بحرين تايمز || المركزية واللامركزية في ثورتنا الابية

محروم.كوم · #1 03-24-2012, 09:30 PM

المركزية واللامركزية في ثورتنا الابية (١/ ٢)

المركزية واللامركزية هما من الأساليب الإدارية التي تعرف بالإدارة العمودية (المركزية) والإدارة الأفقية (اللامركزية) حيث لكل إسلوب ايجابيات وسلبيات متفاوته يخضع تقييمها للظروف المحيطة ونوعية التحرك والأهداف، فكما هو الحال بوجوب تشخيص المصلحة عند إتخاذ القرارات وإسلوب الحراك فإن تشخيص المصلحة يتطلب إختيار إستراتيجية إتخاذ القرارات وإسلوب التحرك.
ولأن الأمر يطول في الشرح المفصل سأقتصر على عشر محطات مهمه مرت بها ثورتنا ودور المركزية واللامركزية فيها للمقارنة بين الاستراتيجيتين ثم نجعل الحُكم للقارئ.

اولاً: إنطلاقة الثورة:
من المعروف إن إنطلاقة الثورة كانت عبارة عن تلاقح أفكار في موقع ملتقى البحرين الإلكتروني نتج عنها موضوع يقترح إنطلاق ثورة شعبية ،وذلك بعد انتصار ثورة الياسمين في تونس وإنطلاق ثورة ٢٥يناير في مصر وسرعان ما لاقت الفكرة تقبل غالبية أطياف المعارضة خصوصاً بين الجماهير وحتى من لم يدعم الإنطلاق التزم الصمت دون الوقوف بوجهها وكانها داعماً بشكل غير مباشر للإنطلاق وعليه نستطيع القول إن إنطلاقة الثورة كانت بقرار لامركزي بامتياز.

ثانياً: التمركز في ميدان الشهداء:
في تاريخ ١٥فبراير٢٠١١ وبعد تشييع الشهيد الأول للثورة علي مشيمع الذي سقط في ١٤فبراير وسقوط الشهيد فاضل المتروك أثناء التشييع توجه المشييعين من مقبرة الديه بشكل عفوي للدوار ودون قرار من أحد القيادات المعروفة وتم فتح الدوار للمرة الأولى ببركة دماء الشهيدين وبقرار لامركزي.

ثالثاً: فتح ميدان الشهداء بتاريخ ١٩فبراير:
بعد التمركز الأول في الميدان تم مداهمة المعتصمين فجر يوم ١٧فبراير بالجيش والمدرعات مما سبب سقوط ٤ شهداء وعشرات الجرحى والمفقودين وعرف ذلك اليوم بالخميس الدامي وكان من المقرر أن تقوم الجمعيات المعارضة بفتح الميدان (بقرار مركزي) من خلال مسيرة تنطلق من مجمع البحرين بيوم السبت تاريخ ١٩فبراير ولكن فاجاة وقبلها بيوم صدر قرار من الجمعيات بتاجيل المسيرة ليوم الثلاثاء مما أثار غضب بعض الثوار وتوجهوا مباشرة للميدان بقيادة الشهيد البطل عبدالرضا بوحميد وكانت بركات دمائه الزكية ودماء أبطال تلك الملحمة سبباً لفتح الدوار بعد أن توجه عشرات الآلاف من الشعب بشكل عفوي له في اليوم التالي وفتحوه بصدورهم العارية فكان فتح الدوار للمرة الثانية بقرار لامركزي أيضاً.

