|
إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...
انضم الينا
#1
| ||
| ||
تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان منصور الجمري واحد من الأمور التي ينبغي إعادة النظر فيها هو طريقة تعامل الجهات الرسمية مع أي شخص متهم، أو غير مرغوب فيه، إذ إنه وفجأة يتحول لقب الدكتور، السيد، الشيخ، آية الله، الاستاذ، التاجر، المهندس والطبيب إلى «المدعو»، وذلك لإشعار الشخص المعني بأن قيمته أصبحت (من الناحية الرسمية) تساوي صفراً. ولعلَّ الحقوقيين غير الناطقين باللغة العربية سيجدون صعوبة كبيرة في ترجمة كلمة «المدعو»؛ لأن الثقافات الأخرى لا تغير ألقاب وأسماء الناس، سواء كانوا متهمين أو غير متهمين، وسواء كانوا مرغوباً فيهم أم غير مرغوب فيهم، ولا يمكن إسقاط اللقب إلى مصطلح «المدعو» على طريقة «الهجاء» العربية بجرة قلم. وحتى مثلاً الأطباء المجرمين الذين يقتلون مرضاهم من أجل التلذذ (وهو يحدث بين فترة وأخرى أن يُلقى القبض على أحدهم في الغرب)، فإن لقب «الدكتور» يبقى مع المتهم أثناء التحقيق والمحاكمة، ولا يسقط إلا بعد الإدانة وبعد أن تقرر الهيئة الطبية التي أعطت اللقب في بداية الأمر إسقاط لقب «الدكتور». أتذكر أننا في سنوات الدراسة الجامعية كنا نقارن المقالات المنشورة في الصحف والمجلات البريطانية والأميركية، مع المقالات التي تنشرها عدد من الصحف والمجلات العربية، وكنا نرى كيف أن المقالات الأجنبية تحترم الأشخاص والقادة الذين يكرههم الغرب، وتذكر أسماءهم بالألقاب بصورة غير منقوصة. أما المقالات العربية فكانت تشوه الأسماء التي تكرهها وتستنقصها وتحذف الألقاب، بل وتختلق ألقاباً قبيحة بدلاً من تلك المعتمدة مهنيّاً أو رسميّاً. وعندما تقوم جهة رسمية في بلادنا بحذف ألقاب الأشخاص الذين تقرر اتخاذ إجراء ضدهم، وتسعى إلى تسقيط اللقب،فإنها تحاول إزالة القيمة الاعتبارية، وهي تعلن بأن قيمة الإنسان لديها محكومة بجرة قلم، وأن كرامة الإنسان في الأساس تساوي صفراً مجرداً من أية حقوق. ولكن هذا يتنافى مع مبدأ القرآن «ولقد كرمنا بني آدم»، ويتنافى مع جميع مبادئ حقوق الإنسان التي تعتبر الكرامة جذراً أساسياً في الفطرة البشرية، وأنه لا يمكن أن يتحول أي شخص إلى الصفر، وحتى المتهم فإن له حقوقاً يتوجب الالتزام بها واحترامها وكفالتها. إن أساليب «الهجاء العربي» كانت منتشرة عبر الشعر في الجاهلية، وجاء الإسلام وكرم بني آدم ، ولذا فإن الدين الإسلامي يرفض فكرة أن هناك شعباً مختاراً؛ لأن أكرمكم عند الله أتقاكم، وشأن الإنسان الحقيقي لا يعرفه إلا الله سبحانه وتعالى، وأن أقل ما يمكننا فعله (كبشر فيما بيننا) هو اعتماد حسن التعامل حتى أثناء الخصومة والاختلاف؛ لأن الإنسان يُختبر في الشدة والغضب أكثر مما يُختبر في الدعة والراحة. إن ما يحز في النفس ليس فقط السرعة في تسقيط ألقاب الناس، وإنما الإمعان في ذلك بطريقة توحي بأننا فعلاً بحاجة إلى مراجعة أبجديات ديننا الحنيف في كيفية تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان، وكذلك مراجعة أبجديات النصوص التشريعية الملزمة والخاصة بحقوق الإنسان... أي إنسان، وفي كل زمان ومكان، وسواء كان متهماً أم غير متهم. __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
| |