آداب الأذانالحمد لله,والصلاة والسلام على رسول الله,وعلى آله وصحبه,ومن وآلاه.أمَّا بعدُ:فإن من التأدب مع الله-عز وجل-أن نعظم شعائره قال-سبحانه-:"{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج:32) , فتعظيم شعائر الله هي من تأثير التقوى التي في القلب، وإن الأذان من شعائر الإسلام التي يُعظَّمُ فيها الله-تعالى-، فالتأدب عنده هو من تعظيم شعائر الله، فالأذان له آداب ينبغي أن يعمل بها ويحافظ عليها؛ لأنه شعار عظيم، يُعظَّمُ فيه المولى-تبارك وتعالى-, ويُشهد له فيه بالوحدانيَّةِ، ويشهد لنبيه بأنه رسول من عند الله، وهو في نفس الوقت إعلان لدخول وقت الصلاة التي هي عمود الدين، فالأذان شعارُ أهلِ التوحيد، وشعيرة من شعائر الإسلام فالتأدب عنده هو من التأدب مع بقية شعائر الإسلام. ثم إن هناك آداب يُستحبُّ للمؤذن أنْ يؤديها ألا, وهي :1- الطهارة: إن من الأدب مع الأذان أن يكون المؤذن على طهارة، ولهذا فقد اتفق الفقهاء على أنَّ الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر مطلوبة للأذان والإقامة، وتتأكَّدُ في الإقامة أكثر لاتصالها بالصلاة(1). فقد جاء من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:"لا يُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوضِّئٌ"(2). وحديث المهاجر بن قنفذ-رضي الله عنه- أنه أتى النبيَّ-صلى الله عليه وسلم-وهو يبول فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال:"إنّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ-عَزَّ وَجَلَّ-إِلَّا عَلَى طُهْرٍ"، أو قال: "عَلىَ طَهَارَةٍ"(3).ووجه الدلالة أنه-صلى الله عليه وسلم-كره أن يذكر الله إلّا على طُهر، وفي الأذان والإقامة ذكر لله فإتيانهما مع الطهارة مطلوب.فالأذانُ ذكرٌ مشروعٌ مُعظَّمٌ,فأدائه مع الطَّهارةِ أقرب إلى التعظيم،مثله كمثل الطهارة لقراءة القرآن وللخطبة(4)2- استقبال القبلة: اتفق الفقهاءُ على أنه يُسَنُّ للمؤذِّن استقبالُ القبلة حالَ الأذان والإقامة،ويُكره له استدبارُها إلّا للإسماع، قال ابنُ المنذرِ(5):" وأجمعُوا على أنَّ مِنَ السُّنَّةِ أنْ تستقبلَ القبلة بالأذان"(6). والدليل ما روي أن الملك النازل من السماء أذن مستقبل القبلة، كما جاء في بعض روايات حديث رؤيا الأذان، وفيها:" ... فجاء عبد الله بن زيد رجل من الأنصار وقال فيه: فاستقبل القبلة قال:" الله أكبر الله أكبر.." الحديث(7).وحديث سعد القرظ-رضي الله عنه- :" أن بلالاً كان إذا كبر بالأذان استقبل القبلة..."(8). ثم إن من المعقول: أن القبلة أشرف الجهات، وقد روي عن ابن عباس-رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال:"إن لكل شيءٍ شرفاً، وإن أشرف المجلس ما استقبل به القبلة..."(9). فالأذان دعاء إلى جهة القبلة، فاقتضى أن يكون من سنته التوجه إليها(10)، ثم أن الأذان فيه ذكر وثناء على الله-تعالى- والشهادة له بالوحدانية ولنبيِّه-صلى الله عليه وسلم-بالرسالة، فالأفضل أن يكون مستقبلاً القبلة(11).3- الأذانُ مِنْ عَلَى مَكَانٍ مُرْتفعٍ:اتفق الفقهاءُ على أنه يُستحبُّ أنْ يكون الأذانُ من فوق مكان مرتفع كالمنارة، أو سطح المسجد ونحوهما(12). واستدلوا بحديث عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت:" كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن عليه الفجر..."(13).وحديث عبد الله بن عمر-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:" إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم"، قال: " ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا, ويرقى هذا"(14). فقوله:" ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا, ويرقى هذا"، يدل على أنهما كانا يؤذنان على مكان مرتفع؛ لأنه ذكر النزول والارتقاء، وهذا لا يكون إلا في المرتفع من المكان(15). فالأذان من مكان مرتفع أبلغ في الإعلام، وهو المقصود الأعظم من الأذان(16).4- القيام: اتفق الفقهاءُ على أنَّ مِن سُنن الأذان أنْ يؤذِّن المؤذنُ ويقيم قائماً(17). واستدلوا على ذلك بحديث عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- وفيه:"... فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: يا بلال قُم فناد بالصلاة"(18). وحديث عبد الله بن زيد-رضي الله عنه- عند رؤيا الأذان،قال:"... رأيت رجلاً كأن عليه ثوبين أخضرين فقام على المسجد فأذن.."(19).ثم إنَّ مُؤذني رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كانُوا يؤذنون قياماً(20) ثم أنَّ القيام في الأذان يكون أبلغَ في الإعلام.5- وضع الأصبعين في الأذنين حال الأذان: