيما لا حكم له في الكتاب أو السنة، كما يفيد استعراض فتاواه حيث إنه كان يجد شبهة في أمر فإنه يبادر إلى وصفه بالكراهية ليرغب السائل عنه. وتدلنا الأخبار على أنه ترك ديواناً ضخماً تعرض فيه لمسائل الفقه والأحكام، وهذا الديوان لم يصل إلينا، ولعل نوائب الدهر أتت عليه في ظروف لم نطلع بعد عليها. ولكن الشيء المؤكد أن له رسائل متفرقة موجودة اليوم في خزائن الكتب، فمنها ما هو في دار الكتب المصرية، ومنها ما هو في وزارة التراث القومي، ومنها ما هو في المملكة المتحدة (بريطانيا)، وفي المكتبة البارونية في جزيرة جربة، ولعلها جزءاً أو بعض أجزاء هذا الديوان العظيم الذي أشار إليه حاجي خليفة في كتابه (كشف الظنون) بدون أن يذكر عنه أي تفصيلات، لقد كان الإمام جابر شديد الشغف في طلب العلم، وكان ملحاً في السؤال عن أدق أحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- للتأسي والاقتداء. وكانت لجابر -رضي الله عنه- نظرة خاصة للإسلام وتعاليمه، وكان يتنزه عن اللجوء في فتاويه إلى الحيل الشرعية ويرى بطلانها،ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتاب فقه الإمام جابر بن زيد، بل يرجع إلى أمهات الكتب الإباضية، ولا يكتفي بالسماع و قيل وقال. نسأل الله السلامة كما نسأله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة. وفي (الخلاصة) جابر بن زيد الأزدي أبو الشعثاء الجوفي بفتح الجيم البصري الفقيه أحد الأئمة عن إبن عباس فأكثر ومعاوية وابن عمر وعنه قتادة وعمرو بن دينار وأيوب وخلق. قال ابن عباس : هو من العلماء. قال أحمد: مات سنة ثلاث وتسعين وقال إبن سعد سنة ثلاث ومائة وقوله الجوفي نسبة إلى ناحية بعمان فإن أصله من فرق وهي بلدة من أعمال نزوى بالقرب منها وكان من اليحمد من ولد عمرو بن اليحمد. رحل في طلب العلم وسكن البصرة فنسب إليها. وقوله عن إبن عباس الخ يعني أنه روى عن إبن عباس فمن بعده. وإذا تأملت روايات المسند رأيته يروي عن خلق كثير من الصحابة وناهيك أنه قال: أدركت سبعين رجلا من أهل بدر فحويت ما بين أظهرهم إلا البحر يعني إبن عباس . وقال أدركت جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألتهم هلم يمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على خفيه، فقالوا: لا. وقال في صلاة الخوف: حدثني جملة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال في باب العلم: أدركت أناسا من الصحابة أكثر فتياهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم. ودخل هو وأبو بلال على عائشة وسألها عن مسائل بالغ في البحث عنها لإظهار الدين. وإذا كان عدد من لقيهم من أهل بدر مع قلة من شهدها سبعين رجلا، فما ظنك بمن لقيه من غيرهم من الصحابة. |
أبن الرومي مقدمة: الحمد لله العظيم شأنه , القوي سلطانه , الظاهر إحسانه , المنفرد بالوحدانية والجلال , الذي لا يصوره وهم ولا خيال , ولا يخيل في عقل , ولا يتمثل في نفس ولا يتصور في ذهن , والصلاة والسلام على صحبه وسلم. سوف أتناول في بحثي عن البارودي وسوف أعرض من خلاله هذا البحث عن مولده و نشأتة و عملة . ولد علي بن عباس بن جريج بن الرومي في بغداد سنة 835 م , فأبوه من أصل يوناني , وكان مسيحياً واعتنق الإسلام . وأمه واسمها حسنة وهي من أصل فارسي . وقد أفاد ابن الرومي من علم والده في دروسه الأولى . ثم تتلمذ على أكثر من أديب في زمنه ومحيطه , مثل رجل اللغة أبي العباس الملقب بثعلب (815-903م) , والمبرّد (828-890م) , واتصل بمحمد بن حبيب الراوية في اللغة والأنساب . وقد آثر السعة والعمق في الثقافة حتى إذا هو واحد من كبار المثقفين في عصره . وبرز ذلك في شعره . وطلب