التأمين الصحي حلم الملايين منذ 12 عاماً

خـوار تلي · #1 01-10-2010, 11:44 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ساهم الفراغ التشريعي الملزم بتطبيق التأمين الصحي كمظلة لجميع العاملين في الدولة، في عدم في إصدار قانون اتحادي خاص بالتأمين الصحي لما يقرب من 12 عاماً، كما أوجد نوعاً من التمييز الواضح بين مختلف العاملين في الدولة، خاصة بعد تطبيق التأمين الصحي إجبارياً في إمارة أبوظبي لجميع العاملين بها بمختلف انتماءاتهم المهنية، إضافة إلى تطبيق حكومة دبي لنظام التأمين الصحي على جميع العاملين بها منذ عام 1999 باستثناء العاملين بقطاعات الحكومة الاتحادية الذين يطمحون في مساواتهم بزملائهم العاملين في إمارة أبوظبي، فهل يعقل أن يتم التأمين داخل الوزارة الواحدة على جزء من الموظفين والباقي يحرم من ذلك؟

نعم هو واقع ملموس داخل أغلب وزارات الدولة التي أُجبرت على الالتزام بالقانون المحلي لإمارة أبوظبي، وقامت بالتأمين الصحي على جميع موظفيها المداومين في أبوظبي، بينما زملاؤهم العاملون في دبي والإمارات الشمالية لا ينعمون بهذه الميزة التي باتت تؤرق كاهلهم في ظل الارتفاع المتزايد في أسعار الخدمات العلاجية التي أجبرت الكثير منهم على تحمل آلام المرض بدلاً من تحمل لهيب فواتير المستشفيات الخاصة في ظل التراجع الملحوظ لمستوى الخدمات العلاجية بالمستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة .

الأدهى من ذلك أن العاملين بالهيئات الاتحادية ودواوين الوزارات في دبي والإمارات الشمالية تتضمن عقود عملهم بند التزام الهيئة أو الوزارة التابعين لها بتوفير التأمين الصحي لهم إلا أن ذلك البند لم يتم تفعيله بعد رغم مخالفة ذلك للقانون .

“الخليج” حرصت على فتح ملف التأمين الصحي المكتظ بتوصيات ومناقشات العديد من اللجان التي تم تشكيلها لإعداد مشاريع القوانين التي لم ترَ النور بعد .

مشروع قانون جديد يشترط ربط الإقامة في الدولة بتوفير المظلة التأمينية

بداية وحول الخطوات الإجرائية التي تم اتخاذها من قبل مختلف الجهات المعنية في الدولة لإصدار قانون اتحادي خاص بالتأمين الصحي، أكد عبدالله الأحمدي مدير إدارة التأمين الصحي بوزارة الصحة أن المراحل الأولى لملف التأمين الصحي الاتحادي بدأت عام 1997 وتم وقتها تشكيل العديد من اللجان لدراسة الملف، وفي عام 2000 تم تشكيل لجنة مكونة من وزارتي الصحة والمالية وهيئتي الصحة في أبوظبي ودبي وهيئة المعاشات، حيث أعدت تلك اللجنة الموسعة مشروع قانون خاصاً بالتأمين الصحي وتم إرساله عن طريق وزارة المالية إلى جميع الجهات المختصة في الدولة، غير أنه تأخر في الصدور لأسباب غير معلومة، بعدها كلف مجلس الوزراء وزارة المالية بإعداد مشروع قانون جديد خاص بالتأمين الصحي بشرط أن يتواءم مع الطفرة الاقتصادية التي تشهدها البلاد وبما يتوافق مع الاستراتيجية الجديدة للحكومة، وبناء عليه تم تكليف أحد بيوت الخبرة المتخصصة في ذلك الشأن من جانب وزارة المالية عام 2009 لإعداد مشروع قانون متكامل للتأمين الصحي على مستوى الحكومة الاتحادية، على أن يؤخذ بعين الاعتبار الوضع الخاص لدولة الإمارات وتجارب الدول المجاورة والدول المتقدمة والإطلاع على أفضل الممارسات في مجال التأمين الصحي عالمياً، وأعد بيت الخبرة مشروع قانون تمت مناقشته من قبل لجنة داخلية مكونة من ممثلين عن وزارات العدل والصحة والمالية وبعد الموافقة على آخر التعديلات، أحيل مشروع القانون عن طريق وزارة المالية إلى وزارة العدل، وفقاً للنظام المتبع لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتقنينه وإصداره .

