مما روي عن الإمام الحسين بن علي عليهما السلام قوله «لا يكمل العقل إلا باتباع الحق» لذلك لا يمكن ولا يقبل من صاحب العقل أن يقبل كل ما يكتب ويروى خصوصاً إن كان الحديث عن شخص وحدث معاصر لا تزال أحداثه جارية، فما يحدث في البحرين منذ الرابع عشر من فبراير الماضي وحتى يومنا هذا حراك بحريني سلمي خالص للمطالبة بإجراء اصلاحات سياسية وتشريعية ومطالبة بحقوق مهدورة دفعت اغلبية أبناء البحرين للخروج للمطالبة بهذه الحقوق التي كفلها الدستور البحريني كما كفل لهم حق التحرك والمطالبة السلمية، تحرك سلمي قائم على وعد ملكي سابق بتحويل المملكة إلى مملكة دستورية، ولا يزال هذا التحرك من قبل المواطنين يرفع راية السلم رغم أن راية السلطة ومنذ اليوم الأول كانت راية قتال مدعومة بقوات خليجية معلنة واليوم بدت تتكشف الصورة عن قوات أردنية تعمل بشكل غير معلن وفي الغد القريب جداً ستدعم بقوات تركية بعد توقيع اتفاقية بهذا الخصوص بين البلدين أثناء الزيارة الأخيرة التي قام بها جلالة الملك البحريني قبل أيام لتركيا، والغريب أن تركيا أرادت أن تكون حمامة سلام بين السلطة في البحرين والتنظيمات الشعبية لكنها تخلت عن إكمال مهمتها واليوم هي توقع اتفاقية أمنية وأترك للقارئ الكريم وضع السيناريو الذي يراه مناسبا لهذه الانتهازية السياسية، وعودة لأصل الحديث فإن أي محاولة لتزوير وقائع ما حدث ويحدث لا يمكن لها أن تنطلي في ظل التقدم الهائل في وسائل الإعلام وقدرتها على رصد كل ما يحدث وتسجيله وبثه إلا على من غيب عقله عمداً لأهداف وغايات هو يراها، والعنف السلمي خلف وراءه مآسي من قتلى وجرحى ومعتقلين ومفقودين لا بل ان هذا العنف وصل لحد قطع الأرزاق والحرمان من الحقوق الإنسانية، ومن هذه الحقوق حق العلاج ففي بداية الأحداث كانت مستشفى السليمانية ملجأ المصابين بالرصاص والمختنقين بالغازات، وقد كان ولا يزال مستشفى السليمانية الحكومي شاهدا على الأحداث وقسوتها وعلى المواقف الانسانية والوطنية الشجاعة التي تحلى بها أفراد الطواقم الطبية بكافة تخصصاتهم رغم منع السلطة في البحرين سيارات الاسعاف من نقل الجرحى لكن الطواقم الطبية من أطباء وممرضين ومسعفين وإداريين ذكورا وإناثا لم توقفهم الأوامر الإدارية من تأدية واجبهم الانساني والوطني تجاه أبناء بلدهم فشمروا عن السواعد وواصلوا الليل بالنهار لانقاذ أكبر عدد ممكن من المواطنين، نعم لقد قاموا بعمل بطولي لا مثيل له أظهر طيب معدنهم ومدى تقدم مستواهم العلمي، لكن الشجاعة والمواقف الانسانية والايمانية والمهارية لم ترق للسلطة فعملت القوات على اقتحام المستشفى في شهر مارس واخلائه من كافة الطواقم الطبية بعد اعتقالهم واحدا بعد واحد، ومن هؤلاء الدكتور علي العكري الذي وقفت البحرين كلها عام 2009 تحييه وتكرمه هو وزملاءه لمواقفهم الشجاعة في مساعدة المصابين والمرضى في قطاع غزة، لكنها اليوم ويا للعجب تقدمه للمحاكمة بتهم تتعلق بإنقاذ حياة المصابين من البحرينيين في دوار اللؤلؤة أو كما بات يعرف اليوم بدوار الشهداء، هذا البطل والنجم البحريني الساطع في سماء البحرين وحب أهل البحرين حاولت احدى صحفنا الإساءة اليه بتحقيق يسيء لها كجريدة حديثة عهد بعالم الصحافة قبل أي أحد، لأن ما كتب فيها بالتأكيد لن يطول البطل البحريني الشامخ الدكتور علي العكري.