إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...

انضم الينا
استراحات زايد الصفحة الرئيسية

         :: السياحة في مصر للعوائل (آخر رد :emad100)       :: رؤية طائرة في السماء في المنام (آخر رد :نوران نور)       :: رحلة انقاص وزنك تبدأ مع الرشاقة السعيدة (آخر رد :دارين الدوسري)       :: شركة سنت الفندقية (آخر رد :ريم جاسم)       :: الحمل في المنام للمطلقة (آخر رد :نوران نور)       :: تفسير حلم منزل جديد (آخر رد :نوران نور)       :: المحكمة في المنام (آخر رد :نوران نور)       :: البريعصي في الحلم (آخر رد :نوران نور)       :: منتجات ams على ويلنس سوق: تجربة تسوق فريدة تضمن لك الجودة والتنوع (آخر رد :نادية معلم)       :: قهوجي ومباشر ضيافة في جدة مباشرات قهوه 0539307706 (آخر رد :ksa ads)      

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-06-2012, 12:00 PM
عضو ماسي
بيانات محروم.كوم
 رقم العضوية : 503
 تاريخ التسجيل : Dec 2007
الجنس : female
علم الدوله :
 المشاركات : 2,100,611
عدد الـنقاط :3341
 تقييم المستوى : 2139

القسم الاول
تجربتي مع الشيخ الجمري - الأستاذ عبدالوهاب
حسين
بسم الله الرحمن الرحيم
.

في أواخر الثمانينات
(تقريبا) من القرن الماضي كنت قد توصلت إلى بعض القناعات التي تتعلق بالعمل الإسلامي والسياسي في البحرين .. منها :

القناعة الأولى :أن ثمة غضب عارمواحتقان شديد يسود الشارع البحريني إزاء مصادرة الحقوق وتقييد الحريات من قبلالسلطة وما تمارسه من أشكال الظلم والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد ، ومعه عدم رضاالجماهير عن أداء المعارضة في الداخل والخارج بوجه عام ، وكان يستر ذلك كله الجدارالأمني السميك الذي بنته السلطة في ظل قانون أمن الدولة السيئ الصيت . وكنت متخوفامن حدوث عملية انفجار وانفلات أمني تتجاوز فيهما الجماهير الغاضبة والمحتقنة الرموزوالقيادات الدينية والسياسية الإسلامية والوطنية . وقد عبرت عن ذلك لمن أثق به منالأخوة القريبين مني في ذلك الوقت . وعلى ضوئه نبهت الأخوة ـ أصحاب المبادرة لا حقاوفريق العمل ـ إلى التداعيات الخطيرة المحتملة مع ظهور أول توتر أمني في ظل انتفاضةالكرامة الشعبية المباركة وطالبت بالتدخل الفوري لوقف ذلك التدهور وحذرت من عواقبه . وقد خالفني الأخوة في تقدير التداعيات المتوقع حدوثها واعتبروا تقديري من الخيالالذي لا يمكن أن يحدث . ورغم تباعد التقديرين إلا أنني قد شددت وألحيت في التحذيربأساليب عديدة وألفاظ متنوعة بهدف إبراء الذمة ، إلا أن ذلـك لم ينفع لأن التقديرالذي قدمته يدخل في رأي الأخوة في دائرة الخيال الذي لا يُحتمل وقوعه ، ثم حدث ماحذرتهم منه ورأوه بأم أعينهم فسلموا ولكن بعد فوات الأوان .


القناعة
الثانية :
عدم جدوى العمل الحزبي السري والتقليدي لتحقيق الأهداف الإسلاميةوالوطنية في البحرين في ذلك الوقت ، وأن البديل الأفضل هو العمل الجماهيري السلميوالعلني فهو السبيل لتحريك الأوضاع الثقيلة وكسر الجمود المميت وتجاوز الحاجزالأمني السميك الذي صنعه إرهاب السلطة في ظل قانون امن الدولة وبالتالي تحقيقالأهداف الإسلامية والوطنية . وكنت قد كتبت في ذلك الوقت ورقة مفصلة بخصوص هذاالموضوع اطلع عليها في وقتها بعض المقربين . وكانت لسماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم نفسالقناعة تقريبا بشأن العمل الحزبي .. وكنت أكرر أمام من أثق به في ذلك الوقتالعبارة التالية : أن هذا العصر هو عصر الجماهير . وذلك بعد تحليل التجارب الحزبيةوالحركية الإسلامية وغير الإسلامية على مستوى الساحة الوطنية وتحليل الأوضاعالدولية والإقليمية والوطنية في ذلك الوقت .


القناعة الثالثة :

معظهور طلائع عودة بعض طلاب العلوم الدينية من قم المقدسة ومنهم فضيلة الشيخ حمزةالديري وفضيلة الشيخ علي سلمان وفضيلة السيد محيي المشعل وفضيلة الشيخ علي منصوروآخرين كنت قد توصلت إلى قناعة بأن مستقبل العمل الإسلامي يكون بالتنسيق مع هؤلاءجميعا وأن يكون على عدة محاور ..
المحور الأول : التعليم الديني في المساجدوخارجها .
المحور الثاني : النشاط التربوي الروحي والأخلاقي .
المحورالثالث : النشاط السياسي .
المحور الرابع : النشاط الاجتماعي والخدمي .
المحور الخامس : النشاط الاقتصادي وتأمين الموارد المالية .

