إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...

انضم الينا
استراحات زايد الصفحة الرئيسية


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-05-2011, 12:30 AM
عضو ماسي
بيانات محروم.كوم
 رقم العضوية : 503
 تاريخ التسجيل : Dec 2007
الجنس : female
علم الدوله :
 المشاركات : 2,100,611
عدد الـنقاط :3341
 تقييم المستوى : 2139

الموضوع طويل ولكن أنصحكم بقراءته كاملاً لترو كيف كانت ثورة الاخوة في شرق الجزيرة العربية ولنتعلم من دروس الماضي لنطبقها في الحاضر

اقتباس:
انتفاضة المنطقة الشرقية، محرم 1400هـ.

تلقى (الأمير) أحمد بن عبد العزيز مساء 28 / 11 / 1979، الموافق لليلة العاشر من محرم / 1400هـ، اتصالاً هاتفياً عاجلاً من قيادة الحرس الوطني في "المنطقة الشرقية" حمل بلاغاً عن خروج تظاهرات احتجاجية صاخبة في منطقة "الأحساء". بعد أن تم قمع التمرد في المدن الأخرى التي انتفضت خلال ايام عاشوراء، وطلب التشاور حول طبيعة الردع الأمني المناسب والسريع، لكن هذا الأمير، الذي يشغل مناصب عديدة أهمها موقعه كنائب لوزير الداخلية (السعودية)، لم يتمالك نفسه فراح يصيح "ماذا تقول، لا يمكن ذلك، هل انت مجنون لتتكلم بهذه الطريقة".

هكذا يكون حال الطواغيت دائماً، يتوقعون الخنوع الكامل من ضحاياهم ويعولون كل التعويل على نتائج الإرهاب والقمع الممارس ضد أبناء البلاد، إضافة إلى انهم لم يتوفروا على جرأة تدفعهم إلى قراءة التأريخ ووعي فلسفته، لأن ذلك يقودهم إلى رؤية مشاهد لا تروق لتشبثهم المستميت بالسلطة والنفوذ.

ظاهرة الرفض والتمرد ثم (العنف) المضاد، في منطق الرؤية الإجتماعية والنفسية، رد فعل طبيعي من قبل الذات على أزماتها الخانقة التي تستفز رغبة المرء في البقاء، وتوقه الى توفير ظروفه وعوامل ديمومته. كالحفاظ على الهوية وصيانة الشرف وتأمين العيش الكريم. وحين لا يصدر رد الفعل هذا فأنه يدلل، دون ترديد على ذات اجتماعية مريضة ومشوهة، في حال عدم توفر ما يوحي بأن ثمة "تكتيكاً" اجتماعياً معيناً يعتمد هدنة معقولة مع الخصوم الأقوياء.

"المنطقة الشرقية" نظير مناطق الجزيرة العربية الأخرى ومعظم بلدان المنطقة، تحتفظ بدواع كثيرة للتمرد والرفض لنمط الحكم السعودي المستبد، ولخصوصيتها الإسلامية فأنها راحت تتعرض لقمع فكري وعقائدي متزايد من قبل النظام المتعجرف، تمثل بألوان التمييز الطائفي والممارسات القمعية وانماط التنكيل المختلقة، كما ان خصوصيتها الجغرافية، وكونها تمتلك، 24% من احتياطي العالم النفطي، عمق في شعورها الأحساس بالحرمان واستلاب الحقوق، عبر سياسات بني سعود المجحفة التي تنتهج بحق سكان هذه المنطقة، وبعد طول صبر وحين ادرك الجميع ان هذه الأزمات لن يعقبها انفراج يذكر، وفي أجواء محرم وذكرى عاشوراء، خرج أبناء الشرقية في مناطق متعددة، من بين أكواخ الصفيح الفقيرة ليطلقوا صرخات التمرد والرفض لمجمل الأوضاع القائمة في بلادهم.

هناك قضية تفرض مضامينها على اجواء الحديث، وهي طريقة تعامل الإعلام العالمي (المؤسسات الغربية خاصة) مع ما يصدر عن المجتمع من رفض وثورة ضد أنظمة الحكم التقليدية، فتلك المؤسسات التي تتولى الدعاية والترويج وتتنافس من أجل تغطية أحداث تبدو تافهة ضئيلة الحجم، تحجم عن ان تولي ولو شيئاً من اهتماماتها إلى أنشطة ثورية تبادر اليها شعوب منطقتنا العربية هذه، محاولة الأبقاء على صورة الإستقرار الكاذب التي تمنحها لأنظمة الحكم تلك، وفي هذا الصدد يقول الكاتب الفرنسي "كلود فوبيه" في دراسته الصادرة في باريس عام 1983 "النظام السعودي":

((ان ما يهدد النظام السعودي.. ليس العدوان الخارجي وإنما الإنفجار فسيكون خطأنا الأكبر هو أن نتصور الإستقرار الداخلي حقيقة ملموسة وهو ليس إلاّ واجهة، يتردد لها صدى كبير في الخارج لا بحكم الرقابة الشديدة للسلطة فحسب، وإنما لاتهم صحفنا قدرما تهمها حصيلة ليلة في الكازينو لولي العهد حين يخسر مليارا ونصف مليار، كما فعل فهد في موناكو عام 1974م، وعلى كل حال فأننا نخطيء اذا لم نضع إلى علامات السخط الصادرة من الجزيرة العربية، حتى اذا كانت تصلنا مكتوم للغاية)).. هذه الشادة القادمة من باريس تلقي الضوء على حجم المظلومية التي تتعرض لها حركة الثورة في منطقتنا، والتآمر السافر الذي يستهدف تطويق إرادة الجماهير وتغييب صوتها، غير أنها رغم ذلك تعيد تحديد شعار الحرية يوماً بعد آخر وتقدم صياغاته الحمراء، وتتخذ من لغة الدم، في ابلاغ صوتها، بديلاً عن عجلة الدعاية العالمية التي خذلتها.

ان انتفاضة المنطقة الشرقية كغيرها من مفردات الرفض والتضحية في الجزيرة وفي بلدان المنطقة الأخرى لم تحض بالتغطية المناسبة، ولم تتوفر لها القنوات الكافية التي تعكس هويتها الأصيلة وحجمها الحقيقي بشكل منصف وموضوعي، وحتى المطبوعات القليلة التي تناقلت الخبر بعد فوات الأوان وقمع الإنتفاضة، كانت لمعظها أغراض غير نزيهة، وقامت بعضها بتجيير الحدث وتوظيفه في إدارة معركتها السياسية مع بني سعود، او اثر روح طائفية واسباغها على الإنتفاضة.

ومع كل ذلك فقد وفرت الإنتفاضة لجهاد الشعب رصيداً تأريخياً بلور مواقفة ورسم أمامه قدر المواجهة ورسخ الرابطة المبدئية بينه وبين قيمه، وصحح من معلومات النظام السعودي حول طبيعة الأمة وحجم رفضها وتحديها، الى غير ذلك من النتائج الإيجابية المهمة.

عامل الرفض ثقافي، سياسي، اقتصادي
ثمة الكثير من دواعي الرفض الشعبي لنظام بني سعود، الذي بسط سلطته في الجزيرة العربية عبر سياساته القمعية والدموية.

وعدا تلك الدواعي، كانت المنطقة الشرقية بالذات تتمتع بخصوصيات تؤهلها للعب ادوار متميزة في البلاد، حيث يمكن اعتبارها مع الحجاز اقليمين متميزين من حيث الوعي السياسي الناشيء عن الانفتاح الثقافي على المحيط العالمي والإسلامي، وبالنسبة إلى المنطقة الشرقية فقد كان هناك تواصل ثقافي مكثف مع البلاد العربية المجاورة خاصة العراق بما فيه من زخم ثقافي وتيارات سياسية وفكرية متبانية، وفي مجمل المراحل التأريخية كان هناك العديد من أبناء المنطقة يتلقون تعليمهم في مدينة النجف الأشرف بالعراق العاصمة العلمية العريقة، والتي تعتبر من المنابع الرئيسية للتأثيرات الثقافية في العالم الإسلامي، ان هذا الإنفتاح كان له اثره في تغذية الوعي الإجتماعي في مختلف الأتجاهات، لذلك احتضنت المنطقة عدداً كبيراً من العلماء والفقهاء ممن بلغوا مراتب عالية وبينهم مجتهدون في الشريعة، كما شهدت تجربة أدبية ناضجة، رغم انها تقلصت الى حد كبير في أواخر عهد فيصل بن عبد العزيز المشؤوم، وفي مقابل الوعي الذي ساد مجتمع هذه المنطقة، راح النظام السعودي يكرس اكثر بأكثر الاوضاع المتردية في البلاد.

على الصعيد السياسي لم يكن النظام الحاكم متوفراً على أي قدر من الشرعية الدينية او القانونية، فهو الملك العضوض وحكم العائلة، الذي ورث طقوساً اموية وعباسية وتترية..، فأضحى عصارة لتجارب الظلم والإستبداد التي شهدها تاريخ المنطقة، وكان الإرهاب هو المنهج الرسمي الثابت للسلطة السعودية. فعلاوة على انعدام أي قناة قانونية للتعبير عن الرأي وانعدام امكانيات الحوار مع السلطة حول المشاكل الإجتماعية والوطنية كان سيف الاعتقال مشهوراً على كل من يجاهر برأي معارض للسلطة. أو يغذي في السر تحركاً سياسياً او ثقافياً لا يصفق للنظام مع ان جماهير الشعب ونخبه لطالما طالبت بتغيير طبيعة العلقة بينها وبين نظام الحكم، لكن السلطة ظلت تتجاهل كل ذلك وتمارس سلطتها دون أي حق معترف به للشعب، علاوة على ان النظام السعودي حرص على دعم ورعاية التيار الخياني في المنطقة، فيما يتعلق بالملفات السياسية الحساسة سواء منها قضية الصراع مع الكيان الصهيوني او العلاقة مع الغرب والولايات المتحدة والموقف من حركات التحرر العربية والإسلامية، واخيراً طبيعة ردود الفعل المعادية لصحوة الأمة الإسلامية في العالم سيما ثورة الشعب الإيراني المسلم التي انضم بني سعود إلى جوقة مناوئيها مبكراً، ومما لاحظه الشعب في هذا المجال وصول مجموعات من الكوماندوز الإميركي الى قاعدة الظهران في نوفمبر 1979، لتكون قريبة من إيران عند الحاجة إليها في اي تدخل عسكري يرونه مناسباً وهو مما زاد في إثارة حفائظ الجماهير وذكروه في بعض بياناتهم المهمة كأحد اسباب الإنتفاضة.


ان عناد الأنظمة المستبدة وإصرارها على تجاهل الأنذارات الجلية الواضحة التي يطلقها الإلحاح الشعبي المتزايد، لابد أن يدفع المجتمع بكل فصائله إلى العمل الجهادي فيتبلور ذلك في الدور التوجيهي الذي يؤديه العلماء والمؤمنون مما سينعكس على حركة الرفض الجماهيري ويوفر لها آليات الإستنهاض والتفعيل والدفع نحو مستويات متعددة من المواجهة.

على الصعيد الفكري والثقافي، أحاط النظام السعودي الجزيرة العربية بطوق منيع فارضاً الحصار الثقافي الذي تلجأ اليه أنظمة الإستبداد من أجل حماية سلطانها عبر المحافظة على مستوى واطيء من الوعي عند السكان المحكومين، فبقيت أجهزة الإعلام السعودية قناة التوعية المشروعة الوحيدة، وهي لا تتقن الا التسبيح بحمد السلطان وتقديس رموزه العتاة، وقد بلغ الأمر بالسياسات الإعلامية العامة، التي تتولى السلطات العليا تحديدها، ان بادرت الى تعميم قوائم بالنصوص ممنوعة التداول اعلامياً، وهي تتضمن كلمات نظير، الثورة الحرية، الجماهير، وآيات قرآنية كذلك مما يقع في سياق قوله تعالى: "ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها اذلة.."!.

كما ان قائمة الكتب والنتاجات الثقافية والفكرية الممنوعة طويلة لا نهاية لها وتضم نتاج خيرة الأقلام الخليجية والعربية والإسلامية، نظير كتب الشهيد السيد محمد باقر الصدر، الشيخ المطهري، د. عبد الله النفيسي.، د. محمد الرميحي، ود. خلدون حسن النقيب، وتمنع الأبحاث التي تصدرها مراكز الدراسات في العالم العربي مثل كتاب "السياسة الخارجية السعودية"، لـ د. غسان سلامة. و"تطور بنى الأسرة العربية" لزهير حطب الصادر عن معهد والانماء العربي، و"هدر الأمكانية" ـ د. سعد الدين ابراهيم، تجربة دولة الامارات العربية من اصدارات مركز دراسات الوحدة العربية، وتستمر القائمة لتشمل اصدارات المراكز الاستراتيجية للدراسات كالأهرام ومؤسسة الابحاث الفلسطينية وكتب د. أسامة عبد الرحمن (من أبناء الجزيرة العربية )، والروائي (عبد الرحمن منيف)، وتطال قائمة المنع مطبوعات عربية مثل، السفير، الكفاح العربي، الأهالي، النداء، الأزمنة العربية، المحرر، القدس، العرب، وحتى الصحف والمجلات الغربية راحت تحظر فترات تتجاوز أحياناً السنة مثل التخصصية البريطانية "الأيكو نوميست" والاندبندنت والفايشال تايمز، والصاند أي تايمز، نيوزويك وغيرها، أما الصحفيين والكتاب فطالتهم الاعتقالات الوحشية كما حصل مع محمد العلي (رئيس تحرير صحيفة اليوم)، وصالح العزاز، وعلي الدميني. وعبد الله الدبيسي. وفوزية البكر, ويوسف الزهير، والشاعرة فاطمة كامل المعروفة بـ "ندى اليوسف ـ التي اصيبت بالشلل نتيجة للتعذيب ولا يغيب عنا ذكر الكاتب المناضل ناصر السعيد، ابرز الاقلام المناوئة للاضطهاد السعودي الذي اختطف واختفى في بيروت في ديسمبر 1979، بواسطة عملاء السفارة السعودية. ويظل الإعلام السعودي أحد اكثر دواعي السخرية والتهكم في نظام الحكم، اذ هو على حد التوصيف المعبّر لنجيب الريس في "رياح السموم" يعتبر، اكثر من غيره بين الاعلام العربي، ان للإعلام وجهاً واحداً، هو أن كل شيء على ما يرام في المملكة!، ويواصل نجيب الريس، لعل من المفروض ان يكون الإعلام السعودي، خلال ثلث قرن..، قد دجن كل الاقلام العربية (وهذا ما يخلق مشكلة كبيرة للكتابة عن السعودية) فإنك اذا كتبت مادحاً فأنت من دائرة النفاق الوصولية وطامح للوصول إلى بيت المال و اذ كتبت منتقداً فأنت متهم بالأبتزاز طمعاً بالوصول ايضاً إلى بيت المال، وبالطبع يقول الريس ـ فأن هذا المأزق يناسب الإعلام السعودي لأن الكاتب العربي مدان في كلتا الحالتين!. حرصت السلطات السعودية كذلك على اشاعة اجواء ثقافية هجينة وغريبة بما يوفر لها المناخ الفكري والسياسي الذي يحقق "أمن السلطة وأمن العرش" إلى الحد الذي أثار استغراب شخصية للمفكر المعروف أبي الحسن الندوي، حيث عبر عن امتعاضه الشديد من الوضع العام في مقال بمجلة الدعوة (غرة محرم / 1400) قائلاً: "هل هي مجرد مفاجآت او تصرفات من غير المسؤولين، او هي سياسة مخططة من قادة البلاد، أم انها سياسة مفروضة موحى اليها من الخارج ومن القوى الكبرى، مقابل ما تقدمه من معونات وتتكفل به من حماية للمملكة..".

وعلى المستوى الإقتصادي كانت الأوضاع ـ في رؤية كلية تقويمية ـ مريعة جداً، فبالرغم من الثروة النفطية الهائلة وعائدات تجارة البترول الخيالية، يظل الكثير من المواطنين يسكنون (بيوت الصفيح) في قرى الأحساء والقطيف ومدنهما البائسة، كما تنتشر أحزمة الفقر في معظم المدن الصاخبة والثرية، علاوة على التضخم المتزايد في الأسعار وتدني نوعية المشاريع، والإفتقاد إلى تخطيط للتنمية الحقيقية، مع التبذير في الانفاق وفساد اجهزة الدولة، وكما يقول كلود فوبيه في كتابه "النظام السعودي.." المومى اليه آنفاً: "السبب الرئيسي لهذا الرفض (الشعبي لحكومة آل سعود) هو ترف محدثي الثراء الذي تكشف عنه طبقة جديدة يأتي مصدر مواردها الرئيسية من نهب الموارد الطبيعية للبلاد، فأسلوب حياة هؤلاء العاطلين المسرفين الفاسدين، حتى لو أبقوا على أقل التقاليد الدينية أو القومية الزاماً، يصدم بشدة مواطنيهم الذين لا تتاح لهم أي وسيلة للتعبير او التنظيم الإجتماعي والسياسي والثقافي… من الواضح ان سلوك هؤلاء تجاه شعبهم هو أشبه بسلوك القاهر الأجنبي الذي تبنى أسلوب حياته وأدوات سلطته. منه بسلوك المحررين..".

الملاحظ ان السياسات الإقتصادية للنظام كانت تهدف الى تمييع شخصية المواطن وإضعافها، وعلى حد تعبير عبد الرحمن منيف في رواتيه "مدن الملح" فإن التغيير الذي حدث في مجتمع النفط شمل القشرة الخارجية فقط اما في الداخل فقد انكسر الأصيل قبل توفر البديل.. ومعنى ان تنكسر حياة شعب دون أن يحصل على شخصية جديدة او بديل حقيقي فهي ذروة المأساة، فالحضارة التي تبنى في مدن البترول وتتصاغر وتنكمش إلى حدود استهلاك البضائع الأجنبية المغلفة بالورق الصقول وتقليد كل ما هو أجنبي..، الى غير ذلك مما يتم في سياق السياسة التي تهدف الى استلاب شخصية المواطن وتشويه مجمل منظومة القيم الإجتماعية في البلاد".

كل الوان التردي في الأوضاع السياسة والثقافية والإقتصادية هذه، كانت توفر الداعي الكبير للثورة، بعد ان وعاها شعب الجزيرة وأدرك المخاطر العميقة والتهديدات الحقيقة التي تتمثل باستمرارها.

الثورة الإسلامية التي جاءت كثمرة لكفاح الشعب الإيراني بقيادة الإمام الخميني "مثلت آلية تحفيز واستنهاض وساهمت في إعادة الأمل بإمكانية رفع الحيف واستنقاذ الحقوق ومقارعة الظلمة والطواغيت، مما فعَّل دواعي التمرد والإنتفاضة، وسرّع من مبادرة أبناء الشعب والقطاعات الجماهيرية اليها.

لا يسع المراقب إلاّ أن يحاول استيعاب الإرتباط الموضوعي بين انتفاضة الشرقية وتداعيات قريبة أخرى للوضع المتفجر، ابرزها اعتصام جماعة "الدعوة المحتسبة" بالحرم المكي الشريف في 1 / 1 / 1400هـ اذ ان هذه الحادثة التأريخية لا بد وأن تكون قد تركت أثرها المهم على انتفاضة المنطقة، حيث كان الأجتماع في ذروته بينما تتناهى إلى المنتفضين أنباء المواجهات الضارية في الحرم بين اتباع جهيمان العتيبي، والقوات التي حشدتها السلطة السعودية لإنهاء حركة الأخوان او الدعوة المحتسبة هذه، لكن بعض المراقبين مثل وليم كوانت، عضو مجلس الأمن القومي الأميركي في إدارة كارتر، في كتابه "السعودية في الثمانينات"، يعتقدون "أن ما يخيف النظام السعودي اكثر من احداث مكة وحركة جهيمان، هي اضطرابات الشيعة في القطيف اواخر 1979، حيث يتركز الشيعة في المنطقة الشرقية وهم يعاملون عادة كمواطنين من الدرجة الثانية من قبل الحكام..".

هذه النواحي التي تدعو إلى الثورة أوجزها الثوار في بيان وزعوه في 8 / محرم 1400 الموافق 27 / 11 / 1979، مما سنتطرق اليه فيما يأتي.

الأنتفاضة بداية منعطف تأريخي

في خضم تلك الأجواء المشحونة بالغضب للحق، ومع توفر عوامل الأثارة والإستنهاض الكافية وبلوغ الوعي بالقضية مستوى يؤهل للفعل الميداني، كان لا بد من الإنتفاضة ليعرف النظام السعودي حجم الرفض الذي يكنّه الشعب لسياساته وممارساته، ولتعود للشعب الثقة بذاته وبقدراته التي يملكها فتتحول المفاهيم الثورية التي آمن بها إلى واقع ميداني وممارسة فعلية ولينتقل بذلك إلى مرحلة تأريخية جديدة من مراحل الجهاد والنضال في سبيل التحرر من هيمنة الأجنبي، كل ذلك تحت راية الإسلام ومداليل نهضة عاشوراء الحمراء التي تمنح بكل قوة المشروعية للجوء الى الخيار الأصيل والنابض بالحياة في مفهومها الحسيني الخاص بمسحاته القدسية الرافضة للتعايش مع الظلم والأستهتار بمقدارات الأمة الوسط الشاهدة.

بدأ موسم العزاء التأبيني المهيب الذي يقيمه أبناء المنطقة في عاشوراء، ليتمثلوا الحسين بن علي ورجالات ثورته الخالدة، وكانت مدن المنطقة الشرقية كعادتها من الاقاليم الإسلامية الرئيسية التي تبدي اهتماماً متزايداً بمراسم التأبين هذه، وانعكست ظروف عام 1400هـ، الاستثنائية على كل شيء، وبدا واضحاً ان الجماهير والقطاعات الشعبية تريد خرق طابع الرقابة التقليدي الذي اعتاد عليه العزاء الحسيني، ففي مطلع محرم من تلك السنة، اواخر نوفمبر 1979، كانت الكثير من المنازل قد تحولت إلى غرف عمليات، تعد المنشورات وعلب الأصباغ لاستعمالها في كتابة الشعارات الجدارية، وسرعان ما وزعت المنشورات الثورية وامتلأت الجدران بشعارات الأستنهاض، كلمات علي والحسين: (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا افر فرار العبيد)، (هيهات من الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله..)، (كونوا أحراراً في دنياكم..). (لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً)، وكانت هذه الأجواء إيذاناً بنزال عنيف يحمل طابعه الملحمي القاني الذي صنعه أبناء الشرقية مما سنتابعه تحت العناوين التالية، التي سنستعرض فيها كيف بدأت الإنتفاضة وحقيقة هويتها التي عبرت عنها البينات والشعارات ثم المظاهرات الإحتجاجية التي تحول معظمها إلى صدامات عنيفة من 6 / محرم ـ وحتى 10 محرم، وسيطرة الأهالي على المدن وحرب المولوتوف محلي الصنع، وقمع السلطة والشهداء والمعتقلين إثر تلك الأحداث.



الإنتفاضة

الإنطلاقة، المواجهات، قمع السلطة



المنشورات والبيانات الثورية:

كانت المجموعات الثورية تدرك ضرورة استخدام الأساليب الثورية الحديثة من اجل بلورة رؤى الجماهير وأحاسيسها، بغية إيضاح البعد السياس والثوري في حركة الجماهيرن وفي نفس الوقت لغرض الوقوف بوجه القوى النفعية المثبطة التي تحاول إشاعة اجواء الرعب والهزيمة بين صفوف أبناء الشعب، فصدر منشور مهم مطلع محرم1400 هـ / 20 ـ 11 ـ 1979، كان يهدف بوضوح الى تصعيد الموقف المتحدي للسلطة، حيث، دعا الجماهير الى توفير الجو الثوري في (موسم الثورة الحسينية). من خلال المشاركة في مواكب العزاء، ووضح البيان المنشور عدة أهداف وغايات لدعوته هذه، كتخليد ذكر الأمام الحسين(ع) وتكريس الحق في ممارسة الحرية الدينية، واستنكار مواقف الامبريالية الأميركية تجاوباً مع دعوة الإمام الخميني إلى ذلك والتي وجهها إلى كل المسلمين، كما حث المنشور (المؤمنين الأبطال) على عدم الخوف من (الأمن والشرطة)، وعلى عدم الانصياع إلى أوامر (الشخصيات والعمد لأنهم ليسوا إلا مجموعة من الجبناء والعملاء الهلعين على مصالحهم الشخصية). وتلاحق بعد ذلك صدور عدة بيانات، حيث صدر يوم السادس من المحرم / 25 نوفمبر، منشور حول استقطاب فئات الشعب الأخرى وإشعارها بمسؤوليتها مؤكداً على دورها المهم في الموقف الأجتماعي العام، فدعا العناصر النسوية إلى المشاركة في التظاهرة الدينية ـ السياسية. كتعبير عن الرفض والتمرد، مفتتحاً البيان بقوله تعالى "فلولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات..)، ومذكراً بأسهامات المرأة في صنع الأحداث الإسلامية الكبرى مؤكداً ان الشعب "بدأ يتمرد على الأوامر الحكومية ويمارس حرياته الدينية ويخرج في مواكب العزاء ومسيرات التظاهر واستنكاراً للتهديدات الأمريكية العدوانية" كما اعلن البيان "إن اشتراك العنصر النسوي سيربك أجهزة القمع التي تتصدى لحركة الجماهيرية" ونلاحظ ان المنشورات الثورية تتابعت لتواكب مسيرة الرفض ففي خضم المواجهات بين الشعب والسلطة صدر منشور مهم ليلة الثامن من محرم ـ 27 نوفمبر، حث المتظاهرين على مواصلة التحدي ووضح الأهداف التي ينبغي تحقيقها من الإنتفاضة، وكان الموقف الجماهيري المستند إلى وعي دقيق للمعادلة قد تبلور بشكل واضح يدعو إلى الإعجاب في بيان مهم صدر على شكل منشور موجه إلى السلطة إثر مجيء أحمد بن عبد العزيز (نائب وزير الداخلية) إلى الدمام ليلة التاسع في محرم ـ 27 / نوفمبر، ليلتقي مع شخصيات المنطقة الذين استدعوا مسبقاً من اجل ان يحاول توظيف نفوذهم في إخماد نيران الرفض الشعبي، فجاء البيان ليؤكد للسلطات "ان هذه الشخصيات لا تمثل سوى نفسها ولا تحمل آلام الشعب وآماله بل تبالغ في التملق والتزلف خوفاً على مصالحها" وتولى البيان ايضاح الموقف الشعبي وأسبابه والمطالب العادلة التي ينادي بها كما أكد على أن القمع والعنف لن يجدي وعلى الحكومة ان تبادر الى الحلول الجذرية عبر:

1 ـ إطلاق سراح المعتقلين خلال الأحداث الذي تجاوز حينها (9 / محرم) الخمسمائة معتقل.

2 ـ الأعتراف بحريات الشعب الدينية في المنطقة على مستوى القضاء، المحاكم، والفكر والثقافة وحركة الكتاب، والمراسم الدينية ومواكب العزاء الحسيني والفعاليات الإسلامية الأخرى.

3 ـ انهاء سياسية التمييز الطائفي المتخذة حيال المذاهب الإسلامية، تلك السياسة "التي من شأنها تمزيق وحدة الشعب وزرع الأحقاد في نفوس أبنائه".

4 ـ الكف عن التعاون المفضوح مع رأس الكفر في العالم أمريكا، ضد الإسلام وقضايا المسلمين ومنها الثورة الإسلامية في إيران، على حد تعبير البيان، مشيراً إلى ان مجيء الكوماندوز الأميركي إلى قاعدة الظهران المريب يفجر نقمة الشعب ويثير غضبه.

وهذا المطلب تبلور فيما بعد ابان ازمة الخليج / 1990، ليحدد موقف الشعب العام بكل قطاعاته ومذاهبه حيال التواجد العسكري الغربي في الجزيرة والخليج كان مهيئاً لطروء تغيرات سياسية واجتماعية كبيرة افرزت بروز المعارضة السلفية السنية التي انبثقت من داخل المؤسسة الدينية الرسمية في البلاد لتشكل تيارات متعددة فاقمت من أزمة النظام الشرعية.

5 ـ ان تضع السلطة حداً للإهمال والتلاعب بمصالح المواطنين، فإن الشعب يعيش وضعاً سيئاً وأزمات متلاحقة بدءً من أزمة السكن والخدمات وانتهاء بالتعليم، فإلى متى تبقى منطقة النفط بهذا الوضع التعيس.

واكد البيان على "إن الشعب اثبت استعداده للتضحية والمقاومة وفتح صدره للرصاص الحاقد، ويمكن للحكومة التعسفية اما تجرب حظها مرة أخرى في قمعه، فكل حادث من هذا النوع سيكون في صالح الشعب يزوده بالتجارب والخبرات". ان مجموع هذه البيانات يعكس بجلاء حجم الوعي وقدر الحنكة التي استندت اليها الإنتفاضة كما يصرح بهوية التحركات، إسلامية، وطنية، تعتبر عن تطلعات الشعب وهمومه وآلامه.

مساهمت هذه المنشورات بتوعية المنتفضين بجوهر حركتهم ورفدهم بالحماس والتمسك بالقيم الجهادية التي تمنح المواجهة قوة دافعة وتحافظ عليها من تسرب الإنحراف والانتكاسة.

المنبر الحسيني قناة استلهام ومركز مقاومة
أدى المنبر الحسيني دوراً هاماً في تأجيج الإنتفاضة والتواصل مع تطوراتها، فمع تصاعد النقمة الشعبية ـ سيما في منتصف أيام عاشوراء أي الخامس من المحرم فما بعد بادر الخطباء إلى توظيف المفهوم الثوري الذي تنطوي عليه ملحمة كربلاء وتفصيلاتها المثيرة المؤطرة بالوعي الإسلامي، والقيام بعملية ربط واستلهام ممتازة أوضحت موقف الجماهير عبر حركة الإمام الحسين(ع) للإصلاح، وطبيعة الخط المنحرف الذي تصدى للقيادات الإسلامية الراشدة وعمد إلى تصفيتها، وهو سناريو يتكرر في كل حقب الظلم والأستبداد، فارتفع مؤشر الرفض الشعبي والحرارة الإيمانية الثورية في مجالس الخطابة والمحاضرات ومواكب العزاء، وزادها نمط الخطاب الثوري الذي رددته المحاضرات الحسينية التي ركزت على المفهوم القرآني للجهاد "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم.." وكانت أحاديث الشهادة وفضل الشهيد ومنزلته في الدنيا حيث يعطى بموته الحياة للأمة، وفي الآخرة، حيث يكون مع البنيين والصديقيين.. بمثابة البدء.

في حسينية" "السنان" بالقطيف ما ان انتهت المحاضرة الدينية حتى قام أحد الشباب وهو يرفع صوته بالتكبير، وكان هذا كافياً ليعج المجلس بأصوات التكبير ويخرج الجمهور في مظاهرة صاخبة تردد شعارات الثورة الإسلامية كاشفة قناع الزيف عن السلطة السعودية الظالمة.

وفي حسينية (السنان) ذاتها ليلة السابع من المحرم (25 / نوفمبر)، تحدث الخطيب بألم عمّن وصفهم بالمنافقين الذي طلبوا منه تغيير خطابه واستبداله بالخطاب التقليدي ليتجنب تحريض الناس على الثورة والرفض ثم بدأ محاضرته التي عالجت الأدوار البطولية للعنصر الشبابي في نهضة الحسين(ع) الذي اختتم بشهادتهم في سبيل المبدء، وكان المجلس قد احتشد بالحضور وافترشت الجماهير الشوارع القريبة، حتى وصلت جموعها إلى ساحة الخزان (التي سميت فيما بعد بساحة الشهداء)، وتعرض الحاضرون إلى مضايقات الشرطة التي لم تمنع من انطلاق تظاهرة كبيرة بعد انتهاء المحاضرة الدينية سارت في شوارع القطيف ساعات عدة وهي تهتف بشعارات الثورة حتى انتهت بصدامات عنيفة مع رجال السلطة سقط فيها العديد من الجرحى من الجانبين.

لذلك فقد مارست السلطة مختلف الضغوط على الخطباء لمنعهم عن ارتقاء المنابر اساساً كما حصل ليلة الثامن من محرم (26 / نوفمبر)، حيث اختفى خطيب حسينية (السنان) في القطيف وجاء بديلاً عنه خطيب آخر لا يتبنى الموقف الثوري ليبدأ محاضرة تقليدية جداً اثارت استياء الحاضرين الذين راحوا بدلاً من الأنصات اليه، يتساء لون حول مصير خطيب الثورة هناك، ثم عبروا عن امتعاضهم حين تركوا الحسنية لتنظيم مظاهرة ثورية حاشدة جابت شوارع القطيف مصطدمة بالقمع السلطوي المعتاد.

استمرت اعتقالات الخطباء واختفى بعضهم ليلة التاسع من محرم. وفي مدينة صفوى كان هناك تجمع ديني حاشد حضره ما يقارب الخمسة عشر الف مستمع في احد المساجد حيث قام احد خطباء الثورة يستلهم مفاهيم نهضة الإمام الحسين(ع) ومواقفه ليحلل على ضوئها طبيعة المواجهة المتصاعدة بين الشعب والنظام السعودي متطرقاً إلى فلسفة الموت بمناسبة شهادة بعض المؤمنين في المواجهات مركزاً على أن الإنسان الذي قدر له الموت في هذه الحياة كأمر محتوم عليه اختيار لون الموت التي ينهي حياته وما اعظم من يموت شهيداً دون قيمة وكرامته وكان هذا بمثابة إشارة للإنطلاق. خرج بعدها المجتمون في مظاهرة اعتبرت من اكبر التظاهرات حجماً وثورية، وتميزت بحدة الشعارات وتركيزها على المطالبة بالحريات الدينية والسياسية.

التظاهرات:

بقدر ما شكلت مآتم الثورة الحسينية، وما يجري فيها من مراسم العزاء التأبيني المهيب لشهداء ثورة الحسين (ع) ومواكب العزاء التي تجوب الطرقات الرئيسية رافعة شعارات الثورة تلك، واجباً دينياً مهماً عند المسلمين فقد مثلت مصدر قلق للسلطات الظالمة التي تعاقبت على الحكم في العراق وإيران والجزيرة العربية وسائر الأماكن الأخرى التي تتواجد فيها هذه المراسم، حيث كانت تظاهرة دينية موسمية تغذي روح الثورة وتهيئ مناخات التمرد، وكان النظام السعودي حريصاً على مضايقة تلك الشعائر لتقليص دورها فبينما سمحت بها في حدود معينة بالقطيف راحت تمنعها تماماً او تكاد في مدن مهمة كالمدينة المنورة والدمام والاحساء، وتعتبر خروج التظاهرات الحسينية خرقاً للقانون (السعودي).

برغم ذلك فقد زاد تمسك المؤمنين بهذا النسك الدني لوعيهم بأهميته ولأنهم وجدوا فيه تخليداً لصوت الثوار على مر التأريخ.

في محرم، 1400هـ، (نوفمبر 1979) اتخذت تلك التظاهرات الحسينية طابعاً خاصاً تناغم مع مجمل المناخ السياسي في المنطقة وراحت الشعارات الحسينينة تندد بالظلم السعودي وتطالب باطلاق الحريات، المختلفة التي صادرتها حكومة بني سعود. تحركت جموع المؤمنين في مختلف المدن كمدينة القطيف وصفوى وسيهات لتنتشر بعد ذلك ليلة الثاني من محرم بقوة في كل قرى المنطقة، لتتصاعد ليلة السادس من محرم (25 نوفمبر) فتشمل بلدة العوامية وتتجدد في مدينة سيهات وصفوى، تلك المناطق التي استمرت فيها التظاهرات الحاشدة والساخنة في ليالي 7 و 8 و 9 محرم، لتضاف اليها قرى عديدة نظير تاروت وسنابس ـ على بعد خمسة كيلومترات من مدينة القطيف ـ وكذلك في قرية الأوجام التي لم ينجح بعض الخطباء من إخماد ثورتها بعد أن راح يحاول التضليل عن طريق طرح وعي خاطئ لمفهوم التقية، كما تكررت مظاهرة كبيرة خرج فيها اكثر من (4000) شخص ليلة الثامن من محرم اشترك فيها مجموعة كبيرة من النساء، إلى غير ذلك من التظاهرات الصاخبة التي راحت تعدد كل يوم في مختلف مناطق القطيف وقراها وجزرها مما تطور أحياناً إلى مواجهات عنيفة سنتعرض اليها لاحقاً.

شعارات الإنتفاضة

لكل ثورة ومشروع رفض شعاراته الخاصة التي تكشف عن فلسفته وهويته وحقيقة مطالبه وأهدافه وهكذا كانت أحداث المنطقة الشرقية تتصدرها الشعارات المشرقة التي تظهر ماهية الثورة ومضمونها الأصيل مستلهمة مفردات الخطاب الحسيني التي وظفتها في تحليل ما تتعرض له البلاد من أزمات دعت إلى التمرد والرفض على المستويات السياسية والثقافية والإجتماعية فكان ضمن ما يردده المتظاهرون، وما انتشر على جدران المباني وواجهات الشوارع الرئيسية من فقرات جزئية وصريحة نظير ما يأتي:

ايها الناس افيقوا واسلكوا درب الحسين حاربوا الطغيان والظلم وكونوا ثائرين

لا نخاف السجن والقتل ولا غلّ اليدين كلنا ضد امريكا على خط الحسين

ثورتك يا حسين للعالم هداية والظلم والجور لا بد له نهاية

يابن سعود شيل ايدك كل الشعب ما يريدك

يسقط السادات يسقط صدام.

جاءت هذه الشعارات لترسيخ الإرتباط بين حركة الشعب وحركة الإصلاح التي قام بها الأمام الحسين(ع) فتعلن عن هويتها، كما حرصت على رجم رموز الإستعمار الغربي فهد ـ السادات ـ صدام، جاعلة اياهم في موقع (يزيد بن معاوية) كمثال للقيادة المنحرفة.

ثم تأتي الشعارات الأكثر تحليلاً للموقف:

اقطعوا النفط عن أمريكا ـ فليسقط العملاء.

يا أمريكا شيلي ايدك كل الشعب ما يريدك.

فترضخ معارضتها الأكيدة للتسلط الأميركي على النفط كسلاح استراتيجي للعرب والمسلمين ادراكاً من "الأنتفاضة" لطبيعة المرحلة التي بدأت تشهد ارهاصات أزمة شديدة في سوق النفط ربما يؤدي ما يعقبها من ارباك الى تدني حاد في مستوى الأسعار يعود بمردوداته السلبية على معركة المصير مع القوى الاستكبارية .

ثم تأتي مجموعة أخرى من الشعارات لتبين الهوية الإسلامية للانتفاضة الخالية عنالطابع الفؤي او الطائفي الضيق مما يحاول بنو سعود تكريسه لاضعاف الصف الإسلامي فجاءت الشعارات لتقول:

لا سنية ولا شيعية.. ثورة ثورة إسلامية

دين النبي وأحد ما فيه تفرقة انظر الى القرآن شوف الموعظة.

الى غير ذلك من المضامين التي انطوت عليها شعارات الثورة ويظل يلاحق الذاكرة شعار آخر كان يعكس مدى ثقة الجماهير بالاسلام وبأنه سيبقى يسجل نجاحاته مهما كلف الأمر:

ثورة التوحيد تمشي للأمام ثورة الإسلام تخطو بانتظام.

المواجهات والشهداء

برغم الشعارات الصريحة في مناوئتها للنظام السعودي والتي رفعت في كل التظاهرات تقريباً فإن بعض مواكب العزاء الإحتجاجية التي تحولت إلى ثورة سلمت من قمع قوات الشرطة وتطلعات الحرس الوطني التي حشرها النظام لضرب التحرك، اما لتكتيك متين اعتمده الثوار، او لتراجع قوات النظام الذي كان يحصل أحيناً بسببه عدم توفر العدو الكافي منها في قرى الأطراف بنحو لا تجرؤ فيه عدة مئات من الحرس ـ مثلاً ـ على مواجهة الآلاف الغاضبة في قرية قاصية.

غير أن عشرات المواكب الاحتجاجية تعرضت إلى قمع عنيف راح ضحيته أكثر من (عشرين) شهيداً وأعداد كبيرة من المصابين وتمخض عن ستمائة معتقل.

بدأت الصدامات خلال التظاهرة التي خرجت في مدينة القطيف ليلة السادس من محرم (25 نوفمبر)، حيث جاب عدة آلاف من المواطنين شوارع المدينة الرئيسة انطلاقاً من ساحة الخزان (الشهداء فيما بعد) ثم واصلوا مسيرهم الى المسعودية قرب ثانوية القطيف حيث حدث أول صدام مباشر بين قوات القمع السعودية المزودة بالهراوات والرشاشات وقنابل الغاز، وبين جماهير الشعب الأعزل الذي لا يملك سلاحاً سوى التحدي، حدث ذلك عندما التحمت هذه التظاهرة مع أخرى لا تقل عنها عنفاً وثورية في (حي الدبابية)، بعد أن طالبت السلطات المتظاهرين بالتفرق، ومع إصرار التظاهرة على الإستمرار قامت قوات (الحرس الوطني) بهجوم شديدة بالهراوات على المتظاهرين الذين ردوا بالحجارة وقطع الخشب والإشتباك بالأيدي، وهنا جاء دور قنابل الدخان، والغاز المسيل للدموع، فألقيت مئات القنابل واستغل الحرس هذه الفرصة فبدأ يضرب بوحشية.

لكن القمع لم يمنع أهل القطيف من الخروج الليلة الثالثة (26 نوفمبر) حيث خرجت تظاهرة اكبر من سابقتها سارت في الشوارع الرئيسية حتى وصلت إلى شارع الحرية (الذي تسميه السلطة شارع الملك عبد العزيز) مارة لمسجد الفتح ثم إلى المسعودية حتى وقفت في الساحة المقابلة لثانوية القطيف ثم سارت بكامل حشدها إلى حي (الدوبج) وعبرت شارع المحيط حيث يقع سجن الشرطة ومركز المباحث واستمرت حتى وصلت قرية (التوبي) حيث وجدت قوات السلطة في انتظارها فهجم الجنود مستخدمين قنابل الغاز والعصي الكهربائية (التي تحدث شللاً مؤقتاً في ضحاياها)، بينما ردّ المتظاهرون بالحجارة وأعمدة الخشب لتستمر الاشتباكات أكثر من نصف ساعة حيث جرح عدد كبير من الجانبين.

في نفس هذه الليلة شهدت سيهات مواجهة أكثر حدة حيث خرجت تظاهرة احتجاجية حاشدة سارت بشكل مهيب امام (مقر الإمارة) وبعدها أمام مركز الشرطة، وكانت صورة الإمام الخميني فهاجمت الشرطة الشعب الأعزل لكن الحجارة وأعمدة الخشب التي استخدمها الثوار قلبت المعادلة حين حطمت سيارة تابعة للشرطة حيث هربت عناصرهم التي كانت داخل السيارة وراحت الجماهير تطاردهم في منظر مثير جداً، وبعد تقهقر قوات الشرطة واصلت المسيرة حركتها وحمل المتظاهرون اعمدة الحديد والخشب تحسباً للطواريء ووصلوا إلى الساحة الواقعة خلف مستشفى سيهات، حيث كانت قوات السلطة في انتظارهم، ومع اصرار الجماهير على التقدم انطلقت مئات قنابل الغاز وبدأ الهجوم بالهراوات والعصي الكهربائية، وفي هذه الأثناء راح بعض الشباب يهجمون على رجال السلطة محاولين تجريدهم من اسلحتهم وأجاب عناصر القوات بأطلاق النار في الهواء، وفيما كانت مجموعة من الشباب تخلع سلاح احد الجنود صوّب ضابط الشرطة سلاحه، واطلق عدة رصاصات على المجموعة سقط على أثرها المجاهد حسن القلاف (شهيد سيهات الثائرة) وكان طليعة الشهداء، الذين سطروا بدمائهم فصول انتفاضة المحرم العظيمة.

وتكررت الصدامات في مدينة القطيف ليلة الثامن من محرم (27 نوفمبر) بعد خروج تظاهرة حاشدة رددت الشعارات المنادية بسقوط النظام السعودي.

وفي هذه الليلة شهدت (سيهات) تعزيزات مكثفة لقوات القمع السلطوي فنصبت المدافع الرشاشة على مبنى (تقوية البث الإذاعي) كما أضيفت وحدات في أطراف المدينة، لكن التظاهرة خرجت مكررة ذات الشعارات الهادرة، غير أن الجنود هاجموا الشباب بالهروات والعصي الكهربائية فيما ردت الجماهير بالحجارة واستخدمت قنابل المولوتوف (محلية الصنع)، والزجاجات الفارغة. وتكرر هجوم الشباب لمحاولة نزع اسلحة رجال السلطة وجرح عدد منهم في هذه المحاولات وسقط عدة شهداء كانوا قدموا من الأحساء لمناصرة أهالي (سيهات) لكن الجنود وجهوا اليهم نيران الأسلحة الاوتوماتكلية معبرين عن حجم الهستيريا التي أصابتهم، وفي نهار الثامن من محرم (27 نوفمبر) تصاعدت المواجهات في مدينة القطيف وتحولت إلى صدام دموي شديد حيث أثيرت حفائظ الجاهير اثر اعتقالبعض الخطباء ونفيهم، فخرجت الحشود رافعة شعارات الثورة لتواجه بقنابل الغاز الكثيفة وكعوب البنادق والعصي الكهربائية، لكن المسيرة تواصلت وهي تجوب شوارع محلة القلعة لترجم مبنى امارة القطيف رمز الشيطان السعودي فأضحى المبنى تحت رحمة آلاف قطع الحجارة مما دعى الحراس الى الهروب تاركين اسلحتهم على قارعة الطريق!. لكن ذلك اصاب قوات السلطة بالذهول والارتباك فردت بشكل هستيري افرغت فيه حقدها ولؤمها على الشباب فبدأت بإطلاق النار في الهواء ووصلت تعزيزات اضافية بينها سبعون سيارة نصبت عليها المدافع الرشاشة، بدأت تطلق الرصاص عشوائياً على حشد الثوار، لكن التكبير راح يزداد قوة ويحتد مع تصاعد العنف فسقط خمسة شهداء يتقدمهم الشاب المؤمن سعيد عيسى مدن القصاب (20 عاماً) والذي قدم من مدينة (صفوى) ليشارك في انتفاضة مدينة القطيف، وكان من بين الشهداء الفتى اليافع بسّام السادة (18 عاماً) كما سقط عدد كبير من الجرحى.

غير أن الثوار هاجموا بقوة سيارات الحرس بالأخشاب والحجارة وتمكنوا من الإستيلاء على عدد من الأسلحة.


وتكررت هذه الليلة (9 محرم) الصدامات العنيفة في بلدة العوامية، وأم الحمام، وتاروت، وسنابس، أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى أثناء الإشتباك. اما يوم 9 / محرم (28 نوفمبر) فقد شهد أكبر تظاهرة في تاريخ المنطقة الشرقية على الاطلاق اذ خرج (أربعة وعشرون) الف متظاهر في مدينة صفوى لتشييع شهيدها (سعيد عيسى مدن) تتقدمهم رفات الشهيد، وكان الـ (24 الف) قد تقاطروا من كافة القرى بمنطقة القطيف الواقعة على الشريط الممتد من صفوى شمالاً حتى سيهات جنوباً بعد أن لعب المنبر الحسيني دوره في توجيه الناس إلى التضامن مع شهيد صفوى فجاءت المواكب الحاشدة من مدينة القطيف وسيهات والعوامية وأم الحمام والبحاري وتاروت وسنابس والجارودية وغيرها، حيث تجمعوا عند المقبرة وهاجم خطباء الثورة سياسات السلطة ورمزها وحملت صورة الشهيد إلى جانب رفاته وقميصه الغارق بالدماء المرفوع على عصا طويلة بينما رفعت على الجانب الآخر الآية الكريمة "ولا تحسبن الذي قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء.. الآية""، وانتهت التظاهرة باشتباك عنيف مع اجهزة الامن استخدم فيه الثوار قنابل الكوكتيل مولوتوف والحجارة والاخشاب، وسقط أربعة شهداء وسبعة وثلاثين جريحاً بينهم عدة نساء.

أما أصداء هذا الفصل القاني من الإنتفاضة فقد كانت تظاهرة كبيرة هتفت بسقوط (الملك) خالد وفهد والولايات المتحدة، وتواصلت التظاهءةلتتحول إلى فصل جديد من ثورة حقيقية سنتعرض إلى جوانبه المهمة لاحقاً.

السيطرة على المدن ومراكز السلطة

مولوتوف، كمائن، ومتاريس

لم تقتصر الثورة على التظاهرات والشعارات. بل كانت بعض مشاهدها تعبر عن حرب حقيقية، كما أن الاستفادة من المتاريس، تذكر المتابع بمتاريس الثوار الفرنسيين في أحياء باريس البائسة.

المولوتوق كان اكثر الأسلحة فعالية في جبهة الثوار، وكانت عملية الصنع تجري محلياً، فأتقن الفتيان والنساء إعدادها في البيوت التي تحولت إلى (مصانع مولوتوف) فاستخدمت في ردع قوات الحرس الوطني أثناء اشتباك سيهات ليلة الثامن من محرم. وفي صفوى يوم التاسع منه، حيث رد المتظاهرون على محاولات قوات الشرطة تطويق التظاهرة بقذف عشرات القنابل هذه مما رجح كفتهم ووفر لهم الفرصة للإستيلاء على كمية في سلاح الجند المنهزمين ومما يدلل على سعة نطاق الاستفادة من المولوتوف ان الشوارع في المدن الرئيسية كانت في ايام 7 ـ 8 ـ 9 / محرم مغطاة بقطع الزجاج المتبقية من انفجاراتها، ومن الحوادث الظريفة فيما يرتبط بإعداد هذه القنابل ان شاحنة مشروبات غازية مرت يوم (9 محرم) بالثوار وكانت تابعة إلى شركة حليفة لبني سعود، فقامت الجماهير بمصادرتها وتفريغ صناديق القناني الفارغة لتوزيعها على البيوت التي تقوم بتصنيع المولوتوف فانتشرت في كل القرى الواقعة على (خط التماس).. وفي 9 / محرم، حيث كانت تدور رحى معركة حقيقية بين الثوار وعشرين الفاً من جنود الحرس (الوطني)، فأما المولوتوف سجل حضوراً فاعلاً وساهم في افشال العديد من خطط الحرس الميدانية، خصوصاً عندما افشلت عملية السيطرة على (برج خزان المياه) بمدينة القطيف لاستخدام في ضرب الثوار كموقع استراتيجي حيث اضطرت شاحنات كبيرتان محملتان بالجنود إلى التراجع أمام رشقات المولوتوف القادمة من الأزقة ومن اعلى البنايات. وسع الثوار فعالياتهم الميدانية لينشؤوا الكمائن والمتاريس مستخدمين اياها في الدفاع تارة والهجوم تارة أخرى.

ففي مدينة القطيف ليلة التاسع من محرم وبعد مواجهة شرسة مع السلطة سقط فيها عدد من الشهداء والجرحى وتفرقت المظاهرة الشعبية اثر ذلك، بدأ الجنود باعتقال كل من يسير بمفرده، بينما قام الشباب بتشكيل مجاميع تولت نصب كمائن لجنود الحرس (الوطني) في الأزقة ونهايات الشوارع، واستطاعوا نزع سلاح العديد من الجنود الذين تملكهم الخوف وأصبحوا يحاذرون الوقوف في جماعات قليلة او الوقوف قرب المنعطفات والأزقة الفرعية.

في قرية العوامية القريبة من مدينة صفوى. وبعد تظاهرات عنيفة واشتباكات مع الحرس (الوطني)، يوم 9 / محرم، قام مجموعة من الشباب بوضع سيارات عتيقة وجذوع نخيل على الشارع كمتاريس تمنع تقدم قوات السلطة التي تتهيأ لاجتياح المدنية، واستخدمت بعض الغنائم من الشاحنات العسكرية ونحوها في اعداد تلك المتاريس، كما صنعت الجماهير الشيء ذاته في مدينة القطيف بعد السيطرة الشعبية على المدينة، حيث قامت بتحصين مداخل المدنية بتلك المتاريس، اضافة إلى احراق الاطارات في الشوارع حتى اصبح من المستحيل على قوات السلطة التي كانت خارج المدينة الدخول اليها عبر المنافذ تلك.

في تاروت وسنابس أقام الشباب عدة متاريس على الشوارع الرئيسية كما حصل ذلك في قرى ام الحمام، والخويلدية والبحاري حيث اغلقت مداخل القرى بتلك التحصينات الدفاعية، واستشهد احد الشباب في قرية البحاري كما استشهد آخر في جزيرة تاروت وهو الشاب حسن صليل أثناء العمل الدؤوب في اعداد هذه الخطوط الدفاعية.

ان الانتفاضة شهدت نقاط تصعيد شديدة بلغت ذروتها حينما ادت هجمات الثوار إلى الاستيلاء والسيطرة على مؤسسات ومراكز السلطة ثم إحكام القبضة على مدن رئيسية حررت من قوات الحرس (الوطني) والمباحث والأجهزة القمعية الأخرى.

في يوم 9 / محرم (28 نوفمبر) تمت السيطرة على أغلب المدن في القطيف واصبحت في قبضة الأهالي من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى الخامسة من مساء ذلك اليوم، واستخدم الثوار غنائم المعركة من الأسلحة والآليات العسكرية في عمليتهم هذه كما استعانوا بالمتاريس على تحصين خطوط الدفاع.

في العوامية القريبة من مدينة صفوى، ذهبت مجموعة من الشباب إلى شركة (كيلتون) القريبة من القرية وهي احدى الكارتلات التجارية البريطانية الكبيرة يملك (عبد الله الفيصل) نصفها، فاحتلت مقرها وصادرت مجموعة من السيارات التابعة لها وعادت إلى القرية بينما ملأت جدران مباني الشركة بالشعارات الثورية، ثم تحرك الشباب إلى مركز الشرطة القمعي وهاجمهوه بالمولوتوف وتسللوا إلى غرفة الداخلية واحرقوها فلم يكن بوسع الجنود وعناصر الأمن الا النجاة بأنفسهم، وغنم الشباب عدداً كبيراً من رشاشات (g3) ومجموعة من السلاح الأبيض المخصص للحرس (الوطني) اضافة إلى ثمانية شاحنات تابعة للجهاز القمعي.

وكم كان المشهد رائعاً وحماسياً عندما عاد هؤلاء الأبطال رافعين اسلحتهم على الشاحنات التي استولوا عليها. حيث استقبلهم الاطفال والنساء والأهالي بالزغاريد والهتاف بموت بني سعود.

تم نقل هذه الغنائم إلى الخطوط الدفاعية كتعزيزات اضافية، كما فاجأت مجموت اخرى في مدينة القطيف حراس (بنك الرياض) بهجوم سريع وجردوهم من اسلحتهم وتقدمت المجموعة إلى (البنك البريطاني) معتبرة اياه رمز الإستنزاف الأجنبي لثرواتنا كما جاء في شعارات المهاجمين. لكن القوة المكلفة بحماية البنك كانت متهيئة للرد فقامت بإطلاق الرصاص وفي هذه الأثناء تسلل (حسين العلقم) احد الأبطال الثائرين محاولاً صعود المبنى وتجريد الحراس من الأسلحة، لكنه سقط شهيداً برصاصات الغدر، مما جعل الثوار يفكرون في احراق المبنى لكنهم لاحظوا ان هناك مدنيين في الطوابق الاخرى فاكتفوا بمهاجمة الحراس وتجريدهم من الأسلحة، ثم توجهت الجماهير إلى منتزه القطيف الذي وكلت السلطة به أحد عملائها ليعمل على افساد الشباب فقاموا بإحراقه وتدمير مرافقه وأوكار الفساد فيه.

وأحرق الثوار مبنى امارة القطيف الذي استولوا عليه كما وهاجموا مكتب الخطوط الجوية (السعودية)، كما قاموا بضرب (المحكمة) مركز الظلم والإضطهاد.

كل هذه العمليات البطولية عبرت بشكل موضوعي عن ارادة الشعب وبلورت مطالبه مدلـله على ان قيم الاسلام وروح العزة والإباء والاستعداد للتضحية…، لا زالت تمثل وجدانه وضميره، امة صرخت بأنها لن تموت.

حشد القوات (السعودية) وقمع الثوار

لا يسع المرأ ان يسهب في الحديث عن طبيعة النظام السعودي الدموية، الذي شيد على جماجم الأبرياء، وهو الكيان الذي دشن تاريخه السياسي بالغزو المفتوح الشامل الذي لا يفرق بين العسكر والشعب وبين الوجودات السياسية فيفتك بالجميع، ولا زالت الذاكرة التأريخية تحتفظ بصور عشرات المجازر الرهيبة كالتي حصلت في غزو الرياض من قبل عبد العزيز بن محمد بن سعود، والتي قدر ضحاياها بـ (4000) بريئاً، واذا ما عرف ان هذه الأرقام خاصة بغزوة داخلية واحدة، فعندها يمكن تصور حجم العنف الذي ميّز التأريخ السعودي في "فتوحاته ..!، اضافة إلى التبعية للغرب التي تبرز كشاخص أساسي في السياسة (السعودية) والتي تستلهم طقوس استعباد الشعب من أئمة الأستعمار الحديث ونزعتهم الدموية التابعة من "روح الحروب الصليبية" التي لا زالت تسري في عروق أحفاد "بطرس المجبل" و" لويس السادس"، ولنحجم عن ترديد المكرور حيث يتمتع المشهد بالوضوح الكافي.

ان رد فعل النظام السعودي على حركة الجماهير هذه لا بد أن يحكمه الإرباك والإنفعال وأجواء الهستيريا، وقد تظمن مطلع الحديث اندهاش (نائب وزير الداخلية) الكبير من أحداث الأنتفاضة، ورفضه لتصديقها، وكلمة وليم كوانت المعبرة عن تشخيص دقيق لعقلية الحكم السعودي "ان ما يخيف النظام اكثر من أحداث مكة [الاعتصام بالحرم 1979] هي اضطربات الشيعة في القطيف..". كل هذه ضاعف من حدة الدموية السعودية وجعلها تتعامل بشراسة كبيرة، كانت تدرك جيداً ان البديل الوحيد لها هو الدخول في حوار هاديء مع ابناء المنطقة لتتفاوض معهم حول مطالبهم المبررة، مما لا يمكن ان يلجأ اليه نظام مستبد كنظام بني سعود.

في بداية شهر محرم / 1400 هـ. (20 نوفمبر 1979)، بدأت الناقلات والمقطورات العسكرية التي تحمل جنود الحرس (الوطني) تتوجه إلى المنطقة الشرقية، وفتحت مخازن الذخيرة عن مصراعيها في معسكرات الحرس، اذ أن قراءتهم للأجواء المتوترة واقتران (ازمة الحرم) مع بداية موسم العزاء الحسيني الغاضب في الشرقية، كان يزود المخابرات السعودية، والعقول الأميركية البعيدة، والأجيرة المصرية القريبة، بانطباعات ترجح احتمال حدوث رفض وتمرد بمستوى من المستويات، وبالفعل لم يتوان الجهاز القمعي عن اصدار الاوامر للحرس (الوطني) وقوات الطواريء بضرب المسيرات الاجتماعية، حيث أن أول اشتباك في مدينة القطيف ليلة السادس من محرم (25 نوفمبر) سقط فيه العديد من الجرحى من الجانبين. اذ أن الثوار، وكما سلف، استخدموا الحجارة وأعمدة الخشب في الدفاع عن مسيراتهم، وبعد أن ادرك النظام عدم فاعلية القمع في اسكات صوت الإحتجاج الهادر اصدروا بياناً تلي على الشعب في القطيف ليلة السابع من المحرم، منع مواكب العزاء وهدد بأغلاق المساجد التي تنطلق منها التظاهرات، واعتقال المشاركين في تلك الفعاليات، مع السماح بالعزاء داخل المساجد والحسينيات.

في هذه الليلة وجهت القوات السعودية ضربة لئيمة إلى جماهير سيهات بعد أن قمعت المظاهرة بقوة مستخدمة الهروات وقنابل الغاز وطائرات الهليكوبتر التي تحلق على ارتفاعات منخفضة لتنشر الهلع بين الشباب، واستشهد برصاص السلطة الشاب الثائر حسين القلاف، وكان طليعة الشهداء.

في الوقت الذي كانت المظاهرات تحتدم في أكثر من منطقة هذه الليلة، كانت اجهزة الأمن في حالة استنفار قصوى، ولسرعة الأوامر كانت تبلغ باللاسلكي دون (تفشير) وتمكن العديد من المواطنين ان يلتقطوا تلك الاتصالات التي تمت بين الدفاع والداخلية على موجة (fm) وقد تم تسجيل ما اللتقط منها، بلغة صريحة، على 13 شريط. تكرر القمع في الليلة الثالثة في (سيهات) ليلة الثامن من محرم حيث سقط عدد من الشهداء وتم فرض حظر التجول ونصب نقاط المراقبة التي راحت تطلق النار على كل من يخرق الحظر حيث سقطت احدى المؤمنات شهيدة عندما خرجت ليلاً لإلقاء كيس من القمامة.

في صفوى جاء رجال السلطة وهددوا الجماهير بقوة مذكرين بأساليب الحرس في الردع، فصعدت السلطة من الموقف عندما اعتقلت عدداً من خطباء القطيف ليلة التاسع من محرم، لتتلوها مظاهرات سخط راح اثرها خمسة شهداء برصاص الحرس، وفي هذه الليلة ازدادت حدة القمع في سيهات واستخدمت المدافع الرشاشة في ضرب الثوار، كما تكرر استخدام الذخيرة الحية يوم التاسع في مدينة صفوى خلال تظاهرة الـ 24 الف شخصاً مارة الذكر حيث سقط اربعة شهداء قتلوا بوحشية كبيرة وتحولت أجسادهم إلى اشلاء بفعل رشقات المدافع الرشاشة، كما وقعت اصابات بليغة بين اكثر من 37 متظاهراً.

بعد تطور عمليات الثوار وسيطرتهم على المدن وغنيمتهم لعدد من الأسلحة والناقلات العسكرية في مختلف المناطق، تفاقمت ازمة السلطة فحشدت عشرين الف جندي مضافاً إلى قوات الطواريء والشرطة في القطيف وحدها. فقطعت التيار الكهربائي عن هذه المدينة وراحت تقوم بتمشيطها بالطائرات العمودية فسقط عدد من الضحايا منهم الشهيدة فاطمة غريب التي أصيبت داخل بيتها، والشهيد فيصل الجامد، ودخل الجيش لاستعادة السيطرة على المدينة تحت غطاء من الطائرات، وكان لدى هذه القوات أمر بدك المنطقة بالمدفعية الميدانية اذا استلزم الموقف، كما عبرت عنه اشارة ملتقطة على موجة (fm)، فأشيع جو أرهابي قاتم في المدينة الثائرة، لتسخر حملات القمع الهستيرية في المناطق الأخرى مثل تاروت، سنابس. البحاري، الخويلدية.ام الحمام، اضافة إلى صفوى فسقطعدد من الشهداء خلال عملية الإجتياح وتواصلت حملات السلطة في الليلة العاشر من محرم حيث منع الأهالي نهائياً من ممارسة المراسم. ليلة الحزن الخاصة هذه.

الإحساء تتنادى الثورة

باستثناء بعض التظاهرات المحدودة في المبرز وشارع الفوارس بمدية الهفوف لم يكن هناك تحرك كبير في منطقة الأحساء، طيلة ايام شهر محرم، الأولى، ولكن وفي ليلة العاشر من محرم (ليلة استشهاد الحسين بن علي عليه السلام) انتقلت ساحة الإنتفاضة الى هذه المدينة (تبعد 140 كم عن القطيف) حيث تحرك الشعب في مظاهرات ضخمة كانت الأولى من نوعها في تاريخ الأحساء، وذلك بعد قمع انتفاضة القطيف وضواحيها ودخول الجيش واستيلائه عليها وفرض حظر التجول القاسي قام الشباب في الأحساء بتوزيع منشورات ثورية احياء ليلة العاشر من محرم الخالدة، وتجاوز منع السلطة لذلك، مذكرة بما حدث في القطيف وصفوى وسيهات في ثورة وتضحية وتحد، ومستدعيه صورة القمع السعودي الليئم للجماهير الأبية، فازدحمت في وجدان أهل أهلنا في الأحساء صور يوم عاشوراء وشهداء نهضة الحسين وشعاراتها ومظاهر الثورة في القطيف وتوابعها، وكوامن الضمير الشعبي الذي يرفض الإضطهاد السعودي، فانفجر غضب الحضور في موكب العزاء الحسيني الكبير المقامٍ في حسينينة (المزرع) وخرج عشرون الف متظاهر غاضب بعد العاشرة مساء يوم 9 / محرم (28 نوفمبر) وهم يهتفون: الله اكبر.. الله اكبر.. يا حسين.. يا حسين.. باسم العدالة يا حسين.. كل عام نحيي ثورتك.... وسارت التظاهرة الحاشدة تحميها سيارات الأهالي من الخلف، وحمل فيها المتظاهرون اعمدة الخشب والحديد لتستمر اربع ساعات، وعند الثانية بعد منتصف الليل هاجمتهم سيارات الإطفاء ورشتهم بالمياه الساخنة لكن الشباب الثائر التف عليها وراح يرشقها بالحجارة، ويضربها بالحديد لمنعها من مهاجمة المتظاهرين، وحينئذ رد الحرس (الوطني) الذي كان جاهزاً للقمع، لهجوم شرس على المتظاهرين بدأوه بالهراوات ثم تواصل بإطلاق الذخيرة الحية فسقط حوالي عشرون جريحاً وخمسة شهداء، ولم تتفرق المظاهرة رغم ذلك بسهولة فشنت السلطة حملة اعتقالات طالت اكثر من مائة شاب كما قامت باعتقال الجرحى في المستشفى وقيدوهم بالحديد على أسرّة العلاج.

وكانت مدينة (المبرز) في هذه الليلة تغلي كغيرها حيث خرجت المواكب الإحتجاجية التي قدر فيها عدد المتظاهرين بخمسة عشر الف متظاهر، وحدثت اشتباكات عنيفة مع افراد الحرس (الوطني).

تجدد مواكب الإحتجاج

لم يكن القمع الشديد لتظاهرات المساء ليوقف سلسلة الاحتجاجات الحاشدة، ففي صباح يوم العاشر من محرم (29 نوفمبر) خرجت عدة تظاهرات ضخمة حملت شعارات الليلة الماضية..

ـ في شارع الفوارس بالهفوف تدفقت الجماهير الغاضبة بعد أن استمع الأهالي الى المحاضرة الدينية التي كان محورها ثورة الإمام الحسين(ع)، ولكن الحرس (الوطني) قام بتطبيق حظر التجول مما لم يمنع كذلك استمرار التظاهرة لساعتين تفرق بعدها المتظاهرون لأداء صلاة الظهر فهجمت عليهم اجهزة القمع وردت الجماهير بالحجارة لكن السلطة قامت باعتقال اكثر من سبعين شخصاً كانوا توجهوا إلى المسجد لأداء الصلاة وضرب حصار كبير على منطقة الفوارس. وتضاعفت القوة الدفاعية المخصصة لحماية امارة الأحساء.

ـ انطلقت تظاهرة في المبرز تخللتها صدامات عنيفة جرح فيها عدد من رجال السلطة.

ـ في بلدة (القارة) انطلقت مسيرة احتجاج عارمة شاركت فيها النساء على رغم معارضة (عمدة) القرية واعتراض رجال السلطة.

ـ قامت مسيرة مماثلة في بلدة (التويثير) مع وجود اعتراضات ايضاً من العمدة واجهزة الأمن.

ـ جابت شوارع بلدة الحوطة بمنطقة (العمران الشمالية) مظاهرة أخرى انضم اليها جماهير غفيرة من بلدة (الرميلة) (والعمران الجنوبية).

في عصر ذلك اليوم وبرغم حملات القمع التي تمت في الصباح تجددت تظاهرات العزاء والاستنكار حيث تجمع الأهالي في (المقبرة) ليسيروا في شوارع حي (الفاضيلة) وحي (المزرع) وضافت السلطات من المواجهة فلم تتدخل.

كما تجددت التظاهرات الحاشدة مساء ذلك اليوم في شارع الفوارس وهم يهتفون بالموت (للملك) خالد وولي عهده فهد، ولكن الشرطة والحرس (الوطني) تمكنوا باستعمال الذخيرة الحية من تفريقها بعد مناوشات دامت حوالي الساعة، وبعدها حلت القوات الحكومية في كل الشوارع، فخيم جو حزين يشوبه الحذر ومظاهر الخوف والإرهاب. وهكذا عاشت الأحساء احداثاُ ثورية ما كانت السلطة الظالمة تتوقعها.

الأحتجاج بالأضراب عن العمل

حاولت السلطة بعد سلسلة عمليات القمع ان تساوم الجماهير وتسترضيها خشية من تصعيد الموقف مرة أخرى، لكن الجماهير بالمنطقة الشرقية ردت على ذلك بإعلان اضراب عام عن العمل وعن الذهاب الى المدراس الرسمية لمدة اسبوع، احتجاجاً على ممارسات السلطة كما اعلنت الجماهير ان هذا الاسبوع فترة حداد سياسي على أرواح شهداء الإنتفاضة، كما استمرت المنشوات الثورية تواصل توجيهها للأمة وامتلأت الجدران مرة أخرى بالشعارات المعادية للنظام.

الشهداء والمعتقلون وقتلى النظام

بلغ عدد الشهداء في صفوف الأهالي الذين سقطوا برصاص الظلم السعودي خلال مسيرات الرفض واثناء الاشتباكات اكثر من عشرين شهيد وحوالي (2000) معتقل (800) جريح.

وبلغ عدد القتلى من قوات النظام السعودي عشرين جندي وجرح اكثر من اربعمائة آخرين بحجارة الثوار وقناني الكوكتيل مولوتوف الشعبية.

أصداء الإنتفاضة

كانت اصداء الإنتفاضة ترى في خارج البلاد أوضح بكثير مما يرى في الداخل، وظلت في الداخل تتناقل اخبارها ضمن الإطار الشعبي والجماهيري دون أجهزة الإعلام السعودية بل ان وزير الإعلام آنذاك (محمد عبدة يماني) وصف وسائل الإعلام التي تناقلت أبناء الانتفاضة بأنها مشبوهة وتحاول الدس والإساءة باختلاقها أبناء وتحميلات بعيدة عن الواقع ولا تتفق مع الحقيقة في شيء‍، متجاوزاً كعادته حقائق الواقع الصارخة.

لكن وزير الداخلية (نايف بن عبد العزيز) جاء بعده بأيام "7 / ديسمبر / 1979" ليصرح لصحيفة الجزيرة باعترافه بوقوع تظاهرات في المنطقة الشرقية، ولكن في مقابل ذلك وصفها بالمحدودة حجماً، والمحدودة زمناً حيث انتهت في اللحظات الأولى بهمة رجال الأمن الأبطال! الإعلام العربي تناقل شيئاً من أبناء الثوار، سيما قنوات الأعلام اليسارية التي لا تربطها علاقات حسنة مع بني سعود..

ـ في ما نشيت عريض قالت السفير "تظاهرات السعوديين تتجدد وتطالب بقطع النفط عن أمريكا.. قمع المتظاهرين في الظهران بعنف وسقوط عدد من القتلى والجرحى".

كما نقلت عن رويتر قولها: "ان قوات الأمن السعودي عمدت بعد اشتباكات يوم الثلاثاء (7 محرم) إلى اغلاق المنطقة الشرقية. وتطويقها بنحو عشرين الف جندي ومنع أي شخص من الدخول والخروج واعتقلت أكثر من مائة شخص.. إن الألوف الذين اشتركوا في التظاهرة طالبوا بأن توقف السعودية شحن النفط إلى الولايات المتحدة واعربوا عن تأييدهم للثورة الإيرانية واطلقوا شعارات تنتقد العائلة المالكة السعودية" وأشارت رويتر بإعجاب ان التظاهرات ضمت نساء لأول مرة.

ـ اما محمد حسنين هيكل فقد كتب مقالاً في الصنداي تايمز بعنوان "الشاهات الصغار يلوذون بالتطور ليحولوا دون الثورة" ذكر فيه: "أن الإتجاه بين شعوب هذه المنطقة ـ الخليج ـ يميل في الوقت الحاضر نحو إحياء الإسلام ومع وجود اكثرية شيعية من السكان فأنه يعني مزيداً من القلاقل و الخوف لدى الحكام، فقبل شهر جرت مظاهرة في القطيف وشنت قوات الحكومة هجوماً على المتظاهرين". وتحدثت مجلةالحرية البيروتية (24 / ديسمبر / 1979) قائلة "المنطقة الشرقية انفجرت.. صدامات مسلحة وحواجز وتظاهرات.. ان الانتفاضة بدأت بتظاهرة امتدت إلى سيهات ثم. امتدت إلى صفوى والقطيف وتاروت والجماهير ترد على القمع بالهاتاف.. يا خالد شيل ايدك كل الشعب ما يريدك.. ان كل هذه الظواهر المتعددة تصب في مجرى واحد مجرى الكفاح المتعاظم الذي يخوضه الشعب في السعودية في كافة انحاء البلاد ضد السلطة الحاكمة والمتواطئة محلياً وعربياً وعالمياً مع السياسة الأمريكية على عدوانها على الشعوب".

اعتصامات وبيانات في الخارج

لاقت انتفاضة المنطقة الشرقية تأييداً على نطاق واسع في خارج البلاد من قبل جاليات أبناء الجزيرة والجاليات الأخرى العربية والإسلامية.

ـ ارسل طلبة العلوم الدينية المقيمين في قم عدة بيانات استنكاراً لقمع السلطة إلى السلطات السعودية والأمين العام للأمم المتحدة آنذاك (كويت فالدهايم) والشاذلي القليبي الأمين العالم للجامعة العربية في حينها.

ـ ارسل اتحاد الطلبة المسلمين بشبه الجزيرة العربية في آسيا واوروبا برقية إلى (الملك) خالد استنكروا فيها عمل النظام الجبان.

ـ وبمناسبة مرور اربعين يوماً على شهادة الأحرار في انتفاضة المنطقة الشرقية الحمراء، نظّم طلاب الجزيرة العربية الذين يتلقون دراساتهم في الخارج مظاهرات واعتصامات في لندن وطهران لتجديد العهد بالثورة والانتفاضة واصدروا عدة بيانات حول ذلك، وقام الطلاب في لندن بمظاهرة حاشدة امام السفارة السعودية هناك وزعوا فيها بينات على المارة والمتعاطفين، وآخر وجهوه إلى الشعب البريطاني وأجهزة الإعلام وتناقلت وكالات الانباء خبر الاعتصامات مما أدى إلى انتشار موجة من الاستنكار والتعاطف كانت ذا اثر ايجابي للتعريف بالحركة الإسلامية في الجزيرة.

خاتمة…

هكذا كانت الانتفاضة.. صفحة إشراق تثير الفخز والإعتزاز، وتزود المسير بزخم الرفض والتمرد، لتبلور القيم وتعلن كيف تكون التضحية من اجل المبادئ.

هكذا كان الرفض الذي اسقط اسطورة الأمن السعودي. وكان فاتحة لسلسلة من الاحداث كرست حالة الوعي بالاوضاع المتردية وكشفت عن زيف النظام السعودي ولا مشروعيته.

وهكذا انضمت المنطقة الشرقية بشكل اكثر تألقاً إلى قافلة الأحرار.. وركب التحدي، ليسطع شفقها الأحمر على أبناء الجزيرة وينصب لهم درب الثورة اللاحب.
__DEFINE_LIKE_SHARE__
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التسريب الصادق قبل أيام من صفحة ثورة المنطقة الشرقية .. محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 10-04-2011 07:40 PM
لا طائفية في المنطقة الشرقية محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 09-07-2011 05:10 AM
دورة غوص للراغبين - المنطقة الشرقية محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 08-31-2011 01:50 AM
هل نزل قميري في المنطقة الشرقية محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 09-14-2009 03:20 PM
خبراء المنطقة الشرقية للأهمية محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 04-28-2009 01:10 AM


الساعة الآن 08:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML