العشاء الأخير على صيف تسويات ساخن

محروم.كوم · #1 06-06-2012, 03:21 AM

العشاء الأخير على صيف تسويات ساخن

كريم المحروس
1/6/2012م

أجواء سياسية بحرانية ساخنة جدا تتزامن مع صيف هذا العام وتندك فيه بمستوى درجة حرارة قصوى غير منضبطة صعودا ونزولا..ومرحلة مصيرية حساسة جدا لم تستقر إليها الظنون ولم تأمن شرها أو خيرها بعدْ بين جميع أطراف الصراع في يوميات صيف يبدو حاسما إذ يجدّ حكام البحرين بأنفسهم أمام خيار لم يألفوه من قبل وقد قضت مقدمته بوجوب "التنزل" عن هيمنة القبلية في صيغة تراجع سياسي قاعدته الأساسية تجريد الملك حمد من بعض صلاحياته التي أسسها لنفسه بأنانية مفرطة من خلال خديعة عقدها أمام كم هائل من تضحيات نضال شعبي عريق.

فإن لم يتنزل حمد عن الحد الأدنى مما فُرض عليه سياسيا في سرعة من الأمر بإزاء دعوات هذا "التنزل" البسيط فسيجد نفسه وبقدرة قادر وقد إستحال الى قذيفة صوتية حشرت في فوهة مدفع شهر رمضان التي يفطر على وقع إنفجارها المزعج قلة من أهل البحرين بينما يتسلى عند إطلاقها بحرانيون كثر حتى مغرب الشمس حيث ساعة الإفطار الشرعية! .

تلكم الصلاحيات الملكية مطلقة اليد وُجِدت مشرّعة بنصوص متناثرة ومبهمة المقصد كانت سُجلت في وثيقة ميثاق صادرة عن ديوان حمد وقد منحت الى الشعب كوليمة عشاء أخير على حساب الدولة في دائرة إستفتاء عام متقدمة على أجواء وعد بإعادة البلاد إلى مستقر تنموي إصلاحي شامل يحتل فيه رئيس الوزراء خليفة بن سلمان سيئ الصيت منصب المتنفذ لا المستقل بسلطة تنفيذية. فالبلاد بحسب ظاهرها أصبحت مع إستلام حمد الإمارة من بعد إغتيال والده رهن قرار الديوان الأميري "الملكي" وليس لجهة ديوان خليفة الذي حصر مطلق صلاحيات إدارة الشؤون العامة للدولة لأكثر من أربعين عاما في أم رأسه.

حمد ذو النزعة الأنانية المفرطة والعلو المفسد في الأرض مازال يعد رضوخه السياسي بأي شكل كان خروجا على تقاليد عز قبيلة آل خليفة. وتتعاظم خطورة هذا الرضوخ لإستكمال سوءة خارجة على أعراف القبيلة حين يجدّ تحت ضغط شعبي معارض يشهد العالم كل تفاصيله حوادثه ويصبح محلا لتدخل دولي ناعم يأتى على شكل توصيات وآمال تقليدية تقر بأهمية إعتماد صياغة جبرية لقوانين بالية قائمة على علاقات قبلية خاصة ورثها عن أجداده، وسيكْمن في ذلك بالطبع تجربة إستسلام مريرة هي الأولى في تاريخ صراع آل خليفة المصيري مع الشعب منذ أن وطئت أقدامهم أرض البحرين في عام 1783م.

لا أحد يعرف طبيعة البيت الخليفي وفنون معالجته القذرة للتحديات التي تعترض نظام حكمه إلا ويتكهن بحلول الرفض المطلق من الملك حمد بولوج مغامرة سياسية غير مأمونة الجانب وإن كانت تستهدف جزء من صلاحياته وبقيد تشريعي لا فعل له إلا بإمضائه. وبحسب إعتقاده فإن أصول التنزل السياسي في هذا الظرف الثوري لن تتوانى عن المضي في التأكيد على متطلبات تتجاوز في أثرها الاعتباري عملية تفاهم وتواد بين شعب ثائر وسلطه بلاده من أجل الإنتهاء الى صيغة مشتركة كبادرة حسن نية بينهما لبناء وطن على أسس تعاقدية عادلة.