الحياة زاهية وممتعة , ورفض كلّ زهد فيها أو كفاف . ونهم في طلب اللذة , فما هو يرتوي , أو يقارب ثمالة . ويضعف , ويتزوج وينجب ثلاثة أولاد لا يبرأون في ضعفه , وإذا هم فريسة الأمراض المختلفة . ويهصرهم الموت صغاراً الواحد تلو الآخر , وتلحق بهم أمهم زوجة الشاعر الأولى , ولم يثبت ابن الرومي أمام الأرزاء والنكبات , ويزداد ضعفاً , ويسوء مزاجه , ويحتاج دائماً إلى المال , ويطلبهأصدقائه ومعارفه , ومن أكثر من وزير ونافذ في وسطه . ولا يجد بسراً أو كفاية , ويزداد ضعفاً واضطراباً في أوضاعه وأحواله ، وتوفي سنة 896م , ثقافته : لم يمض ابن الرومي الطفولة والصبا في جهل وفاقه , وكلنه جنى قدراً من المعرفة في بيته الأبوي .... ثم تتلمذ على أكثر من رجل على وأدب وفلسفة . وقال عنه الشاعر أبو العلاء المعري :( وكان يتعاطى الفلسفة ). ويقول عنه المؤرخ العربي المسعودي صاحب مروج الذهب :( إن الشعر كان أقلّ وأدواته ). وتظهر ثقافة ابن الرومي في شعره . وإذا هي من أبرز المصادر لدراسته . وهو يحيط بشتى المذاهب الكلامية المعروفة في عصره , كالاعتزال , والجبرية , والإرجاء وغيرها . وقد اطّلع على ما شاع في زمنه من معارف مترجمة يونانية , وفارسية . وتثبت له معرفة الموسيقى , وأنواع الغناء . وهو ذو دراية بمختلف علوم العربية . وقد برزت سعة إطلاعه ومعارفه في شعره ونثره . وإنه يدل تلقائياً على ثقافته في مواقفه وآرائه , ونظراته , وخواطره ويستوي شعره خير مرجع لمعرفة ثقافته على تنوّعها واتساعها. شخصيته : أحب ابن الرومي الحياة ورغب حتى النهم في العيش . وطلب المعرفة فما هو يعرف حدّاً في الأخذ منها , ويردها في أكثر من منهل , ومصدر , ومجال . وتكثر مواهبه وإمكاناته , فيغنى برهافة الإحساس , وعمق الشعور الذي يتجاوز به حدود مألوف الحس والتفكير . ويندفع مع مشاعره , فتقل عنده الحيلة , وما يستطيع التفاعل المرن مع مجتمعه أو أن يلبس لكل حالة لبوسها . وما هو يجدّ في اكتشاف أسباب فقره أو جدب سعيه , ويميل متعباً متهدّماً إلى التشاؤم والتطيّر ويقلق في أفكاره , ويضطرب في تصوراته . ويعادي مدفوعاً بتقلّب خواطره , وتكاثر حاجاته . ويرضى فيمتدح , ويغضب أو يثور فيهجو . ولا يطمئن في عيشه . ولا يستقر في حال وتعمق نزعته الوجدانية , وما يغيب عن تألق وتفرّد . وتسطع رؤيته وما يقف في حياد , ويشارك في بعض صراعات مجتمعه ومنازعاته , حتى يظن أن فيه شعوبية وما هو يعمق فيها أو ينطرّف ويزداد شعوراً بذاتيته فيهرب كحال الرومانسيين في عصور مقبلة إلى الوحدة وإلى الطبيعة . ويزيده ألم الغربة النفسية انطلاقاً وحدّة في المشاعر , ويفتح قلبه لصرخات المقهورين ,والمعذّبين والأشراف الثائرين ويمتلكه مزاجه الحاد ليضيق بمصطنعي إثارته وإزعاجه , فيندفع في الهجاء والسخرية ليروي نقمته ويشفي غلّته . وتظهر خلال ذلك سمة من الطفولة في اندفاع انفعالاته . وتختلف أطواره , ويتناقض مع الطبيعة , فقد يأنس بها حيناً , وينطلق مهللاً لمفاتنها , وإلاّ فهو يهجس , ويخاف , ويشيع الخوف والمزاج , والأحاسيس , وإذا لم يكن له أن يهنأ أو يطمئن في أوساط بعض حالات الطبيعة , وما هو يصفو مع القدر مع الحب , والجمال عند المرأة , أو في ويستسلم متداعياً متألماً له . ويستمر الشاعر الفنان في مختلف أطواره ومراحل حياته . ويستوي كل ذلك طابع شخصيته . آثاره لقد أنشأ ابن الرومي كثيراً من القصائد والمقطوعات , وهي ظهرت متفرّقة وغير كاملة في عدد من المراجع الأدبية المعروفة , مثل : العقد الفريد لأحمد بن عبد ربه , ( والعمدة في نقد الشعر ومحاسنه ) بن رشيق القيرواني , وزهر الآداب لأبي اسحق الحصري , وغيرها . وقد جمع قسماً من آثار ابن الرومي الشعرية الكاتب المصري المعروف كامل كيلاني . وقدم لهذه المجموعة الأستاذ عباس محمود العقاد , ثم قام الدكتور حسن نصّار بجمع شعر ابن الرومي في ديوان ضخم . ولابن الرومي مجموعة من الرسائل تحكي عن مدى عطائه في النثر الفني . شعره: جاب ابن الرومي آفاق الشعر , فرثى ومدح وهجا وتغزّل , وشكا ووصف وأكثر في الوصف . ونسج الحكم والأمثال , وهو يستوحيها من واقع الحياة والمعاناة . وأرسل الآراء والخواطر . وقارب الفلسفة في أكثر من رأي له أو رؤية , وقد أعطى في المدح وما جلّى , ولعل مواهبه الفنية الأصيلة لم تتح له أن يمهر ويجيد في وصوليّة أو ابتغاء كسب , فيرفع الدعي الوضيع , ويكذب في القبح , ويبارك سارقي المجد , ومدّعي الشرف , ومصطنعي العظمة ولكن الحاجة تدفعه فيمدح , وما هو يبلغ في ذلك ما يصبو إليه على غير صعيد . وأعطى في الرثاء عطاء مخلصاً في فقد أهله , وغير أهله , وهو يسطع خالداً فيه بأكثر من قصيدة . وجال في الهجاء فتميّز بتشخيصه الفني المؤثر للعيوب , ومطاردة النقص والزيف . وأكثر في الشكوى والعتاب , والتطير والتشاؤم . ونسج مبدعاً في شعر الطبيعة . واستوت له الوحدة العضوية في القصيدة العربية . وتباينت آراء الباحثين والنقّاد في شعره . ابن الرومي في الوصف لاابن الرومي مع الوصف لقاء عطاء متنوع , وإبداع , فهو فر مرابعه تجلّى , وفي هياكله تعبّد . وينطلق هذا الشاعر في الوصف مع الوجود وهو يراه رؤيته , ويصفه , ويصوره , لينصهر الموضوع مع الذات . وتتعدد معطياته الوصفيّة فهي تشمل المرأة , والطبيعة , وما في المجتمع من مظاهر جاذبة أو متغيرة , وما في النفس الإنسانية من خفايا وأسرار , وعيوب , وما تقدمه الحياة من متع أو مفاتن , أو توحي به من مخاوف وأخطار ونوائب . ويعشق ابن الرومي , وإذا هو في عالم المرأة مع قلبه وجسده , وريشته , فهو يعجب فيحب , ويفتن , ويرغب ويستلهم , ويرسم , أو يصف , ويغلب على غزله الطابع الوصفي . ويعطي في ذلك قصائد طويلة , أو سيمفونيات قصيرة متميزة . نص وصفي من شعر ابن الرومي وحيد المغنيّة يا خليلـي تيـّمتني وحيـدُ ففؤادي بها معنّى عمـيدُ غادة زانها من الغصــن قدُّ ومن الظبي مقلتان وجـيدُ وزهاها من فرعها ومن الخـدّ ين ذاك السواد والتـوريدُ أوقد الحسن ناره في وحيــد فوق خدِّ ما شانه تخــديدُ فهي برد بخـدّها وســـلام وهي للعاشقين جهد جهـيدُ لم تضر قط بخــدّها وهوماء وتذيب القلوب , وهي حديدُ ما لما تصطليه من وجنتــيها غير ترشاف ريقها تبـريدُ الطبيعة عند ابن الرومي تحكي الرياض كما الأرض حكاياتها البهيّة الزاهية عند ابن الرومي . الذي يقلق في مجتمعه , ويشكو وسطه فيشارف اليأس , ولا يجد سوى الطبيعة يلجأ إليها , ويلوذ بها , وهو يصفها وينطلق مع روائعها , وتتباين لوحاته الفنية فيها , وهو يصحبها في مختلف فصولها وحالاتها ومشاهدها . الرياض الشاكرة ورياض تخـايل الأرض فيها خيـلاء الفـــتاة في الأبراد ذات وشي تنـاسـجته سـوار لبــقات بحـوكـه وغـواد شكرت نعمة الولي على الوسـ مي , ثم العـهاد بعد العــهاد فهي تثـني على السمـاء ثنـاء طيّب النشر شائعاً في البــلاد من نسـيم كأن مسـراه في الأر واح مسرى الأرواح في الأجساد حملت شكـرها الريــاح فأذّت مـا تـؤديه السـن العـــوّاد منـظر معجـب تحــية أنـف ريحـــها ريـح طيب الأولاد تتداعـى فيها حمــائم شــتى كالبواكي , وكالقيان الشـوادي من مثان ممتّــعات , قــران وفـراد مفجّــعات وحــاد تتــغنّى القران منهنّ في الأيـ ـكِ وتبكي الفراد شجو الفراد ابن الرومي في الرثاء شكل السرور بكاؤكما يشفي وإن كان لا يجدي فجودا فقد أودى نظيركما عندي ألا