بنود القانون

وأوضح الأحمدي أن من أهم بنود هذا القانون أنه حرص على ربط الإقامة والعمل في الدولة بتوفير وثيقة التأمين الصحي، كما حدد القانون الحد الأدنى للخدمات الصحية التي يجب أن يتمتع بها كل المقيمين في الدولة، إضافة إلى ذلك نظم العلاقة بين شركات التأمين ومقدمي الخدمات الصحية في الدولة بجميع أنواعها، وكذلك العلاقة بين المنشآت الصحية وحامل الوثيقة “المريض” وكذلك العلاقة بين مختلف أطراف الوثيقة .

وأشار إلى أن القانون المزمع إصداره تضمن نصوصاً جزائية لمن يسئ استخدام الوثيقة سواء كانت الإساءة من قبل المريض نفسه أو شركة التأمين أو مقدمي الخدمة العلاجية لتفادي التلاعب من قبل أي طرف، إضافة لذلك أوضح القانون مسؤولية الكفيل في توفير التأمين الصحي للمكفول .

وأكد أنه بذلك فإن الدور المطلوب من جانب وزارة الصحة والمالية لإعداد مشروع قانون التأمين الصحي تم الوفاء به وانتهى دورهما بإرسال مشروع القانون إلى وزارة العدل .

زيادة مفتعلة

وعن الأزمة التي أثيرت مؤخراً بين مختلف شركات التأمين وعدد من المنشآت الصحية الخاصة في الدولة التي قامت بفرض زيادات متفاوتة في أسعار خدماتها العلاجية، أوضح الأحمدي أن هذه الزيادات غير مبررة بالمرة، خاصة أنه لم يحدث ما تستدعيه تلك الزيادة، فالإيجارات ونسب زيادتها محددة ومنظمة بشكل يضمن حقوق المالك والمستأجر معاً، إضافة إلى أن الأسعار العالمية والمحلية للأدوية وكذلك المستلزمات الطبية لم تشهد ارتفاعاً ملحوظاً يؤدي إلى طلب مثل هذه الزيادة المبالغ فيها، حيث إن هناك منشآت قامت بفرض زيادة 40% على أسعار خدماتها العلاجية .

كما أن الجهات المختصة في الدولة أعلنت نسب التضخم التي لم تتواكب أصلاً مع تلك الزيادات، مضيفاً أن أي زيادة في أسعار الخدمات الصحية يتحملها المريض بشكل غير مباشر، حيث تباعا ستقوم شركات التأمين برفع قيمة وثيقة التأمين الصحي .

أطباء بلا تأمين

لم يتخيل أحد يوماً أن يحرم العاملون في وزارة الصحة من مظلة التأمين الصحي، خاصة الكوادر الطبية والتمريضية منهم، لكونهم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بمختلف الأمراض والفيروسات لاحتكاكهم المباشر بالمرضى، نعم ذلك واقع ملموس لجميع العاملين بوزارة الصحة والمنشآت التابعة لها في دبي والإمارات الشمالية وهو ما أكده أحد الممرضين العاملين بأحد مستشفيات الإمارات الشمالية، موضحاً أن راتبه لم يتجاوز الخمسة آلاف درهم وفي حالة إصابته أو أحد أفراد أسرته يعالج على نفقته الخاصة، مؤكداً أنه تقدم ذات مرة بطلب لإدارة المستشفى التي يعمل فيه لاعفائه من تكاليف ولادة زوجته غير أن طلبه قوبل بالرفض وبتدخل أحد أطباء المستشفى تم خصم 20% من إجمالي التكاليف، وأمام ذلك تساءل هل يعقل أن نحرم نحن مقدمي الرعاية الصحية من التأمين الصحي ونحن الأحق بذلك نظراً لطبيعة عملنا وهل يعقل أن يتم التأمين إجبارياً على السيارات ولا يتم التأمين على الإنسان .

