وجوه الثّورة لؤلؤة أوالفي سبيل القضاء على الخطِّ المُمانع وتصفية قياداته وكوادره -التي شكّلت الخطر الأكبر على الكيان الخليفي وهدّدت وجوده- عَمَد نظام العصابة الخليفية في فترة الطوارئ إلى اعتقال جميع رموز الثورة وكل فردٍ يُشَكُّ بانتمائه لهذا المنهج، وعرّضهم لسياط جلّادين لا تعرف الرحمة طريقاً لهم، حتى ظنّ النظام أنّه وجَّه الضربة القاضية وكسر شوكة الممانعين.لم يعرف النظام بل لم يعِ أن الجمر مازال مشتعلاً تحت الرماد وأن من بين هذا الركام سيخرج رجال ينفضون الغبار عن أنفسهم ويحولون نهاره إلى ليل دامس وجحيم، فكانت تلك الفترة أشبه بالمخاض لولادة جيل جديد يضم نُخَباً شابة تتمتع بالحس القيادي والثوري والإسلامي، بالإضافة لمجاميع ثورية واعية غير حزبية، كان أحد تلك الرجالات سماحة المجاهد السيد مرتضى السندي (مواليد 1983م) القياديّ في تيّار الوفاء الإسلامي وعضو التحالف من أجل الجمهورية والذي اعتقل في فترة الطوارئ وتعرّض للتعذيب الشديد في سبيل انتزاع اعترافات تدينه وتدين الأستاذ عبدالوهاب حسين إلّا أنه كان مثالاً في الصمود وعدم الإدلاء بالمعلومات رغم الضغط الجسدي والنفسي بشهادة أحد المعتقلين معه.لم يفُت السجن من عضد السندي بل جعله أقوى وأصلب، فلمّا خرج بعد إكمال محكوميته بالسجن 6 شهور واصل مشواره المعطاء بعيداً عن الأضواء والضوضاء وخدم القضية بدم عروقه وعرق جبينه، وكان له دور في الاهتمام بقضية المطاردين وتقديم الدعم المعنوي واللوجستي للثوار والمساهمة الكبيرة في ترتيب أوراق تيّار الوفاء الإسلامي من جديد، حتى أمسى أيقونة عطاء وشعلة ثورية.تواصلت لؤلؤة أوال مع شخص مقرّب لـ السندي رافقه طيلة العشر سنوات الأخيرة في سبيل التعرّف أكثر على شخصية السيد مرتضى وهو سماحة الشيخ أحمد نوّار والذي طلبنا منه الإجابة بشكل مختصر على بضع أسئلة:لؤلؤة أوال: كيف وجدتم سماحة السيد مرتضى السندي خلال علاقتكم الممتدة لسنوات؟الشيخ أحمد نوّار: وجدته كتلة نشاط وإيمان، فهو لم يفارق العمل الإسلامي منذ عرفته حتى الآن، فتارة تراه في لجنة هنا وتارة في مؤسسة هناك، وكثيراً ما رأيته يقدّم للعمل الإسلامي من جهده ووقته وصحته وماله الخاص، وكشاهد على ذلك .. في مرة من المرات عرفت أنه كان قد قدّم أمواله الخاصة لأحد المحتاجين وهو يعيش في ضنك ماليّ ولم يبح لأحد بذلك، ولا يفوتني أن أشير إلى اهتمامه الخاص بتربية نفسه وعلاقته المميزة الخاصة بربه.لؤلؤة أوال: لـ السندي تاريخ نضالي منذ صغر سنّه، كيف كانت بداياته وملامحها؟الشيخ أحمد نوّار: تعرّفت على السيد مؤخراً وزاملته في العشر سنوات الأخيرة، ولكن عرفت من خلال بعض الزملاء أنه كان شديد البأس في فترة التسعينات رغم حداثة سنّه، والملفت لي أني ناقشته في الكثير من القضايا السياسية التي تتعلق بتلك الفترة ووجدته يملك مخزوناً كبيراً من الوعي والبصيرة، ومن المعلوم أنه ذاق مرارة السجن وألم التعذيب.