من أغرب ما تنتقد المسيرة عليه من الاتجاهات الراديكالية هو أهم ما فيها وهو موضوعها الا وهو الاقتصاد. المسيرات التي دأبنا على المشاركة فيها منذ الانفراج الأمني كانت تتعلق بالسياسة أو الدين. هذه أول مرة يكون فيها للهم الطبقي والاقتصادي الاجتماعي مكان في مسيرة حاشدة وهذا هو إنجازها. هذا التحول في الأجندة من الهم السياسي والمدني إلى الهم المعيشي. بالطبع هذا لا يقلل من أهمية وخطورة الملفات السياسية مثل الدستور والتجنيس و نظام الحكم لكن هذا تحول جديد وجدير بالملاحظة ومن المستغرب أن المسيرة تنتقد لأنها ليست كسابقاتها.
ميزة الهم الطبقي الاقتصادي الاجتماعي أنه يخلق استقطابا جديدا نحن بحاجة إليه ويجب أن نعمل على تشجيعه وإذكائه والنفخ فيه و هو التحول من كوني شيعي أو سني أو ملحد إلى كوني فقير. الهم الطبقي الاقتصادي لا مكان فيه لشخص من مذهبي أو طائفتي لكنه منتفع أو غير متضرر من رفع الأسعار أو غير مكترث بها بسبب طبقته الاجتماعية المرفهة أو شبه المرفهة بل قد يكون الفقير السني أو الشيعي أو غير المنتمي دينيا أصلا أقرب لي بسبب قرابته الطبقية لا العقائدية. طبعا الطريق طويل لتحويل الناس من انتماءتهم الضيقة إلى الانتماء للمحرومين اقتصاديا واجتماعيا وهو الانتماء الوحيد القادر على مزج الطوائف والعقائد والإيديولوجيات تحت مظلة واحدة هي المحرومية، لكن علينا ألا نيأس فبغض النظر عن العدد الذي يبدو النقاش حوله بيزنطيا فإن العبرة بأن هذه المسيرة دشنت لأول مرة تحولا في الاتجاه الصحيح يجعل الحق الاقتصادي الاجتماعي المعيشي على رأس الأجندة بعد أن وضع في ذيلها أو على الرف زمنا طويلا.
__DEFINE_LIKE_SHARE__
|