إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...

انضم الينا
استراحات زايد الصفحة الرئيسية

         :: تصاميم حصريه مظلات الاختيار الاول- 0114996351 - مظلات خارجية السيارات - مظلات (آخر رد :مظلات وسواترالاختيارالاول)       :: مظلات الاختيار بالدمام-والشرقية 0114996351 مظلات سيارات-سواتر-مشاريع مظلات-السيارات (آخر رد :مظلات وسواترالاختيارالاول)       :: معرض سواتر الرياض|0114996351 معرض التخصصي مظلات| مظلات الرياض| مظلات وسواتر الرياض| س (آخر رد :مظلات وسواترالاختيارالاول)       :: محل مظلات الاختيار الاول -الرياض-التخصصي-حي النخيل ت/0114996351 ج/0500559613 (آخر رد :مظلات وسواترالاختيارالاول)       :: شيخ روحاني في السعوديه 00491634511222 (آخر رد :ابو جابر30)       :: تفسير حلم تغطية الوجه للعزباء (آخر رد :نوران نور)       :: رحلة انقاص وزنك تبدأ مع الرشاقة السعيدة (آخر رد :دارين الدوسري)       :: مركز صيانة بلاك اند ديكر في القاهرة: الجودة والاحترافية في خدمة منتجاتك (آخر رد :مصطفيي)       :: حفل الزواج في المنام (آخر رد :نوران نور)       :: استعادة إشراقة شاشاتك: خدمات صيانة شاشات عالية الجودة (آخر رد :مصطفيي)      

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-01-2010, 08:04 AM
عضو ماسي
بيانات محروم.كوم
 رقم العضوية : 503
 تاريخ التسجيل : Dec 2007
الجنس : female
علم الدوله :
 المشاركات : 2,100,611
عدد الـنقاط :3341
 تقييم المستوى : 2139

التضخم في كون منخفض الكثافة


تراكمت الأدلة تدريجيا على أن محتوى الكون من المادة يقل عما تتنبأ به عادة نظرية التضخم،
ومن ثم فإن الكون آخذ بالتوسع على نحو أسرع مما تتنبأ به تلك النظرية. إلا أن هناك صيغة للنظرية
أكثر دقة وإحكاما يمكنها تفسير الأرصاد بسهولة ويسر.
ـ

يعرف علم الكون (الكوسمولوجيا) cosmology بأنه علم صعب، إلا أن وصف الكون برمته يُعد، من نواح عديدة، أسهل من فهم حيوان وحيد الخلية. ففي أكبر المقاييس الكونية ـ حيث النجوم والمجرات، وحتى حشود المجرات galaxy clusters، لا تعدو كونها نقطا ـ تتوزع المادة على نحو متجانس، ولا تحكمها سوى قوة واحدة هي الثقالة gravity. وتمثل هاتان الصفتان المرصودتان
ـ أي التجانس uniformity على النطاق الواسع وهيمنة الثقالة ـ
أساس نظرية الانفجار الأعظم big bang التي تقول بأن كوننا مازال يتوسع منذ نحو اثني عشر بليون سنة. لقد كانت تلك النظرية، على بساطة أسسها، ناجحة نجاحا باهرا في تفسير سرعة تباعد المجرات بعضها عن بعض، والمقاديرِ النسبيةِ للعناصر الخفيفة، وإشعاع الموجات المكروية الخافت في السماء، والتطور العام للبنى الفلكية.
ويبدو منها أن مسيرة الكون التطورية لا تتأثر، مطلقا تقريبا، بتفاصيل محتوياته. أما بالنسبة إلى علماء البيولوجيا ـ لسوء حظهم ـ فإن هذا المبدأ لا ينطبق حتى على أبسط الكائنات الحية.

بيد أن هناك مفارقات paradoxes متأصلة في نظرية الانفجار الأعظم.
وقد حل علماء الكون هذه المفارقات المزعجة في النظرية منذ نحو عشرين عاما باستخدام أفكار من فيزياء الجسيمات، الأمر الذي أسفر عن ظهور نظرية «التضخم» inflation.
لكن ذلك الحل ذاته يواجه اليوم أزمة نجمت عن أرصاد حديثة تتناقض مع تنبؤات النظرية حول الكثافة المتوسطة للمادة في الكون.
لقد أدرك علماء الكون أنه قد لا يكون بتلك البساطة الشديدة كما كانوا يظنون سابقا، إذ وجدوا أن عليهم إما افتراض وجود صيغة غريبة ما للمادة أو للطاقة، وإما إضافة تعقيدات أخرى إلى نظرية التضخم. وسوف نقوم في هذه المقالة بتسليط الضوء على الخيار الثاني.

من حيث المبدأ، لا تصف نظرية الانفجار الأعظم ولادة الكون، بل تصف نموه ونضجه.
فوفقا لتلك النظرية، كان الكون في طور طفولته مرجل إشعاع فائق السخونة والكثافة.
وقد تضخم جزء منه، لا يزيد حجمه على حجم رأس من اللفت، ليصبح في نهاية الأمر الكونَ الذي نرصده اليوم.
(هناك أجزاء أخرى من الكون قد تكون لامتناهية في اتساعها لا نستطيع رؤيتها لعدم توافر الوقت الكافي لضوئها للوصول إلى الأرض.)
قد تنطوي فكرة الكون المتوسع على بعض اللبس، وقد نظر آينشتاين إليها في البداية بارتياب. لكن حقيقة الأمر هي أنه عندما يتوسع الكون، تزداد المسافة بين أي جسمين مستقلين، وتتباعد المجرات البعيدة بعضها عن بعض؛ لأن الفضاء نفسه فيما بينها يصبح أكبر، وهذا يشبه تماما تباعد حبات الزبيب في رغيف خبز أثناء انتفاخه.

إن إحدى النتائج الطبيعية لتوسع كون متجانس هي قانون هَبل Hubble′s law
الذي ينص على أن المجرات تبتعد عن الأرض
(أو عن أي نقطة أخرى في الكون)
بسرعات تتناسب مع مسافاتها عن الأرض.
ولا ينطبق هذا القانون على لأجسام جميعها في الكون؛ لأن الجذب التثاقلي المتبادل بينها يعمل ضد انتفاخ الفضاء. فعلى سبيل المثال، لا تتباعد الشمس والأرض إحداهما عن الأخرى.
لكن ذلك القانون يبقى ساري المفعول في نطاق المقاييس الواسعة. ووفقا لأبسط صيغة للانفجار الأعظم، كان التوسع دائما بالمعدل نفسه تقريبا.

مفارقة في البداية
لقد كان الكون اليافع يبرد خلال تمدده، كما كانت كثافته تقل وتعقيده يتزايد، وقد تكثف بعض الإشعاع ليصبح الجسيماتِ الأوليةَ المألوفة والنوى الذرية البسيطة. وانخفضت درجة الحرارة خلال نحو 300000 سنة إلى نحو 3000 درجة مئوية، وهي درجة حرارة منخفضة انخفاضا كافيا لاتحاد الإلكترونات والبروتونات تكوين ذرات الهيدروجين.
وأصبح الكون في تلك اللحظة شفافا
الأمر الذي أطلق عنان إشعاع الخلفية المكروي الموجة microwave background radiation
الكوني الشهير.
إن ذلك الإشعاع سلس جدا، وهذا يدل على أن كثافة المادة في الأماكن المختلفة من الكون المبكر كانت متفاوتة بما لا يزيد على جزء واحد من 100000 جزء. لكن على الرغم من ضآلة تلك الاختلافات، نمت التركيزات الطفيفة للمادة في نهاية الأمر لتصبح مجرات وحشود مجرات.





الأكوان الفقاعية أكوان ذاتية الاكتفاء نمت ضمن «كون تعددي» multiverse كبير وخال من كل شيء.
ووفقا لتكهنات نظرية النسبية، فإن للزمان والمكان معاني مختلفة داخل كل فقاعة عن معانيهما خارجها.
فالزمن يُستشعر في الداخل متزايدا باتجاه مركز الفقاعة؛ لأن جدران الفقاعة تمثل الانفجار الأعظم بالنسبة إلى ذلك الكون. وبطبيعة الحال، فإن هذا الرسم يبين منظورا مستحيلا، إذ حتى لو أن مراقبا استطاع التواجد خارج الفقاعة، فإنه لا يمكنه أن يَرى ما في الداخل؛ لأن الفقاعة تتوسع بسرعة الضوء.
قد تبدو مثل هذه الأفكار ضربا من الخيال العلمي، لكن العلوم الحاسمة جميعا تبدو كذلك أيضا.



وعلى الرغم من نجاح نظرية الانفجار الأعظم العادية، فإنها لا تستطيع الإجابة عن أسئلة جوهرية عديدة.
فأولا، لماذا كان الكون على تلك الدرجة من التجانس؟
إن منطقتين تقعان في طرفين متقابلين من السماء تظهران متماثلتين إلى حد بعيد، على الرغم من أن المسافة الفاصلة بينهما تزيد على 24 بليون سنة ضوئية.
لم يمض على انتشار الضوء في الكون سوى نحو 12 بليون سنة، لذلك مازالت هاتان المنطقتان تنتظران رؤية إحداهما الأخرى، ولم يكن هناك زمن كاف للمادة أو الحرارة أو الضوء للانتقال بينهما والقيام بجعل كثافتهما وحرارتهما متجانستين .
لذلك لا بد من أن يكون التجانس قد سبق التوسع، لكن نظرية الانفجار الأعظم لا تستطيع تفسير كيفية حصول ذلك.

ومن ناحية أخرى، لماذا تضمّن الكون المبكر اختلافات في كثافته أصلا؟إنه لمن حسن الطالع أن يكون ذلك قد حصل: فلو لم توجد تلك الاختلافات الطفيفة، لبقي الكون حتى الآن ذا كثافة متجانسة ـ بضع ذرات في المتر المكعب الواحد ـ ولما وُجِدت مجرة درب التبانة ولا الأرض.

وأخيرا، لماذا كان معدل التوسع الكوني في حدود ما يكفي لمجابهة الأثر الثقالي الجماعي للمادة كلها في الكون؟
لو كان هناك أي انحراف ملحوظ في معدل التوسع عن التوازن التام، لتضخم ذلك الانحراف مع الزمن.
إذ لو كان معدل التوسع كبيرا جدا، لبدا الكون اليوم خاليا تقريبا من المادة. ولو كانت الثقالة شديدة جدا، لكان الكون قد انهار إثر انسحاق هائل، ولما كنت هنا تقرأ هذه المقالة.

يعبر علماء الكون عن هذا السؤال بدلالة المتغير أوميغا Ω ، الذي يمثل نسبة الطاقة التثاقلية إلى الطاقة الحركية
(أي الطاقة المحتواة في حركة المادة أثناء توسع الفضاء). ويتناسب هذا المتغير مع كثافة المادة في الكون: فالكثافة الأعلى تعني ثقالة أشد، ومن ثم قيمة أكبر للمتغير Ω.
وإذا ساوى Ω الواحد، بقيت قيمته دون أي تغير؛ وإذا كان Ω مغايرا للواحد فإن قيمته تتناقص أو تتزايد بسرعة في عملية تعزز نفسها بنفسها؛ لأن إحدى الطاقتين، الحركية أو التثاقلية، سوف تسود. وبعد بلايين السنين، يصبح Ω في المحصلة صفرا أو لانهائي القيمة. ولما كانت كثافة الكون الحالية مختلفة عن الصفر وعن اللانهاية (وهذا من حسن طالعنا)، وجب أن تكون القيمة الابتدائية لـ Ω مساوية الواحد تماما أو شديدة القرب منه (بتقريب قدره جزء واحد من 1018 جزء). فلماذا كان الأمر كذلك؟
إن نظرية الانفجار الأعظم لا تقدم أي تفسير له باستثناء أنه حظ وحسب.

لكن هذه العيوب لا تلغي تلك النظرية التي تصف بلايين السنين من التاريخ الكوني بدقة، بل إن هذه العيوب تشير إلى أن النظرية غير كاملة. ولسد الفجوة، قام علماء الكون و و و و في بداية ثمانينات هذا القرن بتطوير نظرية التضخم.