قاتل الله المنــايا ورميــها من القوم حبّـات القلوب على عمد توخّى حمام الموت أوسط صبيتي , فـلـلّه كيف اختار واسـطة العقد على حين شمت الخير من لمحاته وآنست في أفعاله آيــة الرشــد ابن الرومي في الهجاء يتخذ ابن الرومي الهجاء أحد ضروب الشعر البارزة , فيتسع مداه وتتعدّد مواضيعه وتتنوع منطلقاته ومعطياته وأبعاده وصيغه الفنيّة . صاحب الوجه الطويل وجهك يا عمرو فيه طول وفي وجوه الكلاب طولُ مقابح الكلب فيك طــرّاً يزول عنها , ولا تـزول وفيه أشياء صـــالحات حمـــاكها الله والرسول فالكلب واف , وفيك غـدر ففيــك عن قدره سـفول وقد يحــامي عن المواشي وما تحامى ولا تصــول وأنت من أهـل بيت سـوءِ قصــّتهم قصّة تطــول |
تابع لابن الرومي خصائص ابن الرومي العامة ما سعى ابن الرومي إلى الشعر منذ أن كتب له الوجود وما إن استوت له الكلمة حتى تفتحت عنده أكمام العطاء الأدبي وسالت ينابيع نبوغه الشعري. وأحب الحياة والناس , وما صفا له مجتمعه أو اطمأن هو إليه أو أستقر راغداً فيه . وإذا ما زاد في شكواه من الناس , فهو يجد الأنس في الطبيعة , ورحب نطاقه الخلق والانطلاق . وغزرت معطياته الشعرية , وتنوعت وتباينت . وتباين النقد في شعره . وأياً كان هذا التباين فإن ابن الرومي هو ولا شك واحد من كبار الشعراء العرب . وتتمثل في شعره أو أدبه الخصائص العامة التالية : - الريادة الرومنتكية وانطلاقا ته. : أحب ابن الرومي الطبيعة لأكثر من سبب وحال , وميل في نفسه وما هو يقلد أو يحاكي فيها وينقل مشاعر الآخرين ولكنّه يألفها وتألفه , فيرتوي من مباهجها وطيوبها , وتشاركه في آلامه , وتأملاته وأحلامه - الواقعية : لم يكن شاعرنا أبو الحسن ابن الرومي كما يشاع أو تزعم كتب صفراء أو مسرفة في التقليد والتكرار , وفقر الدراسة منصرفاً كل الانصراف عن مجتمعه , أو هو يحيا أو يغرّد خارج سربه , أو أنّه في زعم آخر مجرد رجل هواجس , وأنانية طاغية , ونهم جشع آسر , أو أن الحياة هي عنده كما يقول الكاتب الناقد مارون عبود " أكل وشهوة " ولكنه عانى من ظروف وشؤون مجتمعه , وأعطى في مشكلاته , وأثبت عمقاً في معاناته الشعبية مختلفاً بذلك عن غير قليل من معاصريه من شعراء القصور والمهللين لمحامدها وهو يتنوع في معطياته الواقعية والمعانية فيتألم ويأسى لمنظر عامل حمال يتلاشى منهوكاً تحت حمله , ويتفاعل تفاعلاً واقعياً فنياً مؤثراً مع قالي الزلابية ...... - الغنى الوجداني : يغني ابن الرومي في وجدانيته فيصفو ويعذب مع الزهر والطير , والنسيم والثمر . وينطلق رائعاً مع شمس الأصيل حتى كأن جراح الشمس جراحه واصفرار أشعتها بعض من كآبته ومأساته ... - الحسيّة الشفّافة : ما نأى ابن الرومي عن بغداد مدينته الأثيرة , أو التصرف عن معطياتها الحضارية الزاهية , أو مباهجها المادية الماتعة فقد استهوته هذه المدينة العباسية في أكثر من مجال . وما تغلبت عليه الحسيّة أو تكثف شديد حجابها , بل ظلت له شفافيتها لينسرح وجدانه في عطاء مطلق وإشعاع , كما هو حاله في قصيدته " وحيد المغنيّة " , و " الرياض الشاكرة " . - العالمية : رهفت أحاسيس ابن الرومي , ورحب عميقاً وجدانه وانطلق مجنحاً خياله , فإذا هو يتجاوز دائرة الذاتية المحدودة , والإقليمية الوطنية أو القومية الثابتة ليجوب بعطائه الشعري المدار الإنساني , ويسطع في مدى العالمية . وتعظم عاطفته , ويصدق إيمانه بالقيم , وهو ينتصر للحق , ويرفض الظلم والجور , ويرفق بالضعفاء , ويشارك المعذبين في معاناتهم , وأمثلة شعره في هذا المجال الإنساني والعالمي تتكرّر وتتنوع كرثائه لولده الأوسط . - الإحباط : لقد اضطرب ابن الرومي في عيشه فما هو يطمئن أو يرضى