رابعاً: المسيرات بفترة الأعتصام في الميدان:
خرجت العشرات من المسيرات الشعبية أثناء الإعتصام المركزي للثورة في ميدان الشهداء فمنها من كان بقرار مركزي من الجمعيات ومنها من كان بقرار لامركزي من خلال افكار تتداول بين المعتصمين فتلاقي ترحيب وقبول ولكن أستطيع ان أجزم بان أكثر ما أزعج النظام وآلمه من هذهِ المسيرات هي مسيرة كسر القيود التي طافت القلعة بأمواج من البشر الثائرين ومسيرة الديوان التي أدخلت الرعب في قلوب الظالمين ومسيرة قصر الصافرية التي كسرت ظهر المستكبرين وعلى رأسهم الطاغية (يسقط حمد) وهذه كلها كانت بقرارات لامركزية، وانا هنا لست في صدد الاستهانة بالمسيرات الاخرى كمسيرة الوفاء للشهداء التي كانت بقرار مركزي من المجلس العلمائي ومسيرة إسقاط الحكومة التي كانت بقرار مركزي من الجمعيات.

خامساً: الإضراب عن العمل:
كانت فكرة الاضراب عن العمل تتداول بين المعتصمين ولكنهم كانوا ينتظرون قراراً من نقابة العمال البحرينية!! وحين صدر بيان الاضراب أضرب الشعب عن العمل وشل البلاد وسرعان ما تم مداهمة الدوار بالجيش السعودي المحتل وفض الاعتصام بقوة الرصاص والمدافع.
وعول الناس على استمرار الاضراب لضرب الاقتصاد اذ بات سلاحهم الوحيد في ذلك الوقت ولكن كانت المفاجاة والطامة ان جاء القرار بفض الاضراب عن العمل مما شكل إنتكاسة للثورة فلم يستطع الثوار والمحللين تفسير هذا القرار والذي التزم به المضربين عن العمل وعادوا لاعمالهم ليواجهوا مصيراً مجهول فقد جاء الاضراب عن العمل بقرار مركزي وفض بقرار مركزي.

سادساً: فترة ما يسمى بالسلامة الوطنية:
التزمت المعارضة الرسمية بقرار السلامة الوطنية بعدم تنظيم أي فعالية ميدانية معارضة خلال ٣ أشهر ولكن الشباب الثائر لم يلتزم بذلك لانه غير مجبر ولا يأخذ القرار من اعلى ليثور ويعترض فخرج في الساحة في تنظيم جديد سرعان ما التف حوله الثوار وكانه طوق النجاة للثورة فكان هو ائتلاف شباب ثورة ١٤فبراير الذي خرج من رحم الثورة ومن بركات منهجية اللامركزية في القرار.

سابعاً: بعد ما يسمى بالسلامة الوطنية:
استطاعت الجمعيات المعارضة لملمة اوراقها وترتيب صفوفها من جديد وبدات بتنظيم إعتصامات ومسيرات بدأت من قرية سار واستطاعة من خلالها تشجيع الناس للخروج للشوارع بشكل مكثف مما انعكس ذلك ايجايبياً في تلك الفترة على المشاركة في المسيرات الغير مرخصة ايضاً خصوصاً بعد دعوة الشيخ علي سلمان (أمين جمعية الوفاق) للناس في إعتصام قرية الحجر بان شاركوا في جميع الفعاليات السلمية وهذه نقطة إيجابية للثورة تحسب للجمعيات المعارضة التي تتبع إسلوب المركزية باتخاذ قراراتها الا انها دعت للتجاوب مع باقي القوئ في الساحة مما شكل تحالف غير رسمي بين المعارضة الرسمية التي تطالب بمملكة دستورية والمعارضة الغير رسمية التي تطالب بإسقاط النظام.

ثامناً: ما قبل ١٤ فبراير ٢٠١٢:
استمرت جميع أطياف المعارضة بالداخل والخارج، الرسمية منها والغير رسمية بحراكها الشعبي والاعلامي والقضائي بين قرارات مركزية كالمسيرات والمهرجانات والاعتصامات والتأبين... الخ وتارة اخرى بقرارات لا مركزية كتقرير المصير وطوق الكرامة وقبضة الثائرين وبنك الكرامة وعصيان الكرامة والمقاطعة ..الخ، نتج عن كل ذلك تشكيل زخم ثوري من جديد وصل أوجّه قبل الذكرى السنوية لإنطلاق الثورة وقررت كل الاطراف بشكل توافقي غير رسمي ان يعودوا للدوار بتاريخ ١٤فبراير٢٠١٢.