ولهذا
قررت التقرب منهم والتعرف عليهم والتحرك معهم مع أول فرصة تتاح للعمل المشترك بيننا
القناعة الرابعة : ضرورة التنسيق مع سماحة الشيخ الجمري والتحرك المشتركمعه .
وكنت ظاهر الاهتمام أكثر في ذلـك الوقت بالجانب الثقافيوالتعليمي والتربوي ولم تكن اهتماماتي السياسية معروفة للبعيدين . وقد حدثت مصادفةجميلة قدرها الله ( جل جلاله ) مع قرار سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم السفر إلىالجمهورية الإسلامية في إيران لمواصلة دراسته الحوزوية بعد الانفراج السياسي بينالبحرين والجمهورية الإسلامية بعد غزو صدام حسين للكويت ، وقد عارض الكثير منالنخبة والجماهير سفر سماحة الشيخ عيسى بسبب ما سيتركه من فراغ ورأيت صوابه وصحتهعلى المدى البعيد كخطوة في سبيل عودة الثقل العلمي الحوزوي إلى البحرين وأهميتهالإستراتيجية لنا في البحرين والمنطقة
.
أما بخصوص الصدفة الجميلةالتي قدرها الله ( جل جلاله ) : فإني لا أعلم كيف كانت البداية الأولى لتحريكها ـعلى وجه التحديد ـ والذي أعلمه : أن سماحة الشيخ عيسى قبل سفره إلى إيران قد جمعنيمع سماحة الشيخ الجمري في بيتي بهدف تنسيق العمل ، وحصل أكثر من اجتماع في بيتي ،ثم توسعت الدائرة وضمت فضيلة الشيخ علي سلمان ، ولم يسافر سماحة الشيخ عيسى إلىالجمهورية الإسلامية إلا وقد تشكلت حلقة قيادية للعمل على مستوى التيار ، وقد ضمتبعد ذلك آخرين كان منهم فضيلة الأستاذ حسن المشيمع وفضيلة السيد حيدر الستري وفضيلةالشيخ حمزة الديري وفضيلة الشيخ حسن سلطان وفضيلة الشيخ حسين الديهي وفضيلة الشيخعادل الشعلة وفضيلة الشيخ باقر الحواج وفضيلة الشيخ خليل سلطان وفضيلة السيدإبراهيم العلوي وصف ثاني من الشباب كان منهم الدكتور عبد الجليل السنكيس والمهندسعبد الحسين المتغوي والمهندسين الأخوين جواد وجلال فيروز وعبد الكريم الحلواجيوالمهندس السيد مجيد السهلاوي وآخرين وصف ميداني . وقد علمت في السجن من سماحةالشيخ الجمري & بأن اللقاء الأول كان بطلب منـه ، قال لي بما معناه : أنه جرى ذكري في لقاء له مع سماحة الشيخ عيسى فقال له : أنه يرغب في العمل معيويتمناه ، فأجابه سماحة الشيخ عيسى : نعم الاختيار ، وجرى التنسيق للاجتماع بعد ذلك، وكانت البداية للعمل المشترك مع سماحة الشيخ الجمري.

وتواصلت
الاجتماعات بعد سفر سماحة الشيخ عيسى إلى الجمهورية الإسلامية في إيران ورُسمتإستراتيجية التحرك وهذه أهم محاورها ..

المحور الأول : تجاوز الحاجز الأمني
وتكسيره .
المحور الثاني : الاعتماد على التحرك السلمي الجماهيري العلني .
المحور الثالث : الاهتمام بالقضايا الوطنية وهموم الجماهير اليوميةوالتزام الشفافية والصدق معهم .
المحور الرابع : التركيز على الصبغة الوطنيةفي المطالبة بالحقوق والحريات وقد تركز هذا المحور بوضوح أكثر وتثبت بعد العريضةالنخبوية .
المحور الخامس : توجيه الرأي العام حول القضايا المهمة المحوريةمن خلال توحيد الخطاب بين كافة أعضاء فريق العمل .
المحور السادس : أن لايكون التحرك بمطالبات خطابية من الرموز والقيادات ، وإنما بتحرك فعلي على الأرضلأصحاب الشأن من الجماهير في كل قضية ، ودعم الرموز والقيادات للتحرك والدفاع عنهوحمايته .
المحور السابع : الصمود والثبات وعدم التراجع أمام تهديدات السلطة .
وعلى ضوء ذلك كله : ظهرت نشرة منبر الجمعة ، والإصرار على إقامةحفل تأبين أربعينية آية الله السيد الكلبايكاني في مسجد المؤمن رغم محاولات السلطةمنعه وقد أغرقت المشاركين بمسيل الدموع وهم داخل المسجد ، بالإضافة إلى تجمعاتالعاطلين عن العمل أمام وزارة العمل للمطالبة بالتوظيف .. وغيرها . وقد اعتقل فضيلةالشيخ على سلمان الاعتقال الأول على أثر تجمعات العاطلين بناء على خطبه في جامعالإمام الصادق ( عليه السلام ) في الدراز ضمن الإستراتيجية المتوافق عليها . وقدقررنا استنادا إلى الإستراتيجية أن نشكل مجموعة لزيارة وزارة الداخلية والاحتجاجعلى الاعتقال ، وكان ذهابنا في يوم الأحد الذي يصادف اجتماع مجلس الوزراء . وكانتالمجموعة بقيادة سماحة الشيخ الجمري وتتألف من ثمانية أشخاص ضمت فضيلة الأستاذ حسنالمشيمع وفضيلة الشيخ حسن سلطان وعبد الوهاب حسين وآخرين وكان من ضمنهم مشايخأقترحهم سماحة الشيخ الجمري ( رحمه الله ) من حوزة الإمام زين العابدين من خارجفريق العمل . وبعد الإجراءات المعتادة عند بوابة القلعة سمح لنا بالدخول وأخذنا إلىمكتب سعادة وزير الداخلية ، وقابلنا هناك الضباط في المكتب ، وأخبرناهم بالغاية منحضورنا إلى الوزارة ، فاخبرونا بأن سعادة الوزير في اجتماع مجلس الوزراء ، وطلبنامنهم الاتصال به وإخباره بحضورنا والغاية التي جئنا من أجلها ، وأننا نرفض الخروجقبل الإفراج عن فضيلة الشيخ علي سلمان . وحدثت مشادات كلامية أعتقد أنها الأولى مننوعها في ذلك المكتب ، ثم طلب منا الذهاب إلى مركز الخميس وسوف نحصل هناك علىالجواب من المسؤولين فيه ، وأصر بعض أفراد المجموعة على عدم الخروج قبل الحصول علىجواب محدد بشأن الإفراج عن فضيلة الشيخ علي سلمان ، وكانت هذه هي المفاجأة الأكبرللضباط حيث لم يتعودوا على مثل هذا النوع من المشاغبة في المكتب ولم يتوقعوها في ظلالظروف الأمنية القاسية في ذلك الوقت في ظل قانون أمن الدولة سيء الصيت ، فسألواالأفراد الأكثر إصرارا عن أسمائهم ومكان سكناهم ومكان عملهم ، وكانت تأتيهمالإجابات بتلقائية وبدون تردد . إلا أن بعض المشايخ ـ خاصة الذين كانوا من خارجالفريق ـ لم يكن لهم نفس العزم ، وكانوا يرون الاستجابة والذهاب إلى مركز الخميس ،فقبلنا الخروج وقبل أن نصل إلى مركز الخميس وصلنا الخبر السعيد بأن فضيلة الشيخ عليسلمان قد أفرج عنه وأنه في المأتم ، فذهبنا إليه مبتهجين وكان المأتم ممتلأ بالشباب، فقد خرجنا من هذه التجربة بنجاح ولله الحمد .