وكان الثمنُ الذي دُفع لقاء حل تلك المفارقات جَعْلَ نظرية الانفجار الأعظم أكثر تعقيدا. وتسلِّم نظرية التضخم بأن الكون قد مرّ في طفولته عبر مرحلة من التوسع السريع (ومنه أتى اسم النظرية). وخلافا لتوسع الانفجار الأعظم التقليدي الذي يتباطأ مع الزمن، تسارع التوسع التضخمي، ودفع كلَّ شيئين مستقلين فيما بينهما إلى الانطلاق بخطى أسرع جعلتهما يتباعدان في نهاية الأمر بسرعة تفوق سرعة الضوء. ولم تتعارض تلك الحركة مع نظرية النسبية التي تمنع الأجسام ذات الكتلة التي تزيد على الصفر من الحركة عبر الفضاء بسرعة تزيد على سرعة الضوء. فالأشياء بقيت في الواقع ساكنة بالنسبة إلى الفضاء الذي يحيط بها، في حين أن الفضاء نفسه هو الذي أخذ يتوسع بسرعة تفوق سرعة الضوء.

يفسِّر مثل هذا التوسع السريع المبكر تجانس الكون الذي نراه اليوم. فأجزاء الكون المرئي جميعها كانت في لحظة ما شديدة التقارب على نحو جعلها تمتلك الكثافة والحرارة نفسيهما. وأثناء التضخم، فقدَت أجزاءُ ذلك الكون المتجانس المختلفةُ اتصالها معا؛ وأخيرًا فقط، وبعد أن انتهى التضخم، صار لدى الضوء وقت كاف للحاق بالتوسع الأبطأ للانفجار الأعظم. فإذا كان هناك أي عدم تجانس في الكون الأوسع، فإن عليه أن يظهر للعيان لاحقا.

تُضيف نظرية التضخم إلى علم الكون عنصرا جديدا استُعير من فيزياء الجسيمات، وذلك من أجل تفسير التوسع السريع؛ وذلك العنصر هو حقل «تضخم» inflation field.
وفي الفيزياء الحديثة، تُمثَّل الجسيمات الأولية، كالبروتونات والإلكترونات، بحقول كمومية quantum fields تشابه الحقول الكهربائية والمغنطيسية والتثاقلية المألوفة. والحقول، ببساطة، هي دوال functions للزمان والمكان
تُفسَّر اهتزازاتها على أنها جسيمات، والحقول هي المسؤولة عن نقل القوى.





إن حقل التضخم، وهو أصل القوة التي سببت توسع الفضاء، سلك سلوك كرة تتدحرج نحو أسفل تل:
فقد سعى نحو جعل طاقته الكامنة أصغرية (المحور العمودي) من خلال تغيير قيمته (المحور الأفقي).
بدأ الحقل بقيمة كبيرة في أعلى التل بسبب العمليات الكمومية في فجر الزمن. وفي التضخم العادي (الشكل الأيمن)،
تدحرج الحقل مباشرة نحو قيمته الأصغرية. أما في التضخم المفتوح (الشكل الأيسر)، فقد وقع الحقل في أسر الوادي، أي في «القيمة الدنيا الزائفة» false minimum.
وبقي الحقل هناك عبر معظم الكون، ولم ينته التضخم البتة. وفي بعض المناطق المحظوظة، انفلت الحقل من الوادي ـ كأنه حفر لنفسه نفقا ـ وأكمل هبوطه. وقد أصبحت إحدى هذه المناطق الفقاعةَ التي نعيش فيها. وفي كلا نمطي التضخم، ما إن يبلغ الحقل مستقره النهائي حتى يتذبذب جيئة وذهابا مالئا الفضاء بالمادة والطاقة، وهنا بدأ الانفجار الأعظم.



ويضفي حقل التضخم قوة «ثقالة مضادة»

antigravity” force
تقوم بمطِّ الفضاء. وترتبط بكل قيمة محددة لحقل التضخم طاقة كامنة؛ وعلى غرار الكرة المتدحرجة هبوطا على سفح تل، يسعى حقل التضخم إلى الانخفاض إلى أدنى مستويات كمونه potential
لكن توسع الكون يؤدي إلى وجود ما يمكن وصفه بأنه احتكاك كوني يعيق الهبوط. وما دام الاحتكاك مهيمنا، فإن حقل التضخم يلازم مكانه تقريبا، وتبقى قيمته شبه ثابتة، الأمر الذي يجعل قوة الثقالة المضادة تتفوق في شدتها على الثقالة، مسببة تزايدا بمعدلات أسرع للمسافة الفاصلة بين الأشياء التي كانت فيما مضى متقاربة. ويضعُفُ الحقل في نهاية المطاف، ويحول طاقته المتبقية إلى إشعاع. ويستمر بعدئذ توسع الكون وفقا للانفجار الأعظم العادي.

يتصور علماء الكون هذه العملية انطلاقا من شكله. فوفقا لنظرية النسبية العامة لآينشتاين، تُعتبر الثقالة أثرا هندسيا، إذ تلوي المادة والطاقة نسيج المكان والزمان، مشوهتين بذلك المسارات التي تتبعها الأشياء. والتوسع الكلي للكون، الذي يُعدُّ نوعا من انحناء المكان والزمان، محكوم بقيمة المتغير Ω
فإذا كان Ω أكبر من الواحد، كان للكون تقوس موجب، شأنه في ذلك شأن سطح برتقالة، لكن في أبعاد مكانية ثلاثة
(الهندسة الكروية أو «المغلقة»).
وإذا كان Ω أصغر من الواحد، كان الكون ذا تقوس سالب، على غرار شريحة البطاطا
(الهندسة الزائدية hyperbolic geometry أو الهندسة «المفتوحة»).
أما إذا ساوى الواحد، كان الكون مسطحا مثل القرص
(الهندسة الإقليدية المألوفة).

يؤدي التضخم إلى تسطح الكون المرئي. فمهما كان الشكل البدائي للكون، فإن التوسع السريع يجعله ينتفخ ليصبح ذا حجم هائل ويدفع معظمه بعيدا عن الأنظار. وقد يبدو الجزء المرئي الصغير منه مسطحا، مثلما يبدو الجزء الصغير من سطح الأرض مسطحا. وبذلك يدفع التضخم القيمة المرصودة لـِ Ω نحو الواحد، ويزول في الوقت نفسه أي عدم انتظام بدئي في كثافة المادة والإشعاع.