تاسعاً: محاولة العودة للدوار وما بعدها:
رغم ان قرار العودة للدوار كان شي متفق عليه بشكل توافقي وليس رسمي بين جميع أطياف المعارضة إلا أن القوى الثورية المطالبة بإسقاط النظام هي من أصدرت بيانات صريحه للعودة محددتاً فيها الوقت والتاريخ بينما اكتفت الجمعيات المعارضة المُطالبه بالمملكة الدستورية بتشكيل ضغط سياسي واعلامي على النظام للسماح لها بالعودة لميدان الشهداء مما يُعتبر تكرار لموقف تاجيل مسيرة فتح الميدان في ١٩فبراير٢٠١١، كما لا ينكر أحد بان أحد مسيرات العودة للميدان بتاريخ ١٣فبراير٢٠١٢ قد انولدت وانشقت من مسيرة الجمعيات اذا نستطيع القول ان المسيرة اللامركزية التي توجهت للدوار قد انولدت من مسيرة مركزية وهي من الحالات النادرة ومن الامور الايجابية للطرفيين. الى ان عدم القدرة على فتح الميدان سبب إحباط في صفوف كثيرة من جماهير الثورة وكادت الثورة أن تلتقط أنفاسها الاخيرة لعدت أسباب وأهما تراجع الزخم الثوري بشكل كبير بعد فشل العودة للميدان وانشغال الكثير من الحركيين بحياته الخاصة بعد عودة الكثير منهم للعمل بعد ان كانوا متفرغين للثورة بشكل تام ولكن دماء الشهداء جعلت الله عز وجل أن يلطف بنا.

عاشراً: مسيرة الشعب بتاريخ ٩مارس٢٠١٢:
بعد ان كادت الحالة الثورية تموت في كثير من قلوب الجماهيير تدخل سماحة اية الله الشيخ عيسى قاسم بكل ثقله في هذا المنعطف الخطير ودعى لمسيرة شعبية لكل الشعب دون تغليب طيف على اخر لتكون أكبر مسيرة شعبية تشهدها البحرين والخليج من حيث العدد واكبر مسيرة عالمية من حيث نسبة السكان وقد رفع فيها الجماهير كل الشعارات المعبرة عن مطالبهم الحقة كُلاً حسب سقف مطلبه الذي يتبناه مما أعاد الزخم الثوري من جديد في صفوف الجماهير وحرك الماء الراكد في جميع التيارات، ورغم ان قرار المسيرة قد جاء بقرار مركزي بامتياز الا ان سماحته لم يلغي استراتيجية اللامركزية للحراك حيث كانت الدعوة لكل اطياف الشعب ودون تغليب طيف على آخر مما جعل جميع الاطياف تشارك في المسيرة دون الخوف من اسقاط اي سقف من المطالب.

عشر محطات مهمه مرت بها ثورتنا المجيدة تخللتها قرارات متفاوتة بين المركزية واللامركزية وتبقى التساؤلات:
أي من الاستراتيجيتين أفضل لإدارة الثورة؟ وأيهما كفيل باستمرارها وتحقيق أهدافها؟ وأيهما يشكل خطر على النظام؟ وأيهما سيوصلنا لبر الأمان؟ المركزية او اللامركزية؟

.... يتبع في العدد القادمــ

أبو محمد
٢٢ مارس ٢٠١٢
@AboMohd_BH
__DEFINE_LIKE_SHARE__

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
للايجار استديوهات مفروش بالمناطق الاتية بعجمان	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	12-03-2011 07:00 AM
توربوا	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	10-18-2011 03:20 PM
جدلية المركزية واللامركزية	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	08-26-2011 04:00 AM
ليالي مجلس الموكب في السنابس الابية	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	04-02-2010 01:40 AM
[تبادل اعلاني] مع منتديات بحرين تايمز	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	03-10-2010 07:11 AM