08-23-2015, 08:11 PM
|
عضو ماسي | | |
اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ، اَللَّهُمَّ انْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا يَارَبَّ الْعَالَمِين، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ اَحْسَنَه، قَالَ الْاِمَامُ اَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدٌ بْنُ اِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْه: آَمَنْتُ بِاللِه، وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ، عَلَى مُرَادِ الله، وَآَمَنْتُ بِرَسُولِ اللهِ، وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُول ِاللهِ، عَلَى مُرَادِ رَسُولِ الله، وَعَلَى هَذَا دَرَجَ السَّلَفُ وَاَئِمَّةُ الْخَلَفِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْاِقْرَارِ وَالْاِمْرَارِ وَالْاِثْبَاتِ لِمَا وَرَدَ مِنَ الصِّفَاتِ فِي كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَاْوِيلِهِ، وَقَدْ اُمِرْنَا بِالِاقْتِفَاءِ لِآَثَارِهِمْ، وَالِاهْتِدَاءِ بِمَنَارِهِمْ، وَحُذِّرْنَا الْمُحْدَثَاتِ، وَاُخْبِرْنَا اَنَّهَا مِنَ الضَّلَالَات، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَاِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتُ الْاُمُورِ، فَاِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَة، اِنْتَهَى كَلَامُ الْاِمَامِ الشَّافِعِيّ، وَنَاْتِي الْآَنَ اِلَى شَرْحِهِ وَنَقُولُ مَايَلِي: كَلَامُ الْاِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَاضِح، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُؤَوِّلَةُ: بِاَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللهُ، لَايَعْلَمُ مَعَانِيَ تِلْكَ الْآَيَاتِ وَالْاَحَادِيثِ الَّتِي فِي الصِّفَاتِ، فَقَالَ: آَمَنْتُ بِاللهِ وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ عَلَى مُرَادِ الله، وَآَمَنْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَاجَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ، فَقَالُوا(وَهُمُ الْمُؤَوِّلَة( هَذَا يَعْنِي اَنَّهُ(اَيِ الْاِمَامُ الشَّافِعِيّ(اَحَالَ الْمَعْنَى اِلَى مُرَادِ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اَنَّهُ (اَيِ الْاِمَامُ الشَّافِعِيّ( لَمْ يَفْهَمِ الْمَعْنَى! وَنَقُولُ لِلْمُؤَوِّلَةِ رَدّاً عَلَى كَلَامِهِمْ: اَنَّهُ( اَيِ الْاِمَامُ الشَّافِعِيّ(لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ، وَاِنَّمَا هَذَا اِيمَانٌ مُجْمَل؟ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ الْاِمَامُ الشَّافِعِيُّ: آَمَنَّا بِاللهِ، وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ، فِيمَا عَلِمْنَا، وَفِيمَا لَمْ نَعْلَمْ، عَلَى مُرَادِ الله، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا يَقْتَضِي تَمَامَ التَّسْلِيمِ، وَتَمَامَ الِامْتِثَالِ لِمَا اُمِرْنَا بِهِ، نَعَمْ اَخِي: كَذَلِكَ آَمَنَّا بِرَسُولِ اللهِ، وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ، عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ، مَاعَلِمْنَا مِنَ النُّصُوصِ، وَمَالَمْ نَعْلَمْ، نَعَمْ اَخِي: فَاِيمَانُنَا هَذَا مُجْمَلٌ؟ وَمَعْنَاهُ اَنَّنَا لَانَتْرُكُ شَيْئاً مِمَّا جَاءَ عَنِ اللهِ، وَلَا عَنْ رَسُولِ اللهِ، اِلَّا وَنَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِهِ، مَاعَلِمْنَا مِنْهُ، وَمَالَمْ نَعْلَمْ، وَكُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا، نَعَمْ اَخِي: وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ؟ اتِّبَاعاً لِمَا اَمَرَ اللهُ بِهِ جَلَّ وَعَلَا فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا(نَعَمْ اَخِي: فَمَا عَلِمْنَا مَعْنَاهُ، فَوَاضِحٌ اِيمَانُنَا بِهِ، وَمَاجَهِلْنَا مَعْنَاهُ وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا، نَقُولُ آَمَنَّا بِهِ عَلَى مُرَادِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَعَلَى مُرَادِ رَسُولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اِلَى اَنْ نَسْاَلَ فِيهِ اَهْلَ الْعِلْم؟ فَاِذَا سَاَلْنَا عَنْهُ اَهْلَ الْعِلْمِ، وَبَيَّنُوا لَنَا مَعَانِيَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَهُنَا نَعْتَقِدُ الْمَعْنَى كَمَا نَعْتَقِدُ فِي الْاَلْفَاظ، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ ذَكَرَ الْاِمَامُ الشَّافِعِيُّ: اَنَّ هَذِهِ التَّاْوِيلَاتِ مُحْدَثَة، وَنَقُولُ لِلشَّافِعِيِّ: نَعَمْ كَلَامُكَ صَحِيحٌ ظَاهِرٌ بَيِّنٌ، فَاِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَلَقَّوُا النُّصُوصَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالتَّسْلِيمِ، بَلْ اِنَّ هَذَا الْاَمْرَ وَهُوَ حَالُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ مَعَ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّة، هُوَ الَّذِي هَدَى اللهُ جَلَّ وَعَلَا بِهِ بَعْضَ كِبَارِ الْاَشَاعِرَةِ مِثْلَ الْجُوَيْنِيِّ وَلَهُ رِسَالَةٌ مَشْهُورَة، وَكَانَ مِمَّا قَالَ فِيهَا: وَجَدْتُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَاْتِيهِ الْاَعْرَابِيُّ، وَغَيْرُ الْاَعْرَابِيِّ، وَالذَّكِيُّ، وَالْبَلِيدُ، وَالْفَطِنُ، وَغَيْرُ الْفَطِنِ، فَيَسْمَعُونَ مِنْهُ الْآَيَاتِ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى الصِّفَاتِ الَّتِي يَقْتَضِي ظَاهِرُهَا التَّشْبِيهَ وَالتَّمْثِيلَ عِنْدَ الْمُؤَوِّلَةِ وَتَشْمَلُ اَيْضاً الْآَيَاتِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى الْاُمُورِ الْغَيْبِيَّة، ثُمَّ اِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لايُتْبِعُ ذَلِكَ بَبَيَانٍ يَقُولُ فِيهِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً مَايَلِي: لَاتَعْتَقِدُوا ظَوَاهِرَ هَذِهِ النُّصُوصِ، فَاِنَّ لَهَا مَعَانِيَ تَخْفَى، نَعَمْ اَخِي: فَيَاْتِيهِ الْاَعْرَابِيُّ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَيَسْمَعُ الْقُرْآَنَ، وَيَاْمُرُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَنْ يُؤْمِنَ بِالْكِتَابِ وَبِمَا سَمِعَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَا يَفْهَمُهُ مِنْ مَعْنَى لُغَةِ الْعَرَب، قَالَ: وَفِيهِمُ الذَّكِيُّ وَالْبَلِيدُ الْغَبِيُّ وَالْمُتَعَلِّمُ وَالْجَاهِلُ اِلَى آَخِرِ مُوَاصَفَاتِ النَّاس، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً بَيِّنَةً، عَلَى اَنَّ ظَوَاهِرَ هَذِهِ النُّصُوصِ مُرَاد، وَاَنَّهُ لَايَجُوزُ تَاْوِيلُهَا بِحَال؟ لِاَنَّهُ لَوْ جَازَ تَاْوِيلُهَا حَيْثُ اِنَّ ظَاهِرَهَا يُوهِمُ الْمُشَابَهَةَ وَالْمُمَاثَلَةَ، لَوَجَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِلْاَغْبِيَاءِ الْبَلِيدِينَ مِنَ الْاَعْرَابِ الَّذِينَ يَاْتُونَهُ مِنْ بِقَاعٍ شَتَّى وَهُمْ عَلَى جَهْلٍ وَعَدَمِ عِلْمٍ، وَرُبَّمَا تَوَهَّمَتْ اَنْفُسُهُمْ فِي تِلْكَ الْمَعَانِي ظَاهِرَ مَايَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، قَالَ: فَلَمَّا لَمْ يُتْبِعْ ذَلِكَ بِبَيَانٍ، دَلَّ عَلَى اَنَّ ظَوَاهِرَ النُّصُوصِ مُرَادٌ، وَاَنَّ الْاِيمَانَ بِتِلْكَ النُّصُوصِ وَاجِبٌ عَلَى مَاظَهَرَ مِنْ مَعْنَاهَا عَلَى قَاعِدَةِ عَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا فِي قَوْلِهِ{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير (نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّهُ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ، لَمْ يَحْدُثْ تَاْوِيلٌ، وَلَمْ يَحْدُثْ خِلَافٌ فِي الِاعْتِقَادِ وَكَذَلِكَ فِي عَهْدِ التَّابِعِينَ، حَتَّى بَدَتِ الضَّلَالَاتُ فِي اَوَاخِرِ عَهْدِ التَّابِعِينَ تَظْهَرُ مَعَ طَوَائِفَ مِنَ الْخَوَارِجِ، ثُمَّ الْمُعْتَزِلَةَ، ثُمَّ انْتَشَرَ ذَلِكَ فِي الْاُمَّة، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى اَنَّ التَّاْوِيلَ وَالْمُخَالَفَةَ فِي التَّسْلِيمِ لِلنُّصُوصِ، اَنَّ هَذَا مِنَ الْبِدَع ِوَالْمُحْدَثَات، نَعَمْ اَخِي: وَالْبِدَعُ وَالْمُحْدَثَاتُ مَرْدُودَةٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَنْ اَحْدَثَ فِي اَمْرِنَا هَذَا(اَيْ فِي الْاُمُورِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ[مَالَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدّ(اَيْ مَرْدُودٌ عَلَى صَاحِبِه(وَهَذَا كَمَا سَيَاْتِي مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي مُشَارَكَةٍ قَادِمَةٍ حَيْثُ قَال اِتَّبِعُوا وَلَاتَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ... نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَصَلْنَا فِي الْمُشَارَكَةِ قَبْلَ السَّابِقَةِ، اِلَى قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ سُورَةِ الْوَاقِعَة{اَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ اَنْتُمْ مُدْهِنُون، وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ اَنَّكُمْ تُكَذِّبُون(نَعَمْ اَخِي{اَفَبِهَذَا الْحَدِيث(اَلْاِشَارَةُ هُنَا اِلَى اَيِّ شَيْء؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِلَى الْقُرْآَن، فَمَا مَعْنَى كَلِمَةِ الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ الْآَيَة؟ نَعَمْ اَخِي: اَلْحَدِيثُ هُوَ فِي اللُّغَةِ: كُلُّ مَا يُتَحَدَّثُ بِهِ، سَوَاءً كَانَ قُرْآَناً، اَوْ حَدِيثاً نَبَوِيّاً، اَوْ كَانَ خِطَابَةً، اَوْ حَدِيثاً لِاَيِّ اِنْسَانٍ مِنَ النَّاس، فَفِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ يُسَمَّى حَدِيثاً كُلُّ مَا يُتَحَدَّثُ بِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَيَاْتِي الْحَدِيثُ فِي اللُّغَةِ اَيْضاً بِمَعْنَى الْجَدِيد، نَقُولُ مَثَلاً: هَذَا الْاَمْرُ حَدِيثٌ اَوْ مُسْتَحْدَثٌ، اَيْ اَنَّهُ جَدِيدٌ لَمْ يَكُنْ مَوْجُوداً مِنْ قَبْلُ، نَعَمْ اَخِي: هَذَا فِي اللُّغَةِ، وَاَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ، فَحِينَمَا يَقُولُ عُلَمَاءُ اُصُولِ الْفِقْهِ اَوِ الْفُقَهَاءُ هَذَا الْحُكْمُ وَرَدَ فِي الْحَدِيث، فَهُنَا فَوْراً يَنْصَرِفُ ذِهْنُنَا اَخِي اِلَى الِاخْتِصَاصِ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ؟ لِاَنَّ الْحَدِيثَ النَّبَوِيَّ يَحْتَاجُ اِلَى مُخْتَصِّين، نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ حَدِيثٍ هُنَا، لَاتَعْنِي اَيَّ حَدِيثٍ، وَاِنَّمَا هِيَ خَاصَّةٌ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، نَعَمْ اَخِي: وَالْقُرْآَنُ هُنَا ذَكَرَ بِاَنَّهُ حَدِيث{اَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ اَنْتُمْ مُدْهِنُون( اَيْ اَفَبِهَذَا الْقُرْآَنِ اَنْتُمْ مُدْهِنُون، نَعَمْ اَخِي: وَالنَّاسُ حِينَمَا يَبْلُغُونَ دَرَجَةَ التَّرَفِ فِي الْعِلْمِ، اَوْ فِي الْمَالِ، اَوْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، تَرَاهُمْ يُبَالِغُونَ وَيَزِيدُونَ فِيمَا بَيْنَ اَيْدِيهِمْ، فَمَثَلاً اِنْسَانٌ مُتْرَفٌ وَعِنْدَهُ اَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّهُ يَحْتَارُ كَيْفَ يَضَعُ هَذَا الْمَالَ وَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ بِهِ لِكَثْرَتِه! نَعَمْ اَخِي: وَحِينَمَا تَزْدَادُ الْعُلُومُ الْفِكْرِيَّةُ كَذَلِكَ، يَحْدُثُ مَايُسَمَّى بِالتَّرَفِ الْفِكْرِيّ، فَمَثَلاً فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، لَمْ يَتَحَدَّثُوا فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ، وَهُوَ مَاتَحَدَّثَ بِهِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنْ اَتْبَاعِ التَّابِعِينَ الَّذِينَ عَاصَرُوا الْمُعْتَزِلَةَ وَغْيْرَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: هَلِ الْقُرْآَنُ قَدِيمٌ اَمْ مَخْلُوق؟ نَعَمْ اَخِي: اَمَّا الصَّحَابَةُ فَمَا تَكَلَّمُوا بِهَذَا اَبَداً، نَعَمْ اَخِي: وَحَتَّى فِي الْعَهْدِ الْاُمَوِيِّ، مَاتَكَلَّمُوا اَيْضاً، وَلَا جَادَلُوا فِي هَذِهِ الْمَسْاَلَةِ، وَاِنَّمَا حَدَثَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ؟ حِينَمَا كَثُرَتِ الْعُلُومُ الْعَقْلِيَّةُ، وَالْعُلُومُ التَّجْرِيبِيَّةُ، وَحَدَثَتِ التَّرْجَمَةُ، وَحَدَثَ التَّشْجِيعُ عَلَيْهَا، فَكَانَ الَّذِي يُتَرْجِمُ كِتَاباً مِنْ لُغَةٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ اِلَى عَرَبِيَّة، يُعْطَى مِقْدَارُهُ وَزْناً مِنَ الذَّهَبِ؟ تَشْجِيعاً لِحَرَكَةِ التَّرْجَمَةِ؟ مِنْ اَجْلِ تَشْجِيعِ الْحَرَكَةِ الْفِكْرِيَّة، نَعَمْ اَخِي: فَصَارَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ بَذْخٌ وَتَرَفٌ فِكْرِيٌّ! اِلَى دَرَجَةِ اَنَّهُمْ صَارُوا يَتَسَاءَلُونَ؟ هَلِ الْقُرْآَنُ مَخْلُوقٌ؟ اَمْ اِنَّ الْقُرْآَنَ قَدِيم؟ نَعَمْ اَخِي: فَظَهَرَالْمُعْتَزِلَةُ الَّذِينَ تَبَنَّوْا فِكْرَةَ اَنَّ الْقُرْآَنَ مَخْلُوق! وَاَمَّا مَاعَدَاهُمْ فَقَالُوا: اِنَّ الْقُرْآَنَ قَدِيم! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ: لِمَاذَا هُوَ قَدِيم؟ قَالُوا: لِاَنَّ الْقُرْآَنَ هُوَ كَلَامُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالْكَلَامُ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ، وَاللهُ اَزَلِيٌّ قَدِيمٌ، فَصِفَاتُهُ كَذَلِكَ تَكُونُ قَدِيمَةً، وَلَيْسَتْ حَادِثَة، وَبِالتَّالِي لَيْسَتْ مَخْلُوقَة، نَعَمْ اَخِي: وَلَوْ اَنَّ هَؤُلَاءِ اَرَاحُوا اَنْفُسَهُمْ، وَاَرَاحُوا مَنْ بَعْدَهُمْ؟ لَقُضِيَ الْاَمْرُ، لَكِنْ مَاذَا تَفْعَلُ اَخِي مَعَ الْجِدَالِ وَالنِّقَاشِ وَالتَّرَفِ الْفِكْرِيِّ الَّذِي يَجْعَلُ الْعُقُولَ شَارِدَةً وَبَعِيدَةً عَنِ الضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ؟ لِتَقِفَ عِنْدَ حَدِّهَا، وَلَاتَشْطَحَ كَشَطَحَاتِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ وَالشِّيعَة، نَعَمْ اَخِي: وَاَقُولُ فِي هَذِهِ الْمَسْاَلَةِ بِرَاْيِي! فَاِنْ يَكُنْ صَوَاباً فَمِنَ الله، وَاِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ بَرِيئَان، وَلِذَلِكَ اَقُولُ{وَمَاتَوْفِيقِي اِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَاِلَيْهِ اُنِيبُ (مَايَلِي: اَلْقُرْآَنُ بِالنِّسْبَةِ اِلَى اَنَّهُ كَلَامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهُوَ قَدِيم؟ لِاَنَّ اللهَ وَمَايُرَافِقُهُ مِنْ كَلَامِهِ وَقُرْآَنِهِ وَاَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، اَزَلِيٌّ قَدِيم، وَاَمَّا حِينَمَا نَقْرَؤُهُ وَنَتَكَلَّمُ بِهِ، فَهُوَ حَدِيثٌ بِالنِّسْبَةِ لِتِلَاوَتِنَا لَهُ؟ لِاَنَّنَا اِنْسَانٌ مَخْلُوق، وَالْمَخْلُوقُ وَمَايُرَافِقُهُ مِنْ كَلَامِهِ وَقُرْآَنِهِ وَاَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، حَادِثٌ حَدِيثٌ جَدِيدٌ، وَلَيْسَ قَدِيماً اَزَلِيّاً كَخَالِقِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَانْتَهَى الْاَمْرُ،
__DEFINE_LIKE_SHARE__
|