لذلك يرتبط التسطح والتجانس الكونيان معا في نظرية التضخم المألوفة. ومن أجل أن يكون الكون بالتجانس الذي هو عليه، تقول النظرية إنه يجب أن يكون مسطحا جدا جدا، بقيمة للمتغير Ω قريبة من الواحد مقربا إلى واحد من100000. إلا أن اكتشاف أي انحراف عن التسطح التام أمر يستحيل تماما على الفلكيين كشفه؛ لذا تم النظر إلى معظم أرصاد التسطح خلال العشرين سنة الماضية على أنها تنبؤ راسخ للنظرية.

وفي هذا تكمن المشكلة؛ فالكثير من الأرصاد الفلكية المتنوعة التي تناولت حشود المجرات والمستعرات الأعظمية supernovae النائية توحي اليوم بأن الثقالة أضعف من أن تستطيع كبح التوسع. فإذا كان الأمر كذلك، وجب أن تكون كثافة المادة أقل من المتنبأ به، حيث يأخذ Ω قيمة تساوي 0.3 تقريبا، أي إن الكون قد يكون مقوسا ومفتوحا. وهناك ثلاثة سبل لتفسير هذه النتيجة، أولها هو أن نظرية التضخم خاطئة كليا. لكن إذا تخلى علماء الكون عن التضخم، فسوف تعود المفارقات المخيفة إلى الظهور ثانية بعد أن كانت النظرية قد حلتها بأناقة، وستكون هناك حاجة إلى نظرية جديدة. وليس هناك من بديل معروف.

أما التفسير الثاني فيستمد جوهره من التوسع المتسارع الذي جرى استنتاجه من المستعرات الأعظمية النائية
[انظر: «مسح الزمكان بالمستعمرات الأعظمية»،
في موضوع سابق
يوحي هذا التوسع بوجود طاقة إضافية بصيغة ثابت كوني cosmological constant، ويمكن لهذه الطاقة الإضافية أن تؤدي دور نوع غريب من المادة التي تَثْني المكان على غرار ما تفعله المادة العادية. ويكون الأثر المشترك عندئذ للثابت الكوني والمادة العادية هو تسطح المكان، ولن تكون هناك في تلك الحالة دواع للقلق على نظرية التضخم
لكن الاستدلال على الثابت الكوني أمر تعوقه الارتيابات في الغبار وطبيعة النجوم التي تتعرض لانفجارات المستعرات الأعظمية؛ لذلك يُبقي علماء الكون خياراتهم مفتوحة (إن جاز لنا القول).





كون لانهائي في فضاء منته. إن هذه الدعوى، التي تبدو متناقضة في ظاهرها، ممكنة؛ لأن الزمان والمكان يدركان في خارج الكون الفقاعي (في الأعلى) على نحو يختلف عن إدراكهما في داخله (في الأسفل). هنا يتحرك الزمن نحو الأعلى بالنسبة إلى مراقب خارجي. أما المكان، فهو ـ تعريفا ـ أي خط أو سطح يصل بين نقط في زمن معين (الخطوط الأفقية). تبدو الفقاعة محدودة، والمراقب الداخلي لا يدرك سوى الزمن المنقضي، أي الزمن الذي مضى منذ وصول الفقاعة لأول مرة إلى موقع معين. ومع تزايد الزمن المنقضي، تتناقص درجة الحرارة، الأمر الذي ينطوي على تغير فيزيائي (الساخن أصفر والبارد أزرق). والسطوح التي تمثل الزمن المنقضي الثابت هي قطوع زائدة تنحني نحو الأعلى ولا تلامس جدار الفقاعة البتة. وتتحرك النقط في الداخل متباعدة بسبب التوسع الكوني (الخطوط المنقطة). وهكذا، نعتبر أنفسنا ملوكا على فضاء غير منته.



أكوان فقاعية
أما السبيل الثالث إلى التفسير فهو أن نأخذ الأرصاد بظاهرها ونتساءل عما إذا كان الكون المسطح هو حقا نتيجة حتمية للتضخم. لكن هذا النهج يتضمن توسيعا آخر للنظرية ليشمل أزمنة أبكر، ويضيف إليها تعقيدات جديدة. لقد مهَّد هذا الطريقَ في أوائل الثمانينات من هذا القرن
كل من و [من جامعة هارڤارد] و [من جامعة پرنستون].
وقد جرى تطوير تلك الأفكار مؤخرا (بعد أن استمر تجاهلها مدة تزيد على عشر سنوات)، وذلك من قبل أحدنا (بوشر) و [الموجود حاليا في جامعة كامبردج] و [من جامعة نيويورك الحكومية في ستوني بروك] و و [الموجودين حاليا في جامعة أوساكا] و [من جامعة كيوتو]. وقام ليندِه ومساعدوه باقتراح بعض النماذج وإضافات أخرى محددة إلى تلك الأفكار.

لو كان لحقل التضخم دالّةُ طاقة كامنة potential-energy function مختلفة، لكان التضخم قد حنى المكان بطريقة دقيقة وقابلة للتنبؤ بها، تاركا الكون مقوسا قليلا بدلا من أن يكون مسطحا تماما. لنفترض، على وجه الخصوص، أنه كان لدالة الطاقة الكامنة قيمتان دنييان: قيمة دنيا زائفة (محلية) a false (local) minimum،
وقيمة دنيا حقيقية (شاملة) a true (global) minimum
فلدى تدحرج حقل التضخم نحو الأسفل، توسع الكون وأصبح متجانسا، ووقع الحقل بعدئذ في أسر القيمة الدنيا الزائفة. يسمي الفيزيائيون هذه الحالة «الخلاء الزائف» false vacuum، وفيها تَحِلُّ طاقة حقل التضخم على نحو كلي تقريبا محل أي مادة أو إشعاع في الكون. وقد سببت التذبذبات الطفيفة المتأصلة في الميكانيك الكمومي quantum mechanics اضطراب حقل التضخم ومكَّنته في نهاية الأمر من التحرر من أسر القيمة الدنيا الزائفة، وذلك كما يحرر هز آلة لعبة الكرات والدبابيس pinball machine كرة محبوسة.

إن التحرر، الذي يُسمى اضمحلال الخلاء الزائف false-vacuum decay، لم يحدث في كل مكان في الوقت نفسه، بل حدث أولا في موقع عشوائي ما، ثم انتشر منه إلى الأماكن الأخرى. وتُشابه هذه العملية جعل الماء يغلي، فالماء الذي يُسخَّن حتى درجة الغليان، لا يتحول فورا إلى بخار في أرجائه كافة. ففي البداية، وبسبب الحركة العشوائية للذرات، تتكون فقاعات متفرقة ضمن السائل، على النحو الذي يبقبق به إناء الحساء. وتنهار الفقاعات التي يقل حجمها عن مقدار أصغري معين بسبب التوتر السطحي surface tension. أما في الفقاعات الأكبر، فيتغلب فرق الطاقة بين البخار والماء الفائق التسخين على التوتر السطحي، وتتوسع تلك الفقاعات عبر الماء بسرعة تساوي سرعة الصوت في الماء.

لقد أدت التذبذبات الكمومية الموجودة في اضمحلال الخلاء الزائف دور الحركة الذرية العشوائية، مسببة تكوُّن فقاعات خلاء حقيقي. وأدى التوتر السطحي إلى تدمير معظم الفقاعات، لكن قليلا منها تمكَّن من النمو إلى درجة غدت عندها الآثار الكمومية غير ذات أهمية. ونظرا لعدم وجود ما يكبحها، استمرت أقطارها بالتزايد بسرعة تساوي سرعة الضوء. ولدى عبور جدار الفقاعة الخارجي نقطة ما في الفضاء، كان حقل التضخم في تلك النقطة يرتج ويخرج من القيمة الدنيا الزائفة ليتابع هبوطه. بعد ذلك، كان الفضاء داخل الفقاعة يتضخم كثيرا وفقا لنظرية التضخم العادية. ويوافق الفضاءُ داخل هذه الفقاعة كونَنَا، كما توافق اللحظةُ التي انفلت فيها حقلُ التضخم من قيمته الدنيا الزائفة الانفجارَ الأعظم في النظريات الأقدم.


هندسة الكون
لو كان للكون «خارجٌ» واستطاع الناس رؤيته من ذلك المكان، لكان علم الكون أكثر سهولة. لكن نظرا لعدم توافر هذه الإمكانية، يتعين على علماء الفلك استنتاج الشكل الأساسي للكون من خصائصه الهندسية. وتشير خبرة الحياة اليومية إلى أن الفضاء إقليدي، أو «مسطح»، في نطاق المقاييس الصغيرة. فالخطوط المتوازية لا تتلاقى البتة، ومجموع زوايا المثلث يساوي 180 درجة، ومحيط الدائرة يساوي 2πr، وهكذا دواليك. إلا أن من الخطأ أن نفترض أن الكون إقليدي في نطاق المقاييس الكبيرة، مثلما هي الحال في استنتاج أن الأرض مسطحة لأن رقعة صغيرة منها تبدو مسطحة.
هناك هندستان ثلاثيتا الأبعاد أخريان ممكنتان ومتوافقتان مع الأرصاد المتعلقة بالتجانس الكوني cosmic homogeneity (تكافؤ النقط جميعا في الفضاء) والتناحي الكوني cosmic isotropy (تكافؤ الاتجاهات جميعا)، وهما الهندسة الكروية أو «المغلقة» والهندسة الزائدية أو «المفتوحة»، وكلتاهما تتميزان بطول لنصف قطر التقوس radius of curvature مشابه لنصف قطر الأرض. فإن كان هذا التقوس موجبا، كانت الهندسة كروية، وإن كان سالبا، كانت الهندسة زائدية. لكن في نطاق المسافات التي تقل كثيرا عن هذا الطول، تبدو الهندسات جميعا إقليدية.

وفي كون كروي، كما هي الحال على سطح الأرض، فإن الخطوط المتوازية تتلاقى في نهاية المطاف، ويصل مجموع زوايا المثلث إلى 540 درجة، ويكون محيط الدائرة أصغر من 2πr. ولأن الفضاء يتقوس منكفئا على نفسه، يكون الكون الكروي منتهيا. أما في الكون الزائدي فتتباعد الخطوط المتوازية، ويكون مجموع زوايا المثلث أصغر من 180 درجة، ويكون محيط الدائرة أكبر من 2πr. إن مثل هذا الكون لامتناه في حجمه، شأنه في ذلك شأن الفضاء الإقليدي. (هناك طرق لجعل الكون المسطح والكون الزائدي منتهيين، لكن ذلك لا يؤثر في نتائج نظرية التضخم.)
ولهذه الهندسات الثلاث آثار متباينة تماما في الرسوم المنظورية (الأشكال في هذه الصفحة) التي تشوه مظهر الخاصيات في إشعاع الخلفية الكوني المكروي الموجة. وتمتلك التموجات الأكبر في إشعاع الخلفية الحجم المطلق نفسه، بغض النظر عن عملية تضخم بعينها. فإن كان الكون مسطحا، ظهرت التموجات الأكبر ضمن قطاع زاوي يساوي درجة واحدة تقريبا. وإن كان الكون زائديا، بدت الخاصية نفسها بنصف ذلك الحجم، ويعود ذلك ببساطة إلى التشوهات الهندسية التي تعانيها أشعة الضوء.
توحي بعض الأرصاد الأولية بأن الانفراج الزاوي للتموجات يساوي درجة واحدة فعلا. فإذا تم إثبات تلك النتائج، فإنها تقتضي أن نظرية التضخم المفتوح خاطئة. لكن النتائج الأولية غالبا ما تكون خاطئة، لذا ينتظر علماء الفلك الأرصاد التي ستوفرها السواتل من أجل تقديم الجواب الحاسم في هذا المضمار.