وفي الإطار نفسه وصفت إحدى الممرضات وضع العاملين بمستشفيات وزارة الصحة بالمأساوي خاصة الكوادر التمريضية، فنتيجة لضعف الرواتب يلجأ البعض من صغار الموظفين إلى التسول للحصول على العلاج سواء داخل المستشفى التي يعمل بها، أو من خلال الجمعيات الخيرية في حالة احتياج البعض منا إلى إجراء عملية جراحية مثلاً تحتاج إلى مبالغ كبيرة، ترفض إدارة المستشفى تغطيتها متعللة بأن القانون لا يسمح بذلك وهو ما حدث بالفعل أكثر من مرة من دون أن تحرك إدارة المستشفى ساكناً، فهل يعقل أن نداوي ولا نجد من يداوينا .

تكاليف الحضانات

لا يوجد مبرر واضح يعطي الحق لأي منشأة صحية في الدولة مهما كان مستواها أن تصل تكاليف فاتورة الحضانة بها للأطفال الخدج لما يقرب من 100 ألف درهم بخلاف تكاليف الولادة، فكم يبلغ سعر الحضانة أصلاً وما يصاحبها من خدمات علاجية، أزمة الحضانات وعدم وجود شواغر بها في المستشفيات الحكومية يدفع البعض للجوء إلى المستشفيات الخاصة لإنقاذ أطفالهم غير أنك بعد أيام قليلة تجد نفسك أمام فاتورة مزيلة برقم خيالي، وهو ما حدث بالفعل مع المئات من المراجعين لعدد كبير من المستشفيات الخاصة في الدولة .

أحد الضحايا الذي رفض ذكر اسمه حفاظاً على كرامته حتى لا يعتقد البعض أنه يطلب دعماً من أحد، أوضح أنه توجه إلى أحد المستشفيات الخاصة في عجمان بعد شعور زوجته بآلام الولادة وبعد أن تمكنت من وضع حملها التوأم فوجئ بالطبيب يؤكد له أن طفليه في حاجة للانتقال إلى قسم الحضانات نظراً لحالتهما الصحية السيئة، وبالفعل تم نقل الطفلين داخل الحضانات وبعد مرور شهر على تواجدهما وقبل تماثلهما للشفاء فوجئ بإدارة الحسابات في المستشفى تطالبه بدفع مبلغ 83،500 ألف درهم لم يسدد منه سوى 14 ألف درهم فقط عند الدخول، وبعد عدة محاولات يائسة من التفاوض مع إدارة المستشفى لتخفيض المبلغ المطلوب وافقت المستشفى على تقسيط المبلغ على عدة دفعات ما زال ملتزما بها حتى الآن، بعدما تم إرغامه على توقيع شيك مقبول الدفع ضماناً للالتزام بدفع الأقساط، إضافة إلى إصرار إدارة المستشفى على حجز جواز سفره لتأكيد التزامه بالدفع .

وأمام ذلك لم يجد أمامه سوى البحث عن حضانة شاغرة بأحد المستشفيات الحكومية لاستكمال علاج طفليه، وبعد عناء البحث تمكن من نقل أحدهما إلى مستشفى البراحة في دبي والآخر بمستشفى خليفة بعجمان لمدة شهرين آخرين .