لؤلؤة أوال: وظّف الأستاذ عبدالوهاب حسين الطاقات الشبابية المفعمة بالنشاط في تيار الوفاء الإسلامي وكان السندي منها، فما هي أبرز الأنشطة التي قام بها؟الشيخ أحمد نوّار: سماحة السيد كان من الكوادر الفاعلة في بدايات تأسيس التيار، حيث ربط الشباب المؤمن بثقافة ومنهج الأستاذ عبدالوهاب حسين، وكان له دور كبير في الكثير من البرامج الثقافية التي أوكلها له الأستاذ والشيخ سعيد النوري (فرّج الله عنهما).لؤلؤة أوال: في الفترة الممتدة من الضربة الأمنية التي طالت قيادات التيار سنة 2010م إلى بدايات الثورة، في ماذا كان مشغول السندي؟الشيخ أحمد نوّار: في تلك الفترة التي ارتجف فيها من ارتجف، وابتعد فيها من ابتعد، لم ينأى السيد بنفسه عن الساحة السياسية وعن مناصرة الأستاذ، وبقي ملتصقاً بمجلس الأستاذ حتى عاد إلى قم ليكمل مشواره الحوزوي حيث استثمر السيد هذه الفترة في التحصيل العلمي, ولم يشغله ذلك عن متابعة أخبار الساحة ورفدها فكرياً وشرعياً من خلال ارتباطه ببعض فقهاء قم المقدسة.لؤلؤة أوال: اعتقل السندي في فترة الطوارئ مع الكثير من كوادر التيّار وأدى ذلك إلى تراجع التيار ميدانياً بشكل كبير، ثم أفرج عن السندي بعد إكمال حكمه، فكيف ساهم بترتيب أوراق التيّار وإرجاعه من جديد للساحة؟الشيخ أحمد نوّار: لم يكن سماحة السيد الوحيد الذي ساهم في ترتيب وضع التيار، ولكن كان خروجه من السجن وانضمامه للعمل القيادي في التيار بمثابة الدفعة المعنوية والحركية لما للسيد من كاريزما خاصة وطاقة ونشاط مفعم، وهكذا استطاع السيد ومن معه من ترتيب وضع التيار.لؤلؤة أوال: عرف عن السندي اهتمامه الكبير بالمطاردين والمهجّرين، فكيف تعامل مع هذا الملف؟الشيخ أحمد نوّار: استطاع السيد أن يرفد هذا الملف من خلال ثلاثة مستويات..المستوى الأول: الدعم المالي والمادي، حيث كثيراً ما رأيته يدفع من أمواله الخاصة لبعض الشباب المطاردين.المستوى الثاني: الدعم المعنوي واللوجستي من خلال إثارة موضوع المطاردين على أكثر من جبهة.المستوى الثالث: الدعم الثقافي والأخلاقي والديني، فالتصاق السيد بالشباب ساهم بشكل ملفت بتوجيههم أخلاقياً ودينياً.لؤلؤة أوال: يتعرّض السندي لهجمة من أبواق النظام ومحاولات كثيرة للضغط النفسي عليه، فما هي قرائتكم لذلك؟الشيخ أحمد نوّار: إن هذا الاستهداف يأتي في سياق متصل مع تغييب رموز الثورة، فقد قام النظام بتغييب الكثير من الرموز جسدياً من خلال اعتقالهم في محاولة لفصلهم عن الساحة الميدانية، ويأتي استهداف سماحة السيد في هذا الإطار، ولكني أتصوّر أن هذه الهجمة سوف ترتد سلباً على النظام ولن تنطلي هذه المسرحيات على جماهير الشعب.
08-17-2015, 09:10 PM
العرض العادي
المواضيع المتشابهه 