ثلاث هندسات مبينة هنا من منظورين مختلفين: منظور خارجي افتراضي يهمِل واحدا من الأبعاد المكانية بقصد الإيضاح (العمود الأيسر)، وآخر داخلي تظهر فيه الأبعاد الثلاثة جميعا إضافة إلى هيكل مرجعي (العمود الأيمن). يفيد المنظور الخارجي في رؤية القواعد الهندسية الأساسية، ويكشف الداخلي عن حجوم الأشياء الظاهرية (والتي تظهر في هذه الأشكال بالحجم الحقيقي نفسه) على مسافات مختلفة. يزداد في هذه الأشكال احمرار الأشياء والهيكل مع ازدياد المسافة.



يخضع الفضاء المسطح إلى القواعد المألوفة في الهندسة الإقليدية، حيث يتناسب الحجم الزاوي للكرات المتماثلة تناسبا عكسيا مع المسافة، كما في الرسم المنظوري المألوف ذي النقطة المتلاشية والذي يُعلَّم في دروس الفنون.

يمتلك الفضاء الكروي الصفات الهندسية للكرة. مع تزايد المسافة تبدو الكرات في البداية أصغر، ثم تبلغ حجما ظاهريا أصغريا ومن ثم تبدو أكبر (على نحو مشابه، تتباعد خطوط الطول المنبثقة من القطب، ويصبح الفاصل بينها أعظميا عند خط الاستواء، ثم تعود إلى التقارب والتلاقي عند القطب المقابل). يتألف الهيكل هنا من مجسمات ذات اثني عشر وجها.

يمتلك الفضاءَ الزائدي هندسة سرج الحصان، حيث يتقلص الحجم الزاوي مع المسافة بسرعة تفوق كثيرا ما يحصل في الفضاء الإقليدي. ولما كانت الزوايا هنا حادة على نحو أشد، فإن خمسة أجسام لها شكل شبه المكعب يمكن أن توضع حول كل حافة، بدلا من أربعة أجسام فقط.









حصل الانفجار الأعظم في أوقات متفاوتة في النقط الموجودة على مسافات مختلفة من مركز ولادة نواة الفقاعة. إن أقل ما يمكن قوله عن هذا التفاوت هو أنه يبدو غريبا، لكن المعاينة الدقيقة لحقل التضخم تكشف عما حصل. لقد أدّى التضخم دور المِيقَت chronometer: فقد مثَّلت قيمتُه في نقطة معينة الزمن الذي انقضى منذ حدوث الانفجار الأعظم في تلك النقطة. وبسبب التأخر الزمني time lag في بدء الانفجار الأعظم، لم يأخذ التضخم القيمة نفسها في كل مكان؛ فقد كانت عظمى عند جدار الفقاعة، وتناقصت تدريجيا باتجاه المركز. وبتعبير رياضياتي، كانت قيمة التضخم ثابتة على سطوح لها أشكال زائدية hyperbolas
ليست قيمة التضخم تجريدا محضا، فهي قد حددت الخاصيات الأساسية للكون داخل الفقاعة، وتحديدا متوسط كثافته ودرجةَ حرارة إشعاع الخلفية الكوني
(التي تساوي اليوم 2.7 درجة مئوية فوق الصفر المطلق). وكان كل من الكثافة والحرارة والزمن المنقضي ثابتا على سطح زائدي hyperbolic، وتلك السطوح هي ما يعتبره المراقبون داخل الفقاعة على أنها «زمن» ثابت. إنها ليست مماثلة للزمن الذي يُستشعر خارج الفقاعة.

كيف بدأ الكون؟
تصف قوانين الفيزياء عموما كيفية تطور نظام فيزيائي ما من حالة ابتدائية معينة. أما أي نظرية تفسر كيفية بدء الكون فينبغي أن تتضمن قانونا مختلفا جذريا، أي قانونا يفسر الحالة الابتدائية نفسها. فإذا كانت القوانين العادية هي مخططات طرق تدلك على كيفية الذهاب من A إلى B، فإن على القوانين الجديدة أن تبرر سبب انطلاقك من A أصلا. وقد كانت هناك مقترحات كثيرة لإمكانات خلاّقة في هذا المجال.
في عام 1983، قام كل من [من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا] و [من جامعة كامبردج] بتطبيق الميكانيك الكمومي على الكون بمجمله، حيث وضعا دالة موجة wave function كونية مشابهة لدالة الموجة الخاصة بالذرات والجسيمات الأولية. وتُحدد دالة الموجة هذه الشروط الابتدائية للكون. وتبعا لهذا النهج، يختفي التمييز المألوف بين الماضي والمستقبل في الكون المبكر جدا، ويأخذ اتجاه الزمن صفات الاتجاه المكاني. وكما أن الفضاء لا حافة له، فليس هناك بداية محددة للزمن. وفي افتراض بديل، اقترح <A . ڤيلنكين> [من جامعة تفتس] دالة موجة لها صفة «أثر النفق» tunnelingwave function تتحدد بالاحتمالات النسبية ليتحول طوعا كون ذو حجم يساوي الصفر إلى كون ذي حجم متناهٍ.
وفي عام 1998، اقترح هوكينگ وتوروك [من جامعة كامبردج] التكوّن التلقائي لفقاعة تضخم مفتوح من العدم. وتتجاوز هذه الصيغة الجديدة للتضخم المفتوح الحاجة إلى اضمحلال الخلاء الزائف، لكن و [من جامعة ستانفورد] اعترضا على الافتراضات المستخدمة في الحسابات.
وحاول تفادي مشكلة الشروط الابتدائية من خلال التخمين بأن التضخم عملية لا بداية لها ].
يصل التضخم إلى نهايته في الصورة التقليدية عندما يتدحرج حقل التضخم نحو أسفل كمونه. لكن وبسبب التأرجحات الكمومية، يمكن للحقل القفز إلى أعلى كمونه وإلى أسفله أيضا. ومن ثم، هناك في الكون دائما مناطق في حالة تضخم ـ وهي في الواقع تشكل معظم حجمه ـ تحيط بجيوب من الفضاء تَوقَّف التضخم فيها وانبثق كون مستقر. ويمتلك كل جيب من تلك الجيوب مجموعة مختلفة من الثوابت الفيزيائية، ونحن نعيش في ذلك الجيب الذي تلائم ثوابته وجودنا، ويتابع باقي الكون التضخم كما كان دائما. لكن و [من جامعة تفتس]، جادلا في أنه حتى هذا التوسيع لنظرية التضخم لا يصف أصل الكون وصفا كاملا. فعلى الرغم من أن التضخم يمكن أن يكون أبديا في الاتجاه الأمامي للزمن، فإنه يستلزم بداية جوهرية له.
ومنذ عهد قريب، افترض كل من و [من جامعة پرنستون] أن الكون مأسور في حالة دورية cyclic، وهذا يشبه سيدة مسافرة بعكس اتجاه الزمن لتصبح أُمَّا لنفسها. لا توجد شجرة نسب لمثل هذه المسافرة، وليس هناك من تفسير أو شرح ممكن لأصلها. وفي فرضية و، انشقت فقاعتنا عن كون أولي دوري؛ إنها لم تعد دورية، بل دائمة التوسع والبرودة.
إن ما يؤسف له هو أن اختبار أي من هذه الأفكار من قبل الفلكيين قد يكون أمرا بالغ الصعوبة (لكنه ربما ليس مستحيلا)؛ لأن التضخم يمحو تقريبا جميع البصمات الرصدية التي سبقته.
ويعتقد كثير من الفيزيائيين أنه يتعين على التفسير الكامل للكون في مرحلة ما قبل التضخم ـ ولأصل القوانين الفيزيائية ذاتها ـ أن ينتظر نظرية فيزيائية أساسية حقا، وقد تكون تلك النظرية هي نظرية الأوتار string theory.


كيف يمكن لشيء جوهري مثل الزمن أن يكون داخل الفقاعة مختلفا عنه خارجها؟ اعتمادا على فهم الزمان والمكان الذي كان سائدا قبل نظريتَيْ آينشتاين في النسبية الخاصة والعامة، كان مثل هذا الأمر الخارق سيبدو مستحيلا حقا. أما في النسبية، فقد غدا التمييز بين الزمان والمكان ضبابيا غير واضح، إذ إن ما يسميه أي مراقب «مكانا» أو «زمانا» هو أمر اصطلاحي ذوقي. لكن يمكن القول إن الزمن يمثل الاتجاه الذي تتغير الأشياء فيه، وإن التغير داخل الفقاعة ينجم عن التضخم.

وفقا لنظرية النسبية، يمتلك الكون أربعة أبعاد:
ثلاثة للمكان وواحدا للزمن.
وعندما يتحدد أن أحدها هو اتجاه الزمن، وجب أن تكون الاتجاهات الثلاثة المتبقية مكانية، وهي اتجاهات يكون فيها الزمن ثابتا. لذلك تبدو الفقاعة الكونية زائدية من داخلها. وبالنسبة إلينا، يكون التجوال في المكان هو، في المحصلة، حركة على قطع زائد. أما النظر إلى الوراء في الزمن فهو نظر نحو جدار الفقاعة. ومن حيث المبدأ، قد يمكننا النظر إلى خارج الفقاعة وإلى ما قبل الانفجار الأعظم، أما من الناحية الواقعية، فإن الكون المبكر الكثيف غير الشفاف يحجب المشهد عنا.

تسمح تشكيلة المكان والزمان هذه لكونٍ زائدي (لانهائي الحجم) أن يوجد ضمن فقاعة آخذة بالتوسع (حجمها منته دائما مع أنه يتزايد من دون حدود). إن المكان داخل الفقاعة خليط من الزمان والمكان كما يُدْرَكان خارجها. ولما كان الزمن الخارجي لانهائيا، كان المكان الداخلي لانهائيا أيضا.

إن مفهوم الفقاعات الكونية (الأكوان الفقاعية) الذي يبدو غريبا يحرر النظرية التضخمية من إصرارها على مساواة Ω بالواحد. فعلى الرغم من أن تشكل الفقاعة قد أدى إلى تكوين قطوع زائدة، فإن ذلك المفهوم لم يقل شيئا عن قياسها الدقيق. ويتحدد هذا القياس بتفاصيل كمون التضخم، وهو يتغير مع الزمن وفقا لقيمة Ω. في البداية يُساوي المتغير Ω الصفر داخل الفقاعة، وتتزايد قيمته أثناء التضخم مقتربة من الواحد. ومن ثم تبدأ القطوع الزائدة بانحناء بالغ الشدة، ثم تتسطح تدريجيا. ويحدد كمون التضخم معدل حدوث التسطح ومدة بقائه. وأخيرا يصل التضخم في الفقاعة إلى نهايته، حيث يستقر Ω عند قيمة شديدة القرب من الواحد، لكنها تقل عنه بمقدار طفيف جدا. ثم يأخذ Ω بالتناقص؛ فإذا اتخذت مدة بقاء التضخم داخل الفقاعة القيمة الصحيحة (مقربة إلى بضعة آحاد في المئة)، توافقت قيمة Ω الحالية مع القيمة المرصودة.





إن المفارقة الكبرى في علم الكون هي شبه التجانس فيه. إن هذا الانتظام مستحيل في كون تَوسَّع نتيجة الانفجار الأعظم العادي (الجزء الأعلى من الرسم). قبل بلايين السنين، بدأت مجرتان تقعان في طرفين متقابلين من السماء إشعاعهما. وعلى الرغم من أن الكون كان في حالة توسع، تمكن الضوء من تجاوز المجرات الأخرى ومن الوصول إلينا في مجرة درب التبانة. إن الإنسان الذي يرصد المجرات بوساطة المقراب، لاحظ أن هاتين المجرتين تبدوان متماثلتين، مع أن الضوء المنطلق من أي منهما لم يصل بعد إلى الأخرى. فكيف استطاعت المجرتان جعل مظهريهما متماثلين من دون أن تكون كل منهما قد رأت الأخرى؟ يقدم التضخم الإجابة عن ذلك (الجزء الأسفل من الرسم). ففي أول جزء من ثانية انقضت من التاريخ الكوني، كانت أسلاف المجرات متلامسة، ثم تمدد الكون بمعدل متسارع مباعدا فيما بينها بسرعة تفوق سرعة الضوء. ومنذئذ، أصبحت كل مجرة غير قادرة على رؤية المجرات الأخرى. وعندما انتهى التضخم، بدأ الضوء بتجاوزها ثانية، وبعد بلايين السنين سوف تعود المجرات إلى التواصل ثانية.



للوهلة الأولى قد تبدو العملية شديدة التعقيد، لكن الاستنتاج الرئيسي بسيط: فليس ضروريا أن يكون لتجانس الكون صلة بهندسته. إذ إنهما يمكن أن يكونا قد نتجا من مراحل مختلفة من التضخم: فنتج التجانس من التضخم فيما قبل تكوُّن نواة الفقاعة، ونتجت الهندسة من التضخم داخل الفقاعة. ولما كانت هاتان الصفتان غير متلازمتين، فإن الحاجة إلى التجانس لا تحدد مدة التضخم التي تدوم زمنا كافيا لإعطاء القطوع الزائدة درجة التسطح المرغوبة.

وتعد هذه الصيغة في الواقع امتدادا مباشرا لنظرية الانفجار الأعظم. إن المنظور المعتاد للتضخم يصف ما حصل قبل توسع الانفجار الأعظم المعهود مباشرة. أما هذا المفهوم الجديد، والمعروف بنظرية التضخم المفتوح، فيضيف مرحلة أخرى سبقت التضخم المعروف سابقا. وسوف تكون هناك حاجة إلى نظرية أخرى تصف الأزمنة الأبكر من أجل تفسير الخلق الأصلي للكون

هناك العديد من العواقب المثيرة للاهتمام في الحياة في كون فقاعي (ناهيك عن الإمكانيات التي توفرها لروايات الخيال العلمي). فعلى سبيل المثال، يمكن لمراقب غريب أن يمر بأمان من خارج الفقاعة إلى داخلها. لكن ما إن يصبح في الداخل، شأنه في ذلك شأننا، فإنه لا يستطيع مغادرتها البتة؛ لأن فعل ذلك يستلزم حركة سرعتها تفوق سرعة الضوء.
وأحد المضامين الأخرى لذلك هو أن كوننا ليس إلا واحدا من عدد لانهائي من الفقاعات السابحة في بحر رغوي هائل من الخلاء الزائف الأبدي التوسع. فماذا يحصل لو تصادمت فقاعتان؟ سوف يطلق تصادمُهما العنانَ لانفجار كوني الاتساع يدمر كل شيء داخل الفقاعتين بالقرب من نقطة التصادم. ولحسن الحظ، ولما كان تولُّد نوى الفقاعات عملية بالغة الندرة، فإن مثل هذه الكارثة الكونية غير محتملة. وحتى لو حصلت، فإن جزءا هائلا من كلتا الفقاعتين لن يتأثر بها. وبالنسبة إلى مراقبين موجودين على مسافة آمنة من نقطة الانفجار داخل الفقاعة، سيبدو الحدث على شكل منطقة شديدة الالتهاب في السماء.

كيف يمكن للمرء اختبار هذه النظرية؟ إن تفسير سبب تجانس الكون أمر جيد حتما، لكن البرهان على صحة النظرية يستلزم مقارنة بعض المقادير الكمية المتنبأ بها بمقادير جرى رصدها. لقد حُسبت الآثار الخاصة بالتضخم المفتوح عام 1994، وأسهمت في ذلك المجموعتان اللتان شذّبتا النظرية، إضافة إلى و من پرنستون.

يقوم كل من مفهومي التضخم القديم والجديد بتنبؤات محددة مستندة إلى الآثار الكمومية التي دفعت نقطًا مختلفة في الفضاء إلى التعرض لمقادير من التضخم مختلفة قليلا. وعندما توقف التضخم، بقي بعض الطاقة في حقل التضخم وتحوّل إلى إشعاع عادي ـ وهو وقود تمدد الانفجار الأعظم اللاحق. ولما كانت مدة بقاء التضخم قد اختلفت من مكان إلى آخر، فقد تفاوت أيضا مقدار الطاقة المتبقية في الأمكنة المختلفة، ومن ثم تفاوتت كثافة الإشعاع.

ويوفر إشعاع الخلفية الكوني صورة عابرة لتلك التفاوتات. وفي التضخم المفتوح، لا تتأثر تلك الصورة بالتذبذبات التي تنشأ داخل الكون فحسب، بل أيضا بتلك التي تتولد خارج الفقاعة وتنتشر إلى داخلها. كذلك تظهر تموجات أخرى بسبب عيوب في تكوّن نواة الفقاعة. وينبغي أن تكون تلك الأشكال ملحوظة جدا على أوسع نطاق، لذا فهي تسمح لنا عمليا برؤية خارج فقاعتنا الكونية. يضاف إلى ذلك أن أحدنا (سپرگل)، أثناء عمله مع [الموجود حاليا في جامعة كولومبيا] و [من جامعة طوكيو]، أدركا أن التضخم المفتوح يجب أن يكون له آثار هندسية صرفة أخرى

لا تستطيع الأرصاد التمييز بين نبوءات نظريتي التضخم في مستوى الدقة المتوافرة حاليا. لكن لحظة الحقيقة سوف تأتي من وضع مجسّ لاتناحي الموجات المكروية Microwave Anisotropy Probe MAP في مداره المخطط له في أواخر عام 2000 من قِبَل الوكالة (ناسا). وهناك أيضا نظيره الأوروبي الأكثر تطورا المسمى پلانك Planck، الذي سوف يُطلق إلى مداره عام 2007. وسوف يُجري هذان الساتلان أرصادا مشابهة لتلك التي قام بها الساتل مستكشف إشعاع الخلفية الكوني المكروي الموجة Cosmic Microwave Background Explorer COBE قبل نحو عشر سنوات، لكن باستخدام ميز resolution أعلى كثيرا. إن هذين الساتلين يجب أن يكونا قادرين على تحديد أي من النظريتين هي الصحيحة: نظرية الثابت الكوني أو نظرية التضخم المفتوح. وقد تكون النتيجة أن كلتيهما غير ملائمتين، وفي تلك الحالة على الباحثين البدء من جديد بإيجاد أفكار جديدة حول ما حصل في الكون المبكر جدا.
__DEFINE_LIKE_SHARE__
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML