بسبب ما يسمى بالظروف الإقليمية – أي نزولاً لرغبة أمريكا وآل سعود – تخلت الوفاق عن سقف إسقاط النظام، واكتفت بسقف إسقاط رئاسة الوزراء، ولتمرير ذاك السقف على الشعب البحراني، احتاجت أمريكا لإخراج مسرحية تلعب فيها الوفاق دور البطولة، ويتلخص الفصل الأول من هذه المسرحية بتصوير خليفة كمركز للشر والإجرام لكي يرى الشعب إن في تنحيته إشباع كلي لرغباتهم وسبيل لتوقف الثورة، بينما يتلخص الفصل الثاني من المسرحية بتصوير ولي العهد بالإصلاحي و ذلك لإشعال الأمل في نفوس الناس وإقناعهم بالتعايش مع آل خليفة، وبذلك أصبح الفصل الثاني من المسرحية مكمل للفصل الأول منها.
هذه المسرحية الوفاقية-الأمريكية والتي ترى الوفاق أنها أصبحت مفروضة عليها، تهدُف أمريكا من خلالها لإعادة الوضع لما قبل 14 فبراير ولكن بوجوه جديدة وشكل مختلف، فخليفة ليس هو رأس الشر، فبعد إصدار دستور 2002 أصبح خليفة لا يملك صلاحيات دستورية على السلطات التشريعية والتنفيدية والقضائية لأن حمد نقلها له، و حتى وزارة الداخلية منذ عام 2002 فهي تحت إشراف المجلس الأعلى للدفاع الذي يرأسه حمد وليست تحت إشراف مباشر من مجلس الوزراء – كما قال الخواجة في الدوار-. ناهيك أن حمد وسلمان هما من يمتلكان الصلاحيات المطلقة على الجيش الذي يتحمل مسؤولية فرض حالة الطوارئ عام 2011 و كل ما تخللها من جرائم، وإذا كان خليفة يتميز بالفساد الإداري و المالي فإن حمد وسلمان يتميزان به أيضاً، و في فترة سيطرة خليفة على السلطات الثلاث – أي قبل 2002 – لم تشهد البحرين سفكاً للدماء كالذي حصل بعد 2002، و الحديث إن خليفة متشدد وأقوى من حمد و( قائد جناح
رأس الشر) في عائلة آل خليفة يبقى حديث مرسل ومجرد اختلاق (مجرم من قرطاس) ما لم يتم إسناد ذلك بأدلة منطقية تناسب حجم التضخيم وليس فقط ورقة المرفأ المالي، فقد كشفت الوفاق نفسها فساد ولي العهد قبل عدة أعوام في مشروع الفورملا والرفاع فيوز وشراء البحور، ولكنها تطمس تلك الحقائق حالياً لأنها تتعارض مع مشروعها الحالي الذي يتطلب تلميع سلمان و التقرب منه، ناهيك أن خليفة أسس إسكان السنابس وإسكان عالي، ولكن حمد أسس إسكان سافرة واللوزي ووادي السيل و البديع، فهل ستتغير البحرين بتنحية خليفة؟!
و بصرف النظر عن كل ما ذكر أعلاه، فإن أي تسوية مهما كانت ضماناتها، يمكن للنظام الإنقلاب عليها لأن السياسة العالمية تعلو على القوانين والضمانات والأمثلة كثيرة، فضلاً عن أن مصالحة القاتل هو بيع لدماء الشهداء، وليتأكد شعب البحرين إن آل خليفة يتعاملون معهم من منطلق إنهم رعية ولن يقدموا أي تنازل خارج ذلك المنطلق. فإذا انخدع البحارنة من دعايات منابر السوء حول الإصلاحات الجذرية والحوار الجاد، فسيكونوا كالخراف التي تُقاد للمقصبة منتظرةً الفأس على رقابها.
__DEFINE_LIKE_SHARE__
|