السيد جعفر العلوي*
منذ إندلاع ثورة 14 فبراير في البحرين، استشعر خطرها النظام السعودي، فبدأ بحصارها والتفكير في القضاء عليها. لكن ما حدث هو العكس تماماً. هناك تعبير شعبي في البحرين، بأنهم يصيبون من يواجههم بالحوبة (ضرر سلبي غيبي يقع على من المعتدي). ففي البدء أعلن نايف بن عبد العزيز ولي العهد السابق ووزير الداخلية السعودي: أن أمن البحرين من أمن الرياض. في إشارة واضحة الى التضامن المطلق مع ال خليفة. وحين أخبر نايف المبعوثين الإمريكان الذين زاروه عن إنزعاجه من تطورات ثورة البحرين التي باتت تضغط على النظام في البحرين، ووصلت الجماهير الغاضبة الى قصر الصافرية (أشهر قصر للحاكم) ومعظم المواقع الرئيسية في البحرين، وإنه يرغب بإنزال قوات سعودية الى البحرين، لضبط الأمور فيها بحسب إيقاع الرياض، لم يمانع الإمريكان، وتم إنزالها بالفعل لتقوم بالمشاركة في عمليات قتل وقمع المتظاهرين، وتوجهت الى مدينة سترة يوم 14 مارس 2011، وأحدثت فيها قمعاً غير مسبوق وقتلاً لبعض شبابها. تصور النظام السعودي أنه بمجرد نزول قواته ستنتهي الثورة بعد أيام، فشاركوا في مذبحة ميدان اللؤلؤة، وبدأوا بالتعدي على أكثر من أربعين مسجداً وعدد من المقامات الدينية والحسينيات للطائفة الشيعية. ولكن ما حدث بعد عام ونصف هو العكس، نايف أنتهى به العمر الى الموت، وباتت ثورة شعب البحرين مستعصية على كل أدوات القمع والإرهاب، فلا جيوش السعودية ولا درع الجزيرة ولا إعلان حالة الطؤارى ولا تهديدات فيلتمان الأمريكي ولا زج القادة والرموز ومئات النشطاء والكوادر في السجن لمدد طويلة بعد تعذيبهم، ولا القتل المتواصل بالغازات السامة ودهس الشباب في ساحات البحرين استطاع إيقاف تلك الثورة. ما حدث إن تعاطف شباب المنطقة الشرقية (أكثر الأسر في البحرين والمنطقة الشرقية من أصول واحدة)، وتفجرت مظاهرات واسعة غاضبة ضد تدخل القوات السعودية في البحرين، واستمرت لأشهر متواصلة، وسقط فيها ستة شهداء في منطقة القطيف. ثم حدثت مظاهرات الطالبات الجامعيات في عسير وتضامن معها طلاب العديد من مناطق الجزيرة العربية. حينها كان قد إستلم راية الحراك أحد العلماء المؤثرين في وسط شباب الشرقية وهو العلامة الشيخ نمر النمر أحد أبرز تلامذة المرجع الديني السيد محمد تقي المدرسي (العراق) وأخيه آية الله السيد هادي المدرسي مؤسسي الخط الرسالي الجهادي المؤثر في المنطقة. فبدأ النمر يسعر بخطبه ناراً متقدة ضد النظامين السعودي والخليفي في البحرين. فبعد سقوط أحد شهداء العوامية استخدم بعض شبابها الرصاص ووجهوه الى مركز الأمن هناك، إلا أن الشيخ النمر أوقفهم قائلاً أن زئير الكلمات أقوى من أزيز الرصاص، واستمر النمر في خطبه الثورية، وبات النظام السعودي بين نارين، فأما أن يقبل باستمرار زئير كلمات النمر التي كانت تقع كالصاعقة عليه، وأما أن يعتقله فتتفجر التظاهرات. في البدء اختار التمهل وأرسل مبعوثين متنوعين لثني الشيخ النمر عن خطبه، فكان الرد هو مزيد من التعرية للنظامين الخليفي والسعودي. وبعد موت نايف الوزير الأكثر إرهاباً وسجناً لأحرار المواطنين في الجزيرة العربية، عمت الأفراح العديد من المناطق، فاستهجن الشيخ النمر ضغوطات النظام بمنع الناس من التعبيير عن فرحهم بهلاك عدو أرهبهم وسجن أبنائهم وقتل بعضهم في المظاهرات. وهنا لم يتحمل النظام السعودي كلمات النمر، فقرر إعتقاله بالطريقة الإرهابية حين أطلق النار عليه، وحينها تفجرت التظاهرات الغاضبة في المنطقة الشرقية وسقط شهيدين في يوم إعتقاله، واستمرت المظاهرات وبلغ عدد الشهداء أربعة بعد اعتقال الشيخ النمر. في حين بدأ الشباب في الجزيرة العربية والمتململ من إرهاب وظلم ال سعود بالتشجع للخروج في مظاهرات في مناطق مختلفة ومنها المدينة المنورة وفي القصيم، وعمت البحرين مظاهرات واسعة تضامناً مع ثورة نمور القطيف، فلم تفلح كل جهود النظام السعودي وخاب كل جبار عنيد.
07-21-2012, 08:10 PM
العرض العادي
المواضيع المتشابهه 
