أم البنـــين محــل عطـــاء الـلـــه
الشيخ حمزة الحواج
16 يونيو 2009
* تختلف المذاهب الإسلامية في* التعاطي* مع الأولياء ولكنهم لا* يحرمون اتخاذ الأولياء وسائل إلى الله أمواتاً* كانوا أم أحياء لنيل الحوائج* من الله تعالى واتخاذهم وسائل إلى الباري* جل وعلا والمخالف قليل في* خصوص التوسل بالأموات دون أصل التوسل ولا حجة بينة لقولهم سيما أن الدليل الذي* يرتكزون عليه من تأويل آيات قرآنية وأحاديث* يطمسون بعضها ويؤولون بعضاً* آخر ولا* يحسب أحد أن الطائفة الشيعية لا تمتلك أدلة على ما تعتقد أو أنها تشتكي* ضعفاً* في* بسط براهينها لو طلب الآخرون بل هي* على أهبة الاستعداد لخوض هذا الموضوع وغيره إن رغب الآخرون في* ذلك*. وما نعتقده معاشر الشيعة حول التوسل بالأولياء الصالحين هو من صلب الطرح الإسلامي* بل من القرآن الكريم وأنه جائز سواء كان المتوسل به حياً* أم ميتاً* ذلك أن التوسل عند طائفة التشيع ليس بجسد الولي* حتى نفترضه منتهياً* وفانياً* حال وفاته بل هو مرتبط بشخصه ومنزلته وكونه محلاً* للوسيلة كما لو كان حياً* لقوله تعالى* ''ولا تحسبن الذين قتلوا في* سبيل الله أمواتاً* بل أحياء عند ربهم* يرزقون*'' ويكفي* هنا أن الأولياء محل عناية من الله وليسوا محل فناء وعدم بعد الموت،* ولا دليل على عدم جواز التوسل بالميت عند الطرف المعارض* ،* ناهيك عن وجود أدلة عند عموم المسلمين بجواز التوسل بالميت موكولة لمحلها عدى من هو على نهج المدعي* وأعرضنا عنها خوف الإطالة وخير لمن لم* يطلع على هذه البحوث أن لا* يلج فيها،* والفرض أن اتخاذ وسيلة إلى الله* غير جائز* ينجر إلى الحي* أيضاً* وهو خلاف إجماع الأمة وصريح القرآن بل خلاف عقيدة المدعي* نفسه لقوله تعالى*: ''ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً* رحيماً*'' فأدلة المانعين للتوسل بالميت بحجة التوسل لغير الله وتحريم مطلق التوسل* يلزمهم معارضة القرآن لصراحته في* جواز التوسل بالحي* لأن التوسل حاصل في* الحي* كما هو في* الميت وهو مباح في* الأول فنتيجته جواز التوسل إلى الله بالأولياء إجماعاً* عند الأمة في* الأحياء،* فإن كان شرك في* الميت فهو كذلك شرك في* الحي*. وهنا نقرر أن القول بعدم جواز التوسل مطلقاً* أمر مرفوض وخلاف الصواب،* يبقى الاختلاف بيننا والمدعي* حول التوسل بالميت لا في* أصل التوسل لجوازه في* الحي*. ومن علماء الطوائف الإسلامية* غير الشيعة من* يجيز التوسل بالأموات وهم كثير ليس هاهنا محل بسط كلامهم* نعرضه إن طلب المدعي* منا ذلك،* ولما جاز التوسل بالحي* فالمانع من التوسل بالأموات* يحتاج لدليل*. لأنه مدع خلاف إطلاق القرآن وإجماع الأمة،* فيلزمه الدليل*. ولا أعلم كيف* يكون شركاً* لو قلت إلهي* بحق أم البنين أعطني،* أنا أطلب من الله جل وعلا أو* يا أم البنين اشفعي* لي* فالطلب من الله وهي* واسطة لا محل ضر أو نفع من ذاتها*. ويجب الإنصاف بأننا لا نعتمد كطائفة على رؤيا رآها أحد المؤمنين أو حادثة استشفاء ساقها متحدث من هنا أو هناك على صحة مدعانا حتى تتخذ ذريعة وهو ما* يدل على ضعف مدعى الخصم وعدم الاطلاع على أدلة الطرف الآخر بل تغييبه،* ونقده لاستعراض كرامة معينة لسنا في* وارد مناقشة صحتها فله أن* ينكرها وحقه على مدعيها البينة وإن كان كافة الطوائف لا* ينكرون كرامة الأولياء إلا أن* يكون للخصم رأي* مخالف فهو وشأنه،* كيف وقد روي* في* كتبه منها الكثير*!،* ولكننا نعتمد الحجة والبرهان في* صحة ما نذهب إليه من التوسل بالأولياء عامة وهذه السيدة الجليلة أم البنين سلام الله عليها منهم،* ونجمل الكلام هنا في* نقاط كما طريقة الدعوى عند المدعي* . الأول*: القول بأننا ندعوا* ''إلى عبادة العباد ودعاء الأحجار والأشجار والصالحين*'' فنقول*: اعتقاد الطائفة الشيعية أن كل ما سوى الله مخلوق ضعيف ذليل حقير محتاج بين* يدي* الخالق ومفتقر إليه ولا عبادة إلا إلى الله الواحد الأحد* . والقائل بغير هذا مشرك بعيد عن معتقد الطائفة الكريمة وتوحيد الله أصل مذهبها وركنها الأقوم* . الثاني*: الدعاء والتضرع إلى الله لا* ينافي* التوسل بالأولياء وإلا فأول الاعتراض منكم* يقع على القرآن حيث دعاهم للتوجه للرسول* (ص*) و اتخاذ شفاعته واستغفاره* (ص*) وسيلة إلى الله فهل* يأمر الله بالشرك*!. فدل ذلك صريحاً* بأن التوسل لا* ينافي* قوله*: ''ادعوني* استجب لكم*''. الثالث* : قول المدعي* ''بل ولا الصالحين كانوا* ينفعون أو* يضرون*'' نعم لم* يقل أحد من الشيعة بأن الأولياء* يضرون أو* ينفعون من أنفسهم ولكن لا* ينكر أحد بأنهم* يشفعون بإذن الله ويدفعون الضرر بإذن الله ويجلبون الخير بإذن الله فلو اعتقدنا أنهم* يضرون أو* ينفعون من تلقاء أنفسهم*. الرابع*: ''وَالَّذِين اتَّخَذُوا مِن دُونِه أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُم إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّه زُلْفَى*'' سوق هذه الآية في* المقام ليس محله البتة،* بل استخدامها في* ما ليست له* ''قول حق أريد به باطل*'' وهو تظليل،* فالطائفة الشيعية لا تعبد الأولياء لتتقرب بعبادتهم إلى الله جل شأنه لتأتي* بهذه الآية والتوسل ليس هو العبادة وهذا بيّن واضح*. الخامس*: إن الوسيلة تعني* القربة إلى الله بالأعمال الصالحة هذا تفسير وفهم آخر* للقرآن* يستدعي* الدليل ولما* يثبت*. والدعوى في* شأن أم البنين وهي* فاطمة بن خزام الكلابية سلام الله عليها زوجة أمير المؤمنين وأم أبي* الفضل العباس وإخوته فهي* وليّة صالحة رقت بمرتبتها عالي* الدرجات كما شهد لها أهل البيت* (ع*) فهي* التي* ضحت بأبنائها قرابين لدين الله وشريعة محمد* (ص*) يوم عاشوراء بأرض كربلاء المقدسة تحت راية الحسين* (ع*) حيث مال الفجرة الفسقة عليهم بسيوفهم فقتلوهم فارتدت الصبر وشاحاً* لها واحتسبتهم فداء لمنهج الحسين* (ع*) فاستحقت منزلة عظيمة بصبرها وتضحيتها،* فكان قبرها الطاهر كقبورهم نور وباب رحمة من الله لعباده* يوتى إلى قبرها ويستشفع بها كما هم صلوات الله عليهم،* كبقية الأولياء الذين أعطوا لله فأعطاهم*. ونحن إنما نتوسل بها إلى الله ولا نتوسل بها من دون الله كما ادعي* فليت هذا الفرق* يكون واضحاً*. *❊ كاتب بحريني
__DEFINE_LIKE_SHARE__
|