فبعد قرنين وثلاثة عقود من الزمن مازالت البحرين تعيش غربة آل خليفة عن بيئتها وعزلة تقاليدهم وأعرافهم القبلية عن ثقافة البلاد، والناس من هول الفوضى الطائفية الخليفية الرسمية الحادة المتخلفة تئن في صبر وتنتظر يوم الاستحقاقات العادلة بدرجات رفيعة جدا من العقوبات أقل فروضها الحق في القصاص، إلى جانب شد إقليمي يبغي بسط السيطرة التامة على جزرنا المضطربة أو فرض الهيمنة على منهجها السياسي لعلل ناتجة عن مؤثرات ليست وقتية ولكنها مؤرقة للحدود والمياه الفاصلة في معظم الأحيان.

وأمام تحدي الحوادث الراهنة فالبلاد مازالت تعيش أجواء ثورة كانت شعبية بكل المعايير السياسية والثقافية والاجتماعية للثورات في العالم، وما برح هول المفاجأة التي أحدثتها في البيت الخليفي والموالين له مؤرقة الى حد بعيد. وحتى تلك الإجراءات الأمنية الميدانية المتخذة إستراتجيا من أجل إفشال أي تحول نهضوي شعبي مفاجئ؛ لم تكن تضاهي حجم الحدث الثوري الكبير الجامع بين الآمال والعواطف الجياشة والوعي العام بالضرورات الآدمية على الصعيدين الديني والوطني.

وفي ذلك كانت إمكانات السيطرة السياسية الخليفية محدودة إلا أن المخرج المنقذ لحكمهم من الخطورة البالغة لهذه المفاجئة لم يكن أمنيا ولا عسكريا أو أي سند إقليمي أو دولي، إنما كانت رقابة فرضوها على حركة عدد من رموز معارضة التسعينات للتعرف على طبيعة التوازنات الحاكمة بينها فكانت كافية لبناء المنعطف الخطير الموجه للثورة الى غير مرماها ووفق نسق وضوابط خاصة مورست على مستوى الصف الأول من زعامات العائلة الحاكمة ومنها سلمان ولي العهد.

وفي التفصيل أن شبكة علاقات رسمية خاصة أقامها بعض رموز إنتفاضة التسعينات على مستوى عالي من الدعم الإجتماعي النخبوي والتبني المرجعي الديني للإقتراب من البيت الخليفي في سبيل التعجيل بتأسيس ثقة شيعية مطلقة في رموز الحكم التي فشلت منذ الستينات في تأسيس جسور الثقة أو بنائها بناء متينا محكما مع الطائفة الشيعية لسوء قُدّر في نظم إختيار الرموز الشيعية المناسبة التي وصفت بالتقليدية غير المؤسسية في حينه ولم تكن تملك التأثير الشامل في إحتواء الوسط الشعبي.وفي المقابل كانت الإستجابة الخليفية نسبية وحذرة جدا لكنها رست على خطة "خديعة " أقرت في جانب لرموز إنتفاضة التسعينات بخيبة أمل صورية أسفت لوجود إتجاهين يحكمان مجلس آل خليفة قد يعقّدان الموقف من خيار بناء ثقة مطلقة: إتجاه مؤيد لكسب الثقة المطلقة في الشيعة الذين يشكلون نسبة 80% من الشعب والعمل على دمجهم في الولاء التام لآل خليفة تحت إشراف مرجعية دينية جادة في توفير الغطاء المناسب لزرع أصول هذه الثقة – وإتجاه آخر رافض لإندماج الشيعة بشكل مطلق في المؤسسات السيادية للدولة إلا من بعد الانتهاء من توفير توازن ديمغرافي مع مكون الطائفة الأخرى أولا ، وثانيا لكون زعامات ومرجعيات الثقة الشيعية المطلقة في حكم آل خليفة لن تتفوق في تحقيق التمثيل المطلق للأغلبية الشيعية مع وجود أطراف سياسية معارضة أخرى مناوشة إلى جانبها ومازالت تتقي من أجل الإطاحة بحكم آل خليفة، فضلا عن وجود مظاهر إرهاصات لتحولات إقليمية سياسية وفكرية عقدية قادمة من بعيد ستخل بتوازن أي ثقة شيعية مطلقة موالية لرموز حكم آل خليفة وإن كانت مبرمة ومستظلة بوعود تقطعها مرجعات شيعية بأعلى المراتب الدينية.

وخلال العقد الأول من حكم حمد سجلت الأطراف المعارضة الرافضة لسياساته ودعواه في الإصلاح الكاذب إثباتا حقيقيا لوجودها في مقابل أطراف بناء جسور الثقة المطلقة في رموز آل خليفة بالرغم من تعرضها للقمع والإعتقال المستمر ومحدودية فعالياتها والوسائل المستخدمة لإثبات التأثير الضاغط في مناخ شعبي سياسي تنافسي ، الأمر الذي عزز وفق الإستجابة "الخديعة" من تشدد عناصر الرفض الخليفي المطلق للإندماج الشيعي في المؤسسات السيادية للدولة وبناء الثقة في شراكتها الوطنية. فكان حلول الثورة المفاجئ في ظرف عربي ودولي ناهض بدد التوازنات لغير صالح الثقة الشيعية المطلقة في رموز آل خليفة.

ربما كانت صورة الخديعة الخليفية واضحة في ساحة ثورتنا حين تبلور الإتجاهان السياسيان الشعبيان وإنقسما في مسيرتين وصفتا بالأكبر عددا في تاريخ البحرين: مسيرة الديوان المستهدفة الإطاحة بحكم آل خليفة، ومسيرة أخرى أقيمت من مركز (جيان) التجاري الى محيط دوار الشهداء (اللؤلؤة) وحددت دورها في المطالبة بإجراء تغيير وزاري شامل لرأس الحكومة ، حتى أظهرتا بشكل جلي مدى حرص كل أقطاب آل خليفة بلا إستثناء على شق الصف الشعبي من خلال ما أستثمروه من فتح باب "التقارب الوطني" على أعلى المستويات خلال السنوات العشر الماضية، وكان عمدته سلمان ولي العهد الذي إستهدف السيطرة على تيار الأغلبية الشيعي وتوجيهه بما يخدم وظيفة تغييب الأطراف المنافسة غير المرحب بها.

ولم يكن في حسبان سلمان أن الأثر العاطفي الإجتماعي الكبير الذي خلّفته أول ثورة وأكبر حادث سياسي شامل صنعه الشعب بتضحيات جمة؛ من الصعب التغلب عليه وتجييره من خلال تدوير هذه الإستقطابات السياسية ثقيلة الظل، حتى نجحت المعارضة الشعبية العاملة على متبنى الإطاحة بالنظام في بناء قواعد نضال متينة في المناطق وفي زمن قياسي وظرف أمني وعسكري معقد جدا بعد ضرب دوار الشهداء (اللؤلؤة) لترجئ قسرا ما عزم عليه سلمان من إستكمال دوره المخادع في إنهاء الثورة الى جانب تعزيزه لثقة حذرة صورية مع بديل سياسي شعبي ينتهي به إلى الإندكاك في مشروع والده الإصلاحي المدعى والمجرد من أي تأثير ضاغط يهدف الى لجم الصلاحيات الملكية المطلقة التي تلبس بها حمد بنصوص جامدة في ميثاق 2001 ودستوره المنحة لعام 2001م.

وفجأة أُعلن عن وفاة موزة بنت حمد آل خليفة في 2 مايو 2011م وكان ديوان حمد بن عيسى آل خليفة في هذه الفترة منشغلا بمشاورات ولقاءات حل سياسي مع جهتين تمثلان تيار ضرورات تعزيز الثقة في إتجاه ولي العهد سلمان من بين أقطاب العائلة الحاكمة، وذلك للخلاص الأبدي من صراع الولاء الوطني وتحديد هويتها بقيد أسوار قصور آل خليفة.

وكان من أجلى المقدمات في هذه المرحلة الخطيرة من عمر الصراع السياسي حثُ ولي العهد سلمان لجهتي ضرورات طلب الثقة والولاء الجديد على وجوب المشاركة في الانتخابات التكميلية وعزز حثه هذا بالإفصاح عن خطوات إستكمال مشروع الحل السياسي بخطوات متسارعة جدا وأكثر تقدما مما أعلن عنه والده حمد قبيل ثورة 14 فبراير 2011م، والتأكيد أيضا على وجوب الإنخراط في مراحل مصالحة وفق لجنة تقدّر حجم الخسائر والأضرار الأمنية في الثورة ورسم التعويضات المناسبة إضافة الى معالجة القوانين والإجراءات الأمنية المتبعة خلال السنوات العشر الماضية بواسطة عدد من الإستشارات والخبرات الدولية ، وألمح الى أهمية المساهمة بفعالية جادة فى مؤتمر حوار يدعو إليه والده حمد ويفضي الى تدوين مجموعة من التوصيات بمقترحات للتعديل الدستوري يتم رفعها الى البرلمان الذي سيتمم النصاب القانوني في عدد أعضائه بالإنتخابات التكميلية المذكورة والتي إعتبرت المشاركة فيها إشارة بالرضا عما هو قادم من تحولات اصلاحية.

وحين يصل الجميع الى مراحل متقدمة في مشروع المصالحة والتعديلات الدستورية بعد الإنتهاء من الإنتخابات التكميلية يكون سلمان قد كسب التأييد المطلق من واشنطن تمهيدا لزيارة خاصة يلتقي فيها الرئيس الإمريكي ويؤكد من خلال اللقاء على نجاحه في الوصول الى طريق حل نال رضا الأطراف الرئيسية المؤثرة في المسار السياسي الشعبي وسينتهي الى تسوية تضاف الى ما وعد به سلمان من لجنة مصالحة ومؤتمر شعبي للتعديلات الدستورية تؤسسان ويتم بموجبهما تطعيم الدولة بكادر منتمي لهاتين الجهتين الشعبيتين على أن تحصل كبراهما على ثلاث وزارات وصغراهما على وزارة واحدة في مقابل الرضى بتعديل خاص لقانون الإنتخاب يحصد الشيعة بموجبه عدد 22 مقعدا نيابيا من غير أن تتلقى الجهتان تفاصيل إجرائية محددة بزمن من خلال "حوار" تفصيلي لا في لجنة المصالحة ولا في التعديلات الدستورية والتسويات على أن تمضيان في وظيفتهما أيضا بكسب المزيد من التأييد المطلق للشارع ومن ثم توجيهه الى حيث القبول بالحل الموعود باعتباره المخرج المناسب في دائرة كسب فن الممكن.

وفي الطريق الى مراحل الحل كانت عملية توجيه الشارع وإطفاء ثورته واحدة وتغليب الوجه المطلبي عليه مما إعتبرته هاتان الجهتان ضمان ثقة مطلقة وولاء وطني لما عرضه سلمان من إجراءات حل "صادقة" كما وعد بها على شاشة تلفزيون البحرين من قبل، وبين هذه المراحل التي تبلورت فيها لجنة بسيوني ومؤتمر المرئيات؛ مارس القطب المتطرف في العائلة الحاكمة بحسب الخديعة الكبرى لولي العهد سلمان أسوأ ألوان العذاب بحق الشيعة على أساس طائفي صرف كان يستهدف فيما يستهدف الزام جهات الثقة والولاء المطلق عند خيارهما وتقييدهما بما ألزما به نفسيهما في دائرة السيادة الخليفية .

وعلى أساس من ذلك يبدو طريق المعارضة الجادة والملتزمة بتطبيق مشروع إسقاط النظام بحاجة إلى الكثير من الترشيد والعمل النضالي ذي البعد الإستراتيجي الحذر القادر على توجيه كل الطاقات الى حيث الفعل الثوري أولا ، ومن ثم العمل على إعادة تدوير النشاط النضالي في مناطق التأثير السياسي ثانيا.

ولعل ما يزيد هذه المعارضة الأصيلة ثقة في الوصول الى مراميها المقررة؛ أن الأثر الثوري الذي تركته يوميات دوار الشهداء وما لازمها وما تلاها من حوادث مثيرة للعواطف والأحاسيس على بناء ديني باعث على الصمود المستمر وعلى وعي بضرورات وموجبات المقاومة بأشكالها الشرعية كافة، كلها مجتمعة قادرة على جعل متبنيات الثقة المطلقة في آل خليفة هباء منثورا وكشف زيغ لعبة سلمان على وجه الحقيقة ، فالعون من الله سبحانه وتعالى مستمد إذا ما تقدمت هذه الثورة أعلام النصر الحسيني. __DEFINE_LIKE_SHARE__

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
كريم المحروس: العشاء الأخير على صيف تسويات ساخن	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	06-02-2012 08:40 PM
العشاء الأخير على صيف تسويات ساخن / كريم المحروس	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	06-01-2012 09:10 PM
شاحن متنقل لجميع انواع الجوالاات + شاحن سيارة	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	10-07-2011 07:30 PM
دبي تفاجئ العالم بسندات تتجاوز المطلوب وبفائدة أقل	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	09-30-2010 03:00 PM
ابي ترحيب ساخن ساخن ساخن.... بس احترقت	بيونة الحلوة	تراحيب وتهاني	17	11-16-2008 08:45 PM