وتزلزل وضعه الاجتماعي والنفسي ليعاني من الإحباط . وتتسع دائرة هذا الضعف والانهيار , ويظهر ذلك في عطاءه الشعري حيث يتخبط في أوهامه وهواجسه . -التشاؤم والتطيّر : تجمح الهواجس بابن الرومي فيتجاوز سلامة الرؤية , ونفاذ الوعي , أو الفكر الثاقب , والاختيار الحر الواثق والمسؤول , أو المنطق السليم , وطبيعة الأشياء وإذا هو ينظر إلى الأمور بمنظار كالح ومضطرب. _ التحليل والتفصيل : يميل ابن الرومي في شعره إلى التحليل والتفصيل , وهو يرق في هذا المجال أحياناً , ودون أن يصل إلى ما يقارب النثر الموزون . - التصوير الفني : يصفو ابن الرومي فتنطلق ملكة التصوير عنده , وإذا هو نافذ الرؤية, مرهف الإحساس وثّاب المشاعر يستجلي المشاهد والمناظر ويتفاعل صادقاً كفنان مطبوع مع مرئياته , وسمعياته وتجلياته . - سحر اللفظ وشجو النغم : أسلست العربية قيادها لابن الرومي لينهل من معينها ما يشاء , وماهي تتمرد عليه ما جاءها معانياً صافياً وانطلق وجدانه في البوح والعطاء , وإنها لتصطفيه , وترحب له ويسكبها في لحظات وجده عزفاً شجياً , ويطلقها لمحاً وألواناً بهيّة ساحرة ليكون شاعر الكلمة واللون والنغم , بل شاعر العبارة الوالهة الشجية , والصورة الخريفية القاطرة أسى وحنيناً موجعاً لا ينضب. - التحسين البياني : لا يطلب هذا الشاعر الفنان التحسين البياني لذاته , ولكنه يطلقه في خواطره ومشاهداته , وهو يصدق في إطلاقه أو عطائه , ويظهر في شعره ما اتفق على تسميته بالمحسنات اللفظية أو البيانية وهي تأتيه دونما كدّ في طلبها . - الخلق الفني : ينطلق الخيال عند ابن الرومي فيتعدّى نطاق الكشف إلى الخلق , فالنسيم في وصفه للرياض يتحرّك , أو هو يسري بشكر الأرض , وتتناغم معه الريح فتحمل هذا الشكر كرسالة السماء , لترحب دائرة التشخيص أو الخلق الفني. - الانطلاق في التشخيص أو الأنسنة : تتجلّى أصالة ابن الرومي في مجال التشخيص أو الأنسنة حتى يكاد يتفرّد في هذا المنحنى , وهذا ما لفت انتباه الدكتور طه حسين إليه فهو يشخص بعفوية بارزة ما تمسّه ريشته القادرة المبدعة ليبعث الحياة الإنسانية في المعاني أو العيوب النفسية أو الخلقية ويؤكد بذلك نزعته التمثيلية الأصيلة . - الغزارة والعفوية : عظمت شاعرية ابن الرومي بالفطرة أو الملكة البارزة فالشعر يغزر عنده , فهو في طبعه وطبيعته يتنفسه أو يتكلمه . -النثرية والنثر الفني : كان لثقافة ابن الرومي المميزة أن تعطي أثرها في شاعريته , فيستهويه أحياناً التحليل والتعليل وتظهر لمحات نثرية في أعماله الشعرية . ويجنح معها عن الديباجة العربية الأصيلة ولعل ذلك كان سبباً في إضعاف مكانته في عصره , وعند ممدوحيه . - الوحدة الفنية : تقدمت القصيدة العربية عند ابن الرومي فبرزت وحدتها العضوية الفنية فما هي مجرد مجموعة أبيات أو قطع أو أجزاء يمكن تقديمها وتأخيرها , في تسلسلها , أو محكم عقدها , إنما هي في أي حال عطاء محكم التنسيق والتكامل لها طابعها الواحد في الخلق والبناء والموضوع . - البروز الثقافي في المنحى العقائدي : يكثر ابن الرومي التأمل في الحب , والمجتمع أو الناس . ويساعده في ذلك ثقافته المتميّزة وإحساسه المرهف , وتجاربه ومعاناته . وتتنوع في مدى تأمله آراؤه ونظراته , ويتنوع صيد شباكه فربما اهتدى إلى حكم نافذة وسائرة . كما مر معكم فقد كان موضوع بحثي عن الشاعر العباسي ابن الرومي ..وعرضت من خلال بحثني نبذة مختصرة عن حياته وبعض من آثاره الشعرية وخصائصه العامة في الشعر . الحمد لله الذي أعانني على كتابة هذا البحث وإنهائه ...متمنية أن يحوز على إعجابكم .. والله الموفق ,,, - كتاب أعلام ورواد في الأدب العربي / الجزء الأول للدكتور كاظم حطيط . المقدمة .................................................. ..2 حياته .................................................. ...3 ثقاف.............................................. ........4 شخصيته .................................................. .4 آثاره .................................................. ....5 شعره .................................................. ...5 ابن الرومي في الوصف .............................................6 الطبيعة عند ابن الرومي ...........................................6 ابن الرومي في الرثاء ..............................................7 ابن الرومي في الهجاء .............................................7 خصائص ابن الرومي العامة .........................................8 الخاتمة........................................... .........11 المراجع .................................................. .12 |
أحمد بن ماجد الملاح الشهير مقدمة : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم … أما بعد … يسعدني أن أتقدم بهذا البحث المتواضع بعنوان ( لؤلؤة البحار) ؛ لكي أقدم نبذة مختصرة عن حياة ( أحمد بن ماجد ) ، هذا الملاح الشهير الذي انتشر اسمه في المشرق والمغرب . وفي الحقيقة إن الكتابة عن حياة هذا الملاح لا تسعها الكتب والمجلدات ، ولكن أردت أن أقدم مقتطفات سريعة عن جوانب حياة هذا الملاح الشهير ، والذي تميزت حياته بحب البحر منذ الصغر ، والميل إلى المغامرات ، وصراع أمواج البحر القوية ، بالإضافة إلى المبتكرات والمخترعات التي قدمها وخاصة ما يتعلق بعلم البحر، بالإضافة إلى المؤلفات الكثيرة والأراجيز الشعرية المشهورة التي خلفها ، و أصبحت مرجعاً أساسياً لمن أراد أن يكتب عن البحر. و سأقسم البحث إلى ثلاثة أقسام رئيسة ، وكل قسم ينقسم إلى عناوين فرعية أخرى ، وستكون هذه الأقسام كالتالي : • القسم الأول : بعنوان ( ابن ماجد وحياته ) أتناول فيه تاريخ مولد ابن ماجد ومكان ولادته ، و المكانة التي اشتهر بها ، ثم بعض المغالطات التي أثيرت حوله ، ومحاولة تبرئته مما نسب إليه من إرشاد الملاح البرتغالي فاسكو دي جاما إلى ميناء كلكتا بالهند ، مما ساعد البرتغاليين في أطماعهم بالسيطرة على الشرق ، والدور العظيم الذي قام به صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي - عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة - في كتابه ( بيان للمؤرخين الأماجد في براءة ابن ماجد ) الذي أثبت فيه بالبحث الأدلة براءة الملاح العربي من هذه التهمة . • القسم الثاني : فسيكون بعنوان ( جهود ابن ماجد وآثاره الأدبية ) ، وفي هذا البحث سأوضح أهم المؤلفات التي ألفها أحمد بن ماجد سواء كانت كتباً أو أراجيز شعرية . • القسم الثالث : فسيكون بعنوان ( جهود ابن ماجد و آثاره العلمية ) ، أوضح فيه الأفضال التي خلفها ابن ماجد عن الملاحة ، ثم سأقوم بعرض بعض الاختراعات التي اخترعها مثل : البوصلة وآلة الكمال ؛ كدليل على هذه الاختراعات وأخيراً سأوضح النصوص التي قالها أحمد بن ماجد عن الرياح الموسمية . أدعو الله - تعالى - أن يوفقني في بحثي هذا ، وأشكر كل الجهود المخلصة التي تسعى إلى توضيح الحقائق ، وإلى الافتخار بالرجال الأبرار الذين رفعوا شأن بلادهم ، وقدَّموا للأجيال علماً نافعاً .. وعلى الله فليتوكل المؤمنون .. القسم الأول : ابن ماجد وحياته : • أحمد بن ماجد ومولده : ابن ماجد هو شهاب الدين أحمد بن ماجد بن محمد بن عمرو بن فضل بن دويك بن يوسف بن حسن بن الحسين بن أبي معلق السعدي