لقد جعل الله قيم الحقّ والعدل ميزاناً بأيدي العلماء الربّانيّين، والأئمّة المهديّين، الذين ائتمنهم على دينه، وما سواها أهواء متناحرة، وظلمات مدلهمّة، وظلم وعدوان، وبغي وبهتان... فأوّل مسؤوليّاتهم أن يعلنوا قيم الحقّ والعدل للناس، ويعلّموهم إيّاها، وينشروا حقائقها ويشيعوها، ويبشّروا بها بكلّ وسيلة، ويدعوا الناس للالتزام بها، وإيثارها على ما سواها... وهم في ذلك يقفون على صراط الله المستقيم، وهديه القويم، يبشّرون به، ويدعون إليه، فإن عجزوا عن ذلك أو ضعفوا فلا أقلّ من أن يلزموا الصمت، ويعتزلوا الناس، ولا يعينوا الظالم على ظلمه، والباغي على بغيه.
وإنّ الأئمّة المهديّين، والعلماء الربّانيّين في كلّ عصر ومصر لا يقفون بين الأمّة والحاكم على مسافة واحدة، بل هم في صف الأمّة وأقرب إليها، لا استرضاءً للعامّة وإيثاراً للأهواء، ولكن لأنّ الأمّة -والتاريخ شاهد صدق على ذلك- تنتقص حقوقها في أغلب الأحوال، ويعتدى على حرماتها، وتصوّب إليها سهام المظالم من كلّ باغ متنفّذ، ويضعف أكثر أفرادها عن المطالبة بحقوقهم، فينامون على الضيم، ويستكينون للظلم، ممّا يجرّهم إلى ألوان من الفساد لا تقف عند حدّ... ويتطلّعون إلى العلماء، وهم الفئة الرائدة الراشدة، وينتظرون منهم أن ينتصروا لهم، ويطالبوا بحقوقهم... فهل من المسؤوليّة أن يخذل العلماء الأمّة التي وثقت بهم، وعلّقت آمالها عليهم؟!