كان عليه الصلاة والسلام أشد الناس حياء وأكثرهم عن العورات إغضاء، قال أبو سعيد الخدري: كان عليه الصلاة والسلام أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئًا عرفناه في وجهه، وكان عليه الصلاة والسلام لطيف البشرة، رقيق الظاهر، لا يشافه أحدًا بما يكرهه حياء وكرم نفس. قالت عائشة: كان عليه الصلاة والسلام إذا بلغه عن أحد ما يكرهه لم يقل ما بال فلان يقول كذا وكذا، بل يقول: ما بال أقوام يصنعون أو يقولون كذا، ينهي عنه ولا يسمى فاعله. وقالت رضي الله عنها: لم يكن عليه الصلاة والسلام فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخابًا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.
وأما الشفقة والرأفة والرحمة لجميع الخلق فقد وصفه الله بها في قوله: "عزيزٌ عليه ما عَنِتُّمْ حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم" [التوبة: 128]، وقال: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" [الأنبياء: 1.7]، وروى أن أعرابيًا جاءه يطلب منه شيئًا فأعطاه، ثم قال: أأحسنت إليك؟ قال الأعرابي: لا ولا أجملت. فغضب المسلمون وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفوا، ثم قام ودخل منزله وأرسل إليه وزاده شيئًا، ثم قال: أأحسنت إليك؟ فقال: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا، فقال عليه الصلاة والسلام: إنك قلت وفي نفس أصحابي من ذلك شيء، فإن أحببت فقل بين أيديهم مما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدرهم عليك. قال: نعم.
__DEFINE_LIKE_SHARE__