بن أبي الركائب النجدي ، بحار وعالم من علماء البحر والفلك والمسلمين، عاش في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري ، و أوائل القرن العاشر ، وقد أغفلت معظم المصادر العربية ذكر هذا الملاح العربي وتاريخ حياته ، غير أنه تحدث عن نفسه في مؤلفاته ومنها نعلم أن أصله يرجع إلى نجد في وسط شبه الجزيرة العربية (1) . ومن ألقابه : ( ريس ) ، و ( معلم ) و ( ربان ) ، بل إن معاصريه يشيرون إليه بـ ( أسد البحار ) و ( ليث الليوث ) و ( ابن ربان البرين ) أي بر العرب و بر العجم . أما عن مولده فمن المحتمل أنه ولد عام 840 هـ في جلفار من الخليج العربي وهي مدينة رأس الخيمة حالياً بدولة الإمارات العربية المتحدة … من أسرة اشتهر أفرادها بريادة البحر وحب الأسفار والملاحة ، فتعلق قلبه منذ الصغر بالبحر (2). • مكانة ابن ماجد : كان ابن ماجد يلوح في أفق المشرق العربي … قبس يضيء مجاهل البحار والمحيطات بما كان يتوفر لديه من خبرة ودراية شخصية حلقت في سماء المعرفة و برزت في ميدان الاختراع والابتكار والتأليف . وها نحن نحلق مع شخصية أعطت المثل على أنها قدوة في السلوك والخلق الرفيع ، إنه أحمد بن ماجد العالم الذي اطلع على عدد من المؤلفات وخاض تجربة طويلة في الملاحة البحرية قبل أن يقدم لنا حصيلته العلمية في أكثر من خمسة وثلاثين أرجوزة كلها طريفة ومفيدة . لقد ظل اسم أحمد بن ماجد على ألسنة البحارة في خليج عمان والبحر الأحمر والمحيط الهندي قروناً عديدة بعد وفاته ، حتى أن السير ريتشارد بورتون ( Sir Richard Burton ) يذكر في كتاب الخطوات الأولى في شرق أفريقيا ( First Foots tepsin Africa ) أنه لما أبحر من عدن عام 1854م تلا البحارة سورة الفاتحة قبل الإقلاع ترحماً على روح الشيخ أحمد بن ماجد (3) . • حياتــه : اشتهر ابن ماجد بريادة البحر وحب الأسفار والملاحة ، فتعلق بالبحر منذ الصغر ، واكتسب مهارات أجداده ، واستطاع بفضل تجاربه العديدة و سعة علومه البحرية ، التوصل إلى اكتشاف أساليب جديدة في فنون الملاحة مستخدماً علم الفلك بشكل واسع ، بالإضافة إلى البوصلة المائية التي استخدمها لتحديد الاتجاهات والمسارات البحرية ، وقضى معظم حياته أستاذاً ومرشداً ملاحياً في غرب المحيط الهندي والبحر الأحمر ، وقد كان ذلك سبباً في ذيوع شهرته وتردد اسمه كعلم من أعلام البحر في ذلك الزمان ، ووصلت أخباره إلى شواطئ أوروبا حيث كان الأسبان والبرتغال يحاولون استكشاف طرق جديدة للوصول إلى الشرق والهند بصفة خاصة عن طريق الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح الذي كان يسمى بـ ( رأس العواصف ) آنذاك . وقد كان ذلك بمثابة فترة حاسمة في التاريخ البحري حيث أدى تصادم النفوذ البحري العربي بالنفوذ الأوروبي إلى بداية عهد جديد … عهد التفوق الأوروبي من ناحية ، وتدهور النشاط البحري العربي من ناحية أخرى . لا يوجد تاريخ ثابت لوفاة أحمد بن ماجد ، إلا أنه من المتصور قد عاش أكثر من ستين سنة بعد أن كتب آخر مؤلفاته ، وقد شكا في إحدى قصائده الأخيرة العواقب الوخيمة للوجود البرتغالي في المنطقة مما يدل على أنه كان يدرك الخطر الذي ستجره تلك السيطرة على مكانة العرب البحرية (4) . • ابن ماجد يصف نفسه : وحين يتحدث ابن ماجد عن نفسه ، و يتكلم عن ( المعالمة ) المشهورين في البحر يقول : " غير أن خبرتهم مع ذلك محدودة فهم لم يركبوا البحر إلا من سيراف إلى بر مكران ، وساروا يسألون عن كل بر أهله ويؤرخون ، وكان في زمانهم من المعالمة المشهورين عبد العزيز بن أحمد المغربي وموسى القندراني وميمون بن خليل ، فكان في زمانهم من النواخذة المشهورة أحمد بن محمد بن عبدالرحمن بن أبي الفضل بن أبي المصري .. فيأخذون من كل أحد بره وبحره ويؤرخونه فهم مؤلفون لا مجربون " . وهو يزن نفسه بحق فيقول : " ونهاية المتقدم في الزمن بداية المتأخرين ( بعده ) وقد عظمنا علمهم وتأليفهم وأجللنا قدرهم بقولنا : أنا رابع ثلاثة ، وربما في العلم الذي اخترعناه في البحر ورقة واحدة تقيم ( تسوي ) في البلاغة والصحة والفايدة والهداية وعلى الطريق والدلالة ( في مسارب البحر ) بأكثر مما صنفوه " (5) . • مغالطات حول أحمد بن ماجد : - قصة إرشاد ابن ماجد لفاسكو دي جاما : للأسف الشديد فإن كثيراً من المراجع تناولت حياة ابن ماجد بشكل فيه مغالطات واضحة نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر : × تشير المصادر العربية إلى أن أحمد بن ماجد تصادف وجوده في ماليندي أثناء زيارة فاسكو دي جاما، وأن الملاح البرتغالي حينما التقى به أعجب بغزارة علمه وشجاعته ، وطلب إليه أن يقوده في أول رحلة تتم عبر المحيط بين أوروبا والهند ، وكانت الدوافع العلمية هي الحافز الأساسي لقبول أحمد بن ماجد المهمة التي فتحت آفاقاً جديدة في تاريخ العالم البحري ، والتي جعلت منه شخصية تاريخية أسطورية . وقد قامت شهرة أحمد بن ماجد في الغرب باعتباره المرشد الذي قدم مساعداته للبرتغاليين إلى الموانئ التجارية في جنوب الهند وأهمها ميناء ( كاليكوت ) واكتسب هذا الحادث أهمية خاصة في نظر المعلقين الشرقيين والغربيين على حد سواء باعتبار أن الوصول إلى الطرق بين شرق أفريقيا والهند بالالتفاف حول رأس الرجاء الصالح يمثل مفتاح السيطرة التجارية في هذه المياه . وقد ذكر بعض المؤرخين خاصة ممن اعتمدوا على المصادر البرتغالية ، أن المرشد الذي قاد فاسكو دي جاما لم يكن عربياً وإنما كان هندياً مسلماً ، وذلك بالنظر كما يقولون إلى الفصول المواتية للإبحار بين شرق أفريقيا والبحر الأحمر من ناحية و جنوب الهند من ناحية أخرى ، غير أن هذا الرأي لا يصمد للحقائق لأننا نعرف أن أحمد بن ماجد كان يلم إلماماً تاماً بالطريق البحري المباشر بين المليبار والساحل الصومالي ، ويترتب على ذلك ضمنياً أن الملاحين والمرشدين العرب كانوا قادرين بالفعل على الإبحار فيه (6) . × وتتفق المصادر التاريخية على أن فاسكو دي جاما بعد أن عبر رأس الرجاء الصالح ألقى مراسيه في ماليندي على الشاطئ الشرقي لأفريقيا ، وهناك بحث عن دليل ليرشده إلى الهند لعدم معرفته بنظام هبوب الرياح الموسمية في شرق أفريقيا والمحيط الهندي ، وقد أدى ذلك إلى تحطم بعض سفنه . وقد عرَّف الكتَّاب البرتغاليون في القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي ابن ماجد باسم (ماليموكانا ) وهو التحريف للقبه العربي الذي يعني ( المعلم الفلكي ) . وقد عرض فاسكو دي جاما على ابن ماجد آلاته البحرية المستخدمة عند البرتغاليين ، ولكن ابن ماجد لم يدهش لها ، بل عرض عليه الآلات البحرية التي طورها العرب ، ومنها آلات مثلثية مربعية الشكل لقياس ارتفاع الشمس ، وخصوصاً النجم القطبي ، كما أراه خرائط تفصيلية للمحيط الهندي وشرق أفر يقيا والجزيرة العربية قائمة على خطوط طول وعرض متوازية ، وهو شيء لم يعرفه الأوروبيون آنذاك ، كل هذا أدهش فاسكو دي جاما وازداد إعجابه بمرشده الملاحي فقرر الرحيل معه فوراً . أما الأثر الذي تركته هذه الحادثة والنتائج التي ترتبت على هذا الإرشاد فهو ما لم يكن في حسبان ابن ماجد ، حيث اتهمه المؤرخون المسلمون بعدة اتهامات بعد أن ظهرت نوايا البرتغال الحقيقية في الشرق ، والمصائب التي وقعت على المسلمين بسببهم (7) . |
الساعة الآن 09:48 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By
Almuhajir