القسم الثاني.
العريضتين النخبويةوالشعبية : وكنا قبل اعتقال فضيلة الشيخ علي سلمان قد نشطنا في العريضتين : النخبوية والشعبية ، ومن المهم أن نقف عند هاتين التجربتين ونتعرف على بعض التفاصيلالمتعلقة بهما ..
أولا ـ العريضة النخبوية : جاءنا أول خبرها عنطريق الدكتور عبد الواحد الشهابي ( الدراز ) حيث تحدث إليه بشأنها فضيلة الشيخالدكتور عبد اللطيف المحمود في الجامعة وطلب منه أن يعرضها على سماحة الشيخ الجمري . واستلمنا مسودتها الأولى عن طريقه ، وقمنا بدراستها وأدخلنا عليها بعض التعديلاتالتي قبلت جميعها ، فقررنا المشاركة فيها ، وتقرر أن يقوم سماحة الشيخ الجمري وعبدالوهاب حسين بتمثيل الفريق في الاجتماعات مع شركائنا ، وكانت التشكيلة التي عرفتفيما بعد بأصحاب العريضة تضم أغلب ألوان الطيف السياسي الفاعل في ذلك الوقت وبعضالمستقلين .. أذكر منهم : فضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود ، وفضيلة الشيخ عيسىالجودر ، وعلي ربيعة ، ومحمد جابر الصباح ، وإبراهيم كمال الدين ، وهشام الشهابي ،وعبد الله المطيوع ، والمحامي أحمد الشملان ، والمحامي حميد صنقور ، وأحمد منصور ،وسماحة الشيخ الجمري ، وعبد الوهاب حسين ، والمهندس سعيد العسبول ، وآخرين . وجرىأول اجتماع لنـا في مكتـب المحامي حميد صنقور ( رحمه الله ) ثم توالت الاجتماعات فيبيت علي ربيعة ، وبيت فضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود ، وبيت فضيلة الشيخ عيسىالجودر ، وبيت المحامي احمد الشملان ، وبيت المحامي حميد صنقور ، وبيت عبد الوهابحسين ، حتى أخذت العريضة صيغتها النهائية المتوافق عليها تماما بين جميع الشركاء . وبعده تم اتخاذ القرار بتجميع التواقيع ، ولما بلغ عدد التواقيع حوالي ( 280 : توقيعا ) كلها من النخبة ، تم تشكيل لجنة لتسليم العريضة إلى سمو الأمير الراحل منالتالية أسماؤهم : فضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود ، وفضيلة الشيخ عيسى الجودر ،وسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري ، وعبد الوهاب حسين ، والمحامي حميد صنقور ، ومحمدجابر الصباح . وقد تم تسليم العريضة للمسؤولين في الديوان الأميري في الرفاع وبعدأسبوع تقريبا تم الاجتماع مع سمو الأمير الراحل في نفس الديوان حضره من جانب السلطةبالإضافة إلى الأمير الراحل سعادة وزير الخارجية آنذاك محمد المبارك . وقد طلب مناالأمير الراحل أن ننتظر نتائج تجربة مجلس الشورى المزمع تشكيله في ذلك الوقت ، فردتاللجنة : يحق للحكومة أن تشكل لنفسها مجلس شورى أو أكثر ، إلا أن ذلك لا يعد بديلاعن المجلس الوطني المنصوص عليه في الدستور . فرد الأمير الراحل : الدستور محفوظولكن لا أعدكم بشيء . فردت اللجنة : سوف ننقل جوابكم لأبناء الشعب .

هذه خلاصة ما طرح في اللقاء حول العريضة النخبوية ، وقد تم التأكيد
أثناء اللقاء على أن المعارضة لا تريد السيطرة على الحكم وإنما تريد الإصلاح فقط ،وتم التأكيد على هذا من قبل الجميع لاسيما سماحة الشيخ الجمري وذلك بسبب التشكيكأثناء اللقاء في نيته من قبل الأمير تلميحا يقترب من التصريح على خلفية الاتهاماتالتي وجهت إليه وتم التحقيق معه بشأنها وفصل على أثرها من القضاء واعتقل بشأنهاابنه الأكبر محمد جميل وزوج ابنته عبد الجليل خليل
.

ثانيا ـ
العريضة الشعبية : في البداية قام فريقنـا بإعداد وثيقة تتضمن كافـة القضاياالوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحتاج إلى معالجات سياسيةبهدف رفعها إلى سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة . وبعد عرضها علىشركائنا ـ وكان الاجتماع في بيت أحمد منصور في أبو قوة ـ تقرر الاستعاضة عنهابعريضة شعبية ، فاتفقنا في نفس الاجتماع على الخطوط العريضة والأفكار الرئيسية التيينبغي أن تتضمنها العريضة ، وتـم تكليف المحامي أحمد الشملان بكتابة مسودتها الأولىعلى ضوء تلك الخطوط والأفكار . ثم توالت الاجتماعات حتى أخذت العريضة صيغتهاالنهائية المتوافق عليها تماما بين كافة الشركاء . وبعده تقرر تجميع التواقيع منكافة المناطق في البحرين ، وكنا نراقب عمليات تجميع التواقيع وكأنها معاول قويةتهدم الجدار الأمني السميك الذي بنته السلطة في عقود من الزمن لترهب به أبناء الشعبالمظلوم ، ولم تكن السلطة تتوقع أن يتهـدم جدارها العتيد بهذه السرعة والبساطة . ولما بلغـت التواقيع ( 45000 : توقيع تقريبا ) تم تشكيل لجنة بهدف تسليم العريضةإلى سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ، وقد تألفت اللجنة من التاليةأسماؤهم : سماحة الشيخ عبد الأمير الجمري ، وفضيلة الدكتور الشيخ عبد اللطيفالمحمود ، وعبد الوهاب حسين ، وعلي ربيعة ، وإبراهيم كمال الدين ، وهشام الشهابي . وقبل أن يتم التسليم حدث اعتقال فضيلة الشيخ علي سلمان للمرة الثانية على إثراحتجاج مجموعة من الشباب على المرثيون على شارع البديع عند دوار القدم . وكان تنظيمهذا الاحتجاج خطأ تفاجئنا به وأدي إلى إرباك عملنا ولم نكن قد اتفقنا عليه بيننا . وتغيرت الأوضاع بسرعة ، وحدث التدهور الأمني في الساحة الوطنية وتصاعدت وتيرتهبسرعة مذهلة ، وتم إبعاد فضيلة الشيخ على سلمان وفضيلة الشيخ حمزة الديري وفضيلةالسيد حيدر الستري إلى خارج البلاد ، وكان هدف السلطة أن يذهب هؤلاء الأخوة إلىالجمهورية الإسلامية في إيران ، فتهدأ الأوضاع من جديد ـ بحسب تقدير جهاز المخابراتكما صرح به لنا هندرسون ـ ويعود كل شيء إلى ما كان عليه ، ولم تكن الأجهزة الأمنيةتمتلك أية معلومات عن قيادة الانتفاضة ولا تزال لا تعرف إلا اليسير ، وفوجئت بذهابالأخوة إلى لندن ولم يذهبوا إلى الجمهورية الإسلامية في إيران كما هو متوقع للأجهزةالأمنية ، ودخلت الانتفاضة مرحلة جديدة . وكان شركاؤنا قد ظنوا ولا زال بعضهم يظنخطأ بأننا قد خدعناهم وانفردنا بالقرار ودفعنا بالساحة الوطنية إلى التدهور الأمني .. والحقيقة : أن تنظيم الاحتجاج على المرثيون لم يكن متوافقا عليه بيننا ، وإنماكان بتصرف شخصي غير محسوب من أحد إخواننا ، ولم نكن نريد دفع الساحة إلى التدهورالأمني ، ولم نكن قد خططنا إليه ، وكان بيننا رأيان بخصوص التصرف مع التدهور الأمنيالذي حدث بعد ذلك على الساحة الوطنية ..

الرأي الأول : يرى بأنالتدهور الأمني مضر بالحركة الوطنية المطلبية ويجب إيقافه ، وأن تكون المطالبةبالحقوق والحريات من خلال الأنشطة السياسية النخبوية والجماهيرية مع التمييز بينالعنف المتبادل والعنف الذي تمارسه السلطة من طرف واحد ، والتحلي بالصبر والصمودأمام عنف السلطة وعدم الرد عليه بالمثل .
الرأي الثاني : يرى الحاجة إلىالتدهور الأمني كأداة للضغط على السلطة لكي تستجيب للمطالب الشعبية ، وكان أصحابهذا الرأي يرفضون التدخل لإيقافه ، ولم يكن أصحاب هذا الرأي يتوقعون حدوث تداعياتهالخطيرة التي حدثت فيما بعد ، والتي حذر منها أصحاب الرأي الأول .

وإزاء هذا الاختلاف في الرأي ووفق آليتنا في اتخاذ القرار قررنا
التالي .
أولا : أن نركز في بياناتنا وخطبنا السياسية على المنهج السلميوذكر المطالب وفي مقدمتها تفعيل الدستور وإعادة الحياة البرلمانية وإطلاق سراحالمعتقلين وحل مشكلة البطالة وغيرها . وكانت البيانات تخرج عنا في ذلك الوقت بتوقيععلماء من البحرين .
ثانيا : أن نجيب على أسئلة الجماهير حول المشاركة فيأنشطة الانتفاضة بـ " لا نأمر ولا ننهى " مع التنبيه إلى ضرورة التقيد بالجوانبالشرعية .
ثالثا : أن ندافع عن الجماهير ونقوم بفضح أساليب العنف والقمعالتي تمارسها السلطة ضدهم ، وأن نحضر بفاعلية في تشييع الشهداء وتأبينهم .
رابعا : أن نتحدث بصراحة في حال اعتقالنا وأن نتبنى مطالب الجماهير وندافععنهم .
كان هذا القرار في بداية الانتفاضة ، وبعد ظهور التداعيات الأمنيةالخطيرة في الساحة الوطنية ، أخذ الفريق كاملا بالرأي الأول ، وطرحه بوضوح تام بعدالمبادرة
.