المواليد لا يشملها التأمين

أدهم السيكي موظف بإحدى الشركات في دبي ويحظى بتأمين صحي له ولأسرته، إلا انه فوجئ بإدارة المستشفى الخاص التي وضعت بها زوجته تطالبه بسداد فاتورة قدرها 42 ألف درهم وعند اعتراضه على دفع المبلغ، مؤكداً أنه يتمتع بتأمين صحي شامل له ولأسرته، فوجئ بمحاسب المستشفى يؤكد له أن هذه الفاتورة مخصوم منها تكاليف الولادة أما المبلغ المطلوب منه سداده فهو عبارة عن نفقات الحضانة التي تواجدت بها طفلته على مدار 27 يوماً، وفي هذه اللحظة فوجئت بأن الأم وحدها هي التي يشملها التأمين بينما الطفلة لا يشملها التأمين لكونها غير مسجلة بوثيقة التأمين، وتساءلت كيف أسجلها قبل ولادتها فالمفترض أن يشملها التأمين تباعاً، وأمام موجة من الجدل وجدت نفسي مطالبا بسداد المبلغ تحت أي ظرف من الظروف، وبالرجوع إلى شركة التأمين تم تأكيد كلام المستشفى، وأصبحت مجبراً على التفاوض مع إدارة المستشفى لتخفيض المبلغ المطلوب لكونه أكثر من طاقتي بكثير، غير أن جميع محاولاتي باءت بالفشل وقمت بسداد المبلغ .

تأمين الزائرين

رغم أن الكثير من المقيمين في الدولة لا ينعمون بمظلة التأمين الصحي، إلا أن الدولة حرصت على توفيره للزائرين، فالشركة الوطنية للتأمين الصحي “ضمان” تعمل على إصدار وثائق التأمين الصحي للقادمين إلى الدولة بتأشيرة الزيارة، وفقاً للقرار الوزاري رقم 322 لسنة ،2008 بشأن تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون دخول وإقامة الأجانب استناداً إلى قرار مجلس الوزراء رقم 16 لسنة ،2008 حيث نص القرار على إلزامية التأمين الصحي على جميع القادمين إلى الدولة بتأشيرة زيارة أو لغرض الدراسة أو العلاج، حيث تتضمن تلك الوثائق ثلاثة أنواع من البطاقات الصحية التي تتراوح أسعارها بين 40 درهماً لتأشيرات الزيارة القصيرة الصالحة لمدة 30 يوماً، و70 درهماً للتأشيرة الصالحة لمدة 60 يوماً و90 درهماً للتأشيرة الصالحة لمدة 90 يوماً، وجميعها تغطي حالات الطوارئ فقط .

وتعد تلك الوثيقة شرطاً لاستخراج تأشيرة الزيارة وأحد المستندات الواجب إرفاقها لاستكمال الإجراءات .

ويشرف على قطاع التأمين في الوقت الحالي وزارة الاقتصاد، ويوجد 51 شركة تأمين على مستوى الدولة مسجلة بالوزارة، منها 27 شركة وطنية و24 شركة أجنبية .

وتغطي وثائق التأمين للزائرين، التكاليف المالية بنسبة 100% للإقامة داخل المستشفى، على أن يكون في العنبر سريران، وقيمة أتعاب الاستشاري، الجراح، طبيب التخدير والأتعاب الأخرى، وكذلك الإسعاف لحالات الطوارئ المؤدية للإقامة في المستشفى، إضافة إلى ذلك تغطى قيمة الأدوية والعقاقير بنسبة 100% عند العلاج داخل المستشفى والعلاج الطبيعي وعلاجات إعادة التأهيل الأخرى عند الإقامة داخل المستشفى وعلاج الأسنان الناتج عن الحوادث العرضية خلال فترة صلاحية الوثيقة في الدولة، غير أن الوثيقة الصحية للزائرين لا تغطي الحالات الطبية المزمنة والموجودة سابقاً إلا في حال الخدمات العلاجية المقدمة في غرفة الطوارئ لعلاج الهجمات الحادة لهذه الأمراض .

الخليــــــــــــــــــــــــج ... __DEFINE_LIKE_SHARE__