القسم الثالث

وكنتُ أول من اعتقل من فريق العمل على أثر مسيرة في قريةالنويدرات بعد صلاة الظهر التي كنت أؤمها ولم أكن قد دعوت للمسيرة وإنما كانتبمبادرة جماهيرية بحتة ولم أشارك فيها بالطبع بناء على الاتفاق بيننا . وكانالاعتقال في مساء الجمعة ـ ليلة السبت بتاريخ : 17 / مارس / 1994م من قبل ما يسمىباللجنة ـ وقد تحدثت عن تجربة الاعتقال في مناسبات سابقة ولا حاجة للإعادة ـ وقدالتزمت أثناء الاعتقال بما كنا متفقين عليه كفريق بصورة تامة . ثم اعتقل أغلبيةالفريق وفي مقدمتهم سماحة الشيخ الجمري وفضيلة الأستاذ حسن المشيمع وفضيلة الشيخحسن سلطان وفضيلة الشيخ خليل سلطان وفضيلة الشيخ حسين الديهي وفضيلة السيد إبراهيمالعلوي وآخرين .

طرح المبادرة : كان اعتقالي من قبل اللجنة الأمنية
وقد تعرضت للتعذيب وكانت اللجنة تجهل بكل شيء وليس لديها مخ تفكر به وكانت تعتمدعلى العنف الشديد لهذا لم تحصل مني على شيء .. أما فضيلة الأستاذحسن المشيمع : فقداعتقل من قبل جهاز المخابرات ، وكان هدف جهاز المخابرات الحصول على معلومات دقيقةعن التحرك ، وكان أسلوبه يختلف بالطبع عن أسلوب اللجنة الأمنية ، فتحدث فضيلةالأستاذ حسن المشيمع بصراحة كما هو متفق عليه .. وطرح المبادرة في صيغتها الأوليةالبسيطة : أن نقوم بالتهدءة مقابل نظر السلطة في المطالب . وطرح أسماء الذين يمكنهمالقيام بالمبادرة وهم : سماحة الشيخ الجمري ، وفضيلة الشيخ خليل سلطان ، وفضيلةالشيخ حسن سلطان ، وفضيلة الأستاذ حسن المشيمع ، وعبد الوهاب حسين . وكان عادلفليفل قد قال لفضيلة الأستاذ حسن المشيمع وفضيلة الشيخ خليل سلطان وفضيلة الشيخ حسنسلطان بأن عبد الوهاب حسين سوف يرفض التجاوب وذلك استنادا إلى العناد الذي أظهرهالأخير مع اللجنة الأمنية أثناء التحقيق ، وقد تفاجأ لقبول عبد الوهاب فكرةالمبادرة بمجرد عرضها عليه في اللقاء الذي ضمه وفضيلة الشيخ خليل سلطان وفضيلةالشيخ حسن سلطان وفضيلة الأستاذ حسن المشيمع في مكتب عادل فليفل في مبنى المخابراتلأنها كانت تنسجم تماما مع رؤيته للساحة وللحركة المطلبية ، وقد عبر عادل فليفل عنهذه المفاجأة في نفس اللقاء . ومع ذلك بقيت الشكوك تساور القيادات الأمنية حول صدقعبد الوهاب حسين ، وعبر هندرسون عن تلك الشكوك بصورة صريحة لفضيلة الأستاذ حسنالمشيمع في أحد الاجتماعات التي ضمتهما ، وقد تم تمرير عبد الوهاب حسين على عدد منقيادات المخابرات وخبرائها بهدف معرفة رؤاه والتأكد من صدقه ، وجرت بينه وبينهملقاءات ومحاورات عديدة في مبنى المخابرات . بعدها كشف هندرسون لعبد الوهاب حسين عنشكوكه السابقة ثم اطمئنانه بعد ذلك من خلال الكشف والتجربة . ثم توالت الاجتماعاتفي مبنى المخابرات مع مدير المخابرات السيد هندرسون وفي مبنى وزارة الداخلية معسعادة وزير الداخلية بحضور وكيل الوزارة وكبار الضباط في الوزارة من أجل بلورةتفاصيل المبادرة والاتفاق على الخطوات العملية لتنفيذها .
وقد برزتبين أصحاب المبادرة الخمسة ثلاثة اتجاهات ..

الاتجاه الأول ـ يصر على بلورة
وإظهار مبادرة قوية من شأنها التوصل إلى حل فعلي للأزمة وإن تطلب الأمر طول بقائنافي السجن ، والتحذير من التفريط في ذلك وتفويت الفرصة المواتية على الشعب .
الاتجاه الثاني ـ يرى بأن خروجنا من السجن والكون مع جماهيرنا في المساجدوالمآتم نعلمهم ونربيهم أفضل إلينا وإلى جماهيرنا وأولى من الإصرار على إظهارمبادرة قوية وبالخصوص إذا تطلب الأمر طول بقائنا في السجن .
الاتجاه الثالثـ يسعى إلى التقريب بين الاتجاهين .
إلا أن الآلية المتوافق عليهافي اتخـاذ القرار والارتباط المعنوي الشديـد جـدا بين أعضاء الفريق ( أصحابالمبادرة ) قد أبقانا مجتمعين رغم قسوة الشد بين الاتجاهين الأول والثاني أحياناكثيرة . وعلى ضوء الاتجاهات الثلاثة وطبقـا للآلية المتوافق عليها لاتخاذ القراراتبيننا جاءت أداة الشرط ( إذا ) فيما عرف برسالة الاعتذار ، وظهـرت المبادرة فيصيغتها المعروفة إلى الناس وقد سبقتها صيغ عديدة ، إلا أنها رغم ضعفها بقيت فيدائرة الإستراتيجية ولم تخرج عن هامش التكتيك ، ولهذا قبلت من الجميع ،

وكانت كفيلة
بتحقيق عدد من الأهداف الإستراتيجية في الحركة المطلبية في إطار الرؤية المتوافقعليها .. منها :
أولا : الاعتراف الرسمي ـ العملي على الأقل ـ بوجودالمعارضة .
ثانيا : بلورة قيادة شعبية ظاهرة للعيان تعمل بصورة علنية معالجماهير .
ثالثا : اعتراف السلطة بشرعية المطالب والحركة المطلبية .
رابعا : إعطاء دفعة قوية للحركة المطلبية على الأرض وتزويدها بأدوات جديدة .
خامسا : الحوار بين السلطة والقيادات الشعبية في المسائل السياسية من أجلحلها
.

وكانت السلطة تراهن في قبولها للمبادرة على قدرتها في احتواء
أصحاب المبادرة نظرا لقلة عددهم وقلة خبرتهم ـ بحسب تقديرها ـ في مقابل ما تملكه هيمن عدد وعتاد وأجهزة وخبرة وأصدقاء ، وقد قلت للأخوة ونحن في السجن : المبادرةضعيفة جدا ، ولكن إذا أجدنا أدوارنا فإن السلطة سوف تعض أصابعها ندما على قبولهاوهذا ما حدث بالفعل . وكانت الخطوة الأولى أن يلقي سماحة الشيخ الجمري كلمته التياتفقنا على نصها مكتوبة في اللقاء الذي رتبته وزارة الداخلية وحضره سماحة الشيخسليمان المدني ( رحمه الله) وسماحة الشيخ منصور الستري(رحمه الله) وسماحة الشيخأحمد خلف والوجيه أحمد منصور العالي والوجيه عبد النبي الشعلة قبل توزيره .
لقد كان رهان السلطة خاسرا : فرغم قلة عدد أصحاب المبادرة وقلةخبرتهم ، فقد نجح أصحاب المبادرة ـ على خلاف من كان قبلهم ومن كان بعدهم فيالمعارضة ـ في نقل الساحة الوطنية من وضع إلى وضع آخر مختلف تماما ومتقدم عليهكثيرا . وهذا مما لا يختلف عليه أحد إلا من ينكر وجود الشمس في وضح النهار . ولاتزال الساحة الوطنية تتمتع ببعض بركات انتفاضة الكرامة الشعبية المباركة رغم كثرتالتراجعات الخطيرة التي حدثت في الساحة بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني ، وقدذهبت تلك التراجعات بجوهر مكاسب الانتفاضة المباركة ، رغم أن الانتفاضة وميثاقالعمل الوطني قد مكنا المعارضة وفتحا لها الطريق لتحقيق مكاسب جديدة إضافية بدونالحاجة إلى تقديم مزيد من التضحيات في الساحة ، وكل ما كان مطلوبا منهم هو أنيحسنوا الدور والأداء فقط . إلا أن قيادات المعارضة التي تسلمت الساحة بعد الميثاقولم يكن لها حضور في الانتفاضة وأدوار جوهرية فيها ، قد تراجعت عن منهج الانتفاضةوعادت إلى المناهج التي كانت قبل الانتفاضة ولم تتحقق من خلالها أية مكاسب جوهريةبل كرست الدكتاتورية والاستبداد والظلم والتخلف في ذلك الوقت ، وكانت السلطة بصيرةبما حصل ، فحدث ما حدث من تراجعات خطيرة ذهبت بجوهر مكاسب الانتفاضة المباركة ،وأصبحت الدكتاتورية والاستبداد والظلم والتخلف تُكرس في الوقت الراهن وتصادر الحقوقوالحريات باسم القوانين الإرهابية المجحفة مثل قانون الجمعيات والتجمعات والصحافةوالإرهاب التي تصدر وتنفذ باسم الشعب المظلوم المستضعف بواسطة المجلس التشريعيالصوري والسلطة التنفيذية الجائرة ، وسوف تكون السلطة التنفيذية أكثر جرأة وأكثرإصرارا على تنفيذها بعد المشاركة الشعبية الواسعة في انتخابات 2006 ، فأصبحنا فيوضع أسوء بكثير من الوضع الذي كنا عليه قبل انتفاضة الكرامة الشعبية المباركة !!

وكان نجاح أصحاب المبادرة يعود للأسباب الرئيسية التالية ..
السبب الأول : وضوح الرؤية والأهداف وتحديد المطالب بدقة لا لبس فيها .
السبب الثاني : التوافق على آلية محدد لاتخاذ القرارات والالتزام الفعليبها .
السبب الثالث : التشاور على نطاق واسع مع الشركاء وعدم التفرد بصناعةالقرار دونهم .
السبب الرابع : الانفتاح على الجماهير والشفافية والصدقمعهم وكسب ثقتهم ومساندتهم عن رضا وقناعة تامة والتوحد معهم في الخط والرؤية والعمل .
السبب الخامس : الصمود والثبات أمام تهديدات السلطة ( توفر الإرادةالسياسية الصلبة ) في ظل وضوح الإستراتيجية وهامش التكتيك
.
وقدأدركت السلطة خسارتها في المبادرة في زمن مبكر ، وحاولت التراجع وإرباك أصحابالمبادرة ، وساندها على ذلك قوم آخرون . فجاء الرد من أصحاب المبادرة بالإصرارالقوي الذي لا رجعة فيه على المطالب الشعبية العادلة ، والاستمرار في التحركالجماهيري العلني السلمي ، وعدم الرد بالمثل على استفزازات السلطة وتحرشاتهاالأمنية الكثيرة ، ثم جاء الاعتصام التاريخي في بيت سماحة الشيخ الجمري وما صاحبهمن حضور جماهيري حاشد لم يسبق له مثيل في تاريخ البحرين الحديث ، وقد حقق الاعتصامأهداف عديدة .. منها :
الهدف الأول : ترسيخ القيادة الشعبيةوالتعريف بها إلى الرأي العام في الداخل والخارج .
الهدف الثاني : إظهارالالتفاف الجماهيري الوطني المتميز الواسع النطاق خلف المطالب الشعبية وقياداتالمعارضة .
الهدف الثالث : تعريف الرأي العام العالمي بقضية الشعب البحرينيالمستضعف وإخراجها من المنطقة المظلمة التي تحرص السلطة على إبقائها فيها لتبقىمجهولة عالميا وأسيرة لإرادة السلطة محليا . وقد تحقق هذا الهدف من خلال الانفتاحالإعلامي الواسع من قبل وسائل الإعلام العالمية على المعارضة في البحرين ببركةالانتفاضة والاعتصام .
الهدف الرابع : إعداد الساحة لتحرك جماهيري أوسعوأكثر تنظيما وأكثر فاعلية من أجل الضغط على السلطة في سبيل الاستجابة إلى المطالبالشعبية المشروعة والعادلة .
وكان قد تقرر لدى أصحاب العريضة رفعالعريضة الشعبية إلى سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رغم معارضةفضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود ، لأنه كان يرى بأن رفعها في تلك الظروف الأمنيةالمتوترة غير ملائم ، ولن تحصل المعارضة في تلك الظروف على أية استجابة إيجابية منالسلطة حول مطالبها ، ومع إصرار أغلبية أصحاب العريضة على رفعها أعلن انسحابه مناللجنة المكلفة برفع العريضة إلى سمو الأمير الراحل ، وسعى أعضاء اللجنة الباقون فياتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل رفعها ، إلا أن السلطة لم تمنحهم الفرصة الكافيةلذلك ، فقد ضاقت ذرعا بأصحاب المبادرة ، وحاولت تقييدهم وفرض شروطها عليهم فلم تفلحفي ذلك ، فأعادتهم جميعا مرة ثانية إلى السجن . وكان الاتفاق بينهم هذه المرة يختلفعن المرة السابقة ، فقد اتفقوا بينهم على رفض كل أشكال الحوار والتفاهم مع السلطةفي داخل السجن مهما يحدث ، وهذا ما حدث بالفعل ، حتى اضطرت السلطة إلى طرح ميثاقالعمل الوطني بعد أن فشلت كل محاولاتها مع السجناء وفشلت معهم كل عمليات الضغطالنفسي والمادي ، وربما يكون نصيب سماحة الشيخ الجمري من الضغط النفسي والماديوالتعسف ضده هو الأكثر . وهنا ينبغي أن أقدم من خلال خبرتي مع سماحة الشيخ الجمريقاعدة لفهم خروج سماحة الشيخ الجمري من السجن في المرة الثانية ولبعض مواقفه الأخرىلعل بذلك تطمئن نفوس بعض عشاقه ومحبيه الذين أقلقتهم طريقة خروجه من السجن في المرةالثانية ..

القسم الرابع

إن سماحة الشيخ الجمري قد تعرض لضغوط نفسية وماديةهائلة في فترة قيادته لانتفاضة الكرامة الشعبية المباركة قل نظيرها ، وكان يضطرللانحناء إليها أحيانا ، إلا أنه ( رحمه الله ) ما كان يضفي على الانحناء صفةالثبات ، فما كان يؤسس له ولا يظهره ولا يسوّقه إلى الناس إرضاء لنفسه ، وإنما كانيؤسس ويظهر ويسوق للثابت في المنهج فقط إرضاء لله ( سبحانه وتعالى ) وإرضاء لضميرهالإيماني الواعي واليقظ ، وكان يقفز إلى الأعلى إلى الثابت في المنهج مع أول فرصةتتاح له للقفز . وبهذا التكتيك استطاع أن يصمد ويقاوم ويحافظ على سلامة منهجه ويتعبخصومه وأعدائه ويغضبهم عليه كثيرا . فمع كل انحناء كان يفرح الخصوم والأعداء ويظنونبأن سماحة الشيخ قد انتهي ، ثم يفاجأوا بقفزته إلى الأعلى من جديد وهكذا .ولما حدثالانقلاب على الدستور والميثاق ووجد سماحة الشيخ الجمري نفسه غير قادر عمليا علىمواصلة النضال ، أظهر الحقيقة بوضوح إلى الناس بقوله : " ليس هذا هو البرلمان الذيناضل من أجله الشعب سنة وشيعة " وأعلن اعتزاله للعمل السياسي ، وترك لأبناء الشعبحرية الاختيار وتقرير مصيرهم بأنفسهم ، ولم يحبذ إليهم السير في الطريق الذي لايستطيع السير إلا فيه ويسوقهم إليه إرضاء لنفسه ولكي لا يظهر بمظهر الضعيف المتراجع، فقد أدى تكليفه ـ إن شاء الله تعالى ـ وأراح ضميره وأراح الناس من تعب التبريروالتكيف الصعب الذي لا يطاق .
وفي ختام المقال أرغب في الإشارة إلىمسألتين ..
المسألة الأولى : بعض الخصائص التي تحلى بها سماحة الشيخ الجمريفي عمله الإسلامي وسيرة حياته..
الخاصية الأولى : يتحلى سماحة الشيخ الجمريبالواقعية والبعد عن الخيال ، وكان يحب العمل ويفضله كثيرا على التنظير ، بدون أنيغفل أهمية التنظير والتخطيط أو يقلل من قيمتهما .
الخاصية الثانية: الاهتمام بقضايا الناس والسعي للاقتراب منهم والتواضع إليهم ومشاركتهم أفراحهموأحزانهم ، حيث كان يحرص كثيرا على حضور المناسبات الاجتماعية العامة وحضور الفواتحوحفلات الزفاف رغم كثرة مشاغله حتى للأشخاص الذين لا يعرفهم .
الخاصيةالثالثة : كان عزيز النفس { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } يرفض أن يذل أو يضام ، وكانت له غضبة إذا أظهرها أظهر كل ما في جعبته أمام العتاةوالمردة في داخل السجن وخارجه بدون مبالاة . وكنا في بعض الحالات حينما يختلالميزان في الحوارات في داخل السجن أثناء المبادرة نتمنى أن تصل الأمور إلى الدرجةالتي يضطر فيها سماحة الشيخ إلى إظهار غضبه ، لأن إظهار غضبه يكون كفيلا بتصحيحالمعادلة وإعادة الأمور إلى نصابها من جديد .

الخاصية الرابعة : كان يهتم
كثيرا بالتشاور مع فريق العمل فيما يتعلق بالعمل ومع من هم حوله فيما يتعلق بشؤونالحياة ، وكان يتصرف مع فريق العمل كأحدهم ويلتزم بآلية اتخاذ القرار ولم يكن يفضلنفسه عليهم أو يبحث لنفسه عن امتياز في اتخاذ القرارات وكان يعترف لأعضاء الفريقبفضلهم ولم يكن يبخس أحدا منهم حقه .
الخاصية الخامسة : كان يدرك أهميةقدرات الشباب ودورهم في العمل والحياة ، وكان يسعى للانفتاح عليهم ومشاركتهم فيالعمل ، وكان يحرص على الظهور بروح شبابية منفتحة ويتواضع للشباب بهدف رفع الحواجزبينه وبينهم ومساعدتهم على الحديث إليه والاندماج معه .

الخاصية السادسة
: كان طيب القلب ، نقي السريرة ، محبا لفعل الخير . وكان يمتلك روح دعابة ومرح . وكانيأكل ويشرب وينام بصورة طبيعية في أوقات الشدة ويحرص ـ رغم الضيق ـ على إظهارالتفاؤل والأمل بالخروج من فك الأسد ـ بحسب تعبيره ـ إلى الناس لاسيما أوداؤه . وكان ملجأه هو الله ( جل جلاله ) في ساعات العسر واليسر ، فكـان يبكي ويطيل البكاءبين يده ( سبحانه وتعالى ) وكان محبـا لأهل البيت ( عليهم السلام ) وكان كثيرالتوسل بهم إلى الله ( ذي الجلال والإكرام ) لإخراجه من المحنة سالما في دينه ونفسهوأحبته ، ولم يكن عابسا ، وكان يدعو للذين يختلفون معه من المؤمنين في صلاة الليلفي داخل السجن ، وكان يثمن كثيرا ثقة الجماهير به وحبهم إليه ، ويرى أنها نعمةكبيرة من الله ( سبحانه وتعالى ) وكان يسأل الله الرحيم ويتوسل إليه بأهل البيت ( عليهم السلام ) في الليل والنهار بأن لا يسلبه هذه النعمة طوال حياته ، وقد رأينابأم أعيننا استجابة الله ( جل جلاله ) لهذا الدعاء .

المسألة
الثانية : جانب من علاقتي مع سماحة الشيخ الجمري ..
كنت شديد الإخلاص لسماحةالشيخ الجمري ، وكثير الصراحـة والجرأة معه أيضا ، وكان ( رحمه الله ) كبشر يتأذى ـبطبيعة الحال ـ أحيانا في نفسه من بعض ما كنت أصارحه به وأتجرأ عليه فيه ، وكنتأعلم بهذا ، ولكنه كان يقدر ما أكنه له في نفسي من صدق وإخلاص فيصمت ولا يتكلم ،فلا أتذكر أنه رد علي ولا مرة واحدة ، وكنت أدرك هذا وأقدره له وأثمنه غاية التثمين، وهذا لا يتعارض مع إظهاره بعض ما في نفسه من هذا إلى بعض المقربين منه أحيانا ،فهذا متوقع منه كبشر ، وكنت أعلم بهذا أيضا ولم يغير ذلك في الأمر بيننا شيئا . أمابعض المزايدين الذين كانوا يسمعون عن ذلك من هنا أو هناك فقد حاولوا الإساءة ليعلانية .. كانوا يقولون : من هو عبد الوهاب الذي يقول ويفعل هذا مع سماحة الشيخالجمري ؟! ولم أرد عليهم . لقد كان سماحة الشيخ الجمري يقدر في داخل نفسه حالةالصدق ـ وهذا ما تمنيته مع آخرين ـ فكان متمسكا بي إلى النهاية ، وكانت تصرفاتهومعاملته معي تدل على ذلك ، وقد تجلت تلك الحقيقة بوضوح أكثر فيما كان يبديه سماحةالشيخ الجمري في حالة مرضه الشديد من ذكر واهتمام وتفاعل متميز مع عبد الوهاب ، حتىأنه لم ينسى أسمه وذكره رغم نسيانه لأسماء القريبين منه ، وهذا عندي فوق المجاملةوالتصنع .. إنه الصدق بعينه ، مما أدخل إلى قلبي الاطمئنان بأنه مع الصدق لا معالمزايدات .. ليؤكد بالفعل لا بالقول حقيقة : أن الصديق من صدقك لا من صّدقك،وهيالحقيقة التي نبذناها وضيعناها ونحن في أمس الحاجة إليها اليوم ، لكي نبني معارجالمجـد والرقي الاجتماعي والكمال الإنساني في حياتنـا ، ونكون أقرب إلى الله ربالعباد( جل جلاله) خالقنا الذي إليه معادنا جميعا ولا يظلم عنده أحد ولا يبخسأحدا حقه في يوم الجزاء
.
أيها الأحبة الأعزاء
أكتفي بهذاالمقدار
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم
واستودعكم الله الحافظالقادر من كل سوء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
__DEFINE_LIKE_SHARE__
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأستاذ عبد الوهاب : تجربتي مع الشيخ الجمري ( أسرار تاريخية). محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 12-06-2012 11:20 AM
كلمة لابن الرمز الأستاذ عبد الوهاب - حسين عبد الوهاب - في الوقفة الت محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 02-04-2012 04:00 PM
تغطية مصورة : تأبين شيخ الشهداء الشيخ علي النجاس بمشاركة الأستاذ عبد الوهاب حسين . محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 07-03-2009 06:30 PM
تغطية مصورة : تأبين شيخ الشهداء الشيخ علي النجاس بمشاركة الأستاذ عبد الوهاب حسين . محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 07-03-2009 06:20 PM
الأستاذ عبد الوهاب الأن على قناة العالم محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 06-30-2009 06:20 AM


الساعة الآن 02:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML